أحمد بن محمّد مهدي النّراقي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-78-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥١٢
خلافاً للديلمي ، فأوجب القطعة الواحدة خاصة (١) . ولا دليل له سوى الأصل ، الواجب تركه بما مرّ ، وحسنة زرارة ومحمد ، المتقدّمة ، على ما في بعض النسخ الآخر من التهذيب ، فإنّ فيه : « أو ثوب تام » (٢) ، الغير الصالحة للاستناد ، لاختلاف النسخ ، وعدم دليل على صحة تلك النسخة دون الاُولى أو رجحانها ، بل يمكن ترجيح ما تضمّن الواو برواية الكليني ، لأضبطيته .
مع أنّه على تقدير اتّفاق النسخ على لفظة « أو » لا تصلح لمعارضة ما مرّ ؛ لموافقتها العامة ، لاتّفاقهم على الاكتفاء بالواحد (٣) .
ثم إنّه لا فرق بين الرجل والمرأة في الواجب من الكفن بالإِجماع ؛ لإِطلاق ما مرّ بل عمومه .
ومرفوعة سهل : كيف تكفّن المرأة ؟ فقال : « كما يكفّن الرجل ، غير أنها تشدّ على ثدييها خرقة تضمّ الثدي إلى الصدر ويشدّ إلى ظهرها ، ويوضع لها القطن أكثر ممّا يوضع للرجال ، ويحشى القبل والدبر بالقطن والحنوط ، ثم تشدّ عليها الخرقة شدّاً شديداً » (٤) .
ولا دلالة فيها على وجوب شدّ الثديين بل غايته الرجحان .
وكذا الحسنة المتقدّمة (٥) المشتملة على الخمس ، مع أنّ مفهومها دالّ على عدم وجوب الخمس . وبه وبالمرفوعة تعارض المرسلة المتقدّمة (٦) ، فلو لم يرجّحا بموافقة الإِجماع المخرج لمخالفة عن الحجية يتساقطان ، وتبقى الإِطلاقات عن المعارض خالية .
__________________
(١) المراسم : ٤٧ .
(٢) راجع ص ١٧٩ الهامش (٤) .
(٣) انظر بدائع الصنائع ١ : ٣٠٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٣٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٢ .
(٤) الكافي ٣ : ١٤٧ الجنائز ب ٢٠ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ١١ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٦ .
(٥) في ص ١٧٩ الرقم ١ .
(٦) في ص ١٨٠ رقم ١ .
ثمَّ تلك القِطَع الثلاث إحداها : لفّافة تشمل جميع البدن ـ وعبّر عنها الأكثر بالإِزار ـ بالإِجماع ؛ وهو الحجة في تعيينه ، مع حسنة زرارة ومحمد ، المتقدّمة الخالية عن المعارض المؤيّدة بأخبار كثيرة اُخر .
منها : صحيحة محمد ، المتقدّمة (١) بضميمة مساواة الرجل مع المرأة ـ كما مرّ ـ إلى الأخيرة .
وحسنة حمران وفيها : قلت : فالكفن ؟ قال : « تؤخذ خرقة فيشدّ بها سفله ويضمّ فخذيه بها ليضمّ ما هناك ، وما يضع من القطن أفضل ، ثم يكفّن بقميص ولفّافة وبرد يجمع فيه الكفن » (٢) .
والرضوي : « ثم يكفّن بثلاث قِطَع وخمس وسبع ، فأمّا الثلاث فمئزر وعمامة ولفّافة ، والخمس مئزر وقميص وعمامة ولفّافتان » (٣) . وفيه أيضاً : « يكفّن بثلاثة أثواب : لفافة وقميص وإزار » (٤) إلى غير ذلك .
والاُخرى : قميص ، بالإِجماع أيضاً في الجواز ؛ لدلالة أكثر الأخبار عليه وتضمّنها له .
بل في الرجحان أيضاً ؛ لظهور كثير من الأخبار فيه ، وصريح رواية سهل : عن الثياب التي يصلّي فيها الرجل ويصوم ، أيكفّن فيها ؟ قال : « اُحبّ ذلك الكفن يعني قميصاً » قلت : يدرج في ثلاثة أثواب ؟ قال : « لا بأس به ، والقميص أحبّ إليّ » (٥) .
ومرسلة الفقيه : عن الرجل يموت ، أيكفّن في ثلاثة أثواب بغير قميص ؟ قال : « لا بأس بذلك ، والقميص أحبّ إليّ » (٦) .
__________________
(١) في ص ١٨٠ رقم ٢ .
(٢) التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ ، الوسائل ٣ : ٣٤ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٥ .
(٣ و ٤) فقه الرضا : ١٨٢ ، المستدرك ٢ : ٢٠٥ أبواب الكفن ب ١ ح ١ .
(٥) التهذيب ١ : ٢٩٢ / ٨٥٥ ، الوسائل ٣ : ٧ أبواب التكفين ب ٢ ح ٥ .
(٦) الفقيه ١ : ٩٣ / ٤٢٤ ، الوسائل ٣ : ١٢ أبواب التكفين ب ٢ ح ٢٠ .
والمروي في الدعائم : « نعم الكفن ثلاثة أثواب : قميص غير مزرور ولا مكفوف ، ولفّافة وإزار » (١) .
على الأشهر ـ كما صرّح به جماعة منهم المنتهى (٢) ـ في التعيين والوجوب ، وهو ظاهر المقنعة والشرائع والنافع والتحرير (٣) ، وصريح العماني (٤) ، والمنتهى (٥) ، وعن المبسوط والنهاية والمصباح ومختصره والمراسم والوسيلة (٦) ، والجامع والحلبي والذكرى والمسالك (٧) ، وروض الجنان (٨) ، والروضة وشرح القواعد (٩) .
لما مرّ من الأخبار وما يشبهها ، وصحيحة ابن سنان ، وفيها : « ثم الكفن قميص غير مزرور ولا مكفوف ، وعمامة يعصب بها رأسه ويردّ فضليها على رجليه » (١٠) .
وموثّقة الساباطي وفيها : « التكفين أن تبدأ بالقميص ثم بالخرقة » (١١) إلى آخره .
