مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-78-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

والمروي في الدعائم : « يجعل القطن في مقعدة الميت لئلّا يبدو منه شي‌ء ، ويجعل منه على فرجه وبين رجليه » (١) .

ومقتضى إطلاق الأخبار عدم التقييد بشي‌ء ، وصريح الكتب الثلاثة الأخيرة وظاهر المحكي عن الثلاثة الأول : التقييد بخوف خروج شي‌ء . والأظهر الإِطلاق .

وعن الحلّي أنه منعه وقال : يوضع على حلقة دبره (٢) ، وهو ظاهر الديلمي (٣) ، لمنافاة الحشو للحرمة . وهي ممنوعة .

ولتتمة موثّقة الساباطي في التكفين : « ويجعل على مقعدته شيئاً من القطن » (٤) .

وهي لإِرادة الحشو محتملة ، لمجي‌ء « على » للظرفية . مع أنّه لولاها أيضاً فللحشو غير منافية ، فيحتمل استحبابه أيضاً ، كما عن المقنعة (٥) والمبسوط (٦) والمراسم ، والوسيلة ، والمصباح ، ومختصره ، والإِصباح ، والتحرير (٧) ، والشرائع ، والنافع ، والقواعد (٨) ، فيستحب الأمران ، كما هو ظاهر خبر يونس والدعائم والمضمرة .

ومنه يظهر استحباب الوضع على القُبُل أيضاً ، بل فيه كما عن الإِسكافي (٩) ؛

__________________

(١) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٢ .

(٢) السرائر ١ : ١٦٤ قال : ويحشو القطن على حلقة الدبر وبعض أصحابنا يقول في كتاب له ويحشو القطن في دبره ، والأول أظهر لأنه يجنب الميت كل ما يجنبه الأحياء .

(٣) المراسم : ٤٩ .

(٤) راجع ص ١٦٠ ، ورواها في الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٤ .

(٥) المقنعة : ٧٧ وفيه : يأخذ شيئاً من القطن فيضع عليه شيئاً من الذريرة ويجعله في مخرج النجو .

(٦) المبسوط ١ : ١٧٩ وفيه : فيعمد إلى قطن ويذر عليه شيئاً من الذريرة ويضعه على فرجيه قبله ودبره .

(٧) المراسم : ٤٩ وذكر نحو ما نقلناه عن المبسوط وكذلك في الوسيلة : ٦٦ ومصباح المتهجد : ١٩ والتحرير : ١٨ .

(٨) الشرائع ١ : ٤٠ ، النافع : ١٣ ، القواعد : ١٨ .

(٩) نقل عنه في المختلف : ٤٥ .

١٦١
 &

لمرفوعة سهل : « ويوضع لها القطن أكثر مما يوضع للرجال ، ويحشى القبل والدبر بالقطن والحنوط » (١) الحديث .

ويستحب تحنّط القطن أيضاً كما ظهر من الأخبار .

ومنها : أن يدخل الماء المنحدر منه في حفيرة تجاه القبلة ، فإن لم تكن هناك حفيرة حفرت ، لأنه ماء متقذّر فيحفر له ليؤمن تعدّي قذرة . كذا في المعتبر (٢) . ولحسنة ابن خالد (٣) وصحيحته المتقدّمة (٤) في استقباله .

ومثلها البالوعة ؛ لصحيحة الصفار : هل يجوز أن يغسّل الميت وماؤه الذي يصبّ عليه يدخل إلى بئر كنيف ؟ فوقع عليه السلام : « يكون ذلك في بلاليع » (٥) .

والرضوي : « لا يجوز أن يدخل ما ينصبّ على الميت من غسله في كنيف ، ولكن يجوز أن يدخل في بلاليع لا يبال فيها أو في حفيرة » (٦) .

واشتراط البالوعة بتعذّر الحفيرة ـ كما عن المبسوط ، والنهاية ، والوسيلة والمهذب (٧) ، والتذكرة ، ونهاية الإِحكام (٨) ـ خالٍ عن وجه تامّ .

والمستفاد من الأخير (٩) : اشتراط عدم كون البالوعة معدّةً للبول . ومنه ومن

__________________

(١) هي نفس الرواية المتقدمة التي عبر عنها بالمضمرة فلاحظ .

(٢) المعتبر ١ : ٢٧٨ .

(٣) الكافي ٣ : ١٢٧ الجنائز ب ١١ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٢٨٦ / ٨٣٥ ، الوسائل ٢ : ٤٥٢ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٢ .

(٤) في ص ١٤٦ .

(٥) الكافي ٣ : ١٥٠ الجنائز ب ٢٣ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٨ ، الوسائل ٢ : ٥٣٨ أبواب غسل الميت ب ٢٩ ح ١ .

(٦) فقه الرضا : ١٦٧ .

(٧) المبسوط ١ : ١٧٧ ، النهاية : ٣٣ ، الوسيلة : ٦٥ ، المهذب ١ : ٥٧ .

(٨) التذكرة ١ : ٣٨ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٢٢ .

(٩) يعني به الرضوي .

١٦٢
 &

الثانية ما اشتهر بينهم ـ بل في شرح القواعد وعن الذكرى (١) الإِجماع عليه ـ من كراهة الصبّ في الكنيف المعدّ للبول أو الغائط . وعن الفقيه (٢) عدم الجواز كما هو ظاهر الأخير ، ولكن ضعفه الخالي عن الجابر يمنع عن الفتوى به ، مع احتماله ـ كالفقيه ـ شدة الكراهة .

ومنها : أن ينشف بعد الفراغ بثوب إجماعاً ، كما عن المعتبر ، والتذكرة ، ونهاية الإِحكام (٣) ؛ للمستفيضة كخبر يونس ، المتقدّم (٤) ، وحسنة الحلبي وفيها : « حتى إذا فرغت من تلك جعلته في ثوب ثم جففته » (٥) .

والرضوي : « فإذا فرغت من الغسلة الثالثة فاغسل يديك من المرفقين إلى أطراف أصابعك ، وألق عليه ثوباً تنشف به الماء عنه » (٦) .

ومنها : أن يقف الغاسل عن يمينه ، كما عن النهاية ، والمصباح ومختصره ، والجمل والعقود (٧) ، والمهذب ، والوسيلة ، والسرائر ، والجامع (٨) ، والشرائع ، والنافع ، والغنية (٩) مدّعياً فيه الإِجماع عليه . وهو فيه الحجة للمسامحة ، مؤيّداً بعموم التيامن المندوب في الأخبار (١٠) .

