مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-78-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

فكذلك القضاء .

ولا يخفى أنه لا يبقى أصل بعد المستفيضة ـ التي منها الصحيح ـ المعتضدة بعمل أعيان القدماء ، بل شهرتهم ، والمؤيدة بالإِجماع المنقول .

وأمّا الحصر : فمع أنه لم يرد إلّا في مقام تعداد أغسال ليس ذلك منها ، غايته العموم اللازم تخصيصه بما ذكر .

ومنه يظهر الجواب عن خبر سعد ، مع أنّ المراد بالباقي : الباقي من أربعة عشر ، ولم يذكرها حتى يعلم أنّ ذلك منها أيضاً أم لا ، وأيضاً الظاهر من السنّة فيها ما لم يثبت من الكتاب .

وأمّا التعداد مع المستحبات : فليس دليلاً ، مع أنه عدّ في أحدهما غسل مسّ الميت بعد البرد وغسل الجنابة ، وعدّ هذا بعدهما لا في طي المستحبات ، وفي الآخر غسل الميت وغسل المسّ ، وعدّ فيهما أيضاً ما اختلف في وجوبه ، كغسل الجمعة والعيدين والإِحرام .

وأمّا الشهرة : فليست دليلاً ( سيما مع كونها من المتأخّرين ) (١) سيما مع معارضتها مع شهرة القدماء ونقل الإِجماع .

وأمّا قوله : فاتته ، فظاهر في نفس الصلاة ، ولا دخل له بالغسل الذي هو خارج عنها وعن شرائطها ، بل هو تكليف على حدة .

وعلى هذا فالقول بالوجوب أقوى وأصح .

وللسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاثة أيام ؛ لمرسلة الفقيه (٢) .

ولقتل الوزغة ، كما عن الاشراف والنزهة والجامع والبيان والدروس

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في « هـ » .

(٢) الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٥ ، الوسائل ٣ : ٣٣٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٩ ح ٣ .

٣٤١
 &

والنفلية (١) ؛ لمرسلته أيضاً (٢) ، والمرويين في البصائر والخرائج (٣) .

وللتوبة عن معصية ، كما عن النهايتين (٤) ، والنفلية والمبسوط والسرائر والمهذب والجامع والشرائع والمعتبر والنافع والكافي والقواعد ، والمنتهى مدّعياً فيه ـ كما عن الغنية والتذكرة ـ إجماع علمائنا عليه (٥) ؛ وهو الحجة فيه .

مضافاً إلى صحيحة مسعدة على ما في الكافي : إنّ لي جيراناً يتغنّين ويضربن بالعود ، فربما دخلت المخرج فاُطيل الجلوس استماعاً مني لهن ، فقال عليه السلام : « لا تفعل » إلى ان قال الرجل : لا جرم إني تركتها وأنا أستغفر الله تعالى ، فقال : « قم فاغتسل وصلّ (٦) ما بدا لك ، فلقد كنت مقيماً على أمر عظيم ، ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك ، استغفر الله تعالى واسأله التوبة من كلّ ما يكره » (٧) .

وما في أدعية السرّ : « يا محمد قل لمن عمل كبيرة من اُمتك فأراد محوها والتطهّر منها فليطهّر لي بدنه وثيابه ، فليخرج إلى برية أرضي » (٨) الحديث .

ولكن في دلالة الأخيرة على الغسل نظر ، بل في دلالة الأولى عليه للتوبة أيضاً ، فلعلّه ـ كالصلاة ـ لطلب حاجة المغفرة وسؤال التوبة .

فالمناط فتاوى الأجلّة والإِجماعات المحكية ومقتضاها ـ سيما صريح إجماع

__________________

(١) الاشراف ( مصنفات الشيخ المفيد ٩ ) : ١٨ ، نزهة الناظر : ١٦ ، الجامع للشرائع : ٣٣ ، البيان : ٣٨ ، الدروس ١ : ٨٧ ، النفلية : ٩ .

(٢) الفقيه ١ : ٤٤ / ١٧٤ ، الوسائل ٣ : ٣٣٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٩ ح ٢ .

(٣) بصائر الدرجات : ٣٥٣ ، الخرائج والجرائح ١ : ٢٨٣ / ١٧ .

(٤) نهاية الإِحكام ١ : ١٧٨ ، ولم نعثر عليه في نهاية الشيخ ولا على من نقله عنها .

(٥) النفلية : ٩ ، المبسوط ١ : ٤٠ ، السرائر ١ : ١٢٥ ، المهذب ١ : ٣٣ ، الجامع للشرائع : ٣٣ ، الشرائع ١ : ٤٥ ، المعتبر ١ : ٣٥٩ ، المختصر النافع : ٦ ، الكافي في الفقه : ١٣٥ ، القواعد ١ : ٣ ، المنتهى ١ : ١٣١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، التذكرة ١ : ٥٨ .

(٦) في الكافي : سَل .

(٧) الكافي ٦ : ٤٣٢ الأشربة ب ٢٥ ح ١٠ بتفاوت في الألفاظ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٧ ، التهذيب ١ : ١١٦ / ٣٠٤ ، الوسائل ٣ : ٣٣١ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٨ ح ١ .

(٨) بحار الأنوار ٩٢ : ٣٠٧ نقلاً عن البلد الأمين .

٣٤٢
 &

المنتهى ـ : عموم الحكم للصغيرة والكبيرة ، وتساعده الرواية على فرض الدلالة ، إذ ما فيها ليس إلّا الصغيرة ، ولا يعلم منها الإِصرار المدخل إيّاه في الكبيرة ، فالتخصيص بالأخيرة ـ كما عن المقنعة والاشراف والفقيه والكافي والإِشارة (١) ـ ليس بحسن .

وللخروج عن الكفر ، كما ذكره أكثر من ذكر ، وفي المنتهى : إجماع علمائنا عليه (٢) ؛ وهو كافٍ مستنداً له ، ولا حاجة إلى اتباع بعض الاعتبارات الموهونة .

ولطلب الحاجة مطلقاً ، للرضوي ، وفيه : « وغسل الاستخارة ، وغسل طلب الحوائج من الله تعالى » (٣) .

ولكلّ دعاء ورد فيه الغسل .

وللاستخارة ؛ لما مرّ ، ولخبر سماعة : « وغسل الاستخارة مستحب » (٤) .

