بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

أقول : ويمكن المناقشة فيه بوجوه لو تعرضنالها ، خرجنا عما هو مقصودنا في هذا الكتاب ، وبالجملة الحكم بالبطلان أحوط وأولى ، وإن كان إثباته في غاية الاشكال.

فائدة

اعلم أنهم ذكروا أنه لابد في مكان المصلي من كونه مملوكا عينا أو منفعة كالمستأجر والموصى للمصلي بمنفعته والمعمر والمستعار ، أو مأذونا فيه صريحا بأن يقال صل في هذا المكان ، أو فحوى كادخال الضيف منزله ، كذا أطلق الاصحاب ولو فرض وجود الا مارات على كراهة المالك للصلاة فيه بسبب من الاسباب كمخالفته له في الاعتقاد مثلا ، لم يبعد عدم الجواز ، أو بشاهد الحال : وفسر بما إذا كان هناك أمارة تشهد بأن المالك لا يكره وظاهر ذلك أنه يكفي الظن برضا المالك وظاهر كثير من عبارات الاصحاب اعتبار العلم برضاه ، والاول أنسب وأوفق بعمومات الاخبار السالفة ، واعتبار العلم ينفي فائدة هذا الحكم إذ قلما يتحقق ذلك في مادة.

بل الظاهر جواز الصلاة في كل موضع لم يتضرر المالك بالكون فيه ، و كان المتعارف بين الناس عدم المضايقة في أمثاله ، وإن فرضنا عدم العلم برضا المالك هناك على الخصوص بسبب من الاسباب نعم لو ظهرت كراهة المالك لامارة لم تجز الصلاة فيه مطلقا.

وبالجملة الظاهر أنه لا خلاف بين الاصحاب في جواز الصلاة في الصحاري والبساتين إذا لم يتضرر المالك بها ، ولم تكن أمارة تشهد بعدم الرضا ، وإن لم يأذن المالك صريحا أو فحوى ، وفي حكم الصحارى الاماكن المأذون في غشيانها على وجه مخصوص إذا اتصف به المصلي كالحمامات والخانات والارحية وغيرها ، ولا يقدح في الجواز كون الصحراء لمولى عليه بشهادة الحال ولو من الولي.

قال في الذكرى : ولو علم أنها لمولى عليه ، فالظاهر الجواز لاطلاق الاصحاب ، وعدم تخيل ضرر لا حق به ، فهو كالاستظلال بحائطه ، ولو فرض ضرر

٢٨١

امتنع منه ومن غيره ، ووجه المنع أن الاستناد إلى أن المالك أذن بشاهد الحال والمالك هنا ليس أهلا للاذن ، إلا أن يقال : إن الولي أذن هنا ، والطفل لابد له من ولى انتهى ، والعمدة عندى الاستدلال بعموم الاخبار السالفة إذ لم يخرج تلك الافراد منها بدليل.

تتمة

اعلم أن المشهور بين الاصحاب أنه لا فرق في عدم جواز الصلاة في الملك المغصوب بين الغاصب وغيره ممن علم الغصب ، وجوز المرتضى والشيخ أبوالفتح الكراجكى الصلاة في الصحاري المغصوبة استصحابا لما كانت عليه قبل الغصب ، وهو غير بعيد ، ولو صلى المالك في المكان المغصوب صحت صلاته ، ونقل الاجماع عليه إلا من الزيدية ، ولو أذن المالك للغاصب أو لغيره في الصلاة صحت الارتفاع المانع ، وقال الشيخ في المبسوط : لو صلى في مكان مغصوب مع الاختيار لم تجز الصلاة فيه ، ولا فرق بين أن يكون هو الغاصب أو غيره ممن أذن له في الصلاة ، لانه إذا كان الاصل مغصوبا لم تجز الصلاة فيه انتهى والظاهر أن مراده بالاذن الغاصب وإن كان الوهم لا يذهب إلى تأثير إذنه في الصحة ، إذ يمكن أن يكون الاشتراط مبنيا على العرف ، وأن الغالب أنه لا يتمكن الغير من الصلاة فيه ، إلا باذن الغاصب الغالب.

وحمله على إرادة المالك كما هو ظاهر المعتبر بعيد جدا ، إذ لا جهة للبطلان حينئذ ووجهه في الذكرى بأن المالك لمالم يكن متمكنا من التصرف فيه لم يفد إذنه الاباحة ، كما لو باعه ، فانه باطل ، ولا يجوز للمشتري التصرف فيه ، وفيه نظر لمنع الاصل وبطلان القياس ، فلا يتم الحكم في الفرع ، وفي الذكرى أيضا ويجوز أن يقرء اذن بصيغة المجهول ، ويراد به الاذن المطلق المستند إلى شاهد الحال ، فان طريان الغصب يمنع استصحابه كما صرح به ابن إدريس ، ويكون فيه التنبيه على مخالفة المرتضى ره وتعليل الشيخ مشعر بهذا انتهى ، وفيه ما ترى وليت شعري ما المانع عن الحمل على ما ذكرنا ، مع أنه أظهر في عبارته لفظا ومعنى ، و

٢٨٢

ما الداعي على الحمل على ما يوجب تلك التكلفات.

