مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-78-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وفي صحيحة ذريح : الجنازة يؤذن بها الناس ؟ قال : « نعم » (١) . وقريب منها المرسل (٢) .

وهي ـ كما ترى ـ تعم النداء العام أيضاً . فما عن الخلاف من أنه لا نصّ في النداء (٣) ، إن أراد بالخصوص فكذلك ، وإلّا فلا .

والاُولى وإن اختصّت بالأولياء ، والأخيرتان لا تشملان غيرهم أيضاً ، لعدم إطلاقهما بالنسبة إلى كل مؤذن إلّا بواسطة أصالة عدم المطلوبية من خاص المندفعة بالاُولى ، إلّا أنّ عمومات الإِعانة على البر الذي هو في المقام ما يترتّب على الحضور من الثواب الجزيل على السنن الموظّفة فيه (٤) تكفي في التعميم لغيرهم أيضاً .

ولا ينافيه الاختصاص في الاُولى ؛ لجواز أفضلية بعض أفراد المستحب ، فيكون مستحباً في المستحب .

فما عن الجعفي من كراهة النعي ، إلّا أن يرسل صاحب المصيبة إلى من يختص به (٥) ؛ ليس بجيّد ، مع أنّ مأخذ الكراهة غير معلوم .

وأما الثالث : (٦) [ فأن ] (٧) يحضره جنب أو حائض ؛ لنقل الإِجماع في المعتبر (٨) ، والأخبار .

منها : صحيحة ابن أبي حمزة : « لا بأس أن تمرّضه ـ أي الحائض ـ فإذا

__________________

(١ و ٢) الكافي ٣ : ١٦٦ أبواب الجنائز ب ٣٧ ح ١ و ٢ و ٣ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧٠ ، الوسائل ٣ : ٥٩ ، ٦٠ ، أبواب صلاة الجنازة ب ١ ح ١ ، ٣ ، ٤ .

(٣) الخلاف ١ : ٧٣١ .

(٤) انظر الوسائل ٣ : ١٤١ ، ١٤٥ ، أبواب الدفن ب ٢ ، ٣ .

(٥) كما نقل عنه في الذكرى : ٣٨ .

(٦) وهو ما يكره في حال الاحتضار .

(٧) في النسخ : « بأن » وما أثبتناه أنسب .

(٨) المعتبر ١ : ٢٦٣ قال : وبكراهة ذلك قال أهل العلم .

٨١
 &

خافوا عليه وقرب ذلك فلتنحّ عنه ، فإن الملائكة تتأذى بذلك » (١) .

والمروي في العلل : « لا يحضر الحائض والجنب عند التلقين ، فإن الملائكة تتأذّى بهما » (٢) .

ومقتضى التعليل وظاهر إطلاق الأخير : الشمول لتلقين الاحتضار والدفن .

ويدلّ على خصوص الأول : الرضوي : « ولا تحضر الحائض ولا الجنب عند التلقين ، فإنّ الملائكة تتأذّى بهما ، ولا بأس بأن يليا غسله ، ويصلّيا عليه ، ولا ينزلا قبره ، فإن حضرا ولم يجدا من ذلك بُدّاً فليخرجا إذا قرب خروج نفسه » (٣) .

وعلى الثاني : رواية يونس : « لا تحضر الحائض الميت ، ولا الجنب عند التلقين ، ولا بأس أن يليا غسله » (٤) .

والمروي في الخصال : « ولا يجوز للمرأة الحائض ولا الجنب الحضور عند تلقين الميت ، لأنّ الملائكة تتأذّى بهما ولا يجوز لهما إدخال الميّت قبره » (٥) .

ونفي الجواز في الأخير محمول على تأكّد الكراهة ؛ لضعف الرواية بمخالفتها عمل جلّ الطائفة ، وإن أفتى بهذه العبارة في الفقيه ، والمقنع ، والهداية (٦) ، ولكنه لا يخرجها عن الشذوذ ، بل لا ينافي ما هو الظاهر من انعقاد الإِجماع على نفي الحرمة ، ولأجله يحمل الأمر في الصحيح والرضوي على الاستحباب أيضاً ، والاحتياط لا ينبغي أن يترك .

ومقتضى الأصل : زوال الكراهة بالموت . ولا يعارضه الاستصحاب ؛

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٣٨ ، الجنائز ب ١٧ ح ١ ، التهذيب ١ : ٤٢٨ / ١٣٦١ ، الوسائل ٢ : ٤٦٧ أبواب الاحتضار ب ٤٣ ح ١ .

(٢) علل الشرائع : ٢٩٨ ب ٢٣٦ ، الوسائل ٢ : ٤٦٧ أبواب الاحتضار ب ٤٣ ح ٣ .

(٣) فقه الرضا : ١٦٥ ، المستدرك ٢ : ١٣٨ أبواب الاحتضار ب ٣٣ ح ٣ .

(٤) التهذيب ١ : ٤٢٨ / ١٣٦٢ ، الوسائل ٢ : ٤٦٧ أبواب الاحتضار ب ٤٣ ح ٢ .

(٥) الخصال : ٥٨٦ أبواب السبعين وما فوقه .

(٦) الفقيه ١ : ٥١ ، المقنع : ١٧ ، الهداية : ٢٣ .

٨٢
 &

لاختصاص الروايات بحال القرب من الموت أو التلقين . ولكن المستفاد من تأذّي الملائكة المطلوب حضور أهل الرحمة منهم بعد الموت أيضاً بقاؤها بعده ، كما إحتمله في البحار ، فتأمل .

وهل تزول في الحالين بانقطاع الدم عن الحائض قبل الغسل ، أو بالتيمّم بدل الغسل عند تعذّره عنهما ؟ فيه إشكال ، ومقتضى صدق الاسم والاستصحاب العدم .

وأن يترك وحده ؛ لرواية أبي خديجة : « ليس من ميت يموت ويترك وحده إلّا لعب الشيطان في جوفه » (١) .

ومرسلة الصدوق : « لا تدعنّ ميتك وحده ، فإنّ الشيطان يعبث به في جوفه » (٢) .

وقريب منهما الرضوي (٣) ، والمروي في العلل (٤) .

وحمله في البحار على حالة الاحتضار ، وعبث الشيطان على وسوسته وإضلاله (٤) .

ولا داعي له ، بل إبقاؤه على ظاهره ممكن ، كما نقل أنه ترك ميت وحده ليلاً إلى الصباح فوجدوه قد جفّ بعض أعضائه .

