أحمد بن محمّد مهدي النّراقي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-78-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥١٢
منه وفيه ، وأقلّ من الكافور » إلى أن قال : « ثم عمّمه » (١) الحديث ، ولكن مقتضاها تأخير التعميم .
وقبل التكفين استحباباً عند بعضهم (٢) ، ووجوباً على ما هو صريح القواعد (٣) ؛ لظاهر خبر يونس وفيه : « ثم اعمد إلى كافور مسحوق ، فضعه على جبهته موضع سجوده ، وامسح بالكافور على جميع مفاصله من قرنه إلى قدمه ، وفي رأسه وعنقه ومنكبيه ومرافقه ، وفي كلّ مفصل من مفاصله من اليدين والرجلين ، وفي وسط راحتيه ، ثم يحمل فيوضع على قميصه » (٤) الحديث .
وصحيحة زرارة : « إذا جففت الميت عمدت إلى الكافور ، فمسحت به آثار السجود ومفاصله كلّها ، واجعل في فيه ومسامعه ورأسه ولحيته من الحنوط وعلى صدره وفرجه » وقال : « حنوط الرجل والمرأة سواء » (٥) .
والمروي في الدعائم : « إذا فرغ من غسل الميت نشف في ثوب ، وجعل الكافور والحنوط في مواضع سجوده جبهته وأنفه ويديه وركبتيه ورجليه ، ويجعل ذلك في مسامعه وفيه ولحيته وصدره » (٦) .
والرضوي : « إذا فرغت من غسله حنّطت بثلاثة عشر درهماً وثُلث درهم كافوراً يجعل في المفاصل ، ولا يقرب السمع والبصر ، ويجعل في موضع سجوده وأدنى ما يجزيه من الكافور مثقال ونصف ، ثم يكفن » (٧) .
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٤ .
(٢) قال في الرياض ١ : ٥٨ ، وينبغي الابتداء به قبل الأخذ في التكفين .
(٣) القواعد ١ : ١٨ .
(٤) الكافي ٣ : ١٤٣ الجنائز ب ١٩ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٠٦ / ٨٨٨ ، الوسائل ٣ : ٣٢ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٣ .
(٥) التهذيب ١ : ٤٣٦ / ١٤٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٣ / ٧٥٠ ، الوسائل ٣ : ٣٧ أبواب التكفين ب ١٦ ح ٦ .
(٦) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٠ ، المستدرك ٢ : ٢٢٠ أحكام الكفن ب ١٣ ح ٢ .
(٧) فقه الرضا : ١٨٢ ، المستدرك ٢ : ٢١٩ أحكام الكفن ب ١٣ ح ١ .
ولا دلالة لشيء منها على الوجوب ، بل في دلالة بعضها على التقديم على التكفين أيضاً نظر .
مع أنها معارضة بالرضوي الآخر : « فإذا فرغت من كفنه حنطته بوزن ثلاثة عشر درهماً وثُلْث من الكافور » (١) وظاهر الموثّقة (٢) .
والظاهر جواز الكلّ من غير ثبوت رجحان للبعض .
وكيفيته أن يمسّ بالكافور ـ وجوباً ـ مساجده السبعة إجماعاً محقّقاً ومحكياً (٣) متكرّراً ؛ له ، وللنصوص المستفيضة الخالية عن المعارض ، منها بعض ما تقدم ، ومنها موثّقتا البصري وسماعة :
الاُولى : عن الحنوط للميت ، فقال : « اجعله في مساجده » (٤) .
والثانية وفيها : « وتجعل شيئاً من الحنوط على مسامعه ، ومساجده ، وشيئاً على ظهر الكفن » (٥) .
وحسنتا الحلبي وحمران :
الاُولى : « إذا أردت أن تحنط الميت فاعمد إلى الكافور فامسح به آثار السجود منه ، ومفاصله كلها ، ورأسه ، ولحيته ، وعلى صدره من الحنوط » وقال : « حنوط الرجل والمرأة سواء » (٦) .
والثانية وفيها : فالحنوط كيف أصنع به ؟ قال : « يوضع في منخره ، وموضع سجوده ، ومفاصله » (٧) .
__________________
(١) فقه الرضا : ١٦٨ ، المستدرك ـ نفس الموضع ـ .
(٢) موثقة عمار المتقدمة في ص ٢٤٠ .
(٣) كما حكاه في الخلاف ١ : ٧٠٣ والغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ والتذكرة ١ : ٤٤ .
(٤) الكافي ٣ : ١٤٦ الجنائز ب ١٩ ح ١٥ ، الوسائل ٣ : ٣٦ أبواب التكفين ب ١٦ ح ١ .
(٥) التهذيب ١ : ٤٣٥ / ١٣٩٩ ، الوسائل ٣ : ٣٥ أبواب التكفين ب ١٥ ح ٢ .
(٦) الكافي ٣ : ١٤٣ الجنائز ب ١٩ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٣٠٧ / ٨٩٠ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ / ٧٤٦ ، الوسائل ٣ : ٣٢ أبواب التكفين ب ١٤ ح ١ .
(٧)
التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ ، الوسائل ٣ : ٣٤ أبواب التكفين
=
وصحيحة ابن سنان : كيف أصنع بالحنوط ؟ قال : « تضع في فمه ، ومسامعه ، وآثار السجود من وجهه ويديه وركبتيه » (١) .
ورواية ابن المختار : « يوضع الكافور من الميت على موضع المساجد ، وعلى اللبّة ، وباطن القدمين ، وموضع الشراك من القدمين ، وعلى الركبتين والراحتين ، والجبهة واللبّة » (٢) .
وندباً طرف الأنف ؛ لرواية الدعائم (٣) .
وما لا معارض للأمر به ، من سائر المواضع المتقدّمة في الروايات ، لأجلها ، كالصدر ومنه اللبّة (٤) ، وكالمفاصل ومنها المغابن (٥) والمرافق والمناكب ، وكاليدين والرأس والعنق واللحية وموضع الشراك وباطن القدمين .
خلافاً للمحكي عن الصدوق والمفيد (٦) ، والعماني (٧) ، والقاضي والحلبي (٨) ، والمنتهى (٩) ، والمختلف (١٠) في الأول (١١) ، فأوجبوه ؛ لما مرّ ، ولعموم ما دلّ على تحنيط المساجد ، وهو منها .
__________________
=
ب ١٤ ح ٥ .