ولصلاة طلب الحاجة ، وصلاة الاستخارة ؛ بالإِجماع ، كما عن ظاهر الغنية والمعتبر والتذكرة (٥) . فيما ورد له منهما الغسل لا مطلقاً ؛ لعدم دليل عليه . والاستناد إلى الرضوي غير مفيد ؛ لأنه يكون للحاجة لا للصلاة .

وللمباهلة ، كما في كتاب الاشراف والجامع (٦) ، وغيرهما (٧) ؛ لخبر ابن مسروق المروي في باب المباهلة من أبواب دعاء الكافي (٨) .

__________________

(١) المقنعة : ٥١ ، الاشراف ( مصنفات الشيخ المفيد ٩ ) : ١٧ ، الفقيه ١ : ٤٥ ، الكافي في الفقه : ١٣٥ ، الإِشارة : ٧٢ .

(٢) المنتهى ١ : ١٣١ .

(٣) فقه الرضا (ع) : ٨٢ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٤٩١ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١ .

(٤) الكافي ٣ : ٤٠ الطهارة ب ٢٦ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ .

(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، المعتبر ١ : ٣٥٩ ، التذكرة ١ : ٥٨ .

(٦) الاشراف ( مصنفات الشيخ المفيد ٩ ) : ١٨ ، الجامع للشرائع : ٣٣ .

(٧) كالغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، والمعتبر ١ : ٣٥٧ ، والمنتهى ١ : ١٣٠ .

(٨) الكافي ٢ : ٥١٣ / ١ .

٣٤٣
 &

ولصلاة الشكر ، كما عن الكافي والغنية والإِشارة والمهذب (١) .

ولأخذ التربة المباركة ؛ لخبر الجعفي ، كما في المزار الكبير (٢) .

ولمسّ الميت بعد تغسيله ، ذكره الشيخ في التهذيب ؛ لخبر عمّار : « وكلّ من مسّ ميتاً فعليه الغسل وإن كان الميت قد غُسّل » (٣) .

ولمن أراد تغسيل الميت وتكفينه ، ذكره بعضهم (٤) ؛ لصحيحة محمد : « الغسل في سبعة عشر موطناً » إلى أن قال : « وإذا غسلت ميتاً أو كفنته » (٥) . وفي دلالتها نظر .

ولمن اُريق عليه ماء غالب النجاسة ، عن كتاب الاشراف (٦) .

وللإِفاقة من الجنون ، عن نهاية الإِحكام لدليل عليل (٧) .

وللشك في الحدث ، ولمن اغتسل ناقصاً لعذر وزال عذره ، ذكرهما في البيان والنفلية (٨) .

وغسل الحجامة ، كما في حسنة زرارة (٩) .

ولتطيّب المرأة لغير زواجها ، ذكره بعض المتأخّرين (١٠) ؛ لخبر سعد : « أيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها [ لم تقبل منها صلاة ] حتى تغتسل من طيبها كغسلها من

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٣٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، الاشارة : ٧٢ ، المهذب ١ : ٣٣ .

(٢) نقله عنه في البحار ٩٨ : ١٣٨ .

(٣) التهذيب ١ : ٤٣٠ / ١٣٧٣ ، الاستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٨ ، الوسائل ٣ : ٢٩٥ أبواب غسل المس ب ٣ ح ٣ .

(٤) كالعلامة في المنتهى ١ : ١٣٠ ، والشهيد في الذكرى : ٢٤ .

(٥) التهذيب ١ : ١١٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب غسل المس ب ١ ح ١١ .

(٦) الاشراف ( مصنفات الشيخ المفيد ٩ ) : ١٨ .

(٧) نهاية الإِحكام ١ : ١٧٩ ، قال : . . . لما قيل : إن من زال عقله أنزل ، فإذا أفاق اغتسل احتياطاً .

(٨) البيان : ٣٨ ، والنفلية : ٩ .

(٩) الكافي ٣ : ٤١ الطهارة ب ٢٧ ح ١ ، التهذيب ١ : ١٠٧ / ٢٧٩ ، مستطرفات السرائر : ١٠٣ / ٣٨ ، الوسائل ٣ : ٣٣٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٣١ ح ١ .

(١٠) كما يستفاد من عنوان الباب في الوسائل ٣ : ٣٣٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٣٠ .

٣٤٤
 &

جنابتها » (١) .

وإرادة غَسل الطيب من الاغتسال ، والمبالغة في الإِزالة من التشبيه ممكنة .

ولكلّ فعل يتقرب به إلى الله تعالى ، عن الإِسكافي (٢) .

ومنها : غسل المولود حين ولادته ؛ لموثّقة سماعة : « وغسل المولود واجب » (٣) .

وأفتى بظاهره ابن حمزة (٤) ، ولكن لا يوافقه غيره ، فعلى خلافه الإِجماع ـ كما يشعر به كلام المنتهى (٥) ـ وهو أوجب صرف الموثّق عن ظاهره .

ولا بدّ فيه من نية القربة كما ذكره في اللوامع ، وغيره .

فهذه سبعة وثمانون غسلاً ، ولعل المتتبّع في الأخبار وكلمات علمائنا الأخبار يجد غير ذلك أيضاً ، والضابط في ثبوته وروده في خبر ولو ضعيف ، أو ذكره في كتاب فقيه ما لم يعارضه دليل ينفيه ، للتسامح في مثله .

تتميم : الكلام في تداخل بعض هذه الأغسال بعضاً قد مرّ في بحث غسل الجنابة .

وفي بدلية التيمّم عنها يأتي في باب التيمم . والحمد لله على كلّ حال .

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٠٧ النكاح ب ٥٥ ح ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٧٨ / ١٣٢٠ . وما بين المعقوفين من المصدر .

(٢) حكاه عنه في الذكرى : ٢٤ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٠ الطهارة ب ٢٦ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ .

(٤) الوسيلة : ٥٤ .

(٥) المنتهى ١ : ١٣٠ .

٣٤٥
 &

الباب الثالث : في التيمّم‌

وشرعيته ثابتة بالكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين .

والكلام فيه إمّا في ما يجوز معه التيمّم ، أي الأعذار المسوّغة له ، أو ما يجوز به ، أو ما يجوز له ، أو كيفيته ، أو أحكامه ، فهاهنا خمسة فصول :

الفصل الأول : في الأعذار المسوّغة له ، وهي أمور :

الأول : عدم وجدان الماء ، وهو مسوّغ له موجب إيّاه ، بالآية (١) ، والإِجماع ، والنصوص المتواترة معنى .

ويشترط في تسويغه له كونه بعد الطلب ، إجماعاً محقّقاً ومحكياً في الناصريات (٢) وغيرها (٣) ، وعن الغنية والمعتبر والتذكرة والمنتهى (٤) ؛ وهو الحجة فيه .

مضافاً إلى أصالة وجوب الطلب الثابت بوجوب ما لا يتمّ الواجب المطلق إلّا به ، وأصالة عدم مشروعية التيمم ، لعدم صدق الوجدان ـ المعلّق عليه مشروعيته ـ بدون الطلب عرفاً .

ولذا لا يصدق عدم وجدان الضالّة إلّا بعد طلبها ما تيسّر ، فإنّ عدم وجدان شي‌ء ـ عرفاً ـ عبارة عن عدم كونه حاصلاً عنده ، ولا معلوم الحصول من غير عسر ، ولا مرجوّه كذلك ولو احتمالاً .

فمن جوّز حصوله بسعي غير موجب للمشقّة لا يصدق عليه غير الواجد ،

__________________

(١) النساء : ٤٣ ، والمائدة : ٦ .

(٢) المسائل الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٩ .

(٣) كالرياض ١ : ٧٤ .

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، المعتبر ١ : ٣٦٣ ، التذكرة ١ : ٥٩ ، المنتهى ١ : ١٣٨ .

٣٤٦
 &

ألا ترى أنه لو أمر المولى عبده بشراء فرس ، ولو لم يجده فحمار ، لا يجوز له شراء الحمار مع رجاء تحصيل الفرس بأدنى سعي ؟

ومن هذا يظهر ضعف التمسّك في إيجاب الطلب بحسنة زرارة : « إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم وليصلّ في آخر الوقت ، فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضّأ لما يستقبل » (١) لتعليق الأمر بالطلب فيها على عدم الوجدان الغير المتحقّق إلّا مع عدم الرجاء أو ضرب من الطلب ، فيكون المأمور به فيها الطلب المقيد الغير الواجب قطعا كما يأتي ، واحتمال التجوّز في عدم الوجدان غير كاف في الاستدلال .

كما يضعف التمسّك برواية السكوني : « يطلب الماء في السفر ، إن كانت حزونة فغلوة ، وإن كانت سهلة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك » (٢) بخلوّها عن الدالّ على الوجوب .

فالمعتمد ما مرّ من الإِجماع والأصلين .

ولا تعارضهما (٣) رواية علي بن سالم : أفأطلب الماء يميناً وشمالاً ؟ فقال : « لا تطلب الماء يميناً ولا شمالاً ولا في بئر ، وإن وجدته على الطريق فتوضّأ وإلّا فامض » (٤) لشذوذها جدّاً ، مع أنّ حملها على صورة الخوف ممكن .

ثم مقتضى ما ذكرنا من الأصل وإن كان وجوب الطلب بقدر تُرجى الإِصابة ما لم يبلغ حدّ الحرج والمشقة ، كما اختاره في المدارك (٥) ، وهو ظاهر المحكي‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٦٣ الطهارة ب ٤١ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٩٢ / ٥٥٥ ، الاستبصار ١ : ١٥٩ / ٥٤٨ ، الوسائل ٣ : ٣٤١ أبواب التيمم ب ١ ح ١ .

(٢) التهذيب ١ : ٢٠٢ / ٥٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٥ / ٥٧١ ، الوسائل ٣ : ٣٤١ أبواب التيمم ب ١ ح ٢ .

(٣) في « ق » تعارضها .

(٤) التهذيب ١ : ٢٠٢ / ٥٨٧ ، الاستبصار ١ : ١٦٥ / ٥٧٢ ، الوسائل ٣ : ٣٤٣ أبواب التيمم ب ٢ ح ٣ .

(٥) مدارك الأحكام ٢ : ١٨١ ، وفيه : ( والمعتمد اعتبار الطلب من كل جهة يرجو فيها الاصابة بحيث

=

٣٤٧
 &

عن الجملين والاقتصاد والخلاف والجامع (١) ، حيث لم يقدّروه بقدر ، بل استوجهه في المعتبر صريحاً (٢) ، إلّا أنّ مدلول رواية السكوني ، السابقة كفاية الطلب غلوة في الأرض الحزنة وغلوتين في السهلة ، كما عن الإِسكافي والمقنعة والاستبصار والمراسم والوسيلة والسرائر والكافي والغنية والإِصباح والإِشارة وشرح الجمل للقاضي ومهذّبه والشرائع والنافع والقواعد (٣) وغيرها .

وضعف سندها غير ضائر ، مع أنّ عمل الجماعة ـ كما اعترف به في المعتبر (٤) ـ ودعوى تواتر النقل ـ كما صرّح به الحلّي (٥) ـ ونقل الإِجماع ـ كما في صريح الغنية وظاهر التذكرة (٦) ـ والشهرة المحقّقة والمحكية في كلام جملة من الأجلة (٧) له جابر .

وأمّا إيجاب الطلب ما دام الوقت ـ كما حكاه في الدروس عن قائل (٨) ، وفي شرح القواعد عن المعتبر (٩) ـ فلا دليل له ، وحسنة زرارة السابقة (١٠) لإِثباته غير

__________________

=

يتحقق عرفا عدم وجدان الماء .

(١) جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٢٥ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٨ ، الاقتصاد : ٢٥١ ، الخلاف ١ / ١٤٧ ، الجامع للشرائع : ٤٦ .

(٢) المعتبر ١ : ٣٩٣ .

(٣) حكاه عن الاسكافي في المختلف : ٤٧ ، المقنعة : ٦١ ، الاستبصار ١ : ١٦٥ ، المراسم : ٥٤ ، الوسيلة : ٦٩ ، السرائر ١ : ١٣٥ ، الكافي في الفقه : ١٣٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، الاشارة : ٧٤ ، شرح الجمل : ٦١ ، المهذب ١ : ٤٧ ، الشرائع ١ : ٤٦ ، المختصر النافع : ١٧ ، القواعد ١ : ٢٢ .