وسمعت من ثقة أنه غسّل ميت وكفن في أول الليل وترك في بيت وحده واُغلق الباب عليه ليدفن في النهار ، فإذا أصبحوا وفتحوا الباب ، وجدوه يدور في البيت ميتاً ، فإذا دخلوه وأخذوا في قراءة القرآن وقع على الأرض .

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٣٨ ، الجنائز ب ١٦ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٠ / ٨٤٤ ، الوسائل ٢ : ٤٦٦ أبواب الاحتضار ب ٤٢ ح ١ .

(٢) الفقيه ١ : ٨٦ / ٣٩٩ ، الوسائل ٢ : ٤٦٦ أبواب الاحتضار ب ٤٢ ح ٢ .

(٣) فقه الرضا : ١٦٨ ، المستدرك ٢ : ١٣٧ أبواب الاحتضار ب ٣٢ ح ١ .

(٤) علل الشرائع : ٣٠٧ ب ٢٥٦ وفيه : قال أبي رحمه الله في رسالته إلى : لا يترك الميت وحده . . .

(٥) بحار الأنوار ٧٨ : ٢٣٠ .

٨٣
 &

فائدة : ما مرّ من أحكام الاحتضار والتجهيز الواجبة والمندوبة ، بل أحكام الميت بأسرها فرضٌ أو ندبٌ كفايةً تعلّق الغرض بإدخالها في الوجود ، ولم تطلب من كلّ واحد بعينه ، ولا من واحد كذلك .

والدليل عليه بعد الإِجماع المحقّق والمحكي من غير واحد (١) : عموم خطابات أحكامه أو إطلاقها من غير تخصيص أحدهما . والتخصيص في البعض ـ ـ كما يأتي ـ لا يفيد أزيد من الأولوية ، ولو أفاده لاختص بما أفاده ، ولا يسري إلى سائر أحكامه . ومن سقوطها بفعل البعض بالضرورة الدينية تنتفي العينية ، وتثبت الكفائية .

وتوهّم الاختصاص بالولي إلّا مع عدمه أو عدم تمكّنه أو إخلاله مع فقد من يجبره ، نظراً إلى تخصيصه بالخطاب في بعض الأخبار ـ كبعض مشايخنا (٢) ـ ضعيف ، ولو سلّم لاختص بمورده .

نعم ، الظاهر أولوية الولي أو من يأذن له في جميع أحكامه بمعنى أفضلية قيامه بها ، كما عن النهاية ، والمبسوط ، والمهذّب ، والوسيلة (٣) ، والمعتبر ، والجامع ـ فيما عدا التلقين الأخير ـ والقواعد (٤) ، لفتوى هؤلاء ، وإن خالف بعض في بعض الأحكام ، كما يأتي كلٌّ في مورده .

ثم الظاهر أنّ المعتبر في السقوط عمّن علم بالموت حصول العلم بقيام الغير به ولو بالقرائن الحالية ، دون الظنّ ، وفاقاً للمدارك (٥) ، وجدّه (٦) وأكثر الثالثة (٧) ؛ لأنّ التحقيق أنّ الخطاب الكفائي خطاب عيني متعلّق بكلّ واحد مشروط بعدم

__________________

(١) كما حكاه في المعتبر ١ : ٢٦٤ ، والتذكرة ١ : ٣٨ .

(٢) الحدائق ٣ : ٣٥٩ .

(٣) النهاية : ١٤٣ ، المبسوط ١ : ١٧٤ ، المهذب ١ : ٦٢ ، الوسيلة ٦٣ .

(٤) المعتبر ١ : ٢٦٤ ، الجامع : ٥٠ ، القواعد ١ : ١٧ .

(٥) المدارك ٢ : ٥٥ .

(٦) الشهيد الثاني في روض الجنان : ٩٢ .

(٧) منهم المحقق السبزواري في الذخيرة : ٧٩ ، والفاضل البحراني في الحدائق ٣ : ٣٥٩ .

٨٤
 &

قيام الغير به ، والشرط ـ كما يقتضيه أصالة عدم قيام الغير ، واستصحاب بقاء الخطاب ، وقاعدة وجوب الإطاعة ـ هو : عدم العلم بقيام الغير ، فما لم يعلم لم يسقط ، إلّا إذا ثبت اعتبار ظنّ ، وهو في المقام غير ثابت ولو كان حاصلاً من شهادة العدلين .

خلافاً لجمع ، منهم : الفاضل (١) ، تمسّكاً بامتناع تحصيل العلم بفعل الغير في المستقبل .

ويضعّف : بعدم تضيّق المطلوب في المورد حتى يجب تحصيل العلم أوّلاً بقيام الغير ، بل موسّع يكفي حصوله بَعْدُ بالمشاهدة أو إخبار جماعة . مع أنه يمكن حصوله ابتداءً أيضاً بالعلم بطريقة المسلمين في الأعصار والأمصار ، فإنّ الظاهر حصول العلم العادي في غالب البلاد الإِسلامية بقيام جماعة بذلك ، وإن لم يشاهد ولم يخبر به ، فلا يجب في كلّ بلد في كل ميت حضور الجميع .

نعم ، يمكن عدم حصوله لبعض الأشخاص في بعض الأموات في بعض الأماكن ، فيجب على مثله الحضور للقيام بالواجبات ، ويستحب للمستحبات .

__________________

(١) في نهايته ( في الاُصول ) على ما نقله في هداية المسترشدين : ٢٧٣ ، وذهب إليه المحقق في المعارج : ٧٥ .

٨٥
 &

البحث الثاني : في التغسيل .

والكلام فيه إمّا في الغاسل ، أو المغسول ، أو الغسل ، فهاهنا ثلاثة فصول :

الفصل الأول : في الغاسل .

وفيه مسائل :

المسألة الاُولى : غسل الميت فرض كفائي ، فيجب على كلّ مكلّف بشرط عدم قيام الغير به ، على ما هو المحقّق (١) في معنى الكفائي .

أمّا وجوبه : فبالضرورة والأخبار المتكثّرة المعصومية .

وأمّا عدم تعيينه (٢) على أحد : فللإِجماع المحقّق والمحكي في كلام جماعة ، منهم : المنتهى (٣) ، واللوامع ، والأصل والإِطلاقات .

