مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشيعة في أحكام الشريعة - ج ٣

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-78-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٥١٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

الواجب ، والمدارك ، والبحار ، والحدائق (١) . وعن الذكرى ، وشيخنا البهائي التردّد فيه (٢) . وفي البحار : أنّ الظاهر من أكثر الأصحاب أنّ غسل الرأس برغوة السدر محسوب من غسل السدر الواجب (٣) .

لأصالة عدم الاشتراط ، والأمر بغسل الرأس من الرغوة ـ التي هي ليس ماءً مطلقاً قطعاً ـ في خبر يونس ، المتقدّم (٤) ، والرضوي : « ثم تغسل رأسه ولحيته برغوة السدر ، وتتبعه بثلاث حميديات ، ولا تقعده إن صعب عليك ، ثم تقلبه على جنبه الأيسر » (٥) الخبر .

والأول مندفع : بما مرّ .

والثاني : بأنّ المراد بالرغوة ما يشبهها من الماء المطلق بقرينة قوله فيه : « واجهد أن لا يدخل الماء منخريه ومسامعه » .

ولو جوّز العكس لم يفد أيضاً ، لحصول الاحتمال الموجب للإِجمال ، المسقط للاستدلال ، المانع من ترك المطلقات .

مع أنّ كون هذا الغسل من الواجب دون المستحب الذي ذكره الجماعة لا يعلم إلّا من عدم ذكر غسل آخر للرأس ، ومجرد ذلك لا يعارض الأمر بغسله بالماء المطلق .

وأمّا ردّه (٦) : بعدم استلزام الإِرغاء إضافة الماء الذي تحت الرغوة فغريب ؛ للتصريح بالغسل بالرغوة دون ما تحتها . والظاهر أنّه مأخوذ من كلام بعض

__________________

(١) المدارك ٢ : ٨٢ ، بحار الأنوار ٧٨ : ٢٩٢ ، الحدائق ٣ : ٤٥٩ .

(٢) الذكرى : ٤٥ ، الحبل المتين : ٦٠ .

(٣) بحار الأنوار ٧٨ : ٢٩٤ . وفيه : والظاهر من أكثر الأخبار أنه محسوب من غسل السدر الواجب . ورغوة اللبن ـ مثلثة ـ : زبدة .

(٤) في ص ١٣٦ .

(٥) فقه الرضا : ١٦٦ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣ . والحميد من الأباريق : الكبير في الغاية ( مجمع البحرين ٣ : ٤٠ ) .

(٦) كما في الرياض ١ : ٥٤ .

١٤١
 &

الأجلّاء (١) ، ولكنه ذكر ذلك لقصد آخر .

والثالث : بعدم الدلالة على كونه هو الواجب ، ولعلّه ما يتبعه من الحميديات ، بل هو الظاهر ، وإلّا لزم استحباب أربع غسلات في عضو ، ولا قائل به .

ب : ليس في كافور الخليط حدّ واجب غير ما يفيد الإِضافة ، وليس في خبر يونس المقدّر له بحبات ـ بعد تقديره في الموثّق السابق (٢) بنصف حبّة ـ دلالة على الوجوب مفيدة لتقييد المطلقات ، كما لا يقيده ما روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام غسّل النبي صلّى الله عليه وﺁله وسلّم بثلاثة مثاقيل (٣) .

وتقدير المفيد ، والديلمي ، وابن سعيد (٤) ، بنصف مثقال خالٍ عن الدليل ، مع أنّ كلامهم ليس نصّاً في الوجوب ، كيف ! ؟ والثاني لا يرى وجوب غير القراح .

ولا يتعيّن الخام منه ؛ للأصل . خلافاً لنادر ؛ لوجه قاصر (٥) .

ج : التغسيل بماء الكافور مخصوص بالمُحلّ ، فلا يغسل الُمحرم بمائه إجماعاً ، كما عن الغنية (٦) ، وفي المنتهى ، وشرح القواعد للكركي (٧) ؛ للنهي عن تقريبه الطيب ـ الذي منه الكافور ـ في المستفيضة الآتية في بحث التحنيط (٨) .

د : المعتبر في القراح ـ أي الخالص ـ خلوصه عن الخليطين ، لأنّه المتبادر

__________________

(١) الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١١٣ .

(٢) في ص ١٣٨ .

(٣) التهذيب ١ : ٤٥٠ / ١٤٦٤ ، الوسائل ٢ : ٤٨٥ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١١ .

(٤) المقنعة : ٧٥ ، المراسم : ٤٧ ، الجامع : ٥١ .

(٥) المراسم : ٤٧ ، وانظر مفتاح الكرامة ١ : ٤٢٩ .

(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، ومعقد الإِجماع في كلامه هو التحنيط بالكافور دون التغسيل .

(٧) المنتهى ١ : ٤٣٢ ، جامع المقاصد ١ : ٣٩٨ .

(٨) في ص ٢٤٩ .

١٤٢
 &

من المقابلة . لا الخليط مطلقاً حتى التراب ـ كما قيل (١) ـ إلّا أن يخرجه عن الإِطلاق ، وإن كان اعتباره مطلقاً أحوط . والمراد باعتبار خلوصه عنهما اشتراطه لا عدم اشتراطهما ، كما تدلّ عليه أوامر الغسل بالقراح .

والمعتبر في خلوصه عنهما خلوصه عمّا يجعله ماء سدر وكافور ، والغسل غسلاً بهما ، فلا يضرّ القليل منهما ، أو الغير الممتزج من السدر ؛ لأنّه الثابت من التقابل ، مع ما مرّ (٢) من الخبرين الآمرين بإلقاء سبع ورقات في الماء القراح ، ولأجله يحمل الخبر المتقدّم (٣) ـ الآمر بغسل الآنية عن الماءين قبل صبّ القراح فيها ـ على الاستحباب ، سيما مع اشتماله على كثير من المستحبّات .

الرابع : الترتيب بين الغسلات الثلاث ، فيبدأ بالسدر ثم الكافور ثم القراح ، وفي كلٍّ منها بين الأعضاء ، فيبدأ بالرأس ثم الأيمن ثم الأيسر ، بالإِجماع ، كما على الأول في اللوامع عن المعتبر (٤) ، وفي الحدائق أنّه مذهب الأصحاب (٥) ، وعلى الثاني عنه وعن الانتصار ، والخلاف ، وظاهر التذكرة (٦) .