(١) التهذيب ١ : ٣٠٧ / ٨٩١ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ / ٧٤٩ ، الوسائل ٣ : ٣٧ أبواب التكفين ب ١٦ ح ٣ .
(٢) التهذيب ١ : ٣٠٧ / ٨٩٢ ، الاستبصار ١ : ٣١٢ / ٧٤٧ ، الوسائل ٣ : ٣٧ أبواب التكفين ب ١٦ ح ٥ .
(٣) المتقدمة في ص ٢٤١ .
(٤) اللبّة : المنحر وموضع القلادة .
(٥) المغابن : المواضع المنخفضة في الجسم كالآباط .
(٦) الفقيه ١ : ٩١ ، المقنعة : ٧٨ .
(٧) نقل عنه في المختلف ٤٣ .
(٨) المهذب ١ : ٦١ ، الكافي : ٢٣٧ .
(٩) المنتهى ١ : ٤٣٩ .
(١٠) الذي عثرنا عليه في المختلف : ٤٣ تقوية القول بعدم الوجوب فلاحظ .
(١١) يعني في طرف الأنف .
ويجاب عن الأول : بعدم الدلالة على الوجوب ومنع الحجية .
وعن الثاني : بمنع كونه منها ؛ لجواز أن يكون المراد ما يجب أن يسجد به أو يسجد إليه .
وعن الأول (١) في الثاني ، وعنه (٢) وعن الأخير في الثالث والرابع ؛ لورود الأوامر بها فيما سبق .
ويجاب عَنها : بعدم صلاحيتها لإِثبات الزائد عن الاستحباب ؛ لمخالفة الوجوب للشهرة العظيمة الجديدة والقديمة ، وهي مخرجة للرواية عن الحجية . بل موافقة من ذكر لها أيضاً غير معلومة ؛ لجواز إرادتهم الاستحباب ، كما صرّح به في روض الجنان والروضة (٣) في مخالفة الصدوق ، ووالدي ـ رحمه الله ـ في مخالفة بعض آخر ، بل صرّح هو ـ قدّس سرّه ـ بعدم قائل بالوجوب في غير السبعة والأنف .
وقد تردّ الأوامر بمعارضتها الأصل ، واختلافها بالنسبة إلى المذكورات زيادة ونقيصة ، واشتمالها على كثير من المستحبات (٤) . وضعف الكلّ ظاهر .
وأمّا ما للأمر به معارض ، كالمسامع والبصر والفم والمنخر ، المنهي عنها في الرضوي المتقدّم (٥) وفي آخر : « ولا يجعل في فمه ولا منخره ولا في عينيه ولا في مسامعه ولا على وجهه قطن ولا كافور » (٦) .
وفي خبر يونس : « ولا تجعل في منخريه ولا في بصره ومسامعه ولا على وجهه
__________________
(١) يعني خلافاً للمحكي عن الأول ـ وهو الصدوق ـ في الثاني أي الصدر ، فلاحظ الفقيه ١ : ٩١ .
(٢) يعني خلافاً للمحكي عن الصدوق والأخير ـ أي المختلف ـ في الثالث والرابع أي في المفاصل واليدين ، ولعل وجه نسبة هذا القول إلى المختلف نقله رواية يونس المشتملة على المغابن من اليدين والرجلين ، فانظر المختلف : ٤٣ .
(٣) روض الجنان : ١٠٨ ، الروضة ١ : ١٣٦ .
(٤) كما في الرياض ١ : ٥٨ .
(٥) في ص ٢٤١ .
(٦) فقه الرضا : ١٦٨ .
قطناً ولا كافوراً » (١) .
وصحيحة البصري : « لا يجعل في مسامع الميت حنوطاً » (٢) .
وخبر النوّاء : « لا تمسّ مسامعه بكافور » (٣) .
فالأولى تركه ؛ لتوقيفية المسألة الغير المعلومة بعد التعارض ، مع أرجحية المعارض بمخالفة العامّة ، كما صرّح به جمع من الخاصة (٤) .
ويؤيده ما في الرضوي من الإِفتاء بالمنع ، ونسبة الجواز إلى الرواية (٥) ملحقاً فيها المسك بالكافور ، فإنه مذهب العامة (٦) .
مضافاً إلى ما عن الخلاف من الإِجماع على أنه لا يترك على أَنفه ولا اُذنه ولا عينه ولا فيه (٧) .
فروع :
أ : يجب أن يكون التحنيط بالكافور ، بلا خلاف أجده ؛ للأمر به في الروايات المتقدّمة ، والحصر فيه في صحيح ابن سرحان ، المتقدّم (٨) ، وفي خبره : « واعلم أنّ الحنوط هو الكافور » (٩) . وفي مرسلة ابن المغيرة : « الكافور هو
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٣ الجنائز ب ١٩ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٠٦ / ٨٨٨ ، الوسائل ٣ : ٣٢ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٣ .
(٢) التهذيب ١ : ٣٠٨ ـ ٨٩٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ / ٧٤٨ ، الوسائل ٣ : ٣٧ أبواب التكفين ب ١٦ ح ٤ .
(٣) الكافي ٣ : ١٤٤ الجنائز ب ١٩ ح ٨ ، التهذيب ١ : ٣٠٩ / ٨٩٩ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٢ ، الوسائل ٣ : ٣٦ أبواب التكفين ب ١٦ ح ٢ .
(٤) بحار الأنوار ٧٨ : ٣٢١ ، الحدائق ٤ : ٢٣ ، الرياض ١ : ٥٨ ، وانظر من كتب العامة : الأم ١ : ٢٦٥ وبدائع الصنائع ١ : ٣٠٨ .
(٥) فقه الرضا : ١٦٨ ، ١٨٢ .
(٦) انظر المغني ٢ : ٣٤٢ .
(٧) الخلاف ١ : ٧٠٣ .
(٨) في ص ٢٢٢ الرقم ٢ .
(٩) الكافي ٣ : ١٤٦ الجنائز ب ١٩ ح ١٤ ، الوسائل ٣ : ١٩ أبواب التكفين ب ٦ ح ٨ .
الحنوط » (١) إلى غير ذلك .
وما يفيد الجواز موافق للعامّة ، محمول على التقية ، غير صالح للمعارضة . فلا يجزي غيره ، بل المشهور كما في شرح القواعد (٢) حرمة تطييبه بغيره . ولكن في اللوامع نسبة الكراهة إلى الأكثر ، والترك أحوط كما مرّ .