دلّتا ـ بالحمل ـ على أنّ الكفن ما يشمل القميص ، فلا يكون غيره كفناً .
ومرسلة يونس : « ابسط الحبرة بسطاً ، ثم ابسط عليها الإِزار ثم ابسط
__________________
(١) دعائم الاسلام ١ : ٢٣١ ، المستدرك ٢ : ٢٠٧ أبواب الكفن ب ١ ح ٥ .
(٢) المنتهى ١ : ٤٣٧ .
(٣) المقنعة : ٧٨ ، الشرائع ١ : ٣٩ ، النافع : ١٢ ، التحرير ١ : ١٨ .
(٤) كما نقل عنه في الحدائق ٤ : ١٢ .
(٥) راجع الرقم ٢ من نفس الصفحة .
(٦) المبسوط ١ : ١٧٦ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، المراسم : ٤٧ ، الوسيلة : ٦٦ .
(٧) الجامع : ٥٣ ، الكافي : ٢٣٧ ، الذكرى : ٤٦ ، المسالك ١ : ١٣ .
(٨) روض الجنان : ١٠٣ ، ولم يظهر منه تعيين القميص .
(٩) الروضة ١ : ١٢٩ ، جامع المقاصد ١ : ٣٨٢ .
(١٠) الكافي ٣ : ١٤٤ الجنائز ب ١٩ ح ٩ ، الوسائل ٣ : ٨ أبواب التكفين ب ٢ ح ٨ وفي المصدر : « ويرد فضلها . . . » .
(١١) التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٤ .
القميص عليه » (١) أوجب بسط القميص فيتعين .
خلافاً لجماعة من الطبقة الثالثة منهم : المدارك وكفاية الأحكام والمفاتيح والبحار والحدائق (٢) واللوامع ، بل جلّهم كما في اللوامع ، وهو المحكي عن الإِسكافي (٣) والمعتبر (٤) ، ويحتمله كلام الجعفي حيث قال : الخمسة لفّافتان وقميص وعمامة ومئزر (٥) فيجوز أن يكون الواجب اللفافتين والمئزر .
بل كلام جمع آخر من القدماء كالصدوق (٦) ووالده (٧) والحلبي (٨) وغيرهم ، حيث لم يصرّحوا بالوجوب ولا بما دلّ على التعيين ، وتردّد في القواعد (٩) ، فلم يوجبوه وجوّزوا بدله لفّافة شاملة اُخرى . وهو الأقوى .
أمّا عدم الوجوب : فللأصل ، وإطلاقات الأخبار المتضمّنة لثلاثة أثواب (١٠) ، الشاملة لغير القميص بل اللّفافة قطعاً ، لأنّها أحدها جزماً .
ومرسلة الفقيه ، المتقدّمة (١١) ، بل رواية سهل (١٢) أيضاً . وجعل الألف واللام في « القميص » فيها القميص الذي يصلّي فيه بعيد ، مع أنه لم يعهد قميص بل
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٣ الجنائز ب ١٩ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٠٦ / ٨٨٨ ، الوسائل ٣ : ٣٢ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٣ .
(٢) المدارك ٢ : ٩٥ ، كفاية الأحكام : ٦ ، مفاتيح الشرائع ٢ : ١٦٤ ، بحار الأنوار ٧٨ : ٣١٩ ، الحدائق ٤ : ١٦ .
(٣) حكى عنه في الذكرى : ٤٦ .
(٤) المعتبر ١ : ٢٧٩ .
(٥) حكى عنه في الحدائق ٤ : ١٢ .
(٦) المقنع : ١٨ ، ولكن قال في الفقيه ١ : ٩٢ ما لفظه : والكفن المفروض ثلاثة : قميص وإزار ولفافة .
(٧) حكى عنه في المختلف ١ : ٤٥ .
(٨) الكافي : ٢٣٧ .
(٩) القواعد ١ : ١٨ .
(١٠) انظر الوسائل ٣ : ٦ أبواب التكفين ب ٢ .
(١١) في ص ١٨٢ .
(١٢) المتقدمة في ص ١٨٢ .
سئل عن الكفن في ثياب الصلاة ، وأجاب بأني اُحبّ ذلك الكفن المتعارف يعني قميصاً ، فهو أولى من ثياب الصلاة لو لم يكن فيها قميص . مع أن المطلوب يثبت من قوله : « يدرج في ثلاثة أثواب » لأنّ المتبادر من الثوب الذي يدرج الميت ما يواريه بأجمعه ، والظاهر إرادة درجة في كلّ ثوب ، وإلّا لم يكن في السؤال ونفي البأس وجه ، إذ يدرج في مجموع الثلاثة قطعاً .
وبما ذكر يجاب عن أدلّة الموجبين ، بحملها على الأفضلية بقرينة ذلك ، مضافاً إلى خلوّ غير المرسلة (١) عن الدالّ على الوجوب جدّاً . والحمل وإن أفاد التعيّن إلّا أن دخول غير الواجب أيضاً في المحمول يصرفه عن إفادته قطعاً .
بل في دلالة المرسلة أيضاً على الوجوب نظر ؛ لتعلّق الأمر أصالةً بالبسط المتعقّب عن بسط الحبرة وهو غير واجب .
وأمّا تبديله بلفّافة اُخرى : فللإِجماع المركّب ، مضافاً إلى ما مرّ من رواية سهل .
والثالث : مئزر وجوباً عند الأكثر ، كما صرّح به جمع ممن تقدّم وتأخّر ، ومن الموجبين أكثر من ذكره مرّ (٢) .
للرضوي المتقدّم (٣) المتضمّن للمئزر ، المنجبر ضعفه بالشهرة ، وصحيحة محمد ، المتقدّمة (٤) المصرّحة بالمنطق الذي هو الإِزار المرادف للمئزر لغةً ، كما صرّح به أهلها ، ففي الصحاح : المئزر : الإِزار (٥) . وفي مجمع البحرين : معقد الإِزار من الحقوتين (٦) .
__________________
(١) يعني بها مرسلة يونس المتقدمة في ص ١٨٣ .
(٢) في ص ١٨٤ .
(٣) في ص ١٨٢ .
(٤) في ص ١٨٠ .