لصحيحتي ابن مسكان (٧) وخالد (٨) ، وموثّقة الساباطي (٩) ، وخبري ابن عبيد

__________________

(١) السرائر ١ : ١٦٢ ، والذكرى : ٤٤ .

(٢) في ص ١٣٩ .

(٣) في ص ١٣٦ .

(٤) المعتبر ١ : ٢٦٥ وفيه : يجب تغسيلة ثلاث مرات أوّلاً بماء السدر ثم بماء الكافور ثم بالماء القراح ولا يجوز الاقتصار على الواحدة إلا عند عوز الماء ، وهو مذهب الأصحاب خلا سلار فإنه اقتصر على الوجوب على المرة بالماء القراح وما زاد على الاستحباب .

(٥) الحدائق ٣ : ٤٤٤ .

(٦) المعتبر ١ : ٢٦٦ ، الانتصار : ٣٦ ، الخلاف ١ : ٦٩٣ ، التذكرة ١ : ٣٨ .

(٧) الكافي ٣ : ١٣٩ الجنائز ب ١٨ ح ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٨ / ٢٨٢ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١ .

(٨) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٣ ، الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٦ .

(٩) تقدم مصدرها في ص ١٣٨ .

١٤٣
 &

وحريز (١) ، في الأول . وحسنة الحلبي ، وروايتي الكاهلي ويونس (٢) فيهما ، مضافةً إلى غيرها ممّا لم يذكر من الأخبار .

وبها تقيّد الأخبار المطلقة . واشتمالها على كثير من المستحبات غير قادح في الأصل . فالقول باستحباب الأول ـ كما عن ابن حمزة (٣) ـ للأصل ضعيف ، مع أنّ في النسبة أيضاً كلاماً (٤) .

ولو أخلّ بالترتيب في الثاني أعاد على ما يتضمّنه إجماعاً ، وكذا في الأول على الأصح ، لمخالفة الأمر ، فلم يأت بالمأمور به . وعن التذكرة ، ونهاية الإِحكام التردّد (٥) .

وهل يجوز الارتماس هنا كالجنابة فيسقط ثاني الترتيبين ؟ كما ذكره في القواعد وشرحه (٦) وجمع من المتأخّرين (٧) ، للمستفيضة المُسوّية بين غسل الميت وغسل الجنابة (٨) ، ولإِيجاب جوازه فيه جوازه هنا بالأولوية . أو لا يجوز ؟ كما استشكل فيه جمع آخر ، منهم المدارك ، والبحار (٩) ؛ للأمر بالترتيب المنافي للارتماس في الأخبار ، الموجب لتقييد ما أطلق فيه الغسل ، وعدم اقتضاء المماثلة التسوية في جميع الأحكام . وهو في موقعه ، بل الأظهر عدم الجواز ؛ لما ذكر .

__________________

(١) تقدم مصدرهما في ص ١٣٩ .

(٢) تقدمت الروايات الثلاث في ص ١٣٥ ، ١٣٦ .

(٣) الوسيلة : ٦٤ قال : وما يتعلق بالغسل فاربعة أضرب واجب ومندوب ومحظور ومكروه ، فالواجب ستة أشياء . . . وتغسيله ثلاث مرات . . . والمندوب سبعة وعشرون . . . وعدّ منها ـ : غسله أولاً بماء السدر وثانياً بماء جلال الكافور وثالثاً بالماء القراح .

(٤) فانه استظهر في كشف اللثام ١ : ١١١ من كلام ابن حمزة القول باستحباب الخليط لا استحباب الترتيب مع وجود الخليط .

(٥) التذكرة ١ : ٣٩ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٢٤ .

(٦) القواعد ١ . ١٨ ، جامع المقاصد ١ : ٣٧٨ .

(٧) منهم الشهيد الثاني في الروض : ٩٩ ، وصاحب الرياض ١ : ٥٤ .

(٨) انظر الوسائل ٢ : ٤٨٦ أبواب غسل الميت ب ٣ .

(٩) المدارك ٢ : ٨١ ، بحار الأنوار ٧٨ : ٢٩٢ .

١٤٤
 &

الخامس : طهارة الماء وإباحته وإطلاقه ، بالإِجماع في الثلاثة والأخبار .

السادس : إباحة مكان الغسل والآنية والخليطين ، ويظهر وجهه مما يأتي في التيمّم في المكان المغصوب ، والصلاة في اللباس المغصوب .

السابع : ستر عورته باتفاق الأصحاب كما في اللوامع ؛ للأمر به في حسنة الحلبي ورواية يونس ، المتقدّمتين (١) ، وغيرهما .

ومقتضى إطلاقهما عدم الفرق بين الزوج أو الزوجة وغيرهما ، بل صرّح به في بعض أخبارهما (٢) أيضاً ، فالقول بعدم الوجوب فيهما غير جيد ، وجواز النظر لو سلّم لا يوجب التقييد .

وكذا الصغير الذي يجوز غسله لغير المماثل ، بل في المماثل أيضاً على الأحوط . وكذا يقتضي الوجوب على الأعمى والواثق من نفسه بكفّ البصر ، وإن كان شمول الإِطلاقات للأعمى محل نظر .

الثامن : لف الغاسل خرقة على يده عند غسل العورة ؛ للأمر به في حسنة الحلبي ، المتقدّمة ، وتؤيّده موثّقة الساباطي ، وفيها : « ويكون على يدك خرقة تنقي بها دبره » (٣) .

المقام الثاني : في مستحباته ومكروهاته .

أمّا المستحبات فأمور :

منها : وضع الميت على شي‌ء مرتفع من ساجة أو سرير ، بلا خلاف كما في المنتهى (٤) ، وأسنده في اللوامع إلى عمل الفرقة شائعاً ؛ وهو فيه الحجة ، لكونه مقام المسامحة ، مضافاً إلى أقربيته إلى الاحترام ، وأوفقيته لحفظ الجسد عن التلطخ ،

__________________

(١) في ص ١٣٥ ، ١٣٦ .

(٢) انظر الوسائل ٢ : ٥١٦ أبواب غسل الميت ب ٢٠ .

(٣) تقدم مصدرها في ص ١٣٥ ، ١٣٨ .

