بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الخبر السابق.

٢١ ـ قرب الاسناد : عن أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن بكر بن محمد الازدي قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن وقت صلاة المغرب فقال : إذا غاب القرص ثم سألته عن وقت صلاة العشاء الاخرة ، قال إذا غاب الشفق ، قال وآية الشفق الحمرة ، قال : وقال بيده هكذا (١).

بيان : قال : بيده هكذا أي أشار بيده إلى ناحية المغرب ، واستعمال القول في الفعل شايع.

٢٢ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن صفوان الجمال : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت : إن معي شبه الكرش المنثور فاؤخر صلاة المغرب حتى عند غيبوبة الشفق ثم اصليهما جميعا يكون ذلك أرفق بي ، فقال : إذا غاب القرص فصل المغرب ، فانما أنت ومالك لله عزوجل (٢).

٢٣ ـ ومنه : عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن صفوان مثله (٣).

بيان : قال في القاموس : الكرش بالكسر وككتف لكل مجتره بمنزلة المعدة للانسان ، وعيال الرجل وصغار ولده ، والجماعة ، وفي الصحاح : وكرش الرجل أيضا عياله من صغار ولده ، يقال هم كرش منثورة أي صبيان صغار ، و تزوج فلان فلانة فنثرت له كرشها وبطنها ، إذا كثر ولدها له ، والكرش أيضا الجماعة من الناس انتهى ، والمراد هنا كثرة العيال أو كثرة الجمال ، كما يشهد به حاله وآخر الخبر أيضا ، والغرض أني لكثرة عيالي محتاج إلى العمل ، أو لكثرة جمالي وخوف انتشارها وتفرقها لا أقدر على تفريق الصلاتين ، فنهى عليه‌السلام عن تأخير المغرب لذلك ، وفيه دلالة ما على مرجوحية الجمع أيضا.

٢٤ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن العلوي ، عن جده علي بن

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٨ ط حجر ص ٢٦ ط نجف.

(٢) قرب الاسناد ص ٢٩ ط حجر ، ص ٤١ ط نجف.

(٣) قرب الاسناد ص ٦١ ط حجر ص ٨١ ط نجف.

٦١

جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن القوم يتحدثون حتى يذهب الثلث الاول من الليل وأكثر أيما أفضل؟ يصلون العشاء جماعة أو في غير جماعة؟ قال : يصلونها جماعة أفضل (١).

بيان : يدل على عدم خروج الوقت العشاء بمضى ثلث الليل.

٢٥ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن الميثم ، عن الحسين أبي العرندس قال : رأيت أبا الحسن موسى عليه‌السلام في المسجد الحرام في شهر رمضان وقد أتاه غلام له أسود بين ثوبين أبيضين ، ومعه قلة وقدح ، فحين قال المؤذن : الله أكبر صب له فنا وله وشرب (٢).

بيان : ظاهره دخول وقت المغرب بغيبوبة القرص إذا مؤذنهم يؤذن عند ذلك ، ونقل الراوي ذلك أيضا يدل عليه ، كما لا يخفى ، ويمكن حمله على التقية.

٢٦ ـ قرب الاسناد : عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : صليت المغرب مع أهل المدينة في المسجد ، فلما سلم الامام قمت فصليت أربع ركعات ثم صليت العتمة ركعتين ثم مضيت إلى أبي الحسن عليه‌السلام فدخلت عليه بعد ما أعتمت فقال لي صليت العتمة فقلت له : نعم ، قال : متى صليت؟ قلت : صليت المغرب وأمسيت بصلاتي معهم ، فلما سلم الامام قمت فصليت أربع ركعات ثم صليت العتمة ركعتين ، ثم أتيتك ، فأخذ في شئ آخر ولم يجبني ، فقلت له : إني فعلت هذا وهو عندي جايز ، فان لم يكن جايزا قمت الساعة فأعدت فأخذ في شئ آخر ولم يجبني (٣).

توضيح : قال في النهاية : حتى يعتموا أي يدخلوا في عتمة الليل وهي ظلمته ويقال : أعتم الشئ وعتمه إذا أخره ، وعتمت الجارية وأعتمت إذا تأخرت

__________________

(١) قرب الاسناد ص ١٢١ ط نجف.

(٢) قرب الاسناد ص ١٧٣ ط نجف.

(٣) قرب الاسناد ص ٢٢٩ ط نجف.

٦٢

وفي القاموس عتم عنه يعتم كف بعد المضي فيه ، كعتم وأعتم أو احتبس عن فعل شئ يريده ، والليل مر منه قطعة كأعتم فيهما ، وأعتم وعتم سار في العتمة انتهى ، والظاهر أن عدم الجواب للتقية في تصويب ذلك أو لعدم جرءة المخاطب بعد ذلك على ترك التقية.

٢٧ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن سعيد ، عن أحمد بن عبدالله القروي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن أشق على امتي لاخرت العشاء إلى نصف الليل (١).