والقدر الواجب منه لكلّ موضع مسمّاه ، كما في المنتهى والقواعد والشرائع والنافع (٣) ، وعن الجمل والعقود (٤) والوسيلة والسرائر والجامع (٥) ، بل نفي بعض الأجلّة (٦) عنه الخلاف .
للإِطلاق ، وصدق الامتثال ، وقوله في إحدى الموثّقتين : « وأقِلّ من الكافور » (٧) . وفي الاُخرى : « وتجعل شيئاً من الحنوط » (٨) الحديث .
ولا يقيّدها مرسلة التميمي : « أقلّ ما يجزي من الكافور للميت مثقال ونصف » (٩) ونحوها الرضوي (١٠) .
لمعارضتهما مع مثلهما ، ففي مرسلته الاُخرى : « أقلّ ما يجزي من الكافور للميت مثقال » (١١) وفي الرضوي الآخر بعد الأمر بالتحنيط بثلاثة عشر درهماً
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٥ الجنائز ب ١٩ ح ١٢ ، الوسائل ٣ العنوان المتقدم ح ٤ .
(٢) جامع المقاصد ١ : ٣٨٧ .
(٣) المنتهى ١ : ٤٣٩ ، القواعد ١ : ١٨ ، الشرائع ١ : ٣٩ ، النافع : ١٣ .
(٤) الرسائل العشر : ١٦٦ .
(٥) الوسيلة : ٦٦ ، السرائر ١ : ١٦٠ ، الجامع : ٥٣ .
(٦) المعهود من الماتن من هذا التعبير هو إرادة الفاضل الهندي ولكن لم نعثر على نفي الخلاف في كشف اللثام وهو موجود في الرياض ١ : ٦١ .
(٧) التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٤ .
(٨) التهذيب ١ : ٤٣٥ / ١٣٩٩ ، الوسائل ٣ : ٣٥ أبواب التكفين ب ١٥ ح ٢ .
(٩) التهذيب ١ : ٢٩١ / ٨٤٩ ، الوسائل ٣ : ١٤ أبواب التكفين ب ٣ ح ٥ .
(١٠) تقدم مصدره في ص ٢٤١ .
(١١) الكافي ٣ : ١٥١ الجنائز ب ٢٣ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩١ / ٨٤٦ ، الوسائل ٣ : ١٣ أبواب التكفين ب ٣ ح ٢ .
وثُلُث : « فإن لم يقدر بهذا المقدار كافوراً فأربعة دراهم ، فإن لم يقدر فمثقال ، لا أقل من ذلك لمن وجده » (١) .
ولا الأخيران ؛ لمعارضتهما مع الاُوليين ، مع أن المرسلتين مطلقتان بالنسبة إلى كافور الغسل والحنوط ، والظاهر توقّف حصول ماء الكافور في الأول ، وصدق الاسم في الثاني على هذا المقدار .
وأقلّ المستحب درهم ، وفاقاً للمنتهى والشرائع والنافع (٢) ، وعن النهاية والمبسوط والجمل والعقود والمصباح (٣) ومختصره والوسيلة والسرائر والجامع والمعتبر (٤) ، نافياً في الأخير عنه الخلاف . لا لحمل المثقال في الأخبار على الدرهم كما في المنتهى وعن السرائر (٥) ؛ لأنه حمل بلا دليل . بل لنفي الخلاف المنقول وفتوى هؤلاء الفحول ، فإنّ المقام محل المسامحة .
والأفضل منه مثقال ؛ للمرسلة والرضوي (٦) . وجعله الصدوق (٧) ووالدي ـ رحمه الله ـ أول الاستحباب ، وهو المحكي عن المقنعة والخلاف والاقتصاد وجمل العلم والمراسم والكافي (٨) والإِسكافي (٩) ؛ لما مرّ ، وهو كافٍ حسناً لولا ثبوت رجحان للدرهم بما ذكر . والجعفي (١٠) جعله مثقالاً وثُلُثاً ، ولم أعثر على مستند له .
__________________
(١) تقدم مصدره في ص ٢٤٢ .
(٢) المنتهى ١ : ٤٣٩ ، الشرائع ١ : ٣٩ ، النافع : ١٣ .
(٣) النهاية : ٣٢ ، المبسوط ١ : ١٧٧ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٦ ، مصباح المتهجد : ١٨ .
(٤) الوسيلة : ٦٦ ، السرائر ١ : ١٦٠ ، الجامع : ٥٣ ، المعتبر ١ : ٢٨٦ .
(٥) راجع الرقم ٢ و ٤ أعلاه .
(٦) المتقدمين في ص ٢٤٦ .
(٧) المقنع : ١٨ .
(٨) المقنعة : ٧٥ ، الخلاف ١ : ٧٠٤ ، الاقتصاد : ٢٤٨ ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٥٠ ، المراسم : ٤٧ ، الكافي : ٢٣٧ .
(٩) حكي عنه في الذكرى : ٤٦ .
(١٠) المصدر المتقدم .
والأفضل منه مثقال ونصف ، كما صرّح به والدي رحمه الله ؛ للمرسلة والرضوي الأخيرين .
والأولى منه أربعة دراهم ؛ لأول الرضويين ، وفاقاً لوالدي رحمه الله .
وعن الخلاف والمقنعة والسرائر والشرائع والمعتبر (١) ، بل عن الأول الإِجماع عليه ، وعن الأخير نفي الخلاف عنه : جَعْلها ثاني مرتبة الاستحباب ، ففضّلوها على الدرهم . وهو كان جيداً لولا ثبوت الرجحان لما بينهما من المثقال والمثقال والنصف بما ذكر .
ثم الأفضل منها أربعة مثاقيل ، كما صرّح به الوالد ؛ لخبر الكاهلي وابن المختار : « القصد من الكافور أربعة مثاقيل » (٢) .
وجعلها جماعة ـ كما عن كتب الصدوق (٣) ، وبعض كتب الشيخ (٤) ، والوسيلة والإِصباح والجامع (٥) ـ ثاني المراتب .
والأكمل منها ثلاثة عشر درهماً وثلث ؛ للرضويين (٦) ، ومرفوعة علي : « السنّة في الحنوط ثلاثة عشر درهماً وثُلُث أكثره » (٧) والأخبارِ الدالّة على أنّ الحنوط الذي أتى به جبرئيل للنبي صلّى الله عليه وﺁله كان أربعين درهماً ، فقسّمه ثلاثة أقسام ، له ولفاطمة عليها السلام وعلي عليه السلام ، فصار سهم كلٍّ ما ذكر (٨) .