(٤) المنتهى ١ : ٤٢٨ .

١٤٥
 &

وأبعد عن الهوام ، ويومئ إليه الأمر بوضعه على المغتسل في بعض الأخبار (١) .

منحدراً مكان الرجلين ؛ لفتوى جمع الأجلّة (٢) ، ولئلّا يجتمع الماء تحته .

موجّهاً إلى القبلة نحو حال الاحتضار ، وفاقاً للمصريات (٣) والوسيلة والغنية (٤) ، والإِصباح (٥) ، والمعتبر ، والشرائع ، والنافع (٦) ، واللوامع ، والقواعد والمدارك (٧) ، بل هو الأشهر ، كما صرّح به جمع ممن تأخّر (٨) .

أمّا الرجحان : فلما مرّ من دعوى الشهرة ، بل اتّفاق أهل العلم ، كما في المعتبر (٩) ، وما تقدّم من خبري الكاهلي ويونس (١٠) .

والرضوي : « ويكون مستقبل القبلة ، ويجعل باطن رجليه إلى القبلة وهو على المغتسل » (١١) .

وصحيحة ابن خالد : « إذا مات لأحدكم ميت فسجّوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبل باطن قدميه ووجهه إلى القبلة » (١٢) .

وأمّا عدم الوجوب : فللأصل ، وخلوّ غير الأوّلين عن الدالّ على الوجوب .

__________________

(١) كما في خبر يونس المتقدم في ص ١٣٦ .

(٢) كما افتى به في جامع المقاصد ١ : ٣٧٣ ، وكشف اللثام ١ : ١١٣ ، والرياض ١ : ٥٥ .

(٣) للسيد المرتضى نقل عنه في كشف اللثام ١ : ١١٣ .

(٤) الوسيلة : ٦٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ .

(٥) للصهرشتي ، نقل عنه في كشف اللثام ١ : ١١٣ .

(٦) المعتبر ١ : ٢٦٩ ، الشرائع ١ : ٣٨ ، النافع : ١٢ .

(٧) القواعد ١ : ١٨ ، المدارك ٢ : ٨٦ .‌

(٨) صرح به في الرياض ١ : ٥٥ ، وفي الحدائق ٣ : ٤٤٩ أنه المشهور بين الأصحاب ، وفي المدارك ٢ : ٨٦ نسبه إلى الأكثر .

(٩) المعتبر ١ : ٢٦٩ .

(١٠) في ص ١٣٥ ، ١٣٦ .

(١١) فقه الرضا : ١٦٦ ، المستدرك ٢ : ١٧١ أبواب غسل الميت ب ٥ ح ١ .

(١٢) التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٢ ، الوسائل ٢ : ٤٥٢ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٢ .

١٤٦
 &

وأمّا هما وإن اشتملا على الأمر ولكن يتعيّن حملهما على الاستحباب ، لصحيحة ابن يقطين : عن الميت كيف يوضع على المغتسل ، موجّهاً وجهه نحو القبلة ، أو يوضع على يمينه ووجهه نحو القبلة ؟ قال : « يوضع كيف تيسّر فإذا طهر وضع كما يوضع في قبره » (١) .

خلافاً للمنتهى ، والكركي ، وشيخنا البهائي (٢) ، وعن المبسوط ، والدروس ، والمسالك (٣) ، فأوجبوه لما ذكر ، وأجابوا عن الصحيحة تارة : بعدم المنافاة ، لأنّ ما تعسّر لا يجب ، واُخرى : بأنّ الظاهر منها التخيير بين الأمرين المذكورين فيها ، وثالثة : بأنّ غايتها التعميم باعتبار الجهة فيجب التخصيص بما مرّ لكونه أخصّ مطلقاً .

ويضعّف الأول : بأنّه قد يتيسر جميع الجهات فيدلّ على عدم وجوب جهة خاصة .

والثاني : بأنّ اختصاص السؤال لا يخصّص عموم الجواب .

والثالث : بأنّ هذا التخصيص غير جائز ، لإيجابه خروج غير الواحد ، فالتعارض متحقّق ، والحمل على الاستحباب متعيّن ، والاحتياط سبيل النجاة .

وأن يكون الغسل تحت الظلال لا في الفضاء ، بالإِجماع ، كما عن المحقّق والشهيدين (٤) ؛ لصحيحة علي (٥) وخبر طلحة (٦) .

ومنها : تغسيله عارياً مستور العورة ، كما صرّح به الصدوق في الهداية ،

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧١ ، الوسائل ٢ : ٤٩١ أبواب غسل الميت ب ٥ ح ٢ .

(٢) المنتهى ١ : ٤٢٨ ، جامع المقاصد ١ : ٣٧٤ ، الحبل المتين : ٦٢ .

(٣) المبسوط ١ : ٧٧ ، الدروس ١ : ١٠٥ ، المسالك ١ : ١٣ .

(٤) المعتبر ١ : ٢٧٥ ، الذكرى : ٤٥ ، الروض : ١٠١ .

(٥) الكافي ٣ : ١٤٢ الجنائز ب ١٨ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٨٦ / ٤٠٠ ، التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٩ الوسائل ٢ : ٥٣٨ أبواب غسل الميت ب ٣٠ ح ١ .

(٦) التهذيب ١ : ٤٣٢ / ١٣٨٠ ، الوسائل ٢ : ٥٣٩ أبواب غسل الميت ب ٣٠ ح ٢ .

١٤٧
 &

والشيخ في الخلاف (١) ، بل الظاهر عدم الخلاف فيه ؛ وهو الدليل عليه ، مضافاً إلى قوله في خبر يونس ، المتقدّم (٢) : « فإن كان عليه قميص » إلى آخره .

نعم ، وقع الخلاف في أنّ الأفضل هل هو ستر العورة بالقميص ـ إن كان له ـ بأن يجمعه من الفوق والتحت عليها ، أو نزعه وسترها بغيره ؟

والحقّ هو الأول ، وفاقاً لصريح الصدوق (٣) ، بل أكثر الثالثة (٤) كما في اللوامع ، بل الأكثر مطلقاً كما عن الروضة (٦) ، ونسب إلى العماني (٧) ، وفيه نظر (٨) .