ففي رواية سعد الإِسكاف : « أيّما مؤمن غسّل مؤمناً فقال إذا قلّبه ـ إلى أن قال ـ : إلّا غفر الله له ذنوب سنة إلّا الكبائر » (٤) .

وفي رواية سعد بن طريف : « أيّما مؤمن غسّل مؤمناً فأدّى فيه الأمانة غفر له » (٥) .

وفي الرضوي : « تجهيز الميت فرض واجب على الحي » (٦) إلى غير ذلك .

__________________

(١) في « هـ » : التحقيق .

(٢) في « ق » : تعينه .

(٣) المنتهى ١ : ٤٢٧ قال : وهو فرض على الكفاية إذا قام به سقط عن الباقين بلا خلاف بين أهل العلم .

(٤) الكافي ٣ : ١٦٤ ، الجنائز ب ٣٣ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٠٣ / ٨٨٤ ، ثواب الأعمال : ٢٣٢ / ١ ، الأمالي : ٤٣٤ / ٣ ، الوسائل ٢ : ٤٩٤ أبواب غسل الميت ب ٧ ح ١ .

(٥) الكافي ٣ : ١٦٤ ، الجنائز ب ٣٣ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٤٥٠ / ١٤٦٠ ، الوسائل ٢ : ٤٩٥ أبواب غسل الميت ب ٨ ح ١ .

(٦) فقه الرضا : ١٨١ ، المستدرك ٢ : ١٦٥ أبواب غسل الميت ب ١ ح ٢ .

٨٦
 &

وأمّا كفائيته : فلعدم مطلوبية غير واحد منها بديهة ، وللإِجماعين ، بل الضرورة .

نعم أولى الناس بالميت أو من يأمره أولى بغسله ، وفاقاً لمن جعله أولى بجميع أحكامه عموماً (١) ، وللهداية ، والشرائع ، والقواعد ، والمنتهى (٢) في خصوص الغسل أيضاً ؛ لمرسلة الفقيه ورواية غياث : « يغسّل الميت أولى الناس به » (٣) .

وزاد في الاُولى : « أو من يأمره الولي بذلك » .

وخلافاً لظاهر من لم يذكر الغسل أو ما يعمه في الأولوية كالمقنعة والخلاف ، فلم يذكراها إلّا في الصلاة . والمراسم ، وجُمل السيد (٤) ، والإِصباح ، فزادوا عليها نزول القبر . وجُمل الشيخ ، والنافع ، والتلخيص ، والتبصرة (٥) ، فزادوا عليها التلقين الأخير . والاقتصاد والمصباح ، ومختصره ، ونهاية الإِحكام (٦) ، فلم يذكروا إلّا الثلاثة . والكافي (٧) ، فلم يذكر أولويةً أصلاً ، ولعلّه لضعف الروايتين ، الممنوع ، ولو سلّم فلا يضرّ في إثبات الاستحباب .

ثم الأولوية هنا بمعنى الأفضلية ، فلو فعله غيره ولو بدون إذنه بل مع منعه لم يرتكب حراماً ، ولا ترك واجباً ، وكان الغسل صحيحاً ، إلّا أنه ترك الأفضل ؛ لعدم دلالة الروايتين على الأزيد من الرجحان ، لا بمعنى وجوب تقديمه وإن

__________________

(١) تقدم ذكرهم في ص ٨٤ .

(٢) الهداية : ٢٣ ، الشرائع ١ : ٣٧ ، القواعد ١ : ٢٧ ، المنتهى ١ : ٤٢٨ .

(٣) الفقيه ١ : ٨٦ / ٣٩٤ ، التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٦ ، الوسائل ٢ : ٥٣٥ أبواب غسل الميت ب ٢٦ ح ١ ، ٢ .

(٤) المقنعة : ٢٣٢ ، الخلاف ١ : ٧١٩ ، المراسم : ٥١ ، ٨٠ ، جمل العلم والعمل : ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٥١ ، ٥٢ .

(٥) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٧ ، ١٩٤ ، النافع : ١٤ ، التبصرة : ١٤ .

(٦) الاقتصاد : ٢٥٠ ، مصباح المتهجد : ٢١ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٥٥ ، ٢٧٥ ، ٢٧٩ .

(٧) الكافي للحلبي : ١٣٤ ، ١٥٦ ، ٢٣٦ .

٨٧
 &

صح لو فعله غيره ، حيث إنّ الواجب خارج عن حقيقة الفعل ، وليس جزءاً له ولا شرطه ، ولا بمعنى وجوبه مع عدم صحته عن الغير بدون إذنه . للأصل ، وعدم الدليل ، مع منافاته لما مرّ من العمومات والإِطلاقات .

والمراد بأولى الناس به أولاهم بميراثه ، كما عليه ظاهر الإِجماع في شرح القواعد للكركي (١) ، وصريحه في اللوامع ، ونفي الخلاف في الحدائق في المسألة (٢) ، والنسبة إلى علمائنا في المنتهى (٣) وغيره (٤) في الأولى بالصلاة عليه المتّحد معه في المقام إجماعاً . وإليه يرشد تتبّع الأخبار كما يظهر لك مع سائر ما يتعلّق بذلك في صلاة الميت ، مع أنّ كلّ ما فسّر به الأولى بل يصحّ أن يفسّر يتحقّق في الأولى بالميراث ، فأولويته قطعية .

والمراد بتقديم الأولى بالميراث أنّ من يرث أولى ممّن لا يرث ، كالطبقة الثانية مع وجود أحد من الاُولى ، والثالثة مع أحد من الثانية وهكذا . فإن انحصر أهل المتقدمة بواحد اختص به ، وإلّا فقالوا : الذكر أولى من الاُنثى ، والأب من الابن ، وهو من غيره ، ويعلم تفصيل المقام في بحث الصلاة إن شاء الله تعالى .

ثمَّ إنّ الزوج أولى بزوجته من جميع الأقارب في جميع الأحكام ، بالإِجماع المحقّق ، والمحكي (٥) مستفيضاً ، لموثّقة إسحاق : « الزوج أحقّ بالمرأة حتى يضعها في قبرها » (٦) .

وخبر أبي بصير : المرأة تموت من أحقّ بالصلاة عليها ؟ قال : « زوجها » قلت :

__________________

(١) جامع المقاصد ١ : ٣٥٩ .

(٢) الحدائق ٣ : ٣٧٧ .

(٣) المنتهى ١ : ٤٥٠ .

