مستند الشّيعة - ج ١٠

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٠

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥٩٢

١
٢

٣
٤

كتاب الخمس‌

وهو في الاصطلاح : حقّ ماليّ ثبت لبني هاشم بالأصل.

والأخير لإخراج المنذور لهم والموقوف عليهم.

وزيادة قيد العوض عن الزكاة ـ كما في بعض العبارات ـ أو في مال مخصوص أو الغنائم ـ كما في آخرين ـ لبيان الواقع ، وإلاّ فهو غير محتاج إليه ، بل قد يكون الأخير مخلاّ.

وهو ثابت بالكتاب ، والسنّة ، والإجماع.

والكلام فيه يقع في مقاصد‌ :

٥
٦

المقصد الأول

فيما يجب فيه الخمس‌

وفيه مسائل‌ :

٧
٨

المسألة الأولى : اعلم أنّ الأصل وجوب الخمس في جميع ما يستفيده الإنسان ويكتسبه ويغنمه ، للآية الشريفة ، والأخبار.

أمّا الآية فقوله سبحانه ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) الآية (١).

فإنّ الغنيمة في أصل اللغة : الفائدة المكتسبة ، صرّح به في مجمع البحرين (٢) وغيره (٣) من أهل اللغة ، وليس هناك ما يخالفه ويوجب العدول عنه ، بل المتحقّق ما يثبته ويوافقه من العرف وكلام الفقهاء والأخبار.

فنصّ في البيان على شمول الغنيمة للأقسام السبعة المشهورة (٤) ، بل في الخلاف دعوى إجماعنا على أنّ ما يستفيده الإنسان من أرباح التجارات والمكاسب والصنائع يدخل في الغنيمة (٥).

وفي رواية حكيم : عن قول الله تعالى ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ ) إلى أن قال : « هي والله الإفادة يوما بيوم ، إلاّ أنّ أبي جعل شيعته في حلّ لتزكّيهم » (٦).

__________________

(١) الأنفال : ٤١.

(٢) مجمع البحرين ٦ : ١٢٩.

(٣) كما في معجم مقاييس اللغة ٤ : ٣٩٧.

(٤) البيان : ٣٤١.

(٥) الخلاف ٢ : ١١٨.

(٦) الكافي ١ : ٥٤٤ ـ ١٠ ، التهذيب ٤ : ١٢١ ـ ٣٤٤ ، الاستبصار ٢ : ٥٤ ـ ١٧٩ ، الوسائل ٩ : ٥٤٦ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤ ح ٨ ، إلاّ أنّ فيها : ليزكوا ، بدل : لتزكّيهم.

٩

وفي صحيحة عليّ بن مهزيار الطويلة : « فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام ، قال الله تعالى ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) الآية ، فالغنائم والفوائد ـ يرحمك الله ـ فهي الغنيمة يغنمها المرء ، والفائدة يفيدها » الحديث (١).

وفي الرضويّ : « وقال جلّ وعلا ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ) الآية ، فتطوّل بذلك علينا امتنانا منه ورحمة » إلى أن قال : « وكلّ ما أفاده الناس فهو غنيمة ، لا فرق بين الكنوز والمعادن والغوص ومال الفي‌ء الذي لم يختلف فيه وما ادّعي فيه الرخصة ، وهو ربح التجارة وغلّة الضيعة وسائر الفوائد من المكاسب والصناعات والمواريث وغيرها ، لأنّ الجميع غنيمة وفائدة » (٢).

وأمّا ما في بعض الأخبار ـ بعد بيان خمس الغنيمة ـ من أنّه يقسّم الأربعة أخماس الباقية بعد خمس الغنيمة بين من قاتل عليه (٣) ، حيث إنّ الظاهر منه تلازم الغنيمة والمقاتلة.

فلا ينافي ما ذكر ، إذ لا دلالة فيها على أنّ المراد بالغنائم في الآية ذلك ، غايته الاستعمال ، وهو أعمّ من الحقيقة ، مع أنّه لا يتعيّن التجوّز فيها أيضا ، لاحتمال التخصيص ، أي أربعة أخماس بعض الغنائم.

وممّا ذكر يظهر لك ما في المدارك والذخيرة من النظر في دلالة الآية ، حيث إنّ المتبادر من الغنيمة : ما يؤخذ من دار الحرب ، ويدلّ عليه سوق الآية (٤) ، فإنّ التبادر حال نزول الآية ـ بل في الآن أيضا ـ ممنوع.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٤١ ـ ٣٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٦٠ ـ ١٩٨ ، الوسائل ٩ : ٥٠١ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٥.