لما مرّ من خبر يونس ، وللصحاح الثلاث لأبناء مسكان وخالد ويقطين (٩) :

في الاُولى : قلت : يكون عليه ثوب إذا غسل ؟ قال : « إن استطعت أن يكون عليه قميص فغسله من تحته » وقريب منه في الثانية .

وفي الثالثة : « ولا تغسّلوه إلّا في قميص يدخل رجل يده ويصب عليه من فوقه » .

ومقتضى الحقيقة في الاُولى والأخيرة وإن كان الوجوب ، إلّا أنّ عدم القول به ، بل الإِجماع على التخيير بين الأمرين ـ كما صرّح به في الخلاف (١٠) ـ مضافاً إلى الرضوي المنجبر بذلك : « وتنزع قميصه من تحته أو تتركه عليه إلى أن تفرغ عن

__________________

(١) الهداية : ٢٤ ، الخلاف ١ : ٦٩٢ .

(٢) في ص ١٣٦ .

(٣) الفقيه ١ : ٩٠ ، الهداية : ٢٤ .

(٤) منهم صاحب المدارك ٢ : ٨٨ ، والمجلسي في بحار الأنوار ٧٨ : ٢٩٣ ، وصاحب الرياض ١ : ٥٥ .

(٥) الروضة : ١ : ١٢٧ .

(٦) قال العلامة في المختلف : ٤٣ المشهور أنه ينبغي أن ينزع القميص عن الميت ثم يترك على عورته ما يسترها واجبا ثم يغسله الغاسل . وقال ابن أبي عقيل : السنة في غسل الميت أن يغسل في قميص نظيف .

(٧) بالتأمل في الكلام الذي نقله عنه في المختلف .

(٨) تقدم مصدر الْأُوليين في ص ١٣٥ ، ١٣٤ والثالثة رواها في التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ ٢٠٨ / ٧٣١ ، الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٧ .

(٩) الخلاف ١ : ٦٩٢ .

١٤٨
 &

غسله لتستر به عورته ، وإن لم يكن عليه القميص ألقيت على عورته شيئاً مما يستر عورته » (١) الخبر ، أوجب الصرف .

وخلافاً للمنتهى ، وعن المفيد ، والنهاية ، والمبسوط (٢) فعكساً ، بل عن المختلف نسبته إلى الأكثر (٣) ؛ لأنّه أبلغ للتطهير ، ولموثّقة الساباطي : عن غسل الميت ، فقال : « تبدأ فتطرح على سوءته خرقة » (٤) الحديث .

وروايتي ابن عبيد وحريز ، المتقدّمتين (٥) .

ورواية اُم أنس : « فإذا أردت غسلها فابدئي بسفليها فألقي على عورتها ثوباً ستيراً » (٦) الحديث .

ويضعّف الأول : بعدم صلاحيته لتأسيس حكم .

والبواقي : بأنها أعم من أن يكون عليه القميص أولا ، فيخصّص بما مرّ لكونه أخصّ ، مع أنه صرّح بذلك في الرضوي كما مرّ (٧) ، بل لنا أن نقول بأعمية الخرقة والثوب من القميص .

وللخلاف ، فخيّر بين الأمرين ؛ لدعوى الإِجماع فيه عليه (٨) ، وللجمع بين الأخبار ، ولحسنة الحلبي : « فاجعل بينك وبينه ثوباً يستر عورته إمّا قميصاً أو غيره » (٩) .

__________________

(١) فقه الرضا : ١٦٦ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣ .

(٢) المنتهى ١ : ٤٢٨ ، المقنعة : ٧٦ ، النهاية : ٣٣ ، المبسوط ١ : ١٧٨ .

(٣) المختلف : ٤٣ وفيه ما تقدم نقله فراجع .

(٤) التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١٠ .

(٥) المتقدمتين في ص ١٣٩ .

(٦) التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ ، الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨ ، الوسائل ٢ : ٤٩٢ أبواب غسل الميت ب ٦ ح ٣ .

(٧) في ص ١٤٨ .

(٨) الخلاف ١ : ٦٩٢ .

(٩) تقدم مصدرها في ص ١٣٥ .

١٤٩
 &

ويردّ الأول : بأن الجمع بالتخصيص مقدّم قطعاً . والثانيان : بأنّهما لا ينافيان أفضلية أحد الفردين .

وللمنقول عن ابن حمزة ، فأوجب النزع (١) . ولم نعثر له على حجة تامة .

هذا وقد اشتبهت المسألة على بعض متأخّري المتأخّرين (٢) ، وحمل الغسل في القميص على اشتماله على جملة البدن ـ كما هو مذهب الشافعي (٣) ـ واختار استحبابه وجعل الغسل عارياً مقابلاً له ولوضع الخرقة ، وجوّز جمع القميص أيضاً . واحتجّ لما اختاره : بفعل الوصي بالنبي ، وأخبار الغسل في القميص .

وهو غفلة عن المراد ، والغسل في القميص الوارد في الأخبار أعم منه ومن جمعه على العورة ، فيجب الحمل عليه ، لخبر يونس والرضوي .

مع أنّ فعل الوصي لعلّه كان مختصاً بالنبي صلّى الله عليه وﺁله وسلّم ، بل هو المستفاد من المروي في الطرف لابن طاووس ، ومصباح الأنوار : قال علي عليه السلام : « غسلت رسول الله صلّى الله عليه وﺁله وسلّم أنا وحدي وهو في قميصه ، فذهبت أنزع منه القميص ، فقال جبرئيل : يا علي لا تجرّد أخاك فإن الله لم يجرّده » (٤) .

وفي دعائم الإِسلام : « فلمّا أخذت في غسله سمعت قائلاً من جانب البيت يقول : لا تنزع القميص منه ، فغسلته في قميصه » (٥) .

ثم إنّ مع الغسل في القميص يستحب نزعه من تحته بعد فتقه ؛ لصحيحة ابن سنان ، المروية في الكافي ، وفيها بعد ذكر الشدّ بالخرقة : « ثم تخرق القميص

__________________

(١) نقله عنه في جامع المقاصد ١ : ٣٧٥ .

(٢) لعل المراد منه صاحب الحدائق ٣ : ٤٤٨ .

(٣) الاُمّ ١ : ٢٦٥ .

(٤) الطرف : ٤٨ ، ورواه في بحار الأنوار ٧٨ : ٣٠٥ عنه وعن مصباح الأنوار .