(٤) كالتذكرة ١ : ٤٧ .

(٥) المعتبر ١ : ٢٦٤ قال ـ بعد ذكر رواية إسحاق ـ : مضمون الرواية متفق عليه ، وقال في الحدائق ٣ : ٣٨١ الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في أن الزوج أولى بزوجته في جميع الأحكام .

(٦) الكافي ٣ : ١٩٤ ، الجنائز ب ٦٣ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٣٢٥ / ٩٤٩ ، الوسائل ٢ : ٥٣١ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ٩ .

٨٨
 &

الزوج أحقّ من الأب والولد والأخ ؟ قال : « نعم ، ويغسّلها » (١) .

وما يخالفه بإثبات أولوية الأخ عليه في الصلاة من الأخبار (٢) شاذّ متروك ، فلا يعارض ما مرّ ، مع أنّها للعامّة موافقة (٣) ، كما ذكره شيخ الطائفة (٤) وغيره ، فعلى التقية محمولة .

وظاهر الأصل واختصاص المستند بالزوج اختصاص الحكم به ، دون الزوجة ، كما صرّح به جماعة (٥) .

وفيه قول بإلحاقها به لوجه ضعيف (٦) .

ولا فرق بين الدائم والمتمتّع بها ، ولا بين الحرّة والمملوكة ؛ لإِطلاق النص . وإن كان في إطلاق الزوج بالنسبة إلى المتمتّع بها حقيقةً كلام .

الثانية : يشترط في غير المحارم والصبي والصبية المماثلة في الذكورة والاُنوثة بين الغاسل والمغسول . فمع فقده يسقط الغسل على الأشهر الأظهر ، بل عليه الإِجماع عن المعتبر والتذكرة (٧) ، وعن الخلاف أيضاً في السقوط عن المرأة (٨) ، وإليه ذهب الصدوقان ، ونقله في الفقيه عن شيخه محمد بن الحسن (٩) ، وهو ظاهر

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٧ ، الجنائز ب ٤٨ ح ٢ ، الفقيه ١ : ١٠٢ / ٤٧٤ ، التهذيب ٣ : ٢٠٥ / ٤٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٨٦ / ١٨٨٣ ، الوسائل ٣ : ١١٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٤ ح ٢ .

(٢) أنظر الوسائل ٣ : ١١٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٢٤ ح ٤ ، ٥ .

(٣) نقل ابن قدامة في المغني ٢ : ٣٦٤ عن أبي حنيفة ومالك والشافعي وسعيد بن المسيب والزهري . . . تقديم العصبة على الزوج .

(٤) التهذيب ٣ : ٢٠٥ .

(٥) منهم الشهيد الثاني في الروض : ٣١١ والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٣١٢ .

(٦) قال في الروض : ٣١١ : ذهب بعض الأصحاب إلى مساواتهما لشمول اسم الزوج لهما قال الله تعالى ( وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ) .

(٧) المعتبر ١ : ٣٢٤ ، التذكرة ١ : ٣٩ .

(٨) الخلاف ١ : ٦٩٨ .

(٩) الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٢ .

٨٩
 &

الكليني (١) ، والمحكي عن النهاية ، والمبسوط ، والخلاف ، والمهذّب ، والجامع (٢) ، والوسيلة ، والشرائع ، والإِصباح ، والقواعد ، والمنتهى ، والتذكرة (٣) ، واختاره عامّة المتأخّرين ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة :

كصحيحة الحلبي : عن المرأة تموت في السفر وليس معها ذو محرم ولا نساء ، قال : « تدفن كما هي بثيابها » وعن الرجل يموت وليس معه ذو محرم ولا رجال ، قال : « يدفن كما هو بثيابه » (٤) ونحوها الرضوي (٥) .

وصحيحة ابن أبي يعفور : عن الرجل يموت في السفر مع النساء ليس معهن رجل ، كيف يصنعن به ؟ قال : « يلفّفنه لفّاً في ثيابه ويدفنه ولا يغسّلنه » (٦) .

والبصري : عن امرأة ماتت مع رجال ، قال : « تلفّ وتدفن ولا تغسل » (٧) .

والكناني : في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلّا النساء ، قال : « يدفن ولا يغسّل ، والمرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة تدفن ولا تغسل إلّا أن يكون زوجها معها ، فإن كان زوجها معها غسّلها من فوق الدرع » (٨) .

وقريب منها خبر ابن سرحان ، وزاد فيه : « ويسكب عليها الماء سكباً ،

__________________

(١) لنقله الروايات الدالة على سقوط الغسل . أنظر الكافي ٣ : ١٥٨ الجنائز ب ٢٩ .

(٢) النهاية : ٤٢ ، المبسوط ١ : ٢٧٥ ، الخلاف ١ : ٦٩٨ ، المهذب ١ : ٥٦ ، الجامع : ٥٠ .

(٣) الوسيلة : ٦٣ ، ٦٤ ، الشرائع ١ : ٣٧ ، القواعد ١ : ١٧ ، المنتهى ١ : ٤٣٦ ، التذكرة ١ : ٣٩ .

(٤) الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٠ ـ بتفاوت يسير ـ التهذيب ١ : ٤٤٠ / ١٤٢٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٠ / ٧٠٦ ، الوسائل ٢ : ٥٢٠ أبواب غسل الميت ب ٢١ ح ١ .

(٥) فقه الرضا : ١٨٨ ، المستدرك ٢ : ١٨٣ أبواب غسل الميت ب ١٩ ح ١ .

(٦) الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٢٩ ، التهذيب ١ : ٤٤١ / ١٤٢٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠١ / ٧٠٧ ، الوسائل ٢ : ٥٢١ أبواب غسل الميت ب ٢١ ح ٢ .

(٧) التهذيب ١ : ٤٤١ / ١٤٢٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠١ / ٧٠٨ ، الوسائل ٢ : ٥٢١ أبواب غسل الميت ب ٢١ ح ٣ .

(٨) التهذيب ١ : ٤٣٨ / ١٤١٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ / ٦٩٣ ، الوسائل ٢ : ٥٣٢ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ١٢ .

٩٠
 &

ولتغسله امرأته إذا مات » (١) .

وموثّقة سماعة : عن رجل مات وليس عنده إلّا النساء ، قال : « تغسّله امرأة ذات محرم منه وتصبّ النساء عليه الماء ولا يخلع ثوبه ، وإن كانت امرأة ماتت مع رجال وليس معها امرأة ولا محرم لها فلتدفن كما هي في ثيابها ، وإن كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها » (٢) .