(٢) فقه الرضا «ع» : ٢٩٣.

(٣) التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٦ ، الوسائل ٩ : ٤٨٣ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٣.

(٤) المدارك ٥ : ٣٨١ ، الذخيرة : ٤٨٠.

١٠

نعم ، لاتّفاق أكثر العامّة على تخصيص الخمس بغنائم دار الحرب اشتهر ذلك بينهم ، وبنى عليه مفسّروهم ، فتوهّم التبادر.

وورود الآية في الحرب لا يدلّ على التخصيص.

وأمّا الأخبار فكثيرة ، منها : الأخبار الثلاثة المتقدّمة.

وموثّقة سماعة : عن الخمس فقال : « في كلّ ما أفاد الناس من قليل أو كثير » (١).

ورواية ابن سنان : « على كلّ امرئ غنم أو اكتسب الخمس ممّا أصاب لفاطمة ولمن يلي أمرها من بعدها من ذرّيتها الحجج على الناس ، فذلك لهم خاصّة ، يضعونه حيث شاءوا ، وحرّم عليهم الصدقة ، حتى الخيّاط يخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق ، إلاّ من أحللناه من شيعتنا ، لتطيب لهم به الولادة » (٢).

ومرسلة حمّاد الطويلة ، وفيها : « الخمس من خمسة أشياء : من الغنائم ، والغوص ، ومن الكنوز ، ومن المعادن ، والملاحة » الحديث (٣) ، إلى غير ذلك من المستفيضة (٤).

ولا معارض لها يوجب الوهن فيها سوى بعض ما ظاهره حصر الخمس في أمور خاصّة ، ولكن منها الغنائم الشاملة لجميع الفوائد.

وضعف بعض سندا ـ لو كان مضرّا ـ يندفع بالانجبار بالشهرة والإجماع المنقول ، بل المحقّق.

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٤٥ ـ ١١ ، الوسائل ٩ : ٥٠٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٦.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٢ ـ ٣٤٨ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ـ ١٨٠ ، الوسائل ٩ : ٥٠٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٨.

(٣) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، الوسائل ٩ : ٤٨٧ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٤.

(٤) الوسائل ٩ : ٤٩٩ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨.

١١

وتدلّ على المطلوب أيضا الأدلّة [ و ] (١) الأخبار الواردة في كلّ قسم قسم من الفوائد أيضا ، كما يأتي.

ثمَّ الثابت من الآية والأخبار هو ثبوت الخمس في الفوائد المكتسبة ، وهي ما حصلت بنوع سعي واكتساب لا غير المكتسبة ، لأنّ الوارد فيها : الغنيمة ، التي هي الفوائد المكتسبة ـ كما صرّح به بعض أهل اللغة (٢) ـ أو الاكتساب ـ وظاهر أنّه مختصّ بما ذكرنا ـ أو الاستفادة المختصّة بالمكتسبة ، أو الإفادة المفسّرة بالاستفادة أيضا.

مضافا إلى صحيحة ابن سنان : « ليس الخمس إلاّ في الغنائم خاصّة » (٣).

نفي بمنطوقها الخمس عن كلّ شي‌ء ، سوى الغنائم التي هي الفوائد المكتسبة ، ولا أقلّ من احتمال الاختصاص بها من جهة تصريح بعض اللغويين وجمع من الفقهاء ، فلا يعلم خروج غير المكتسبة من المستثنى منه ، فتكون باقية فيه ، لحجّية العام المخصّص بالمجمل إذا كان متّصلا في غير موضع الإجمال.

ثمَّ هذا المنطوق وإن تعارض مع ما دلّ على ثبوت الخمس في كلّ الفوائد ، إلاّ أنّه بالعموم من وجه ، لشمول المنطوق لغير الفوائد ومعارضته للفوائد المكتسبة ، فيرجع في موضع التعارض إلى الأصل. فاللازم عليك أن يكون ذلك أصلا لك في المسألة ، وتحكم بوجوب الخمس في جميع‌

__________________

(١) أثبتناه لاستقامة العبارة.

(٢) كما في مجمع البحرين ٦ : ١٢٩.

(٣) الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٤ ، الوسائل ٩ : ٤٨٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ١.