وسمعنا أن بعض أفاضل المتأخرين ممن ولي عصرنا زاد في الطنبور نغمة وحكم بأنه لا يجوز للمالك أيضا أن يصلي فيه ، لانه يصدق عليه أنه مغصوب ، وهذا فرع ورود تلك العبارة في شئ من النصوص ، ولا نص فيه على الخصوص ، بل إنما يستدلون بعموم ما دل على عدم جواز التصرف في ملك الغير ثم يحتجون للبطلان بأن النهي في العبادة موجب للفساد ، ولا يجري ذلك في المالك ومن أذن له فكم بين من يحكم بجواز الصلاة وصحتها للغاصب وغيره وإن منع المالك صريحا ، وبين من يقول بهذا القول.

ثم اعلم أنه على القول بالبطلان لا فرق بين الفريضة والنافلة ، وهل تبطل الصلاة تحت السقف والخيمة إذا كانا مغصوبين مع إباحه الارض؟ فيه إشكال ، ولعل الاظهر عدم البطلان ، واستند القائل به إلى أن هذا تصرف في السقف و الخيمة ، بناء على أن التصرف في كل شئ بحسب ما يليق به ، والانتفاع به بحسب ما اعدله.

واختلفوا في بطلان الطهارة في المكان المغصوب فذهب المحقق إلى العدم ، بناء على أن الكون ليس جزء منها ولا شرطا فيها ، وإليه ذهب العلامة في المنتهى والفرق بين الطهارة والصلاة في ذلك مشكل ، إذ الكون كما أنه مأخوذ في مفهوم السكون ، مأخوذ في مفهوم الحركة ، وليس الوضوء والغسل إلا حركات مخصوصة ، وليس المكان منحصرا فيما يعتمد عليه الجسم فقط ، فان الملك والاحكام الشرعية لا تتعلق به خاصة ، بل تعم الفراغ الموهوم ، أو الموجود ، فكل منهما عبارة حقيقة عن الكون أو مشتمل عليه.

وإنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لكثرة حاجة الناس إلى تلك المسائل ، ودورانها على ألسن الخاص والعام ، والله يعلم حقايق الاحكام.

٧ ـ تحف العقول : للحسن بن علي بن شعبة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في خطبة الوداع : أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ، ولا يحل لمؤمن مال أخيه

٢٨٣

إلا عن طيب نفس منه (١).

ومنه باسناده عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام في وصيته لكميل قال ك يا كميل انظر فيما تصلي وعلى ما تصلي إن لم يكن من وجهه وحله فلا قبول (٢).

٨ ـ بشارة المصطفى ، لمحمد بن أبي القاسم الطبري : عن إبراهيم بن الحسن البصري ، عن يحيى بن الحسن بن عتبة ، عن محمد بن الحسين بن أحمد ، عن محمد بن وهبان الدبيلى ، عن علي بن أحمد العسكري ، عن أحمد بن المفضل عن راشد بن على القرشي ، عن عبدالله بن حفص المدني. عن محمد بن إسحاق ، عن سعيد بن زيد بن أرطاة عن كميل بن زياد مثله (٣).

____________________

(١) تحف العقول : ٣٣.

(٢) تحف العقول : ١٦٩ ط الاسلامية.

(٣) بشارة المصطفى ص ٣٤. في حديث طويل ، وعندى في هذا المقام أن التصرف في المغصوب منكر شرعا يضاده طبيعة الصلاة ، لقوله تعالى : ( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ).

٢٨٤

٢

* ( باب ) *

* ( طهارة موضع الصلاة وما يتبعها ) *

* ( من أحكام المصلى ) *

١ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن الوليد ، عن ابن بكير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الشاذكونة يصيبها الاحتلام أيصلى عليها؟ قال : لا (١).

بيان : الشاذكونة في أكثر النسخ بالذال المعجمة ، وفي كتب اللغة بالمهملة ، وقد يقال إنه معرب شاديانه ، قال الفيروز آبادي : الشادكونة بفتح الدال ثياب غلاظ مضربة تعمل باليمين انتهى ، وظاهره وجوب طهارة جميع مكان المصلي كما نقل عن السيد ، وعن أبي الصلاح طهارة المواضع السبعة والمشهور بين الاصحاب عدم اشتراط طهارة غير موضع الجبهة كما يدل على أكثر الاخبار بل يظهر من بعضها عدم اشتراط طهارة موضع الجبهة أيضا ، لكن نقل كثير من الاصحاب كالمحقق والعلامة والشهيد وابن زهرة على الاجماع ، لكن المحقق نقل عن الراوندي وصاحب الوسيلة أنهما ذهبا إلى أن الارض والبواري والحصر إذا أصابها البول وجففتها الشمس لا يطهر بذلك ، لكن يجوز السجود عليها ، واستجوده المحقق ، فلعل دعواهم الاجماع فيما سوى هذا الموضع ، وبالجملة لو ثبت الاجماع لكان هو الحجة ، وإلا فيمكن المناقشة فيه أيضا ، فالخبر إما محمول على الاستحباب ، أو على ما إذا كان رطبا يسري إلى المصلي أو ثيابه ، وحمله على موضع الجبهة بعيد ، لبعد كون الشاذكونة مما يصح السجود عليه.