وخبر الشحام : عن امرأة ماتت وهي في موضع ليس معهم امرأة غيرها ، قال : « إن لم يكن فيهم لها زوج ولا ذو رحم دفنوها بثيابها ولا يغسّلونها ، وإن كان معهم زوجها أو ذو رحم لها فليغسّلها من غير أن ينظر إلى عورتها » وعن رجل مات في السفر مع نساء ليس معهن رجل ، فقال : « إن لم تكن له معهنّ امرأة فليدفن في ثيابه ولا يغسّل ، وإن كان له فيهنّ امرأة فليغسّل في قميص من غير أن ينظر إلى عورته » (٣) .

والمروي في الدعائم : في الرجل يموت بين النساء لا محرم له منهن ، والمرأة كذلك تموت بين الرجال فلا يوجد من يغسّلهما ، قال : « يدفنان بغير غسل » (٤) .

وتدلّ عليه أيضاً الأخبار الآمرة بغسل موضع الوضوء خاصة ، كخبر أبي بصير (٥) . أو كفّيها كذلك ، كخبري جابر (٦) وابن فرقد (٧) . أو موضع التيمّم ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥٨ ، الجنائز ب ٢٩ ح ٧ ، التهذيب ١ : ٣٤٣ / ١٠٠٣ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ / ٦٩٤ الوسائل ٢ : ٥٣١ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ٧ ، ولا يخفى أن الزيادة موجودة في رواية الكناني أيضاً .

(٢) الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٤ ، التهذيب ١ : ٤٤٤ / ١٤٣٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٤ / ٧٢٠ ، الوسائل ٢ : ٥١٩ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٩ .

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٣ / ١٤٢٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٧ ، الوسائل ٢ : ٥١٨ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٧ .

(٤) دعائم الاسلام ١ : ٢٢٩ ، المستدرك ٢ : ١٨٣ أبواب غسل الميت ب ١٩ ح ٢ .

(٥ و ٦) التهذيب ١ : ٤٤٣ / ١٤٣٠ ، ١٤٣١ ، الاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٥ ، ٧١٦ ، الوسائل ٢ : ٥٢٥ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٦ ، ٨ .

(٧) الكافي ٣ : ١٥٨ ، الجنائز ب ٢٩ ح ٩ ، التهذيب ١ : ٤٤٢ / ١٤٢٨ ، الاستبصار ١ :

٩١
 &

كرواية المفضّل (١) ، حيث إنّ هذه الاُمور غير الغسل ، فالأمر بها دون الغسل مع كونه موضع البيان يدلّ على سقوطه ، بل في رواية داود (٢) تصريح به .

وأمّا هذه الاُمور فليس شي‌ء منها واجباً ؛ للإِجماع ، وخلوّ الروايات عن الدالّ على الوجوب .

نعم ، يحتمل استحبابها ، بل هو الأظهر كما يظهر من التهذيبين (٣) وعن المبسوط (٤) . ولا تنافيه حرمة النظر ؛ لسهولتها بدونه .

وهل يستحب الغسل بصب الماء من فوق الثياب أم لا ؟ ظاهر المعظم : الثاني . وهو كذلك ؛ للأصل ، وظهور الروايات في مطلوبية ترك الغسل ، بل صراحة خبر ابن فرقد ، ورواية زيد بن علي (٥) فيها ، حيث رتّب في الأول على الغسل الدخل عليهم أي العيب ، وأنكر في الثاني ترك التيمّم الدالّ على رجحانه الغير المجتمع مع الغسل إجماعاً .

وظاهر الاستبصار ، وموضع من التهذيب (٦) ، ومحتمل كلام ابن زهرة ، والحلبي (٧) : استحبابه ؛ لرواية زيد بن علي : « إذا مات الرجل في السفر مع النساء

__________________

٢٠٢ ـ ٧١٣ ، الوسائل ٢ : ٥٢٣ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٢ .

(١) الكافي ٣ : ١٥٩ ، الجنائز ب ٢٩ ح ١٣ ، الفقيه ١ : ٩٥ / ٤٣٨ ، التهذيب ١ : ٣٤٢ / ١٠٠٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٢ / ٧١٤ ، الوسائل ٢ : ٥٢٢ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ١ .

(٢) وهي رواية ابن فرقد المتقدمة آنفا .

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٢ ، ٤٤٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٣ ، ولكن الموجود في الأول هو الجواز نعم صرّح في الثاني بالاستحباب .

(٤) المبسوط ١ : ١٧٥ وفيه : وقد رويت في أنه يجوز لهم أن يغسلوا محاسنها يديها ووجهها . . .

(٥) التهذيب ١ : ٤٤٣ / ١٤٣٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٨ ، الوسائل ٢ : ٥٢٤ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٤ .

(٦) الاستبصار ١ : ٢٠٤ ، التهذيب ١ : ٤٤٢ ، قال : لأن الوجه في هذين الخبرين ( يعني خبر زيد وجابر ) على ضرب من الاستحباب .

(٧) انظر الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، قال في كشف اللثام ١ : ١١١ ويحتمله كلام الحلبيين ولم نعثر عليه في الكافي لأبي الصلاح .

٩٢
 &

ليس فيهنّ امرأته ولا ذو محرم يؤزرنه إلى الركبتين ويصببن عليه الماء صباً » (١) الحديث .

ورواية أبي سعيد : « إذا ماتت المرأة مع قوم ليس فيهم لها محرم يصبون عليها الماء صباً » ورجل مات مع نسوة ليس فيهنّ له محرم ، فقال أبو حنيفة : يصببن الماء عليه صباً ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : « بل يحل لهن أن يمسسن منه ما كان يحل لهن أن ينظرن منه إليه وهو حي ، فإذا بلغن الموضع الذي لا يحل لهن النظر إليه ولا مسّه وهو حي صببن الماء عليه صباً » (٢) .

ورواية جابر : في رجل مات ومعه نسوة وليس معهنّ رجل ، قال : « يصببن الماء من خلف الثوب ويلفّفنه في أكفانه من تحت الستر ويصلّين عليه صفاً ويدخلنه قبره » والمرأة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة قال : « يصبّون الماء من خلف الثوب ويلفّونها في أكفانها ويصلّون ويدفنون » (٣) .

