بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ولم أجئك متقاضيا للجواب ، فقال له هشام : إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب ، فخرج عنه الديصاني ، فأخبر أن هشاما دخل على أبي عبدالله عليه‌السلام فعلمه الجواب ، فمضى عبدالله الديصاني حتى أتي باب أبي عبدالله عليه‌السلام فاستأذن عليه فأذن له ، فلما قعد قال له : يا جعفر بن محمد دلني على معبودي ، فقال له أبو عبدالله عليه‌السلام : ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه ، فقال له أصحابه : كيف لم تخبره باسمك؟ قال : لو كنت قلت له : عبدالله كان يقول : من هذا الذي أنت له عبد! فقالوا له : عد إليه فقل له. يدلك على معبودك ولا يسألك عن اسمك فرجع إليه فقال له : يا جعفر دلني على معبودي ولاتسألني عن اسمي فقال له أبو عبدالله عليه‌السلام : اجلس ـ وإذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها ـ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : ناولني يا غلام البيضة فناوله إياها فقال له أبو عبدالله عليه‌السلام : يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة؟ وفضة ذائبة فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة ، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهب المائعة هي على حالها لم يخرج منها مصلح فيخبر عن إصلاحها ، ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها ، لا تدري للذكر خلقت أم للانثى يتفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لها مدبرا؟ قال : فأطرق مليا ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنك إمام وحجة من الله على خلقه ، وأنا تائب مما كنت فيه.

بيان : يمكن أن يؤول هذا الخبر بوجوه :

الاول : ـ أن يكون غرض السائل أنه هل يجوز أن يحصل كبير في صغير بنحو من أنحاء التحقق ، فأجاب عليه‌السلام بأن له نحوا من التحقق ، وهو دخول الصورة المحسوسة المتقدرة بالمقدار الكبير بنحو الوجود الظلي في الحاسة أي مادتها الموصوفة بالمقدار الصغير ، والقرينة على أنه كان مراده المعنى الاعم أنه قنع بالجواب ، ولم يراجع فيه باعتراض.

الثاني : أن يكون المعنى أن الذي يقدر على أن يدخل ما تراه العدسة لا يصح أن ينسب إلى العجز ، ولا يتوهم فيه أنه غير قادر على شئ أصلا ، وعدم قدرته على ما ذكرت ليس من تلقاء قدرته لقصور فيها بل إنما ذلك من نقصان ما فرضته ، حيث إنه محال

١٤١

ليس له حظ من الشيئية والامكان فالغرض من ذكر ذلك بيان كمال قدرته تعالى حتى لايتوهم فيه عجز.

الثالث : أن المعنى أن ما ذكرت محال وما يتصور من ذلك إنما هو بحسب الوجود الانطباعي وقد فعله فما كان من السؤال له محمل ممكن فهو تعالى قادر عليه ، وما أردت من ظاهره فهو محال لايصلح لتعلق القدرة به.

الرابع ـ وهو الاظهر ـ : أن السائل لما كان قاصرا عن فهم ما هو الحق معاندا فلو أجاب عليه‌السلام صريحا بعدم تعلق القدرة به لتشبث بذلك ولج وعاند ، فأجاب عليه‌السلام بجواب متشابه له وجهان لعلمه عليه‌السلام بأنه لايفرق بين الوجود العيني والانطباعي ، ولذا قنع بذلك ورجع ، كما أنه عليه‌السلام لما علم أنه عاجز عن الجواب عن سؤال الاسم أورده عليه إفحاما له ، وإظهارا لعجزه عن فهم الامور الظاهرة ، ولما كان السائلون في الاخبار الاخر الآتية قابلين لفهم الحق غير معاندين أجابوهم بما هو الحق الصريح. ثم اعلم أنه على التقادير كلها يدل على أن الابصار بالانطباع ، وإن كان فيما سوى الثاني أظهر ، و على الرابع يحتمل أيضا أن يكون إقناعيا مبنيا على المقدمة المشهورة لدى الجمهور أن الرؤية بدخول المرئيات في العضو البصري ، فلا ينافي كون الابصار حقيقة بخروج الشعاع.

٨ ـ يد : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن ابن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ابن عبدالله ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل لا يوصف ، قال : وقال زرارة : قال أبوجعفر عليه‌السلام : إن الله عزوجل لا يوصف بعجز وكيف يوصف وقد قال في كتابه : «وما قدروا الله حق قدره»؟ فلا يوصف بقدرة إلا كان أعظم من ذلك.

٩ ـ يد : العطار ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عمن ذكره. عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن إبليس قال لعيسى بن مريم : أيقدر ربك على أن يدخل الارض بيضة لاتصغر الارض ولاتكبر البيضة؟ فقال عيسى. على نبينا وآله وعليه السلام : ويلك إن الله لا يوصف بعجز ، (١) ومن أقدر ممن يلطف الارض ويعظم البيضة.

___________________

(١) وفى نسخة : ان الله لا يوصف بالعجز.

١٤٢

١٠ ـ يد : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن علي بن أبي أيوب المدني ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قيل لامير المؤمنين عليه‌السلام : هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن تصغر الدنيا أو تكبر البيضة؟ قال : إن الله تبارك وتعالى لاينسب إلى العجز ، والذي سألتني لايكون. (١)

١١ ـ يد : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أيقدر الله

أن يدخل الارض في بيضة ولا تصغر الارض ولا تكبر البيضة؟ فقال له : ويلك إن الله لا يوصف بالعجز ومن أقدر ممن يلطف الارض ويعظم البيضة؟.

١٢ ـ يد : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده أحمد ، عن البزنطي قال : جاء رجل إلى الرضا عليه‌السلام فقال : هل يقدر ربك أن يجعل السماوات والارض وما بينهما في بيضة؟ قال : نعم وفي أصغر من البيضة ، وقد جعلها في عينك وهي أقل من البيضة ، لانك إذا فتحتها عاينت السماء والارض وما بينهما ، ولو شاء لاعماك عنها.

