بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

لهما صلى الله عليهما ، وعلى الثاني يحتمل ذلك والصلاة المصطلح ، فلا تغفل

١٤ المحاسن : عن ابن فضال ، عن عبيس بن هشام ، عن عبدالكريم بن عمرو عن الحكم بن محمد بن القاسم ، عن عبدالله بن عطا قال : ركبت مع أبي جعفر وسار وسرت حتى إذا بلغنا موضعا قلت : الصلاة جعلني الله فداك ، قال : هذا أرض وادي النمل لا يصلى فيها حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له : مثل ذلك فقال : هذه الارض مالحة لا يصلى فيها (١).

بيان : يدل على كراهة الصلاة في وادي النمل ، سواء وقعت الصلاة عند قراها أم لا ، والمالحة هي السيخة ، وفي بعض النسخ تصلي في الموضعين بالنون ، وفي بعضها بالياء فعلى الاول ظاهره اختصاص الحكم بهم عليهم‌السلام ، والمراد التحريم أو شدة الكراهة ، فلا ينافي حصول الكراهة في الجملة لغيرهم أيضا.

أقول : قد مضى تمام الخبر في باب آداب الركوب (٢).

١٥ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن صفوان ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليه‌السلام قال : سألته عن الصلاة على ظهر الطريق ، فقال : لا تصل على الجادة وصل على جانييها (٣).

ومنه : عن صفوان ، عن معلى بن عثمان ، عن معلى بن خنيس قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الصلاة على الطريق ، قال : لا اجتتب الطريق (٤).

ومنه : عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أقوم في الصلاة في بعض الطريق ، فأرى قدامي في القبلة العذرة؟ قال : تنح عنها ما استطعت ، ولا تصل على الجواد (٥).

بيان : يمكن أن يكون النهي عن الصلاة على الجواد؟ ذكر التنحي لان

____________________

(١) المحاسن ص ٣٥٢.

(٢) راجع ج ٧٦ ص ٢٩٦.

(٣) المحاسن ص ٣٦٤.

(٤ و ٥) المحاسن ص ٣٦٥.

٣٢١

العذرة تكون غالبافي أطراف الطرق ، والتنحى إن كان من جهة الطريق يقع في وسطه ، فاستدرك ذلك بأنه لابد أن يكون التنحى على وجه لا يقع المصلي به في وسط الطريق واستدل به بعض الاصحاب على كراهة الصلاة في بيت الخلاء بطريق أولى وفيه ما لا يخفى.

١٦ ـ المحاسن : عن النوفلي باسناده قال ك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الارض كلها مسجد إلا الحمام والقبر (١).

ومنه : عن أبيه ، عن صفوان ، عن أبي عثمان ، عن المعلى بن خنيس قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الصلاة في معاطن الابل فكرهه ، ثم قال : إن خفت على متاعك شيئا فرش بقليل ماء وصل (٢).

ومنه : بالاسناد قال : سألته عن السبخة أيصلي الرجل فيها؟ فقال إنما تكره الصلاة فيها من أجل أنها فتك ، ولا يتمكن الرجل يضع وجهه كما يريد ، قلت : أرأيت إن هو وضع وجهه متمكنا؟ فقال : حسن (٣).

بيان : التفتيك كناية عن كونها رخوة نشاشة لا تستقر الجبهة عليها ، قال في القاموس : تفتيك القطن تفتيته.

١٧ ـ المحاسن : عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان وعبدالرحمان بن الحجاج وغيرهما ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا تصل في ذات الجيش ، ولا ذات الصلاصل ، ولا البيداء ولا ضجنان (٤).

ومنه : عن البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الصلاة في البيداء ، فقال : البيداء لا يصلى فيها ، قلت : وأين حد البيداء قال : أما رأيت ذلك الرفع والخفض؟ قلت : إنه كثير ، فأخبرني أين حده؟ فقال : كان أبوجعفر عليه‌السلام إذا بلغ ذات الجيش جد في السير ثم لم يصل حتى يأتي معرس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت : وأين ذات الجيش؟ قال : دون الحفيرة بثلاثة أميال (٥).

____________________

(١ ـ ٤) المحاسن ص ٣٦٥.

(٥) المحاسن ص ٣٦٦.

٣٢٢

١٨ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الصلاة في معاطن الابل أتصلح؟ قال : لا تصلح إلا أن تخاف على متاعك ضيعة ، فاكنس ثم انضع بالماء ، ثم صل (١).

وسألته عن معاطن الغنم أتصلح الصلاة فيها؟ قال : نعم ، لا بأس به (٢).

١٩ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الصلاة في الارض السبخة أيصلى فيها؟ قال : لا إلا أن يكون فيها نبت إلا أن يخاف فوت الصلاة فيصلي (٣).

٢٠ ـ المقنعة : قال : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله تكره الصلاة في طريق مكة في ثلاثة مواضع : أحدها البيداء ، والثاني ذات الصلاصل ، والثالث ضجنان (٤).

٢١ ـ بصائر الدرجات : عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم ابن أبي البلاد ، عن علي بن مغيرة قال : نزل أبوجعفر عليه‌السلام في ضجنان وذكر حديثا يقول في آخره وإنه ليقال : إنه واد من أودية جهنم (٥).