(٥) صحاح اللغة ٢ : ٥٧٨ .
(٦) مجمع البحرين ٣ : ٢٠٤ .
وشرعاً كما يستفاد من النصوص الواردة في باب ستر العورة لدخول الحمام (١) ، وفي مبحث كراهة الاتّزار فوق القميص (٢) ، وبحث ثوبي الإِحرام (٣) ، بحيث يظهر كون الاستعمال بطريق الحقيقة .
ويستفاد أيضاً من صحيحة ابن سنان : كيف أصنع بالكفن ؟ قال : « خذ خرقة فتشدّ على مقعديه ورجليه » قلت : فالإِزار ؟ قال : « إنّها لا تعدّ شيئاً ، إنّما تصنع لتضمّ ما هناك وأن لا يخرج منه شيء » (٤) فإنه لو كان المراد به اللفّافة لما توهّم عدم لزومه بشدّ الخرقة .
ومنه تظهر دلالة جميع الأخبار المتضمّنة للإِزار على المطلوب أيضاً ، كرواية الدعائم والرضوي ومرسلة يونس ، السابقة (٥) .
وموثّقة الساباطي : « ثم تبدأ فتسقط اللفّافة طولاً ، ثم تذر عليها من الذريرة ، ثم الإِزار طولاً حتى يغطّي الصدر والرجلين ، ثم الخرقة عرضها قدر شبر ونصف ، ثم القميص تشدّ الخرقة على القميص بحيال العورة والفرج » إلى أن قال : « التكفين أن تبدأ بالقميص ، ثم بالخرقة فوق القميص على أليتيه وفخذيه وعورته ، ويجعل طول الخرقة ثلاثة أذرع ونصف وعرضها شبر ونصف ، ثم يشدّ الإِزار أربعة أذرع ، ثم اللفافة ، ثم العمامة ويطرح فضل العمامة على وجهه » (٦) الحديث .
وخبر ابن وهب : « يكفّن الميت في خمسة أثواب : قميص لا يزرّ عليه ، وإزار وخرقة يعصب بها وسطه ، وبرد يلفّ فيه ، وعمامة يعمّم بها ويلقى فضلها
__________________
(١) انظر الوسائل ٢ : ٣٢ أبواب آداب الحمام ب ٣ .
(٢) انظر الوسائل ٤ : ٣٩٥ أبواب لباس المصلي ب ٢٤ .
(٣) انظر الوسائل ١٢ : ٥٠٢ أبواب تروك الإِحرام ب ٥٣ .
(٤) مرّ مصدرها في ص ١٨٣ .
(٥) في ص ١٨٣ ، ١٨٢ ، ١٨٣ .
(٦) تقدم مصدرها في ص ١٨٣ .
على صدره » (١) .
سيما مع ظهور كثير منها في أن المراد من الإِزار فيها المئزر كالأولين (٢) ، فإنّه لولاه وكان المراد منها اللفّافة ـ كما توهّم ـ لكان اللازم أن يقال : قميص ولفّافتان .
وكذا في الرابع (٣) ، حيث ذكر الإِزار واللفافة معاً ، سيما مع التصريح بتغطية الصدر والرجلين بالإِزار خاصة واللفافة تعمّ الجسد . بل الخامس (٤) ، حيث إنّ في تخصيص لفّ الميت بالبُرد خاصة إشعاراً بعدمه في الإِزار ، وليس إلّا لعدم وفائه بجميع الجسد فيكون هو المئزر .
هذا كلّه ، مع أنّ المستفاد من بعض الروايات أنّ رسول الله صلّى الله عليه وﺁله وسلّم كفّن بالمئزر ، ففي صحيحة ابن عمار : « كان ثوبا رسول الله صلّى الله عليه وﺁله وسلّم اللذان أحرم فيهما يمانيين : عبري وأظفار ، وفيهما كفّن » (٥) ويأتي في كتاب الحج أن ثوبي الإِحرام إزار يتّزر به ورداء يتردّى به .
ونحوه الكلام في صحيحة يونس بن يعقوب عن أبي الحسن الأول عليه السلام : كان يقول : « إني كفّنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما ، وفي قميص من قمصه ، وعمامة كانت لعلي بن الحسين عليه السلام ، وفي برد اشتريته بأربعين ديناراً » (٦) .
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٥ الجنائز ب ١٩ ح ١١ ، التهذيب وفيه : ويلقى فضلها على وجهه ، الوسائل ٣ : ١٠ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٣ .
(٢) وهما روايتا الدعائم والرضوي .
(٣) وهو موثقة الساباطي .
(٤) وهو خبر ابن وهب .
(٥) الكافي ٤ : ٣٣٩ الحج ب ٨٣ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ٢١٤ / ٩٧٥ ، الوسائل ٣ : ١٦ أبواب التكفين ب ٥ ح ١ . عِبْر الوادي ويفتح : شاطئه وناحيته ، وظفار كقطام : بلد باليمن قرب صنعاء ( القاموس ٢ : ٨٤ ، ٨٥ ) .
(٦)
الكافي ٣ : ١٤٩ الجنائز ب ٢٢ ح ٨ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ / ١٣٩٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٠ / ٧٤٢
، الوسائل ٣ : ٤٠ أبواب التكفين ب ١٨ ح ٥ وفي « ق » زيادة وهي : « لو كان اليوم
لساوى أربعمائة
=
ولوجوب تحصيل البراءة اليقينية الحاصلة بالمئزر دون غيره ولو كان ثلاثة أثواب شاملة ، للشك فيها .
خلافاً لبعض المتأخّرين (١) ، فلم يوجبه ، وخيّر بينه وبين لفافة اُخرى .
أمّا عدم الوجوب : فلخلوّ الأخبار طُرّاً ـ على فرض الشمول له ـ عن الدالّ على الوجوب كما عرفت في القميص ، ومنع انحصار توقّف اليقين بالبراءة عليه .
وأمّا جواز لفّافة اُخرى بدله : فلإِطلاق الثوب الشامل ، ورواية سهل وحسنة حمران ، المتقدّمتين ، بل موثّقة الساباطي وصحيحة محمد ، السابقتين (٢) كما يأتي بيانهما .