بيان : قال : في النهاية : أي لولا أن أثقل عليهم من المشقة وهي الشدة انتهى ، ولولا يدل على انتفاء الشئ لثبوت غيره ، وتحقيقه أنها مركبة من لو ولا

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٩ ، ووجه الحديث ظاهر مما تلوناه عليك من أن صلاة العشاء وقتها المفروض من أول الليل إلى آخره مع رعاية الاول فالاول لقوله تعالى : ( زلفا ) لكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سن لها وقتا معينا وهو أول غيبوبة الشفق لعجلة الناس في النوم والخوف من فوات العشاء عنهم ، ولذلك قال : ( من نام قبل العشاء الاخرة فلا أنام الله عينه ).

ومعنى قوله (ص) ( لولا أن أشق ) أنه لولا ان أشق عليهم في السهر ( بأن لا يناموا إلى ثلث الليل فيصلوا العشاء الاخرة ثم ينامون أو ينامون ثم يستيقظون ثلث الليل لاداء الصلاة ) لفعلت ذلك وأخرت وقتها المسنون إلى ثلث الليل أو نصفه ، لوجود المصلحة في التفريق بين الصلوات المفروضة بساعات ، ولكنى لى أفعل ذلك.

فيكون مغزا هذا الكلام أن المسلم المتبع لسنته صلى‌الله‌عليه‌وآله يجب عليه أن يصلى العشاء الاخرة عند وقتها المسنون وهو ذهاب الشفق اقتداء به وتبعا لقوله تعالى : ( ولقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر ) وان أخرها عن وقتها المسنون ، وفات عنه الاخذ بالسنة فان أمكنه فليؤخرها إلى ثلث الليل ليدرك مراده صلى الله عليه وآله من المصالح.

٦٣

و ( لو ) يدل على انتفاء الشئ لانتفاء غيره ، فيدل ههنا على انتفاء التأخير لانتفاء نفي المشقة ، ونفي النفي إثبات ، فيكون التأخير منتفيا لثبوت المشقة ، والمشقة هيهنا ليست بثابتة ، فلابد من مقدر أي لولا خوف المشقة أو توقعها بسبب هذا الفعل لفعلت ، والخبر يدل على استحباب تأخير العشاءعن أول وقت الفضيلة ، وهو مناف لمامر من الاخبار الدالة على كون أول الوقت أفضل ، فيمكن تخصيصها به كما خصص بغيره ممامر.

ويمكن حمله على التقية لاشتهاره بين العامة كما رواه أحمد والترمذي وابن ماجة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن أشق على امتي لامرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه : وقال محيي السنة من فقهائهم : اختار أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم تأخير العشآء ، وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى تعجيلها ، لكن رووا التعجيل عن عمر كما ورد في أخبارنا معارضته النبي صلى الله عليه وآله في ذلك.

وقال في الذكرى بعد إيراد بعض الاخبار الدالة على استحباب التأخير : وظاهر الاصحاب عدم هذا الاسنحباب ، لمعارضة أخبار أفضلية أول الوقت صرح به في المبسوط وقال المرتضى ـ لما قال الناصر أفضل الاوقات أولها في الصلوات كلها : هذا صحيح وهو مذهب أصحابنا ، والدليل على صحته بعد الاجماع ما رواه ابن مسعود ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسأله عن أفضل الاعمال ، فقال : الصلاة في أول وقتها ، ومثله رواية ام فروة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولان في تقديمها احتياطا للفرض وفي التأخير تغريرا به ، لجواز المانع وحينئذ نقول : ما اختاره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاز أن يكون لعذر أو لبيان الجواز.

٢٨ ـ العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : وقت المغرب إذا اذهبت الحمرة من المشرق ، وتدري كيف ذلك؟ قلت : لا ، قال : لان المشرق مطل على المغرب ، هكذا ، ورفع

٦٤

يمينه قوق يساره ، فاذا غابت ههنا ذهب الحمرة من ههنا (١).

بيان أطل عليه أشرف ، ذكره في القاموس والمراد بالمشرق ما يقع عليه شعاع الشمس من كرة البخار في جانب المشرق ، وبالمغرب محل غروب الشمس من تحت الافق إذا بعد الانحطاط عن الافق بزمان تذهب الحمرة عن المشرق و إشرافه عليه ظاهر بهذا الوجه إذا أحدهما تحت الافق والاخر فوقه.

٢٩ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي اسامة الشحام قال : قال رجل لابي عبدالله عليه‌السلام اؤخر المغرب حتى تستبين النجوم؟ قال : فقال خطابية؟ إن جبرئيل نزل بها على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حين سقط القرص (٢).

اختيار الكشى : عن حمدويه وإبراهيم ابني نصير ، عن الحسين بن موسى عن ابن عبدالحميد مثله (٣).

بيان : خطابية أي بدعة ابتدعها أبوالخطاب ، وهو رجل غال ملعون على لسان الصادق عليه‌السلام اسمه محمد بن مقلاص ، وكان صاحب بدع وأهواء ، وسيأتي كيفية ابتداعه.