٢٢ ـ مجالس الشيخ : عن أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي ابن الحسن بن فضال ، عن العباس بن عامر ، عن أحمد ، عن يحيى بن العلا قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لما خرج أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى النهروان وطعنوا في أول أرض بابل ، حين دخل وقت العصر ، فلم يقطعوها حتى غابت الشمس ، فنزل الناس يمينا وشمالا لا يصلون إلا الاشتر وحده ، فانه قال : لا اصلي حتى أرى أميرالمؤمنين عليه‌السلام قد نزل يصلي ، قال : فلما نزل قال : يا مالك إن هذه أرض سبخة ، ولا يحل الصلاة فيها ، فمن كان صلى فليعد الصلاة ، قال : ثم استقبل القبلة فتكلم بثلاث كلمات ماهن بالعربية ولا بالفارسية ، فاذا هو بالشمس بيضاء نقية ، حتى إذا صلى

____________________

(١ و ٢) المسائل المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٧٧.

(٣) المسائل المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٧٩.

(٤) المقنعة ص ٧١.

(٥) بصائر الدرجات ص ٢٨٥.

٣٢٣

بنا سمعنا لها حين انقضت خريرا كخرير المنشار (١).

بيان : الخرير الصوت والامر بالاعادة لعله على الاستحباب ، أو كانوا صلوا مع عدم الاستقرار ، وكان الوقت واسعا.

٢٣ ـ كتاب صفين : لنصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن أبي مخنف ، عن عمه ابن مخنف قال : إني لانظر إلى أبي مخنف بن سليم وهو يساير عليا ببابل ، وهو يقول إن ببابل أرضا قد خسف بها ، فحرك دابتك ، فعلنا أن نصلي العصر خارجا منها قال : فحرك دابته وحرك الناس دوابهم في أثره ، فلما جاز جسر الصراة نزل فصلى بالناس العصر.

وعن عمر عن عبدالله بن يعلى بن مرة ، عن أبيه ، عن عبد خير قال : كنت مع على أسير في أرض بابل ، قال : وحضرت الصلاة العصر قال : فجعلنا لا نأتي مكانا إلا رأيناه أقبح من الاخر ، قال : حت أتينا على مكان أحسن ما رأينا ، وقد كادت الشمس أن تغيب ، فنزل علي عليه‌السلام ونزلت معه ، قال : فدعا الله فرجعت الشمس كمقدارها من صلاة العصر ، قال : فصلينا العصر ثم غابت الشمس.

٢٤ ـ مجالس الشيخ : عن المفيد ، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور ، عن أبي بكر المفيد الجرجرائي ، عن أبي الدنيا معمر المغربي ، عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لا تتخذوا قبري مسجدا ، ولا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي حيث ما كنتم ، فان صلاتكم وسلامكم يبلغني (٢).

أقول : ورواه الكراجكي في كنز الفوائد ، عن أسد بن إبراهيم السلمي و الحسين بن محمد الصير في معا ، عن أبي بكر المفيد ، وزاد فيه ولا تتخذوا قبوركم مساجد.

٢٥ ـ عدة الداعى : قال جويرية بن مسهر : خرجت مع أميرالمؤمنين عليه‌السلام نحو بابل ، لا ثالث لنا ، فمضى وأنا اسايره في السبخة ، فإذا نحن بالاساد جاثما في

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٨٤.

(٢) لايوجد في المطبوع من المصدر.

٣٢٤

الطريق ، ولبوته خلفه ، وأشبال لبوته خلفها ، فكبحت دابتي لاتأخر ، فقال : أقدم يا جويرية ، فانما هو كلب الله ، وما من دابة إلا الله آخذ بنا صيتها لا يكفي شرها إلا هو ، وإذا أنا بالاسد قد أقبل نحوه يبصبص له بذنبه ، فدنا منه فجعل يمسح قدمه بوجهه ، ثم أنطقه الله عزوجل فنطق بلسان طلق ذلق ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، ووصي خاتم النبيين ، قال : وعليك السلام يا حيدرة ، ما تسبيحك؟ قال أقول : سبحان ربي ، سبحان إلهي سبحان من أوقع المهابة والمخافة في قلوب عباده مني ، سبحانه سبحانه.

فمضى أميرالمؤمنين عليه‌السلام وأنا معه واستمرت بنا السبخة ووافت العصر فأهوى فوتها ثم قلت في نفسي مستخفيا : ويلك يا جويرية أأنت أظن أم أحرص من أميرالمؤمنين عليه‌السلام وقد رأيت من أمر الاسد ما رأيت فمضى وأنا معه حتى قطع السبخة ، فثنى رجله ونزل عن دابته وتوجه فأذن مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ، ثم همس بشفتيه وأشار بيده فإذا الشمس قد طلعت في موضعها من وقت العصر ، وإذا لها صرير عند سيرها في السماء ، فصلى بنا العصر ، فلما انفتل رعفت رأسي فإذا الشمس بحالها فما كان إلا كلمح البصر فإذا النجوم قد طلعت فأذن وأقام وصلى المغرب.

