مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-78-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

إطلاق الطين المطلق عليه بحيث يتبادر منه ممنوع .

ومنها : تغطية قبر المرأة بثوب حين دفنها ، كما عن الإِسكافي والمفيد في كتاب أحكام النساء (١) ، والتهذيب والخلاف والمحقق والمنتهى ، وفيه : إنه قول العلماء (٢) . وهو الحجة فيه ، مضافاً إلى إطلاق خبر ابن سويد (٣) .

ولا يلحق بها الرجل على الأظهر ؛ لما في ذلك الخبر ، وللأصل .

ولا يعارضه ما روي من مدّ ثوب على قبر سعد (٤) ؛ إذ ليس فيه تصريح بكونه قبل الدفن ، ولأنه فعل فلا يعارض القول ، فتأمّل .

ومنها : أن يدعو النازل في القبر عند نزوله فيه ، وعند تناوله الميت ، وعند إدخاله القبر ، وعند وضعه في اللحد ، وبعده ، وعند وضع اللبن على اللحد ، وعند الخروج من القبر ، وعند تسوية التراب عليه وإهالته عليه ، بالدعوات المأثورة في كلّ منها في الروايات (٥) ، ومع اختلافها له التخيير أو الجمع .

ومنها : أن يقرأ في قبره قبل التلقين فاتحة الكتاب والمعوّذتين والتوحيد وآية الكرسي ، كما تظافرت عليه الروايات وتكاثرت ، كما في الرضوي (٦) ، وفي حسنة ابن يقطين (٧) ، والمروي في دعوات الراوندي (٨) ، وروايتي ابن عجلان (٩) ، وخبر

__________________

(١) حكاه عن الاسكافي في المختلف : ١٢١ ، وعن المفيد في السرائر ١ : ١٧٠ .

(٢) التهذيب ١ : ٤٦٤ ، الخلاف ١ : ٧٢٨ ، المحقق في المعتبر ١ : ٣٣٥ ، المنتهى ١ : ٤٦٨ .

(٣) التهذيب ١ : ٤٦٤ / ١٥١٩ ، الوسائل ٣ : ٢١٨ أبواب الدفن ب ٥٠ ح ١ .

(٤) كما في خبر ابن سويد . راجع الرقم (٣) .

(٥) الوسائل ٣ : ١٧٧ أبواب الدفن ب ٢١ .

(٦) فقه الرضا (ع) : ١٧٠ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٣٢٠ أبواب الدفن وما يناسبه ب ٢٠ ح ١ .

(٧) الكافي ٣ : ١٩٢ الجنائز ب ٦٢ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ١٧٣ أبواب الدفن ب ٢٠ ح ١ .

(٨) دعوات الراوندي : ٢٦٥ / ٧٦٠ .

(٩) الاُولى : الكافي ٣ : ١٩٥ الجنائز ب ٦٤ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٣١٧ / ٩٢٢ ، الوسائل ٣ : ١٧٥ أبواب الدفن ب ٢٠ ح ٥ ، والثانية : التهذيب ١ : ٣١٣ / ٩٠٩ ، الوسائل ٣ : ١٧٦ أبواب الدفن ب ٢٠ ح ٨ .

٣٠١
 &

ابن عطية (١) ، وغيرها .

والأحسن زيادة : التعوّذ بالله من الشيطان الرجيم قبلها كما في الثالث ، والصلوات أيضاً كما في الرابع .

وليكن القارئ أولى الناس به ، كما في الثاني (٢) والرابعين .

ومنها : تلقينه بعد وضع خدّه إلى التراب وقبل شرج اللحد الشهادتين ، والإِقرار بالأئمة من أولهم إلى آخرهم ، إجماعاً كما عن الغنية (٣) .

وعليه استفاضت الأخبار ، ففي حسنة ابن يقطين : « وإن قدر أن يحسر عن خدّه ويلصقه بالأرض فليفعل ، وليتشهّد ، وليذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه » (٤) والمراد بـ « ما يعلم » الإِقرار بالأئمة مفصّلاً .

ونحوها رواية ابن عجلان (٥) .

وفي روايته الاُخرى : « ثم ليقل ما يعلم ، ويسمعه تلقينه شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأن محمداً رسول الله صلّى الله عليه وﺁله ، ويذكر له ما يعلم واحداً بعد واحد » (٦) .

ومقتضاها حصول التلقين بالشهادات الثلاث بأيّ عبارة أدّاها .

والأولى التعبير بواحدة ممّا ورد في الروايات ، كما في صحيحة زرارة : « واضرب يدك على منكبه الأيمن ثم قل : يا فلان ! قل رضيت بالله ربًا ، وبالإِسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ، وبعلي إماماً ، ويسمّي إمام زمانه » (٧) .

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣١٢ / ٩٠٧ ، الوسائل ٣ : ١٧٦ أبواب الدفن ب ٢٠ ح ٧ .

(٢) كذا في النسخ ، والمراد منه حسنة ابن يقطين ، ولكن لم يذكر فيها كون القارىء أولى الناس بالميت فراجع .

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤ .

(٤) راجع الرقم (٧) ص ٣٠١ .

(٥) راجع الرقم (٩) ص ٣٠١ .

(٦) راجع الرقم (٩) ص ٣٠١ .

(٧) الكافي ٣ : ١٩٦ الجنائز ب ٦٤ ح ٧ ، التهذيب ١ : ٤٥٧ / ١٤٩٠ ، الوسائل ٣ : ١٧٥ أبواب الدفن ب ٢٠ ح ٦ .

٣٠٢
 &

أو ما في رواية أبي بصير : « فضع يدك على اُذنه وقل : الله ربك ، والإِسلام دينك ، ومحمد صلّى الله عليه وﺁله نبيّك ، والقرآن كتابك ، وعلي إمامك » (١) وفي التهذيب : « وضع فمك على اُذنه » (٢) بدل يدك .

أو ما في رواية محفوظ : « ويدني فمه إلى سمعه ويقول : اسمع افهم ـ ثلاث مرات ـ الله ربك ، ومحمد صلّى الله عليه وﺁله نبيّك ، والإِسلام دينك ، وفلان إمامك ، اسمع وافهم ، وأعدها عليه ثلاث مرّات هذا التلقين » (٣) ويذكر الأئمة بأسمائهم على هذه الرواية فيقول : علي إمامك والحسن إمامك إلى آخر الأئمة .