(٥) دعائم الاسلام ١ : ٢٢٧ .

١٥٠
 &

إذا غسل وتنزع من رجليه » (١) الحديث . ولضعف الرواية (٢) لا تنتهض حجة على الفتق إذا لم يأذن الورثة ، ولذا استثناه الأكثر .

وهل يحتاج القميص أو الخرقة الملقاة بعد النزع إلى التطهير أم لا ؟

صرّح جماعة (٣) بأنّ الظاهر من الإِطلاقات طهره بماء الغسل وإن لم يعصر .

ولم يظهر لي وجه الظهور منها ، ولعلّه لأنه لولاه لزم تنجّس بدن الميت بملاقاته قبل تمام الغسل مع لزوم إزالته قبل الغسل وبعد الغسل ، مع أنه لو كان كذلك لأمر بتطهيره .

ويردّ : بأن وجوب تقديم إزالة مثل تلك النجاسة على الغسل أيضاً بالإِجماع المركّب غير ثابت ، بل لا يجب تقديمه على غسل الموضع أيضاً ، فإنه يطهّر عن الحدث والخبث بماء واحد . والتنجيس بعد الغسل لا يلزم الأمر بالتطهير في تلك الأخبار ؛ لأنّه يعلم من الخارج .

إلّا أنّ توقّف تطهير كلّ ثوب عن كلّ نجاسة على العصر إنّما هو بالإِجماع المركّب المعلوم انتفاؤه في المورد ، فهو الدليل على عدم الحاجة إلى العصر دون الإِطلاقات .

ومنها : تليين أصابعه ومفاصله برفق ـ إلّا مع التعسّر ـ بالإِجماع ، كما عن الخلاف والمعتبر (٤) ؛ له ، ولخبر الكاهلي ، المتقدّم (٥) ، والرضوي : « وليّن مفاصله » إلى أن قال : « وتليين أصابعه ومفاصله ما قدرت بالرفق ، وإن كان صعب عليك فدعها » (٤) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٤ الجنائز ب ١٩ ح ٩ ، الوسائل ٣ : ٨ أبواب التكفين ب ٢ ح ٨ .

(٢) يريد به ضعف الرواية من حيث الدلالة ويحتمل وقوع تصحيف في العبارة والصحيح : ولضعف الدلالة . . .

(٣) صرّح به في الذكرى : ٤٤ وجامع المقاصد ١ : ٣٧٥ ، والمدارك ٢ : ٨٨ .

(٤) الخلاف ١ : ٦٩١ ، المعتبر ١ : ٢٧٢ .

(٥) في ص ١٣٥ .

(٦) فقه الرضا : ١٦٥ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٢ .

١٥١
 &

مقدّماً على غسل الفرج ؛ لدلالة الخبرين عليه ، قبل غسل اليدين أو معه أو بعده .

ولا ينافيه النهي عن غمز المفصل في حسنة حمران (١) ، وتكريهه في خبر طلحة (٢) ؛ لجواز كون التليين غير الغمز لاشتماله على العنف دونه ، مع أنّ المنهي عنه مطلقه والمأمور به مع الرفق ، فيحمل المطلق على المقيّد لو لم يتغايرا كلّياً . وربما حمل على ما بعد الغسل ، وفيه بُعد ، إلّا أنّ إرادة أثناء الغسل ممكنة ، والتليين قبله .

وعن العماني المنع منه (٣) ، ولكن فتواه مضمون الخبر ، فيجري فيه ما مرّ .

ومنها : غسل كفّيه ، بالإِجماع المحكي عن الغنية (٤) ؛ له ، ولقوله في حسنة الحلبي ، المتقدّمة (٥) : « ثم يبدأ بكفّيه » ورواية ابن خثيمة (٦) وفيها : « يبدأ فيغسل يديه ، ثم يوضّئه وضوء الصلاة » (٧) الحديث .

من رؤوس الأصابع إلى نصف الذراع ، كما في الدروس وشرح القواعد والمدارك (٨) ؛ لخبر يونس ، المتقدّم (٩) ، والرضوي : « يبدأ بغسل اليدين إلى نصف

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ ، الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب غسل الميت ب ٩ ح ١ .

(٢) الكافي ٣ : ١٥٦ الجنائز ب ٢٧ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤١ ، الوسائل ٢ : ٥٠٠ أبواب غسل الميت ب ١١ ح ٤ .

(٣) نقل عنه في المختلف : ٤٢ .

(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ .

(٥) في ص ١٣٥ .

(٦) في جميع المصادر أبي خيثمة .

(٧) التهذيب ١ : ٣٠٣ / ٨٨٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٣٠ ، الوسائل ٢ : ٤٩٢ أبواب غسل الميت ب ٦ ح ٤ .

(٨) الدروس ١ : ١٠٦ ، جامع المقاصد ١ : ٣٧٦ ، المدارك ٢ : ٩٠ .

(٩) في ص ١٣٦ .

١٥٢
 &

المرفقين ثلاثاً ثلاثاً ، ثم الفرج ثلاثاً » (١) الخبر .

ولا ينافيه التعبير في سابقه باليدين ؛ للعموم . ولا بالكفّين ؛ لاحتماله . مع أنّ استحباب شي‌ء لا ينافي استحباب الزائد .

ثلاثاً ، كما في الكتب الثلاثة المتقدّمة (٢) ، وعن الاقتصاد ، والمصباح ، ومختصره ، والسرائر (٣) ، والفقيه ، ورسالة والده (٤) ؛ للخبرين المذكورين .

بماء السدر ، كما صرّح به في الفقيه والرسالة (٥) ؛ لذلك .

مقدّماً على غسل الفرج ، كما في الأخير (٦) ؛ للخبرين ، فإنّهما مصرّحان بذلك .

ولا يعارضهما قوله في رواية الكاهلي : « ثم ابدأ بفرجه » لأنها ـ مع أنّ بأزائها الروايات المصرّحة بالبدأة باليدين ـ ظاهرة في أنّ المراد البدأة بالإِضافة إلى ما ذكر فيها ، مع أنها أعم ممّا إذا غسل اليدين أوّلاً ، فتحمل على المقيدين .

ومنها : غسل فرجيه إن لم يعلم فيهما نجاسة ، وإلّا وجب كما مرّ ؛ لأخبار يونس (٧) ، وابن عبيد وحريز (٨) .