٣٠ ـ العلل : عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن محمد بن السندي ، عن علي بن الحكم رفعه عن أحدهما عليه‌السلام أنه سئل عن وقت المغرب فقال : إذا غابت كرسيها قال : وما كرسيها قال : قرصها قال : ومتى يغيب قرصها؟ قال : إذا نظرت إليه فلم تره (٤).

٣١ ـ ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن ليث ، عن أبي عبدالله

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٣٨.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٣٩.

(٣) رجال الكشى ص ٢٤٧.

(٤) علل الشرايع ج ٢ ص ٣٩.

٦٥

عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يؤثر على صلاة المغرب شيئا إذا غربت الشمس حتى يصليها (١).

٣٢ ـ ومنه : عن أبيه وابن الوليد معا عن محمد العطار ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : ملعون من أخر المغرب طلبا لفضلها (٩).

٣٣ ـ ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي المغرا عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا نوم الصبي وعيلة الضعيف لاخرت العتمة إلى ثلث الليل (٣).

٣٤ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : أول وقت المغرب سقوط القرص ، وعلامة سقوطه أن يسود افق المشرق ، وآخر وقتها غروب الشفق ، وهو أول وقت العتمة ، وسقوط الشفق ذهاب الحمرة ، وآخر وقت العتمة نصف الليل ، وهو زوال الليل (٤).

وقال في موضع آخر : وقت المغرب سقوط القرص إلى مغيب الشفق ، و وقت العشاء الاخرة الفراغ من المغرب ، ثم إلى ربع الليل ، وقد رخص للعليل والمسافر فيهما إلى انتصاف الليل وللمضطر إلى قبل طلوع الفجر ، والدليل على غروب الشمس ذهاب الحمرة من جانب المشرق ، وفي الغيم سواد المحاجر ، وقد كثرت الروايات في وقت المغرب ، وسقوط القرص ، والعمل من ذلك على سواد المشرق إلى حد الرأس (٥).

____________________

(١ ـ ٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٣٩.

(٣) علل الشرايع ج ٢ ص ٥٦.

(٤) فقه الرضا : ٢.

(٥) فقه الرضا : ٧.

٦٦

بيان : في القاموس المحجر كمجلس ومنبر الحديقة ، ومن العين ما داربها وبدا من البرقع ، أو ما يظهر من نقابها ، وعمامته إذا اعتم وما حول القرية.

٣٥ ـ السرائر : مما استطرفه من كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الفضيل ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) (١) قال : دلوك الشمس زوالها وغسق الليل انتصافها وقرآن الفجر ركعتا الفجر (٢).

٣٦ ـ ومنه : من كتاب البزنطي ، عن علي ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : قال : أخر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العشاء الاخرة ليلة من الليالي حتى ذهب من الليل ما شاء الله ، فجاء عمر يدق الباب فقال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نامت النساء ، ونامت الصبيان ، وذهب الليل ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : ليس لكم أن تؤذوني ولا تأمروني إنما عليكم أن تسمعوا وتطيعوا (٣).

اربعين الشهيد : باسناده إلى الصدوق ، عن والده ، عن سعد بن عبدالله ، عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان ، عنه عليه‌السلام مثله.

٣٧ ـ السرائر : من كتاب السياري ، عن محمد بن سنان ، عن رجل سماه عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله تعالى : ( وأتموا الصيام إلى الليل ) (٤) قال : سقوط الشفق (٥).

٣٨ ـ ومنه : من كتاب المسائل برواية أحمد بن محمد بن عياش الجوهري و رواية عبدالله بن جعفر الحميري عن مسائل علي بن الريان قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام : رجل يكون في الدار يمنعه حيطانها من النظر إلى حمرة المغرب

____________________

(١) أسرى : ٧٨.

(٢) السرائر : ٤٦٥.

(٣) السرائر ص ٤٦٥ ، وتراه في التهذيب ج ١ ص ١٤١.

(٤) البقرة : ١٧٨.

(٥) السرائر : ٤٦٨.

٦٧

ومعرفة مغيب الشفق ووقت صلاة العشاء ، متى يصليها وكيف يصنع؟ فوقع عليه‌السلام يصليها إذا كانت على هذه الصفة عن اشتباك النجوم ، والمغرب عند قصر النجوم ، وبياض مغيب الشفق (١)

بيان : في التهذيب (٢) بعد نقل الرواية قال محمد بن الحسن : معنى قصر النجوم بيانها ، وفي الكافي (٣) قصرة النجوم بيانها ، وفي بعض نسخه نضرة النجوم في الموضعين ، وفي القاموس القصر اختلاط الظلام ، وقصر الطعام قصورا نما وغلا ونقص ورخص ، وفي مصباح اللغة : قصرت الثوب بيضته ، فلعل ما ذكراه إما مأخوذ من المعنى الاخير أو من النمو.

ثم اعلم أن نسخ الحديث في لفظ الخبر مختلفة ففي الكافي ( يصليها إذا كان على هذه الصفة عند قصرة النجوم ، والمغرب عند اشتباكها وبياض مغيب الشفق ) وفي التهذيب ( يصليها إذا كان على هذه الصفة عن قصر النجوم ، والعشاء عند اشتباكها وبياض مغيب الشمس ) وهو أصوب مما في الكتابين ، وأوفق بساير الاخبار كما لا يخفى.