ثم ركب وأقبل علي فقال : يا جويرية أقلت هذا ساحر مفتر؟ وقلت ما رأيت طلوع الشمس وغروبها أفسحر هذا أم زاغ بصري؟ سأصرف ما ألقى الشيطان في قلبك ما رأيت من أمر الاسد وما سمعت من منطقه ، ألم تعلم أن الله عزوجل يقول : ( ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها ) (١) يا جويرية إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يوحى إليه ، وكان رأسه في حجري ، فغربت الشمس ، ولم أكن صليت العصر ، فقال لي : صليت العصر؟ قلت : لا ، قال : اللهبم إن عليا في طاعتك وحاجة نبيك ، ودعا بالاسم الاعظم ، فردت إلي الشمس ، فصليت مطمئنا ثم غربت بعدما طلعت ، فعلمني بأبي هو وامي ذلك الاسم الذي دعا به ، فدعوت الان به.

يا جويرية إن الحق أو ضح في قلوب المؤمنين من قذف الشيطان ، فاني قد

____________________

(١) الاعراف : ١٨٠.

٣٢٥

دعوت الله عزوجل بنسخ ذلك من قلبك ، فما ذاتجد؟ فقلت : يا سيدي قد محي ذلك من قلبي.

بيان : قال الجوهري : جثم الطائر أي تلبد بالارض ، وكذلك الانسان و قال : اللبوءة انثى الاسد ، واللبوة ساكنة الباء غير مهموز لغة فيها عن ابن سكيت ، والشبل بالكسر ولد الاسد. وقال : كبحت الدابة إذا جذبتها إليك باللجام لكي تقف ولا تجري ، وقال : بصبص الكلب وتبصبص : حرك ذنبه ، والتبصبص التملق ( فأهوى فوتها ) أي سقط لفوتها أو قرب فوتها ( ءأنت أظن ) أي أعلم وفي بعض النسخ بالضاد أي أبخل بدينك ، وضنائن الله خواص خلقه ، والهمس الصوت الخفي.

٢٦ ـ المحاسن : عن محمد بن علي ، عن عبدالرحمان بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ام أيمن فقال : مالي لا أرى في بيتك البركة؟ فقالت : أو ليس في بيتي بركة؟ قال : لست أعني ذلك ، لك شاة تتخذينها تستغني ولدك من لبنها؟ وتطعمين من سمنها؟ وتصلين في مربضها (١).

٢٧ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سليمان الجعفري رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : امسحوا رغام الغنم ، وصلوا في مراحها ، فانها دابة من دواب الجنة ، قال : الرغام ما يخرج من أنوفها (٢).

بيان : الرغام في بعض النسخ بالعين المهملة ، وفي بعضها بالغين المعجمة ، و روت العامة أيضا على وجهين ، قال في النهاية : فيه صلوا في مراح الغنم وامسحوا رعامها ، الرعام ما يسيل من أنوقها ، وشاة رعوم ، وقال في المعجمة في حديث أبي هريرة صل في مراح الغنم وامسح الرغام عنها ، كذا رواه بعضهم بالغين المعجمة ، وقال : إنه ما يسيل من الانف ، والمشهور فيه والمروي بالعين المهملة ، ويجوز أن يكون أراد مسح التراب عنها ، رعاية لها ، وإصلاحا لشأنها انتهى.

وقال العلامة في المنتهى : لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم ، وليس مكروها

____________________

(١) المحاسن ص ٦٤١.

٣٢٦

ذهب إليه أكثر علمائنا ، وقال أبوالصلاح : لا تجوز الصلاة فيها ، لما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة (١) قال : سألته عن الصلاة في أعطان الابل وفي مرابض البقر والغنم؟ فقال : إن نضحته بالماء وقدكان يابسا فلا بأس بالصلاة فيها ، فأما مرابط الخيل والبغال فلا ، قال : وهذا يدل على اشتراك مرا بض الغنم وأعطان الابل في الحكم ، وقد بينا تحريم الصلاة في الاعطان فكذا في المرابض.

وأجاب العلامة قدس سره أولا بضعف السند ، وثانيا بكونه موقوفا ، وثالثا بمنع التحريم في المعاطن ، ورابعا بمنع الاشتراك مع تسليم التحريم ، ثم قال : وتكره الصلاة في مرابط الخيل والبغال والحمير سواء كانت وحشية أو إنسية ، وقال أبوالصلاح : لايجوز ، والشيخ في بعض كتبه يذهب إلى وجوب الاحتراز عن أبوالها وأرواثها فيلزم المنع من الصلاة فيها انتهى ، والظاهر الكراهة من حيث المكان ، وحكم النجاسة حكم آخر تقدم ذكره ، وأما مرابض البقر والغنم فالظاهر عدم الكراهة مطلقا ، إلا أنه يستحب الرش بالماء.

٢٨ ـ العياشى : عن عبدالله بن عطا قال : ركبت مع أبي جعفر عليه‌السلام فسرنا حتى زالت الشمس ، وبلغنا مكانا قلت : هذا المكان الاحمر ، فقال : ليس يصلى ههنا هذه أودية النمال ، وليس يصلى فيها ، قال : فمضينا إلى أرض بيضاء قال : هذه سبخة وليس يصلى بالسباخ قال : فمضينا إلى أرض خصباء قال ههنا ، فنزل ونزلت الخبر (٢).