__________________
(١) راجع الرقم ٨ و ٤ و ٢ ص ٢٤٧ .
(٢) الكافي ٣ : ١٥١ الجنائز ب ٢٣ ذيل ح ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩١ / ٨٤٧ ، الوسائل ٣ : ١٣ أبواب التكفين ب ٣ ح ٣ .
(٣) الفقيه ١ : ٩١ ، المقنع : ١٨ ، وفي الهداية : ٢٥ جعل المرتبة الثانية أربعة دراهم .
(٤) المبسوط ١ : ١٧٧ .
(٥) الوسيلة : ٦٦ ، الجامع : ٥٣ .
(٦) تقدم مصدرهما في ص ٢٤١ و ٢٤٢ .
(٧) الكافي ٣ : ١٥١ الجنائز ب ٢٣ ح ٤ التهذيب ١ : ٢٩٠ / ٨٤٥ ، الوسائل ٣ : ١٣ أبواب التكفين ب ٣ ح ١ .
(٨) انظر : الوسائل ٣ : ١٣ أبواب التكفين ب ٣ .
وعن القاضي إبدال الثُلُث بالنصف (١) ، ولا دليل له .
وهذا القدر أكثر مراتب الفضل كما في المرفوعة . ولا يجب شيء منها ، لكون ما تضمّنها بين ضعيف وغير دالٍّ على الوجوب ، بل مصرّح في بعضها بالفضل .
ثم الظاهر من أكثر الأخبار المتقدمة غاية الظهور أنّ ما ذكر كافور الحنوط ، وهو المشهور . ونسب الحلّي (٢) إلى بعضهم مشاركة الغسل معه ، وحكي عن نادر من متأخّري المتأخّرين أيضاً (٣) . وهو ضعيف .
ب : لا يجب استيعاب المواضع بالمسح ، بل يكفي المسمّى ؛ للأصل ، والإِطلاق ، وحصول الامتثال .
ج : قال الشيخان (٤) وأتباعهما (٥) برجحان سحق كافور الحنوط باليد .
ولم أعثر له في الأخبار على المستند ، إلّا أنّه لا بأس به لفتوى العمد . وربما يعلل بالخوف من الضياع .
ويستحب أيضاً إلقاء ما فضل من الكافور عن المساجد والمواضع المستحب تحنيطها على صدره ؛ للرضوي وفيها : « ويبدأ بجبهته وتمسح مفاصله كلها به ، ويلقى ما بقي على صدره وفي وسط راحتيه » (٦) الخبر .
ويظهر منه استحباب الابتداء بالجبهة . وهو كذلك ؛ لذلك .
د : لا يحنّط المحرم إجماعاً ، كما عن الغنية والمنتهى (٧) وغيرهما ؛ للمستفيضة ، كصحيحتي ابن مسلم : عن المحرم كيف يصنع به إذا مات ؟ قال :
__________________
(١) الموجود في المهذب : ٦١ أفضلية ثلاثة عشر درهماً وثلث ، نعم نسب في المختلف : ٤١ إلى ابن البراج القول بثلاثة عشر درهماً ونصف ـ قال ـ : وهو غريب .
(٢) السرائر ١ : ١٦١ .
(٣) الوافي ٣ : الجزء الثالث عشر ص ٤٧ ، القديم .
(٤) المقنعة : ٧٨ ، المبسوط ١ : ١٧٩ .
(٥) كسلّار في المراسم : ٤٩ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٦١ .
(٦) فقه الرضا : ١٦٨ ، المستدرك ٢ : ٢١٧ أبواب الكفن ب ١٢ ح ١ .
(٧) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، المنتهى ١ : ٤٣٩ .
« يغطّى وجهه ويصنع به كما يصنع بالحلال ، غير أنه لا يقرب طيباً » (١) . وقريبة منهما موثّقة سماعة (٢) .
وموثّقة أبي مريم : « خرج الحسين بن علي وابنا العباس وعبد الله بن جعفر ، ومعهم ابن للحسن ، فمات بالأبواء وهو محرم ، فغسّلوه وكفّنوه ولم يحنّطوه وخمّروا وجهه ورأسه ودفنوه » (٣) وقريبة منها موثّقته الاُخرى (٤) ، وبمضمونها صحيحة ابن سنان (٥) .
وخبر ابن أبي حمزة : في المحرم يموت ، قال : « يغسّل ويكفّن ، ويغطّى وجهه ، ولا يحنّط ، ولا يمسّ شيئاً من الطيب » (٦) .
والرضوي : « إذا مات المحرم فليغسّل وليكفّن كما يغسّل الحلال ، غير أنه لا يقرب طيباً ولا يحنّط ولا يغطّى وجهه » (٧) .
البحث الخامس : في دفنه وما يتبعه .
والكلام إمّا فيما يتعلّق بما قبل الدفن ، أو المدفن ، أو الدفن ، أو بما بعده .
فهاهنا أربعة مقامات :
المقام الأول : فيما يتعلّق بما قبل الدفن ، وهي اُمور :
الأول : حمل الجنازة . وهو واجب كفاية مع توقّف الدفن الواجب عليه ، وبدونه مستحب إجماعاً . وفضله كثير وليس فيه دناءة ولا سقوط مروّة ، فقد حمل
__________________
(١) روى إحداهما في التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٥ ، والاُخرى في التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٣٨ ، الوسائل ٢ : ٥٠٤ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٤ .
(٢) الكافي ٤ : ٣٦٧ الحج ب ١٠٠ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٩ / ٩٦٤ ، الوسائل ٢ : ٥٠٣ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٢ .
(٣) التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٦ ، الوسائل ٢ : ٥٠٤ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٥ .
(٤) الكافي ٤ : ٣٦٨ الحج ب ١٠٠ ح ٣ ، الوسائل ٢ : نفس الموضع ح ٨ .
(٥) التهذيب ٥ : ٣٨٣ ـ ١٣٣٧ ، الوسائل ٢ : نفس الموضع ح ٣ .
(٦) الكافي ٤ : ٣٦٧ الحج ب ١٠٠ ح ١ ، الوسائل ٢ : نفس الموضع ح ٧ .
(٧) فقه الرضا : ١٨٥ ، المستدرك ٢ : ١٧٦ ، أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ١ .