ولجلّ الطبقة الثالثة المتقدّم ذكر جماعة منهم (٣) ، والمحكي عن الإِسكافي (٤) والمعتبر (٥) ، وظاهر الصدوقين (٦) والعماني والجعفي (٧) ، فلم يجوّزوه بل أوجبوا بدله لفّافة اُخرى إمّا مع القميص معيّناً كبعض من ذكر ، أو مخيّراً بينه وبين لفّافة ثالثة كبعض آخر . وهو الأقوى .
أمّا عدم جوازه : فلعدم دليل عليه مع توقّفه على التوقيف ، إذ ليس إلّا
__________________
=
دينار » وهي موجودة في المصادر أيضاً .
(١) لم نعثر على شخصه .
(٢) في ص ١٨٠ ، ١٨٢ ، ١٨٣ .
(٣) في ص ١٨٤ وانظر المدارك ٢ : ٩٥ ، المفاتيح ٢ : ١٦٤ ، الكفاية : ٦ .
(٤) حكى عنه في المعتبر ١ : ٢٧٩ .
(٥) راجع الهامش المتقدم .
(٦) قال الصدوق في الفقيه ١ : ٩٢ ما لفظه : والكفن المفروض ثلاثة : قميص وإزار ولفافة وقال في المقنع : ١٨ : ثم يكفن في قميص غير مزرور ولا مكفوف وازار يلف على جسده بعد القميص ثم يلف في حبر يماني عبري أو ظفاري نظيف ونقل في الحدائق ٤ : ١٢ عن علي بن بابويه في رسالته انه قال : ثم اقطع كفنه تبدأ بالنمط وتبسطه وتبسط عليه الحبرة وتبسط الإِزار على الحبرة وتبسط القميص وتكتب على قميصه وإزاره وحبرته .
(٧) نقل عن العماني في الحدائق ٤ : ١٢ انه قال : الفرض إزار وقميص ولفافة وعن الجعفي أنه قال : الخمسة لفافتان وقميص وعمامة ومئزر فتدبر .
الأخبار المتضمّنة للفظ « الإِزار » أو الروايات المشتملة على مطلق الثوب أو الأثواب ، أو ما يصرّح فيه بلفظ « المئزر » .
أمّا الأول فلا دليل على إرادة المئزر منه أصلاً ؛ لورود الإِزار في اللغة بمعنى المئزر ـ كما مرّ ـ وبمعنى الثوب الشامل .
ففي القاموس : الإِزار : الملحفة (١) وهي ما يلبس فوق الثياب بأسرها .
وفي المجمع بعد ما نقل عنه (٢) : وفي كلام بعض اللغويين أنه ثوب شامل لجميع البدن قال : وفي الصحاح المئزر : الإِزار ، وفي كتب الفقه يذكر المئزر مقابلاً للإِزار ويريدون به غيره ، وحينئذٍ لا بُعد في الاشتراك ويعرف المراد بالقرينة (٣) . انتهى .
ولم تثبت الحقيقة الشرعية ولا المتشرعة فيه ، بل المراد منه في كلام أكثر الفقهاء هو الثوب الشامل كما ذكروه مقابلاً للمئزر في ذلك المقام .
وفي اللوامع : إنّ الفقهاء اتّفقوا على التعبير في اللفّافة الشاملة بالإِزار . بل قيل : الغالب في الأخبار أيضاً استعماله في الثوب الشامل وإن اُطلق على المئزر نادراً . ألا ترى أنّ في أكثر أخبار الحمام ورد بلفظ « المئزر » وإن ورد في البعض أيضاً لفظ « الإِزار » وهو ممّا يعلم فيه المراد بالقرينة ، ولا قرينة في الأخبار المتقدّمة على إرادة المئزر ، وما ادّعوه قرينة لا يفيد أصلاً .
أمّا ذكره مع اللفافة في الروايات : فلأنه يمكن أن يكون لاختلافهما معنىً ، حيث إنّ الإِزار ـ كما عرفت ـ هو ما يكون فوق جميع الثياب ، واللفّافة إمّا أعم أو ما يلفّ به الجسد ملاصقاً له ، أو الإِزار ما يشمل جميع الجسد ـ كما في المجمع ـ واللفّافة ما يلفّ به الميت وجميع ثيابه ، ولمّا كان أحد الثوبين الشاملين إزاراً بالمعنى المذكور ، لا محالة عبّر عنه به وعن الآخر باللفّافة ، ولذا عبّر في حسنة
__________________
(١) القاموس ١ : ٣٧٧ .
(٢) في ص ١٨٥ .
(٣) مجمع البحرين ٣ : ٢٠٥ .
حمران (١) عن اللفّافتين باللفافة وبرد يجمع فيه الكفن ، فكما لم يلزم هناك أن يقول لفّافتان ، فكذا هاهنا .
وممّا ذكر يعلم عدم إشعار تخصيص اللفّ بالبُرد في بعض الروايات (٢) بما راموه أيضاً .
وأمّا توهم السائل في صحيحة ابن سنان (٣) ، فيمكن أن يكون من جهة أنه لمّا كانت الخرقة توارى العورة وتشدّ الرجلين توهّم أنها تكفي عن الثوب الشامل .
مع أنه يمكن أن يكون الضمير في قوله : « إنّها » للإِزار ، فإنه يؤنّث أيضاً كما صرّح به في القاموس والمجمع . فإنّ الإِمام لمّا بين كيفية شد الخرقة سأل السائل عن كيفية الإِزار أي المئزر ، فقال : إنّها لا تعدّ شيئاً واجباً أو مستحباً ، ولا فائدة فيها وإنّما تصنع الخرقة الشبيهة بها للضمّ .
فهي أيضاً ليست قرينةً لهم ، بل القرينة على إرادة غير المئزر في كثير منها قائمة . فإنّ التصريح بكونه فوق القميص في المرسلة (٤) والموثّقة (٥) قرينة على أنه غيره ؛ لتصريحهم جميعاً بأنّ المئزر تحته ، وفوق القميص لا يكون إلّا اللفّافة . وأيضاً التصريح في الموثّقة بشدّة طولاً وأنه أربعة أذرع قرينة معيّنة للثوب الشامل ، لشمول أربعة أذرع للرأس والرجل قطعاً ، مضافاً إلى أن شد الإِزار طولاً غير متعارف . بل في التصريح بتغطية الصدر والرجلين قرينة اُخرى ؛ إذ لا يسمّى مثل ذلك مئزراً قطعاً . وجعله إشعاراً على إرادة المئزر غريب ، وليس فيه دلالة على عدم تغطية الرأس حتى لا يكون ثوباً شاملاً .