٢٩ ـ كتاب العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم قال : لا يصلى في ذات الجيش ، ولا ذات الصلاصل ، ولا في وادي مجنة ، ولا في بطون الاودية ، ولا في السبخة ، ولا على القبور ، ولا على جواد الطريق ، ولا في أعطان الابل ، ولا على بيت النمل ، ولا في بيت فيه تصاوير ، ولا في بيت فيه نار أو سراج بين يديك ، ولا في بيت فيه خمر ، ولا في بيت فيه لحم خنزير ، ولا في بيت فيه الصلبان ، ولا في بيت فيه لحم ميتة ، ولا في بيت فيه دم ، ولا دم ، ولا في بيت فيه ما ذبح لغير الله ، ولا في بيت فيه

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٩٨.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٨٦ في حديث.

٣٢٧

المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ، ولا في بيت في ما ذبح على النصب ، ولا في بيت فيه ما أكل السبع ، إلا ما ذكيتم ، ولا على الثلج ، ولا على الماء ، ولا على الطين ولا في الحمام.

ثم قال : أما قوله لا يصلى في ذات الجيش ، فانها أرض خارجة من ذي الحليفة على ميل ، وهي خمسة أميال والعلة فيها أنه يكون فيها جيش السفياني ، فيخسف بهم ، وذات الصلاصل موضع بين مكة والمدينة ، نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصلى فيه ، و العلة في وادي مجنة أنه وادي الجن وهو الوادي الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من الطائف ، فاستمعت الجن لقراءته وآمنوابه ، وهو قول الله عزوجل ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين ) (١).

والعلة في السبخة أنها أرض مخسوف بها ، والعلة في القبور أن فيها أرواح المؤمنين وعظامهم ، وعلة اخرى أنه لا يحل أن يوطأ الميت لقول رسول الله صلى الله عليه وآله من وطئ قبرا فكأنما وطئ جمرا ، والعلة في جواد الطريق لما يقع فيما من بول الدواب والقذر ، والعلة في أعطان الابل أنها قذرة يبال في كل موضع منها ، والعلة في حجرة النمل أن النمل ربما أذاه ، فلا يتمكن من الصلاة ، والعلة في بطون الاودية أنها مأوى الحيات والجن والسباع ولا يأمن منها.

والعلة في بيت فيها تصاوير أنها تصاوير صورت على خلق الله عزوجل ، ولا يصلى في بيت فيه ذلك تعظيما لله عزوجل ، ولا في بيت فيه نار أو سراج بين يديك ، لان النار تعبد ولا يجوز أن يصلي ويسجد ونحوه إليه ، والعلة في بيت فيه صلبان أنها شركاء يعبدون من دون الله فينزه الله تبارك وتعالى أن يعبد في بيت فيه ما يعبد من دون الله ، ولا في بيت فيه الخمر ولحم الخنزير والميتة وما اهل لغير الله وهو الذي يذبح لغير الله ، ولا في بيت فيه الموقوذة وهي التي تضرب حتى تموت ، ولا في بيت فيه ما أكل السبع إلا ما ذكي ، ولا في بيت فيه النطيحة وهي التي تناطح بها حتى

____________________

(١) الاحقاف : ٢٩.

٣٢٨

تموت وما كانت العرب يذبحونها على الانصاب ، وهو القمار ، ولا في بيت فيه بول أو غائط.

والعلة في ذلك وهذه الاشياء كلها وهذه البيوت أن لا يصلى فيها أن الملائكة لايصلون ولا يحضرون هذه المواضع ، وقال الصادق عليه‌السلام : إذا قام المصلي للصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الارض ، وحفت به الملائكة ، ونادته الملائكة ، ويروى وناداه ملك لو علم المصلي ما في الصلاة ما انفتل فاذا صلي الرجل في هذه المواضع لم تحضره الملائكة ، ولم يكن له من الفضل ما قال الصادق عليه‌السلام ، و ترفع صلاته ناقصة.

والعلة في الحمام لموضع القذر والجن.

بيان : اشتمل كلامه على أشياء لم يذكر في أخبار اخر ، ولا في كلام غيره ، ولما كان من أصحاب الاخبار ، وفي إثبات الكراهة توسعة عند الاصحاب الاحتراز عنها أحوط وأولى [ أوردناه في الباب ] ظ ، ويظهر منه أن السبخة كراهة الصلاة فيها مخصوصه بموضع مخصوص ، ولعلها فيه آكد كراهة.

٣٠ ـ الهداية : تكره الصلاة في القبور ، والماء والحمام ، وقرى النمل ، و معاطن الابل ، ومجرى الماء ، والسبخة ، وذات الصلاصل ، ووادي الشقرة ، ووادي ضجنان ، ومسان الطرق ، وفي بيت فيه تماثيل إلا أن تكون بعين واحدة أو قد غير رؤوسها (١).

____________________

(١) الهداية ص ٣٢ ٣٣.