١٣ ـ يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي قال : جاء قوم من وراء النهر إلى أبي الحسن عليه‌السلام فقالوا له : جئناك نسألك عن ثلاث مسائل ، فإن أجبتنا فيها علمنا أنك عالم ، فقال : سلوا. فقالوا : أخبرنا عن الله أين كان ، وكيف كان ، وعلى أي شئ كان اعتماده؟ فقال : إن الله عزوجل كيف الكيف فهو بلا كيف ، وأين الاين فهو بلا أين ، وكان اعتماده على قدرته فقالوا : نشهد أنك عالم.

قال الصدوق رحمه‌الله : يعنى بقوله : «وكان اعتماده على قدرته» أي على ذاته لان القدرة من صفات ذات الله عزوجل. ثم قال الصدوق رحمه‌الله : من الدليل على أن الله قادر أن العالم لما ثبت أنه صنع لصانع ، ولم نجد أن يصنع الشئ من ليس بقادر عليه بدلالة أن المقعد لايقع منه المشي ، والعاجز لايتأتى له الفعل صح أن الذي صنعه قادر ، ولو جاز غير ذلك لجاز منا الطيران مع فقد ما يكون به من الآلة ، ولصح لنا

___________________

(١) لان القدرة تتعلق بما يصح حصوله ويمكن وجوده ، فما هو ممتنع وجوده ومتعذر حصوله لا تتعلق به القدرة ، ولايصح أن يسئل عنه بأن الله قادر ان يفعله أم لا؟ فاثبات عموم قدرته وتنزيه ساحته عن العجز والقصور لا ينافى عدم امكان حصول تلك الامور ، وبالجملة فالنقص في القابل ، دون الفاعل.

١٤٣

الادراك وإن عدمنا الحاسة فلما كان إجازة هذا خروجا عن المعقول كان الاول مثله. ١٤ ـ يد : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : المشيئة محدثة.

١٥ ـ يد : الدقاق ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن ابن أبان ، عن بكر بن صالح عن ابن أسباط ، عن الحسن بن الجهم ، عن بكر بن أعين قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : علم الله ومشيئته هما مختلفان أم متفقان؟ فقال : العلم ليس هو المشيئة ألاترى أنك تقول : سأفعل كذا إن شاء الله ، ولا تقول : سأفعل كذا إن علم الله ، فقولك : إن شاء الله دليل على أنه لم يشاء ، فإذا شاء ، كان الذي شاء كما شاء وعلم الله سابق للمشيئة.

بيان : لعل المراد المشيئة المتأخرة عن العلم الحادثة عند حدوث المعلوم ، و قد عرفت أنه في الله تعالى ليس سوى الايجاد ، ومغائرته للعلم ظاهر. ويحتمل أن يكون المقصود بيان عدم اتحاد مفهوميهما ، إذ ليست الارادة مطلق العلم إذ العلم يتعلق بكل شئ بل هي العلم بكونه خيرا وصلاحا ونافعا ، ولاتتعلق إلا بما هو كذلك ، وفرق آخر بينهما وهو أن علمه تعالى بشئ لا يستدعي حصوله بخلاف علمه به على النحو الخاص فالسبق على هذا يكون محمولا على السبق الذاتي الذي يكون للعام على الخاص ، والاول أظهر كما عرفت. (١)

١٦ ـ يد : ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن ابن حميد ، (٢) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : لم يزل الله مريدا؟ فقال : إن المريد لا يكون إلا لمراد معه بل لم يزل عالما قادرا ثم أراد.

بيان : لما عرفت أن الارادة المقارنة للفعل ليس فيه تعالى إلا نفس الايجاد فهي حادثة ، والعلم أزلي ، وقال بعض المحققين : أي لا يكون المريد بحال إلا حال كون المراد

___________________

(١) قد عرفت دلالة الاخبار على أن المشيئة والارادة نفس المعلوم الخارجى واصراره مع ذلك على كونها العلم بالصلاح والخير عجيب. ط

(٢) ضبطه العلامة في القسم الاول من الخلاصة بضم الحاء قال : عاصم بن حميد «بضم الحاء» الحناط ـ بالنون ـ الحنفى أبوالفضل مولى ، كوفى ثقة ، عين صدوق ، روى عن أبى عبدالله عليه‌السلام ص ٦٢.

١٤٤

معه ، ولا يكون مفارقا من المراد ، وحاصلة أن ذاته تعالى مناط لعلمه وقدرته أي صحة الصدور واللاصدور ، بأن يريد فيفعل وأن لا يريد فيترك ، فهو بذاته مناط لصحة الارادة وصحة عدمها فلا يكون بذاته مناطا للارادة وعدمها بل المناط فيها الذات مع حال المراد فالارادة أي المخصصة لاحد الطرفين لم يكن من صفات الذات فهو بذاته عالم قادر مناط لهما ، وليس بذاته مريدا مناطا لها ، بل بمدخلية مغائر متأخر عن الذات ، و هذا معنى قوله : لم يزل عالما قادرا ثم أراد.

١٧ ـ كتاب زيد النرسي : قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : كان الله وهو لا يريد بلا عدد أكثر مما كان مريدا.

١٨ ـ يد : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني ، عن الجعفري قال : قال الرضا عليه‌السلام : المشيئة من صفات الافعال فمن زعم أن الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد.

١٩ ـ يد : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن موسى بن عمر ، عن ابن سنان ، عن أبي سعيد القماط قال : قال أبوعبد الله عليه‌السلام : خلق الله المشيئة قبل الاشياء ثم خلق الاشياء بالمشيئة.

٢٠ ـ يد : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال : خلق الله المشيئة بنفسها ، ثم خلق الاشياء بالمشيئة.

بيان : هذا الخبر الذي هو من غوامض الاخبار يحتمل وجوها من التأويل :

الاول : أن لا يكون المراد بالمشيئة الارادة بل إحدى مراتب التقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشئ كالتقدير في اللوح مثلا والاثبات فيه ، فإن اللوح وما اثبت فيه لم يحصل بتقدير آخر في لوح سوى ذلك اللوح ، وإنما وجد سائر الاشياء بما قدر في ذلك اللوح ، وربما يلوح هذا المعني من بعض الاخبار كما سيأتي في كتاب العدل ، وعلى هذا المعنى يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير.

