ما أحضر الغزو من صلاح |
|
كلّا ولا رغبة الجهاد |
لكن لكيما يكون داع |
|
لقربنا خيرة الجياد |
وقد تقدمت حكايته فلتراجع.
وكان صنوبري الأندلس أبو إسحاق بن خفاجة ، وهو من رجال الذخيرة والقلائد والمسهب والمطرب والمغرب ، وشهرته تغني عن الإطناب فيه ، مغرى بوصف الأنهار والأزهار وما يتعلّق بها (١) ، وأهل الأندلس يسمّونه الجنّان ، ومن أكثر من شيء عرف به ، وتوفي سنة ثلاث أو خمس وثلاثين وخمسمائة ، وولد سنة خمسين وأربعمائة ، ومن نظمه قوله (٢) : [الخفيف]
ربما استضحك الحباب حبيب |
|
نفضت لونها عليه المدام |
كلّما مرّ قاصرا من خطاه |
|
يتهادى كما تهادى الغمام (٣) |
سلّم الغصن والكثيب علينا |
|
فعلى الغصن والكثيب السلام |
وبات مع بعض الرؤساء فكاد ينطفئ السراج ثم تراجع نوره ، فقال : [الكامل]
وأغرّ ضاحك وجهه مصباحه |
|
فأنار ذا قمرا وذلك فرقدا |
ما إن خبا تلقاء نور جبينه |
|
حتى ذكا بذكائه فتوقّدا |
وله : [الطويل]
كتبت وقلبي في يديك أسير |
|
يقيم كما شاء الهوى ويسير |
وفي كلّ حين من هواك وأدمعي |
|
بكلّ مكان روضة وغدير |
وله : [البسيط]
كتابنا ولدينا البدر ندمان |
|
وعندنا أكؤس للراح شهبان |
والقضب مائسة والطير ساجعة |
|
والأرض كاسية والجوّ عريان |
ولمّا سئل أبو بكر محمد بن أحمد الأنصاري المعروف بالأبيض عن لغة فعجز عنها بمحضر من خجل منه أقسم أن يقيّد رجليه بقيد حديد ، ولا ينزعه حتى يحفظ «الغريب
__________________
(١) في ج : «وما يتعلق بهما».
(٢) ديوان ابن خفاجة ص ٢٢٣.
(٣) في ب ، ه ، وديوان ابن خفاجة ط صادر ببيروت «يتهادى كما يمرّ الغمام».