١٢

الفوائد المكتسبة للإنسان ، إلاّ أن يخرج شي‌ء منها بدليل.

المسألة الثانية : اعلم أنّه وإن ثبت بما ذكرنا وجوب الخمس في كلّ ما يستفيده الإنسان ويحصل في يده بضرب من الاكتساب ، إلاّ أنّ الفقهاء قسّموها إلى خمسة أقسام ، لذكر كلّ قسم في الأخبار على حدة ، ولامتياز بعض تلك الأقسام عن بعض ببعض الشرائط ، كما يأتي إن شاء الله سبحانه.

* * *

١٣

القسم الأول

في غنائم دار الحرب

أي ما يؤخذ غنيمة من أهل الحرب ، سواء كان في دارهم أو غيرها ، ووجوب الخمس فيها في الجملة إجماعيّ بين المسلمين ، ونقل الإجماع عليه مستفيض.

ويدلّ عليه معه ما مرّ من الأصل المتقدّم ، لكونها من الفوائد المكتسبة.

والآية الشريفة ، لكون غنائم دار الحرب ممّا غنم نصّا وإجماعا وإن اختلفوا في غيرها.

وخصوص السنّة المستفيضة ، كمرسلة أحمد : « الخمس من خمسة أشياء : من الكنوز ، والمعادن ، والغوص ، والمغنم الذي يقاتل عليه » ولم يحفظ الخامس (١).

وصحيحة ربعي : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ، ثمَّ يقسّم ما بقي خمسة أقسام ويأخذ خمسه » الحديث (٢).

وصحيحة الحلبي : في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة ، فقال : « يؤدّي خمسا ويطيب له » (٣).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٤ ، الوسائل ٩ : ٤٨٩ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ١١.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٦ ، الوسائل ٩ : ٥١٠ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٣ ، بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٧ ، الوسائل ٩ : ٤٨٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٨.

١٤

ورواية أبي بصير : « كلّ شي‌ء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا رسول الله فإنّ لنا خمسه » (١).

وهل يختصّ وجوب الخمس فيها فيما إذا أخذ مع الحرب ، أو يعمّ ما أخذ بدون الحرب ، كالسرقة والاختلاس أيضا؟

فقيل بالأول ، وحكم في الثاني بأنّه لآخذه بلا خمس ، لأنّه لا يسمّى غنيمة (٢).

وقيل بالثاني (٣) ، لفحوى صحيحة حفص (٤) ورواية المعلّى (٥) الواردتين في مال الناصب ، أنّه خذه حيث وجدته وابعث إلينا الخمس.

ويرد عليه منع الفحوى ، لعدم قطعيّة العلّة.

ولكن يرد على الأول أيضا : منع عدم التسمية ، فإنّ الغنيمة تصدق على كلّ ما أفاده الناس ، كما يأتي ، فثبت الخمس فيه بالأصل المتقدّم في المسألة الاولى.

ثمَّ ما أخذ بالحرب هل يختصّ وجوب الخمس فيه بما كان الحرب بإذن الإمام ، الذي هو محلّ الوفاق ، أو يعمّ الحرب بغير إذنه أيضا؟

فقيل بالأول ، وحكم في الثاني بأنّ المأخوذ للإمام جميعا (٦) ، لمرسلة الورّاق : « إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلّها للإمام ، وإذا‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٤٥ ـ ١٤ ، الوسائل ٩ : ٤٨٧ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٥.

(٢) كما في الكافي في الفقه : ١٧٠.

(٣) كما في المراسم : ١٣٩.

(٤) التهذيب ٤ : ١٢٢ ـ ٣٥٠ ، مستطرفات السرائر : ١٠٠ ـ ٢٩ ، الوسائل ٩ : ٤٨٧ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٦.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٨٧ ـ ١١٥٣ ، مستطرفات السرائر : ١٠١ ـ ٣٠ ، الوسائل ٩ : ٤٨٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٧.

(٦) انظر الدروس ١ : ٢٥٩ ، والمسالك ١ : ٦٦.

١٥

غزا قوم بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس » (١).

وقيل بالثاني ، لصحيحة الحلبي السالفة.

وفصّل بعض المتأخّرين ، فقال : إذا كان الحرب للدعاء إلى الإسلام والتكليف بالشهادتين فالغنيمة للإمام ولا خمس ، وإن كان بالقهر والغلبة لا للجهاد فيجب فيه الخمس.