ثلاثاً ؛ للرضوي المتقدّم (٩) ، وفيه أيضاً ـ بعد غسل اليدين ـ : « ويلف غاسله على يده خرقة ، ويصبّ غيره الماء من فوق يديه ، ثم تضجعه » إلى أن قال : « وتغسل قبله ودبره بثلاث حميديات ، ولا يقطع الماء عنه ، ثم تغسل رأسه‌

__________________

(١) فقه الرضا : ١٨١ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣ .

(٢) في ص ١٥٢ .

(٣) الاقتصاد : ٢٤٨ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، السرائر ١ : ١٦٢ .

(٤) الفقيه ١ : ٩٠ ، ونقله في الهداية : ٢٤ عن رسالة والده .

(٥) راجع الرقم ٤ .

(٦) الهداية : ٢٤ نقلاً عن والده .

(٧) المتقدم في ص ١٣٦ .

(٨) المتقدمين في ص ١٣٩ .

(٩) في ص ١٥٢ .

١٥٣
 &

ولحيته برغوة السدر ، وتتبعه بثلاث جريات (١) ، ولا تقعده إن صعب عليك ، ثم اقلبه على جنبه الأيسر » الخبر .

ولقوله في رواية الكاهلي ، المتقدّمة (٢) : « ثم ابدأ بفرجه بماء السدر والحرض ، واغسله ثلاث غسلات ، وأكثر من الماء » .

مكثراً عليه الماء ، كما عن النهاية ، والمبسوط ، وفي المنتهى (٣) ؛ لتلك الرواية .

بماء الحرض ـ أي الاُشنان ـ كما في رسالة الصدوق (٤) ، والنافع ، وعن المقنعة ، والاقتصاد ، والمصباح ومختصره ، والمراسم ، والسرائر (٥) . بل مع إضافة السدر كما في المنتهى ، والقواعد ، وعن النهاية ، والمبسوط (٦) ، والوسيلة ، والمهذب ، والشرائع ، والجامع (٧) ؛ للرواية المذكورة .

ونفي اشتمالها على الحرض ـ كبعض مشايخنا (٨) ـ غير صحيح .

مقدّماً على الوضوء كما يأتي .

ومنها : إعادة غسل اليدين والفرجين ثلاثاً في كلّ غسلة ، إلّا أنّهما يغسلان في الثانية بماء الكافور ، وفي الثالثة بالقراح .

لروايتي الكاهلي ويونس ، السابقتين ، والرضوي ، وفيه بعد قوله : « ثم

__________________

(١) في المصدر : حميديات .

(٢) في ص ١٣٥ .

(٣) النهاية : ٣٤ ، المبسوط ١ : ١٧٨ ، المنتهى ١ : ٤٢٨ .

(٤) يعني بها رسالة علي بن بابويه إلى ابنه الصدوق ، كما نقل عنها في الهداية : ٢٤ .

(٥) النافع : ١٢ ، المقنعة : ٧٦ ، الاقتصاد : ٢٤٨ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، المراسم : ٤٨ ، السرائر ١ : ١٦٢ .

(٦) المنتهى ١ : ٤٢٨ ، القواعد ١ : ١٨ ، النهاية : ٣٤ ، المبسوط ١ : ١٧٨ .

(٧) الوسيلة : ٦٤ ، المهذب ١ : ٥٨ ، الشرائع ١ : ٣٩ ، الجامع : ٥١ .

(٨) الرياض ١ : ٥٥ قال : ولم أقف على مستندهما سوى رواية الكاهلي ، وليس فيها إلّا غسله بالسدر خاصة .

١٥٤
 &

الفرج ثلاثاً ، ثم الرأس ثلاثاً ، ثم الجانب الأيمن ثلاثاً ، ثم الجانب الأيسر ثلاثاً بالماء والسدر » : « ثم تغسله مرة اُخرى بالماء والكافور على هذه الصفة ، ثم بالماء القراح مرة ثالثة ، فيكون الغسل ثلاث مرات كلّ مرّة خمس عشرة صبّة » (١) .

ومنها : توضئته وضوء الصلاة في الغسلة الاُولى ، وفاقاً للمنتهى ، والقواعد ، وشرحه ، والنافع (٢) ، وظاهر الشرائع (٣) ، وصريح اللوامع ، وعن المفيد ، والاستبصار والمصباح ، ومختصره والمهذب (٤) ، والجامع ، والمختلف ، والذكرى (٥) ، بل للمشهور بين المتأخّرين كما في الحدائق (٦) ، بل مطلقاً كما في كفاية الأحكام (٧) واللوامع .

لعموم : « في كلّ غسل وضوء إلّا غسل الجنابة » (٨) .

وخصوص روايات ابن عبيد وحريز وابني عمار وخثيمة المتقدمة (٩) .

والمروي في الدعائم : « يبدأ فيوضّئه كوضوء الصلاة » (١٠) .

ورواية أُم أنس وفيها ـ بعد غسل الفرج ـ : « ثم وضّئيها بماء فيه سدر » (١١) الحديث .

__________________

(١) فقه الرضا : ١٨٠ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ : ٣ .

(٢) المنتهى ١ : ٤٣٠ ، القواعد ١ : ١٨ ، جامع المقاصد ١ : ٣٧٦ ، النافع : ١٢ .

(٣) الشرائع ١ : ٣٨ قال : وفي وضوء الميت تردد والأشبه أنه لا يجب .

(٤) المقنعة : ٧٦ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، المهذب ١ : ٥٨ .

(٥) الجامع : ٥١ ، المختلف ١ : ٤٢ ، الذكرى : ٤٥ .

(٦) الحدائق ٣ : ٤٤٥ .

(٧) كفاية الأحكام : ٦ .

(٨) انظر الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥ .

(٩) في ص ١٣٩ ، ١٥٢ .

(١٠) دعائم الاسلام ١ : ٢٣٠ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٢ .

(١١) التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ ، الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨ ، الوسائل ٢ : ٤٩٢ أبواب غسل الميت ب ٦ ح ٣ .