النبي جنازة سعد بن معاذ (١) ، ولم يزل كذلك أكابر الصحابة والتابعين ومن لحقهم من سلفنا الصالحين .
ويستحب أن يجعل له النعش وإن كان رجلاً ، على الأشهر ؛ لعمل المسلمين في عصر الحجج إلى الآن .
وأن يحملها الرجال وإن جاز الحمل على الدواب ؛ لعمل الناس في الأول ، والأصل في الثاني ، والمروي في الدعائم فيهما : « رُخّص في حمل الجنازة على الدابة إذا لم يوجد من يحملها أو من عذر ، فأما السنّة أن يحملها الرجال » (٢) الخبر .
وأن يقول الحامل ما رواه عمار ، وهو : « بسم الله (٣) صلّ على محمد وآل محمد ، اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات » (٤) .
والمشاهد لها ما رواه عنبسة ، وهو : « الله أكبر هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ، اللّهم زدنا إيماناً وتسليماً ، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر عباده بالموت » (٥) .
وما رواه الثمالي والنهدي ، وهو : « الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم » (٦) .
وأن يسرع بها ، ذكره في المنتهى ناسباً له إلى العلماء (٧) ، مؤذناً بدعوى
__________________
(١) علل الشرائع : ٣٠٩ / ٤ .
(٢) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٣ .
(٣) في « هـ » : اللهم صلّ . . .
(٤) التهذيب ١ : ٤٥٤ / ١٤٧٨ ، وفيه : « بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد . . . » ، وهكذا في الوسائل ٣ : ١٥٨ أبواب الدفن ب ٩ ح ٤ .
(٥) الكافي ٣ : ١٦٧ الجنائز ب ٣٨ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ ـ ١٤٧٢ ، الوسائل ٣ : ١٥٧ أبواب الدفن ب ٩ ح ٢ . وفي المصادر : « وقهر العباد . . . » .
(٦) الكافي ٣ : ١٦٧ الجنائز ب ٣٨ ح ١ ، ٢ ، الوسائل ٣ : ١٥٧ و ١٥٨ أبواب الدفن ب ٩ ح ١ و ٣ .
(٧) المنتهى ١ : ٤٤٣ .
الإِجماع ؛ للمستفيضة المصرّحة بتعجيلهم إلى مضاجعهم (١) .
وفسّره في الكتاب المذكور بالمشي المعتاد ، لكراهة الزائد عنه بالإِجماع كما عن الشيخ (٢) ؛ للعامي : عن المشي بالجنازة ، قال : « ما دون الخَبَب » (٣) والمروي في مجالس ابن الشيخ : « عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم » (٤) .
وعن الجعفي أفضلية العَدْو (٥) ، وعن الإِسكافي الخَبَب (٦) . وهما ضعيفان ؛ لما مرّ .
ويكره قول الحامل بل غيره أيضاً : ارفقوا به وترحّموا عليه ؛ للرضوي (٧) .
والأمر بإيقاف الجنازة ، ذكره في المنتهى (٨) ؛ لمخالفته الأمر بالتعجيل .
وحمل ميتين على سرير ، على الأظهر الأشهر ، وفاقاً للمحكي عن الوسيلة والتذكرة والمختلف والمنتهى ونهاية الإِحكام والمعتبر (٩) ؛ للرضوي : « ولا تجعل ميتين على جنازة واحدة » (١٠) . وفي مكاتبة الصفّار : « لا يحمل الرجل والمرأة على سرير واحد » (١١) .
__________________
(١) انظر الوسائل ٢ : ٤٧١ أبواب الاحتضار ب ٤٧ .
(٢) الخلاف ١ : ٧١٨ .
(٣) سنن الترمذي ٢ : ٢٣٩ ب ٢٦ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٦ ح ٣١٨٤ . الخَبَب : ضرب من العدو وهو خَطْوٌ فسيح دون العَنَق ( المصباح المنير ١ : ١٦٣ ) .
(٤) المجالس : ٣٩٢ ( الجزء الثالث عشر ) ، المستدرك ٢ : ٣٧٨ أبواب الدفن ب ٥٤ ح ١ .
(٥) نقل في الذكرى : ٥٣ عن الجعفي أنه قال : السعي بها أفضل .
(٦) كما حكى عنه في المختلف : ١٢١ .
(٧) فقه الرضا : ١٦٨ .
(٨) المنتهى ١ : ٤٤٣ .
(٩) الوسيلة : ٦٩ ، التذكرة ١ : ٥٦ ، المختلف ١ : ١٢٢ ، المنتهى ١ : ٤٤٧ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٨٣ ، المعتبر ١ : ٣٠٥ .
(١٠) فقه الرضا : ١٧٩ .
(١١) التهذيب ١ : ٤٥٤ / ١٤٨٠ ، الوسائل ٣ : ٢٠٨ أبواب الدفن ب ٤٢ ح ١ .
خلافاً للمحكي عن النهاية والسرائر (١) والوسيلة (٢) والقواعد (٣) ، ومحتمل كلام الجعفي (٤) والمهذّب والجامع (٥) ، فحرّموه ؛ لما ذكره ، ولأنه بدعة .
ويجاب عن الأول : بعدم الدلالة على الحرمة ، مع ضعف الرضوي الخالي عن الجابر ، وأخصّية المكاتبة عن المدّعى .
وعن الثاني : بأنها مع قصد الشرعية .
والقيام لجنازة إلّا مع إرادة حملها وتشييعها ، إجماعاً كما في اللوامع ؛ لصحيحة زرارة (٦) وخبر الحنّاط (٧) .
وأصرح منهما المروي في الدعائم : « أنه نظر إلى قوم مرّت بهم جنازة ، فقاموا قياماً بأقدامهم ، فأشار إليهم أن اجلسوا » (٨) وفيه عن الحسن بن علي صلوات الله عليهما : « أنه مشى مع جنازة فمرّ على قوم ، فذهبوا ليقوموا ، فنهاهم » (٩) .
وإتباعها بالنار بالإِجماع ، وفي المنتهى : إنه قول كلّ من يحفظ عنه العلم (١٠) ؛ وهو الدليل له ، لا النهي عن إتباع المجمرة في المعتبرة (١١) ، لأخصيته عن المطلوب .
ولا كراهة في إتباع المصابيح إذا كان ذلك في الليل ؛ لمرسلة الفقيه ورواية العلل المصرّحتين بإتباعها جنازة البتول عليها السلام (١٢) .