والقول الفصل وطريق الجمع أن يقال : إنّ الغنيمة للإمام ، للمرسلة ، ولكنه أحلّه للشيعة بعد الخمس ، للصحيحة ، إذ لا يثبت منها الأزيد من ذلك حتى تعارض به المرسلة.

ويأتي زيادة كلام في ذلك في ذكر الأنفال.

فرعان :

أ : صريح جماعة : عدم الفرق في غنائم دار الحرب بين المنقول وغيره (٢) ، ويظهر من بعض المتأخّرين التخصيص بالأول ، لكون الأراضي مال الإمام.

أقول : إن كانت مال الإمام فهو أحلّها لشيعته أيضا كما يأتي ، فيخمّسها لكونها من الفوائد ، ويأتي تحقيقها في موضعه.

ب : مثل مال أهل الحرب : مال الناصب والخارجي وسائر من يحلّ ماله ممّن انتحل الإسلام ، فيجب إخراج خمسه ، لصحيحة حفص ورواية المعلّى المتقدّمتين.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٣٥ ـ ٣٧٨ ، الوسائل ٩ : ٥٢٩ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١ ح ١٦.

(٢) منهم المحقق في الشرائع ١ : ١٧٩ ، والأردبيلي في زبدة البيان : ٢٠٩.

١٦

القسم الثاني

في المعادن

ووجوب الخمس فيها إجماعي ، والأصل المتقدّم يثبته ، والنصوص به مع ذلك مستفيضة : فمنها : ما يوجبه في المعادن من غير تفصيل ، كالمرسلتين المتقدّمتين (١) ، وصحيحة زرارة (٢).

ومنها : ما يثبته فيها وفي الرصاص والصفر والحديد والذهب والفضّة ، كصحيحة الحلبي (٣).

ومنها : ما يثبته في الخمسة ، كصحيحة محمّد (٤).

ومنها : ما يثبته في المعدن والملاحة والكبريت والنفط وأشباهه ، كصحيحته الأخرى (٥).

ومنها : ما يثبته في الياقوت والزبرجد ومعادن الذهب والفضّة ، كرواية محمّد بن علي (٦).

__________________

(١) يعني مرسلتي حمّاد وأحمد المتقدمتين في ص ٩ و ١٢.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٢ ـ ٣٤٧ ، الوسائل ٩ : ٤٩٢ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٣.

(٣) الكافي ١ : ٥٤٦ ـ ١٩ ، الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٣ ، التهذيب ٤ : ١٢١ ـ ٣٤٦ ، الوسائل ٩ : ٤٩٢ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٢.

(٤) الكافي ١ : ٥٤٤ ـ ٨ ، التهذيب ٤ : ١٢١ ـ ٣٤٥ ، الوسائل ٩ : ٤٩١ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ١.

(٥) الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٦ ، التهذيب ٤ : ١٢٢ ـ ٣٤٩ ، المقنع : ٥٣ ، الوسائل ٩ : ٤٩٢ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٤.

(٦) الكافي ١ : ٥٤٧ ـ ٢١ ، الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٢ ، التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٦ ، الوسائل ٩ : ٤٩٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٥.

١٧

ولا ينافي ما ذكر صحيحة ابن سنان : « ليس الخمس إلاّ في الغنائم » (١) ، لأنّ المعادن أيضا غنيمة.

مع أنّه لو سلّم الاختصاص يكون التعارض بالعموم والخصوص المطلقين ، فيجب تخصيص الصحيحة بما مرّ.

ولو سلّم التباين فالترجيح لما مرّ بوجوه كثيرة ، منها : مخالفة العامّة ، فلا إشكال في المسألة.

وإنّما الإشكال في تحقيق المعدن ، فقد اختلفت فيه كلمات أهل اللغة والفقهاء : فمنهم من خصّصه بمنبت الجوهر من ذهب ونحوه ، كالقاموس (٢) والأزهري.

ومنهم من يظهر منه الاختصاص بموضع الذهب والفضّة ، كالمغرب (٣).

ومنهم من عمّمه لكلّ ما يخرج من الأرض ويخلق فيها من غيرها ممّا له قيمة ، كالنهاية الأثيريّة والتذكرة والمنتهى ، مدّعيا فيهما إجماع علمائنا عليه (٤).