٢ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر عليه‌السلام

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٠٤ ط نجف.

٢٨٥

عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن البيت والدار لا تصيبها الشمس ، ويصيبها البول ، أو يغتسل فيه من الجنابة ، أيصلى فيه إذا جف؟ قال : نعم (١).

قال : وسألته عن رجل مر بمكان قدرش فيه خمر قد شربته الارض ، و بقي نداه أيصلى فيه؟ قال : إن أصاب مكانا غيره فليصل فيه ، وإن لم يصب فليصل ولا بأس (٢).

قال : وسألته عن الرجل يجامع على الحصير أو المصلى هل تصلح الصلاة عليه؟ قال : إذا لم يصبه شئ فلا بأس وإن أصابه شئ فاغسله وصل (٣).

قال : وسألته عن الرجل يكون على المصلى والحصير ، فيسجد فيضع يده على المصلى وأطراف أصابعه على الارض ، أو بعض كفه خارجا عن المصلى على الارض قال : لا بأس (٤).

قال : وسألته عن رجل يقعد في المسجد ورجله خارجة منه أو أسفل من المسجد وهو في صلاته ، أيصلح له؟ قال : لا بأس (٥).

قال : وسألته عن البواري يبل قصبها بماء قذر أتصلح الصلاة عليها إذا يبست قال : لا بأس (٦).

توضيح : الجواب الاول والاخر يدلان على عدم اشتراط طهارة موضع الصلاة مطلقا ، وحمل في المشهور على ما سوى موضع الجبهة ، ويمكن حمل الاخير على ما إذا جفت بالشمس ، أو على ما إذا اريد بالقذر غير النجس. والثاني إما على عدم الاشتراط المذكور أو على عدم نجاسة الخمر ، والحمل كمامر مع حمل

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١١٨ ط نجف.

(٢ ـ ٣) قرب الاسناد ص ١١٩ ط نجف ص ٩١ ط حجر.

(٤) قرب الاسناد ص ١٢٢ ط نجف.

(٥) قرب الاسناد ص ١٢٤ ط نجف.

(٦) قرب الاسناد ص ١٢٧ ط نجف.

٢٨٦

الندى على غير المسري ، أو على ما إذا طرح عليه ثوبا أو غيره ، ويكون النهي مع إمكان الغير لكونه مقاربا للخمر ، ككراهة الصلاة في بيت فيه خمر ، والثالث يدل على اشتراط الطهارة ، والحمل على مامر في الخبر السابق أو على موضع الجبهة على المشهور ، والابع يؤمي إلى استحباب طرح مصلى مخصوص للصلاة ، ويدل على أن كون أكثر الجسد عليه يكفي لتحقق الاستحباب ، وكذا الخامس إن اريد بالمسجد المصلى ، كما هو الظاهر وحمله على المسجد المعهود بعيد.

٢٨٧

٣

* ( باب ) *

* ( الصلاة على الحرير أو على التماثيل ، أو في ) *

* ( بيت فيه تماثيل أو كلب أو خمر أو بول ) *

١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن فراش حرير ومصلى حرير ومثله من الديباج هل يصلح للرجل النوم عليه ، والتكاءة عليه ، والصلاة عليه؟ قال : يفرشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه (١).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في بيت على بابه ستر خارجه فيه التماثيل ودونه ممايلي البيت ستر آخر ليس فيه تماثيل ، هل يصلح له أن يرخي الستر الذي ليس فيه التماثيل حتى يحول بينه وبين الستر الذي فيه تماثيل أو يجيف الباب دونه ويصلي؟ قال : نعم لا بأس (٢).

وسألته عن البيت قد سور فيه طير أو سمكة أو شبهه يعبث به أهل البيت ، هل تصلح الصلاة فيه؟ قال : لا حتى يقطع رأسه أو يفسده ، وإن كان قد صلى فليس عليه إعادة (٣).

وسألته عن الدار والحجرة فيها التماثيل أيصلى فيها؟ قال : لايصلى فيها وشئ منها مستقبلك ، إلا أن لا تجديدا فتقطع رؤوسها ، وإلا فلا تصل فيها (٤).

المحاسن : عن موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في بيت على بابه ستر إلى آخر الاسؤلة

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٨٦ ط حجر ص ١٢٢ ط نجف.