٣٢٩

٦

* ( باب ) *

* ( الصلاة في الكعبة ومعابد أهل الكتاب وبيوتهم ) *

١ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام قال : لا بأس بالصلاة في البيعة والكنيسة ، الفريضة والتطوع والمسجد أفضل (١).

٢ ـ العياشى : عن حماد ، عن صالح بن الحكم قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول وقد سئل عن الصلاة في البيع والكنايس فقال : صل فيها فقد رأيتها ما أنظفها قال : قلت اصلي فيها وإن كانوا يصلوا فيها؟ فقال : أما تقرأ القرآن ( قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ) (٢) صل إلى القبلة ودعهم (٣).

ايضاح : الظاهر أنه عليه‌السلام فسر الشاكلة بالطريقة ، وفسرت في بعض الاخبار بالنية ولا يناسب المقام كثيرا ، وقد حققناه في موضعه ، وقال الطبرسي ره أي كل واحد من المؤمن والكافر يعمل على طبيعته وخليقته التي تخلق بها ، عن ابن عباس ، وقيل على طريقته وسنته التي اعتادها عن الفراء والزجاج ، وقيل : على ماهو أشكل بالصواب وأولى بالحق عنده ، عن الجبائي ، قال : ولهذا قال ( فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ) أي إنه يعلم أي الفريقين على الهدى ، وأيهما على الضلال؟ وقيل : معناه إنه أعلم بمن هو أصوب دينا وأحسن طريقة انتهى (٤).

والظاهر أن الاستشهاد بالاية لانها يفهم منها أن بطلان المبطلين لا يضر حقية المحقين ، ثم المشهور بين الاصحاب عدم كراهة الصلاة في البيع والكنايس وذهب ابن البراج وسلار وابن إدريس إلى الكراهة ، لعدم انفكاكها من النجاسة غالبا ، وقال

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٧٠ ط حجر ص ٩٢ ط نجف.

(٢) أسرى : ٨٤.

(٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣١٦.

(٤) مجمع البيان ج ٦ ص ٤٣٦.

٣٣٠

الشيخان ره : لو كانت مصورة كره قطعا من حيث الصور وظاهر الخبر وما قبله عدم الكراهة ، وهذا الخبر يؤمي إلى طهارة أهل الكتاب إلا أن يقال ليس المراد بالنظافة الطهارة ، بل المراد أنه ليس فيها قذارة ولا نجاسة مسرية ، وقال في المنتهى : الاقرب أنه يستحب رش الموضع الذي يصلى فيه من البيع والكنايس ، لما رواه الشيخ في الصحيح (١) عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الصلاة في البيع والكنايس وبيوت المجوس فقال : رش وصل ، والعطف يقتضي التشريك في الحكم انتهى ، وهو حسن وإطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضي عدم الفرق بين إذن أهل الذمة وعدمه ، واحتمل الشهيد في الذكرى توقفها على الاذن تبعا لغرض الواقف وعملا بالقرينة ، والظاهر عدمه لا طلاق النصوص ويؤيده ورود الاذن في نقضها ، بل لو علم اشتراطهم عند الوقف عدم صلاة المسلمين فيها ، كان شرطهم فاسدا باطلا ، وكذا الكلام في مساجد المخالفين وصلاة الشيعة فيها.

٣ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن بواري اليهود والنصارى التي يقعدون عليها في بيوتهم أيصلى عليها قال : لا (٢).

بيان : حمل على الكراهة وعلى العلم بالنجاسة ، والاحوط الاجتناب لغلبة الظاهر فيه على الاصل ، وقال الشيخ في المبسوط : تجوز الصلاة في البيع والكنايس وتكره في بيوت المجوس ، وفي النهاية لا يصلى في بيت فيه مجوسى ولا بأس بالصلاة وفيه يهودي أو نصراني ، ولا بأس بالصلاة في البيع والكنايس.

وقال العلامة ره في المنتهى : تكره الصلاة في بيوت المجوس لانها لاتنفك عن النجاسات ، ويؤيده ما رواه أبوجميلة (٣) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا تصل

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٩٩.

(٢) قرب الاسناد ص ١١٢ ط نجف.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٢٤٤ ، ورواه الكلينى في الكافى ج ٣ ص ٣٨٩ عن أبى جميلة عن أبى أسامة عن أبي عبدالله عليه‌السلام.

٣٣١

في بيت فيه مجوسى ولا بأس أن تصلي في بيت فيه يهودي أو نصرانى.

ثم قال : ولا بأس بالصلاة في البيت إذا كان فيه يهودي أو نصرانى لانهم أهل كتاب ففار قوا المجوس ويؤيده رواية أبي جميلة ولو اضطر إلى الصلاة في بيت المجوسي صلى فيه بعد أن يرش الموضع بالماء على جهة الاستحباب ، لما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير (١) قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الصلاة في بيوت المجوس ، فقال : رش وصل.

أقول : ظاهر الاخبار كراهة الصلاة في البيت الذي فيه المجوسي ، سواء كان بيته أم لا ، وعدم كراهة الصلاة في بيته إن لم يكن فيه ، لكن يستحب الرش ، والاحوط انتظار الجفاف كما هو ظاهر انتهى.