أو ما في رواية ابن عمّار : « ثم تضع يدك اليسرى على عضده الأيسر وتحرّكه تحريكاً شديداً ، ثم تقول : يا فلان بن فلان ! إذا سُئلت فقل : الله ربي ، ومحمد صلّى الله عليه وﺁله نبيّي ، والإِسلام ديني ، والقرآن كتابي ، وعلي إمامي ـ حتى يستوفي الأئمة ـ ثم تعيد عليه القول ، ثم تقول : أفهمت يا فلان ـ وقال ـ : فإنه يجيب ويقول : نعم ، ثم تقول : ثبّتك الله بالقول الثابت وهداك الله إلى صراط مستقيم ، عرّف الله بينك وبين أوليائك في مستقر رحمته ، ثم تقول : اللهم جاف الأرض » (٤) إلى آخره .

أو ما في مرسلة الفقيه عن سالم : « ثم تدخل يدك اليمنى تحت منكبه الأيمن ، وتضع يدك اليسرى على منكبه الأيسر ، وتحرّكه تحريكاً شديداً وتقول : يا فلان بن فلان ! الله ربك ، ومحمد صلّى الله عليه وﺁله نبيّك ، والإِسلام دينك ، وعلي وليك وإمامك ، وتسمّي الأئمة عليهم السلام واحداً واحداً إلى آخرهم

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٩٥ الجنائز ب ٦٤ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ١٧٤ أبواب الدفن ب ٢٠ ح ٣ .

(٢) التهذيب ١ : ٤٥٦ / ١٤٨٩ وفيه : اُذنيه .

(٣) الكافي ٣ : ١٩٥ الجنائز ب ٦٤ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣١٧ / ٩٢٣ ، الوسائل ٣ : ١٧٤ أبواب الدفن ب ٢٠ ح ٤ .

(٤) التهذيب ١ : ٤٥٧ / ١٤٩٢ ، الوسائل ٣ : ١٨٠ أبواب الدفن ب ٢١ ح ٦ .

٣٠٣
 &

أئمتك أئمة هدى أبرار ، ثم تعيد عليه التلقين مرة بعد اُخرى » (١) الحديث .

وله الجمع بين جميع الروايات فيلقّن بالجميع ، وأن يلقّن في كلّ مرة بواحد منها ، فإنه يستحب تكرير التلقين ثلاثاً ، كما صرّح به في بعض الروايات المتقدمة ، وله الزيادة بكلّ ما يناسب المقام ، كما فعله شيخنا المجلسي في التلقين الذي ذكره في زاد المعاد ، وهو يتضمّن التكرار بالمرّات الثلاث أيضاً (٢) .

ويستحب فيه أن يكون الملقّن هو الولي ، وأن يدني فمه إلى اُذنه ، وأن يضع يده على منكبه الأيسر واليمنى تحت منكبه الأيمن ، كما صرّح بكل ذلك فيما مرّ من الروايات .

وأمّا وضع اليد على الاُذن ـ كما في رواية أبي بصير ـ فلم يعلم استحبابه ؛ لاختلاف العبارة فيها ، كما عرفت (٣) .

ولو لم يباشر الولي فالأولى أن يكون بإذنه .

هذا ، ولو لقّن مع ما ذكر كلّ أحد بلسانه أيضاً كان أولى وأتم .

ثم إنّ هذا التلقين هو التلقين الثاني ، وقيل : هو الثالث بناءً على ما ذكره من استحبابه عند التكفين أيضاً . ولم نعثر له على مستند . والأول ما مرّ من تلقين الاحتضار ، والثالث ما يأتي من التلقين بعد تسوية القبر .

ومنها : خروج الملحّد ـ بل كلّ داخل ـ من قبل الرجلين مطلقاً ؛ للمعتبرة الدالّة على أنه باب القبر (٤) ، وخبري السكوني وسهل :

الأول : « من دخل القبر فلا يخرج إلّا من قبل الرجلين » (٥) .

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٠٨ / ٥٠٠ ، الوسائل ٣ : ١٧٩ أبواب الدفن ب ٢١ ح ٥ .

(٢) زاد المعاد : ٥٦٤ .

(٣) راجع ص ٣٠٣ .

(٤) الوسائل ٣ : ١٨١ أبواب الدفن ب ٢٢ .

(٥) الكافي ٣ : ١٩٣ الجنائز ب ٦٢ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٣١٦ / ٩١٧ ، الوسائل ٣ : ١٨٣ أبواب الدفن ب ٢٣ ح ١ .

٣٠٤
 &

والثاني : « يدخل الرجل القبر من حيث شاء ، ولا يخرج إلّا من قبل رجليه » (١) .

خلافاً للإِسكافي في المرأة ، فيخرج من عند راسها ؛ للبعد من العورة (٢) . والإِطلاقات عليه حجة .

ومقتضى الأخير : التخيير في الدخول ، وبه يخصّص إشعار المعتبرة المذكورة ، ففتوى المنتهى بكونه كالخروج (٣) ، لها مدخولة .

ومن مكروهات الدفن : دفن اثنين في قبر واحد ؛ لمرسلة الشيخ في المبسوط من قولهم : « لا يدفن في قبر واحد اثنان » (٤) .

وخلوّه عن النهي ، وضعفه ، وعدم القول بالحرمة أوجب الاستدلال به على الكراهة .

وتنتفي مع الضرورة ؛ لقول النبي صلّى الله عليه وﺁله للأنصار يوم اُحد : « اجعلوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد ، وقدّموا أكثرهم قرآناً » (٥) أي اجعلوه في القبلة .

هذا في الابتداء ، وأمّا مع سبق أحدهما في الدفن فظاهر الأكثر : الحرمة ، بل عن الشهيد إجماع المسلمين عليه (٦) ؛ لحرمة النبش ، وسَبْقِ حقّ الأول .

وفيهما نظر ؛ لأنّ حرمته لا تنافي جواز الدفن بعد النبش ، وسبق الحق فرع وجوب اختصاصه بالدفن ، إلّا أن يراد حق أولياء الميت حيث تصرّفوا فيه ، فتأمل .

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٩٣ الجنائز ب ٦٢ ح ٥ ، الوسائل ٣ : ١٨٤ أبواب الدفن ب ٢٣ ح ٢ .

(٢) حكاه عنه في الذكرى : ٦٧ .

(٣) المنتهى ١ : ٤٦٠ .

(٤) المبسوط ١ : ١٥٥ .

(٥) سنن أبي داود ٣ : ٢١٤ / ٣٢١٥ .

(٦) الذكرى : ٦٤ .

٣٠٥
 &

والظاهر أن لأجل ذلك أفتى الشيخ في النهاية بالكراهة (١) .