١٥٥
 &

ومقتضى الأمر في الأخيرة وإن كان الوجوب ـ كما عن صريح النزهة (١) والحلبي (٢) ، ونسب إلى الاستبصار (٣) ، والمحقّق الطوسي (٤) ويحتمله كلام المقنعة والمهذب (٥) ، وجعله الشيخ في النهاية أحوط (٦) ـ إلّا أنّ تعقيب الأمر بماء السدر الغير الواجب إجماعاً يمنع من الإِبقاء على الحقيقة .

مضافاً إلى إشعار خلوّ صحيحة ابن يقطين : عن غسل الميت أفيه وضوء الصلاة أم لا ؟ فقال : « يبدأ بمرافقه فيغسل بالحُرض ، ثم يغسل وجهه ورأسه بالسدر ، ثم يفاض عليه الماء ثلاث مرات » (٧) الحديث ، عنه مع السؤال عنه ، بل أمره بغيره من المستحبات .

بل ربما يجعل في ذلك مع عدم التمكّن من التصريح ـ لإِطباق العامة على الوضوء كما في المنتهى (٨) ـ إشعار بعدم الاستحباب أيضاً ، كخلوّ المعتبرة الواردة في

__________________

(١) نزهة الناظر : ١١ قال : ومنهم من قال بوجوبه وهو الصحيح .

(٢) قال في الكافي : ١٣٤ : وصفته أن يبدأ الغاسل فينجي الميت ويوضئه وضوء الصلاة . . . ولا يخفى عدم صراحته في الوجوب ، نعم هو ظاهر فيه ، وقد نسبه في كشف اللثام ١ : ١١٤ إلى ظاهر الكافي كما نسبه إلى صريح النزهة ، فالمحتمل أن تكون العبارة الأصلية : وظاهر الحلبي وسقط : « وظاهر » من النساخ .

(٣) نسبه في المنتهى ١ : ٤٣٠ ، وكشف اللثام ١ : ١١٤ ، وقال في مفتاح الكرامة ١ : ٤٣٣ حكاه جماعة عن الاستبصار والموجود فيه خلافه ، وانظر الاستبصار ١ : ٢٠٨ .

(٤) كذلك قال في كشف اللثام ١ : ١١٤ : حُكي عن المحقق الطوسي ، ولم نعثر على مصدره ولا الحاكي .

(٥) المقنعة : ٧٦ وفيه : ثم يوضئ الميت . . . ، المهذب ١ : ٥٨ وفيه : ويوضئ الميت ، قال في كشف اللثام بعد نقلهما : وهو يحتمل الوجوب والاستحباب .

(٦) النهاية : ٣٥ .

(٧) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣١ ، الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٧ .

(٨) المنتهى ١ : ٤٣٠ قال : وأطبق الجمهور على الوضوء ، وفي بداية المجتهد ١ : ٢٣٦ : قال أبو حنيفة : لا يوضأ الميت وقال الشافعي يوضأ وقال مالك إن وضئ فحسن ، وفي بدائع الصنائع للكاساني الحنفي ١ : ٣٠٠ : ثم يوضأ وضوءه للصلاة . . .

١٥٦
 &

البيان مع تضمّن كثير منها المستحبات ، فيكون حراماً كما عن الخلاف ، وظاهر السرائر ، ومحتمل كلام الديلمي (١) .

واستقر به بعض متأخّري المتأخّرين (٢) تمسّكاً بما ذكر ، وتشبيه غسل الميت في المستفيضة بغسل الجنابة .

ويضعّف : بعدم صلاحية الإِشعار لمعارضة صريح المستفيضة من الأخبار . مع أنّ في الإِشعار أيضاً نظراً ؛ إذ يمكن أن يكون عدم التعرض له مع السؤال ـ الظاهر في الاستفسار عن الوجوب ـ لمنع التقية عن التصريح بالاستحباب ، والإِغراء بالوجوب بدونه ، فيعدل إلى ما لا يعلم استحبابه ووجوبه . ومنه يظهر سرّ خلوّ كثير من الأخبار أيضاً .

وأمّا التشبيه فلا يفيد العموم ، كما مرّ مراراً .

وينبغي أن يكون مؤخّراً عن غسل الفرج ؛ لروايتي حريز واُم أنس (٣) . وبماء فيه سدر ؛ للأخيرة .

ومنها : غسل رأسه برغوة السدر أمام الغسل . لا لخبر يونس (٤) ؛ لعدم صراحته في خروج ذلك عن الغسل . بل للرضوي (٥) المتقدّم (٦) ، حيث إنّ الأمر بإتباع ثلاث جريات للغسل بالرغوة منضماً مع ما تقدّم من قوله : إنّ في غسل الرأس في كل مرة ثلاث صبّات (٧) ـ بل على عدم استحباب الزيادة إجماع الاُمة ـ يدلّ على أنّ السابق عن الغسل خارج .

__________________

(١) الخلاف ١ : ٦٩٣ ، السرائر ١ : ١٥٩ ، المراسم : ٤٨ قال : وفي أصحابنا من قال يوضأ الميت وما كان شيخنا ـ رضي الله عنه ـ يرى ذلك وجوباً .

(٢) انظر الحدائق ٣ : ٤٤٧ .

(٣) تقدم مصدرهما في ص ١٣٩ ، ١٣١ .

(٤) المتقدم في ص ١٣٦ .

(٥) في « ق » زيادة : المنجبر .

(٦) في ص ١٥٣ .

(٧) تقدم مضمونه في ص ١٥٤ .

١٥٧
 &

ويشعر به صحيحة ابن يقطين ورواية ابن عمّار ، المتقدّمتان (١) . بل هما تشعران بتقديم غسل سائر الجسد به أيضاً ، كما صرّح به في النافع ، وعن التذكرة ونهاية الإِحكام (٢) . وهو مع ما عن المعتبر (٣) من دعوى اتّفاق فقهاء أهل البيت عليه وعلى غسل الرأس بها كافٍ في إثبات استحبابه .

ومنها : البدأة في غسل الرأس بشقّه الأيمن إجماعاً ، كما عن المعتبر والتذكرة ، لرواية الكاهلي (٤) ، وخبر الفضل : « تبدأ بميامنه » (٥) . وبعمومه يثبت ذلك في غسل الرأس المستحب أيضاً كما عن النفلية (٦) .

وكذا يستحب في غسل كلٍّ من الجانبين إضافة شق من الرأس ثلاثة ؛ للأمر به في خبري الكاهلي ويونس (٧) ، المتعيّن حمله على الاستحباب ، لعدم القول بالوجوب .