والاستدلال له بخبر عمار : « ولا يجعله بين رجليه في غسله ، بل يقف من

__________________

(١) جامع المقاصد ١ : ٣٧٧ ، الذكرى : ٤٥ .

(٢) الفقيه ١ : ٩١ .

(٣) المعتبر ١ : ٢٧٧ ، التذكرة ١ : ٤٢ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٢٧ .

(٤) في ص ١٣٦ .

(٥) الكافي ٣ : ١٣٨ الجنائز ب ١٨ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٩ / ٨٧٤ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٢ .

(٦) فقه الرضا : ١٦٧ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣ .

(٧) النهاية : ٣٥ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، الجمل والعقود ( الرسال العشر ) : ١٦٥ .

(٨) المهذب ١ : ٥٧ ، الوسيلة : ٦٤ ، السرائر ١ : ١٦٦ ، الجامع : ٥٢ .

(٩) الشرائع ١ : ٣٩ ، النافع : ١٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ .

(١٠) تقدم في مستحبات الوضوء ٢ : ١٦١ نقل روايتين نبويتين دالتين على هذا المضمون فراجع .

١٦٣
 &

جانبه » (١) غير جيّد ؛ لأنّه أعمّ من المدّعى .

نعم ، هو يصلح دليلاً لما عن المقنعة ، والمبسوط ، والمراسم ، والمنتهى (٢) من الاقتصار على الوقوف على الجانب ، ولما ذكره الأكثر ، بل عن الغنية الإِجماع عليه (٣) من كراهة جعله بين رجلي الغاسل .

ولعدم تعيّن كونه نهياً ، واحتمال النفي لا يصلح لإِثبات الزائد عن الكراهة . مع أنّ الحرمة منفية بالإِجماع وخبر ابن سيابة : « لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك وأن تقوم من فوقه فتغسله إذا قلبته يميناً وشمالاً تضبطه برجليك » (٤) الحديث .

وأن يضع خرقة على يده اليسرى حال الغسل ؛ لقوله في ذيل صحيحة ابن مسكان : « اُحبّ لمن غسّل الميت أن يلفّ على يده الخرقة حتى يغسّل » (٥) .

والرضوي : « ويلف الغاسل على يده خرقة » (٦) .

وأن يدعو بالمأثور ، كما هو في الأخبار مذكور (٧) ، وعند الأصحاب مشهور .

وأن يغسل يديه بعد كلٍّ من الغسلين الأولين إلى المرفقين ، كما عن المهذب (٨) وفي اللوامع ؛ لخبر يونس (٩) .

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٧٧ .

(٢) المقنعة : ٧٦ ، المبسوط ١ : ١٧٨ ، المراسم : ٤٩ ، المنتهى ١ : ٤٣١ .

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ .

(٤) التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٨ ، الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٥ ، الوسائل ٢ : ٥٤٣ أبواب غسل الميت ب ٣٣ ح ١ .

(٥) الكافي ٣ : ١٣٩ الجنائز ب ١٨ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٠٠ / ٨٧٥ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١ .

(٦) فقه الرضا : ١٦٦ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣ .

(٧) انظر الوسائل ٢ : ٤٩٤ أبواب غسل الميت ب ٧ .

(٨) المهذب ١ : ٥٨ .

(٩) المتقدم في ص ١٣٦ .

١٦٤
 &

بل بعد الثالثة أيضاً ، كما في القواعد ، وعن النهاية ، والمبسوط ، والوسيلة (١) ، والإِصباح ، والجامع ، والشرائع (٢) ؛ لموثّقة الساباطي ، وفيها ـ بعد ذكر الأغسال الثلاثة ـ : « ثم تغسل يديك إلى المرافق ورجليك إلى الركبتين ثم تكفّنه » (٣) الحديث . وللرضوي المتقدّم .

بل مقتضى صحيحة ابن يقطين : « ثم يغسل الذي غسله يده قبل أن يكفّنه ثلاث مرّات » (٤) : تثليث الغسل في الثالثة إلى المنكبين ، ولا بأس به .

ويستحب غسل الإجّانة بعد كلٍّ من الاُوليين أيضاً .

وأمّا المكروهات ، فغير ما مرّ من إرسال الماء إلى الكنيف وجعل الميت بين الرجلين ثلاثة :

الأول : إقعاد الميت إجماعاً كما عن الخلاف (٥) ؛ لقوله في خبر الكاهلي (٦) : « وإياك أن تقعده » .

والمروي في الدعائم : « ولا يجلسه لأنه إذا أجلسه اندقّ ظهره » (٧) ويؤيّده الأمر بالرفق كما مرّ .

وظاهر الأول وإن كان التحريم ـ كما عن ابني سعيد وزهرة (٨) ـ إلّا أنّ اشتهار الجواز جدّاً بل الإِجماع عليه كما عن المعتبر (٩) ضعّفه وأخرجه عن صلاحية

__________________

(١) القواعد ١ : ١٨ ، النهاية : ٣٥ ، المبسوط ١ : ١٧٨ ، الوسيلة : ٦٥ .

(٢) الجامع : ٥٢ ، الشرائع ١ : ٣٩ وفيه : ويغسل الغاسل يديه مع كل غسلة .

(٣) التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١٠ .

(٤) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣١ ، الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٧ .

(٥) الخلاف ١ : ٦٩٣ .

(٦) المتقدم في ص ١٣٥ .

(٧) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٠ .

(٨) الجامع : ٥١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ .

(٩) المعتبر ١ : ٢٧٧ .

١٦٥
 &

إثبات التحريم . فالقول به ضعيف .

كالتشكيك في الكراهة ، كما هو ظاهر المعتبر ؛ بناءً على الأمر به في صحيحة البقباق بقوله : « اقعده واغمز بطنه غمزاً رفيقاً » (١) ونحوه الرضوي (٢) .

لمعارضتها مع ما مرّ ، وترجيحه بموافقتها العامة ، لاتّفاقهم على استحبابه كما في النافع والمنتهى (٣) وغيرهما . مع أنّ في دلالتها على الطلب كلاماً ؛ لاحتمال ورودها مورد توهّم الحرمة .

الثاني : قصّ شي‌ء من أظفاره ، وتسريح شعره ، أو نتفه وجزه ، وحلقه ، وفاقاً للأكثر ، بل عليه الإِجماع عن التذكرة ، والمعتبر (٤) ، وعلى حلق العانة في المنتهى (٥) ؛ للمستفيضة :

كخبر غياث : « كره أمير المؤمنين عليه السلام أن يحلق عانة الميت إذا غسل ، أو يقلم له ظفر ، أو يجز له شعر » (٦) .