(٤) المعتبر ١ : ٣٩٣ .

(٥) السرائر ١ : ١٣٥ .

(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، التذكرة ١ : ٥٩ .

(٧) كصاحب الكفاية : ٨ ، وصاحب الرياض ١ : ٨٠ .

(٨) الدروس ١ : ١٣١ .

(٩) جامع المقاصد ١ : ٤٦٦ وهو في المعتبر ١ : ٣٩٣ .

(١٠) راجع ص ٣٤٧ .

٣٤٨
 &

ناهضة ؛ لإِمكان كون القيد للحكم دون المحكوم به ، فيكون المراد تحديد زمان الطلب لا مقداره .

مع أنه على تقدير المنافاة شاذ ؛ لمعارضة الرواية المنجبرة . وما ذكرناه أيضاً لا يقتضيه ؛ لأنّ مقتضاه كفاية عدم الوجدان عرفاً ، وعدم رجاء الحصول وقت إرادة الصلاة ، لا جميع أوقاتها (١) .

__________________

(١) توجد في « ح » حاشية منه رحمه الله :

بيان ذلك : إنه قد يكون الشخص غير واجد لشي‌ء دائماً ، وقد يكون واجداً له في حال أو وقت .

فإذا علق حكم على عدم وجدان شي‌ء فالتحقيق فيه إما يكون ذلك الحكم موقتاً بوقت ، أو معلقاً بحال ، أولا ولا ، بل يكون مطلقاً .

فإن كان مقيداً بوقت أو معلقاً بحال فالمتبادر المفهوم منه عدم الوجدان في ذلك الوقت أو تلك الحال ، سواء كان الوقت مضيقاً كما إذا قال : صلّ في الساعة الفلانية مع الوضوء وإن لم تجد الماء فمع التيمم ، فإن المراد : فإن لم تجده في تلك الساعة . أو موسعاً ، كما إذا قال : صل ركعتين غداً مع الوضوء ، فإن لم تجد الماء فمع التيمم ، فالمفهوم عدم وجدان الماء في الغد مطلقاً ، فلو لم يجد في أول النهار وجوّز وجوده في وسطه لا يجوز له التيمم . لأن المتبادر عدم وجدان الماء في الغد ، إلا أن تعلق الوضوء في أثناء العبادة بأن يقول : صل غداً ركعتين ، ومتى أردت فعلها توضأ وإن لم تجد ماءً فتيمم . فمن لم يجد ماءً حين الإِرادة [ يجوز له التيمم ] .

وفي التعليق في الحال كما أن قال : إذا أردت الصلاة فتوضأ وإن لم تجد الماء فتيمم ، أو : إذا ذكرت فوت الصلاة فاقضها كما فاتتك أي مع الوضوء أيضاً ، ثم قال : وإن لم تجد الماء فتيمم .

وإن كان مطلقاً نحو : صلّ ركعتين مع الوضوء ، ثم قال : وإن لم تجد ماء فتيمم ، فالظاهر أن المراد إن لم تجده في جميع الوقت الذي يجوز فعلهما فيه إلى آخر زمان لا يسع الوقت غيره .

هذا كلّه إذا لم يكن هناك دليل على عموم البدلية في جميع الأحوال ، وإن كان فيصح المعلق عليه في كل وقت من أوقات عدم الوجدان ، كما إذا قال بعد الأمر بالصلاة مع الوضوء مطلقاً أو موقتاً مضيقاً أو موسعاً : وإذا لم تجد الماء أو كلما لم تجده فتيمم ، والوجه ظاهر .

إذا عرفت ذلك فاعلم أن التيمم للصلاة جائز في كل وقت اُريد الصلاة وصدق عدم وجدان الماء ، للآيتين ومثل حسنة الحلبي : « إذا لم يجد الرجل طهوراً وكان جنباً فليس من الأرض وليصلّ » ورواية أبي بصير : « إذا كنت في حال لا تقدر إلا على الطين فتيمم به » ورواية رفاعة : « إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه ـ إلى أن قال ـ : وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه » إلى غير ذلك من العمومات . فيجوز التيمم في

=

٣٤٩
 &

ثم إنّه اختلفت كلمات اللغويين في معنى الغلوة .

ففي العين والأساس : إنّ الفرسخ التام خمس وعشرون غلوة (١) .

وفي بعضها : إنها ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة (٢) .

وفي آخر : إنّها مائة باع (٣) والميل عشر غلاء .

وظاهر أكثر الفقهاء أنّ المحدود غلوة سهم أو سهمين ، أي قدر ذهابهما مع عدم مانع أو معاون ، والروايات خالية عن ذكر السهم ، ولكن يمكن أن يكون مراد أهل اللغة أنّ هذا القدر هو مرمى السهم ، والواجب الأخذ بالأكثر ، ووجهه ظاهر ممّا مرّ .

فروع :

أ : قالوا : يتوزّع مع اختلاف الأرض حزونة وسهولة (٤) .

وفيه نظر ، والأصل يقتضي الأخذ بالأكثر .

ب : اللازم الطلب بالمقدّر من كلّ جانب ، كما صرّح به في المبسوط (٥) لا

__________________

=

كل حال يصدق عدم الوجدان للصلاة . ومثل الصلاة غيرها مما يجوز التيمم لعدم الفصل . بل يدل عليه في الجملة ما يأتي من قوله : « إن التيمم نصف الوضوء » من غير ضرورة ، إذا لم تجد الماء ، بل في كل موضع : روايات أبي بصير ورفاعة وابن المغيرة . وكذا سائر الأعذار فإنها أيضاً مثل عدم الماء لعدم الفصل ، ولرواية أبي بصير ، فإن قوله : « لا تقدر » شامل للجميع ، وكذا قوله : « وإن كنتم مرضى » .

هذا كله مع قطع النظر عن دليل آخر ، وإلا فأدلة وجوب تأخير التيمم للصلوات الموقتة إلى آخر وقتها فهو أمر آخر . منه رحمه الله تعالى .

(١) العين ٨ : ٤٤٦ ، وأساس البلاغة : ٣٢٧ .

(٢) كما نقل عن ابن شجاع في المغرب ٢ : ٧٨ .