٤ ـ كتاب محمد بن المثنى : عن جعفر بن محمد بن شريح ، عن ذريح المحاربي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألت الصلاة في بيوت المجوس فقال : أليست مغازيكم؟ قلت : بلى قال : نعم.

بيان أليست مغازيكم أي تردونها في الذهاب إلى غزو العدو ، فيدل على أن التجويز مقيد بالضرورة.

٥ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن ميمون ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه أنه رأى علي بن الحسين عليهما‌السلام يصلي في الكعبة ركعتين (٢).

٦ ـ المقنعة : قال : قال عليه‌السلام : لاتصل المكتوبة في جوف الكعبة ، ولا بأس أن تصلي فيها النافلة (٣).

٧ ـ المناقب : لابن شهر آشوب ، عن معاوية بن عمار قال : سألت الصادق عليه‌السلام لم لاتجوز المكتوبة في جوف الكعبة؟ قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يدخلها

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٩٩.

(٢) قرب الاسناد ص ١٣ ط حجر ص ١٨ ط نجف.

(٣) المقنعة ٧١.

٣٣٢

في حج ولا عمرة ، ولكن دخلها في فتح مكة فصلى فيها ركعتين بين العمودين ، ومعه اسامة (١).

بيان : رواه في التهذيب (٢) عن الطاطري ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن معاوية وعن الحسين بن سعيد (٣) عن فضالة عن معاوية ، ويحتمل أن يكون ذكر عدم الدخول في الحج والعمرة استطرادا ، ولو ذكر للتعليل فوجه الاستدلال به أنه لم يدخلها مكررا حتى يتوهم أنه صلى فيها فريضة ، بل دخلها مرة واحدة ، ولم يكن وقت فريضة ، أو أنه لم يدخلها في الحج والعمرة حتى يتوهم أنهما كانتا صلاة الطواف الواجب.

ثم اعلم أنه لا خلاف في جواز النافلة في الكعبة وأما الفريضة ، فالمشهور بين الاصحاب فيها الكراهة ، وقال ابن البراج والشيخ في الخلاف بالتحريم ، بل ادعى الشيخ إجماع الفرقة عليه ، مع أنه خالف ذلك في أكثر كتبه ، وقال بالكراهة ، والكراهة أقوى والترك أحوط.

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٢٥٧.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٢٤٥ ط حجر ج ٢ ص ٢٨٢ ط نجف.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٥٢٦ ط حجر. ج ٥ ص ٢٧٩ ط نجف ، باب دخول الكعبة.

٣٣٣

٧

* ( باب ) *

* ( صلاة الرجل والمرءة في بيت واحد ) *

١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن علي ، بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يكون يصلي الضحى وأمامه امرأة تصلي بينهما عشرة أذرع؟ قال : لا بأس ليمض في صلاته (١).

وسألته عن الرجل يكون في صلاته هل يصلح له أن تكون امرأة مقبلة بوجهها عليه في القبلة قاعدة أو قائمة؟ قال : يدرأها عنه فان لم يفعل لم يقطع ذلك صلاته (٢).

وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في مسجد قصير الحائط وامرأة قائمة تصلي بحياله ، وهو يراها وتراه؟ قال : إن كان بينهما حائط قصيرا أو طويلا فلا بأس (٣).

توضيح : قوله ( يصلي الضحى ) : الضحى ظرف أي يصلي في هذا الوقت صلاة مشروعة ، ولو كان المراد صلاة الضحى فالتقرير للتقية.

٢ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنما سميت مكة بكة لانه يبك بها الرجال والنساء ، والمرءة تصلي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك وعن شمالك ومعك ، ولا بأس بذلك ، إنما يكره في سائر البلدان (٤).

٣ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن حماد بن عيسى وفضالة ، عن معاوية قال : قلت

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٢٣ ط نجف.

(٢) قرب الاسناد ص ٩١ ط حجر ص ١٢٣ ط نجف.

(٣) قرب الاسناد ص ١٢٤ ط نجف.

(٤) علل الشرائع ج ٢ ص ٨٤.

٣٣٤

لابي عبدالله عليه‌السلام أقوم اصلي والمرءة جالسة بين يدي أو مارة ، فقال : لا بأس إنما سميت بكة لانه يبك فيها الرجال والنساء (١).

٤ ـ السرائر : نقلا من كتاب النوادر لاحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن المفضل ، عن محمد الحلبي قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلي بحذائه في الزاوية الاخرى؟ قال : لا ينبغي ذلك إلا أن يكون بينهما ستر ، فان كان بينهما ستر أجزأه (٢).

ومنه : نقلا من كتاب حريز قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام المرءة والرجل يصلي كل واحد منهما قبالة صاحبه؟ قال : نعم ، إذا كان بينهما قدر موضع رحل.

قال : وقال زرارة وقلت له : المرءة تصلي حيال زوجها؟ فقال : تصلي بازاء الرجل إذا كان بينها وبينه قدر مالا يتخطى ، أو قدر عظم الذراع فصاعدا (٣).

٥ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يصلح أن يصلي في مسجد وحيطانه كوى كله قبلته وجانباه وامرأة تصلي حياله يراها ولا تراه؟ قال : لا بأس (٤).

تحقيق وتبيين

الكوى بالضم جمع كوة بالفتح والضم والتشديد ، وهي الخرق في الحائط.