وطلحة : « كره أن يقص من الميت ظفر ، أو يقص له شعر ، أو يحلق له عانة ، أو يغمز له مفصل » (٧) .

وابن أبي عمير : « لا يمسّ من الميت شعر ولا ظفر ، وإن سقط منه شي‌ء فاجعله في كفنه » (٨) .

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٤ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٩ .

(٢) فقه الرضا : ١٦٦ .

(٣) النافع : ١٢ ، المنتهى ١ : ٤٣٠ ، وفي المغني لابن قدامة ٢ : ٣١٨ : ويبدأ الغاسل فيحني الميت حنياً رفيقاً لا يبلغ به قريباً من الجلوس لأن في الجلوس أذية له ؛ وفي المهذب في فقه الشافعي ١ : ١٢٨ : والمستحب أن يجلسه إجلاسا رفيقا ويمسح بطنه . . .

(٤) التذكرة ١ : ٤٢ ، المعتبر ١ : ٢٧٨ .

(٥) المنتهى ١ : ٤٣١ .

(٦ و ٧) الكافي ٣ : ١٥٦ الجنائز ب ٢٧ ح ٢ ، ٣ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤١ ، الوسائل ٢ : ٥٠٠ أبواب غسل الميت ب ١١ ح ٢ ، ٤ .

(٨) الكافي ٣ : ١٥٥ الجنائز ب ٢٧ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤٠ ، الوسائل ٢ : ٥٠٠ أبواب غسل

=

١٦٦
 &

والبصري : عن الميت يكون عليه الشعر يقص عنه أو يقلم ظفره ؟ قال : « لا يمسّ منه شي‌ء اغسله وادفنه » (١) .

وأبي الجارود : عن الرجل يتوفى ، أيقلم أظافيره وينتف إبطه ويحلق عانته إن طال به المرض ؟ قال : « لا » (٢) .

والرضوي : « ولا تقلمن أظافيره ، ولا تقص شاربه ، ولا شيئاً من شعره ، فإن سقط منه شي‌ء فاجعله في أكفانه » (٣) .

ولا دلالة في شي‌ء منها على الحرمة ؛ لأنّ الكراهة في الأولين أعم منها ، والبواقي لا يتضمّن إلّا الجملة الخبرية ، وهي عن إفادة الحرمة قاصرة . فالقول بها في الظفر والشعر ؛ كما عن ابني سعيد ، وحمزة (٤) ، وفي المنتهى مدّعياً عليه الإِجماع بقوله : قال علماؤنا لا يجوز قص شي‌ء من شعر الميت ولا من ظفره ولا تسريح رأسه ولا لحيته (٥) ، وفي الأول كما عن المقنعة ، والمبسوط ، والخلاف (٦) مدّعياً عليه الإِجماع في الأخير ؛ ضعيف .

مع أنّ احتمال إرادتهم الكراهة قائم ، فإنّ غير الأولين عَبَّرَ بعدم الجواز ، واستعماله في نفي الإِباحة شائع .

ويؤيّده التصريح بالكراهة بعد ذلك ودعوى الإِجماع عليها في الخلاف (٧) ،

__________________

=

الميت ب ١١ ح ١ .

(١) الكافي ٣ : ١٥٦ الجنائز ب ٢٧ ح ٤ بتفاوت يسير ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤٢ ، الوسائل ٢ : ٥٠٠ أبواب غسل الميت ب ١١ ح ٣ .

(٢) الفقيه ١ : ٩٢ / ٤٢٠ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤٣ ، الوسائل ٢ : ٥٠١ أبواب غسل الميت ب ١١ ح ٥ .

(٣) فقه الرضا : ١٦٧ ، المستدرك ٢ : ١٧٥ أبواب غسل الميت ب ١١ ح ١ .

(٤) الجامع : ٥١ ، الوسيلة : ٦٥ .

(٥) المنتهى ١ : ٤٣١ .

(٦) المقنعة : ٨٢ ، المبسوط ١ : ١٨١ ، الخلاف ١ : ٦٩٥ .

(٧) الخلاف ١ : ٦٩٥ .

١٦٧
 &

وليس في عطف البدعة على المكروه تنصيص على الحرمة إلّا مع قصد الشرعية ، وهو كذلك البتة .

وقال في المنتهى بعد ما نقلنا عنه : لا فرق بين أن تكون الأظفار طويلةً أو قصيرةً ، وبين أن يكون تحتها وسخ أو لا يكون ، في كراهة القص (١) انتهى .

ومَن يقول بإفادة الخبرية للتحريم يلزمه القول به هنا ؛ لعدم معارض لها سوى الخبرين المصرحين بالكراهة . وهي في العرف المتقدّم أعمّ من الكراهة المصطلحة . ودرج الغمز المكروه بالاصطلاح ـ إجماعاً ـ في أحدهما لا يعيّن إرادة الاصطلاحية ، لجواز القدر المشترك . والإِجماعات المحكية متعارضة ، واحتمال إرادة غير الظاهر في الطرفين قائم ، وتضعيف المعارض بمخالفة المعظم ، مع موافقة هؤلاء الأجلة ودعوى الإِجماع ولو بالاحتمال ضعيف ، وردّ الروايات مع أنّ فيها ما صحّ عن ابن أبي عمير سخيف .

هذا ، ويكره أيضاً تنظيف ما تحت ظفره بالخلال من الوسخ ، كما صرّح به في المنتهى (٢) وغيره (٣) ، بل عليه الإِجماع عن الشيخ (٤) ، ويدلّ عليه خبر الكاهلي : « ولا تخلّل أظافيره » (٥) .

وأمّا ختانه ـ لو لم يكن مختوناً ـ فالظاهر تحريمه ، كما نص عليه في المنتهى مدّعياً عليه الإِجماع (٦) ؛ لأصالة عدم جواز قطع عضو ، خرج الحي بالدليل فيبقى الباقي .

ويؤيده الأمر بالرفق والنهي عن التعنيف في المستفيضة (٧) .

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٣١ .

(٢) المنتهى ١ : ٤٣٠ .

(٣) كالدروس ١ : ١٠٦ .

(٤) الخلاف ١ : ٦٩٥ .

(٥) تقدم مصدره في ص ١٣٥ .

(٦) المنتهى ١ : ٤٣١ .

(٧) انظر الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب غسل الميت ب ٩ .