(٢ ـ ٤) قرب الاسناد : ٨٦ ط حجر ص ١١٣ ط نجف.

٢٨٨

والاجوبة (١).

بيان : يدل الجواب الاول على جواز افتراش الحرير في حال الصلاة و غيرها ، كما هو المشهور وقدمر القول فيه ، وأما الاجوبة الباقية ، فيظهر منها ومما سيأتي أنه إذا كان في البيت الذي يصلى فيه صورة حيوان على ما اخترنا أو مطلقا مما له مشابه في الخارج على ما قيل ، يكره الصلاة فيه وتخف الكراهة بكون الصورة على غير جهة القبلة ، أو تحت القدمين ، أو بكونها مستورة بثوب أو غيره ، أو بنقص فيها لا سيما ذهاب عينيها أو إحداهما ولو ذهب رأسها فهو أفضل ، ويحتمل ذهاب الكراهة بأحد هذه الامور ، وإن كان الاحوط الاحتراز منها مطلقا. والمنط محركة ضرب من البسط.

٢ ـ المكارم : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ربما قمت اصلي وبين يدي وسادة فيها تماثيل طائر فجعلت عليه ثوبا ، وقال قدا هديت إلى طنفسة من الشام ، فيها تماثيل طائر فأمرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر ، وقال إن الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده (٢).

وعن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا بأس أن تكون التماثيل في البيوت إذا غيرت الصورة (٣).

وعن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن تماثيل الشجر والشمس والقمر؟ قال : لا بأس مالم يكن فيه شئ من الحيوان (٤).

وعن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام إنما يبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل ونفرشها؟ قال : لا بأس لما يبسط منها ويفترش ويوطأ ، إنما يكره منها ما نصب على الحائط والسرير (٥).

٣ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن

____________________

(١) المحاسن ص ٦١٧.

(٢) مكارم الاخلاق ص ١٥٢.

(٣ ـ ٥) مكارم الاخلاق ص ١٥٣.

٢٨٩

أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في بيت فيه أنماط فيها تماثيل قد غطاها؟ قال : لا بأس (١).

وعن البيت فيه الدراهم السود في كيس أو تحت فراش أو موضوعة في جانب البيت فيه التماثيل هل تصلح الصلاة فيه؟ قال لا بأس (٢).

وسألته عن رجل كان في بيته تماثيل أو في ستر ولم يعلم بها وهو يصلي في ذلك البيت ثم علم ما عليه؟ قال : ليس عليه فيما لا يعلم شئ ، فاذا علم فلينزع الستر وليكسر رؤس التماثيل (٣).

وسألته عن المسجد يكون فيه المصلى تحته الفلوس أو الدراهم البيض أو السود هل يصلح القيام عليها وهو في الصلاة؟ قال : لا بأس (٤).

وسألته عن مسجد يكون فيه تصاوير وتماثيل أيصلى فيه؟ قال : يكسر رؤس التماثيل ويلطخ روس التصاوير ويصلي فيه ، ولا بأس (٥).

[ بيان : في القاموس ، النمط محركة ظهارة فراش ما أو ضرب من البسط ، و ثوب صوف يطرح على الهودج والجمع أنماط ونماط ].

٤ ـ الخصال : عن سعد بن عبدالله ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن جبرئيل أتاني فقال : إنا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ، ولا تمثال جسد ولا إناء يبال فيه (٦).

المحاسن : عن علي بن محمد ، عن أيوب مثله (٧).

بيان : لعل هذا الخبر والاخبار التي مثلها المراد بالملائكة فيها

____________________

(١ ـ ٤) قرب الاسناد ص ٨٦ ط حجر ص ١١٣ ط نجف.

(٥) قرب الاسناد : ٩٧ ط حجر ص ١٢٣ ط نجف.

(٦) الخصال ج ١ ص ٦٨.

(٧) المحاسن ص ٦١٥.

٢٩٠

غير الكاتبين للاعمال ، وإن أمكنأن لا يتوقف كتابتهم على دخولهم ، لكن قول أميرالمؤمنين عليه‌السلام للملكين ( أميطاعني ) (١) يدل على دخولهم.

٥ ـ الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : لا يسجد الرجل على صورة ، ولا على بساط فيه صورة ، ويجوز أن تكون الصورة تحت قدمه ، أو يطرح عليه ما يواريها (٢).

٦ ـ المحاسن : عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : [ إن جبرئيل قال : ] إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة إنسان ولا بيتا فيه تمثال (٣).

ومنه : عن أبيه ، عن الحسن بن مخلد ، عن أبان ، عن عمر بن خلاد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال جبرئيل عليه‌السلام : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنا لا ندخل بيتا فيه صورة إنسان ، ولا بيتا يبال فيه ، ولا بيتا فيه كلب (٤).