(٣) الباع : قدر مدّ اليدين . الصحاح ٣ : ١١٨٨ .

(٤) كما في المسالك ١ : ١٦ .

(٥) المبسوط ١ : ٣١ .

٣٥٠
 &

لعدم المرجّح لبعضها كما قيل (١) ؛ إذ غاية ما يثبت منه التخيير . بل لأنه لم يعلم من الرواية خروج ما عدا ذلك من تحت الأصلين المتقدمين ؛ لأنّ المشار إليه بقوله : « ذلك » فيها هو الغلوة والغلوتان ، لا الطلب كذلك الموجب لكفاية تحقّق مطلقه ، لحزازة المعنى ، مع أنّ إمكان إرادة ما ذكرنا يكفي لنا .

فلا يكفي الطلب عن اليمين والشمال ، كما عن نهاية الإِحكام والوسيلة والاقتصاد (٢) ، ولا مع الأمام في المسافر ، كما عن المفيد والحلبي (٣) ، ولا الجهات الأربع ، كما عن المهذب وشرح الجمل للقاضي والإِصباح والإِشارة والشرائع والغنية (٤) ، بل عن الأخير الإِجماع عليه ، ولا مطلق الطلب كما هو ظاهر من أطلقه . مع أنّ حمل الأخيرين على ما ذكرناه أيضاً ممكن ، بل وكذا الثاني ، لكون الخلف مفروغاً عنه .

ج : وجوب الطلب إنّما هو مع الأمن واحتمال وجود الماء في النصاب وما دونه ، فيسقط مع الخوف إجماعاً ؛ له ، ولفحوى ما دلّ على سقوطه مع العلم بوجود الماء مع الخوف كما يأتي .

ولرواية الرقي : أكون في السفر وتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال : إنّ الماء قريب منا ، فأطلب الماء ـ وأنا في وقت ـ يميناً ولا شمالاً ؟ قال : « لا تطلب الماء ولكن تيمّم ، فإني أخاف عليك التخلّف عن أصحابك فتضلّ ويأكلك السبع » (٥) .

وكذا مع العلم بعدم الماء مطلقاً فيسقط كذلك ، أو في بعض الجهات

__________________

(١) روض الجنان : ١١٩ .

(٢) نهاية الإِحكام ١ : ١٨٣ ، الوسيلة : ٦٩ ، الاقتصاد : ٢٥١ .

(٣) المفيد في المقنعة : ٦١ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٣٦ .

(٤) المهذب ١ : ٤٧ ، شرح الجمل : ٦١ ، الاشارة : ٧٤ ، الشرائع ١ : ٤٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ .

(٥) الكافي ٣ : ٦٤ الطهارة ب ٤١ ح ٦ ، التهذيب : ١٨٥ / ٥٣٦ ، الوسائل ٣ : ٣٤٢ أبواب التيمم ب ٢ ح ١ .

٣٥١
 &

فيسقط فيه خاصة ، بلا خلاف فيه بين أصحابنا كما في الحدائق (١) ، بل عليه وفاقهم في المعتمد ؛ لصدق عدم الوجدان المعلّق عليه التيمّم ، وعدم تحقّق الطلب إلّا مع احتمال الوجود ، فلا يجري دليل وجوبه مع انتفائه .

وظاهر الشهيد في قواعده : وجود القول بالطلب مع العلم بالعدم أيضاً ، حيث إنّه عدّ من جملة ما وقع التعبّد المحض فيها ولا يكاد يهتدي فيه إلى العلّة : وجوب طلب المتيمّم وإن علم عدم الماء .

ولا فرق في الاحتمال الموجب للطلب بين مرجوحة وغيره ، كما به صرّح جماعة منهم المنتهى (٢) ؛ للأصلين المتقدّمين . خلافاً للمحكي عن الإِسكافي (٣) ، والفاضل الجواد ، فأسقطاه مع ظنّ العدم أيضاً ؛ لقيامه مقام العلم في الشرعيات . وهو بإطلاقه ممنوع .

ولا في عدم احتماله في النصاب وما دونه المسقط للطلب بين ما علم العدم فوق النصاب أيضاً ، أو احتمل وجوده فيه ولو راجحاً ؛ لرواية السكوني السابقة (٤) ، حيث إنّها تدلّ على عدم وجوب الطلب في الأكثر ، فإمّا يجب الوضوء أو تسقط الصلاة أو يتيمّم ، والأولان باطلان ، فتعيّن الثالث .

وقيل بوجوب الطلب مع رجحان الاحتمال ؛ لفقد شرط التيمّم وهو العلم بعدم التمكن ، ولعدم تبادر هذه الصورة من الرواية (٥) .

ويضعّف الأول : بمنع انحصار الشرط فيه ، بل عدم العلم بالتمكّن مع عدم الماء في النصاب أيضاً يسوّغه .

والثاني : بمنع لزوم تبادر هذه الصورة ، بل يكفي عدم تبادر غيرها خاصة .

__________________

(١) الحدائق ٤ : ٢٥١ .

(٢) المنتهى ١ : ١٣٩ .

(٣) حكاه عنه في المختلف : ٤٧ .

(٤) راجع ص ٣٤٨ .

(٥) الرياض ١ : ٨١ .

٣٥٢
 &

نعم لو علم وجوده فوق النصاب ، يجب تحصيله مع التمكن إجماعاً ؛ له ، ولصدق الوجدان الموجب لعدم جواز التيمّم .

ولا تنافيه الرواية ؛ لأنّ المتبادر من طلب الماء إنما هو ما إذا لم يتيقّن وجوده وحصوله ، وأمّا معه فلا يستعمل الطلب .

ولا في وجوب السعي حينئذٍ بين ما إذا كان الماء قريباً أو بعيداً ما لم يبلغ الحرج والمشقة ، ولا بين ما إذا كان السعي مفوّتاً لشغله ومطلوبه الذي يشرع فيه ـ ما لم يتضرر به ـ أم لا ؛ للأصل .

وفي المعتبر : إنّ الحطّاب والخشّاب إن لم يمكنه العود إلى المصر لتحصيل الماء إلّا بفوات مطلوبه يتيمّم (١) ، ونفى عنه البعد في شرح القواعد (٢) . ويدفعه ما مرّ .