وفي الرضوي : « وتلفّه في إزاره وحبرته وتبدأ بالشق الأيسر وتمدّ على الأيمن ،
__________________
(١) المتقدمة في ص ١٨٢ .
(٢) خبر ابن وهب المتقدم في ص ١٨٦ .
(٣) المتقدمة في ص ١٨٦ .
(٤) المتقدمة في ص ١٨٤ .
(٥) المتقدمة في ص ١٨٦ .
ثم تمدّ الأيمن على الأيسر ، وإن شئت لم تجعل الحبرة معه حتى تدخله القبر فتلقيه عليه ثم تعمّمه » إلى أن قال : « ثم تلفّ اللفافة » (١) الخبر ، فإنّ في اللف في الإِزار إشعاراً بأنه غير المئزر ، بل في جمعه مع الحبرة .
ويمكن أن تكون الحبرة عطفاً تفسيرياً له أيضاً ، بل هو الأظهر .
وأمّا صحيحة محمد (٢) فليست صريحة في المئزر ولا ظاهرة فيه ؛ لأنّ المنطق على ما صرّح به أهل اللغة ما يشدّ به الوسط ، وهو كما يمكن أن يكون المئزر يمكن أن يكون الخرقة التي تشدّ بها العورة لأنّها أيضاً تشدّ في الوسط . بل صرّح في الموثّقة بشدّها في الحقوين اللذين هما معقد المئزر ، كما مرّ من المجمع ، ويحتمل أن يكون المراد بالمنطق ما يشدّ به الثديان أيضاً ، كما قيل .
وأمّا التكفين بثوبي الإِحرام فلا يفيد لهم المرام ؛ إذ التردّي بثوب والاتّزار بالآخر في حالة لا ينافي صلاحيتهما للارتداء في حالة اُخرى . كيف مع أنّ ما يتردّى به في الإِحرام لا يستر الرأس حينئذٍ ويستره إذا كفّن به ، فيمكن أن يكون كذلك ما اتّزر به في الإِحرام ، فيتّزر به في حال ، ويشمل الجميع بالبسط في حال آخر .
وإلى هذا أشار من قال : لا يلزم في ثوبي الإِحرام عدم الشمول .
وأمّا الثاني أي روايات الثوب والأثواب : فلأنّه لا يمكن جعلها من باب المطلق ، وإلّا لزم خروج الأكثر ، لعدم جواز غير اللفّافة والقميص الواحد والمئزر كذلك إجماعاً ، مع أنّ إطلاق ثلاثة أثواب له أفراد غير عديدة إفراداً أو تركيباً ، فيكون من باب التجوّز ، فيحصل فيه الإِجمال كما به صرّح جماعة من الأصحاب (٣) .
مع أنّ منهم من صرّح باختصاص الثوب بالشامل ، قال والدي ـ رحمه الله ـ
__________________
(١) فقه الرضا : ١٦٨ بتفاوت يسير ، المستدرك ٢ : ٢١٧ أبواب الكفن ب ١٢ ح ١ ، وفيه : « ثم تلفف العمامة » .
(٢) المتقدمة في ص ١٨٠ .
(٣) منهم الحدائق ٤ : ٥ والرياض ١ : ٥٧ .
في اللوامع بعد نقل أخبار ثلاثة أثواب : ولا ريب في أنّ المتبادر من الثوب هنا هو الشامل وإن لم يعتبر الشمول في الثوب . . . إلى آخر ما قال . ويشعر بذلك حسنة الحلبي المتقدّمة (١) .
وأمّا الثالث : فلأنّه منحصر بالرضوي المشتمل على الخمس (٢) ، والظاهر منه إرادة الخرقة الخامسة ، كما فهمه الصدوق وعبّر عنها به في الهداية والفقيه (٣) مأخوذاً ما فيه عنه ، ويؤكّده كونها من الخمسة قطعاً ، فلولا أنها المراد يلزم عدم ذكره ، بل صرّح به في موضع آخر قال : « ويضمّ رجليه جميعاً ويشدّ فخذيه إلى وركه بالمئزر شداً جيداً لئلّا يخرج منه شيء » (٤) ولو قطع النظر عنه فلا أقلّ من الاحتمال الموجب للإِجمال .
وأمّا قيام لفّافة اُخرى شاملة مقامه : فلرواية سهل وحسنة حمران ، بل صحيحة محمد (٥) على ما عرفت من المراد من المنطق ، وصحيحة زرارة على ما في أكثر نسخ التهذيب من قوله : « ثلاثة أثواب تام » (٦) بل الأخبار المتضمّنة للإِزار على ما عرفت من القرينة ، ولصدق الثوب المصرّح به في الأخبار الكثيرة .
وخصوص الرضوي المصرّح بالخمس ، فإنّ الظاهر أنّ المراد بالمئزر فيه هو الخرقة كما عرفت ، ويلزمه كون اللفّافتين من الأثواب الثلاثة .
وحسنة حمران ، المتضمّنة للقميص والبرد الجامع للكفن واللفافة المنحصرة في الثوب الشامل إجماعاً ، لعدم لفّ القميص والمئزر ، بل الأول يلبس والثاني يشدّ ويعقد ، كما به في الأخبار عبّر .
__________________
(١) في ص ١٧٩ .
(٢) المتقدم في ص ١٨٢ .
(٣) الهداية : ٢٣ ، الفقيه ١ : ٩٢ .
(٤) فقه الرضا : ١٦٨ .
(٥) تقدمت الروايات على الترتيب في ص ١٨٠ ، ١٨٢ ، ١٨٢ .
(٦) تقدمت في ص ١٧٩ .
وصحيحة محمد ، لاستبعاد ترك الخرقة ، فالظاهر أنها المراد من المنطق .