وكيف كان فليس السَرَب المعدّ لوضع الأموات من هذا القبيل ؛ لعدم صدق النبش فيه .

المقام الرابع : فيما يتعلق بما بعد الدفن .

وهو اُمور كلّها مستحبة :

منها : إهالة الحاضرين وصبّهم التراب في قبره بعد خروجه منه ؛ للمستفيضة ، كحسنة داود ، وفيها : فلما أدخل الميت لحده قام فحثا عليه التراب ثلاث مرات بيده (٢) .

وفي حسنة ابن مسلم : فحثا عليه ممّا يلي رأسه ثلاثاً بكفه (٣) .

بظهر الكفين معاً ؛ لخبر ابن الأصبغ : فحثا التراب على القبر بظهر كفيه (٤) .

والمروي في الهداية : « ثم احثُ التراب عليه ثلاث مرّات بظهر كفيك » (٥) .

وفي الرضوي : « ثم احثُ التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرّات » (٦) .

وبها يقيد إطلاق الاُوليين .

وأمّا ما في حسنة ابن اُذنية أو صحيحته : رأيت الصادق عليه السلام يطرح التراب على الميت ، فيمسكه ساعة في يده ثم يطرحه ، ولا يزيد على ثلاث أكف ، فسألته عن ذلك ، أي الإِمساك [ فقال : « يا عمر ] كنت أقول : إيماناً بك » (٧) ، إلى

__________________

(١) النهاية : ٤٤ .

(٢) الكافي ٣ : ١٩٨ الجنائز ب ٦٦ ح ١ ، الوسائل ٣ : ١٨٩ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ١ .

(٣) الكافي ٣ : ١٩٨ الجنائز ب ٦٦ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٣١٩ / ٩٢٧ ، الوسائل ٣ : ١٩٠ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٣ .

(٤) التهذيب ١ : ٣١٨ / ٩٢٥ ، الوسائل ٣ : ١٩١ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٥ .

(٥) الهداية : ٢٧ .

(٦) فقه الرضا (ع) : ١٧١ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٣٣٤ أبواب الدفن وما يناسبه ب ٢٨ ذح ٣ .

(٧) الكافي ٣ : ١٩٨ الجنائز ب ٦٦ ح ٤ ، الوسائل ٣ : ١٩٠ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٢ ، وما بين

=

٣٠٦
 &

آخره ، فلا ينافي ما مرّ صريحاً ؛ لجواز كون الإِمساك في ظهر اليد وإن كان الباطن أظهر .

ثلاثاً ؛ للتصريح به في الروايات .

ولا يستحب الزائد ؛ للأصل ، فما عن الذكرى أنّ الثلاثة هي الأقل (١) ، لا وجه له .

وهل يتّصف الأقلّ منها بالاستحباب وإن كان الثلاثة أفضل ؟ فيه نظر ، وصرّح والدي ـ رحمه الله ـ بالعدم .

وينبغي أن لا يهيل عليه ذو رحم ؛ لموثّقة زرارة : « ومن كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب ، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وﺁله نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته التراب » (٢) .

ومنها : رشّ القبر بالماء ، إجماعاً محقّقاً ومنقولاً مستفيضاً (٣) ، وتكاثرت عليه الروايات جدّاً ، بل تواترت .

وفي مرسلة ابن أبي عمير : « يتجافىٰ عنه العذاب ما دام الندى في التراب » (٤) .

وفي مرسلة الصدوق في الهداية : « إن الرشّ بالماء على القبر حسن » قال : يعني كل وقت (٥) .

__________________

=

المعقوفين من المصدر .

(١) الذكرى : ٦٧ .

(٢) الكافي ٣ : ١٩٩ الجنائز ب ٦٦ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣١٩ / ٩٢٨ ، العلل : ٣٠٤ / ١ ، الوسائل ٣ : ١٩١ أبواب الدفن ب ٣٠ ح ١ ، وفي الجميع : عن عبيد بن زرارة . . .

(٣) كما في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤ ، والمنتهى ١ : ٤٦٣ ، ومجمع الفائدة ٢ : ٤٨٥ ، والمدارك ٢ : ١٤٤ وفيه : لا خلاف فيه .

(٤) الكافي ٣ : ٢٠٠ الجنائز ب ٦٧ ح ٦ ، العلل : ٣٠٧ / ١ ، الوسائل ٣ : ١٩٦ أبواب الدفن ب ٣٢ ح ٢ .

(٥) الهداية : ٢٨ .

٣٠٧
 &

ومنه يظهر عدم اختصاص استحبابه بحال الدفن .

وفي اختيار الرجال للكشي : أمر مولانا أبو الحسن الرضا عليه السلام برشّ الماء على قبر زميله محمد بن الحباب أربعين شهراً أو أربعين يوماً ، في كل يوم مرة (١) .

والأفضل في كيفية الرشّ أن يجعل الراشّ القبر أمامه في جانب القبلة ، فيبدأ من جانب الرأس ، ويرشّ الماء دوراً ، بأن يديره على الجوانب الأربع متّصلاً حتى يصل إلى موضع الشروع ، ثم يصبّ على الوسط ، كما في خبر النميري والرضوي :

الأول : « السنة في رشّ الماء على القبر أن يستقبل القبلة ويبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل ، ثم يدور على القبر من الجانب الآخر ، ثم يرش على وسط القبر ، فذلك السنة » (٢) .

والثاني : « فإذا استوى قبره فصب عليه ماءً ، وتجعل القبر أمامك وأنت مستقبل القبلة ، وتبدأ يصب الماء من عند رأسه ، وتدور على القبر من أربع جوانب القبر حتى ترجع من غير أن تقطع الماء ، فإن فضل من الماء شي‌ء فصبّه على وسط القبر » (٣) .

ومنها : وضع الحاضرين أيديهم عليه بعد رشّه ؛ بالإِجماع ـ كما عن المحقّق (٤) ـ والمستفيضة من النصوص (٥) :

مفرّجة الأصابع ، مؤثّرة في التراب ، كما ورد في الأخبار :

__________________

(١) رجال الكشي ٢ : ٦٨٥ ، والظاهر وقوع تقديم وتأخير في بعض الألفاظ ، فإن المستفاد من المصدر أن أبا الحسن الرضا عليه السلام أمر برشّ الماء على قبر يونس بن يعقوب وهو زميل محمد بن الحباب .

(٢) التهذيب ١ : ٣٢٠ / ٩٣١ ، الوسائل ٣ : ١٩٥ أبواب الدفن ب ٣٢ ح ١ .