١٦٨
 &

واستدلّ في المنتهى برواية البصري ، المتقدمة (١) ، وفيه خدشة .

الثالث : تغسيله بالماء المسخن بالنار بالإِجماع كما في المنتهى (٢) ؛ لصحيحة زرارة : « لا يسخّن الماء للميت » (٣) .

ومرسلة ابن المغيرة : « لا يقرب الميت ماء حميماً » (٤) .

وخبر يعقوب : « لا تسخّن للميت الماء لا تعجّل له بالنار » (٥) .

والرضوي : « لا تسخّن له ماءً إلّا أن يكون بارداً جدّاً فتوقّي الميت مما توقّي به نفسك ، ولا يكون الماء حاراً شديداً وليكن فاتراً » (٦) .

ومقتضى الأخير : استثناء حالة التعسّر على الغاسل لشدّة البرد . وهو كذلك ، كما ذكره الصدوقان (٧) والشيخان (٨) .

ونفى في المنتهى الخلاف عن زوال الكراهية مع خوف الغاسل على نفسه (٩) .

المقام الثالث : في الأحكام ، وفيه مسائل :

المسألة الاُولى : ظاهر الأصحاب الاتّفاق على وجوب التغسيل بالقراح فيما إذا عدم الخليطان ؛ للأمر به منفرداً ، وأصالة عدم التوقّف والارتباط .

__________________

(١) في ص ١٦٧ .

(٢) المنتهى ١ : ٤٣٠ .

(٣) التهذيب ١ : ٢٣٢٢ / ٩٣٨ ، الوسائل ٢ : ٤٩٨ أبواب غسل الميت ب ١٠ ح ١ .

(٤) التهذيب ١ : ٣٢٢ / ٩٣٩ ، الوسائل ٢ : ٤٩٩ أبواب غسل الميت ب ١٠ ح ٢ .

(٥) الكافي ٣ : ١٤٧ الجنائز ب ٢٣ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٢ / ٩٣٩ ، الوسائل ٢ : ٤٩٩ أبواب غسل الميت ب ١٠ ح ٣ .

(٦) فقه الرضا : ١٦٧ ، المستدرك ٢ : ١٧٤ أبواب غسل الميت ب ١٠ ح ١ .

(٧) الفقيه ١ : ٨٦ .

(٨) المقنعة : ٨٢ ، النهاية : ٣٣ .

(٩) المنتهى ١ : ٤٣٠ .

١٦٩
 &

إنّما الخلاف في وجوب غسلة واحدة به ، كما في النافع والمدارك وشرح الإِرشاد للأردبيلي (١) ، وعن المعتبر وظاهر الذكرى (٢) ، ومحتمل نهاية الشيخ ومبسوطة (٣) .

أو ثلاث غسلات ، كما في القواعد وشرحه واللوامع ، وعن روض الجنان (٤) ، ونسب إلى الحلّي (٥) ، وكلامه في السرائر لا يعطي الوجوب حيث قال : ولا بأس بتغسيله ثلاثاً (٦) ، وتردّد في الشرائع والمنتهى (٧) ، كما عن المختلف والتحرير والنهاية والتذكرة (٨) أيضاً ، وربما حكي عن الذكرى (٩) .

والأظهر هو الأول ؛ للأصل ، وضعف دليل الثاني وهو : الأمر بتغسيله بماء وسدر ، فالمأمور به شيئان متمايزان وإن امتزجا في الخارج ، والأصل عدم الارتباط والاشتراط فيهما وإن ورد الأمر بتغسيله بماء السدر الظاهر في وحدة المأمور به أيضاً ، ولكن لم يستند في إيجاب الخليطين به خاصة حتى يرتفع الأمر بارتفاع المضاف إليه .

والأمر بالغسلات الثلاث على نحو خاص ، فيكون مطلقها واجباً ، ضرورة استلزام وجوب المركّب وجوب أجزائه .

__________________

(١) النافع : ١٢ ، المدارك ٢ : ٨٤ ، مجمع الفائدة ١ : ١٨٤ .

(٢) المعتبر ١ : ٢٦٦ ، الذكرى : ٤٥ قال : لو عدم الخليط فظاهر الكلام الشيخ الإِجزاء بالمرة وابن ادريس اعتبر ثلاثا والأول أوجه .

(٣) النهاية : ٤٣ قال : والميت إذا لم يوجد له كافور ولا سدر فلا بأس أن يغسل بالماء القراح ويقتصر عليه .

(٤) القواعد ١ : ١٨ ، جامع المقاصد ١ : ٣٧٢ ، روض الجنان : ٩٩ .

(٥) نسب إليه في الذكرى : ٤٥ ، والحدائق ٣ : ٤٥٥ .

(٦) السرائر ١ : ١٦٩ .

(٧) الشرائع ١ : ٣٨ ، المنتهى ١ : ٤٣٠ .

(٨) المختلف : ٤٣ ، التحرير ١ : ١٧ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٢٥ وفيه : ولو تعذر السدر أو الكافور أو هما فالأقوى عدم سقوط الغسلة لأن وجوب الخاص يستلزم وجوب المطلق ، التذكرة ١ : ٣٩ .

(٩) حكاه في الحدائق ٣ : ٤٥٥ .

١٧٠
 &

وعموم نحو قوله : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (١) .

ولزوم تحصيل اليقين بالبراءة .

ووجه الضعف : أمّا في الأول : إنه وإن ورد الأمر بالتغسيل بماء وسدر ، ولكن ورد الأمر بماء السدر أيضاً ، وقد عرفت تقييد الأول بالثاني (٢) ، وكان هو الوجه في اشتراط إطلاق اسم ماء السدر ، فيكون المأمور به هو الأمر الواحد .

وأمّا ما ذكره من أنه لم يستند في إيجاب الخليطين . . . . ، ففساده ظاهر ؛ لأنّه وإن لم يستند به خاصة ، ولكن قيّد به الأول ، وإلّا فيكون مقتضاهما متعدّداً ، لاقتضاء الثاني صدق الإِضافة دون الأول ، فإما يعمل بهما معاً ، وهو باطل ، لإِيجابه وجوب صدقهما وعدمه ، أو بأحدهما فيلزم التحكّم ، مع أنّه يوجب عدم لزوم صدق الإِضافة وهذا القائل يوجبه .