د : لو طلب قبل الوقت ولم يجد ، لم يجب بعده إلّا مع احتمال التجدّد ، فيجب حينئذٍ ؛ للأصلين .

وتوهّم عدم الوجوب لتحقّق مطلق الطلب الذي هو المسوّغ مندفع : بعدم وجود ما يدلّ على كفاية مطلق الطلب في التسويغ ، فيجب الأخذ بالمجمع عليه .

هـ : لا شك في جواز الاستنابة في الطلب مع عدم إمكان المباشرة ، بل تجب ولو باُجرة ؛ لأنها الطلب في حقه . وتجب إفادتها للعلم بالحال ؛ لأنه المقصود من الطلب ولا أقلّ من عدم العلم بكفاية غيره وهو كافٍ في المقام ، إلّا مع عدم إمكانه فيكفي الظن ، لما مرّ من كونها الطلب في حقه .

وأمّا مع إمكان المباشرة ، فإن كانت الاستنابة مفيدةً للعلم كفت ؛ لسقوط الطلب حينئذٍ ، وإلّا لم تكف ، لا لتوجّه الخطاب إليه نفسه والأصل عدم قيام غيره مقامه ، لأن الاستنابة في الفحص أيضاً نوع طلب منه ، بل لما مرّ من عدم العلم

__________________

(١) المعتبر ١ : ٣٦٥ .

(٢) جامع المقاصد ١ : ٤٦٦ .

٣٥٣
 &

بكفاية مطلق الطلب ، فيجب الأخذ بالمجمع عليه . خلافاً للروض ، فجوّزها مطلقاً مع عدالة النائب (١) . ودفعه ظاهر .

و : لو قصر في الطلب وتيمّم وصلّى في سعة الوقت ، بطل تيمّمه إجماعاً ، كما في المنتهى (٢) وغيره (٣) ؛ لعدم ثبوت مشروعيته إلّا مع الطلب ، ولأن الأمر بالطلب يقتضي النهي عن ضدّه الخاص . وصلاته (٤) ؛ لذلك ، ولخلوّها عن الطهور ، سواء وجد الماء بعد الصلاة أو لم يجد .

ز : لو قصر فيه حتى ضاق الوقت عنه وإدراك ركعة ، يتيمّم ويصلّي ، وفاقاً للمشهور ، على المصرّح به في كلام جماعة ( منهم المدارك ) (٥) .

لا للأصل ، ولا لكونه غير واجد للماء ، ولا لأنّ فرضه إمّا تأخير الصلاة عن الوقت ، أو الصلاة فيه مع الوضوء ، أو مع التيمّم ، والأولان باطلان والثالث المطلوب ، ولا لعموم قوله : « فإذا خاف . . . » في الحسنة المتقدمة (٦) .

لضعف الأول : بالمنع ، بل الأصل عدم مشروعية التيمم .

والثاني : بمنع صدق عدم الوجدان ، فإنه أمر عرفي لا مدخلية لضيق الوقت عن الصلاة وسعته فيه أصلاً .

والثالث : بجواز أن يكون فرضه الطلب وقضاء الصلاة مع الوضوء إن وجد ومع التيمّم إن لم تجد ، كما هو مختار طائفة (٧) ، فهو كمن أخّر التيمّم أيضاً حتى ضاق الوقت عنه ، فهو معاقب بالتأخير مأمور بالقضاء .

والرابع : بفقد الدلالة ، لرجوع المستتر إلى غير الواجد ، وتحقّقه غير معلوم

__________________

(١) روض الجنان : ١١٩ .

(٢) المنتهى ١ : ١٣٨ .

(٣) كالحدائق ٤ : ٢٤٨ .

(٤) هذا عطف على قوله : تيممه ، أي : وبطلت صلاته .

(٥) مدارك الأحكام ٢ : ١٨٣ ، وما بين القوسين ليس في « ق » .

(٦) في ص ٣٤٧ .

(٧) انظر الخلاف ١ : ١٤٧ والدروس ١ : ١٣١ .

٣٥٤
 &

في المورد .

بل لمرسلة العامري : عن رجل أجنب ولم يقدر على الماء وحضرت الصلاة فيتيمّم بالصعيد ، ثم يمرّ بالماء ولم يغتسل وانتظر ماءً آخر وراء ذلك ، فدخل وقت الصلاة الاُخرى ولم ينته إلى الماء وخاف فوت الصلاة ، قال : « يتيمم ويصلّي ، فإن تيمّمه الأول قد انتقض حين مرّ بالماء ولم يغتسل » (١) أمر بالتيمّم والصلاة مطلقاً مع كونها أعم من تجويز الماء يميناً وشمالاً .

والمروي في قرب الإِسناد المنجبر ضعفه بالشهرة المحكية : عن رجل أجنب فلم يصب الماء أيتيمّم ويصلّي ؟ قال : « لا حتى آخر الوقت ، إنه إن فاته الماء لم تفته الأرض » (٢) .

خلافاً للمحكي عن المبسوط ( والخلاف ) (٣) وفي النهاية والنافع (٤) ، فحكموا ببطلان التيمم ؛ لفقد شرطه الذي هو عدم الوجدان أو الطلب بقدر النصاب ، ويلزمه وجوب القضاء .

وفيه : منع الاشتراط هنا ، لما تقدم ، بل الشرط أحد الأمرين أو ضيق الوقت عن الطلب .

ونفي خلاف المذكورين وتنزيل عباراتهم على سعة الوقت ـ كما في المدارك (٥) ، وغيره (٦) ـ باطل ؛ لأنّ هؤلاء لا يجوّزون التيمّم في السعة سواء أخلّ بالطلب أم لا .

ثم هذا التيمّم والصلاة يجزي عن فرضه ، سواء ظهر وجود الماء ولو في ما

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٩٣ / ٥٥٧ ، الوسائل ٣ : ٣٧٧ أبواب التيمم ب ١٩ ح ٢ .

(٢) قرب الإِسناد : ١٧٠ / ٦٢٣ ، الوسائل ٣ : ٣٨٥ أبواب التيمم ب ٢٢ ح ٤ .

(٣) ليست في « هـ » .

(٤) المبسوط ١ : ٣١ ، الخلاف ١ : ١٤٧ ، النهاية : ٤٥ ، المختصر النافع : ١٧ .

(٥) مدارك الأحكام ٢ : ١٨٤ .