ويجاب عنها : بمعارضتها مع ما مرّ ، فيرجع إلى الأصل ، مع أنّها موافقة للعامة (٤) ، كما تصرّح به الرواية الثانية ، فبها تخرج عن صلاحية المعارضة وتحمل على التقية .

مضافاً إلى أنّ صب الماء ليس صريحاً ولا ظاهراً في الغسل ، فإرادة الصبّ على أحد المواضع المتقدمة أو زائداً عليه من دون تحقق الغسل ممكنة .

وممّا ذكر يظهر ضعف الاستدلال بتلك الأخبار على وجوب التغسيل من

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٤١ / ١٤٢٦ ، الاستبصار ١ : ٢٠١ / ٧١١ ، الوسائل ٢ : ٥٢٣ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٣ .

(٢) التهذيب ١ : ٣٤٢ / ١٠٠١ ، الاستبصار ١ : ٢٠٤ / ٧٢١ ، الوسائل ٢ : ٥٢٥ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ١٠ .

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٢ / ١٤٢٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٢ / ٧١٢ ، الوسائل ٢ : ٥٢٤ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٥ .

(٤) نقله في المغني ٢ : ٣٩٦ عن الحسن وإسحاق وفي بداية المجتهد ١ : ٢٢٧ عن قوم .

٩٣
 &

وراء الثياب ، كما عن المفيد (١) وموضع من التهذيب (٢) . أو مع تغميض العينين ، كما عن ظاهر الحلبي (٣) ، وجعله ابن زهرة الأحوط (٤) .

مضافاً إلى خلوّها عن الدالّ على الوجوب ، مع كون الأخيرة عامة بالنسبة إلى وجود ذات المحارم وعدمها فيجب تخصيصها .

ومنه يظهر سقوط الاستدلال بروايتي الثمالي وابن سنان :

الاُولى : « لا يغسّل الرجل المرأة إلّا أن لا توجد امرأة » (٥) .

والثانية : « المرأة إذا ماتت مع الرجال فلم يجدوا امرأة تغسّلها غسّلها بعض الرجال من وراء الثوب ، ويستحب أن يلفّ على يديه خرقة » (٦) . بل في ذيل الثانية إشعار باختصاصه بالمحارم .

ثم الظاهر ـ كما صرّح به الشيخ في المبسوط ، والنهاية ، والخلاف (٧) ، والمحقّق ، والفاضل في النهاية والتذكرة (٨) ـ سقوط ـ التيمّم أيضاً ، بل نسب نفيه في الأخير إلى علمائنا ، وجعله في الأول في المرأة المذهب ؛ للأصل ، وخلوّ غير رواية زيد (٩) عنه ، مع كون المقام مقام البيان ، وأمّا هي فمع عدم دلالتها على الوجوب شاذة غير ناهضة لدفع الأصل ، مع أنّه نقل في المنتهى وجوب التيمّم عن مالك

__________________

(١) نقله عنه في الرياض ١ : ٦٩ ولم نعثر عليه في المقنعة .

(٢) التهذيب ١ : ٣٤٣ .

(٣) نقله عنه في كشف اللثام ١ : ١١١ ولم نعثر عليه في الكافي .

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ .

(٥) التهذيب ١ : ٤٤٠ / ١٤٢١ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠٢ ، الوسائل ٢ : ٥٢٥ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٧ .

(٦) التهذيب ١ : ٤٤٤ / ١٤٣٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٤ ـ ٧١٩ ، الوسائل ٢ : ٥٢٥ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٩ .

(٧) المبسوط ١ : ١٧٥ ، النهاية ١ : ٤٢ ، الخلاف ١ : ٦٩٨ .

(٨) المعتبر ١ : ٣٢٥ ، نهاية الاحكام ٢ : ٢٣٢ ، التذكرة ١ : ٣٩ .

(٩) المتقدمة في ص ٩٢ .

٩٤
 &

وأبي حنيفة والشافعي في أحد الوجهين (١) .

الثالثة : لا خلاف ـ كما في المنتهى (٢) وغيره ـ في جواز تغسيل كلٍّ من الزوجين الآخر في حال الاضطرار ، ويدلّ عليه ما يأتي وبعض ما مرّ من الأخبار (٣) .

وإنّما الخلاف في الاختيار ، فالأظهر الأشهر ـ كما صرّح به في التذكرة ، والمنتهى ، ونهاية الإِحكام ، والكركي (٤) ، وغيرهم (٥) ممن تأخّر ـ الجواز ، وهو المحكي عن السيد ، والإِسكافي ، والجعفي (٦) ، والمراسم ، والسرائر ، والإِشارة ، والمعتبر (٧) ، وفي القواعد ، والمنتهى ، وظاهر المبسوط ، والخلاف ، والنافع (٨) .

للأصل ، والعمومات ، وما دلّ على تغسيل أولى الناس وأنّ الزوج أولى بزوجته .

وصحيحة محمد : عن الرجل يغسّل امرأته ؟ قال : « نعم من وراء الثوب » (٩) .

ومثلها حسنته إلّا أنّ بعد قوله : « نعم » : « إنّما يمنعها أهلها تعصّباً » (١٠) .

وموثّقة سماعة : عن المرأة إذا ماتت ، فقال : « يدخل زوجها يده من تحت‌

__________________

(١ و ٢) المنتهى ١ : ٤٣٧ .

(٣) انظر ص ٩١ .

(٤) التذكرة ١ : ٣٩ ، المنتهى ١ : ٤٣٦ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٢٩ ، جامع المقاصد ١ : ٣٦٠ .

(٥) كالروض : ٩٦ .

(٦) حكى عنهم في الذكرى : ٣٨ .

(٧) المراسم : ٥٠ ، السرائر ١ : ١٦٨ ، إشارة السبق : ٧٧ ، قال بجوازه عند الاضطرار ، المعتبر ١ : ٣٢٠ .

(٨) القواعد ١ : ١٧ ، المنتهى ١ : ٤٣٦ ، المبسوط ١ : ١٧٥ ، الخلاف ١ : ٦٩٨ ، النافع : ١٥ .

(٩) الكافي ٣ : ١٥٧ أبواب الجنائز ب ٢٩ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٣٨ / ١٤١١ ، الاستبصار ١٩٦ / ٦٩٠ ، الوسائل ٢ : ٥٢٩ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ٢ .

(١٠) الكافي ٣ : ١٥٨ أبواب الجنائز ب ٢٩ ح ١١ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٩ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠٠ ، الوسائل ٢ : ٥٢٩ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ٤ .