بيان : ذكر أكثر الفقهاء كراهة الصلاة في بيوت الغائط ، وعللوا بكونها مظنة النجاسة ، وبهذا الخبر وفي خبر محمد بن مروان (٥) ولا إناء يبال فيه : ولو

____________________

(١) يعنى الذى رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٠٠ عن محمد بن على بن محبوب عن اليقطينى ، عن الحسن بن على ، عن ابراهيم بن عبدالحميد قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ان أميرالمؤمنين عليه‌السلام كان اذا أراد قضاء الحاجة ، وقف على باب المذهب ثم التفت يمينا وشمالا إلى ملكيه فيقول : أميطاعنى! فلكما الله على أن لا أحدث حدثا حتى أخرج اليكما.

(٢) الخصال ج ٢ ص ١٦٥.

(٣) المحاسن ص ٦١٤.

(٤) المحاسن ص ٦١٥.

(٥) الكافى ج ٦ ص ٥٢٦ ، وهكذا في المحاسن ٦١٥ ، الخصال ج ١ ص ٦٨ كمامر.

٢٩١

ذكروا كما في الخبر كان أصوب وإن كان بيت الغائط غالبا يبال فيه ، والاحوط عدم كون الاناء الذي يبال فيه في البيت أيضا.

وقال المفيد في المقنعة : لا تجوز الصلاة في بيوت الغائط ، ولعل مراده الكراهة ، وربما يستدل له برواية الفضيل (١) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت : أقوم في الصلاة فأرى قدامي في القبلة العذرة فقال : تنح عنها ما استطعت ، ولا تصل على الجواد ، وعن عبيد بن زرارة (٢) قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : الارض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة. فالاولى الجمع بينهما ، كما فعله الشهيد ره في النفلية ، حيث قال : وبيت الغائط ، وبيت يبال فيه ، ولو قال : وإلى عذرة كان أجمع.

٧ ـ المحاسن : عن عدة من أصحابنا ، عن ابن اسباط ، عن علي بن جعفر قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام عن البيت يكون على بابه ستر فيه تماثيل أيصلى في ذلك البيت؟ قال : لا (٣).

وسألت عن البيوت يكون فيها التماثيل أيصلى فيها؟ قال : لا (٤)

بيان : هذه الاخبار تدل على كراهة الصلاة في بيت فيه تماثيل مطلقا ويمكن تقييدها بالاخبار الاخر أو القول بالكراهة الخفيفة في غير الصور المخصوصة ، ويمكن أن يقال في النقص أن البقية ليست صورة الانسان ولا الحيوان المخصوص و فيه نظر.

٨ ـ المحاسن : عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : اصلي والتماثيل قدامي وأنا أنظر إليها؟ قال : لا ، اطرح عليها ثوبا ، ولا بأس بها إذا كانت على يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك ، وإن كانت في القبلة فألق عليها ثوبا وصل (٥).

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢٠٠ و ٢٤٣ ، وتراه في المحاسن ص ٣٦٥.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٣٢٧.

(٣ و ٥) المحاسن ٦١٧.

٢٩٢

٩ ـ ومنه : عن عدة من أصحابنا ، عن ابن أبي نجران ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا بأس بالتماثيل أن يكون عن يمينك وعن شمالك أو عن خلفك أو تحت رجليك ، فان كانت في القبلة فألق عليها ثوبا إذا صليت (١).

١٠ ـ فقه الرضا : لا يصلى في بيت فيه خمر محصور في آنية (٢).

١١ ـ المقنع : قال : لايجوز أن يصلي في بيت فيه خمر محصور في آنية؟ قال : وروي أنه يجوز (٣).

بيان : نسب إلى الصدوق ره تحريم الصلاة في بيت فيه خمر لظاهر الفقيه مع أنه حكم بطهارة الخمر ، واستبعد المتأخرون ذلك منه ، ولا استبعاد فيه بعد ورود النص لكن الخبر الوارد فيه موثقة عمار قال : ولا تصل في بيت فيه خمر أو مسكر (٤) ، والحكم بالتحريم بمثل خبره مشكل ، لا سيما مع ورود رواية الجواز كما أشار إليه.

١٢ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير رفعه قال : لا بأس بالصلاة والتصاوير تنظر إليه إذا كانت بعين واحدة (٥).

أقول : أوردنا بعض الاخبار في باب السترة ، وفي باب تزويق البيوت و تصويرها من كتاب الاداب والسنن (٦).

____________________

(١) المحاسن ص ٦٢٠.

(٢) فقه الرضا ص ٣٨.

(٣) المقنع ص ٢٥ ط الاسلامية.

(٤) التهذيب ج ١ ص ٢٤٣.

(٥) المحاسن ص ٦٢٠.

(٦) راجع ج ٧٦ ص ١٥٩ ١٦١ من طبعتنا هذه.