٣٩ ـ العياشى : عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) (٤) قال : إن الله افترض أربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل ، منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروبها إلا أن هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلا أن هذه قبل هذه (٥).

٤٠ ـ ومنه ، عن أبي هاشم الخادم ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام قال : ما

____________________

(١) السرائر : ٤٧١.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢١٠.

(٣) الكافى ج ٣ ص ٢٨١.

(٤) أسرى : ٧٨.

(٥) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٠.

٦٨

بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق غسق (١).

بيان : هذا معنى آخر للغسق وتأويل آخر للاية ، فتكون الاية متضمنة لاربع صلوات أو ثلاث صلوات أو صلاتين ، ويحتمل أن يكون المراد بالشفق أعم من الحمرة والبياض ، فيكون إشارة إلى وقت الفضل للعشائين والظاهر أنه اشتباه من النساخ أؤ من الرواة.

٤١ ـ العياشى : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام عن قوله : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) قال : جمعت الصلاة كلهن ، ودلوك الشمس زوالها ، وغسق الليل انتصافه ، وقال : إنه ينادي مناد من السماء كل ليلة إذا انتصف الليل : ( من رقد عن صلاة العشاء إلى هذه الساعة فلا نامت عيناه ) (٢).

٤٢ ـ اختيار الرجال للكشى : عن محمد بن مسعود ، عن ابن المغيرة ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قال : يعني أبا عبدالله عليه‌السلام إن أبا الخطاب كذب علي وقال : إني أمرته أن لا يصلي هو وأصحابه المغرب حتى يروا كوكب كذا يقال : له القنداني ، والله إن ذلك لكوكب ما أعرفه (٣).

بيان : أي ما أعرفه بهذا الوصف أو بهذا الاسم ، ولعله كان كوكبا خفيا لايظهر إلا بعد اشتباك النجوم كالسهى (٤).

٤٣ ـ الاختيار : عن محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن عن معمر بن خلاد قال : قال : أبوالحسن عليه‌السلام : إن أبا الخطاب أفسد أهل الكوفة فصاروا لا يصلون المغرب حتى يغيب الشفق ، ولم يكن ذلك ، إنما ذلك للمسافر

____________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٠.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ : ٣٠٩ في حديث.

(٣) رجال الكشى ص ١٩٨.

(٤) السها والسهى ـ بالالف والياء ـ كوكب صغير من بنات نعش الصغرى.

٦٩

وصاحب العلة (١).

أقول : قد سبق خبر محمد بن أبي بكر وغيره في الابواب الماضية مما تضمن وقت الصلاتين.

٤٤ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليه وعليهم‌السلام أن أول وقت المغرب غياب الشمس وهو أن يتوارى القرص في افق المغرب ، لغير مانع من حاجز يحجز دون الافق مثل جبل أو حائط أو غير ذلك ، فاذا غاب القرص فذلك اول وقت صلاة المغرب ، وإن حال حائل دون الافق فعلامته أن يسود افق المشرق وكذلك قال جعفر بن محمد عليه‌السلام (٢).

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إذا أقبل الليل من ههنا وأومأ إلى جهة المشرق (٣).

وسمع أبوالخطاب أبا عبدالله عليه‌السلام وهو يقول : إذا سقطت الحمرة من ههنا وأومأ بيده إلى المشرق ، فذلك وقت المغرب ، فقال أبوالخطاب لاصحابه : لما أحدث ما أحدثه ، وقت صلاة المغرب ذهاب الحمرة من افق المغرب ، فلا تصلوها حتى تشتبك النجوم وروى ذلك لهم عن أبي عبدالله عليه‌السلام فبلغه عليه‌السلام ذلك فلعن أبا الخطاب وقال : من ترك صلاة المغرب عامدا إلى اشتباك النجوم فأنا منه برئ.

وروينا عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أول وقت العشاء الاخرة غياب الشفق والشفق الحمرة التي تكون في افق المغرب بعد غروب الشمس ، وآخر وقتها أن ينتصف الليل (٤).

بيان : ما ذكره من حمل أخبار ذهاب الحمرة على صورة الاشتباه وعدم السبيل إلى تيقن استتار القرص وجه جمع بين الاخبار ، اختاره المؤلف ، ولعل

____________________

(١) رجال الكشى : ٢٤٩.

(٢ ـ ٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٣٨.

(٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٣٩.

٧٠

الحمل على الاستحباب أحسن.

٤٥ ـ المجازات النبوية : سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل من جهينة متى تصلي العشاء الاخرة؟ فقال : إذا ملا الليل بطن كل واد.

قال السيد رضوان الله عليه : هذا مجاز لان الليل على الحقيقة لا تمتلئ به بطون الاودية كما تمتلئ بطون الاوعية ، وإنما المراد إذا شمل ظل الليل البلاد ، وطبق النجادو الوهاد ، فصار كأنه سداد لكل شعب ، وصمام لكل نقب (١).