٩٥
 &

قميصها إلى المرافق فيغسلها » (١) .

وصحيحة منصور : عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته فتموت يغسّلها ؟ قال : « نعم واُمّه واُخته ونحو هذا ، يلقي على عورتها خرقة » (٢) .

وصحيحة الحلبي عن الرجل يغسّل امرأته ؟ قال : « نعم من وراء الثياب لا ينظر إلى شعرها ولا إلى شي‌ء منها ، والمرأة تغسّل زوجها » (٣) .

وأمّا صحيحة زرارة : في الرجل يموت وليس معه إلّا نساء ، قال : « تغسّله امرأته لأنّها منه في عدّة ، وإذا ماتت لم يغسّلها لأنّه ليس منها في عدّة » (٤) فلا تصلح لمعارضة ما مرّ ؛ لمخالفتها للعمل من حيث الفصل بين الزوج والزوجة . وضمّ عدم الفصل مع الجزء الآخر ليس بأولى من ضمّه مع الأول .

مضافاً إلى كون هذا الفرق محكياً عن الحنفية مطلقاً وعن أحد قولي سائر الأربعة (٥) فتكون الرواية لهم موافقة ، وبها تصير مرجوحة .

مع أنّها ظاهرة في الاضطرار الذي لم يقل أحد فيه بعدم الجواز . وتخصيص جزئها الأخير بالاختيار ليس بأولى من تخصيصها بحال التجرّد ، كما فعله في التهذيبين (٦) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥٨ الجنائز ب ٢٩ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٤٣٨ / ١٤١٢ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ / ٦٩١ ، الوسائل ٢ : ٥٣٠ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ٥ .

(٢) الكافي ٣ : ١٥٨ ، الجنائز ب ٢٩ ح ٨ ، الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٣ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٨ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٦٩٩ ، الوسائل ٢ : ٥١٦ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ١ .

(٣) التهذيب ١ : ٤٤٠ / ١٤٢٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٠ / ٧٠٦ ، الوسائل ٢ : ٥٣٢ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ١١ .

(٤) التهذيب ١ : ٤٣٧ / ١٤٠٩ ، الاستبصار ١ : ١٩٨ / ٦٩٧ ، الوسائل ٢ : ٥٣٣ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ١٣ .

(٥) حكاه العلامة في المنتهى ١ : ٤٣٦ ، وقال : قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لا يجوز للرجل أن يغسل زوجته . . . وعن أحمد روايتان انظر المغني ٢ : ٣٠٩ ، وبدائع الصنائع ١ : ٣٠٤ .

(٦) التهذيب ١ : ٤٣٧ ، قال : معنى قوله عليه السلام : إذا ماتت لا يغسلها أي لا يغسلها مجردة من ثيابها ، الاستبصار ١ : ١٩٨ .

=

٩٦
 &

مع أنّه ليس صريحاً في النهي ، فيمكن أن تكون الجملة الخبرية تجوّزاً عن عدم وجوب تغسيل الزوج ، أو عدم أولويته . ولا تنافيه ولايته ؛ لإِمكان الإِذن حال الاختيار .

ومنه يظهر الجواب عن مفهوم رواية أبي بصير : « يغسّل الزوج امرأته في السفر والمرأة زوجها في السفر إذا لم يكن معها رجل » (١) والثمالي المتقدّمة (٢) .

مع أنّ الأخيرة أعمّ من الأجنبية ، فتعارض ما مرّ بالعموم من وجه ، ويرجّح ما مرّ بالمخالفة للعامة . ولو لا الترجيح أيضاً يتساقطان وتبقى العمومات فارغة ، والاستثناء على ( احتمال ) (٣) التخصيص بالأجنبية تكون إشارة إلى ما استحب من غسل وجه الأجنبية وكفّيها .

خلافاً للمحكي عن التهذيبين والغنية (٤) ، فلم يجوّزوه اختياراً ؛ لما مرّ مع دفعه .

ولوقوع التقييد بالضرورة في طائفة من الأخبار .

كحسنة الحلبي : عن الرجل يموت وليس عنده من يغسّله إلّا النساء ، فقال : « تغسّله امرأته أو ذو قرابة إن كانت له وتصبّ النساء عليه الماء صباً . وفي المرأة إذا ماتت : يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها » (٥) .

وصحيحة ابن سنان : عن الرجل أيصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسّلها إن لم يكن عندها من يغسّلها ؟ وعن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من

__________________

=

ثيابها ، الاستبصار ١ : ١٩٨ .

(١) التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤٢٠ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠١ ، الوسائل ٢ : ٥٣٣ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ١٤ .

(٢) في ص ٩٤ .

(٣) ليست في « ق » .

(٤) التهذيب ١ : ٤٤٠ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ .

(٥) الكافي ٣ : ١٥٧ ، الجنائز ب ٢٩ ح ١ ، التهذيب ١ : ٤٣٧ / ١٤١٠ ، الاستبصار ١ : ١٩٦ / ٦٨٩ ، الوسائل ٢ : ٥٢٩ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ٣ .

٩٧
 &

زوجها حين يموت ؟ فقال : « لا بأس بذلك » (١) .

وموثقة البصري : عن الرجل يموت وليس عنده من يغسّله إلّا النساء هل تغسّله النساء ؟ فقال : « تغسّله امرأته أو ذات محرمه وتصبّ عليه النساء الماء صبّاً من فوق الثياب » (٢) .

ويدفع : بأنّ التقييد فيها إنّما وقع في السؤال ، وهو لا يوجب تخصيص الجواب .

ثمَّ الحقّ وجوب كون تغسيل كلٍّ من الزوجين من وراء الثياب ، وفاقاً للمحكي عن ظاهر نهاية الشيخ ، ومبسوطه (٣) ، وهو صريح الكركي ، واستجوده في المنتهى (٤) ، ونسبه في اللوامع إلى الحلبي (٥) وأكثر المتأخّرين (٦) ؛ للأمر به في خبر الشحام (٧) . والأمر فيه وإن اختص في تغسيل الزوجة للزوج ، ولكنه يتعدّى إلى العكس بعدم القول بالفصل ، وإن كان في العكس (٨) .

خلافاً للمحكي عن السيد ، والإِسكافي(٩) ، والخلاف ، والجعفي ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥٧ ، الجنائز ب ٢٩ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٨٦ / ٤٠١ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٧ ، الاستبصار ١ : ١٩٨ / ٦٩٨ ، الوسائل ٢ : ٥٢٨ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ١ .