بل صحيحة زرارة على ما في أكثر نسخ التهذيب من قوله : « ثلاثة أثواب تام » وإن أقحم في قليل من نسخه لفظ « أو ثوب » بين الأثواب والتام ، ولكن الأكثر ـ كما صرّح به في اللوامع ـ خالٍ عنه ، بل وكذلك ما نقله الفاضلان في المعتبر والمنتهى (١) وصاحب المنتقى (٢) وغيرهم .
وموثّقة الساباطي ، لوضوح شمول ما كان أربعة أذرع ـ إذا بسط طولاً ـ للرأس والرجلين أيضاً . بل مرسلة يونس ، الدالّة على كون الإِزار فوق القميص .
وأمّا تعيّنها ووجوبها ـ مع خلوّ أدلّته عن الدلالة على الوجوب إلّا صحيحة زرارة المخرج فيها الفرض عن معناه قطعاً ، لعدم القول بمفروضية ثلاثة أثواب تامة على ما فيها من اختلاف النسخ وحزازة العبارة ـ فللإِجماع المركّب ، إذ لا قول إلّا بها أو المئزر ، فبعد انتفاء الثاني يتعين الأول .
ولوجوب تحصيل البراءة اليقينية الحاصلة باللفّافتين مع القميص أو بدلها بمقتضى ما ذكرنا من الأدلة ، دون غيرهما ولو لفّافة ومئزر ، للشك في إرادته .
فروع :
أ : المعتبر في القميص أن يصل إلى نصف الساق ، كما صرّح به جماعة منهم : شرح القواعد وروض الجنان والمسالك والروضة (٣) واللوامع ؛ لأنه المفهوم منه عرفاً ، كما صرّح به في الثلاثة الأخيرة (٤) .
والأولى زيادة قيد التقريب ولعلّه المراد .
وفي الأخير جواز كونه إلى القدم بإذن الورثة أو الوصية النافذة . وهو كذلك ؛ لصدق الاسم .
__________________
(١) المعتبر ١ : ٢٧٩ ، المنتهى ١ : ٤٣٨ والمنقول فيهما : « ثلاثة أثواب أو ثوب تام » .
(٢) منتقى الجمان ١ : ٢٥٧ .
(٣) جامع المقاصد ١ : ٣٨٢ ، روض الجنان : ١٠٣ ، المسالك ١ : ١٣ ، الروضة ١ : ١٢٩ .
(٤) لا يوجد التصريح به في الروضة نعم صرّح به في روض الجنان : ١٠٣ .
وأمّا تجويزه مطلقاً ـ كما في الأول ـ للغلبة ، أو استحبابه ، أو احتمال جوازه وإن لم يبلغ النصف ـ كما عن الرابع (١) ـ فمشكل بل ضعيف .
وفي اللفّافة أن تشمل جميع البدن طولاً وعرضاً ، مع إمكان جعل أحد جانبيه في العرض على الآخر ؛ لأنه المتبادر ، ولتحقيق معنى اللف . وتجويز الخياطة (٢) غير جيّد ؛ لعدم تبادره .
وينبغي الزيادة في الطول بحيث يمكن شدّه من الطرفين . وقيل بوجوبها ؛ لعدم تبادر غيره (٣) . وفيه نظر . والاستحباب أظهر مع إذن الوارث أو الوصية .
وفي المئزر ـ على اعتباره ـ أن يستر ما بين السرّة والركبة ، كما عن غير الأول من الكتب المتقدّمة (٤) ، لأنه المفهوم في العرف والعادة . أو يسترهما مع ما بينهما ، كما في الأول (٥) . ولا بأس به .
واحتمال الاكتفاء فيه بما يستر العورة (٦) بعيد ، والتعليل بأنّ وضعه لسترها غير سديد .
وعن المراسم وفي المقنعة : من سرّته إلى حيث يبلغ من ساقيه (٧) .
وعن المصباح ومختصره : منها إلى حيث يبلغ المئزر (٨) .
وعن الوسيلة والجامع : من الصدر إلى الساقين استحباباً (٩) .
__________________
(١) نقله عنه في كشف اللثام ١ : ١١٦ ، ولم نعثر عليه .
(٢) كما جوّزها في الرياض ١ : ٥٧ .
(٣) الرياض ١ : ٥٧ .
(٤) راجع الرقم (٣) ص ١٩٣ .
(٥) جامع المقاصد ١ : ٣٨٢ .
(٦) كما احتمله في الروض : ١٠٣ .
(٧) المراسم : ٤٩ ، المقنعة : ٧٨ .
(٨) مصباح المتهجد : ١٩ .
(٩) الوسيلة : ٦٦ ، الجامع : ٥٣ .
وعن النهاية والمبسوط : يبلغ من الصدر إلى الرجلين (١) . ونحوه في الذكرى (٢) .
وعن المسالك والروضة : يستحب ستره ما بين الصدر والقدمين (٣) .
وتجب مراعاة ما تقدّم من الإِذن أو الوصية في الزائد عن الواجب ، وإن استند عندهم إلى الموثّقة .
ب : في اعتبار ستر البشرة في كلٍّ من الثلاثة ، أو في المجموع ، أو عدمه مطلقاً ثلاثة أوجه بل أقوال :
الأول : للكركي ووالدي ، وجعله في روض الجنان (٤) أحوط ؛ للتبادر . وهو ممنوع .
الثاني للروض (٥) ، لصحيحة زرارة ، المتقدّمة (٦) : « يواري به جسده كلّه » .
ولا دلالة لها ؛ لاحتمال أن يكون المراد شموله للبدن بحيث لا يبقى شيء منه عارياً .
والثالث للحدائق (٧) ؛ للأصل . وهو الأظهر ، وإن كان الأحوط الثاني ، بل لا يبعد ترجيحه ، لإِطلاق الصحيحة بالنسبة إلى المعنيين .
ج : لا يجب غير الثلاثة إجماعاً ، له وللأصل ، والمستفيضة المصرّحة بعدم الزيادة على الخمسة ، واستحباب اثنين منها وهما الخرقة والعمامة ، مع التصريح
__________________
(١) النهاية : ٣٦ ، المبسوط ١ : ١٧٩ .