____________________

(١) المجازات النبوية : ٢٧٨ والنجاد ـ بكسر النون ـ جمع نجد وهو ما أشرف وارتفع من الارض خلاف الوهاد جمع وهد وهو ما انخفض من الارض ، والشعب كالنقب الطريق في الجبل ومسيل الماء بين الجبلين ، والسداد والصمام بمعنى كالذى يسد فم القارورة ويصمها.

٧١

٩

* ( باب ) *

* ( وقت صلاة الفجر ونافلتها ) *

١ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبدالرحمن بن سالم عن إسحاق بن عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر ، قال : مع طلوع الفجر إن الله تبارك وتعالى يقول : ( إن قرآن الفجر كان مشهودا ) يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار ، فاذا صلى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر اثبتت له مرتين : أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار (١).

ثواب الاعمال : عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن ابن موسى الخشاب ، عن عبدالله بن جبلة ، غياث بن كلوب عن إسحاق مثله (٢).

٢ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : أول وقت الفجر اعتراض الفجر في افق المشرق ، وهو بياض كبياض النهار وآخر وقت الفجر أن تبدو الحمرة في افق المغرب ، وقد رخص للعليل والمسافر والمضطر إلى قبل طلوع الشمس (٣).

٣ ـ مجالس الشيخ : عن الحسين بن عبيدالله الغضايري ، عن هارون بن موسى التلعكبري ، عن محمد بن همام ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن زريق الخلقاني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه كان يصلي الغداة بغلس عن طلوع الفجر الصادق أول ما يبدو ، قبل أن يستعرض ، وكان يقول :

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٥.

(٢) ثواب الاعمال ص ٣٣. وقد عرفت وجه الحديث خصوصا قوله عليه‌السلام : ( مع طلوع الفجر ) ص ٣٢١ من ج ٨٢ باب أوقات الصلوات.

(٣) فقه الرضا ص ٢.

٧٢

( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) إن ملائكة الليل تصعد وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر ، فأنا احب أن تشهد ملائكة الليل وملائكة النهار صلاتي وكان يصلي المغرب عند سقوط القرص قبل أن تظهر النجوم (١).

وقال عليه‌السلام : إذا طلع الفجر فلا نافلة (٢).

بيان : ( قبل أن يستعرض ) أي قبل أن يعترض وينتشر كثيرا للتقييد بالصادق قبله ، ثم اعلم أنه لا خلاف في أن أول وقت فريضة الفجر الصبح الصادق ، و هو البياض المنتشر في الافق عرضا ، لا الكاذب الشبيه بذنب السرحان ، ونقل المحقق والعلامة عليه إجماع أهل العلم ، والمشهور بين الاصحاب أن آخره طلوع الشمس ، وقال ابن عقيل : آخره للمختار طلوع الحمرة المشرقية ، و للمضطر طلوع الشمس واختاره الشيخ في المبسوط وابن حمزة وقال في الخلاف : وقت المختار إلى أن يسفر الصبح ، وهو قريب من مذهب ابن أبي عقيل ، والاول أقوى ، والاقوال المتقاربة الاخرى أحوط.

وأما نافلة الفجر فالمشهور أن وقتها بعد طلوع الفجر الاول ولمن يصلي صلاة الليل أن يأتي بها بعد الفراغ منها ، بل هو أفضل وقال الصدوق : كلما قرب من الفجر كان أفضل ، وفي المعتبر أن تأخيرها حتى تطلع الفجر الاول أفضل والمشهور أن آخر وقتها طلوع الحمرة المشرقية ، قال ابن الجنيد على ما نقل عنه : وقت صلاة الليل والوتر والركعتين من حين انتصاف الليل إلى طلوع الفجر على الترتيب ، وهو ظاهر احتيار الشيخ في كتابي الاخبار ، ويدل عليه هذا الخبر وأخبار اخر ، ويمكن حمل أخبار الجواز على التقية أو أخبار التقديم على الافضلية والاحوط التقديم ، وإن كان الجواز أقوى في الجملة.

أقول : قد سبق وصية محمد بن أبي بكر في باب أوقات الصلوات ، وخبر الزهري في باب وقت العشائين وغيرهما في غيرهما مما يستنبط منه أحكام هذا الباب.

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٣٠٦.

(٢) المصدر ج ٢ س ٣٠٧. في حديث

٧٣

٤ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : وقت صلاة ركعتي الفجر بعد الفجر (١).

وعن عليه‌السلام أيضا قال : لا بأس أن تصليها قبل الفجر (٢).

وعنه عليه‌السلام قال : أول وقت صلاة الفجر اعتراض الفجر في افق المشرق وآخر وقتها أن يحمر افق المغرب ، وذلك قبل أن يبدو قرن الشمس من افق المشرق بشي ء ، ولاينبغي تأخيره إلى هذا الوقت لغير عذر ، وأول الوقت أفضل (٣).

