مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-78-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

أخيه ، ثم وضع يديه على القبر ، وقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات أمن يوم الفزع الأكبر ، أو يوم الفزع » (١) .

ولمرسلة الفقيه : « ما من عبد زار قبر مؤمن فقرأ عليه إنا أنزلناه سبع مرّات إلّا غفر الله له ولصاحب القبر » (٢) .

والمروي في الكامل والمصباح : « من قرأ إنا أنزلناه عند قبر مؤمن سبع مرّات بعث الله إليه ملكاً يعبد الله عند قبره ، ويكتب للميت ثواب ما يعمل ذلك الملك » (٣) .

وتستحب زيادة الحمد والمعوّذتين والتوحيد ثلاث مرات ، وآية الكرسي ، رواه في الكتابين ، قال : « ويقرأ مع إنا أنزلناه سورة الحمد والمعوّذتين وقل هو الله أحد وآية الكرسي ، ثلاث مرات كلّ سورة » (٤) .

أو يدعو بما تقدّم في الرضوي المذكور في استحباب وضع اليد على القبر (٥) ، أو يجمع بينه وبين إنّا أنزلناه كما فعل مولانا الباقر عليه السلام ، على ما في رواية أبي المقدام (٦) .

وفي المصباح بعد ما نقل عنه : « وصفتها أن تستقبل القبلة ، وتضع يدك على القبر ، وتقول : اللهم ـ إلى أن قال : ـ ثم اقرأ إنا أنزلناه سبع مرات » (٧) .

وتجوز القراءة واقفاً ، كما صرّح به في رواية أبي المقدام ، وفي رواية ابن عجلان : « قام أبو جعفر عليه السلام على قبر رجل من الشيعة فقال » (٨) إلى آخره .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٢٩ الجنائز ب ٨٥ ح ٩ ، الوسائل ٣ : ٢٢٦ أبواب الدفن ب ٥٧ ح ١ .

(٢) الفقيه ١ : ١١٥ / ٥٤١ ، الوسائل ٣ : ٢٢٧ أبواب الدفن ب ٥٧ ح ٥ .

(٣) كامل الزيارات : ٣٢٢ / ١٢ ، مصباح الزائر : ١٩٥ ( المخطوط ) .

(٤) كامل الزيارات : ٣٢٢ / ١٢ ، مصباح الزائر : ١٩٥ ( المخطوط ) .

(٥) راجع ص ٣٠٩ .

(٦) التهذيب ٦ : ١٠٥ / ١٨٣ ، الوسائل ٣ : ٢٠٠ أبواب الدفن ب ٣٤ ح ٣ .

(٧) مصباح الزائر : ١٩٥ ( المخطوط ) .

(٨) الكافي ٣ : ٢٠٠ الجنائز ب ٦٧ ح ٩ ، الوسائل ٣ : ١٩٩ أبواب الدفن ب ٣٤ ح ١ .

٣٢١
 &

والأفضل الجلوس ووضع اليد على القبر على ما في رواية محمد بن أحمد ، بل اليدين كما في الرضوي ، مستقبل القبلة كما فيه وفي رواية المصباح .

وفي رواية البصري : كيف أضع يدي على قبور المسلمين ؟ فأشار بيده إلى الأرض فوضعها عليه وهو مقابل القبلة (١) .

والمروي في الكامل : « من أتى قبر أخيه المؤمن واستقبل القبلة ، ثم وضع يده على القبر وقرأ » (٢) إلى آخره .

هذا لزيارة قبر مخصوص ، وأما لو أراد زيارة أهل القبور فيقول : « السلام على أهل الديار من المسلمين والمؤمنين ، رحم الله المتقدّمين منّا والمستأخرين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون » كما في رواية المدائني (٣) .

أو يقول بعد والمؤمنين : « أنتم لنا فرط ، ونحن إن شاء الله بكم لاحقون » كما في حسنة ابن سنان (٤) .

أو يقول : « السلام عليك من ديار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون » كما في حسنة منصور ، ومرسلة الفقيه (٥) .

أو ما يقوله النبي صلّى الله عليه وﺁله كما مرّ في رواية الكامل (٦) ، أو : « السلام على أهل الجنة » كما في مرسلة الفقيه (٧) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٠٠ الجنائز ب ٦٧ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٦٢ / ١٥٠٨ ، الوسائل ٣ : ١٩٨ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ٥ .

(٢) كامل الزيارات : ٣٢٠ / ٤ بتفاوت يسير .

(٣) الكافي ٣ : ٢٢٩ الجنائز ب ٨٥ ح ٨ ، الفقيه ١ : ١١٤ / ٥٣٣ بتفاوت يسير ، الوسائل ٣ : ٢٢٥ أبواب الدفن ب ٥٦ ح ٣ .

(٤) الكافي ٣ : ٢٢٩ الجنائز ب ٨٥ ح ٥ ، الوسائل ٣ : ٢٢٥ أبواب الدفن ب ٥٦ ح ١ .

(٥) الكافي ٣ : ٢٢٩ الجنائز ب ٨٥ ح ٧ ، الفقيه ١ : ١١٤ / ٥٣٤ ، الوسائل ٣ : ٢٢٥ أبواب الدفن ب ٥٦ ح ٢ .

(٦) كامل الزيارات : ٣٢٠ / ٦ .

(٧) الفقيه ١ : ١١٥ / ٥٣٨ ، الوسائل ٣ : ٢٢٦ أبواب الدفن ب ٥٦ ح ٥ .

٣٢٢
 &

أو : « اللهم جاف الأرض عن جنوبهم ، وصاعد إليك أرواحهم ، ولقّهم منكم رضواناً ، وأسكن إليهم من رحمتك ما تصل به وحدتهم ، وتؤنس به وحشتهم ، إنك على كلّ شي‌ء قدير » كما في رواية ابن مسلم المروية في المصباح (١) .

أو يقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ويهديه لهم ، كما فيها أيضاً ، قال : « وإذا كنت بين القبور فاقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة وأهد ذلك لهم » (٢) .