بل لو انحصر الأمر بالتغسيل بماء وسدر أيضاً لم يفد له ؛ لأنّه إنّما يفيد له لو كان المأمور به غسلين : أحدهما بماء والآخر بسدر ، وليس كذلك ، بل غسل واحد بهما معاً ، فالمأمور به واحد مركّب من شيئين ، وثبت ارتباط أحدهما بالآخر ولزوم التركيب والمزج بالشرع إجماعاً ونصاً ، فلا تجري أصالة عدم الاشتراط والارتباط .

وليس الامتزاج أمراً خارجاً محضاً ، فهو في قوة قولنا : اغسل بهما معاً حال كونهما ممتزجين ، فيكون الأمر بكلٍّ منهما أمراً تابعياً يتبع الأمر بالمجموع وإن ذكر كلٌّ منهما منفرداً ، كالأمر بأفعال الوضوء والغسل ، وإذا انتفى الأصل انتفى التابع .

إن قيل : ذلك فرع اشتراط أحدهما بالآخر ، والأصل ينفيه ؛ إذ الأصل في كلّ تكليف تعلّق بشيئين أن لا يتوقّف تعلّقه بأحدهما على تعلّقه بالآخر إلّا ما

__________________

(١) غوالي اللاۤلي ٤ : ٥٨ وفيه : « لا يترك الميسور بالمعسور » .

(٢) راجع ص ١٣٨ .

١٧١
 &

أخرجه الدليل .

قلنا : الدليل المخرج في المسألة موجود ، وهو ما يدلّ على عدم حصول الاجتزاء والامتثال لو غسل بالماء وحده والسدر وحده مع وجودهما .

وأمّا في الثاني : فلأنّ اللازم وجوب الجزء حين جزئيته لا مطلقاً .

وأمّا في الثالث : فبعدم الدلالة ، كما ذكرنا غير مرّة .

وأمّا في الرابع : فبعدم تيقّن الشغل حينئذٍ بغير الغسلة .

هذا ، ولو لا ظاهر الإِجماع لأمكن القول بعدم وجوب الغسل أصلاً ، كما احتمله بعض مشايخنا الأخباريين مدّعياً استنباطه من بعض الأخبار ؛ إذ لا أمر بالقراح أيضاً إلّا بعد الخليطين المتعذّرين (١) .

ولو فقد أحد الخليطين وجب غسلتان ، ووجهه ظاهر .

ولو وجد المفقود بعد الدفن لم تجب الإِعادة قطعاً ، بل ـ كما قيل (٢) ـ إجماعاً ؛ لعموم حرمة النبش ، وعدم انصراف عمومات وجوب الغسلات إلى مثله .

ولو وجد قبله ، فالظاهر أنه لا تجب الإِعادة .

لا لتحقّق الامتثال الموجب للإِجزاء كما قيل (٣) ؛ إذ سقوط الوجوب عن شي‌ء للعذر غير تحقّق الامتثال ، فيتعلّق الخطاب بعد زوال العذر .

والحاصل : أنّه إن اُريد تحقق امتثال الغسل بالماء فهو كذلك . وإن اُريد امتثال الغسل بالخليط فلم يمتثله ؛ إذ لم يكن هناك أمر ، فإذا زال العذر تعلّق الأمر ويلزمه إعادة القراح تحصيلاً للترتيب .

بل لما مرّ من عدم الانصراف ، ولأنه تحقّق الامتثال بالقراح ، ولا أمر بالغسل بالخليط بعد القراح . والإِعادة أحوط .

الثانية : لو لم يوجد الماء المطلق الطاهر ، أو تعذّر استعماله ، وجب التيمّم

__________________

(١) الحدائق ٣ : ٤٥٧ .

(٢) وفي الرياض ١ : ٥٤ قيل للإِجماع . ولم نعثر على قائله .

(٣) المدارك ٢ : ٨٤ .

١٧٢
 &

بلا خلاف بين علمائنا يعرف كما في المنتهى (١) ؛ لظاهر الإِجماع ، وما دلّ على وجوب تيمّم المجدور بضميمة عدم القول بالفصل بين أفراد المعذور ، وعموم بدلية التيمم ، الثابت بالرضوي المنجبر ضعفه بما مرّ : « اعلموا ـ رحمكم الله ـ أن التيمّم غسل المضطر » وقال أيضاً : « وصفة التيمّم للوضوء والجنابة وسائر أبواب الغسل واحد » (٢) الخبر . وغسل الميت من أبواب الغسل ، وبعد ثبوت مشروعيته يكون واجباً بالإِجماع .

وصحيحة ابن أبي نجران ، المروية في الفقيه على ما في أكثر النسخ المضبوطة منه ـ كما صرّح به غير واحد (٣) ـ في الجنب والمحدث والميت إذا حضرت الصلاة ولم يكن معهم من الماء إلّا بقدر ما يكفي أحدهم ، قال : « يغتسل الجنب ، ويدفن الميت بتيمّم ، ويتيمّم الذي عليه وضوء » (٤) إلى آخره .

ولا يضرّ عدم وجود لفظ « بتيمّم » في الرواية على ما في التهذيب (٥) ، ولذا لم ينقله صاحبا الوسائل (٦) والوافي (٧) من الفقيه أيضاً ، واكتفيا على ما في التهذيب ، وأحالا نقل ما في الفقيه عليه .

ومن الأعذار الموجبة للتيمّم : خوف التناثر من التغسيل بالإِجماع ، كما في

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٣٠ .

(٢) فقه الرضا : ٨٨ ، المستدرك ٢ : ٥٣٥ أبواب التيمم ب ٩ ح ١ ، وفي نسخة من فقه الرضا : أسباب الغسل بدل : أبواب الغسل .

(٣) منهم الحدائق ٣ : ٤٧٤ .

(٤) الفقيه ١ : ٥٩ / ٢٢٢ .

(٥) التهذيب ١ : ١٠٩ / ٢٨٥ .

(٦) الوسائل ٣ : ٣٧٥ أبواب التيمم ب ١٨ ح ١ ، ولا يخفى أن صاحب الوسائل نقل الرواية عن الفقيه مع لفظ : بتيمم ، ثم رواها عن الشيخ بقوله : « محمد بن الحسن باسناده عن الصفار . . . عن رجل حدثه قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام وذكر نحوه . . . » فالنسبة المذكورة إلى الوسائل خطأ .

(٧) الوافي ٦ : ٥٧٠ .

١٧٣
 &

اللوامع والحدائق (١) ، وعن الخلاف (٢) ، بل التهذيب (٣) ، وفيه نظر .

لخبر ابن خالد : مات صاحب لنا وهو مجدور ، فإن غسلناه انسلخ ، فقال : « يمّموه » (٤) .