٢٩٣

٤

* ( باب ) *

* ( ما يكون بين يدى المصلى أو يمر بين يديه ) *

* ( واستحباب السترة ) *

١ ـ الاحتجاج : عن محمد بن جعفر الاسدي قال : كان فيما ورد علي من محمد ابن عثمان العمري عن القائم عليه‌السلام : أما ما سألت عنه عن المصلي والنار والصورة و السراج بين يديه ، هل تجوز صلاته؟ فان الناس اختلفوا في ذلك قبلك ، فانه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الاوثان والنيران (١).

اكمال الدين : عن محمد بن أحمد الشيباني وعلي بن أحمد الدقاق والحسين ابن إبراهيم المؤدب وعلي بن عبدالله الوراق جميعا ، عن محمد بن جعفر الاسدي قال : كان فيما ورد علي من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان عليه‌السلام وأما ما سألت وذكر نحوه إلى قوله من أولاد عبدة الاصنام والنيران (٢).

توضيح : قدمر الكلام في الصلاة إلى الصورة ، والمشهور فيها وفي السراج والنار الكراهة ، وذهب أبوالصلاح إلى الحرمة فيهما كما نسب إليه والتفصيل الوارد في هذا الخبر لم أرقائلا به ، ويمكن حمله على أنهما بالنسبة إلى أولاد عبدة النيران والاوثان أشد كراهة ، لان احتمال شغل القلب ومظنة كونها معبودة لهم فيهم أكثر ، ولا يبعد حمل المطلق على المقيد ، لكون الخبر في قوة الصحيح ، والاظهر الكراهة لما سيأتي وغيره من أخبار الجواز.

ثم إن بعض الاصحاب قيدوا الكراهية في النار بالمضرمة ، والروايات غير مقيدة بها ، والاجتناب مطلقا أحوط وأولى.

____________________

(١) الاحتجاج ص ٢٦٨.

(٢) اكمال الدين ج ٢ ص ١٩٩.

٢٩٤

٢ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وأمامه شئ عليه ثيابه؟ قال : لا بأس (١).

وسألته عن الرجل هل يصلح أن يصلي وأمامه ثوم أو بصل نابت؟ قال : لا بأس (٢).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي والسراج موضوع بين يديه في القبلة؟ قال : لا يصلح له أن يستقبل النار (٣).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وأمامه حمار واقف؟ قال : يضع بينه وبينه عودا أو قصبة أو شيئا يقيمه بينهما ويصلي لا بأس قلت : فان لم يفعل وصلى أيعيد صلاته؟ أو ما عليه؟ قال : لا يعيد صلاته وليس عليه شئ (٤).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وأمامه النخلة وفيها حملها؟ قال : لا بأس (٥).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في الكرم وفيه حمله؟ قال : لا بأس (٦).

وسألته عن الرجل يكون في صلاته هل يصلح له أن يكون امرءة مقبلة بوجهها عليه في القبلة قاعدة أو قائمة؟ قال : يدرؤها عنه ، فان لم يفعل لم يقطع ذلك صلاته (٧).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وأمامه شئ من الطير؟ قال : لا بأس (٨).

بيان : يدل على المنع من كون النار أمامه في الصلاة و ( لا يصلح ) لا يدل على أزيد من الكراهة ، وعلى كراهة كون الحمار أمامه بدون سترة ، ولم أره في كلام

____________________

(١ ـ ٦) قرب الاسناد ص ١١٤ ط نجف.

(٧) قرب الاسناد ص ١٢٣ ط نجف.

(٨) قرب الاسناد ص ١٢٧ ط نجف ص ٩٧ ط حجر.

٢٩٥

الاصحاب ، بل عد بعضهم الحيوان غير الانسان المواجه من السترة إلا أن الصدوق أورد الرواية في الفقيه (١) ويدل على كراهة المرءة المواجهة ، وذكر الاصحاب الانسان المواجه مطلقا واعترف أكثر المتأخرين بعدم النص فيه ، وقال أبوالصلاح يكره التوجه إلى الطريق والحديد والسلاح المتواري والمرءة النائمة بين يديه أشد كراهية.

٣ ـ العلل : عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن الحسن بن علي ، عن الحسين بن عمر ، عن أبيه ، عن عمر بن إبراهيم الهمداني رفع الحديث قال ك قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لا بأس أن يصلي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه ، لان الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه (٢).

المقنع : مرسلا مثله (٣).

بيان قال الصدوق ره في الفقيه بعد إيراد رواية علي بن جعفر السابقة : هذا هو الاصل الذي يجب أن يعمل به ، فأما الحديث الذي روي عن أبي عبدالله عليه‌السلام وذكره هذه الرواية فهو حديث يروى عن ثلاثة من المجهولين باسناد منقطع ، يرويه الحسن بن علي الكوفي وهو معروف ، عن الحسين بن عمرو ، عن أبيه ، عن عمرو بن إبراهيم الهمداني وهم مجهولون رفع الحديث قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام ذلك ، ولكنها رخصة اقترنت بها علة صدرت عن ثقات ، ثم اتصلت بالمجهولين والانقطاع ، فمن أخذ بها لم يكن مخطئا بعد أن يعلم أن الاصل هو النهي ، وأن الاطلاق رخصة ، والرخصة رحمة انتهى.