أو يقرأ آية الكرسي ويجعل ثوابها لأهل القبور ، كما في رواية مرسلة في البحار (٣) .

أو يقول : « اللهم رب هذه الأرواح الفانية والأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة ، أدخل عليهم روحاً منك وسلاماً مني » كما فيها أيضاً (٤) .

أو يقرأ بدعاء علي ، وهو : « بسم الله الرحمن الرحيم ، السلام على أهل لا إله إلّا الله ، من أهل لا إله إلّا الله ، يا أهل لا إله إلّا الله ، بحق لا إله إلّا الله ، كيف وجدتم قول لا إله إلّا الله ، من لا إله إلّا الله ، يا لا إله إلّا الله ، بحق لا إله إلّا الله ، اغفر لمن لا إله إلّا الله ، واحشرنا في زمرة من قال لا إله إلّا الله ، محمد صلّى الله عليه وﺁله رسول الله ، علي عليه السلام ولي الله » كما فيها أيضاً (٥) .

أو يقرأ سورة يس ، كما روي في العدّة (٦) .

وله الجمع بين الجميع أو بعض منها .

__________________

(١ و ٢) مصباح الزائر : ١٩٥ ( المخطوط ) .

(٣ و ٤) البحار ٩٩ : ٣٠٠ / ٣٠ و ٣١ .

(٥) البحار ٩٩ : ٣٠١ .

(٦) عدة الداعي : ١٣٣ .

٣٢٣
 &

المطلب الثاني : في الأغسال المسنونة‌

وهي كثيرة جداً ، وعن النفلية أنها خمسون (١) ، وذكر بعض الأجلة منها نيفاً وستين (٢) . ولنذكر ها هنا طائفة مهمة منها ، ونذكر بعضها أيضاً في ما يناسبه من المقام .

فمنها : غسل الجمعة ، ورجحانه مجمع عليه ، بل يمكن عدّه من الضروريات ، والنصوص به مستفيضة .

وفي رواية الأصبغ : كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أراد أن يوبّخ الرجل يقول : « والله أنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة » (٣) .

وفي كتاب الفردوس (٤) ، عن مولانا الصادق عليه السلام : « لا يترك غسل الجمعة إلّا فاسق ، ومن فاته غسل يوم الجمعة فليقضه يوم السبت » .

وهل هو مستحب كما هو المشهور ، بل عن الخلاف والأمالي الإِجماع عليه (٥) ، أو واجب كما عن الصدوقين والكليني (٦) ، مع إمكان حمل الوجوب في

__________________

(١) النفلية : ٨ .

(٢) الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٨ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٢ الطهارة ب ٢٨ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ٩ / ٣٠ ، الوسائل ٣ : ٣١٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ٧ ح ٢ .

(٤) كذا في النسخ الثلاث ، والظاهر أن الصحيح : كتاب العروس ، وقد نقل عنه في البحار ٧٨ : ١٢٩ / ١٧ . قال في الذريعة ١٥ : ٢٥٣ كتاب العروس في خصائص يوم الجمعة وفضائله ، للشيخ المتقدم أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي . . .

(٥) الخلاف ١ : ٢١٩ ، ٦١١ ، أمالي الصدوق : ٥١٥ .

(٦) الصدوق في الفقيه ١ : ٦١ ، والمقنع : ٤٥ ، وحكاه عن والد الصدوق في الحبل المتين : ٧٨ ، الكليني في الكافي ٣ : ٤١ ، باب وجوب غسل الجمعة .

٣٢٤
 &

كلامهم على تأكّد الاستحباب ، كما ذكره غير واحد من الأصحاب (١) ، ونقل عن شيخنا البهائي (٢) وبعض من تأخّر عنه أيضاً ، ويميل إليه المحقّق الأردبيلي والكفاية بعض الميل (٣) ؟

والحقّ هو الأول ؛ لا لاستفاضة النصوص بأنه سنّة ، كصحيحة ابن يقطين ، وزرارة :

الاُولى : عن الغسل يوم الجمعة والأضحى والفطر ، قال : « سنّة وليس بفريضة » (٤) .

والثانية : عن غسل الجمعة ، قال : « سنّة في السفر والحضر » (٥) الحديث .

ومرسلة المفيد : « غسل الجمعة والفطر سنّة في السفر والحضر » (٦) وغير ذلك .

والتصريح بكونه تطوّعاً في المروي في جمال الأسبوع : « اغتسل في كل جمعة ولو أنك تشتري الماء بقوت يومك ، فإنه ليس شي‌ء من التطوع أعظم منه » (٧) .

وعدّه من المستحبات في جملة من الأخبار (٨) .

وجعلِه متمّماً للوضوء كجعل النافلة من الصلاة والصيام لفريضتهما في خبر

__________________

(١) كصاحب الحدائق ٤ : ٢٢٣ ، وصاحب الرياض ١ : ٧١ .

(٢) الحبل المتين : ٧٨ .

(٣) مجمع الفائدة ١ : ٧٣ ، الكفاية : ٧ .

(٤) التهذيب ١ : ١١٢ / ٢٩٥ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٣ ، الوسائل ٣ : ٣١٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ٩ .

(٥) التهذيب ١ : ١١٢ / ٢٩٦ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٤ ، الوسائل ٣ : ٣١٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١٠ .

(٦) المقنعة : ١٥٨ .

(٧) جمال الأسبوع : ٣٦٦ .

(٨) الوسائل ٣ : ٣١١ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ .

٣٢٥
 &

الصيرفي (١) .

لعدم دلالة شي‌ء منها :

أما الاُولى : فلأنّ السنّة في الأخبار أعم من الواجب ؛ فإنّها بمعنى الطريقة ، وتستعمل فيها كثيراً في الواجب أيضاً ، كما في الرضوي : « إنّ غسل الجنابة فريضة من فرائض الله جلّ وعزّ ، وإنّه ليس من الغسل فرض غيره ، وباقي الأغسال سنّة واجبة ، ومنها سنّة مسنونة ، إلّا أنّ بعضها ألزم من بعض وأوجب من بعض » (٢) وفي الروايات العديدة : إنّ غسل الميت سنّة ، وفي رواية سعد : « الغسل في أربعة عشر موطناً ، واحد فريضة والباقي سنّة » (٣) إلى غير ذلك .