__________________
(١) النهاية : ٤٤ ، السرائر ١ : ١٧٠ .
(٢) لم نعثر على من حكى عنها القول بالحرمة ، والموجود فيها الكراهة كما تقدم في الرقم ( ٩ ) ص ٢٥٢ .
(٣) القواعد ١ : ٢١ .
(٤) نقل عنه في الذكرى : ٥٣ أنه قال : لا يحمل ميتان على نعش واحد .
(٥) المهذب ١ : ٦٥ ، الجامع : ٥٧ .
(٦ و ٧) الكافي ٣ : ١٩١ الجنائز نادر ٦١ ح ١ و ٢ ، التهذيب ١ : ٤٥٦ / ١٤٨٦ و ١٤٨٧ ، الوسائل ٣ : ١٦٩ أبواب الدفن ب ١٧ ح ١ و ٢ .
(٨ و ٩) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٣ وفيه : عن الحسين بن علي ، المستدرك ٢ : ٣١٨ أبواب الدفن ب ١٧ ح ١ و ٢ .
(١٠) المنتهى ١ : ٤٤٦ .
(١١) انظر الوسائل ٣ : ١٥٨ أبواب الدفن ب ١٠ .
(١٢)
الفقيه ١ : ١٠٠ / ٤٦٦ ، علل الشرائع : ١٨٨ ب ١٤٩ ، الوسائل ٣ : ١٥٩ أبواب الدفن ب
١٠
=
ورفع الصوت عند الجنازة ، ذكره في المنتهى وقال : إنّ به روايةً عاميةً (١) . ولا بأس به في مقام المسامحة .
الثاني : تربيعها بمعنيين مستحبين إجماعاً .
أحدهما : حملها بأربعة رجال من جوانبها الأربعة ، لأنه أدخل في توقير الميت وأسهل من الحمل بين العمودين كما استحبه بعض العامة ، وتحتمله رواية جابر : « السنّة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة ، وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع » (٢) .
وثانيهما : التناوب أي دوران الحامل في الجوانب الأربعة ، وحمل الواحد كلاً من جوانبها ؛ للأخبار المتضافرة :
منها صحيحة جابر : « من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر الله له أربعين كبيرة » (٣) .
ومرسلة الفقيه : « من حمل أخاه الميت بجوانب السرير الأربعة محا الله عنه أربعين كبيرة من الكبائر (٤) .
ومرسلة سليمان : « من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمساً وعشرين كبيرة ، فإذا ربع خرج من الذنوب » (٥) وغير ذلك .
ويحصل التربيع المستحب بهذا المعنى بأيّ نحو فعله ؛ لمكاتبة ابن سعيد : عن سرير الميت أله جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربعة أو يحمل الرجل
__________________
=
ح ٤ و ٦ .
(١) المنتهى ١ : ٤٤٦ ، وانظر سنن أبي داود ٣ : ٢٠٣ ح ٣١٧١ .
(٢) الكافي ٣ : ١٦٨ الجنائز ب ٣٩ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٤٥٣ / ١٤٧٦ ، الاستبصار ١ : ٢١٦ / ٧٦٥ ، الوسائل ٣ : ١٥٣ أبواب الدفن ب ٧ ح ٣ .
(٣) الكافي ٣ : ١٧٤ الجنائز ب ٤٤ ح ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٤ / ١٤٧٩ ، الوسائل ٣ : ١٥٣ أبواب الدفن ب ٧ ح ١ .
(٤) الفقيه ١ : ٩٩ / ٤٦١ ، الوسائل ٣ : ١٥٤ أبواب الدفن ب ٧ ح ٣ .
(٥) الكافي ٣ : ١٧٤ الجنائز ب ٤٤ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ١٥٤ أبواب الدفن ب ٧ ح ٤ .
من أيها شاء ؟ فكتب : « من أيّها شاء » (١) .
ولا خلاف في ذلك ، كما لا خلاف في أن الأفضل فيه أن يبدأ بمقدّم السرير ، ثم بما يليه من مؤخّره ، ويدور عليه دوران الرحى أي لا يرجع حتى يتم الدور فيختمه بالمقدّم الآخر ، وتضافرت بذلك الروايات أيضاً كما تأتي .
وإنما الخلاف في موضعين :
أحدهما : فيما يبتدأ به من طرفي المقدّم . والأظهر أن يبتدأ الطرف الذي يقابل يسار المشيّع في الخلف وعليه اليد اليمنى للميت ، وهو ظاهر المحكي عن الخلاف وصريح المنتهى والدروس والبحار والكفاية والأردبيلي (٢) ، والهندي ناسباً له ـ كسابقه ـ إلى المشهور (٣) ، بل عن صريح الأول وفي ظاهر الثاني الإِجماع عليه .
لموثّقة فضل بن يونس وفيها : « وإن لم يكن يتّقي فيه فإنّ تربيع الجنازة أن يبدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم بالرجل اليسرى ثم باليد اليسرى حتى يدور حولها » (٤) .
ودلالتها على هذه الكيفية ظاهرة غاية الظهور ، فإنّ المراد باليمنى ليس يد الحامل بقرينة الرجل ، فليس إلّا يد الميت ، ولا تطلق اليد على الجنازة ، وصحّته مجازاً ـ لو سلّمت ـ لا تفيد . والاستدلال بها للكيفية الآتية ـ كما في شرح القواعد (٥) ـ غريب .
ورواية ابن يقطين : « السنّة في حمل الجنازة أن تستقبل جانب السرير بشقك
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٠٠ / ٤٦٥ بتفاوت يسير ، التهذيب ١ : ٣٤٥٣ / ١٤٧٧ ، الاستبصار ١ : ٢١٦ / ٧٦٦ ، الوسائل ٣ : ١٥٥ أبواب الدفن ب ٨ ح ١ .
(٢) الخلاف ١ : ٧١٨ ، المنتهى ١ : ٤٤٤ ، الدروس ١ : ١١١ ، بحار الأنوار ٧٨ : ٢٧٩ ، الكفاية : ٢٢ ، مجمع الفائدة ٢ : ٤٧٢ .
(٣) كشف اللثام ١ : ١٢٦ .
(٤) الكافي ٣ : ١٦٨ الجنائز ب ٣٩ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧٣ ـ وفيه : المفضل بن يونس ، الوسائل ٣ : ١٥٦ أبواب الدفن ب ٨ ح ٣ .
(٥) جامع المقاصد ١ : ٤١٦ .