(٣) فقه الرضا (ع) : ١٧١ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٣٣٦ أبواب الدفن وما يناسبه ب ٣٠ ح ٢ بتفاوت يسير .

(٤) المعتبر ١ : ٣٠٢ .

(٥) الوسائل ٣ : ١٩٧ أبواب الدفن ب ٣٣ .

٣٠٨
 &

ففي صحيحة زرارة : « فإذا حُثي عليه التراب فضع كفّك على قبره عند رأسه ، وفرّج أصابعك ، واغمز كفك عليه بعد ما ينضح بالماء » (١) ونحوها حسنتها (٢) .

مستقبل القبلة ؛ للرضوي ، وفيه بعد الأمر بالرشّ وآدابه : « ثم ضع يدك على القبر وأنت مستقبل القبلة ، وقل : اللهم ارحم غربته ، وصل وحدته ، وآنس وحشته ، وآمن روعته ، وأفض عليه من رحمتك ، وأسكن إليه من برد عفوك وسعة غفرانك ورحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك ، واحشره مع من كان يتولّاه . ومتى ما زرت قبره فادع له بهذا الدعاء وأنت مستقبل القبلة ويداك على القبر » (٣) وتؤيده مضمرة البصري (٤) .

داعياً بما في الرضوي ، أو بما في حسنة ابن مسلم : ثم بسط كفه على القبر وقال : « اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، وأصعد إليك روحه ، ولقّه منك رضواناً ، وأسكن قبره من رحمتك ما تغنيه [ به ] عن رحمه من سواك » (٥) .

ويتأكّد استحباب ذلك الوضع لمن لم يحضر الصلاة ، كما صرّح به والدي رحمه الله أيضاً ؛ لخبر إسحاق : إنّ أصحابنا يصنعون شيئاً : إذا حضروا الجنازة ودفن الميت لم يرجعوا حتى يمسحوا أيديهم على القبر ، أفسنّة ذلك أم بدعة ؟ فقال : « ذلك واجب على من لم يحضر الصلاة عليه » (٦) .

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٥٧ / ١٤٩٠ ، الوسائل ٣ : ١٩٧ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ١ .

(٢) الكافي ٣ : ٢٠٠ الجنائز ب ٦٧ ح ٨ ، الوسائل ٣ : ١٩٦ أبواب الدفن ب ٣٢ ح ٤ .

(٣) فقه الرضا (ع) : ١٧٢ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٣٣٨ أبواب الدفن وما يناسبه ب ٣١ ح ٢ وفيه صدر الحديث .

(٤) الكافي ٣ : ٢٠٠ الجنائز ب ٦٧ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٦٢ / ١٥٠٨ ، الوسائل ٣ : ١٩٨ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ٥ .

(٥) الكافي ٣ : ١٩٨ الجنائز ب ٦٦ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٣١٩ / ٩٢٧ ، الوسائل ٣ : ١٩٠ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٣ ، وما بين المعقوفين من المصدر .

(٦) التهذيب ١ : ٤٦٢ / ١٥٠٦ ، الوسائل ٣ : ١٩٧ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ٢ .

٣٠٩
 &

والمراد بالوجوب تأكّد الاستحباب ، فلا ينافي ثبوت مرتبة منه لمن حضرها أيضاً .

وعلى نفي مرتبة التأكد أيضاً يحمل خبر محمد بن إسحاق ، وفيه : « وإنما ذلك لمن لم يدرك الصلاة عليه ، وأما من أدرك الصلاة فلا » (١) .

ولا تنافيه أيضاً حسنة زرارة : « كان رسول الله صلّى الله عليه وﺁله يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئاً لا يصنعه بأحد من المسلمين : كان إذا صلّى على الهاشمي ونضح قبره بالماء وضع رسول الله صلّى الله عليه وﺁله كفه على القبر حتى ترى أصابعه في الطين ، فكان الغريب يقدم أو المسافر من أهل المدينة ، فيرى القبر الجديد عليه أثر كف رسول الله صلّى الله عليه وﺁله : فيقول : من مات من آل محمد ؟ » (٢) .

إذ لعلّه صلّى الله عليه وﺁله كان يترك ذلك الوضع في قبر غير الهاشمي لتعرف قبور الهاشميين ، أو المراد أنّ الوضع عليه بحيث يرى أثر أصابعه المقدسة كان مختصاً ببني هاشم ، مع أنّ عدم الاستحباب في بعض أزمنة الرسول لا ينافي تحقّقه بعده .

وعلى هذا فالقول باختصاص ذلك ببني هاشم وعدم جوازه في غيرهم ، وعدّه بدعة ـ كما عن محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم في كتاب علله (٣) ـ عليل .

ومنها : تلقينه ثالثاً بعد انصراف الناس ، بإجماعنا المحقّق والمحكي مستفيضاً عن الغنية والمعتبر والمنتهى ونهاية الإِحكام والتذكرة (٤) ؛ للمستفيضة :

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٦٧ / ١٥٣٢ ، الوسائل ٣ : ١٩٨ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ٣ .

(٢) الكافي ٣ : ٢٠٠ الجنائز ب ٦٧ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٤٦٠ / ١٤٩٨ ، الوسائل ٣ : ١٩٨ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ٤ .

(٣) نقله عنه في البحار ٧٩ : ٢٢ / ٦ .

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤ ، والمعتبر ١ : ٣٠٣ ، والمنتهى ١ : ٤٦٣ ، ونهاية الاحكام ٢ : ٢٧٩ ، والتذكرة ١ : ٥٣ .

٣١٠
 &

منها : رواية يحيى بن عبد الله : « ما على [ أهل الميت ] (١) منكم أن يدرءوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير ؟ » قلت : كيف يصنع ؟ قال : « إذا اُفرد الميت فليتخلّف عنده أولى الناس به ، فيضع فمه عند رأسه ، ثم ينادي بأعلى صوته : يا فلان بن فلان ، أو يا فلانة بنت فلان ! هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله سيد النبيين ، وأنّ علياً أمير المؤمنين عليه السلام وسيد الوصيين ، وأنّ ما جاء به محمد صلّى الله عليه وﺁله حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ البعث حقّ ، وأنّ الله يبعث من في القبور ؟ » قال : « فيقول منكر لنكير : انصرف بنا عن هذا فقد لقّن حجته » (٢) .