وليس في قوله في الاُولى : « وليس بفريضة » دلالة على الاستحباب ؛ لأنّ المراد بالفريضة ما ثبت وجوبه بالكتاب ، ولذا حصر في المستفيضة غسل الفريضة بغسل الجنابة .

ولا في السؤال فيها حيث إنّه وقع عن الحكم دون المأخذ ؛ لعدم صراحة ولا ظهور في كون السؤال عن الحكم ، مع أنّ الفريضة وعدمها أيضاً حكمان يترتّب عليهما بعض الآثار ، كتقديم الفرض على الواجب عند تعارضهما .

ولا في جمعه فيها وفي الأخيرة [ مع ] (٤) غسل العيدين المستحب قطعاً ، وإلّا لزم استعمال اللفظ في معنييه ؛ لجواز عموم المجاز .

وأمّا الثانية : فلأعمية التطوّع لغةً من المستحب ، فإنّه مأخوذ من الطاعة ، ولو سلّم الاختصاص في العرف المتأخر فالأصل تأخّره .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢ الطهارة ب ٢٨ ح ٤ ، التهذيب ١ : ١١١ / ٢٩٣ ، الوسائل ٣ : ٣١٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ٧ .

(٢) فقه الرضا (ع) : ٨١ ، مستدرك الوسائل ١ : ٤٤٧ أبواب الجنابة ب ١ ح ١ بتفاوت يسير .

(٣) التهذيب ١ : ١١٠ / ٢٨٩ ، الاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٩ ، الوسائل ٢ : ١٧٦ أبواب الجنابة ب ١ ح ١١ .

(٤) في النسخ : بين ، وما أثبتناه هو الأنسب .

٣٢٦
 &

وأمّا الأخيران فظاهران .

بل للتصريح بجواز تركه للنساء مطلقاً ـ الموجب لجوازه للرجال بعدم الفصل ـ في المروي في الخصال : « ليس على المرأة غسل الجمعة في السفر ، ويجوز لها تركه في الحضر » (١) .

وفي النبوي المنجبر بما مرّ : « من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل » (٢) .

والمروي في العلل والعيون : « وعلّة غسل العيد والجمعة » إلى أن قال : « فجعل فيه الغسل تعظيماً لذلك اليوم ، وتفضيلاً له على سائر الأيام ، وزيادة له في النوافل والعبادة » (٣) وهو صريح في كونه نافلةً .

والرضوي ، وفيه ـ بعد عدّ ثلاثة وعشرين غسلاً من غير عدّ أغسال النساء وغسل المسّ ـ : « الفرض من ذلك غسل الجنابة ، والواجب غسل الميت وغسل الإِحرام ، والباقي سنّة » (٤) . ومن الباقي غسل الجمعة ، وهو صريح في أنّ المراد من السنّة فيه غير الواجب .

ونحوه في الصراحة أيضاً قوله : وروي « أنّ الغسل أربعة عشر وجهاً ، ثلاث منها غسل واجب مفروض » إلى أن قال : « وأحد عشر غسلاً سنّة : غسل العيدين والجمعة » (٥) إلى آخره .

وخبر علي بن أبي حمزة : عن غسل العيدين ، أواجب هو ؟ قال : « هو سنّة » قلت : فالجمعة ؟ قال : « هو سنّة » (٦) وهو أيضاً صريح فيما ذكرنا ، وإلّا لم يحصل

__________________

(١) الخصال : ٥٨٦ .

(٢) سنن ابن ماجه ١ : ٣٤٧ / ١٠٩١ .

(٣) علل الشرائع : ٢٨٥ / ٤ ، وعيون أخبار الرضا ٢ : ٨٧ .

(٤) فقه الرضا (ع) : ٨٢ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١ .

(٥) فقه الرضا (ع) : ٨٣ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١ .

(٦) التهذيب ١ : ١١٢ / ٢٩٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٥ ، الوسائل ٣ : ٣١٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١٢ .

٣٢٧
 &

للجواب معنى .

وضعف بعض ما مرّ ، بالشهرة العظيمة والإِجماع المنقول منجبر .

دليل الموجب : الروايات الآمرة به ، كصحيحة (١) محمد : « اغتسل يوم الجمعة إلّا أن تكون مريضاً أو تخاف على نفسك » (٢) .

وبتقديمه مع قلّة الماء ، كرواية الحسين بن موسى عن اُمّه واُمّ أحمد : كنّا مع أبي الحسن بالبادية ونحن نريد بغداد ، فقال لنا يوم الخميس : « اغتسلا اليوم لغد » (٣) الحديث ، وبمضمونها في الأمر بالتقديم مرسلة محمد بن الحسين (٤) .

وبقضائه ، كرواية سماعة ، وفيها : « فإن لم يجد فليقضه يوم السبت » (٥) .

والأخبار المصرّحة بأنه واجب ، كحسنتي ابني المغيرة وعبد الله : عن الغسل يوم الجمعة ، قال : « واجب على كلّ ذكر أو اُنثى ، عبد أو حُرّ » (٦) .

ورواية الصيرفي : كيف صار غسل الجمعة واجباً ؟ فقال : « إنّ الله تعالى أتمّ صلاة الفريضة بصلاة النافلة ، وأتمّ صيام الفريضة بصيام النافلة ، وأتمّ وضوء الفريضة بغسل الجمعة » (٧) إلى آخره .

__________________

(١) في « هـ » : حسنة .

(٢) التهذيب ٣ : ٢٣٧ / ٦٢٩ ، الوسائل ٣ : ٣١٤ أبواب الاغسال المسنونة ب ٦ ح ١١ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٢ الطهارة ب ٢٨ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٦١ / ٢٢٧ ، التهذيب ١ : ٣٦٥ / ١١١٠ ، الوسائل ٣ : ٣٢٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ٩ ح ٢ .

(٤) التهذيب ١ : ٣٦٥ / ١١٠٩ ، الوسائل ٣ : ٣١٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٩ ح ١ .