ولا ينافي خبره الآخر : عن رجل احترق بالنار فأمرهم « أن يصبّوا عليه الماء صبّاً » (٥) وخبر ضريس : « المجدور والكسير والذي به القروح يصبّ عليه الماء صبّاً » (٦) .

لوجوب حملهما على صورة عدم الانسلاخ بالصبّ ؛ لكونهما أعمّين من الأول من هذه الجهة .

ويؤكّد هذا الحمل الرضوي : « إن كان الميت مجدوراً أو محترقاً ، فخشيت إن مسسته سقط من جلوده شي‌ء ، فلا تمسّه ولكن صبّ عليه الماء صبّاً » (٧) .

وبما ذكر من الإِجماع والأخبار يترك أصالة عدم وجوب التيمّم ، وإشعار رواية ابن أبي نجران ـ على ما في التهذيب ـ في عدم وجوبه ، مع ضعفها سنداً ومخالفتها لعمل الطائفة ، الموجبة لخروجها عن عرصة الحجية .

ثم إنّه هل يتعدّد التيمّم بتعدّد الغسلات ؟ كما عن النهاية (٨) والثانيين (٩) ، واختاره والدي رحمه الله ؛ لتعدّد المبدل منه فيتعدّد البدل ؟

__________________

(١) الحدائق ٣ : ٤٧١ .

(٢) الخلاف ١ : ٧١٧ .

(٣) لم نعثر فيه على دعوى الإِجماع ، ونسبه إليه في المدارك ٢ : ٨٥ والحدائق ٣ : ٤٧٢ ومفتاح الكرامة ١ : ٤٣١ .

(٤ ـ ٦) التهذيب ١ : ٣٣٣ / ٩٧٦ ، ٩٧٦ ، ٩٧٥ ، الوسائل ٢ : ٥١٢ أبواب غسل الميت ب ١٦ ح ٣ ، ٢ ، ١ وروي الثاني في الكافي ٣ : ٢١٣ الجنائز ب ٧٦ ح ٦ .

(٧) فقه الرضا : ١٧٣ ، المستدرك ٢ : ١٨١ أبواب غسل الميت ب ١٦ ح ١ .

(٨) نهاية الإِحكام ٢ : ٢٢٧ قال : وهل ييمم ثلاثاً أو مرة ؟ الأقرب الأول لأنه بدل عن ثلاثة أغسال ، ويحتمل الثاني لاتحاد غسل الميت .

(٩) جامع المقاصد ١ : ٣٧٣ ، المسالك ١ : ١٣ .

١٧٤
 &

أو يكفي الواحد ؟ كما في المدارك مدّعياً عليه القطع (١) ، والقواعد مع الاستشكال فيه (٢) ، ونسب إلى ظاهر الفتاوى (٣) .

الأظهر الثاني ؛ للأصل ، ومنع تعدّد المبدل منه ، بل هو شي‌ء واحد كما يظهر من الأخبار الواردة في جنب مات ، أنه يغسّل غسلاً واحداً (٤) . ومنع كونه بدلاً عن كلّ واحد على فرض التعدّد ، بل المسلّم بدليته عن المجموع .

ودلالة الرضوي (٥) على التعدّد ـ لو سلّمت ـ لا تفيد ، لخلوّه عن الجابر في هذا المورد .

ولو وجد الماء لغسلة واحدة مع وجود الخليط قدّم السدر ، وفاقاً للثانيين (٦) والبيان (٧) ؛ للأمر به وعدم المسقط ، دون القراح ـ كما عن الذكرى (٨) ـ لقوته في التطهير ؛ لمنعها وعدم إيجابها للمطلوب . وتعلّق الأمر به إنّما هو بعد السدر قطعاً .

ومنه يظهر أنه لو وجد لغسلتين قدّم السدر والكافور . وعلى التقديرين يتيمّم للباقي مرة على الأحوط .

الثالثة : إذا مات الجنب أو الحائض أو النفساء كفى غسل الميت ولم يجب غيره بالإِجماع ، كما في المنتهى (٩) ، واللوامع ، وعن المحقّق (١٠) ؛ للأصل السالم عن معارضة أخبار غسل الجنب وأخويه ، لاختصاصها بالحي ، وعدم شمول شي‌ء

__________________

(١) المدارك ٢ : ٨٥ .

(٢) القواعد ١ : ١٨ .

(٣) نسبه في الرياض ١ : ٥٥ .

(٤) انظر الوسائل ٢ : ٥٣٩ أبواب غسل الميت ب ٣١ .

(٥) المتقدم في ص ١٧٣ .

(٦) راجع ص ١٧٤ .

(٧) البيان : ٧١ .

(٨) الذكرى : ٤٥ .

(٩) المنتهى ١ : ٤٣٢ .

(١٠) لم نعثر منه على دعوى الاجماع صريحاً ، نعم قال في المعتبر ١ : ٢٧٤ : وهو مذهب أكثر أهل العلم .

١٧٥
 &

منها المورد ، لعدم ورود أمر بالتغسيل من الجنابة وأخويها أو وجوبه ؛ وللتداخل الثابت قهراً كما عرفت .

ولخصوص المستفيضة كصحيحة زرارة : ميت مات وهو جنب كيف يغسّل وما يجزئه من الماء ؟ قال : « يغسّل غسلاً واحداً ، يجزئ ذلك لغسل الجنابة ولغسل الميت » (١) .

وموثّقة عمار : عن المرأة إذا ماتت في نفاسها كيف تغسّل ؟ قال : « مثل غسل الطاهر ، وكذلك الحائض وكذلك الجنب إنما يغسّل غسلاً واحداً فقط » (٢) .

وقريب منهما خبرا أبي بصير (٣) ، وابن أبي حمزة (٤) ، والمروي في الدعائم : « من مات وهو جنب أجزأ عنه غسل واحد ، وكذلك الحائض » (٥) .

ورواية العيص : « إذا مات الميت وهو جنب غسّل غسلاً واحداً ، ثم اغتسل بعد ذلك » (٦) أي الغاسل .

وأما رواية اُخرى له : الرجل يموت وهو جنب ، قال : « يغسل من الجنابة ، ثم يغسّل بعد غسل الميت » (٧) فلا تنافيها ؛ لجواز قراءة « يغسل من الجنابة » بالتخفيف ، أي تزال نجاسته من الجنابة .