(٢) الذكرى : ٤٩ .
(٣) المسالك ١ : ١٣ ، الروضة ١ : ١٢٩ .
(٤) جامع المقاصد ١ : ٣٨٢ ، روض الجنان : ١٠٣ .
(٥) الروض : ١٠٣ .
(٦) في ص ١٧٩ ، وقد عبر عنها هناك بالحسنة .
(٧) الحدائق ٤ : ١٧ .
فيما مرّ بانحصار المفروض في الثلاثة .
الثانية : يستحب أن يزاد في أجزاء الكفن للرجل والمرأة جزءان آخران :
أحدهما : خرقة لشدّ الفخذين ، ويسمّى بالخامسة ، بالإِجماعين والمستفيضة :
منها : صحيحة ابن سنان ، وروايته ، ومرفوعة سهل ، وحسنة حمران ، وموثّقة الساباطي ، المتقدّمة جميعاً (١) .
ومرسلة يونس ، السابقة أكثرها في بحث الغسل ، وفيها : « وخذ خرقة طويلة عرضها شبر ، فشدّها من حقويه ، وضمّ فخذيه ضماً شديداً ، ولفّها في فخذيه ، ثم أخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن واغرزها في الموضع الذي لففت فيه الخرقة ، وتكون الخرقة طويلة يلفّ فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفاً شديداً » (٢) .
وينبغي أن تكون طويلةً ، كما صرّح به في الأخيرة ، بل يكون طولها ثلاثة أذرع ونصف كما في الشرائع والقواعد (٣) ، لسابقتها . ولكن لا تدلّ على وجوب هذا القدر ، فيجوز أن تكون أطول ، كما عن المهذّب والمبسوط والوسيلة (٤) ، أو أقلّ أيضاً كما عن الأخيرين .
وأن يكون عرضها شبراً ، كما في الأخيرة ، أو ونصف كما في سابقتها . ولا منافاة بينهما ؛ لحمل السابقة على الأفضلية ، أو المراد فيهما التقريب .
وثانيهما : العمامة بقدر يؤدي هيئتها الآتية (٥) في الطول ، ويصدق الاسم في
__________________
(١) راجع الصفحات : ١٨٠ ، ١٨٢ ، ١٨٦ .
(٢) تقدم مصدرها في ص ١٣٦ . الْحِقو : معقد الإِزار ، الخاصرة .
(٣) الشرائع ١ : ٤٠ ، القواعد : ١٨ .
(٤) المهذب ١ : ٦١ ، المبسوط ١ : ١٧٩ ، الوسيلة : ٦٦ .
(٥) في ص ٢٠٣ .
العرض ، بالإِجماع ، كما في المنتهى ، واللوامع ، وعن المعتبر (١) . والنصوص بها وباستحبابها بلا معارض مستفيضة ، كما تقدم كثير منها (٢) .
وعمامة المرأة الخمار ، فهو فيها بدلها في الرجل ، كما في الشرائع والنافع والمنتهى والقواعد (٣) ، واللوامع ، وعن الإِسكافي والعماني (٤) ، والشيخ في أكثر كتبه (٥) ، والجامع (٦) ، ونسب إلى المشهور (٧) ، وفي المدارك : إنه مذهب الأصحاب (٨) ، وفي اللوامع : بالإِجماع والنصوص ، كصحيحة محمد ، المتقدّمة (٩) . ورواية البصري : في كم تكفّن المرأة ؟ قال : « تكفّن في خمسة أثواب أحدها الخمار » (١٠) .
والرضوي : « والمرأة تكفّن في ثلاثة أثواب : درع وخمار ولفافة » (١١) .
والمروي في الدعائم : « ويخمر رأس المرأة بخمار ، ويعمّم الرجل » (١٢) .
وبتلك الأخبار تقيّد إطلاقات العمامة ، مع اختصاص كثير منها بالرجل ، مضافاً إلى التعارف الموجب للتبادر .
__________________
(١) المنتهى ١ : ٤٤٠ ، المعتبر ١ : ٢٨٣ .
(٢) راجع ص ١٧٩ ، ١٨٣ ، ١٨٦ .
(٣) الشرائع ١ : ٤٠ ، النافع : ١٣ ، المنتهى ١ : ٤٣٨ ، القواعد ١ : ١٨ .
(٤) حكى عنهما في الذكرى : ٤٨ .
(٥) لم نعثر عليه في النهاية والمبسوط والخلاف وجمل العلم والعمل .
(٦) الجامع : ٥٣ .
(٧) كما نسبه في الرياض ١ : ٦٠ .
(٨) المدارك ٢ : ١٠٥ .
(٩) في ص ١٨٠ .
(١٠) الكافي ٣ : ١٤٦ الجنائز ب ٢٠ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ / ٩٤٦ ، الوسائل ٣ : ١٢ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٨ .
(١١) فقه الرضا : ١٨٥ .
(١٢) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٢ .
ويستحب أن يزاد للمرأة جزء ثالث هو خرقة اُخرى يلفّ بها ثدياها ، كما عن المقنعة والنهاية والمبسوط (١) ، والكامل ، والسرائر وابني حمزة وسعيد ، وفي الشرائع والنافع والمنتهى والقواعد (٢) ، وغيرها . وفي المدارك واللوامع : لا أعلم له رادّاً (٣) ؛ لمرفوعة سهل ، المتقدّمة (٤) .
وظهر ممّا ذكر أنّ الأجزاء المستحبة لكفن الرجل اثنان ، ومع الواجب خمسة ، وللمرأة ثلاثة ، ومع الواجب ستة .
وقد يزاد لكلٍّ منهما غيره أيضاً :
أمّا للرجل فيزاد لفافة اُخرى حبرة عبرية (٥) ، كما في المعتبر والشرائع والنافع والمنتهى والقواعد (٦) ، وعن المقنعة والمبسوط والنهاية والإِصباح والوسيلة ، والكامل ، والسرائر (٧) وابن زهرة والمختلف والتلخيص والذكرى والتذكرة (٨) . بل في الأول ، وعن الأخيرين ، وشرح القواعد (٩) : الإِجماع عليه .