الأيمن ، فتلزم الأيسر بكتفك الأيمن ، ثم تمر عليه إلى الجانب الآخر وتدور خلفه إلى الجانب الثالث من السرير ، ثم تمر عليه إلى الجانب الرابع ممّا يلي يسارك » (١) .
فإن الظاهر من الأيسر أيسر السرير بقرينة قوله : « جانب السرير » ولأنه الملتزم للكتف . وجانب أيسر السرير ، وإن احتمل بأن يكون ما عليه يسار الميت ، إلّا أنّ الظاهر منه المقابل ليسار المشيّع في الخلف . ويؤكّده الحمل بالكتف الأيمن ، إذ حمل الطرف الآخر باليمين غير منفك عن مشقة تامة في الدخول تحت الجنازة وعن مزاحمة مقابل له فيه ، بل لا يتيسّر غالباً كما لا يخفى .
وأصرح منه قوله : « ممّا يلي يسارك » إذ المرور ممّا يلي يسار الحامل إلى الجانب الرابع لا يكون إلّا بالختم بيسار الميت .
وأيضاً : ليس الجانب الرابع ممّا يلي يسار الحامل إلّا على حمل الرابع على يمين السرير الذي عليه يسار الميت .
وكون الآخر مقابلاً ليسار المشيّع لا يفيد ؛ لأنه ما يقابله لا ممّا يليه .
والمروي في الدعائم عنه عليه السلام : « كان يستحب لمن بدا له أن يعين في حمل الجنازة أن يبدأ بياسرة السرير ، فيأخذها ممّن هي في يديه بيمينه ، ثم يدور بالجوانب الأربعة » (٢) .
خلافاً لصريح روض الجنان (٣) وظاهر جمع آخر (٤) ، فقالوا : يبدأ بمقدم السرير الأيمن وهو الذي يلي يسار الميت ؛ لرواية العلاء : « يبدأ في حمل السرير من جانبه (٥) الأيمن ، ثم يمرّ عليه من خلفه إلى الجانب الآخر ، ثم يمرّ عليه حتى
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٦٨ الجنائز ب ٣٩ ح ١ وفي بعض نسخ الكافي : « بكفّك » بدل : « بكتفك » التهذيب ١ : ٤٥٣ / ١٤٧٥ ، الاستبصار ١ : ٢١٦ / ٧٦٤ ، الوسائل ٣ : ١٥٦ أبواب الدفن ب ٨ ح ٤ .
(٢) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٣ .
(٣) روض الجنان : ٣١٤ .
(٤) انظر الشرائع ١ : ٤١ ، والذكرى : ٥١ ، وجامع المقاصد ١ : ٤١٦ .
(٥) في « هـ » : الجانب .
يرجع إلى المقدّم ، كذلك دور الرحى عليه » (١) .
والمروي في مستطرفات السرائر : السنّة أن تستقبل الجنازة من جانبها الأيمن وهو ممّا يلي يسارك ، ثم تسير إلى مؤخّره وتدور عليه حتى ترجع إلى مقدّمه » (٢) .
والرضوي : « فإذا أردت أن تربّعها فابدأ بالشق الأيمن فخذه بيمينك ، ثم تدور إلى المؤخّر فتأخذه بيمينك ، ثم تدور إلى المؤخّر الثاني فتأخذه بيسارك ، ثم تدور إلى المقدّم الأيسر فتأخذه بيسارك ، ثم تدور على الجنازة كدور كفّي الرحي » (٣) .
ويجاب عن الأول : بجواز رجوع المجرور في « جانبه » إلى الميت أو إلى الحامل البادي ، لجواز كون الصيغ للغيبية ، فلا يدلّ على ما ذكروه . بل وكذلك لو اُرجع إلى السرير ؛ إذ ليس للسرير نفسه يمين ويسار ، فاعتبارهما فيه إمّا باعتبار المشيّع خلفه ، أو توهّمه شخصاً ماشياً ، أو باعتبار المستقبل إيّاه كما هو الأكثر في إطلاق اليمين واليسار في غير الحيوانات ، أو بمجاورة يدي الميت ، أو توهّمه شخصاً مستلقياً على قفاه ماشياً كالميت . وعلى الأولين وإن ثبت ما ذكروه من الرواية ، ولكن على الثلاثة الأخيرة يثبت فيها خلافه . وإن لم يكن الأخير أظهر فلا أقلّ من التساوي المسقط للاستدلال .
وأمّا التشبيه بدور الرحى فالغرض منه مجرّد الدوران وعدم الرجوع في الأثناء كما تفعله العامة كما صرّح به في صدر الموثّقة (٤) وذكره علماؤهم في كتبهم (٥) ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٦٩ الجنائز ب ٣٩ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٤٥٣ / ١٤٨٤ ، الاستبصار ١ : ٢١٦ / ٧٦٣ ، الوسائل ٣ : ١٥٦ أبواب الدفن ب ٨ ح ٥ .
(٢) مستطرفات السرائر : ٥٩ / ٢٦ ، الوسائل ٣ : ١٥٥ أبواب الدفن ب ٨ ح ٢ .
(٣) فقه الرضا : ١٧٠ ، المستدرك ٢ : ٣٠٢ أحكام الدفن ب ٨ ح ١ .
(٤) المتقدمة في ص ٢٥٥ .
(٥) انظر الاُم ١ : ٢٧٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٩ ، ونقل في المغني ٢ : ٣٦١ عن أحمد أنه يدور عليها .
لا الدور من اليمين إلى اليسار . ومع أنه أيضاً لا يختص بذلك ؛ لاختلاف يمين الميت والحامل .
وممّا ذكر يظهر الجواب عن الباقين .
مضافاً في الثاني إلى أن تفسير جانبها الأيمن بقوله : « ممّا يلي يسارك » يؤكّد إرادة ما ذكرنا ؛ لأنّ ما يلي يساره في بدء الأمر المتصل بحالة التشييع ، هو جانب يمين الميت .
وفي الثالث إلى أن الأمر بأخذ اليمين باليمين يبيّن ما بيّنّاه ؛ لما تقدّم من صعوبة حمل يمين السرير الذي هو يسار الميت ، بل عدم تيسّره في الأغلب ، ولذلك جعله بعضهم (١) دليلاً للأول .