الثانى : أن يكون خلق المشيئة بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقفة على تعلق إرادة اخرى بها فيكون نسبة الخلق إليها مجازا عن تحققها بنفسها منتزعة عن ذاته تعالى بلا توقف على مشيئة اخرى ، أو أنه كناية عن أنه اقتضى علمه

١٤٥

الكامل وحكمته الشاملة كون جميع الاشياء حاصلة بالعلم بالاصلح فالمعنى أنه لما اقتضى كمال ذاته أن لا يصدر عنه شئ إلا على الوجه الاصلح والاكمل فلذا لا يصدر شئ عنه تعالى إلا بإرادته المقتضية لذلك.

الثالث : ما ذكره السيد الداماد قدس الله روحه أن المراد بالمشيئة هنا مشيئة العباد لافعالهم الاختيارية لتقدسه سبحانه عن مشيئة مخلوقة زائدة على ذاته عزو جل ، وبالاشياء أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشيئة ، وبذلك تنحل شبهة ربما اوردت ههنا وهي أنه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بإرادتهم لكانت الارادة مسبوقة بإرادة اخرى وتسلسلت الارادات لا إلى نهاية.

الرابع : ما ذكره بعض الافاضل وهو أن للمشيئة معنيين : أحدهما متعلق بالشائي وهي صفة كمالية قديمة هي نفس ذاته سبحانه وهي كون ذاته سبحانه بحيث يختار ما هو الخير والصلاح ، والآخر يتعلق بالمشيئ وهو حادث بحدوث المخلوقات لا يتخلف المخلوقات عنه ، وهو إيجاده سبحانه إياها بحسب اختياره ، وليست صفة زائدة على ذاته عزوجل وعلى المخلوقات بل هي نسبة بينهما تحدث بحدوث المخلوقات لفرعيتها المنتسبين معا.

فنقول : إنه لما كان ههنا مظنة شبهة هي أنه إن كان الله عزوجل خلق الاشياء بالمشيئة فبم خلق المشيئة أبمشيئة اخرى؟ فيلزم أن تكون قبل كل مشيئة مشيئة إلى مالا نهاية له فأفاد الامام عليه‌السلام أن الاشياء مخلوقة بالمشيئة ، وأما المشيئة نفسها فلايحتاج خلقها إلى مشيئة اخرى بل هي مخلوقة بنفسها لانها نسبة وإضافة بين الشائي والمشيئ تتحصل بوجوديهما العيني والعلمي ، ولذا أضاف خلقها إلى الله سبحانه لان كلا الوجودين له وفيه ومنه ، وفي قوله عليه‌السلام : بنفسها دون أن يقول : بنفسه إشارة لطيفة إلى ذلك ، نظير ذلك ما يقال : إن الاشياء إنما توجد بالوجود فأما الوجود نفسه فلا يفتقر إلى وجود آخر بل إنما يوجد بنفسه.

الخامس : ما ذكره بعض المحققين بعد ما حقق أن إرادة الله المتجددة هي نفس أفعاله المتجددة الكائنة الفاسدة فإرادته لكل حادث بالمعنى الاضافي يرجع إلى

١٤٦

إيجاده ، وبمعنى المرادية ترجع إلى وجوده قال : نحن إذا فعلنا شيئا بقدرتنا واختيارنا فأردناه أولا ثم فعلناه بسبب الارادة نشأت من أنفسنا بذاتها لابإرادة اخرى وإلا لتسلسل الامر لا إلى نهاية فالارادة مرادة لذاتها ، والفعل مراد بالارادة ، وكذا الشهوة في الحيوان مشتهاة لذاتها لذيذة بنفسها ، وسائر الاشياء مرعوبة بالشهوة فعلى هذا المثال حال مشيئة الله المخلوقة ، وهي ونفس وجودات الاشياء فإن الوجود خير ومؤثر لذاته ومجعول بنفسه ، والاشياء بالوجود موجودة والوجود مشيئ بالذات ، والاشياء مشيئة بالوجود وكما أن الوجود حقيقة واحدة متفاوتة بالشدة والضعف والكمال والنقص فكذا الخيرية والمشيئة ، وليس الخير المحض الذي لايشوبه شر إلا الوجود البحت الذي لا يمازجه عدم ونقص ، وهو ذات الباري جل مجده ، فهو المراد الحقيقي. إلى آخر ما حققه.

والاوفق باصولنا هو الوجه الاول كما سيظهر لك في كتاب العدل ، وسيأتي بعض الاخبار المناسبة لهذا الباب هناك. وخبر سليمان المروزي في باب احتجاجات الرضا عليه‌السلام ، وسنورد هناك بعض ما تركنا ههنا إن شاء الله تعالى ، وقد مر بعضها في باب نفي الجسم والصورة ، وباب نفي الزمان والمكان.

*( باب ٥ )*

*( أنه تعالى خالق كلشئ ، وليس الموجد والمعدم الا الله تعالى )*

*( وأن ما سواه مخلوق )*

الايات : الرعد «١٣» قل الله خالق كل شئ ١٦

المؤمنين «٢٣» فتبارك الله أحسن الخالقين ١٤

الزمر «٣٩» الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل * له مقاليد السموات والارض ٦٢ ـ ٦٣

١ ـ يد : في خبر الفتح بن يزيد الجرجاني : قلت لابي الحسن عليه‌السلام : هل غير الخالق الجليل خالق؟ قال : إن الله تبارك وتعالى يقول : «تبارك الله أحسن الخالقين» فقد أخبر

١٤٧

أن في عباده خالقين وغير خالقين ، منهم عيسى صلى الله عليه خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فنفخ فيه فصار طائرا بإذن الله ، والسامري خلق لهم عجلا جسدا له خوار.

بيان : لاريب في أن خالق الاجسام ليس إلا الله تعالى. وأما الاعراض فذهبت الاشاعرة إلى أنها جميعا مخلوقة لله تعالى وذهبت الامامية والمعتزلة إلى أن أفعال العباد وحركاتهم واقعة بقدرتهم واختيارهم فهم خالقون لها. (١)

وما في الآيات من أنه تعالى خالق كل شئ وأمثالها فإما مخصص بما سوى أفعال العباد ، أو مؤول بأن المعنى أنه خالق كل شئ إما بلا واسطة أو بواسطة مخلوقاته ، وأما خلق عيسى عليه‌السلام فذهب الاكثر إلى أن المراد به التقدير والتصوير ، ويظهر من الخبر أن تكون الهيئة العارضة للطير من فعله ـ على نبينا وآله وعليه السلام ـ ومخلوقا له ، ولا استبعاد فيه ، وإن أمكن أن يكون نسبة الخلق إليه لكونه معدا لفيضان الهيئة والصورة ، كما تقوله الحكماء ، وكذا السامري ، وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب العدل إن شاء الله تعالى.