ومنهم من جعله أعمّ من ذلك أيضا ـ فلم يذكر قيد : من غيرها ، وقال : إنّه ما يستخرج من الأرض وكانت أصله ، ثمَّ اشتمل على خصوصيّة يعظم الانتفاع بها ، سواء خرج عن اسم الأرض أم لا ـ كالشهيد (٥). وعلى ذلك ، يدخل فيه الجصّ ، والنورة ، والمغرة ـ وهي الطين الأحمر (٦) ـ وطين‌

__________________

(١) المتقدمة في ص : ١٢.

(٢) القاموس ٤ : ٢٤٨.

(٣) المغرب ٢ : ٣٢.

(٤) النهاية الأثيرية ٣ : ١٩٢ ، التذكرة ١ : ٢٥١ ، المنتهى ١ : ٥٤٤.

(٥) الروضة ٢ : ٦٦.

(٦) الصحاح ٢ : ٨١٨ ، القاموس ٢ : ١٤٠.

١٨

الغسل ، وحجر الرحى ، بل كلّ حجر.

وعلى هذا ، فيحصل نوع من الإجمال في معناه.

وترجيح الأولين ـ بجعل الملاحة في بعض الصحاح مثل المعدن ـ مردود بجعلها على نسختي الفقيه والتهذيب نفسه.

كما أنّ ترجيح الرابع بحكاية الإجماع مردود بعدم حجّيتها ، فالحقّ إجماله ، ولازمه الأخذ بالمقطوع به ، والعمل فيها عداه بمقتضى الأصل ، للشك في إطلاق الاسم.

ويمكن دفع الأصل في جميع ما يشكّ فيه بعمومات الغنيمة والفائدة (١) كما مرّ ، فيجب في الجميع الخمس ، إلاّ أنّه يكون وجوبه فيها من هذه الجهة غير وجوبه فيها من جهة المعدنيّة.

وتظهر الثمرة في اعتبار مئونة السنة إن قلنا باعتبارها في كلّ فائدة ، ويأتي تحقيقه ، وفي اعتبار النصاب إن قلنا به في المعدن دون كلّ فائدة ، ولكن كان ذلك لو لا إجمال لفظ المعادن ، وأمّا معه فتكون العمومات مخصّصة بالمجمل ، فلا يكون حجّة في موضع الإجمال ، ويعمل فيه بالأصل.

ومنه تظهر قوّة اعتبار النصاب في جميع مواضع الشكّ أيضا ، لأصالة عدم وجوب الخمس فيما دونه.

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٤٨٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢.

١٩

القسم الثالث

في الكنوز‌

واللاّزم أولا بيان ما يملكه الواجد منها وما لا يملكه ، ثمَّ بيان وجوب الخمس فيه ، فهاهنا بحثان :

البحث الأول

الكنز إمّا يوجد في دار الحرب أو دار الإسلام ، وعلى التقديرين إمّا يكون عليه أثر الإسلام أو لا ، وعلى التقادير إمّا يوجد في أرض مباحة أو مملوكة ، وعلى الثاني إمّا تكون مملوكة للواجد أو لغيره ، فهذه اثنى عشر.

فإن وجده في دار الحرب فهو لواجده في صورة الستّ بلا خلاف يعرف ، بل هو مقطوع به في كلام الأصحاب كما صرّح به جماعة (١).

وتدلّ عليه أصالة الإباحة في الأشياء ، إلاّ ما علم سبق ملكيّة مسلم له ، وهو هنا غير معلوم ، وأثر الإسلام غير مفيد (٢) له ، لجواز صدوره من كافر ، وتتمّ الأولويّة والملكيّة بضميمة الإجماع المركّب هنا.

وصحيحتا محمّد ، إحداهما : عن الورق يوجد في دار ، فقال : « إن كانت الدار معمورة فيها أهلها فهي لأهلها ، فإن كانت خربة فأنت أحقّ بما وجدت » (٣) ، وقريبة منها الأخرى (٤).

__________________

(١) منهم صاحب المدارك ٥ : ٣٧٠ ، والسبزواري في الكفاية : ٤٣.

(٢) في « س » : مقيد ..

(٣) التهذيب ٦ : ٣٩٠ ـ ١٣٦٥ ، الوسائل ٢٥ : ٤٤٧ كتاب اللقطة ب ٥ ح ٢.

(٤) الكافي ٥ : ١٣٨ ـ ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٩٠ ـ ١١٦٩ ، الوسائل ٢٥ : ٤٤٧ كتاب اللقطة ب ٥ ح ١.

٢٠