ومراده إما حمل النهي على الكراهة ، أو حمل الرخصة على حال الضرورة والاول أظهر ، لتعاضد أخبار الجواز ، وكونها معللة موافقة لاصل الاباحة ، ونفي

____________________

(١) الفقيه ج ١ ص ١٦٢.

(٢) علل الشرائع ج ٢ ص ٣١.

(٣) المقنع ص ٢٥ ط الاسلامية.

٢٩٦

الحرج وكونها أنسب بالشريعة السمحة السهلة ، وإن كان الاحوط الاجتناب عما نهي عنه لغير الضرورة.

٤ ـ العلل : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد الاشعري عن علي بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي سليمان مولى أبي الحسن العسكري عليه‌السلام قال : سأله بعض مواليه وأنا حاضر عن الصلاة يقطعها شئ؟ فقال : لا ، ليست الصلاة تذهب هكذا بحيال صاحبها ، إنما تذهب مساوية لوجه صاحبها (١).

توجيه وجيه : ( مساوية لوجه صاحبها ) أي إلى السماء من جهة رأسها ، ويحتمل أن يكون المراد أنها تذهب إلى الجهة التي توجه قلبه إليها فان كان قلبه متوجها إلى الله تعالى وعمله خالصا له سبحانه فانه يعود إليه ، ويقبل عنده ، سواء كان في مقابله شئ أولم يكن ، وإن كان وجه قلبه متوجها إلى غيره تعالى وعمله مشوبا بالاغراض الفاسدة والاعراض الكاسدة ، فعمله ينصرف إلى ذلك الغير سواء كان ذلك الغير في مقابل وجهه أولم يكن ، ولذا يقال له يوم القيامة ( خذ ثواب عملك ممن عملت له ) وهو المراد من الخبر الاتي في قوله عليه‌السلام ( الذي اصلي له أقرب إلى من هؤلاء ) أي هو في قلبي وأنا متوجه إليه ، ولا يشغلني هذه الامور عنه فعلى هذا يمكن أن يكون هذا وجه جمع بين الاخبار ، بأن يكون النهي لمن تكون مقابلة هذه الامور سببا لشغل قلبه ، والتجويز لمن لم يكن كذلك.

ويحتمل الخبر الاتي وجها آخر ، وهو أن يكون المعنى أن الرب تعالى لما كان بحسب العلية والتربية والعلم أقرب إلى العبد من كل شئ فلا يتوهم توسط ما يكون بين يدي المصلي بينه وبين معبوده ، والاول أوجه.

والحاصل أن الغرض من عدم كون الصورة والسراج وأمثالهما بين يديه عدم انتقاش صورة الغير في القلب والنفس والخيال ، وتوجه العبد بشراشره إلى رب الارباب ، فمن لم يتوجه إلى غيره فلا ضير ، والله الموفق لكل خير.

٥ ـ التوحيد : عن أحمد بن زياد الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٣٨.

٢٩٧

أبيه ، عن ابن أبي عمير قال : رأى سفيان الثوري أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام و هو غلام يصلي والناس يمرون بين يديه ، فقال له : إن الناس يمرون بك وهم في الطواف؟ فقال عليه‌السلام : الذي اصلي له أقرب إلى من هؤلاء (١).

ومنه : عن محمد بن إبراهيم الطالقاني ، عن أبي سعيد الرميحي ، عن عبدالعزيز ابن إسحاق ، عن محمد بن عيسى بن هارون ، عن محمد بن زكريا المكي ، عن منيف مولى جعفر بن محمد قال : حدثني سيدي جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : كان الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام يصلي فمر بين يديه رجل فنهاه بعض جلسائه فلما انصرف من صلاته ، قال له : لم نهيت الرجل؟ قال يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله خطر فيما بينك وبين المحراب؟ فقال : ويحك إن الله عزوجل أقرب إلى من أن يخطر فيما بيني وبينه أحد (٢).

٦ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن حماد بن عيسى وفضالة عن معاوية بن عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أقوم اصلي والمرءة جالسة بين يدي أو مارة؟ قال : لا بأس بذلك ، إنما سميت بكة لانه تبك فيها الرجال والنساء (٣).

بيان : يدل على ما سيأتي نقلا من التذكرة أنه لا بأس أن يصلى في مكة إلى غير سترة ، وقال في الذكرى بعد نقل كلام التذكرة : قلت قدروي في الصحاح أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى بالابطح فركزت له عنزة ، رواه أنس وأبوجحيفة ، ولو قيل السترة مستحبة مطلقا ولكن لا يمنع المار في مثل هذه الاماكن ، لما ذكر ، كان وجها انتهى.

أقول : يمكن حمل خبر الجواز على المسجد الحرام ، لكون التعليل فيه أظهر.