(٦) الذخيرة : ١٠٦ .

٣٥٥
 &

دون النصاب أو لم يظهر ، وفاقاً في الصورتين لجماعة منهم : المعتبر والمدارك والأردبيلي (١) ، ووالدي رحمه الله .

لأصالة عدم وجوب القضاء ، بل الإِعادة إذا انكشف الخطأ في ظن الضيق ، ولاقتضاء الأمر بالتيمّم ـ الذي هو بدل المائية قطعاً ـ للإِجزاء ، مع عدم تعقّل وجوب البدل والمبدل منه .

وللمستفيضة الشاملة للمورد ، كصحيحة العيص : عن رجل يأتي الماء وهو جنب وقد صلى ، قال : « يغتسل ولا يعيد الصلاة » (٢) .

وصحيحة ابن مسلم : عن رجل أجنب فتيمّم بالصعيد وصلّى ثم وجد الماء ، قال : « لا يعيد ، ربّ الماء ربّ الصعيد » (٣) .

وصحيحة زرارة : فإن أصاب الماء وقد صلّى بتيمم وهو في وقت ؟ قال : « تمت صلاته ولا إعادة عليه » (٤) وبمضمونها صحيحة الأحمر (٥) ، إلى غير ذلك .

خلافاً في الصورة الاُولى ـ إن وجد فيما دون النصاب ـ للقواعد وشرحه (٦) ، بل في الأخير نسبه إلى الأكثر ، كما في الحدائق إلى المشهور (٧) ، وعن ظاهر المنتهى : الإِجماع عليه (٨) .

__________________

(١) المعتبر ١ : ٣٦٥ ، المدارك ٢ : ١٨٤ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ٢٣٨ .

(٢) التهذيب ١ : ١٩٧ / ٥٦٩ ، الاستبصار ١ : ١٦١ / ٥٥٦ ، الوسائل ٣ : ٣٧٠ أبواب التيمم ب ١٤ ح ١٦ .

(٣) التهذيب ١ : ١٩٧ / ٥٧١ ، الاستبصار ١ : ١٦١ / ٥٥٧ ، الوسائل ٣ : ٣٧٠ أبواب التيمم ب ١٤ ح ١٥ .

(٤) التهذيب ١ : ١٩٤ / ٥٦٢ ، الاستبصار ١ : ١٦٠ / ٥٥٢ ، الوسائل ٣ : ٣٦٨ أبواب التيمم ب ١٤ ح ٩ .

(٥) التهذيب ١ : ١٩٥ / ٥٦٣ ، الاستبصار ١ : ١٦٠ / ٥٥٣ ، الوسائل ٣ : ٣٧٠ أبواب التيمم ب ١٤ ح ١٤ .

(٦) القواعد ١ : ٢٢ ، وجامع المقاصد ١ : ٤٦٧ .

(٧) الحدائق ٤ : ٢٥٦ .

(٨) المنتهى ١ : ١٣٨ .

٣٥٦
 &

لأنّ ظهور الماء في موضع الطلب كاشف عن اشتغال ذمته بالصلاة مع المائية وقد تركها ، ومن يترك صلاة فعليه فعلها ثانياً كما تركها .

ولرواية أبي بصير : عن رجل كان في سفر وكان معه ماء فنسيه وتيمّم وصلّى ، ثم ذكر أن معه ماءً قبل أن يخرج الوقت ، قال : « عليه أن يتوضّأ ويعيد الصلاة » (١) .

وردّها بورودها في النسيان وهو أخصّ من المدّعى ، وفيما وقع التيمّم في السعة وهو خلاف المفروض . مردود : بأنّ النسيان لا ينفي وجوب الطلب ، والرواية شاملة لمن لم يطلب أيضاً ، وبقاء وقت الصلاة بعد التيمّم والصلاة لا ينافي خروج وقت الطلب والصلاة معاً ، مع أنّ ظنّ الخروج وظهور خلافه ممكن .

نعم تكون الرواية حينئذٍ أخصّ من مدّعاهم الذي هو الإِعادة والقضاء ، ولا يبعد أن يخصّص المدّعى أيضاً بذلك ، حيث إنّ الوارد في كلامهم هو الإِعادة الظاهرة فيما يفعل في الوقت .

وعلى هذا فيمكن أن يستدلّ لهم أيضاً : برواية يعقوب : عن رجل تيمّم فأصاب بعد صلاته ماءً أيتوضّأ ويعيد الصلاة أم تجوز صلاته ؟ قال : « إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت توضّأ أعاد ، فإن مضى الوقت فلا إعادة عليه » (٢) .

والمروي في التذكرة مرسلاً المنجبر بما مر : « لو أخلّ بالطلب ثم وجد الماء في رحله أو مع أصحابه أعاد الصلاة » (٣) .

والجواب أما عن الأول : فبمنع تركه الصلاة ، وإنما ترك بعض مقدماتها التي ظهر وجوبها بعد قيام غيره مقامه ، مع أنّ في ظهور الاشتغال بما ذكر أيضاً كلاماً .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٦٥ الطهارة ب ٤١ ح ١٠ ، التهذيب ١ : ٢١٢ / ٦١٦ ، الوسائل ٣ : ٣٦٧ أبواب التيمم ب ١٤ ح ٥ .

(٢) التهذيب ١ : ١٩٣ / ٥٥٩ ، الاستبصار ١ : ١٥٩ / ٥٥١ ، الوسائل ٣ : ٣٦٨ أبواب التيمم ب ١٤ ح ٨ .

(٣) التذكرة ١ : ٦٥ .

٣٥٧
 &

وأمّا عن الروايات : فبعدم دلالة الاُوليين على خارج الوقت لو كان النزاع فيه أيضاً ، وعدم إفادة الأخيرتين للوجوب ، فيحتملان الاستحباب كما تؤيّده موثّقة ابن حازم : في رجل تيمّم وصلّى ثم أصاب الماء ، قال : « أمّا أنا فإن كنت فاعلاً كنت أتوضّأ [ واُعيد ] » (١) .

وكون الطرفين ـ لاختصاصهما بمن كان الماء معه فكان فيما دون النصاب ـ معارضين لأخبارنا المختصة بغير من تيمّم وصلّى في السعة بدون الطلب بالعموم من وجه ، فيرجع إلى الأصل .