(٥) التهذيب ١ : ١١٣ / ٣٠٠ ، الاستبصار ١ : ١٠٤ / ٣٤٠ ، الوسائل ٣ : ٣٢١ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ ح ٣ .

(٦) حسنة ابن المغيرة : الكافي ٣ : ٤١ الطهارة ب ٢٨ ح ١ ، التهذيب ١ : ١١١ / ٢٩١ ، الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٦ ، الوسائل ٣ : ٣١٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ٣ ، حسنة ابن عبد الله : الكافي ٣ : ٤٢ الطهارة ب ٢٨ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١١١ / ٢٩٢ وفيه ابن عبيد الله ، الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٧ ، الوسائل ٣ : ٣١٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ٦ .

(٧) الكافي ٣ : ٤٢ الطهارة ب ٢٨ ح ٤ ، التهذيب ١ : ١١١ / ٢٩٣ ، المحاسن : ٣١٣ / ٣٠ ، علل الشرائع : ٢٨٥ / ١ ، الوسائل ٣ : ٣١٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ٧ .

٣٢٨
 &

وموثّقة سماعة : عن غسل الجمعة ، فقال : « واجب في السفر والحضر » إلى أن قال : « وغسل المحرم واجب ، وغسل يوم عرفة واجب ، وغسل الزيارة واجب إلّا من علّة ، وغسل دخول البيت واجب ، وغسل دخول الحرم واجب ، ويستحب أن لا يدخله إلّا بغسل » (١) إلى آخره .

والروايات المتضمّنة لأنه على النساء ، الذي هو أيضاً في معنى الإِيجاب (٢) .

وما يصرّح بأنه لا بدّ منه ، كما في مرسلة حريز : « لا بدّ من غسل يوم الجمعة في السفر والحضر ، فمن نسي فليعد من الغد » (٣) .

وما يأمر بالاستغفار عن تركه متعمّداً ، كرواية سهل (٤) ، ومرسلة (٥) الفقيه ، ولا يكون الاستغفار إلّا عن ترك واجب أو فعل حرام .

ويجاب عن الجميع : بأنّ استعمال كلّ ما ذكر في الاستحباب مجاز شائع ، فالحمل عليه مع القرينة لازم ، وما ذكرناه قرينة واضحة عليه .

مع وجود قرائن اُخرى مع أكثر الموجبات ، كما في الأمر بالتقديم والقضاء ، فإنّ الظاهر عدم القول بوجوبهما .

وفي رواية الصيرفي ، فإن العلّة المذكورة فيها غير صالحة لإِثبات غير الرجحان قطعاً ، وإلّا لوجبت صلاة النافلة وصيام النافلة أيضاً ، فالمراد من الوجوب فيها الرجحان . ولذلك قد يستدلّ بهذه الرواية على الاستحباب وإن كان محل نظر ، إذ إثبات الرجحان في حديث بعلّة لا ينافي ضمّ اللزوم بدليل آخر .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠ الطهارة ب ٢٦ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ .

(٢) الوسائل ٣ : ٣٠٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٣ .

(٣) الكافي ٣ : ٤٣ الطهارة ب ٢٨ ح ٧ ، الوسائل ٣ : ٣٢٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ ح ١ .

(٤) التهذيب ١ : ١١٣ / ٢٩٩ ، الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٩ ، الوسائل ٣ : ٣١٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ٧ ح ٣ .

(٥) في « ق » : مرفوعة ، ورواها في الفقيه ١ : ٦٤ / ٢٤٢ عن أبي بصير ، وطريق الصدوق إليه مذكور في المشيخة ، فهي مسندة في الحقيقة ، الوسائل ٣ : ٣١٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٨ ح ٢ .

٣٢٩
 &

وفي الموثّقة ، فإنّ الحكم فيها بوجوب أغسال كثيرة غير واجبة إجماعاً ـ كالحكم بوجوب غسل الجمعة ـ قرينة على أنّ المراد بالوجوب فيها معناه المجازي ، سيما مع ضمّ قوله : « ويستحب أن لا يدخله إلّا بغسل » بعد قوله : « واجب » ولا أقلّ من صلاحية ذلك لاتّكال المتكلّم عليه في إرادة المجاز ، ومعه لا تجري أصالة الحقيقة ، كما بيّنّاه في الاُصول .

وبذلك يحصل الوهن في إرادة الحقيقة في غيرها مما يتضمّن لفظ الوجوب أيضاً ، سيما مع حمل الإِمام وجوبه في الرواية السابقة بلا قرينة على مطلق الرجحان ، ومع ما في الرضوي المتقدّم من قوله : « ومنها سنّة مسنونة إلّا أنّ بعضها ألزم [ من بعض ] وأوجب من بعض » (١) . ومع ملاحظة خبر ابن الوليد ، ومرسلة الفقيه :

الأول : عن غسل الأضحى ، قال : « واجب [ إلّا ] بمنى » (٢) .

والثانية : « من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل » (٣) .

بل بملاحظة تلك الأخبار المؤيّدة بأصالة تأخّر الحادث يتقوّى ما ذكره جماعة من عدم ثبوت الحقيقة الشرعية للوجوب وإن أراهم لا يلتفتون إليه في مواضع اُخر .

وكما في بعض الروايات المتضمّنة للفظة « على » فإنّ فيه بعد السؤال عن المرأة أعليها غسل يوم الجمعة والفطر والأضحى ويوم عرفة ؟ قال : « نعم عليها الغسل كلّه » (٤) ولا بدّ من حمله على مطلق الرجحان ؛ لئلّا يلزم استعمال اللفظ في معنييه .

وفي بعض روايات الاستغفار ، كموثّقة ابن اليسع ، وإنّ فيها بعد السؤال‌

__________________

(١) راجع ص ٣٢٦ ، وما بين المعقوفين من المصدر .

(٢) الفقيه ١ : ٣٢١ / ١٤٦٥ ، الوسائل ٣ : ٣٣٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٦ ح ٤ ، وما بين المعقوفين من المصدر .