بل لا تنافيها الثالثة أيضاً عنه : عن رجل مات وهو جنب ، قال : « يغسل غسلة واحدة بماء ، ثم يغسل بعد ذلك » (٨) والرابعة وهي كالاُولى ، إلّا أن فيها « يغسل » (٩) مكان « اغتسل » ؛ للتجويز المذكور فيهما أيضاً . وذكر الوحدة لبيان كفاية

__________________

(١ و ٢) الكافي ٣ : ١٥٤ الجنائز ب ٢٥ ح ١ ، ٢ ، التهذيب ١ : ٤٣٢ / ١٣٨٢ ، الاستبصار ١ : ١٩٤ / ٦٨٠ ، الفقيه ١ : ٩٣ / ٤٢٥ ، الوسائل ٢ : ٥٣٩ أبواب غسل الميت ب ٣١ ح ١ ، ٢ .

(٣ و ٤) التهذيب ١ : ٤٣٢ / ١٣٨٥ ، ١٣٨٣ ، الاستبصار ١ : ١٩٤ / ٦٨١ ، ٦٧٩ ، الوسائل ٢ : ٥٤٠ أبواب غسل الميت ب ٣١ ح ٤ ، ٣ .

(٥) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٠ ، المستدرك ٢ : ١٩٣ أبواب غسل الميت ب ٢٧ ح ١ .

(٦) التهذيب ١ : ٤٣٣ / ١٣٨٩ ، الاستبصار ١ : ١٩٥ / ٦٨٥ ، الوسائل ٢ : ٥٤٠ أبواب غسل الميت ب ٣١ ح ٥ .

(٧ ـ ٩) التهذيب ١ : ٤٣٣ / ١٣٨٧ ١٣٨٦ ، ١٣٨٨، الاستبصار ١ : ١٩٤ / ٦٨٣ ، ٦٨٢ ،

=

١٧٦
 &

غسلة واحدة للواجب من إزالة النجاسة والمستحب قبل غسل الميت ، وإن كان بعيداً . مع أنه لولاه لم تصلح لمعارضة ما مرّ ؛ للمخالفة لعمل الكل ، وللشهرة في الرواية التي هي من المرجّحات المنصوصة .

هذا كلّه ، مضافاً إلى أنّ الثابت انتفاؤه من الروايات الاُولى ليس إلّا الوجوب ، ولا يثبت من الثلاثة الأخيرة سوى الرجحان ، فلا تعارض أصلاً .

وهل يحكم بثبوت الرجحان ، لذلك ، كما في المنتهى وعن التهذيبين (١) ؟ أولا ، كما صرّح به والدي رحمه الله ، وعن المعتبر ناسباً له إلى أهل العلم (٢) ؟ لا يبعد الأول ؛ لما مرّ . ونفيه لعدم قائل به بعد تصريح الشيخ والفاضل غريب .

الرابعة : إذا خرجت منه نجاسة في أثناء الغسل أو بعده غسلت ـ إجماعاً ـ قبل الوضع في اللحد ، وعلى الأصح بعده ، إن أمكن بدون الإِخراج الغير المجوّز بلا خلاف ، وصحّ الغسل على الأصح الأشهر .

لقوله في خبر يونس : « وإن خرج منه شي‌ء فأنقه » (٣) في الأولين .

وللأصل ، وحصول الامتثال ، والرضوي : « فإن خرج منه شي‌ء بعد الغسل فلا تعد غسله » (٤) في الثالث .

وللمستفيضة في الجميع ، منها موثّقة روح : « إن بدا من الميت شي‌ء بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ، ولا تعد الغسل » (٥) .

وخبر الكاهلي وابن مختار : عن الميت يخرج منه الشي‌ء بعد ما فرغ من غسله ، قال : « يغسل ذلك ولا عليه الغسل » (٦) .

__________________

=

٦٨٤ ، الوسائل ٢ : ٥٤١ أبواب غسل الميت ب ٣١ ح ٧ ، ٦ ، ٨ .

(١) المنتهى ١ : ٤٣٢ ، التهذيب ١ : ٤٣٣ ، الاستبصار ١ : ١٩٥ .

(٢) المعتبر ١ : ٢٧٤ .

(٣) الكافي ٣ : ١٤١ الجنائز ب ١٨ ح ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٠ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣ .

(٤) فقه الرضا : ١٦٩ ، المستدرك ٢ : ١٩٤ غسل الميت ب ٢٨ ح ١ .

(٥ و ٦) التهذيب ١ : ٤٤٩ / ١٤٥٦ ، ١٤٥٥ ، الوسائل ٢ : ٥٤٢ أبواب غسل الميت ب ٣٢ ح ١ ، ٢ .

١٧٧
 &

ومرفوعة سهل : « إذا غسّل الميت ثم حدث بعد الغسل فإنه يغسل الحدث ولا يعاد الغسل » (١) وغير ذلك .

خلافاً في الثاني لبعضهم ؛ لاختصاص أخبار الغسل بما قبل الوضع . وهو ممنوع إلّا أن يريد عدم إمكان الغسل بعده ، أو صورة عدم الإِمكان .

وفي الثالث للعماني (٢) ، فأوجب الإِعادة إن كان قبل التكفين ؛ لكون الحدث ناقضاً . وفيه : منع ناقضيته لذلك الغسل .

وأمّا بعد التكفين ، فلا يجب إجماعاً ؛ لاستلزامه المشقة العظيمة . وعليه في المنتهى إجماع أهل العلم كافة (٣) .

الخامسة : إذا مات في موضع لم يكن عنده إلّا من لا يعلم كيفية الغسل ، يجب عليه التعلم ولو بالذهاب إلى موضع والرجوع ، أو إرسال شخص يغسّله ، أو ينقل الميت إلى موضع يمكن فيه غسله ، على التفصيل الآتي في صلاة الميت في نحو ذلك المقام .

البحث الثالث : في التكفين .

وهو واجب بإجماع المسلمين بل الضرورة من الدين ، وبه تواترت الأخبار (٤) ، وعليه جرت الطائفة الإِسلامية في الأعصار والأمصار .

ويستحب مؤكداً لكلّ مكلّف إعداد كفنه وتهيئته ؛ لما فيه من تذكّر الموت .

وفي مرسلة محمد بن سنان : « من كان كفنه معه في بيت لم يكتب من الغافلين ، وكان مأجوراً كلّما نظر إليه » (٥) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥٦ الجنائز ب ٢٨ ح ٢ ، الوسائل ٢ : ٥٤٣ أبواب غسل الميت ب ٣٢ ح ٥ .

(٢) نقل عنه في المختلف : ٤٣ .

(٣) المنتهى ١ : ٤٣١ .