٢ ـ يد : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن بشر ، (٢) عن محمد بن جمهور العمي ، (٣) عن محمد بن الفضيل بن يسار ، عن عبدالله بن سنان ،

عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال : في الربوبية العظمى والالهية الكبرى لا يكون الشئ لامن شئ إلا الله ، ولا ينقل الشئ من جوهريته إلى جوهر آخر إلا الله ، ولا ينقل الشئ من الوجود إلى العدم إلا الله.

___________________

(١) أما المعتزلة فهم لا يبالون بامثال هذا الشرك الظاهر وأما الامامية فهم تبعة أئمة أهل البيت عليهم‌السلام وحاشاهم عن القول بذلك وانك لاتجد حتى في خبر واحد صحيح منهم القول بان مع الله الخالق لكل شئ خالقا اخر لالذات ولالفعل بالمعني المتنازع فيه وهو الايجاد ، بل الاخبار المتكاثرة يصرح بخلافه. ط

(٢) لعل صحيحه أحمد بن بشير بقرينة رواية سهل عنه ، فيكون أحمد بن بشير البرقى ، ذكر الشيخ في رجاله تضعيفه عن ابن بابويه ، والا فمجهول.

(٣) بالعين المهملة ، قال النجاشى في ترجمة ابنه : ينسب إلى بنى العم من تميم ، أطبق الرجاليون على ضعفه وغلوه.

١٤٨

بيان : أي في علم الربوبية والالهية ، والكلام فيه كالكلام فيما سبق ، وذهب بعض الحكماء إلى أن المؤثر في عالم الوجود ليس إلا الرب تعالى ، وأما غيره فإنما هم شرائط معدة لافاضته ، قال «بهمنيار» في التحصيل : فإن سألت الحق فلا يصح أن يكون علة الوجود إلا ما هو برئ من كل وجه عن معنى ما بالقوة ، وهذا هو صفة الاول لاغير انتهى. (١) وقد بينا ما هو الحق عند الفرقة المحقة سابقا.

٣ ـ يد ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن الله تبارك وتعالى خلو (٢) من خلقه وخلقه خلومنه ، وكل ما وقع عليه اسم شئ ماخلا الله عزوجل فهو مخلوق ، والله خالق كل شئ ، تبارك الذى ليس كمثله شئ.

يد : حمزة بن محمد العلوي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن خيثمة ، (٣) عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله إلى قوله : خالق كل شئ.

٤ ـ يد : ما جيلويه ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي المغرا رفعه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى خلو من خلقه وخلقه خلو منه ، وكل ما وقع عليه اسم شئ فهو مخلوق ما خلا الله عزوجل

___________________

(١) ومراده أن الله سبحانه خالق للذوات ، والانسان خالق للافعال ، وانما قال بذلك من قال فرارا عن محذور الجبر فوقع في محذور التفويض وقد أشرنا في الحاشية السابقة أن مذهب أئمة أهل البيت خلاف ذلك ، وأما محذور الجبر فسيجيئ في أخبار الجبر والتفويض أن الذي قام عليه البرهان وأطبق عليه الكتاب والسنة وهو مذهب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام خلاف القولين جميعا. ط

(٢) الخلو بكسر الخاء : الخالى ، يقال : فلان خلو من كذا أى حال برئ منه ، والمراد أن بينه وبين خلقه مباينة في الذات والصفات ، لا يتصف واحد منهما بصفة الاخر ، ولايشركه في ذاته ، لانه تعالى وجود صرف لا ماهية له ، ولا يتصف بالعجز والنقص ، والخلق ماهيات ظلمانية ، مشوبات بالجهل والعجز والنقص. اقول : تقدم الحديث في باب النهي عن التفكر في ذات الله تعالى «ج ٣ ح ٢٠» مع شرح من المصنف

(٣) بضم الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة وفتح المثلثة والميم والهاء. حكى عن جامع الرواة للفاضل الاردبيلى أن خيثمة هذا هو خيثمة بن عبد الرحمن الجعفى الكوفى ، وحكى العلامة في القسم الاول من الخلاصة عن على بن أحمد العقيقى أنه كان فاضلا ، ثم قال : وهذا لا يقتضى التعديل وان كان من المرجحات.

١٤٩

٥ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي العلاء عن أبي خالد الصيقل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله عز وجل فوض الامر إلى ملك من الملائكة فخلق سبع سماوات وسبع أرضين وأشياء ، فلما رأى الاشياء قد انقادت له قال : من مثلي؟ فأرسل الله عزوجل نويرة من نار. قلت : وما نويرة من نار؟ قال : نار بمثل أنملة. قال : فاستقبلها بجميع ما خلق فتحللت لذلك (١) حتى وصلت إليه لما أن دخله العجب.

بيان : لعل المراد بخلق الملك أن الله تعالى خلقها عند إرادة الملك كما سنحقق في المعجزة.

*( باب ٦ )*

*( كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى : «قل لو كان البحر مدادا» الاية )*

١ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن الطيالسي ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لم يزل الله جل اسمه عالما بذاته ولا معلوم ، ولم يزل قادرا بذاته ولا مقدور. قلت : جعلت فداك فلم يزل متكلما؟ قال : الكلام محدث ، كان الله عزوجل وليس بمتكلم ثم أحدث الكلام.

بيان : اعلم أنه لاخلاف بين أهل الملل في كونه تعالى متكلما لكن اختلفوا في تحقيق كلامه وحدوثه وقدمه فالامامية قالوا : بحدوث كلامه تعالى ، وأنه مؤلف من أصوات وحروف ، وهو قائم بغيره ومعنى كونه تعالى متكلما عندهم أنه موجد تلك الحروف والاصوات في الجسم كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبي «ص» أو غيرهم كشجرة موسى ، وبه قالت المعتزلة أيضا ، والحنابلة ذهبوا إلى أن كلامه تعالى حروف وأصوات وهي قديمة ، بل قال بعضهم : بقدم الجلد والغلاف أيضا ، والكرامية ذهبوا

___________________

(١) في نسخة : فتخللت ذلك.