(٣) الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٥ ، الوسائل ٣ : ٣٣٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٩ ح ٣ .

(٤) الفقيه ١ : ٣٢١ / ١٤٦٧ ، الوسائل ٣ : ٣٠٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٣ ح ١ .

٣٣٠
 &

عن الرجل يدع الغسل يوم الجمعة ناسياً أو متعمّداً : « وإن كان متعمّداً فالغسل أحبّ إلي ، إن هو فعل . . . » (١) . فإنه قرينة على عدم ترتّب ذنب على تركه ، بل هذا دليل على عدم الوجوب .

مع أنه ليس في هذه الروايات تصريح في كون الاستغفار لذنب مترتّب على ترك غسل الجمعة ، فلعلّ المراد أنّه إن تركه فليستغفر الله لذنوبه عوضاً عن غسل الجمعة .

ثمَّ لو قطع النظر عن ذلك كلّه لحصل التعارض بين هذه الروايات وبين ما ذكرنا ، فيرجع إلى الأصل .

مع أنّ بعد تمامية دلالتها وعدم المناص عنها تصير مخالفةً للشهرة العظيمة من الجديدة والقديمة ، وبها تخرج عن الحجية وصلاحية المعارضة .

فروع :

أ : أول وقته طلوع الفجر ، فلا يجزي قبله ـ في غير ما استثني ـ إجماعاً كما صرّح به جماعة ؛ لأنّه مقتضى إضافته إلى اليوم ، وأصالة عدم مشروعيته في غير ما علمت فيه .

ويصح بعده كذلك ؛ لصدق اليوم لغةً وشرعاً ، واستفاضة النصوص عليه :

منها : الرضوي : « ويجزيك إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر ، وكلّما قرب من الزوال فهو أفضل » (٢) إلى آخره .

ومنه يعلم مستند ما نصّ عليه الأكثر من أنه كلّما قرب من الزوال كان أفضل ، بل ظاهر بعضهم اتّفاق الأصحاب عليه (٣) .

__________________

(١) التهذيب ١ : ١١٣ / ٢٩٩ ، الاستبصار ١ : ١٠٣ / ٣٣٩ ، الوسائل ٣ : ٣١٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ٧ ح ٣ .

(٢) فقه الرضا (ع) : ١٧٥ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٥٠٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ٧ ح ١ .

(٣) كصاحب الرياض ١ : ٧٢ .

٣٣١
 &

وآخر وقته الزوال من يوم الجمعة ، بالإِجماع ، كما في اللوامع ، وعن المعتبر والخلاف والذكرى (١) ؛ لحسنة زرارة : « وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال » (٢) .

ويؤيّده خبر [ ابن عبد الله ] (٣) الوارد في سبب جريان السنّة به .

وبذلك يقيّد إطلاق المطلقات ، ويضعّف ما حكي عن الخلاف من امتداد وقته إلى صلاة الجمعة (٤) ، مع أنّ الظاهر ـ كما قيل ـ رجوعه إلى المشهور (٥) .

وأمّا المروي في قرب الإِسناد عن مولانا الرضا عليه السلام : « إنّ أبي كان يغتسل للجمعة عند الرواح » (٦) وهو آخر النهار ، أو من الزوال إلى الليل ـ كما في القاموس (٧) ـ فلا يصلح لمعارضة ما ذكر ، مع أنّ إرادة الرواح إلى صلاة الجمعة محتملة ، وكون ذلك ـ أحياناً قضاءً أيضاً جائز .

ب : يجوز تقديمه يوم الخميس ، اتّفاقاً كما في اللوامع والحدائق (٨) ؛ لرواية الحسين بن موسى ومرسلة محمد بن الحسين ، المتقدّمة إليهما الإِشارة (٩) ، والرضوي : « وإن كنت مسافراً وتخوفت عدم الماء يوم الجمعة اغتسل يوم الخميس » (١٠) الحديث .

والظاهر اختصاصه بخائف عوز الماء ؛ لأنّه مورد النصوص ، وغيره يبقى

__________________

(١) المعتبر ١ : ٣٥٤ ، والخلاف ١ : ٢٢٠ ، والذكرى : ٢٤ .

(٢) الكافي ٣ : ٤١٧ الصلاة ب ٧٢ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ٣٩٦ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٤٧ ح ٣ .

(٣) في النسخ : ابن عبد العزيز ، ولم نجد رواية منقولة عنه بهذا المضمون ، والظاهر وقوع السهو أو التصحيف فيه ، وما أثبتناه موافق للمصادر والكتب الفقهية . انظر : التهذيب ١ : ٣٦٦ / ١١١٢ ، وعلل الشرائع : ٢٨٥ / ٣ ، والوسائل ٣ : ٣١٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١٥ .

(٤) الخلاف ١ : ٦١٢ .

(٥) كما في الحدائق ٤ : ٢٢٨ .

(٦) قرب الإِسناد ٣٦٠ / ١٢٨٥ .

(٧) القاموس المحيط ١ : ٢٣٣ .

(٨) الحدائق ٤ : ٢٣١ .

(٩) في ص ٣٢٨ الرقم ٣ و ٤ .

(١٠) فقه الرضا (ع) : ١٢٩ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٥٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ٥ ح ١ .

٣٣٢
 &

تحت الاُصول .

وفي التعدّي إلى ليلة الجمعة مع الشرط ، لفحوى الأخبار ، أو عدمه ، لظاهرها ، وجهان بل قولان ، ولعل الأول أظهر ، وعن الخلاف : الوفاق عليه (١) .

ومع التقديم لا يغسل ثانياً يوم الجمعة لو تمكّن ؛ للأصل ، وعدم انصراف المطلقات إليه ، خلافاً لبعضهم ، فجوّزه (٢) .

ولو فات قبل الزوال يستحب قضاؤه بعده إلى آخر نهار السبت إجماعاً ؛ للمستفيضة :

منها : رواية سماعة المتقدّمة (٣) .

وموثّقة ابن بكير : في رجل فاته الغسل يوم الجمعة ، قال : « يغتسل ما بينه وبين الليل فإن فاته اغتسل يوم السبت » (٤) .