لا للأخبار المتكثرة المتضمّنة للحبرة ؛ لعدم دلالة شيء منها على كونها غير الثلاثة الواجبة وإن اشتمل كثير منها على الإِزار التي هي أيضاً لفّافة شاملة عند
__________________
(١) المقنعة : ٨٢ ، النهاية : ٤١ ، المبسوط ١ : ١٨٠ .
(٢) السرائر ١ : ١٦٠ ، الوسيلة : ٦٦ ، الجامع : ٥٣ ، الشرائع ١ : ٤٠ ، النافع : ١٣ ، المنتهى ١ : ٤٣٨ ، القواعد : ١٨ .
(٣) المدارك ٢ : ١٠٤ .
(٤) في ص ١٨٢ .
(٥) قال المحقق : يستحب أن يزاد الرجل حبرة يمنية عبرية غير مطرزة بالذهب . الحبرة من التحبير وهو التحسين والتزيين ، ويمنية : منسوبة إلى اليمن . وعبرية : منسوبة إلى العبر وهو جانب الوادي . المعتبر ١ : ٢٨٢
(٦) المعتبر ١ : ٢٨٢ ، الشرائع ١ : ٤٠ ، النافع : ١٣ ، المنتهى ١ : ٤٣٨ ، القواعد ١ : ١٨ .
(٧) المقنعة : ٧٨ ، المبسوط ١ : ١٧٦ ، النهاية : ٣١ ، الوسيلة : ٦٥ ، السرائر ١ : ١٦٠ .
(٨) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، المختلف : ٤٥ ، الذكرى : ٤٧ ، التذكرة ١ : ٤٣ .
(٩) جامع المقاصد ١ : ٣٨٣ .
أكثر الطائفة ، لجواز كونها مبنيةً على ما اخترناه من وجوب اللفّافتين أو الثلاثة .
بل للرضوي المتقدّم (١) المصرّح باللف في الإِزار والحبرة واللفافة ، ومرسلة الجعفي كما عن الذكرى ، المنجبرين بما مرّ ، قال : وقد روي سبع : مئزر وعمامة وقميصان ولفافتان ويمنية (٢) .
خلافاً للمدارك والبحار (٣) ، وعن العماني (٤) ، والحلبي (٥) ، فما زادوها ، بل قالوا باستحباب كون أحد الثلاثة حبرة ، ولا تظهر زيادتها على الواجب أيضاً من كلام والد الصدوق (٦) والجعفي والبصروي (٧) .
واحتاط بعض مشايخنا بتركها (٨) . وهو في موقعه . بل عدم الزيادة أقوى وأظهر ؛ لحسنة الحلبي وصحيحة زرارة ومحمد ، المتقدّمتين في صدر المسألة الاُولى (٩) ، الراجحتين على ما مرّ بموافقتهما للأصل ، ومخالفتهما للعامة كما تظهر من الحسنة .
والأول هو المرجع عند المخمصة ، والثانية من المرجّحات المنصوصة ، فلا يعارضهما اعتضاد الأولين بالإِجماع المنقول أو الشهرة في الفتوى المحكية ، لعدم صلاحيتهما للمرجحية .
مع أنّ الظاهر عندي أنهم لمّا رأوا اشتمال كثير من الروايات على القميص والإِزار والحبرة ، وكانت الإِزار عندهم هي اللفافة ـ كما يظهر من تعبيرهم في كتبهم
__________________
(١) في ص ١٩٠ .
(٢) الذكرى : ٤٨ .
(٣) المدارك ٢ : ١٠٠ ، بحار الأنوار ٧٨ : ٣٢٠ .
(٤) نقل عنه في الذكرى : ٤٨ .
(٥) الكافي : ٢٣٧ .
(٦) نقل عنه في المختلف : ٤٥ .
(٧) نقل عنهما في الذكرى : ٤٨ .
(٨) الرياض ١١ : ٥٩ .
(٩) في ص ١٧٩ ، ١٨٠ .
الفقهية ـ واستنبطوا وجوب المئزر من دليل آخر ، فقالوا بكون الحبرة زائدة مستحبة . ونحن لما لم نعثر على دليل على وجوب المئزر ، لا نفهم من الروايات زيادة على الثلاثة الواجبة . وبذلك يوهن عندنا مستند الشهرة وهو يوجب الوهن في نفسها أيضاً .
مع أنّ في دلالة الرضوي نظراً من جهة احتمال العطف التفسيري . بل في دلالة رواية الدعائم (١) أيضاً ؛ لجواز كون اللفافتين واليمنية هي الثلاثة الواجبة المخيرة ، فتأمّل .
وقد يستظهر للزيادة بصحيحة يونس بن يعقوب ، المتقدّمة (٢) . وهي مع احتمالها التقية ـ لو دلّت ـ غير دالّة ؛ لجواز جعل أحد الشطويين خرقة الشدّ .
فالقول بزيادة الحبرة في غاية الضعف .
وأضعف منه تعويض لفّافة اُخرى عنها مع فقدها ، كما عن النهاية والمبسوط والسرائر والإِصباح والمهذّب (٣) .
وأضعف منهما زيادة لفّافتين على الواجب ، كما عن الصدوق (٤) ، والتهذيب (٥) ، والكامل ، وابن زهرة (٦) .
لعدم الدليل على شيء منهما سوى ما قد يستظهر به للأول : من قوله في صحيحة محمد : « والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة : درع ومنطق وخمار ولفّافتين » (٧) بضميمة ما دلّ على تسوية الرجل والمرأة .
__________________
(١) كذا في النسخ ، والظاهر أنه سهو من قلمه الشريف ، والصحيح : مرسلة الجعفي المتقدمة في ص ١٩٩ .
(٢) في ص ١٨٧ .
(٣) النهاية : ٣٢ ، المبسوط ١ : ١٧٧ ، السرائر ١ : ١٦٠ ، المهذب ١ : ٦٠ .
(٤) الفقيه ١ : ٩٣ .
(٥) لم نعثر عليه فيه ، ويحتمل أن يكون مصحّفاً عن المهذب لأن القول موجود فيه ، ج ١ ص ٦٠ .
(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ .
(٧) تقدمت في ص ١٨٠ .