بيان : اعتبار احمرار المغرب غريب ، وقد جرب أنه إذا وصلت الحمرة إلى افق المغرب يطلع قرن الشمس.

٥ ـ الهداية : قال الصادق عليه‌السلام حين سئل عن وقت الصبح فقال : حين يعترض الفجر ويضئ حسنا (٤).

٦ ـ كتاب العروس : باسناده عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : صل صلاة الغداة إذا طلع الفجر وأضاء حسنا ، وصل صلاة الغداة يوم الجمعة إذا طلع الفجر في أول وقتها.

١٠

* ( باب ) *

* ( تحقيق منتصف الليل ومنتهاه ) *

* ( ومفتتح النهار شرعا وعرفا ولغة ومعناه ) *

اعلم أن بعض أصحابنا في زماننا جد دوا النزاع القديم الذي كان في بعض الازمان السابقة واضمحل لوضوح الحق فيه واتقق الخاص والعام فيه على أمر واحد ، وهو الخلاف في معنى الليل والنهار شرعا ، وعرفا بل لغة : هل ابتداء النهار من طلوع الفجر أو طلوع الشمس ، وعندنا أنه لا يفهم في عرف الشرع ولافي العرف العام ولا بحسب اللغة من اليوم أو النهار إلا ما هو من ابتداء طلوع الفجر ولم يخالف في ذلك إلا شرذمة قليلة قد انقرضوا.

____________________

(١ ـ ٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٣٩.

(٤) الهداية : ٣٠.

٧٤

نعم بعض أهل الحرف والصناعات لما كان ابتداء عملهم من طلوع الشمس قد يطلقون اليوم عليه وبعض أهل اللغة لما رأوا هذا الاصطلاح ذكروه في كتب اللغة ، ويحتمل أن يكون كلاهما بحسب اللغة حقيقة ، وكذا المنجمون قد يطلقون اليوم على ما بين الطلوع إلى الغروب ، وعلى ما بين الطلوع إلى الطلوع وعلى ما بين الغروب إلى الغروب ، وعلى ما بين الزوال إلى الزوال ، وكذا النهار على المعنى الاول ، والليل على ما بين غروب الشمس إلى طلوعها.

لكن لا ينبغي أن يستريب عارف بقواعد الشريعة وإطلاقاتها في أنه لا يتبادر فيها مع عدم القرينة من النهار إلا ماهو مبتدأ من طلوع الفجر ، وكذا اليوم بأحد المعنيين ، وقد يطلق اليوم على مجموع الليل والنهار ، ولا يتبادر من الليل إلا ما هو مختتم بالفجر ، وأما انتهاء النهار واليوم وابتداء الليل فهو إما غيبوبة القرص أو ذهاب الحمرة المشرقية كما عرفت.

ولنذكر بعض كلمات أهل اللغة والمفسرين والفقهاء من الخاصة والعامة ثم لنشر إلى بعض الايات والاخبار الدالة على هذا المطلب ، لا راءة الطالبين للحق سبيل التحقيق ، فان استيفاء جميع الدلائل والبراهين ، والتعرض لما استدل به بعض أفاضل المعاصرين لا يناسب هذا الكتاب ، وفي بالي إن ساعدني التوفيق أن أفرد لذلك رسالة تتضمن أكثر ما يتعلّق بهذا المرام ، والله الموفق والمعين.

فأما كلمات القوم فقال الشيخ الطبرسي ـ رحمه الله ـ في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى : ( وإذوا عدنا موسى أربعين ليلة ) (١) الليلة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني واليوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، ولم يذكر لهما معنى آخر (٢).

وقال رحمه الله في تفسير قوله تعالى. ( وسخرلكم الليل والنهار ) (٣)

____________________

(١) البقرة : ٥١.

(٢) مجمع البيان ج ١ ص ١٠٨.

(٣) النحل : ١٢.

٧٥

التسخير في الحقيقة للشمس والقمر ، لان النهار هو حركات الشمس من وقت طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، والليل حركات الشمس تحت الارض من وقت غروب الشمس إلى وقت طلوع الفجر ، إلا أنه سبحانه أجرى التسخير على الليل والنهار ، على سبيل التجوز والاتساع (١).

وقال في قوله تعالى : ( والنهار مبصرا ) (٢) أي وجعل لكم النهار وهو مابين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس مضيئا تبصرون فيه لمواضع حاجاتكم (٣).

وقال في نقل الاقوال في الصلاة الوسطى : وثانيها أنها صلاة العصر ونسبه وصلاتي الليل ، وذكر ذلك أكثر المفسرين والعلماء من الفريقين (٤).

وقال ابن البراج في جواهر الفقه : صلاة الصبح من صلاة النهار لقوله تعالى ( أقم الصلوة طرفي النهار ) (٥) ولا خلاف في أن المراد بذلك صلاة الفجر والعصر ولما كانت صلاة الفجر وتقام بعد طلوع الفجر إلى قبل طلوع الشمس ، كان ذلك دالا على أن هذا الوقت طرف النهار ، لان إجماع الطائفة عليه أيضا.