وخبر جابر : « ما على أحدكم إذا دفن ميته وسوّى عليه وانصرف عن قبره أن يتخلّف عند قبره ؟ ثم يقول : يا فلان بن فلان [ أ ] أنت على العهد الذي عهدناك به من شهادة أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمداً صلّى الله عليه وﺁله رسول الله ، وأنّ علياً أمير المؤمنين عليه السلام إمامك ، وفلان ، وفلان ـ حتى يأتي إلى آخرهم ـ ؟ فإنه إذا فعل ذلك قال أحد الملكين لصاحبه : قد كفينا الوصول إليه ومسألتنا إيّاه ، فإنه قد لقّن ، فينصرفان عنه ولا يدخلان إليه » (٣) .

والرضوي : « يستحب أن يتخلّف عند رأسه أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه ، ويقبض على التراب بكفيه ويلقنه برفع صوته » (٤) إلى آخره ، ومثله في العلل (٥) .

__________________

(١) في النسخ الثلاث : أهل بيت ، وما أثبتناه موافق للمصادر .

(٢) الكافي ٣ : ٢٠١ الجنائز ب ٦٧ ح ١١ ، الفقيه ١ : ١٠٩ / ٥٠١ ، التهذيب ١ : ٣٢١ / ٩٣٥ ، الوسائل ٣ : ٢٠٠ أبواب الدفن ب ٣٥ ح ١ .

(٣) التهذيب ١ : ٤٥٩ / ١٤٩٦ ، الوسائل ٣ : ٢٠١ أبواب الدفن ب ٣٥ ح ٢ ، وما بين المعقوفين من المصدر .

(٤) فقه الرضا (ع) : ١٧٢ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٣٤١ أبواب الدفن وما يناسبه ب ٣٣ ح ١ .

(٥) علل الشرائع : ٣٠٨ / ١ .

٣١١
 &

ومقتضى أكثرها : أن يكون ذلك التلقين بالصوت العالي ، كما عن الوسيلة والجامع والإِشارة والتحرير (١) ، بل بأعلى صوته ، كما في الاُولى ، وعن الشيخين (٢) ، وجماعة (٣) .

وأن يكون الملقّن هو الولي ، كما خصّ به في النافع والشرائع والقواعد والإِرشاد والمنتهى (٤) ، مجوّزاً في الأخير أحداً من المؤمنين إن لم يوجد الولي ، وزاد جماعة : أو من يأمره (٥) ، بل عن الذكرى الوفاق عليه (٦) . وجوّز بعضهم غيره مطلقاً (٧) ؛ لوجود الفائدة . وفيه نظر .

والأحوط مباشرة الولي إن أمكن .

وفي استقبال القبلة حين التلقين كما في القواعد وعن السرائر (٨) ، واستدبارها كما عن الحلبي والقاضي وابن سعيد (٩) ، قولان ، ودليل كلّ منهما غير مثبت له ، فالتخيير أحسن .

__________________

(١) الوسيلة : ٦٩ ، وفيها : ورفع صوته بالتلقين ، الجامع للشرائع : ٥٥ ، الاشارة : ٧٨ ، التحرير ١ : ٢٠ .

(٢) المفيد في المقنعة : ٨٢ ، الشيخ في النهاية : ٣٩ .

(٣) منهم العلامة في المنتهى ١ : ٤٦٣ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٩٠ ، ٤٩٢ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٣٦ .

(٤) المختصر النافع : ١٤ ، الشرائع ١ : ٤٣ ، القواعد ١ : ٢١ ، الإِرشاد ١ : ٢٦٤ ، المنتهى ١ : ٤٦٣ .

(٥) الشهيد الأول في الذكرى : ٦٨ ، الكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٤٤ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٣٧ .

(٦) الذكرى : ٦٨ .

(٧) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٩١ .

(٨) القواعد ١ : ٢١ ، والسرائر ١ : ١٦٥ .

(٩) الحلبي في الكافي في الفقه : ٢٣٩ ، القاضي في المهذب ١ : ٦٤ ، ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٥ .

٣١٢
 &

وظاهر الثمرة المذكورة في بعض الأخبار (١) من كفاية المسألة وإن كان ظاهراً في المكلف ، ولكنه لا يوجب تخصيص ظاهر الإِطلاق ، فالتعميم أولى .

ومنها : التعزية ، وهي مستحبة إجماعاً محقّقاً ومحكياً (٢) ، واعتباراً ، ونصاً مستفيضاً (٣) ، بل متواتراً .

والمراد بها حمل المصاب على الصبر ، وطلب التسلّي منه .

وهو يتحقّق بكلّ لفظ يفيده لكل مصاب ولو كان صغيراً أو اُنثى ـ كما صرّح بها في الروايات ـ ما لم يخف في الأخير افتتاناً ، أو لم يوجب اتّهاماً .

وأقلّ التعزية : الرؤية ، كما في القواعد وعن المبسوط والسرائر والمعتبر (٤) ؛ لمرسلة الصدوق : « كفاك من التعزية أن يراك صاحب المصيبة » (٥) .

وهي تكون قبل الدفن وبعده ، بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهى (٦) ؛ لصحيحة هشام : « رأيت الكاظم عليه السلام يعزّى قبل الدفن وبعده » (٧) .

وبعده أفضل ، كما عن الخلاف والاستبصار والمعتبر والتذكرة (٨) ؛ لمراسيل ابن أبي عمير (٩) والبرقي (١٠) والفقيه (١١) ، ويؤكّده بعض الاعتبارات .

__________________

(١) وهو خبر جابر المتقدم في ص ٣١١ .

(٢) كما في نهاية الإِحكام ٢ : ٢٩٠ ، ومجمع الفائدة ٢ : ٤٩٣ ، ومفاتيح الشرائع ٢ : ١٧٥ .

(٣) الوسائل ٣ : ٢١٣ أبواب الدفن ب ٤٦ .

(٤) القواعد ١ : ٢١ ، المبسوط ١ : ١٨٩ ، وانظر السرائر ١ : ١٧٢ ، المعتبر ١ : ٣٤١ .

(٥) الفقيه ١ : ١١٠ / ٥٠٥ ، الوسائل ٣ : ٣١٦ أبواب الدفن ب ٤٨ ح ٤ .

(٦) المنتهى ١ : ٤٦٥ .

(٧) الكافي ٣ : ٢٠٥ الجنائز ب ٧٠ ح ٩ ، الفقيه ١ : ١١٠ / ٥٠٣ ، التهذيب ١ : ٤٦٣ / ١٥١٦ ، الاستبصار ١ : ٢١٧ / ٧٦٩ ، الوسائل ٣ : ٢١٥ أبواب الدفن ب ٤٧ ح ١ .