وفي الصورتين للدروس (٢) ، ولعلّه لمثل ما مرّ من اشتغال ذمته بالصلاة المسبوقة بالطلب ولم يفعلها . وجوابه قد ظهر .

ثم إنه لو ضاق الوقت عن الطلب في بعض الجهات دون بعض لم يجز له التيمّم ؛ لأصالة عدم مشروعيته ، وعدم شمول الخبرين (٣) لمثله .

ح : لو كان معه ماء فأتلفه ، أو مرّ به ولم يتطهّر ، أو كان متطهّراً فأحدث اختياراً وحضرت الصلاة ، يتيمّم ويصلّي ، سواء كان الإِتلاف وأخواه قبل الوقت أو فيه .

وفاقاً للجميع في الأول ، وللأكثر في الثاني ، وظاهر شرح القواعد عدم الخلاف في الثاني أيضاً مع ظنّ وجود الماء (٤) ، بل ظاهر المعتبر مطلقاً حيث نسب الخلاف إلى العامة (٥) ، لصدق عدم الوجدان .

ولا إعادة ؛ للأصل ، وإجزاء الأمر بالتيمّم الذي هو بدل المائية قطعاً ،

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٩٣ / ٥٥٨ ، الاستبصار ١ : ١٥٩ / ٥٥٠ ، الوسائل ٣ : ٣٦٨ أبواب التيمم ب ١٤ ح ١٠ . وما بين المعقوفين من المصدر .

(٢) الدروس ١ : ١٣١ .

(٣) أي مرسلة العامري والمروي في قرب الاسناد ، وقد تقدما في ص ٣٥٥ .

(٤) جامع المقاصد ١ : ٤٦٩ .

(٥) المعتبر ١ : ٣٦٦ .

٣٥٨
 &

وعدم تعقّل وجوب البدل والمبدل منه ، وللأخبار المتقدّمة النافية للإِعادة على من صلّى بالتيمّم ولو وجد الماء في الوقت (١) .

خلافاً للدروس في الوقت مطلقاً (٢) ، لتعلّق الصلاة مع المائية بذمته بدخول الوقت ووجود الماء ، ولم يأت بالمأمور به على وجهه .

وللبيان فيه مع العلم باستمرار الفقدان (٣) ؛ لما مرّ ، ولعصيانه ، والتيمّم رخصة لا يناط بالمعاصي .

وجواب الأول يظهر مما مرّ ، والثاني : منع العصيان كما قيل (٤) ، ثم منع عدم إناطة الرخصة بالمعصية على الإِطلاق .

ولبعض مشايخنا (٥) ، فأوجب الإِعادة فيه دون القضاء ـ ويمكن أن يكون ذلك مراد الدروس والبيان لتصريحهما بلفظ الإِعادة (٦) ـ لرواية أبي بصير (٧) .

وجوابه قد ظهر .

ولتوقّف العلم بالبراءة اليقينية عليه .

وفيه : أنه إن أريد شغل الذمة بالصلاة فقد فعلها ، وإن اُريد بالصلاة مع المائية فكذلك ، للإِتيان بما هو بدل قطعاً ، وللأخبار .

ثم إنه قد مرّ تصريح البيان بترتب العصيان على الإِتلاف في الوقت ونحوه ، ولازمه بطلان بيعه وصلحه وهبته ، وقد أفتى به . فهل هو كذلك ـ كما اختاره في‌

__________________

(١) راجع ص ٣٥٦ .

(٢) الدروس ١ : ١٣١ .

(٣) البيان : ٨٤ .

(٤) كما في المعتبر ١ : ٣٦٦ .

(٥) لم نعثر على شخصه .

(٦) كذلك في الدروس ١ : ١٣١ ، ولكن قال في البيان : ٨٤ لو أراق الماء في الوقت عصى مع علمه باستمرار الفقد ويقضي .

(٧) المتقدمة في ص ٣٥٧ .

٣٥٩
 &

التذكرة والمنتهى أيضاً (١) ـ أم لا ، كما صرح به في المعتبر (٢) ؟ الحقّ هو الأول .

لا لما قيل من أنه مقتضى وجوب الطلب (٣) ، إذ ليس إلّا للاقتدار على الماء ، والعلّة بعينها هنا موجودة ، ولأنه إذا طلب ووجد فإن جازت الإِراقة كان الأمر بالطلب لغواً وإلّا ثبت المطلوب .

ومن أنه متمكّن من الماء فيجب عليه الوضوء ، فيحرم تركه ، فيحرم ملزوم الترك أيضاً .

وأن الوضوء مع القدرة واجب وهو في الفرض مقدور ، فتكون مقدمته ـ التي هي حفظ الماء ـ واجبة .

لإِمكان ردّ الأول : بمنع الاقتضاء ، والثانيين : بأنه إن اُريد التمكّن حال وجود الماء فمسلّم ويمتنع التلف فيه ، وإن أريد في الحال التي بعده فالتمكن غير معلوم بل مشروط بعدم الإِتلاف .

وأيضاً : إن اُريد وجوب الوضوء حال التمكن ـ وهو الآن الذي فيه ـ فلا معنى للتكليف فيه ، وإن اُريد بعده فالتمكن ممنوع .

فإن قيل : كيف لا يتمكن مع أنه لو لم يتلفه لتمكن ، والإِتلاف باختياره ، فهو في الآن اللاحق أيضاً متمكن ، فيجب الوضوء ، فيحرم ملزوم تركه ، وتجب مقدمته . والحاصل : أن في آن وجود الماء متمكن من الوضوء في الآن اللاحق بأن يبقي الماء .

قلنا : إن كان ظرف التمكن من الوضوء في الآن اللاحق الآن السابق فهو واه ، وإن كان الآن اللاحق فالتمكن فيه ممنوع ، بل هو مشروط بعدم الإِتلاف .

نعم ، يتمكن في الآن السابق من جعله متمكناً في اللاحق ومن إبقاء تمكنه فيه ، ووجوبه عين النزاع .

__________________

(١) التذكرة ١ : ٦٧ ، المنتهى ١ : ١٥٢ .

(٢) المعتبر ١ : ٣٦٦ .

(٣) كما استدل به في شرح المفاتيح : ( المخطوط ) .

٣٦٠