وقال الشيخ في الخلاف : الفجر الثاني هو أول النهار وآخر الليل ، فينفصل به الليل من النهار ، وتحل به الصلاة ويحرم به الطعام والشراب على الصائم ، وتكون صلاة الصبح من صلاة النهار ، وبه قال عامة أهل العلم ، وذهبت طائفة إلى أن مابين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ليس من النهار ولا من الليل ، بل هو زمان منفصل عنهما ، وذهبت طائفة إلى أن أول النهار هو طلوع الشمس ، وما قبل ذلك من الليل ، فتكون صلاة الصبح من صلاة الليل ، ولا يحرم الطعام و

____________________

(١) مجمع البيان ج ٦ ص ٣٥٣.

(٢) غافر : ٦١.

(٣) مجمع البيان ج ٨ ص ٥٣٠.

(٤) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٤٣.

(٥) هود : ١١٤.

٧٦

الشراب على الصائم إلى طلوع الشمس ذهب إليه الاعمش وغيره. وروي ذلك عن حذيفة.

دليلنا على فساد قول الفرقة الاولى قوله تعالى : ( يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل ) (١) وهذا ينفي أن يكون بينهما فاصل ، ويدل على فساد قول الاعمش قوله تعالى : ( أقم الصلوة طرفي النهار ) ولم يختلفوا أن المراد بذلك صلاة الصبح والعصر ، فلما كانت صلاة الصبح تقام بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس ، دل ذلك على أن الوقت طرف النهار ، وعنده أنه من الليل ، وأيضا أجمعت الفرقة المحقة على تحريم الاكل والشرب بعد طلوع الفجر الثاني ، وقد بينا أن ذلك حجة ، على أن هذا الخلاف قد انقرض وأجمع المسلمون ، فلو كان صحيحا لما انقرض.

وقال العلامة نور الله مرقده في المنتهى : روى الشيخ في الصحيح عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : قبل الفجر ، إنهما من صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل أتريد أن تقايس؟ لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع؟ إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة (٢).

ثم قال : وفي هذا الحديث فوائد : أحدها الحكم بأنهما قبل الفجر ، وثانيها أنهما وإن كانا قبل الفجر فانهما يسميان بركعتي الفجر ، وذلك من باب التجوز تسمية للشئ باسم مايقاربه ، وثالثها الحكم بأنهما من صلاة الليل ، ورابعها تعليل أنهما قبل الفجر بأنهما من صلاة الليل وذلك يدل على أن ما بعد الفجر ليس من الليل خلافا للاعمش وغيره ولحذيفة على ما روي عنه حيث ذهبوا إلى أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من الليل وأن صلاة الصبح من صلاة الليل ، وأنه يباح للصائم الاكل والشرب إلى طلوع الشمس ، ويزيده فسادا قوله تعالى : ( أقم

____________________

(١) الحج : ٦١.

(٢) رواه في التهذيب ج ١ ض ١٧٣.

٧٧

الصلاة طرفي النهار ) واتفق المفسرون على أن المراد بذلك صلاة الصبح والعصر إلى آخر ماقال.

وقال ره في كتاب الاعتكاف : لاتدخل الليالي في الاعتكاف بل ليلتان من كل ثلاث ، ثم أجاب عن حجة المخالف بأن اسم اليوم حقيقة لما بين الفجر إلى الغروب ، والليلة ما عدا ذلك ، فلا يتناولها إلا مع القرينة ، ومع تجرد اللفظ عنها يحمل على حقيقته.

ثم قال في سياق كلامه : فمن نذر اعتكاف يوم فانه يلزمه الدخول فيه قبل طلوع فجره ، ونحو هذا قال المحقق قدس سره في المعتبر ، وغيره من الاصحاب.

وقال ابن إدريس قدس سره في السرائر : تراوح على نزحها أربعة رجال من أول النهار إلى آخره ، وأول النهار حين يحرم على الصيام الاكل والشرب ، وآخره حين يحل له الافطار ، وقد يوجد في كتب بعض أصحابنا ( من الغدوة إلى العشية ) وليس في ذلك ماينا في ما ذكرناه ، لان الغدوة والغداة عبارة عن أول النهار بغير خلاف بين أهل اللغة العربية ، وقال في وقوف المشعر : وقته من طلوع الفجر من يوم النحر إلى طلوع الشمس من ذلك اليوم.

وقال المفيد في المقنعة : من حصل بعرفات قبل طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدركها ، وقال ابن أبي عقيل على ما نقل عنه حين عد النوافل : وثماني عشر ركعة بالليل ، منها أربع ركعات بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء الاخرة من جلوس تعد ان ركعة ، وثلاث عشر ركعة من انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الثاني منها ثلاث ركعات الوتر.

وقال المفيد ـ ره ـ إذا كان يوم العيد بعد طلوع الفجر اغتسلت إلى آخر ماقال.

