قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفح الطّيب [ ج ٤ ]

339/430
*

لا يرام ، قد نصب خيامه بالبراح ، ولم يتّخذ سورا غير سمر القنا وبيض الصّفاح ، له من العزم ردء ومن الحزم كمين (١) : [الوافر]

إذا صدق الحسام ومنتضيه

فكلّ قرارة حصن حصين (٢)

وهو من القوم الذين لا يجورون على جار ، ولا يرحلون بخزية ولا يتركون من عار ، دينهم دين التقوى ، وإن كنت من ذلك في شكّ فأقدم علينا حتى يصحّ لك اختبار الذهب بالسّبك ، وأنت بالخيار في الظعن والإقامة ، فإن حللت نزلت خير منزل ، وإن رحلت ودّعت أفضل وداع ، وسرت في كنف السلامة ، إذ قد شهرنا بأنّا لا نقيّد إلّا بالإحسان ، وأن ندع لاختياره كل إنسان.

ومن حكايات أهل الأندلس في الجود والفضل ومكارم الأخلاق (٣) : أنّ أبا العرب الصقلي حضر مجلس المعتمد بن عباد ، فأدخلت عليه جملة من دنانير السّكّة ، فيمر له بخريطتين منها ، وبين يديه تصاوير عنبر من جملتها صورة جمل مرصّع بنفيس الدّرّ ، فقال أبو العرب : ما يحمل هذه الدنانير إلّا جمل ، فتبسّم المعتمد وأمر له به ، فقال : [البسيط]

أعطيتني جملا جونا شفعت به

حملا من الفضّة البيضاء لو حملا (٤)

نتاج جودك في أعطان مكرمة

لا قدّ تعرف من منع ولا عقلا (٥)

فاعجب لشأني فشأني كلّه عجب

رفّهتني فحملت الحمل والجملا

ومن نظم أبي العرب المذكور : [الطويل]

إلام اتّباعي للأماني الكواذب

وهذا طريق المجد بادي المذاهب

أهمّ ولي عزمان : عزم مشرّق

وآخر يثني همّتي للمغارب

ولا بدّ لي أن أسأل العيس حاجة

تشقّ على أخفافها والغوارب (٦)

إذا كان أصلي من تراب فكلّها

بلادي وكلّ العالمين أقاربي

وذكر الحافظ الحجاري في «المسهب» أنه سأل عمّه أبا محمد عبد الله بن إبراهيم (٧) عن

__________________

(١) في ب : «له من العزم ردء ، ومن الرأي كمين». وفي ه : «له من الحزم رداء ، ومن الرأي كمين».

(٢) منتضيه : اسم فاعل من انتضى. وانتضى السيف : أخرجه من غمده.

(٣) انظر بدائع البداءة ج ٢ ص ١٣٦.

(٤) في البدائع «أجديتني جملا».

(٥) في ج : «لا قد تصرّف من منع ولا عقلا».

(٦) العيس : النوق.

(٧) انظر ترجمته في المغرب ج ٢ ص ٣٤.