(٨) الخلاف ١ : ٧٢٩ ، والاستبصار ١ : ٢١٨ ، والمعتبر ١ : ٣٤٢ ، والتذكرة ١ : ٥٦ .

(٩) الكافي ٣ : ٢٠٤ الجنائز ب ٧٠ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٤٦٣ / ١٥١٢ ، الاستبصار ١ : ٢١٧ / ٧٧٠ ، الوسائل ٣ : ٢١٦ أبواب الدفن ب ٤٨ ح ١ .

(١٠) الكافي ٣ : ٢٠٤ الجنائز ب ٧٠ ح ٤ ، الوسائل ٣ : ٢١٦ أبواب الدفن ب ٤٨ ح ٣ .

(١١) الفقيه ١ : ١١٠ / ٥٠٤ ، الوسائل ٣ : ٢١٦ أبواب الدفن ب ٤٨ ح ٤ .

٣١٣
 &

ولا حدّ لزمانها عند الحلّي والكركي (١) وجماعة ؛ لعموم الأدلة . فيستحب كلّ وقت إلّا إذا أدّت إلى تجديد حزن منسي ، فتركها أولى .

وعن الكافي (٢) والحلبي (٣) والشهيد (٤) وأكثر المتأخّرين : التحديد بثلاثة أيام ؛ لما دلّ من أنّ المأتم أو الحِداد أو صنع الطعام لأهل الميت ثلاثة أيام (٥) .

ولا دلالة فيها وإن كان المأتم بمعنى الاجتماع في الموت . نعم يدلّ على جواز الاجتماع والجلوس لهم في الثلاثة .

وكره في المبسوط الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة ، وادّعى عليه الإِجماع (٦) .

ولا دليل له ، وإجماعه معارض بقول الحلّي من أنه لم يذهب إليه أحد من أصحابنا ، وأنه من فروع المخالفين (٧) .

ولا ينبغي تعزية غير المؤمن ، بل صرّح في المنتهى بحرمته (٨) ، وهو الأظهر ؛ للأمر باجتنابهم .

ومنها : أن يصنع لأهل المصيبة طعام ويبعث إليهم ، بالإِجماع كما في شرح القواعد (٩) واللوامع ، وباتّفاق العلماء كما في المنتهى (١٠) .

ثلاثة أيام ، بالإِجماع ، كما في الثاني ؛ له ، وللمستفيضة المصرّحة بذلك :

__________________

(١) الحلي في السرائر ١ : ١٧٣ ، والكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٤٦ .

(٢) لم نعثر في فروع الكافي على ما يدل على التحديد المذكور . نعم قد نقلت فيه الروايات التي تدل على اتخاذ الطعام وصنع المأتم ثلاثة أيام . ( ج ٣ : ٢١٧ ) . ويحتمل أن العبارة في الأصل قد كانت هكذا : وعن الكافي للحلبي .

(٣) الكافي في الفقه ١ : ٢٤٠ .

(٤) الذكرى : ٧٠ ، والبيان : ٨٠ .

(٥) الوسائل ٣ : ٢٣٥ أبواب الدفن ب ٦٧ وص ٢٧١ ب ٨٢ .

(٦) المبسوط ١ : ١٨٩ .

(٧) السرائر ١ : ١٧٣ .

(٨) المنتهى ١ : ٤٦٥ .

(٩) جامع المقاصد ١ : ٤٤٦ .

(١٠) المنتهى ١ : ٤٦٦ .

٣١٤
 &

منها : الرضوي : « والسنّة في أهل المصيبة أن يتّخذ لهم ثلاثة أيام طعام ، لشغلهم بالمصيبة » (١) .

ومرسلة الفقيه : « ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام عنه ثلاثة أيام » (٢) .

ومقتضى الأخير : أفضليته للجيران ، وزاد في المنتهى : الأقرباء (٣) ، ويثبته أمر النبي صلّى الله عليه وﺁله البتول باتّخاذ الطعام في مأتم جعفر (٤) .

ويجوز للميت الوصية بمال لإِطعام أهل المأتم ؛ لوصية مولانا الباقر عليه السلام ، كما في حسنة حريز (٥) ، بل فيها إشعار باستحبابها ، فهي كسائر الوصايا نافذة .

ويكره الأكل عند أهل المأتم ، كما صرّح به جماعة (٦) ؛ لمرسلة الصدوق : « إنّ الأكل عند أهل المصيبة من عمل أهل الجاهلية ، والسنّة البعث إليهم بالطعام » (٧) .

وظاهر الإِطلاق الكراهة ولو ممّا اُهدي إليهم ولا يختص بطعامهم ، كما في اللوامع .

وصرّح في المنتهى بعدم استحباب اتّخاذ أهل المصيبة طعاماً ويجمعوا الناس

__________________

(١) فقه الرضا (ع) : ١٧٢ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٣٨٠ أبواب الدفن وما يناسبه ب ٥٦ ح ٤ .

(٢) الفقيه ١ : ١١٠ / ٥٠٩ ، الوسائل ٣ : ٢٣٧ أبواب الدفن ب ٦٧ ح ٥ .

(٣) المنتهى ١ : ٤٦٦ .

(٤) الكافي ٣ : ٢١٧ الجنائز ب ٧٩ ح ١ ، الفقيه ١ : ١١٦ / ٥٤٩ ، المحاسن : ٤١٩ / ١٩١ ، الوسائل ٣ : ٢٣٥ أبواب الدفن ب ٦٧ ح ١ .

(٥) الكافي ٣ : ٢١٧ الجنائز ب ٧٩ ح ٤ ، الفقيه ١ : ١١٦ / ٥٤٦ ، الوسائل ٣ : ٢٣٨ أبواب الدفن ب ٦٨ ح ١ .

(٦) منهم الكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٤٦ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٥٠٩ ، والفيض في مفاتيح الشرائع ٢ : ١٧٥ ، وصاحب الحدائق ٤ : ١٥ .

(٧) الفقيه ١ : ١١٦ / ٥٤٨ ، الوسائل ٣ : ٢٣٧ أبواب الدفن ب ٦٧ ح ٦ .

٣١٥
 &

عليه ، إلّا ان دعت الحاجة إليه ، كما لو حضر أهل الأماكن البعيدة وباتوا عندهم (١) .

ولنختم هذا الفصل بمسائل ثلاث :

المسألة الاُولى : إذا مات ولد الحامل في بطنها فإن أمكن التوصّل إلى إسقاطه صحيحاً بعلاج فعل ، وإلّا اُخرج صحيحاً إن أمكن ، وإلّا قطع واُخرج بالأرفق فالأرفق ، إجماعاً ، كما عن الخلاف (٢) .