بل يظهر الوهن العظيم فيما ادّعي من الشهرة على القول الأخير (٢) ؛ إذ ليس في كلامهم غالباً إلّا مقدّمة السرير اليمنى ، وهي لما عليه يمين الميت محتملة ، ولذا ترى المنتهى بعد ما عبّر بذلك فسّره بيمين الميت (٣) .
وقال بعض شرّاح القواعد في بيان قوله : والأفضل البدأة بمقدم السرير الأيمن : وهو الذي يلي يمين الميت (٤) .
ولذا صرّح جمع من المتأخّرين (٥) بموافقة الشيخ في المبسوط والنهاية (٦) مع القول الأول .
وعن الراوندي (٧) التصريح باتحاد قولي الشيخ فيهما وفي الخلاف (٨) ،
__________________
(١) الحدائق ٤ : ٩٧ .
(٢) كما ادعاها في الرياض ١ : ٦٣ .
(٣) المنتهى ١ : ٤٤٤ .
(٤) كشف اللثام ١ : ١٢٦ .
(٥) منهم الشهيدان في الذكرى : ٥١ ، والروض : ٣١٤ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣٣٨ .
(٦) المبسوط ١ : ١٨٣ ، النهاية : ٣٧ .
(٧) حكى عنه في الذكرى : ٥١ .
(٨) الخلاف ١ : ٧١٨ .
ويؤكّده دعواه الإِجماع عليهما .
ومنه يظهر ما في الاستظهار للأخير بالإِجماع المحكي عن المبسوط (١) .
ولطائفة من متأخّري المتأخّرين ـ منهم والدي رحمه الله (٢) ـ فحكموا بالتخيير بين الطريقين ، جمعاً بين الروايات . وهو فرع الدلالة ، وقد عرفت فيها الحالة .
وثانيهما (٣) : فيما يؤخذ به من كتفي الحامل . فالحق المشهور أخذ طرفي ميامن الميت بالميامن ومياسره بالمياسر ؛ لروايتي ابن يقطين (٤) والدعائم (٥) ، وللأمر ببدأة الأخذ بالميامن فيهما وفي الرضوي (٦) ، المستلزمة لما ذكرنا ، بعد ثبوت البدأة بأخذ ميامن الميت بالموثّقة (٧) ؛ ولصعوبة العكس ومشقته أو عدم تيسّره وعدم تعارفه ، والألفاظ تحمل على المعاني المتعارفة .
خلافاً لمن عكس ، وهو بين من يبدأ بمياسر الميت (٨) ؛ ودليله الرضوي وروايتا ابن يقطين والدعائم ، بضميمة الاستلزام المذكور ، وقد عرفت ضعف الملزوم . ومَن يبدأ بميامنه (٩) ، ولا دليل له أصلاً .
الثالث : تشييع الجنازة ، وهو مستحب بإجماع العلماء كافة ، والنصوص في فضله متواترة (١٠) .
__________________
(١) كما حكى عنه في الحبل المتين : ٦٩ ، ولم نعثر عليه .
(٢) ومنهم الحدائق ٤ : ٩٧ .
(٣) أي الخلاف الثاني ، راجع ص ٢٥٥ .
(٤) المتقدمة ص ٢٥٥ .
(٥) المتقدمة ص ٢٥٦ .
(٦) المتقدمة ص ٢٥٧ .
(٧) المتقدمة ص ٢٥٥ .
(٨) مثل الشهيد الثاني في الروض : ٣١٤ .
(٩) مثل العلامة في المنتهى ١ : ٤٤٤ .
(١٠) انظر الوسائل ٣ : ١٤١ أبواب الدفن ب ٢ .
والظاهر ـ كما صرّح به الأردبيلي (١) ـ تحقّقه بالمشي معها في الجملة ، كما تدلّ عليه مطلقات المرغّبات في متابعة الجنازة ، وإن كان الأفضل المتابعة إلى أن يصلّى عليها ، والأكمل إلى أن يدفن كما في روايتي جابر (٢) وأبي بصير (٣) .
وفي المنتهى وعن روض الجنان : إنّ أدنى التشييع إلى موضع الصلاة (٤) . ولا دليل عليه ، وإثبات ثواب زائد له لا ينفي مطلقه عن غيره .
ويستحب للمشيّع التفكر في ماۤله وما يؤول إليه عاقبة حاله ، والتخشّع والاتّعاظ بالموت ، كما ذكره الجماعة وقالوا بوروده في الأخبار (٥) .
والسير من ورائها أو أحد جانبيها بالإِجماع ، كما في المنتهى وشرح القواعد (٦) واللوامع ، وفي المدارك : إنّه المعروف من مذهب الأصحاب (٧) ؛ له ، وللنصوص .
منها : موثّقة إسحاق : « المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها ، ولا بأس بأن يمشي بين يديها » (٨) .
وخبر السكوني : « اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم ، خالفوا أهل الكتاب » (٩) .
وخبر سدير : « من أحبّ أن يمشي مع الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير » (١٠) .
__________________
(١) مجمع الفائدة ٢ : ٤٦٩ .
(٢ و ٣) الكافي ٣ : ١٧٣ الجنائز ب ٤٣ ح ٤ ، ٥ ، التهذيب ١ : ٤٥٥ / ١٤٨٥ ، الوسائل ٣ : ١٤٥ ، ١٤٦ أبواب الدفن ب ٣ ح ٤ ، ٣ .
(٤) المنتهى ١ : ٤٤٥ ، الروض : ٣١٤ .
(٥) انظر الوسائل ٣ : ٢٢٩ أبواب الدفن ب ٥٩ .
(٦) المنتهى ١ : ٤٤٥ ، جامع المقاصد ١ : ٤١٥ .
(٧) المدارك ٢ : ١٢٢ .
(٨) التهذيب ١ : ٣١١ / ٩٠٢ ، ورواها في الكافي ٣ : ١٦٩ الجنائز ب ٤٠ ح ١ بدون قوله : « ولا بأس . . . » ، الوسائل ٣ : ١٤٨ أبواب الدفن ب ٤ ح ١ .
(٩) التهذيب ١ : ٣١١ / ٩٠١ ، الوسائل ٣ : ١٤٩ أبواب الدفن ب ٤ ح ٤ .
(١٠) الكافي ٣ : ١٦٩ الجنائز ب ٤٠ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٣١١ / ٩٠٤ ، الوسائل ٣ : ١٤٨ أبواب الدفن ب ٤ ح ٣ ، وفي المصادر : « من أحب أن يمشي ممشى الكرام الكاتبين . . . » .