١٥٠

إلى أن كلامه تعالى صفة له مؤلفة من الحروف والاصوات الحادثة القائمة بذاته تعالى. والاشاعرة أثبتوا الكلام النفسي وقالوا : كلامه معنى واحد بسيط قائم بذاته تعالى ، قديم ، وقد قامت البراهين على إبطال ما سوى المذهب الاول ، وتشهد البديهة ببطلان بعضها ، وقد دلت الاخبار الكثيرة على بطلان كل منها ، وقد تقدم بعضها و سيأتي بعضها في كتاب القرآن ، نعم القدرة على إيجاد الكلام قديمة غير زائدة على الذات ، وكذا العلم بمدلولاتها ، وظاهر أن الكلام غيرهما

٢ ـ فس : جعفر بن أحمد ، عن عبيد الله بن موسى ، عن ابن البطائني ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : «خالدين فيها لايبغون عنها حولا» قال : «خالدين فيها «لا يخرجون منها «ولا يبغون عنها حولا» قال : لا يريدون بها بدلا. قلت : قوله : «قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا» قال : قد أخبرك أن كلام الله ليس له آخر ولاغاية ولا ينقطع أبدا. قلت : قوله : «إن الذين آمنوا ، وعملو الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا» قال : هذه نزلت في أبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر جعل الله لهم جنات الفردوس نزلا مأوى ومنزلا. قال : ثم قال : قل يا محمد : «إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجولقاء ربه فيلعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا» فهذا الشرك شرك رياء.

٣ ـ ج : سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن عليه‌السلام عن قوله تعالى : «سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله» ماهي؟ فقال : هي عين الكبريت ، وعين اليمن ، وعين البرهوت ، (١) وعين الطبرية ، وحمة ما سيدان ، (٢) وحمة إفريقية ، وعين باجوران ، (٣) ونحن الكلمات التي لاتدرك فضائلها (٣) ولا تستقصى

___________________

(١) قال الفيروز آبادى : البرهوت كحلزون : واد أو بئر بحضر موت.

(٢) الحمة بفتح الحاء وفتح الميم المشددة : العين الحارة ، الماء الذى يستشفى بها الاعلاء.

(٣) في نسخة باحروان ، وفى اخرى باحوران ، وفى الاحتجاج المطبوع : باجروان. والمراد بأبى الحسن على بن محمد الهادى عليه‌السلام.

(٤) في نسخة من الكتاب وفى الاحتجاج المطبوع : لا تدرك فضائلنا.

١٥١

٤ ـ ج : عن صفوان بن يحيى قال : سأل أبوقرة المحدث عن الرضا عليه‌السلام فقال : أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله لموسى فقال : ألله أعلم بأي لسان كلمه بالسريانية أم بالعبرانية ، فأخذ أبوقرة بلسانه فقال : إنما أسألك عن هذا اللسان فقال أبوالحسن عليه‌السلام : سبحان الله مما تقول «ومعاذ الله أن يشبه خلقه أو يتكلم بمثل ما هم متكلمون ، ولكنه تبارك وتعالى ليس كمثله شئ ، ولا كمثله قائل فاعل. قال : كيف ذلك؟ قال : كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق ، ولا يلفظ بشق فم ولسان ، ولكن يقول له : «كن» فكان بمشيئته ما خاطب به موسى من الامر والنهي من غير تردد في نفس. الخبر.

أقول : قد أثبتنا بعض أخبار هذا الباب في باب صفات الذات والافعال ، وباب نفي الجسم والصورة ، وباب نفي الزمان والمكان.

١٥٢

*( ابواب أسمائه تعالى )*

*( وحقائقها وصفاتها ومعانيها )*

*( باب ١ )*

*( المغايرة بين الاسم والمعنى وان المعبود هو المعنى والاسم حادث )*

١ ـ ج : عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه‌السلام فسأله رجل فقال : أخبرني عن الرب تبارك وتعالى أله أسماء وصفات في كتابه؟ وهل أسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبوجعفر عليه‌السلام : إن لهذا الكلام وجهين : إن كنت تقول هي هو أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك ، وإن كنت تقول هذه الاسماء والصفات لم تزل فإنما لم تزل محتمل معنيين (١) فإن قلت : لم تزل عنده في علمه وهو يستحقها (٢) فنعم وإن كنت تقول : لم يزل صورها وهجاؤها (٣) وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شئ غيره بل كان الله تعالى ذكره ولا خلق ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها إليه ويعبدونه وهي ذكره ، وكان الله سبحانه ولا ذكر ، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل ، والاسماء والصفات مخلوقات (٣) والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الايتلاف ، وإنما يختلف ويأتلف المتجزي ، ولا يقال له : قليل ولاكثير ، (٥) ولكنه القديم في ذاته لان ما سوى الواحد متجزئ ، والله واحد لا متجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة ، وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له فقولك : إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شئ فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز

___________________

(١) في نسخة : فان لم تزل محتمل معنيين.

(٢) في الكافي والتوحيد : وهو مستحقها

(٣) في الكافى والتوحيد : لم يزل تصويرها وهجاؤها.

(٤) في التوحيد : والصفات مخلوقات المعانى. وفى الكافى : والاسماء والصفات مخلوقات والمعانى.

(٥) في التوحيد والكافي : فلا يقال : الله مؤتلف ، ولا الله كثير ، ولا قليل.

١٥٣

سواه ، وكذلك قولك : عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه ، فإذا أفنى الله الاشياء أفني الصورة والهجاء والتقطيع فلا يزال من لم يزل عالما.

فقال الرجل : فكيف سمينا ربنا سميعا؟ فقال : لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالاسماع ، ولم نصفه بالسمع المعقول في الراس. وكذلك سميناه بصيرا لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالابصار من لون أو شخص أو غير ذلك ، ولم نصفه ببصر طرفة العين (١).

وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشئ اللطيف مثل البعوضة وما هو أخفى من ذلك ، و موضع المشي منها ، (٢) والعقل والشهوة للسفاد والحدب على أولادها ، (٣) وإقامة بعضها على بعض ، (٣) ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والاودية والقفار فعلمنا بذلك أن خالقها لطيف بلا كيف إذا لكيفية للمخلوق المكيف. وكذلك سمينا ربنا قويا بلا قوة البطش المعروف من الخلق ، ولو كان قوته قوة البطش المعروف من الخلق لوقع التشبيه واحتمل الزيادة ، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، وما كان ناقصا كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزا ، فربنا تبارك وتعالى لاشبه له ولاضد ولاند ، ولا كيفية ولا نهاية ولا تصاريف (٥) محرم على القلوب أن تحتمله ، (٦) وعلى الاوهام أن تحده ، وعلى الضمائر أن تصوره ، (٧) عزوجل عن أداة خلقه وسمات بريته ، (٨) وتعالى عن ذلك علوا كبيرا. (٩)

___________________

(١) في التوحيد : ولم نصفه بنظر لحظة العين وفى الكافي : ببصر لحظة العين.

(٢) في الكافي : وموضع النشوء منها. وفى التوحيد : مثل البعوضة وأحقر من ذلك وموضع الشق منها.

(٣) في الكافي والتوحيد : على نسلها. قلت : حدب عليه : تعطف. والسفاد بكسر السين : نزو الذكر على الانثى.

(٤) في التوحيد : وإفهام بعضها عن بعض.

(٥) في الكافى : ولا تبصار بصر.

(٦) في الكافي والتوحيد : محرم على القلوب أن تمثله.

(٧) في الكافي : أن تكونه. وفى التوحيد : أن تكيفه.

(٨) السمة كعدة : العلامة.

(٩) أورده الكلينى في الكافى في باب معانى الاسماء واشتقاقها باسناده عن محمد بن أبى عبدالله رفعه إلى أبي هاشم الجعفرى.

١٥٤

يد : الدقاق ، عن الاسدي ، عن محمد بن بشر ، عن الجعفري مثله.

ايضاح : اعلم أن المتكلمين اختلفوا في أن الاسم هل هو عين المسمى أو غيره ، فذهب أكثر الاشاعرة إلى الاول ، والامامية والمعتزلة إلى الثاني ، وقد وردت هذه الاخبار ردا على القائلين بالعينية ، وأول بعض المتأخرين كلامهم لسخافته وإن كانت كلماتهم صريحة فيما نسب إليهم. قال شارح المقاصد : الاسم هو اللفظ المفرد الموضوع للمعنى على مايعم أنواع الكلمة ، وقد يقيد بالاستقبال والتجرد عن الزمان فيقابل الفعل والحروف على ما هو مصطلح النحاة ، والمسمى هو المعنى الذي وضع الاسم بإزائه والتسمية هو وضع الاسم للمعنى ، وقدير ادبها ذكر الشئ باسمه كما يقال : يسمى زيدا ولم يسم عمروا ، فلاخفاء في تغاير الامور الثلاثة ، وإنما الخفاء فيما ذهب إليه بعض أصحابنا من أن الاسم نفس المسمى ، وفيما ذكره الشيخ الاشعري من أن أسماء الله تعالى ثلاثة أقسام : ما هو نفس المسمى ، مثل «الله» الدال على الوجود أي الذات ، وما هو غيره «كالخالق والرازق» ونحو ذلك مما يدل على فعل ، ومالا يقال إنه هو ولا غيره «كالعالم والقادر» وكل ما يدل على الصفات. وأما التسمية فغير الاسم والمسمى ، وتوضيحة أنهم يريدون بالتسمية اللفظ ، وبالاسم مدلوله كما يريدون بالوصف قول الواصف ، وبالصفة مدلوله ، وكما يقولون : إن القراءة حادثة والمقر وقديم إلا أن الاصحاب اعتبروا المدلول المطابقي فأطلقوا القول بأن الاسم نفس المسمي للقطع بأن مدلول الخالق شئ ماله الخلق لانفس الخلق ، ومدلول العالم شئ ماله العلم لانفس العلم ، و الشيخ أخذ المدلول أعم واعتبر في أسماء الصفات المعاني المقصودة فزعم أن مدلول الخالق الخلق وهو غير الذات ، ومدلول العالم العلم وهو لاعين ولاغير. انتهى.

فإذا عرفت هذا فاعلم أن الظاهر أن المراد بالاسماء الاسماء الدالة على الذات من غير ملاحظة صفة ، وبالصفات ما يدل على الذات متصفا بصفة ، واستفسر عليه‌السلام مراد السائل وذكر محتملاته وهي ثلاثة ، وينقسم بالتقسيم الاول إلى احتمالين لان المراد إما معناه الظاهر ، أومؤول بمعني مجازي لكون معناه الظاهر في غاية السخافة.

الاول : أن يكون المراد كون كل من تلك الاسماء والحروف المؤلفة المركبة عين

١٥٥

ذاته تعالى ، وحكم بأنه تعالى منزه عن ذلك لاستلزامه تركيبه وحدوثه وتعدده كما سيأتي ـ تعالى الله عن ذلك ـ.

الثانى : أن يكون قوله : «هي هو» كناية عن كونها دائما معه في الازل فكأنها عينه ، وهذا يحتمل معنيين : الاول أن يكون المراد أنه تعالى كان في الازل مستحقا لاطلاق تلك الاسماء عليه ، وكون تلك الاسماء في علمه تعالى من غير تعدد في ذاته تعالى وصفاته ، ومن غير أن يكون معه شئ في الازل فهذا حق ، والثاني أن يكون المراد كون تلك الاصوات والحروف المؤلفة دائما معه في الازل فمعاذ الله أن يكون معه غيره في الازل ، وهذا صريح في نفي تعدد القدماء ولايقبل التأويل ثم أشار عليه‌السلام إلى حكمة خلق الاسماء والصفات بأنها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها إليه ويعبدونه ، وهي ذكره «بالضمير» اي يذكربها ، والمذكور بالذكر قديم ، والذكر حادث ، ومنهم من قرأ «بالتاء» قال الجوهري : الذكر والذكئرى : نقيض النسيان ، وكذلك الذكرة. انتهى. قوله عليه‌السلام : والاسماء والصفات مخلوقات ههنا النسخ مختلفة ، ففي التوحيد «مخلوقات المعاني» أي معانيها اللغوية ومفهوماتها الكلية مخلوقة ، وفي الاحتجاج ليس لفظ المعاني أصلا ، وفي الكافي «والمعاني» بالعطف ، فالمراد بها إما مصداق مدلولاتها ، و يكون قوله : والمعني بها عطف تفسير له ، أوهي معطوفة على الاسماء أي والمعاني وهي حقائق مفهومات الصفات مخلوقة ، أو المراد بالاسماء الالفاظ وبالصفات ما وضع ألفاظها له ، وقوله : مخلوقات والمعاني خبران لقوله : الاسماء والصفات أي الاسماء مخلوقات والصفات هي المعاني.