وتتولّى ذلك النساء ، فإن تعذّر فالرجال المحارم ، فإن تعذّر جاز أن يتولّاه غيرهم ؛ للضرورة .

وخبر وهب : « إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرّك شقّ بطنها ويخرج الولد » وقال في المرأة يموت في بطنها الولد فيتخوف عليها ، قال : « لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه ويخرجه » (٣) .

ومثله خبره الآخر ، إلّا أن في آخره : « إذا لم ترفق به النساء » (٤) .

والرضوي : « وإن مات الولد في جوفها ولم يخرج ، أدخل إنسان يده في فرجها وقطع الولد بيده وأخرجه » (٥) .

هذا إذا علم موت الولد ، وإلّا يصبر حتى يتبيّن .

ولو ماتت هي والولد حي في بطنها ، فإن أمكن إخراجه بدون الشقّ فعل ، وإلّا شقّ بطنها واُخرج ، إجماعاً ، وعن الخلاف : عدم معرفة خلاف فيه (٦) .

والنصوص به مستفيضة :

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٦٦ .

(٢) الخلاف ١ : ٧٣٠ .

(٣) الكافي ٣ : ١٥٥ الجنائز ب ٢٦ ح ٣ ، الوسائل ٢ : ٤٧٠ أبواب الاحتضار ب ٤٦ ح ٣ .

(٤) الكافي ٣ : ٢٠٦ الجنائز ب ٧٢ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٤٤ / ١٠٠٨ ، قرب الإِسناد : ١٣٦ / ٤٧٨ .

(٥) فقه الرضا (ع) : ١٧٤ ، مستدرك الوسائل ٢ : ١٤٠ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ١ .

(٦) الخلاف ١ : ٧٢٩ .

٣١٦
 &

منها : الخبر المتقدم (١) .

وموثّقة علي : في المرأة تموت وولدها في بطنها يتحرّك ، قال : « يشقّ بطنها ويخرج منه ولدها » (٢) . وقريبة منها صحيحته (٣) وخبر ابن أبي حمزة (٤) .

وليكن الشقّ عن الأيسر ، كما عن الفقيه والمقنعة والنهاية والمبسوط والسرائر والجامع والشرائع والنافع والتحرير والمنتهى والتلخيص ونهاية الإِحكام (٥) ، وغيرها ؛ للرضوي ـ المنجبر بعمل هؤلاء ـ : « إذا ماتت المرأة وهي حاملة وولدها يتحرّك في بطنها شقّ من الجانب الأيسر واُخرج الولد » (٦) الخبر .

ويخاط الشقّ بعدها كما عن الكتب الستة الاُولى (٧) ، والمهذب (٨) ؛ لمرسلة ابن أبي عمير ، وفيها : « ويخاط بطنها » (٩) .

وفي دلالتها على الوجوب نظر ، والاستحباب ـ كما في المدارك (١٠) ـ أظهر ، وإن كان الأول ظاهر فتاوى من مرّ .

ولا يختص الشقّ والإِخراج بصورة تحرك الولد ـ كما سُئل عنه في أكثر ما‌

__________________

(١) في ص ٣١٦ وهو خبر وهب .

(٢) الكافي ٣ : ١٥٥ الجنائز ب ٢٦ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٤٣ / ١٠٠٥ ، الوسائل ٢ : ٤٧٠ أبواب الاحتضار ب ٤٦ ح ٢ ، وفي جميع المصادر لا توجد كلمة : يتحرك .

(٣) التهذيب ١ : ٣٤٣ / ١٠٠٤ ، الوسائل ٢ : ٤٧١ أبواب الاحتضار ب ٤٦ ح ٦ .

(٤) الكافي ٣ : ١٥٥ الجنائز ب ٢٦ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٤٤ / ١٠٠٦ ، الوسائل ٢ : ٤٧٠ أبواب الاحتضار ب ٤٦ ح ٤ .

(٥) الفقيه ١ : ٩٧ المقنعة ٨٧ ، النهاية : ٤٢ ، المبسوط ١ : ١٨٠ ، السرائر ١ : ١٦٩ ، الجامع للشرائع : ٤٩ ، الشرائع ١ : ٤٤ ، المختصر النافع : ١٥ ، التحرير ١ : ٢٠ ، المنتهى ١ : ٤٣٥ ، نهاية الاحكام ٢ : ٢٨١ .

(٦) فقه الرضا (ع) : ١٧٤ ، مستدرك الوسائل ٢ : ١٤٠ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ١ .

(٧) وهي : الفقيه والمقنعة والنهاية والمبسوط والسرائر والجامع ، ولكن لم نعثر عليه في الفقيه .

(٨) المهذب ٢ : ٥٥ .

(٩) الكافي ٣ : ٢٠٦ الجنائز ب ٧٢ ح ١ ، الوسائل ٢ : ٤٦٩ أبواب الاحتضار ب ٤٦ ح ١ .

(١٠) مدارك الأحكام ٢ : ١٥٨ .

٣١٧
 &

سبق ـ بل المناط حياته .

ولو شك فيها فالظاهر العمل باستصحاب الحياة وإطلاق بعض الأخبار .

الثانية : جواز البكاء على الميت مجمع عليه ، والنصوص به مستفيضة (١) ، وفي بعضها الأمر به عند شدة الوجد (٢) .

وما في بعض أخبارنا من أن كل بكاء مكروه سوى البكاء على الحسين عليه السلام (٣) مبالغة في عظم أجره .

وما نقل : أن الميت يعذّب ببكاء أهله (٤) ، عامي لا عبرة به ، مع أنه مخالف لنصّ الكتاب ؛ إذ ( لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ) (٥) .

والأشهر الأظهر : جواز النياحة أيضاً ما لم تتضمّن محرّماً من كذب وغيره ، وعليه الإِجماع عن الفاضل (٦) .

لنوح اُمّ سلمة على ابن عمتها بإذن النبي صلّى الله عليه وﺁله ، كما في خبر الثمالي (٧) ، ونسوة المدينة على حمزة بعد قوله صلّى الله عليه وﺁله : « لا بواكي له » كما في مرسلة الفقيه (٨) ، وفاطمة على أبيها ، كما في طرق الفريقين (٩) ، والهاشميات على الحسين عليه السلام ، كما في أخبار كثيرة (١٠) ، ونوح الصادق عليه السلام على

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٢٤١ أبواب الدفن ب ٧٠ .