والرضوي : « فإن فاتك الغسل يوم الجمعة قضيت يوم السبت ، أو بعده من أيام الجمعة » (٥) .

ويستفاد من الموثّقة أفضلية القضاء بعد الزوال عن يوم السبت ، بل قيل بأفضلية كلٍّ من القضاء والتقديم في كلّما كان أقرب إلى الوقت (٦) . ولا دليل عليه .

والكلام في التعدّي إلى الليلة كما تقدم .

وصريح الأخير : التعدّي في القضاء إلى غير يوم السبت أيضاً . ولا بأس به ؛ للتسامح وإن لم أعرف به الآن قائلاً .

__________________

(١) الخلاف ١ : ٦١٢ .

(٢) كما في الذخيرة : ٧ .

(٣) في ص ٣٢٨ .

(٤) التهذيب ١ : ١١٣ / ٣٠١ ، الوسائل ٣ : ٣٢١ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ ح ٤ .

(٥) فقه الرضا (ع) : ١٢٩ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٥٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١ .

(٦) قال به الشهيد الثاني في روض الجنان : ١٧ .

٣٣٣
 &

ومقتضى الإِطلاقات : تعميم القضاء لكلّ من فاته ولو كان عمداً ، وعليه الأكثر .

وعن الصدوق : التخصيص بالمعذور والناسي (١) ؛ لمفهوم مرسلة حريز (٢) .

ويجاب : بأنه عام فيخصّص بالمغتسل ، لما مرّ .

ج : من اغتسل تأدّت السنّة وإن أحدث أو نام بعده ؛ للإِجماع والمعتبرة .

د : يستحب أن يقول بعد الغسل ما رواه الشيخ عن الصادق عليه السلام : « أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلّ على محمد وآل محمد [ واجعلني من التوّابين ] واجعلني من المتطهّرين » (٣) .

ومنها : أحد وعشرون غسلاً في شهر رمضان : خمسة عشر للّيالي المفردة ، وخمسة لسائر الليالي من العشر الأخير ، وواحد آخر للثلاث والعشرين . ويأتي تفصيل المستند في الجميع في كتاب الصيام إن شاء الله .

ومنها : غسل عيد الفطر وغسل للأضحى ، بالإِجماعين ، والمستفيضة من النصوص التي تقدم بعضها (٤) .

ووقتهما بعد طلوع الفجر ؛ بالإِجماع ، وعدم الصدق ، وخبر علي : « إن اغتسل يوم الفطر والأضحى قبل الفجر لم يجزئه ، وإن اغتسل بعده أجزأه » (٥) .

ومقتضى إطلاقه كسائر الإِطلاقات امتداد وقته بامتداد اليوم ، كما عن

__________________

(١) الفقيه ١ : ٦١ .

(٢) الكافي ٣ : ٤٣ الطهارة ب ٢٨ ح ٧ وص ٤١٨ الصلاة ب ٧٢ ح ٩ ، الوسائل ٣ : ٣٢٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ ح ١ .

(٣) التهذيب ٣ : ١٠ / ٣١ ، الوسائل ٣ : ٣٢٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٢ ح ١ ، ورواه الصدوق مرسلاً في الفقيه ١ : ٦١ / ٢٢٨ ، وما بين المعقوفين من المصادر .

(٤) الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٠ .

(٥) قرب الاسناد : ١٨١ / ٦٦٩ الوسائل ٣ : ٣٣٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٧ ح ١ .

٣٣٤
 &

الذكرى (١) ، إلّا أنّ في الرضوي : « إذا طلع الفجر من يوم العيد فاغتسل ، وهو أول أوقات الغسل ، ثم إلى وقت الزوال » (٢) .

والمستفاد منه أنّ آخر وقته الزوال ، ونسبه في البحار إلى ظاهر الأصحاب (٣) ، ولعلّه بعد انجباره بذلك كان كافياً لتقييد الإِطلاق .

وليوم دحو الأرض ، وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة ، ذكره الشهيد ناسباً له إلى الأصحاب (٤) ، وبعض آخر ، ولا أعرف مستنده .

وليوم عرفة ، بالإِجماعين ، والنصوص .

والأولى فعله عند الزوال ؛ لصحيحة ابن سنان (٥) .

وكأنّه المراد من قبل الزوال في الرضوي : « اغتسل يوم عرفة قبل الزوال » (٦) .

وليوم التروية ، ذكره في الهداية والنزهة والمنتهى ونهاية الإِحكام (٧) ، وغيرها (٨) ؛ لصحيحة ابن مسلم (٩) .

والغدير ، بالإِجماع ، والمستفيضة .

وفي الإِقبال عن كتاب محمد بن علي الطرازي بالإِسناد المتصل إلى مولانا أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل ذكر فيه فضل يوم الغدير ، إلى أن قال :

__________________

(١) الذكرى : ٢٤ .

(٢) فقه الرضا (ع) : ١٣١ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٥١٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ١١ ح ١ . وفيهما بتفاوت يسير .

(٣) البحار ٧٨ : ١٤ .

(٤) الذكرى : ٢٤ .

(٥) التهذيب ١ : ١١٠ / ٢٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٦ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٠ .

(٦) فقه الرضا (ع) : ٢٢٣ ، المستدرك ١٠ : ٢٠ أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب ٩ ح ٣ وردت بتفاوت .

(٧) الهداية : ١٩ ، نزهة الناظر : ١٥ ، المنتهى ١ : ١٣٠ ، نهاية الإِحكام ١ : ١٧٧ .

(٨) كالمفاتيح ١ : ٥٤ ، والحدائق ٤ : ١٨٠ .

(٩) التهذيب ١ : ١١٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١ .

٣٣٥
 &

« فإذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره » (١) الحديث .

ويوم المباهلة ـ وهو في المشهور : الرابع والعشرون من ذي الحجة ، وقيل : أحد وعشرون ، وقيل : السابع والعشرون ـ بالإِجماع كما عن الغنية (٢) ؛ وهو الحجة فيه .