(٢) الكافي ٣ : ١٥٧ ، الجنائز ب ٢٩ ح ٤ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٦ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ / ٦٩٥ ، الوسائل ٢ : ٥١٧ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٤ .

(٣) النهاية : ٤٢ ، المبسوط ١ : ١٧٥ .

(٤) جامع المقاصد ١ : ٣٦٠ ، المنتهى ١ : ٤٣٧ .

(٥) لم نعثر عليه في الكافي .

(٦) وممن قال به الشهيدان في الذكرى : ٣٩ ، وروض الجنان : ٩٦ .

(٧) التهذيب ١ : ٤٤٣ / ١٤٣٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٧ ، الوسائل ٢ : ٥١٨ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٧ .

(٨) أي : وإن كان القول بالفصل موجوداً في العكس ، وهو تغسيل الزوج للزوجة ، كما سينقله عن الشيخ ( ره ) .

٩٨
 &

والتهذيب ، والجامع ، ونهاية الفاضل (١) ، واختاره من المتأخّرين صاحبا المدارك والكفاية (٢) ، ووالدي العلّامة ، فلم يوجبوا فيهما .

للأصل الخالي عن معارض سوى التقييد الواقع في كثير من الأخبار المتقدّمة في هذه المسألة والمسألة السالفة ، وهو ـ مع عدم دلالته في الأكثر على الزائد على الرجحان ، واختصاصه بتغسيل الزوج للزوجة فلا وجه للتعدية ـ معارض بتصريح صحيحة ابن سنان بجواز النظر الغير المجامع مع وجوب الستر ، وبظهور صحيحة منصور (٣) في اختصاص العورة به .

ويجاب عن الأول : بأنّ عدم دلالة الأكثر على الوجوب ـ بعد دلالة خبر الشحام عليه للوقوع بلفظ الأمر فيه ـ غير ضائر .

والثاني : بمنع الاختصاص ، كيف والخبر المذكور بالعكس مصرِّح .

وعن الثالث : بعدم التعارض بين جواز النظر ووجوب الستر في الغسل ؛ لجواز كونه تعبّداً ، ومنع ظهور صحيحة منصور في التخصيص المذكور ، كما يأتي في المسألة الرابعة .

وللمنقول عن الاستبصار (٤) ، بل التهذيب (٥) أيضاً ، وتبعهما بعض متأخّري المتأخرين (٦) ، فأوجبوه في تغسيل الزوج للزوجة دون العكس ؛ لما ذكر من

__________________

(١) الخلاف ١ : ٦٩٩ ، التهذيب ١ : ٤٣٨ ، الجامع : ٥٠ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٣٠ .

(٢) المدارك ٢ : ٦١ ، الكفاية : ٦ .

(٣) المتقدمة في ص ٩٦ .

(٤) الاستبصار ١ : ١٩٨ قال : ويكون الفرق بين الرجل والمرأة في ذلك أن المرأة يجوز لها أن تغسل الرجل مجرداً وإن كان الأفضل والأولى أن تستره ثم تغسله وليس كذلك الرجل لأنه لا يجوز له أن يغسلها إلّا من وراء الثياب .

(٥) لم نعثر عليه بل الموجود عدم الفرق بينهما فلاحظ التهذيب ١ : ٤٣٨ ، نعم نقل عنه في الحدائق ٣ : ٣٨٤ ثم أتى بعين عبارة الاستبصار بعنوان عبارة التهذيب .

(٦) كصاحب الحدائق في كتابه ٣ : ٣٨٥ ، ٣٨٧ ، وقال الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١١٠ : وعندي الأحوط أن لا يغسل الرجل زوجته إلّا من وراء الثياب . . . وأمّا العكس فالأصل يجوز التجريد ولم أظفر بما يعارضه .

٩٩
 &

اختصاص المقيّدات به ، وعرفت دفعه .

ولطائفة من المتأخّرين في نقل الأقوال في المقام اختلاف فاحش (١) .

وكما يجوز التغسيل مجرداً يجوز النظر بل اللمس أيضاً ؛ للأصل ، بل التصريح في بعض المعتبرة .

ثم إنّ مقتضى الإِطلاقات نصّاً وفتوىً عدم الفرق في الزوجة بين الحرّة والأمة ، والدائمة والمنقطعة ، والمدخول بها وغيرها . والمناقشة في صدق الزوجة على المنقطعة حقيقةً غير ضائر ؛ لصدق ذات المحرم وامرأته ـ اللتين وردتا في الأخبار ـ عليها أيضاً .

والمطلّقة بائناً ليست بزوجة ، بخلاف الرجعية ، وإن انقضت عدّتها بعد الوفاة قبل الغسل ، لا إن انقضت قبلهما .

والأمة ليست بزوجة ولا امرأة له ، فلا يلحقها حكمها . ولكنها من المحارم وإن انتقلت إلى الوارث ؛ لأنّ المراد بذات المحرم المحرم في حال الحياة كما في الزوجة ، ولا أقلّ من احتماله ، فلا يعلم خروجها من العمومات ، فتلحق بالمحارم ، ويأتي حكمها ، إلّا إذا كانت مزوّجة للغير أو معتدّة ، فكالأجانب ، فتأمل .

الرابعة : يجوز تغسيل كلّ من الرجل والمرأة محارمه بالنسب ، أو الرضاع ، أو المصاهرة ، بلا خلاف ظاهر ، بل نفي الخلاف عنه متواتر ، وفي التذكرة نسبه إلى علمائنا (٢) ، وفي اللوامع الإِجماع عليه .

للأصل ، والعمومات ، وأخبار تغسيل الأولى ، وللنصوص المستفيضة ،

__________________

(١) وذلك أن في اللوامع نسب إلى المبسوط جواز التجرد فيهما ، ونسب الهندي إليه المنع فيهما ، ونسب المنع في اللوامع إلى أكثر المتأخرين ، وبعض مشايخنا نسب الجواز إليهم ، ونسب في الحدائق التفصيل إلى التهذيب ، والهندي نسب إليه الجواز ونسب التفصيل إلى الاستبصار ، ونسب المنع بعض مشايخنا إلى ابن زهرة وظاهر الهندي خلافه . ( منه رحمه الله ) .

(٢) التذكرة ١ : ٣٩ .

١٠٠