(٢) الوسائل ٣ : ٢٧٩ أبواب الدفن ب ٨٧ .

(٣) أمالي الطوسي : ١٦٣ .

(٤) كما في صحيح البخاري ٢ : ١٠٠ ، وصحيح مسلم ٢ : ٦٣٨ .

(٥) الأنعام : ١٦٤ .

(٦) المنتهى ١ : ٤٦٦ ، ونهاية الإِحكام ٢ : ٢٨٩ .

(٧) الكافي ٥ : ١١٧ المعيشة ب ٣٥ ح ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٥٨ / ١٠٢٧ ، الوسائل ١٧ : ١٢٥ أبواب ما يكتسب به ب ١٧ ح ٢ .

(٨) الفقيه ١ : ١١٦ / ٥٥٣ .

(٩) من طريق الخاصة : الخصال : ٢٧٢ / ١٥ ، ومن طريق العامة : المغني لابن قدامة ٢ : ٤١١ .

(١٠) الوسائل ١٤ : ٥٩٣ أبواب المزار ب ١٠٤ ، والبحار ٧٩ : ١٠٦ .

٣١٨
 &

ابنة له سنة ، وعلى ابن له سنة ، كما في إكمال الدين (١) ، وأمر مولانا الباقر الصادق عليهما السلام بوقف بعض ماله على النوادب ليندبن له ، كما في صحيحة يونس (٢) ، ونفي البأس عن أجر النائحة مطلقاً ، أو بدون الشرط ، أو بشرط صدقها في قولها ، كما وردت بكلّ الرواية (٣) ، وقوله : « إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ، ولا ينبغي لها أن تقول هجراً » (٤) .

خلافاً للمحكي عن الشيخ وابن حمزة (٥) ، فحرّماها ؛ لأخبار (٦) بين غير دالّة ، وضعيفة ، وعامة بالنسبة إلى بعض ما مرّ من المخصوصات بالصدق أو غير الباطل ، فتخصّص به . مع أنه على فرض التعارض تتساقط أخبار الطرفين ، ويبقى الأصل بلا معارض (٧) .

ولا فرق في الجواز بين النثر والنظم ؛ للأصل ، وورود الأخير في نياح البتول واُم سلمة ، وإستماع الأئمة المراثي .

وأمّا الصراخ ولطم الخدود وشقّ الجيوب والخدش : فيأتي بيانها في مواقعها إن شاء الله .

الثالثة : زيارة القبور مستحبة بالإِجماع ، واستفاضة النصوص (٨) .

وفي بعضها : « من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي موالينا ، يكتب له ثواب

__________________

(١) إكمال الدين : ٧٣ .

(٢) الكافي ٥ : ١١٧ المعيشة ب ٣٥ ح ١ ، التهذيب ٦ : ٣٥٨ / ١٠٢٥ ، الوسائل ١٧ : ١٢٥ أبواب ما يكتسب به ب ١٧ ح ١ .

(٣) الوسائل ١٧ : ١٢٥ أبواب ما يكتسب به ب ١٧ .

(٤) الكافي ١ : ٣٥٨ الحجة ب ٨١ ح ١٧ ، الوسائل ٣ : ٢٤٢ أبواب الدفن ب ٧١ ح ١ .

(٥) الشيخ في المبسوط ١ : ١٨٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٦٩ .

(٦) الوسائل ٣ : ٢٧١ أبواب الدفن ب ٨٣ .

(٧) في « ق » و « ح » : بلا منازع .

(٨) الوسائل ٣ : ٢٢٢ أبواب الدفن ب ٥٤ .

٣١٩
 &

زيارتنا (١) .

ومقتضى إطلاقاتها : الاستحباب للنساء إذا لم تتضمّن مفسدة .

وكرهها لهن الفاضلان (٢) ؛ لقول النبي صلّى الله عليه وﺁله : « لعن الله زوارات القبور » (٣) .

وضعفه مانع عن صلاحية التقييد .

وإطلاقاتها تفيد الاستحباب في كلّ وقت ، ويتأكّد في عشية الخميس ؛ للمروي في كامل الزيارة : « كان رسول الله صلّى الله عليه وﺁله يخرج في ملأ من الناس من أصحابه كل عشية خميس إلى بقيع المدنيّين ، فيقول : السلام عليكم أهل الديار ـ ثلاثاً ـ رحمكم الله » (٤) .

وفي مصباح الزائر : « إذا أردت زيارة المؤمنين فينبغي أن يكون يوم الخميس » (٥) .

وما ورد في خروج البتول في غداة السبت أو الاثنين (٦) ، لا يفيد الاستحباب ، خصوصاً للرجال .

ويستحب للزائر أن يقرأ القدر سبعاً ؛ لرواية محمد بن أحمد : « من أتى قبر

__________________

(١) التهذيب ٦ : ١٠٤ / ١٨١ بتفاوت يسير ، كامل الزيارات : ٣١٩ / ١ ، ٢ ، مصباح الزائر : ١٩٤ ( المخطوط ) ، الوسائل ١٤ : ٥٨٥ أبواب المزار ب ٩٧ ح ١٠ و ١١ .

(٢) المحقق في المعتبر ١ : ٣٣٩ ، وأما العلامة فلم نجد في كتبه ما يدل على قوله بكراهة الزيارة للنساء ، بل صرح في التذكرة ١ : ٥٧ ونهاية الاحكام ٢ : ٢٩٢ بعدم كراهتها لهن ، نعم قد حكاه عنه في الحدائق ٤ : ١٧٢ ، ولعله استظهرها من ابتداء كلامه في المنتهى ١ : ٤٦٧ حيث اختص الاستحباب بالرجال ، ولكنه أثبت عدم الكراهة للنساء بعد أسطر ، فراجع .

(٣) سنن الترمذي ٢ : ٢٥٩ / ١٠٦١ ، المهذب للفيروزآبادي ١ : ١٣٩ ، المغني لابن قدامة ٢ : ٤٣٠ .

(٤) كامل الزيارات : ٣٢٠ / ٦ .

(٥) مصباح الزائر : ١٩٥ ( المخطوط ) .

(٦) الكافي ٣ : ٢٢٨ الجنائز ب ٨٥ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١١٤ / ٥٣٧ ، التهذيب ١ : ٤٦٥ / ١٥٢٣ ، الوسائل ٣ : ٢٢٣ و ٢٢٤ أبواب الدفن ب ٥٥ ح ١ و ٢ .

٣٢٠