مضافاً إلى مرفوعة علي بن محمد القمي ـ كما في الإِقبال ـ وفيها بعد ذكر يوم المباهلة : « فابدأ بصوم ذلك اليوم شكراً لله واغتسل [ والبس ] أنظف ثيابك » (٣) .

وأمّا ما في موثّقة سماعة : « وغسل المباهلة واجب » (٤) فلعلّه لإِيقاع أصل المباهلة ، كما قيل (٥) .

ويوم عاشوراء ، ذكره في الإِقبال (٦) ، والظاهر أنه للزيارة لا لخصوص اليوم .

ويوم المولود ، وهو السابع عشر من ربيع الأول ، ذكره في الإِقبال وفلاح السائل والشهيد (٧) .

ويوم أول رجب ووسطه وآخره ، رواها في الإِقبال عن النبي صلّى الله عليه وﺁله أنه قال : « من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته اُمه » (٨) .

ويوم المبعث ، وهو السابع والعشرون من رجب ، ذكره الشيخ في الجمل

__________________

(١) إقبال الأعمال : ٤٧٤ .

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ .

(٣) إقبال الأعمال : ٥١٥ ، وما بين المعقوفين من المصدر .

(٤) الكافي ٣ : ٤٠ الطهارة ب ٢٦ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ .

(٥) كشف اللثام ١ : ١٠ .

(٦) إقبال الأعمال : ٥٧١ .

(٧) إقبال الأعمال : ٦٠٤ ، فلاح السائل : ٦١ ، الشهيد في الدروس ١ : ٨٧ .

(٨) إقبال الأعمال : ٦٢٨ .

٣٣٦
 &

والمصباح والاقتصاد ، والسيد في الإِقبال ، والفاضل في القواعد (١) .

ويوم النيروز ، كما عن المصباح والجامع وفي المنتهى والقواعد (٢) ؛ لخبر المعلّى (٣) .

وغسل ليلة الجمعة ، ذكره في الإِشارة (٤) . ولعلّة كافٍ ؛ للمسامحة .

وليلة الفطر ، ذكره جماعة (٥) ؛ لخبر ابن راشد (٦) .

وليلة النصف من رجب ، كما في الجمل والمصباح والاقتصاد والنزهة والجامع والإِصباح والمعتبر (٧) وغيرها (٨) ؛ لفتوى هؤلاء .

وليلة النصف من شعبان ؛ لخبر أبي بصير : « صوموا شعبان ، واغتسلوا ليلة النصف منه » (٩) والرضوي قال : « والغسل ثلاثة وعشرون » إلى أن قال : « وليلة النصف من شعبان » (١٠) .

وغسل كلّ يوم شريف أو ليلة شريفة ، ذكره الإِسكافي (١١) ، ويومئ إليه تعليلهم لثبوت بعض الأغسال : بشرافة الزمان .

__________________

(١) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٧ ، مصباح المتهجد : ١١ ، الاقتصاد : ٢٥٠ ، إقبال الأعمال : ٦٧٤ ، القواعد ١ : ٣ .

(٢) مصباح المتهجد : ٧٩٠ ، والجامع للشرائع : ٣٣ ، والمنتهى ١ : ١٣٠ ، والقواعد ١ : ٣ .

(٣) مصباح المتهجد : ٧٩٠ ، وعنه في الوسائل ٣ : ٣٣٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٤ ح ١ .

(٤) الإِشارة : ٧٢ .

(٥) منهم المحقق في المعتبر ١ : ٣٥٥ ، والعلامة في المنتهى ١ : ١٣٠ ، والشهيد الأول في الدروس ١ : ٨٧ .

(٦) الكافي ٤ : ١٦٧ الصيام ب ٧١ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٠٩ / ٤٦٦ بتفاوت يسير ، التهذيب ١ : ١١٥ / ٣٠٣ ، الوسائل ٣ : ٣٢٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٥ ح ١ .

(٧) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٧ ، ومصباح المتهجد : ١١ ، والاقتصاد : ٢٥٠ ، ونزهة الناظر : ١٥ ، الجامع للشرائع : ٣٢ ، المعتبر ١ : ٣٥٦ .

(٨) كالقواعد ١ : ٣ ، والدروس ١ : ٨٧ .

(٩) التهذيب ١ : ١١٧ / ٣٠٨ ، الوسائل ٣ : ٣٣٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٣ ح ١ .

(١٠) فقه الرضا (ع) : ٨٢ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١ .

(١١) حكاه عنه في الذكرى : ٢٤ .

٣٣٧
 &

وفي زمان ظهور آية في السماء ، ذكره أيضاً (١) .

فهذه اثنان وأربعون غسلاً كلّها متعلّقة بالأزمنة .

ومنها : الأغسال المتعلّقة بالأمكنة ، وهي سبعة أغسال : لدخول الحرم ، ومكة ، والمسجد الحرام ، والكعبة ، والمدينة ، ومسجد النبي صلّى الله عليه وﺁله ، وحرمه ، كما يأتي في كتاب الحج .

والغسل لدخول كلّ مشهد من مشاهد الأئمة عليهم السلام ، كما يأتي في باب المزار ، ولكلّ مكان شريف ، ذكره الإِسكافي (٢) .

ومنها : الأغسال المتعلّقة بالأفعال ، وهي الغسل للإِحرام ، وللعمرة ، وللحج ، والغسل للطواف ، ولزيارة البيت ، ولرمي الجمار ، ولكلٍّ من الوقوفين ، وللحلق ، والنحر ، والذبح ، كما يأتي في كتاب الحج .

ولزيارة النبي صلّى الله عليه وﺁله والأئمة ، كما يأتي في المزار .

وللاستسقاء ؛ للإِجماع عليه عن الغنية (٣) ، ولموثّقة سماعة (٤) .

ولصلاة الكسوف والخسوف المستوعبين ، ذكره في المختلف (٥) ، واللوامع ؛ لصحيحة محمد : « وغسل الكسوف ، إذا احترق القرص كله فاغتسل » (٦) ونحوها .

وليس فيهما دلالة على أنه للصلاة ، بل الظاهر أنه لنفس الآية السماوية .