وقوله : والمعني بها هو الله أي المقصود بها المذكور بالذكر ، ومصداق تلك المعاني المطلوب بها هو ذات الله ، والمراد بالاختلاف تكثر الافراد ، أو تكثر الصفات أو الاحوال المتغيرة ، أو اختلاف الاجزاء وتباينها بحسب الحقيقة أو الانفكاك والتحلل ، وبالايتلاف التركب من الاجزاء أو الاجزاء المتفقة الحقائق.

قوله عليه‌السلام : فإذا أفنى الله الاشياء استدلال على مغايرته تعالى للاسماء وهجاها وتقطيعها والمعاني الحاصلة منها في الاذهان من جهة النهاية كما أن المذكور سابقا كان

١٥٦

من جهة البداية ، والحاصل أن عمله تعالى ليس عين قولنا : «عالم» وليس اتصافه تعالى به متوقفا على التكلم بذلك ، وكذا الصور الذهنية ليست عين حقيقة ذاته وصفاته تعالى وليس اتصافه تعالى بالصفات متوقفا على حصول تلك الصور إذ بعد فناء الاشياء تفني تلك الامور مع بقائه تعالى متصفا بجميع الصفات الكمالية كما أن قبل حدوثها كان متصفا بها.

ثم اعلم أن المقصود مما ذكر في هذا الخبر وغيره من أخبار البابين هو نفي تعقل كنه ذاته وصفاته تعالى ، وبيان أن صفات المخلوقات مشوبة بأنواع العجز ، والله تعالى متصف بها معرى من جهات النقص والعجز كالسمع فإنه فينا هو العلم بالمسموعات بالحاسة المخصوصة ، ولما كان توقف علمنا على الحاسة لعجزنا ، وكان حصولها لنا من جهة تجسمنا وإمكاننا ونقصنا ، وأيضا ليس علمنا من ذاتنا لعجزنا ، وعلمنا حادث لحدوثنا ، وليس علمنا محيطا بحقائق ما نسمعه كما هي لقصورنا عن الاحاطة ، وكل هذه نقائص شابت ذلك الكمال فقد أثبتنا له تعالى ما هو الكمال وهو أصل العلم ، ونفينا عنه جميع تلك الجهات التي هي من سمات النقص والعجز ، ولما كان علمه تعالى غير متصور لنا بالكنه ، وأنا لما رأينا الجهل فينا نقصا نفيناه عنه فكأنا لم نتصور من علمه تعالى إلا عدم الجهل ، فاثباتنا العلم له تعالى إنما يرجع إلى نفي الجهل لانا لم نتصور علمه تعالى إلا بهذا الوجه ، وإذا تدبرت في ذلك حق التدبر وجدته نافيا لما يدعيه جماعة عن الاشتراك اللفطي في الوجود وسائر الصفات لامثبتا له وقد عرفت أن الاخبار الدالة على نفي التعطيل ينفي هذا القول ، وقد سبق تفسير بعض أجزاء الخبر فيما سبق فلا نعيده.

٢ ـ ج : عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن أسماء الله عز ذكره واشتقاقها فقلت : «الله» مما هو مشتق؟ قال : يا هشام «الله» مشتق من إله ، وإله يقتضي مألوها ، والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر (١) وعبد اثنين ، ومن عبد المعني دون الاسم فذلك التوحيد ،

___________________

(١) في التوحيد والكافى : فقد أشرك.

١٥٧

أفهمت يا هشام؟ قال : فقلت زدني فقال : «إن الله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الاسماء وكلها غيره ، يا هشام الخبز اسم للمأكول ، والماء اسم للمشروب ، والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتفاضل أعداءنا (١) والمتخذين مع الله عزوجل غيره؟ قلت : نعم. قال : فقال : نفعك الله به وثبتك. قال هشام : فو الله ما قهرني أحد في علم التوحيد حتى قمت مقامي هذا.

يد : ابن عصام ، والدقاق ، عن الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن النضر ، عن هشام مثله.

بيان : هذا الخبر يدل على أن لفظ الجلالة مشتق ، وقد سبق الكلام فيه في باب التوحيد ، وقوله : الله مشتق من إله إما اسم على فعال بمعنى المفعول أي المعبود أو غيره من المعاني التي تقدم ذكرها ، أو فعل بمعني عبد أو نحوه ، والظاهر أنه ليس المقصود أو لا الاستدلال على المغايرة بين الاسم والمسمى ، بل المعنى أن هذا اللفظ بجوهره يدل على وجود معبود يعبد. ثم بين أنه لا يجوز عبادة اللفظ بوجه ، ثم استدل على المغايرة بين الاسم والمسمى. ويحتمل أن يكون استدلالا بأن هذا اللفظ يدل على معنى والدال غير المدلول بديهة ، وعلى هذا يحتمل أن يكون ما يذكر بعد ذلك تحقيقا آخر لبيان ما يجب أن يقصد بالعبادة ، وأن يكون تتمة لهذا الدليل تكثيرا للايراد وإيضاحا لما يلزمهم من الفساد بأن يكون المعنى أن العقل لما حكم بالمغايرة فمن توهم الاتحاد إن جعل هذه الحروف معبودا بتوهم أن الذات عينها فلم يعبد شيئا أصيلا ، إذ ليس لهذه الاسماء بقاء واستمرار وجود إلا بتبعية النقوشش في الالواح أو الاذهان ، وإن جعل المعبود مجموع الاسم والمسمى فقد أشرك وعبد مع الله غيره ، وإن عبد الذات الخالص فهو

___________________

(١) تناضل القوم : تباروا وتسابقوا في النضال ، وتراموا للسبق ، والمراد هنا التسابق في الحجاج والجدل. وفى الكافى : تناقل أعداءنا قلت : ناقلته الحديث : حدثته وحدثنى. وناقل الشاعر الشاعر : ناقلة ، وفي التوحيد : تنافر أعداءنا والملحدين في الله والمشركين مع الله عزوجل غيره. قلت : نافره اى حاكمه ، ويقال : نافرته إلى القاضى فنفرنى عليه : أى حاكمته إلى القاضي فقضى لى عليه بالغلبة.