ومنها : التثليث في كلّ غسل الرأس والجانبين في كلٍّ من الغسلات الثلاث ، بالإِجماع عن الكتابين (٨) ، وفي اللوامع ؛ له ، وللخبرين المذكورين ، والرضوي المذكور ، فيصير عدد الغسلات في كلّ غسل تسعاً ، ومع الستّ المستحبة المتقدّمة لليدين والفرجين خمس عشرة ، وفي الأغسال الثلاثة خمساً وأربعين ، ولو جعلت اليدان عضوين وكذلك الفرجان زادت في كلّ غسل ستاً .

__________________

(١) في ص ١٣٩ ، ١٤٧ .

(٢) النافع : ١٢ ، التذكرة ١ : ٣٨ ، نهاية الإِحكام ٢ : ٢٢٣ .

(٣) المعتبر ١ : ٢٧٣ .

(٤) المتقدمة في ص ١٣٥ .

(٥) التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٤ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٩ .

(٦) النفلية : ١٠ قال : يستحب فيه توجيه الميت إلى القبلة . . . وغسل رأسه برغوة السدر والبدأة بشقه الأيمن .

(٧) المتقدمين في ص ١٣٥ ، ١٣٦ .

(٨) المتقدمين وهما : المعتبر ١ : ٢٧٣ . والتذكرة ١ : ٣٨ .

١٥٨
 &

ومنها : مسح بطنه في الغسلين الأولين قبلهما ، بالإِجماع كما عن المعتبر ؛ لخبري يونس ، والكاهلي ، وغيرهما .

إلّا في الحامل التي مات ولدها ، فيكره كما عن صريح الوسيلة ، والجامع ، وفي المنتهى ، والقواعد (١) ، واللوامع ، حذراً من الإِجهاض (٢) ؛ لخبر اُم أنس : « إذا توفيت المرأة فأرادوا أن يغسلوها فليبدؤوا ببطنها فليمسح مسحاً رفيقاً إن لم تكن حبلى ، فإن كانت حبلى فلا تحرّكيها » (٣) .

ولا يستحب في الثالثة مطلقاً ، اتّفاقاً كما عن المعتبر ، والتذكرة والذكرى (٤) ، وظاهر نهاية الإِحكام (٥) ؛ للأصل ، وخلوّ الأخبار البيانية عنه .

وصريح الرضوي : « ولا تمسح بطنه في ثالثة » . ومقتضاه كراهته ، وهو كذلك كما في اللوامع ، وعن الخلاف ، والوسيلة ، والجامع ، والذكرى ، والدروس (٦) .

ويستحب أن يكون المسح برفق ، كما في الخبرين ، ورواية اُم أنس . بل يستحب الرفق بالميت حال الغسل مطلقاً ، كما في المنتهى (٧) ، واللوامع ؛ لحسنة حمران : « إذا غسّلتم الميت منكم فارفقوا به ولا تعصروه » (٨) .

__________________

(١) الوسيلة : ٦٥ ، الجامع : ٥١ وفيه : ويكره . . . وغمز بطن الحبلى ، المنتهى ١ : ٤٣٠ ، القواعد ١ : ١٨ .

(٢) وهو اسقاط المرأة ولدها .

(٣) التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ ، الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨ ، الوسائل ٢ : ٤٩٢ أبواب غسل الميت ب ٦ ح ٣ .

(٤) المعتبر ١ : ٢٧٣ ، التذكرة ١ : ٣٩ ، الذكرى : ٤٥ .

(٥) نهاية الإِحكام ٢ : ٢٢٥ قال : ويستحب مسح بطنه في الغسلتين الأولتين قبلهما رفيقاً .

(٦) الخلاف ١ : ٦٩٥ ، ٦٩٦ ، الوسيلة : ٦٥ ، الجامع : ٥١ ، الذكرى : ٤٥ ، الدروس ١ : ١٠٦ .

(٧) المنتهى ١ : ٤٢٨ .

(٨) التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ ، الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب غسل الميت ب ٩ ح ١ .

١٥٩
 &

وصحيحة النواء : « إذا غسّلت ميتاً فارفق به ولا تعصره » (١) .

ومنها : حشو الدبر بالقطن ، كما عن الخلاف (٢) ، والإِسكافي (٣) ، والجامع (٤) والفقيه ، والكافي ، والمبسوط ، والوسيلة (٥) ، وفي الشرائع ، والقواعد ، والمنتهى (٦) ، وغيره ، بل عن الخلاف الإِجماع عليه (٧) ، وعن المعتبر حكايته عن المعظم (٨) .

لقوله في خبر يونس : « ثم نشّفه بثوب طاهر ، واعمد إلى قطن فذرّ عليه شيئاً من حنوطه وضعه على فرجه قُبل ودُبر ، واحش القطن في دبره لئلا يخرج منه شي‌ء » (٩) .

وفي المضمر : « ويضع لها القطن أكثر مما يضع للرجال ، ويحشى القبل والدبر بالقطن والحنوط » (١٠) .

وفي موثّقة الساباطي : « وتدخل في مقعدته من القطن ما دخل » (١١) .

والرضوي : « يأخذ شيئاً من القطن ويجعل عليه حنوطاً ويحشو به دبره » (١٢) .

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٤٥ / ١٤٤١ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٢ ، الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب غسل الميت ب ٩ ح ٢ .

(٢) الخلاف ١ : ٧٠٣ .

(٣) نقل عنه في المختلف ١ : ٤٥ .

(٤) الجامع : ٥٤ .

(٥) الفقيه ١ : ٩٢ ، الكافي : ٢٣٧ ، المبسوط ١ : ١٧٩ ، الوسيلة : ٦٦ .

(٦) الشرائع ١ : ٤٠ ، القواعد ١ : ١٨ ، المنتهى ١ : ٤٣٩ .

(٧) الخلاف ١ : ٢٨٥ .

(٨) لم نعثر عليه في المعتبر .

(٩) تقدم مصدره في ص ١٣٦ .

(١٠) الكافي ٣ : ١٤٧ الجنائز ب ٢٠ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ / ٩٤٤ ، الوسائل ٣ : ١١ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٦ .

(١١) التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١٠ .

(١٢) فقه الرضا : ١٦٨ .

١٦٠