واعلم أن الاصحاب اختلفوا في أن المنع من محاذاة الرجل والمرءة في الصلاة على التحريم أو الكراهة ، فذهب المرتضى وابن إدريس وأكثر المتأخرين إلى الثاني ، و ذهب الشيخان إلى أنه لا يجوز أن يصلي الرجل وإلى جنبه امرءة تصلي ، سواء صلت بصلاته أم لا ، فان فعلا بطلت صلاتهما ، وكذا إن تقدمته عند الشيخ ، ولم يذكر ذلك المفيد ، وتبعهما ابن حمزة وأبوالصلاح ، وقال الجعفي : ومن صلى وحياله امرءة وليس

____________________

(١) المحاسن ص ٣٣٧.

(٢) السرائر ص ٤٦٥.

(٣) السرائر ص ٤٧٢.

(٤) البحار ج ١٠ ص ٢٦٤.

٣٣٥

بينهما قدر عظم الذراع فسدت الصلاة.

ثم اختلفوا فيما يزول به الكراهة أو التحريم ، فمنهم من قال يزول بالحائل بينهما أو بتباعد عشرة أذرع ، أو وقوع صلاتها خلفه بحيث لا يحاذي جزء منها جزءا منه في جميع الاحوال ، وقال في المعتبر : لو كانت متأخرة عنه ولو بشبر أو مسقط الجسد أو غير متشاغلة بالصلاة لم يمنع ، ونحوه قال في المنتهى وظاهر الشيخ في كتابي الحديث أيضا الاكتفاء بالشبر والظاهر أنه لا خلاف في زوال المنع بتوسط الحائل أو بعد عشرة أذرع وقد حكى الفاضلان عليه الاجماع ، لكن في بعض الروايات أكثر من عشرة أذرع ، والظاهر أن زوال المنع بصلاتها خلفه أيضا في الجملة إجماعي.

ثم إن الشهيد الثاني ره : اعتبر في الحائل أن يكون مانعا من الرؤية ، و كلام سائر الاصحاب مطلق ، وخبرا علي بن جعفر يدلان على عدمه ، وقال العلامة في النهاية : ليس المقتضي للتحريم أو الكراهة النظر ، لجواز الصلاة وإن كانت قد امه عارية ، ولمنع الاعمى ومن غمض عينيه ، وقريب منه كلامه في التذكرة ، وفي البيان وفي تنزيل الظلام أو فقد البصر منزلة الحائط نظر أقربه المنع ، وأولى بالمنع منع الصحيح نفسه من الاستبصار ، واستوجه في التحرير الصحة في الاعمى ، واستشكل فيمن غمض عينيه ، والظاهر عدم زوال المنع بشئ من ذلك ، كما هو الظاهر من الاخبار.

واختلف في الصغيرين والصغير والكبير والظاهر اشتراط البلوغ فيهما ، وذهب الاكثر إلى اشتراط تعلق الكراهة والتحريم بصلاة كل منهما صحة صلاة الاخر ، و احتمل الشهيد الثاني عدم الاشتراط ، وإطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق بين اقتران الصلاتين أو سبق إحداهما في بطلان الكل ، وذهب جماعة من المتأخرين إلى اختصاص البطلان بالمقترنة والمتأخرة دون السابقة ، وفي التقدير بعشرة أذرع الظاهر أن مبدءه الموقف ، وربما يحتمل مع تقدمها اعتباره من موضع السجود.

والذي يظهر من الاخبار أن الحكم على الكراهة تزول بتأخرها بشبر ، و الذراع أفضل ، وبمسقط السجد أحوط ، وبعشرة أذرع أو بحائل بينهما ، وإن كان بقدر ذراع أو بقدر عظم الذراع أيضا إذ الظاهر من رواية زرارة ( قدر مالا يتخطى أو قدر

٣٣٦

عظم الذراع ، أن يكون بينهما شئ ارتفاعه أحد المقدارين ، ورواية الحلبي رواها الشيخ في الصحيح (١) عن العلا ، عن محمد بن مسلم بتلك العبارة بعينها إلا أن فيه ( لا ينبغي ذلك فان كان بينهما شبر أجزأه ذلك ) بالشين المعجمة والباء الموحدة وقال الشيخ بعد ذلك يعني إذا كان الرجل متقدما للمرءة بشبر.

واحتمل الشيخ البهائي قدس سره كون المفسر محمد بن مسلم بأن يكون فهم ذلك من الامام عليه‌السلام لقرينة حالية أو مقالية ، وقال : قد استبعد بعض الاصحاب هذا التفسير واختار جعل الشبر في الحديث بالسين بالمهملة والتاء المثناة من فوق ، وهو كماترى ، و ربما يقال في وجه الاستبعاد أن بلوغ الحجرة في الضيق إلى حد لا يبلغ البعد بين المصليين في زاويتيها مقدار شبر خلاف الغالب المعتاد ، وليس بشئ لانه إذا كان المراد كون الرجل أقرب إلى القبلة من المرءة بشبر ، لا يلزم حمل الحجرة على خلاف مجرى العادة.