١٥٨

التوحيد ، وبطل الاتحاد بين الاسم والمسمى ، والاول أظهر. ويحتمل أن يكون المراد بالمألوه من له الاله ، كما يظهر من بعض الاخبار أنه يستعمل بهذا المعني كقوله عليه‌السلام : كان إلها إذ لامألوه ، وعالما إذ لامعلوم ، فالمعنى أن الاله يقتضي نسبة إلى غيره ولا يتحقق بدون الغير ، والمسمي لاحاجة له إلى غيره فالاسم غير المسمى.

ثم استدل عليه‌السلام على المغايرة بوجهين آخرين : الاول أن لله تعالى أسماءا متعددة فلو كان الاسم عين المسمى لزم تعدد الآلهة ، لبداهة مغايرة تلك الاسماء بعضها لبعض قوله : ولكن الله أي ذاته تعالى لاهذا الاسم. الثاني أن الخبز اسم لشئ يحكم عليه بأنه مأكول ، ومعلوم أن هذا اللفظ غير مأكول ، وكذا البواقي.

وقيل : إن المقصود من أول الخبر إلى آخره بيان المغايرة بين المفهومات العرضية التي هي موضوعات تلك الاسماء وذاته تعالى الذي هو مصداق تلك المفهومات ، فقوله عليه‌السلام : والاله يقتضي مألوها معناه أن هذا المعنى المصدري يقتضي أن يكون في الخارج موجود هو ذات المعبود الحقيقي ليدل على أن مفهوم الاسم غير المسمى ، والحق تعالى ذاته نفس الوجود الصرف بلامهية اخرى ، فجميع مفهومات الاسماء والصفات خارجة عنه فصدقها وحملها عليه ليس كصدق الذاتيات على الماهية ـ إذ الماهية له كلية ـ ولا كصدق العرضيات ـ إذ لاقيام لافرادها بذاته تعالى ـ ولكن ذاته تعالى بذاته الاحدية البسيطة مما ينتزع منه هذه المفهومات وتحمل عليه فالمفهومات كثيرة والجميع غيره فيلزم من عينية تلك المفهومات تعدد الآلهة. وقوله عليه‌السلام : الخبز اسم للمأكول حجة اخرى على ذلك فإن مفهوم المأكول اسم لما يصدق عليه كالخبز ، ومفهوم المشروب يصدق على الماء ، ومفهوم الملبوس على الثوب ، والمحرق على النار ، ثم إذا نظرت إلى كل من هذه المعاني في أنفسها وجدتها غير محكوم عليها بأحكامها فإن معنى المأكول غير مأكول إنما المأكول شئ آخر كالخبز ، وكذا البواقي ولايخفى مافيه.

٣ ـ يد ، مع ، ن : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيد الله ، عن محمد بن عبدالله ، وموسى بن عمرو ، والحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن محمد بن سنان قال سألت الرضا عليه‌السلام عن الاسم ما هو؟ قال : صفة لموصوف.

١٥٩

بيان : أي سمة وعلامة تدل على ذات فهي غير الذات ، أو المعنى أن أسماء الله تعالى تدل على صفات تصدق عليه ، ويحتمل أن يكون المراد بالاسم هنا ما أشرنا إليه سابقا أي المفهوم الكلي الذي هو موضوع اللفظ.

٤ ـ ج : سئل أبوالحسن علي بن محمد عليهما‌السلام عن التوحيد فقيل له : لم يزل الله وحده لا شئ معه ثم خلق الاشياء بديعا واختار لنفسه أحسن الاسماء أو لم تزل الاسماء والحروف معه قديمة؟ فكتب : لم يزل الله موجودا ، ثم كون ما أراد ، لاراد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، تاهب أوهام المتوهمين ، وقصر طرف الطارفين ، (١) وثلاشت أوصاف الواصفين ، واضمحلت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنه والوقوع بالبلوغ على علو مكانه فهو بالموضع الذي لايتناهى ، وبالمكان الذي لم تقع عليه الناعتون بإشارة (٢) ولا عبارة هيهات هيهات.

٥ ـ يد : الدقاق ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن علي بن العباس ، عن يزيد ابن عبدالله ، عن الحسن بن سعيد الخزار ، عن رجاله ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الله غاية من غياه فالمغيى غير الغاية ، توحد بالربوبية ووصف نفسه بغير محدودية فالذاكر الله غير الله ، والله غير أسماء ، وكل شئ وقع عليه اسم شئ سواه فهو مخلوق ، ألاترى قوله : العزة لله ، العظمة لله ، وقال : ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها : وقال : قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الاسماء الحسنى ، فالاسماء مضافة إليه وهو التوحيد الخالص.

بيان : استدل عليه‌السلام على المغايرة بين الاسم والمسمى بما اضيف إليه من الاسماء فإن الاضافة تدل على المغايرة بين الاسم والمسمى يقال : المال لريد ، ولا يقال : زيد لنفسه ، وقوله : العزة لله ، العظمة لله يومئ إلى أن المراد بالاسم المفهوم كما مر.

٦ ـ يد : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن اورمة ، عن علي بن الحسين بن محمد ، عن خالد بن يزيد(٣) عن عبدالاعلى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اسم الله غير الله

___________________

(١) وفى نسخة : وقصر طرف العارفين.

(٢) في الاحتجاج المطبوع : لم يقع عليه عيون باشارة إه.

(٣) في التوحيد المطبوع عن جابر بن يزيد.

١٦٠