٧ ـ قرب الاسناد : عن الحسن بن طريف ، عن الحسين بن علوان ، عن الصادق

____________________

(١) التوحيد ص ١٧٩ ط مكتبة الصدوق.

(٢) التوحيد ص ١٨٤.

(٣) المحاسن ص ٣٣٧.

٢٩٨

عن أبيه عليهما‌السلام أن عليا عليه‌السلام سأل عن الرجل يصلي فيمر بين يديه الرجل والمرءة والكلب أو الحمار ، فقال : إن الصلاة لا يقطعها شئ ، ولكن ادرؤا ما استطعتم ، هي أعظم من ذلك (١).

تبيين : ( ولكن ادرؤا ) أي ادفعوا المار إما باشارة أو برمي شئ كما فهمه الاصحاب أو ضرر مروره بالسترة لما رواه الكليني (٢) في الموثق ، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا يقطع الصلاة شئ لا كلب ولا حمار ولا امرءة ، ولكن استتروا بشئ ، فان كان بين يديك قدر ذراع رافعا من الارض فقد استترت.

قال الكليني : والفضل في هذا أن يستتر بشئ ويضع بين يديه ما يتقى به من المار ، فان لم يفعل فليس به بأس ، لان الذي يصلي له المصلي أقرب إليه ممن يمر بين يديه ، ولكن ذلك أدب الصلاة وتوقيرها.

ثم روى مرفوعا عن محمد بن مسلم (٣) قال : دخل أبوحنيفة على أبي عبدالله عليه‌السلام فقال له : رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم و فيه ما فيه؟ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : ادعوا لي موسى فدعي فقال يا بني إن أبا حنيفة يذكر أنك كنت تصلي والناس يمرون بين يديك فلم تنههم؟ فقال : نعم يا أبت إن الذي كنت اصلي له كان أقرر إلى منهم ، يقول الله عزوجل : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) (٤) قال : فضمه أبوعبدالله عليه‌السلام إلى نفسه ثم قال : بأبي أنت وامي يا مودع الاسرار ، وهذا تأديب منه عليه‌السلام لا أنه ترك الفضل انتهى.

أقول : قوله ( وفيه ما فيه ) أي وفي هذا الفعل ما فيه من الكراهة ، أو فيه عليه‌السلام ما فيه من توقع إمامته وقوله ( وهذا تأديب ) كلام الكليني ويحتمل وجوها :

الاول : أن يكون المعنى أن هذا منه عليه‌السلام كان تأديبا لابي حنيفة ، ولذا

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٧٢ ط نجف ص ٥٤ ط حجر.

(٢ و ٣) الكافى ج ٣ ص ٢٩٧.

(٤) ق : ١٦.

٢٩٩

طلبه ليعلم الملعون أنه عليه‌السلام لم يترك الفضل ، إما لعدم الحاجة إلى السترة لمن لا يشغله عن الله شئ كمامر ، أو لانه عليه‌السلام كان لم يتك السترة حيث لم يذكر في الخبر تركها.

الثانى : أن يكون المراد تأديب موسى عليه‌السلام فالمراد بالفضل السنة الاكيدة والتأديب في أصل الطلب ، ولا ينافي ذلك مدحه عليه‌السلام على ما ذكره من العلة في عدم تأكيد السنة ، وفي بعض النسخ لانه ترك ، فالثاني أظهر ، ويحتمل الاول على تكلف.

الثالث : أن يكون ضمير منه راجعا إلى موسى عليه‌السلام أي صلاته عليه‌السلام كذلك كان تأديبا لابي حنيفة ، لا أنه ترك الفضل إذ ترك السنة لهذه العلة ليس تركا للفضل ، بل هو عين الفضل.

فائدة

قال الشهيد ره في الذكرى : تستحب السترة بضم السين في قبلة المصلي إجماعا ، فان كان في مسجد أو بيت فحائطه أو سارية ، وإن كان في فضاء أو طريق جعل شاخصا بين يديه ، ويجوز الاستتار بكل ما يعد ساترا ولو عنزة ، فقد كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تركز له الحربة فيصلي إليها ، ويعرض البعير فيصلي إليه ، وركزت له العنزة يصلي الظهر يمر بين يديه الحمار والكلب لا يمنع ، والعنزة العصا في أسفلها حديد ، والاولى بلوغها ذراعا ، قاله الجعفي والفاضل زاد : فما زاد.

وقد روى أبوبصير (١) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان طول رحل رسو الله  صلى‌الله‌عليه‌وآله ذراعا ، وكان إذا صلى وضعه بين يديه يستتر به ممن يمر بين يديه ، ويجوز الاستتار بالسهم والخشبة وكل ما كان أعرض فهو أفضل.

وروى معاوية بن وهب (٢) عن الصادق عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجعل العنزة بين يديه إذا صلى.

____________________

(١ و ٢) الكافى ج ٣ ص ٢٩٦.

٣٠٠