وقال السيد المرتضى ـ ره ـ في احتجاج أن الصلاة الوسطى صلاة العصر : لانها وسط بين الصبح والظهر ، وهما صلاة النهار وبين المغرب والعشاء ، وهما صلاة الليل.

٧٨

وقال ابن الجنيد على ما نقل عنه : وقت صلاة الليل والوتر والركعتين من حين انتصاف الليل إلى طلوع الفجر على الترتيب ، ولا أستحب صلاة الركعتين قبل سدس الليل من آخره ، وقال في الفطرة : أول وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم الفطر ، وقال السيد في الجمل : وقت وجوب هذه الصدقة طلوع الفجر من يوم الفطر ، وقال أبوالصلاح : وقت الوقوف بعرفة للمختار من زوال الشمس يوم التاسع إلى غروبها وللمضطر إلى طلوع الفجر يوم النحر.

وقال المفيد : من لم يتمكن من صلاة الليل في آخره فليترك صلاة الليلة ثم ليقضها في أول الليلة الثانية ، والمسافر إذا خاف أن يغلبه النوم ولايقوم في آخر الليل فليقدم صلاة ليلته في أولها ، وقال وقت وجوب الفطرة : يوم العيد بعد الفجر منه ، وقال إذا أصبح يوم النحر فليصل الفجر ، وقال في التكبيرات ، وآخرها الغداة من يوم الرابع.

وقال البغوي في شرح السنة في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من صلى البردين دخل الجنة : أنه أراد بالبردين صلاة الفجر والعصر ، لكونهما في طرفي النهار ، والبردان الغداة والعشي.

وقال الشهيد روح الله روحه في الذكرى : صلاة الصبح من صلاة النهار عند الكل إلا أبا محمد الاعمش ، إذ حكي عنه أنها من صلاة الليل بناء على أن أول النهار طلوع الشمس حتى للصوم فيجوز الاكل والشرب إلى طلوع الشمس عنده.

قال في الخلاف : وروي ذلك عن حذيفة لقوله تعالى ( وجعلنا آية النهار مبصرة ) (١) وآية النهار الشمس ، ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة النهار عجماء ، وجوابه منع أن الاية الشمس بل نفس الليل والنهار آيتان ، وهو من إضافة التبيين كاضافة العدد إلى المعدود ، سلمنا أنها الشمس ، ولكن علامة الشئ قد تتأخر حتى تكون بعد دخوله ، سلمنا أن الشمس علامة النهار وأنها متقدمة لكن الضياء الحاصل من أول الفجر عن الشمس طالعة ، وفي الحقيقة هي طالعة وإن تأخر رؤية جرمها

____________________

(١) أسرى : ١٢.

٧٩

ولهذا اختلفت أوقات المطالع بحسب الاقاليم ، وأما الخبر فقد نسبه الدار قطني إلى الفقهاء ، ويحمل على معظم صلاة النهار ، ويعارض باستقرار الاجماع على خلافه وبقوله تعلى ( أقم الصلوة طرفي النهار ) قال الشيخ : ولم يختلفوا أن المراد بذلك صلاة الصبح وصلاة العصر.

وقال ـ ره ـ : في بعض بحث القراءة ، وذكر بعض العامة ضابطا للجهر والاخفاف ، وتبعهم عليه بعض الاصحاب كذلك وهو أن كل صلاة تختص بالنهار ولا نظير لها بالليل فجهر كالصبح ، والعلامة ـ ره ـ في التذكرة قال صلاة صبح من صلوات النهار لان أول النهار طلوع الفجر الثاني عند عامة أهل العلم ، لان الاجماع على أن الصوم إنما يجب بالنهار ، والنص دل على تحريم الاكل والشرب بعد طلوع الفجر ، ثم ذكر قول الاعمش ودلائله كما مر إلى قوله : وقول امية ابن الصلت.

والشمس تطلع كل آخر ليلة

حمراء يبصر لونها يتوقد

 ثم قال : وأما الشعر فحكى الخليل أن النهار هو الضياء الذي بين طلوع الفجر وغروب الشمس ، وسمي طلوع الشمس في آخر كل ليلة لمقارنتها لذلك وقال في تعليل كون الصلاة الوسطى هي الظهر بأنها وسط صلوات النهار وقال الشهيد الثاني ـ ره ـ وغيره في مسألة التراوح : واليوم من طلوع الفجر إلى الغروب.

وذكر أكثر الاصحاب كالمحقق في المعتبر ، والعلامة في المنتهى ، والشهيد الثاني وسبطه قدس الله أرواحهم في تعليل أن غسل الجمعة وقته ما بين طلوع الفجر إلى زوال الشمس بأن الغسل وقع مضافا إلى اليوم ، وهو يتحقق بطلوع الفجر ، وكذا في غسل العيدين وعرفة وغيرها مما علق باليوم ، وهم كانوا أهل اللسان ، عارفين باللغة والاصطلاح والعرف.

وفي الشرايع وغيره من كتب الفقه في المبيت عند الزوجة : ويختص الوجوب بالليل دون النهار ، وقيل يكون عندها في ليلتها ، ويظل عندها في صبيحتها وهو

٨٠