ولقضائها مع الاستيعاب وتعمد الترك ، كما في المنتهى والقواعد والشرائع واللوامع وعن الهداية والمصباح والاقتصاد والجمل والخلاف والنهاية والمبسوط

__________________

(١ و ٢) حكاه عنه في الذكرى : ٢٤ .

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ .

(٤) الكافي ٣ : ٤٠ الطهارة ب ٢٦ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣ .

(٥) المختلف : ٢٨ .

(٦) التهذيب ١ : ١١٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١ .

٣٣٨
 &

والكافي والمهذب والمراسم والرسالة والنزهة والجامع والمعتبر والغنية والإِصباح والإِشارة والسرائر (١) ، وعزاه في الأول إلى الأكثر .

للرضوي المنجبر : « وان انكسفت الشمس أو القمر ولم تعلم به فعليك أن تصليها إذا علمت ، فإن تركتها متعمّداً حتى تصبح فاغتسل وصلّ ، وإن لم يحترق القرص فاقضها ولا تغتسل » (٢) . وهو صريح في الشرطين ، وعدم الرجحان بدونهما .

ونفي في السرائر الخلاف عن عدم مشروعيته إذا انتفيا (٣) .

وتدلّ على اشتراط الأول أيضاً : مرسلة الفقيه (٤) ، وصحيحة محمد (٥) ، والمروي في الخصال صحيحاً أيضاً : « وغسل الكسوف ، إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصلّ فعليك أن تغتسل وتقضي الصلاة » (٦) .

وعلى اشتراط الثاني : مرسلة حريز : « إن انكسف القمر فاستيقظ الرجل ولم يصلّ فليغتسل من غد وليقض الصلاة ، وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلّا القضاء بغير غسل » (٧) .

__________________

(١) المنتهى ١ : ١٣١ ، القواعد ١ : ٣ ، الشرائع ١ : ٤٥ ، الهداية : ١٩ ، مصباح المتهجد : ١١ ، الاقتصاد : ٢٥٠ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٨ ، الخلاف ١ : ٦٧٩ ، النهاية : ١٣٦ ، المبسوط ١ : ١٧٢ ، الكافي في الفقه : ١٣٥ ، المهذب ١ : ٣٣ ، المراسم : ٥٢ ، نقل عن رسالة ابن بابويه في الرياض ١ : ٧٣ ، نزهة الناظر : ١٦ ، الجامع للشرائع : ٣٣ ، المعتبر ١ : ٣٥٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، حكى عن الإِصباح في الرياض ١ : ٧٣ ، الإِشارة ٧٢ ، السرائر ١ : ١٢٤ .

(٢) فقه الرضا (ع) : ١٣٥ ، مستدرك الوسائل ٢ : ٥١٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٧ ح ١ .

(٣) السرائر ١ : ٣٢١ .

(٤) الفقيه ١ : ٤٤ / ١٧٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٤ .

(٥) المتقدمة في الرقم (٦) ص ٢٣٨ .

(٦) الخصال : ٥٠٨ / ١ ، الوسائل ٣ : ٣٠٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٥ .

(٧) التهذيب ١ : ١١٧ / ٣٠٩ ، الاستبصار ١ : ٤٥٣ / ١٧٥٨ ، الوسائل ٣ : ٣٣٦ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٥ ح ١ .

٣٣٩
 &

خلافاً للمحكي عن المقنعة ومصباح السيد (١) ، فلم يشترطا الأول ؛ لإِطلاق الثالث . وعن المقنع والذكرى (٢) ، فلم يشترطا الثاني ؛ لإِطلاق الثاني.

ويجاب عنهما : بوجوب تقييد الإِطلاقين بما مرّ ، مع أنّ الإِطلاق الثاني ممنوع .

ثم ظاهر الأوامر وإن كان وجوب ذلك الغسل ـ كما عن السيد في مسائله المصرية وجُمله وشرح القاضي له مدّعياً عليه الإِجماع (٣) ، وصلاة المقنعة والمراسم وظاهر الهداية والخلاف والكافي وصلاة الاقتصاد والجُمل والغنية (٤) ، واستقواه في المنتهى (٥) ، وتردّد في الوسيلة (٦) ـ إلّا أن المشهور بين المتأخّرين استحبابه ؛ للأصل ، وحصرِ الواجب من الأغسال في غيره في هذه الأخبار .

وخبر سعد : « الأغسال أربعة عشر ، واحد فريضة والباقي سنّة » (٧) .

وتعداده في الأغسال المستحبة ـ إجماعاً ـ في الصحيحين (٨) .

والشهرة المتأخرة .

وقوله : « من فاتته صلاة فليصلّها كما فاتته » (٩) ولا يجب الغسل للأداء

__________________

(١) المقنعة : ٥١ ونقله عن المصباح المعتبر ١ : ٣٥٨ .

(٢) المقنع : ٤٤ ، والذكرى : ٢٤ .

(٣) نقله عن المسائل المصرية في الذكرى : ٢٥ ، جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٤٦ ، شرح الجمل : ١٣٥ .

(٤) المقنعة : ٢١١ ، المراسم : ٨١ ، الهداية : ١٩ ، الخلاف ١ : ٦٧٩ ، الكافي في الفقه : ١٣٥ ، الاقتصاد : ٢٧٢ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٩٤ ، وأما ما حكي عن الغنية من وجوب هذا الغسل فالظاهر خلافه ، بل هو قائل باستحبابه ، أنظر الجوامع الفقهية : ٥٥٥ و ٥٦٢ .

(٥) المنتهى ١ : ٣٥٢ .

(٦) الوسيلة : ١١٢ .

(٧) التهذيب ١ : ١١٠ / ٢٨٩ ، الاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٩ ، الوسائل ٢ : ١٧٦ أبواب الجنابة ب ١ ح ١١ .

(٨) وهما صحيحة محمد والمروي في الخصال وقد تقدما في ص ٣٣٩ .

(٩) انظر : الوسائل ٨ : ٢٦٨ أبواب قضاء الصلوات ب ٦ .

٣٤٠