(٤) انظر الوسائل ٣ : ٥ أبواب التكفين ب ١ وانظر ما أشار إليه في هامشها .

(٥) الكافي ٣ : ٢٥٦ الجنائز باب النوادر ح ٢٣ ، التهذيب ١ : ٤٤٩ / ١٤٥٢ ، الوسائل ٣ : ٥٠ أبواب التكفين ب ٢٧ ح ٢ .

١٧٨
 &

وفيه مسائل :

المسألة الاُولى : الواجب من الكفن ثلاث قِطَع لا أزيد ، إجماعاً ونصاً :

ففي حسنة الحلبي عن الصادق عليه السلام : « كتب أبي في وصيته أن أكفّنه بثلاثة أثواب : أحدها رداء له حبرة كان يصلّي فيها يوم الجمعة ، وثوب آخر ، وقميص . فقلت لأبي : لم تكتب هذا ؟ فقال : أخاف أن يغلبك الناس ، فإن قالوا : كفّنه في أربعة أثواب أو خمسة فلا تفعل ، وعمّمني بعمامة وليس تعد العمامة من الكفن ، إنما يعد ما يلف به الجسد » (١) .

ولا أقلّ ، على الأصح الأشهر ، بل عليه الإِجماع عن الخلاف والغنية والذكرى والمعتبر (٢) ، بل هو إجماع محقّقاً ؛ لعدم قدح مخالفة من شذّ وندر (٣) .

فهو الحجة فيه مضافاً إلى النصوص ، كحسنة زرارة ومحمد ، على ما في الكافي : العمامة للميت من الكفن ؟ قال : « لا ، إنّما الكفن المفروض ثلاثة أثواب وثوب تام لا أقلّ منه يواري به جسده كلّه ، فما زاد فهو سنّة إلى أن يبلغ خمسة أثواب ، فما زاد فمبتدع ، والعمامة سنّة » (٤) .

واشتماله على الزائد على الثلاثة الغير الواجب بالإِجماع لا يقدح في إيجاب الثلاثة ، مع أنّ كون الواو زائدةً ممكنة ، مضافاً إلى أنّ في بعض نسخ التهذيب هكذا : « ثلاثة أثواب تام » (٥) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٤ الجنائز ب ١٩ ح ٧ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ / ٨٥٧ ، الوسائل ٣ : ٩ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٠ .

(٢) الخلاف ١ : ٧٠١ ، ٧٠٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، الذكرى : ٤٦ ، المعتبر ١ : ٢٧٩ .

(٣) المراسم : ٤٧ فاكتفى بواحد .

(٤) الكافي ٣ : ١٤٤ الجنائز ب ١٩ ح ٥ ، الوسائل ٣ : ٦ أبواب التكفين ب ٢ ح ٢ .

(٥) التهذيب ١ : ٢٩٢ / ٨٥٤ وفيه : « ثلاثة أثواب أو ثوب تام » . وفي الحدائق ٤ : ١٥ عن التهذيب : « انما الكفن المفروض ثلاثة أثواب تام لا أقل منه » . وفي الحبل المتين : ٦٦ ما لفظه : والنسخ في هذا الحديث مختلفة ففي بعض نسخ التهذيب كما نقلناه ( يعني ثلاثة أثواب وثوب تام ) ويوافقه كثير من نسخ الكافي وهو المطابق لما نقله شيخنا في الذكرى . وفي بعضها هكذا : انما المفروض ثلاثة أثواب

=

١٧٩
 &

ومرسلة يونس : « الكفن فريضة للرجال ثلاثة أثواب ، والعمامة والخرقة سنّة ، وأمّا النساء ففريضته خمسة أثواب » (١) .

والكلام في الزائد عن الثلاثة للنساء كما مرّ .

والأخبار الآتية المفصّلة للقِطَع .

ويعاضدهُ أخبار اُخر ، كصحيحة محمد : « يكفّن الرجل في ثلاثة أثواب ، والمرأة إذا كانت عظيمةً في خمسة : درع ومنطق وخمار ولفافتين » (٢) .

ورواية ابن سنان : « الميت يكفّن في ثلاثة سوى العمامة ، والخرقة يشدّ بها وركه كيلا يبدو منه شي‌ء ، والخرقة والعمامة لا بدّ منهما وليستا من الكفن » (٣) .

وموثّقة سماعة : عمّا يكفّن به الميت ؟ قال : « ثلاثة أثواب ، وإنّما كفّن رسول الله صلّى الله عليه وﺁله في ثلاثة أثواب : ثوبين صحاريين وثوب حبرة ـ والصحارية تكون باليمامة ـ وكفّن أبو جعفر في ثلاثة أثواب » (٤) .

وظاهر نقل تكفينهما صلّى الله عليهما وآلهما فيها ثبوت التأسّي في المسألة .

ومنه يظهر إمكان اعتضاد المطلوب بالمستفيضة الواردة في أنه صلّى الله عليه وآله كفّن في ثلاثة أثواب (٥) .

__________________

=

تام لا أقل منه وهذه النسخة هي الموافقة لما نقله المحقق في المعتبر والعلامة في كتبه الاستدلالية ، ولفظة تام فيها خبر مبتدأ محذوف أي وهو تام ، وفي بعض النسخ المعتبرة من التهذيب : « أو ثوب تام » بلفظ أو بدل الواو .

(١) التهذيب ١ : ٢٩١ / ٨٥١ ، الوسائل ٣ : ٨ أبواب التكفين ب ٢ ح ٧ .

(٢) الكافي ٣ : ١٤٧ الجنائز ب ٢٠ ح ٣ ، الوسائل ٣ : ٨ أبواب التكفين ب ٢ ح ٩ . دِرْع المرأة قميصها . المنطق : شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها ثم ترسل أعلاها على أسفلها إلى الركبة والأسفل إلى الأرض ( مجمع البحرين ٥ : ٢٣٩ ) وفسره في الوافي ٣ ( الجزء ١٣ ) : ٥٤ بالإِزار .

(٣) الكافي ٣ : ١٤٤ الجنائز ب ١٩ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ / ٨٥٦ ، الوسائل ٣ : ٩ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٢ .

(٤) التهذيب ١ : ٢٩١ / ٨٥٠ ، الوسائل ٣ : ٧ أبواب التكفين ب ٢ ح ٦ ، الحبرة وزان عِنبَة : ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط ( المصباح المنير : ١١٩ ) .

(٥) انظر الوسائل ٣ : ٦ أبواب التكفين ب ٢ .

١٨٠