وقال ره إلحاق التاء بالعشرة يعطي عدم ثبوت ما نقله بعض اللغويين من أن الذراع مؤنث سماعي انتهى.

ثم إنهم ذكروا أن جميع ذلك في حال الاختبار ، فأما مع الاضطرار فلا كراهة وأما استثناء مكة من هذا الحكم كمامر في رواية الفضيل ، فلم أر التصريح به في كلام الاصحاب ، وظاهر الصدوق ره القول به ، نعم قال العلامة قدس سره في المنتهى : لا بأس بالصلاة هناك والمرءة قائمة أو جالسة بين يديه ، لما رواه الشيخ عن معاوية (٢).

قال قلت لابي عبدالله عليه‌السلام أقوم اصلي بمكة ومرءة بين يدي جالسة أو مارة؟ قال : لا بأس إنما سميت مكة بكة لانه تبك فيه الرجال والنساء.

وقال في التذكرة : ولا بأس بأن يصلى في مكة زادها الله شرفا إلى غير سترة لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى هناك وليس بينه وبين الطواف سترة.

ولان الناس يكثرون هناك لاجل قضاء نسكهم وسميت بكة ، لان الناس

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢٠١.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٥٧٦ باب الزيادات من الحج.

٣٣٧

يتباكون فيها : أي يزد حمون ، ويدع بعضهم بعضا ، فلو منع المصلي من يجتاز بين يديه ضاق على الناس ، وحكم الحرم كله ذلك لان ابن عباس قال : أقبلت راكبا على حمار ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار ، ولانه محل المشاعر والمناسك انتهى.

ولا يبعد القول به ، لان رعاية هذا عند المقام يوجب الحرج غالبا لتضيق الوقت والمكان ، ولا يمكن رعاية ذلك في غالب الاوان ، ولتلك الرواية (١) التي ليس فيها ما يتأمل فيه إلا أبان (٢) وهو وإن رمي بالناووسية ، لكن روي فيه إجماع العصابة.

____________________

(١) يعنى مامر تحت الرقم ٢ من كتاب العلل.

(٢) يعنى أبان بن عثمان الاحمر ، وقوله ( وان رمى بالناووسية ) فتد اختلف فيه نسخ رجال الكشى وهو الاصل في هذا ، ففى بعضها. وكان من القادسية ) راجع في ذلك قاموس الرجال للتسترى.

٣٣٨

٨

* ( باب ) *

* ( فضل المساجد وأحكامها وآدابها ) *

الايات : البقرة : ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها اولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين * لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم (١).

الاعراف : وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد (٢).

التوبة : ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر اولئك حبطت أعمالهم وفي النارهم خالدون * إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى اولئك أن يكونوا من المهتدين * أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عندالله والله لا يهدي القوم الظالمين (٣).

وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا (٤).

وقال تعالى : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين و إرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون * لا تقم فيه أبدا لمسجد اسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين (٥).

____________________

(١) البقرة : ١١٤ و ١١٥.

(٢) الاعراف : ٢٩.

(٣) براءة : ١٧ ١٩.

(٤) براءة : ٢٨.

(٥) براءة : ١٠٧ ١٠٨.

٣٣٩

يونس : واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلوة (١).

الحج : ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا (٢).

الجن : وأن المساجد لله فلا تدع مع الله أحدا (٣).

تفسير : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله ) في (٤) تفسير العسكري عليه‌السلام (٥) هي مساجد خيار المؤمنين بمكة ، منعوهم عن التعبد فيها بأن ألجأوا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الخروج عن مكة ، وفي تفسير علي بن إبراهيم (٣) وغيره عن الصادق عليه‌السلام أنهم قريش حين منعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخول مكة والمسجد الحرام ، وروي عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام أنه أراد جميع الارض لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جعلت لي الارض مسجدا وطهورا (٧).

أقول : اللفظ يقتضي العموم في المسجد والمانع والذكر.

( وسعى في خرابها ) أي في خراب تلك المساجد ، لئلا تعمر بطاعة الله ( اولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ) في تفسير الامام عليه‌السلام أنه وعد للمؤمنين بالنصرة ، و استخلاص المساجد منهم ، وقد أنجز وعده بفتح مكة لمؤمني ذلك العصر ، وسينجزه لعامة المؤمنين حين ظهور القائم عليه‌السلام ، وقيل المعنى : كان حقهم بحسب حالهم أن لا يدخلوها إلا خائفين من المؤمنين ، فكيف جازلهم أن يمنعوا المؤمنين ، وقيل : إلا خائفين من أن ينزل عليهم عذاب ، لا ستحقاقهم ذلك ، وقيل : ما كان لهم أن يدخلوها إلا بخشية وخضوع فضلا عن أن يجترؤا على تخريبها.

فيستفاد منها استحباب دخولها بالخضوع والخشوع والخشية من الله تعالى ، كما

____________________

(١) يونس : ٨٧.

(٢) الحج : ٤٠.

(٣) الجن : ١٨.

(٤) البقرة : ١١٤.

(٥) تفسير الامام العسكرى : ٢٥٦.

(٦) تفسير القمى : ٥٠.

(٧) تفسير مجمع البيان ج ١ ص ١٩٠.

٣٤٠