بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

( وثيابك فطهر ) قال : يعني فشمر ، ثم قال : لا يجوز ثوبك كعبك ، فان الاسبال من عمل بني امية.

١١ ـ قرب الاسناد : بسنده عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن رجل عريان وقد حضرت الصلاة فأصاب ثوبه بعضه دم أو كله أيصلي فيه أو يصلي عريانا؟ قال : إن وجد ماء غسله ، فان لم يجد ماء صلى فيه ، ولم يصل عريانا (١).

بيان : اختلف الاصحاب في هذه المسألة ، فذهب الشيخ وأكثر الاصحاب إلى أن من ليس معه إلا ثوب نجس ، وتعذر تطهيره ، نزعه وصلى عريانا موميا ، وقال ابن الجنيد : لو كان مع الرجل ثوب فيه نجاسة لا يقدر على غسلها ، كان صلاته فيه أحب إلى من صلاته عريانا ، وقال العلامة في المنتهى والمحقق في المعتبر بالتخيير من غير ترجيح ، والاخبار في ذلك مختلفة ، وجمع ابن الجنيد بينها بحمل أخبار الصلاة عاريا على الجواز ، وهذا ومثله على الاستحباب ، وهذا وجه قريب ، ويؤيده أن في الصلاة عاريا يفوت أصل الشرط أعني السترمع الركوع والسجود والقيام ، بخلاف ما إذا صلى في الثوب النجس فانه يفوت وصف من أوصاف الشرط ، ويأتي بالاركان صحيحة وأيضا أخبار الصلاة (٢) في الثوب أصح سندا.

وأجاب الشيخ عن هذه الاخبار بحمل الصلاة على صلاة الجنازة وبأن المراد الصلاة فيه إذا لم يتمكن من نزعه ، وحمل خصوص هذا الخبر على أن المراد بالدم ما تجوز الصلاة فيه كدم السمك ولا يخفى ما في الجميع من التكلف ، والاولى الصلاة في الثوب وإن كان الاحوط الصلاة عاريا أيضا.

١٢ ـ قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام قال : السيف بمنزلة الرداء تصلي فيه

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١١٦ ط نجف ص ٨٩ ط حجر.

(٢) راجع التهذيب ج ١ ص ١٩٩ ، الكافى ج ٣ ص ٣٩٦.

٢٦١

ما لم ترفيه دما (١).

بيان : التقييد بعدم رؤية الدم إما على الاستحباب ، أو هو مبني على اختصاص الحكم بالملابس والاثواب ، وقدمر القول فيه.

١٣ ـ دعائم الاسلام : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه نهى عن الصلاة في ثياب اليهود والنصارى والمجوس يعني التي لبسوها (٢).

١٤ ـ الهداية : كل مالا تتم الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه ، إذا أصابه قذر ، مثل العمامة والقلنسوة والتكة والجورب والخف (٣).

بيان : إطلاق كلامه يقتضي عدم الفرق في ما لاتتم الصلاة فيه كونه من الملابس وغيرها ، ولا في الملابس بين كونها في محالها أم لا ، وإلى هذا التعميم أشار في المعتبر ، ونقل عن القطب الراوندي أنه حصر ذلك في خمسة أشياء : القلنسوة ، والتكة ، والخف. والنعل ، والجورب ، وعن ابن إدريس أنه خص الحكم بالملابس ، واختاره العلامة في جملة من كتبه ، واعتبر كونها في محالها والتعميم أظهر.

ثم اعلم أن إدخال العمامة في ذلك مما تفرد ره به وكأنه أخذه من الفقه (٤) ويشكل بأن أكثر العمائم مما تتم الصلاة فيها وحدها ، ولعل مراده عدم تمام الصلاة فيها مع بقاءها على تلك الهيئة ، وفيه ما لا يخفى ، وربما يحمل كلامه على العمامة الصغيرة التي لا يمكن ستر العورة بها كالعصابة كما ذكره القطب الراوندي ، وبالجملة العمل بظاهره مشكل ، وإن احتمله بعض المحققين من المتأخرين.

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٦٢ ط حجر ص ٨٢ ط نجف.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٧.

(٣) الهداية ص ١٥ ط الاسلامية.

(٤) فقه الرضا ص ٦ ، وقدمر تحت الرقم ٦.

٢٦٢

٧

* ( باب ) *

* ( حكم المختضب في الصلاة ) *

١ ـ العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار عن يونس ، عن جماعة من أصحابنا قال : سئل أبوعبدالله عليه‌السلام ما العلة التي من أجلها لا يحل للرجل أن يصلي وعلى شاربه الحنا؟ قال : لانه لا يتمكن من القراءة والدعاء (١).

٢ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، وغيره ، عن أبان ، عن مسمع بن عبدالملك قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لا يصلي المختضب ، قلت : جعلت فداك ولم؟ قال : إنه محصر (٢).

بيان : محصر أي ممنوع عن القراءة والذكر ، وبعض أفعال الصلاة ، قال في النهاية : الا حصار المنع والحبس ، يقال أحصره المرض أو السلطان : إذا منعه عن مقصده ، فهو محصر ، وحصره إذا حبسه فهو محصور.

٣ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل والمرءة أيصلح لهما أن يصليا وهما مختضبان بالحناء والوسمة؟ قال : إذا برزالفم والمنخر فلا بأس (٣).

٤ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن أبان ، عن مسمع بن عبدالملك قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لا يختضب الجنب ولا يجامع المختضب ، ولا يصلي المختضب

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٣٢.

(٢) علل الشرائع ج ٢ ص ٤٢.

(٣) قرب الاسناد ص ٩١ ط حجر ، ومثله في المسائل : البحارج ١٠ ص ٢٦٩.

٢٦٣

قلت : جعلت فداك لم لا يجامع المختضب ولا يصلي؟ قال : لانه مختضب (١).

بيان : أي الخضاب واقعا له تأثير في المنع ، وليس عليكم أن تعلموا سببه ، ولا يبعد أن يكون ( لانه محصر ) فصحف ، لان الراوي واحد ، ويمكن الجمع بين الاخبار بحمل أخبار المنع على ما إذا منع القراءة أو بعض الافعال ، وأخبار الجواز على عدمه ، فيكون المنع محمولا على الحرمة أو المنع على ما إذا لم يأت بالافعال على وجه الكمال ، فيكو النهي للتنزيه ، فلا ينافي الجواز.

قال في المنتهى : لا بأس للرجل والمرءة أن يصليا وهما مختضبان ، أو عليهما خرقة الخضاب إذا كانت طاهرة ، ثم استشهد بصحيحة رفاعة (٢) وخبر سهل ابن اليسع (٣) ثم قال : هذا وإن كان جائزا إلا أن الاولى نزع الخرقة وأن يصلي ويده بارزة ، واستدل بخبر الحضرمي المشتمل على المنع (٤) ثم قال : ولا فرق بين الرجل والمرءة في ذلك لرواية عمار (٥) وصحيحة علي بن جعفر (٦).

____________________

(١) المحاسن ص ٣٣٩.

(٢ و ٣) التهذيب ج ١ ص ٢٣٨.

(٤) التهذيب ج ١ ص ٢٣٧ ، الكافى ج ٣ ص ٤٠٨.

(٥ و ٦) التهذيب ج ١ ص ٢٣٨.

٢٦٤

٨

* ( باب ) *

* ( حكم ناسى النجاسة في الثوب والجسد وجاهلها ) *

* ( وحكم الثوب المشتبه ) *

١ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة ولم تهرق الماء ، ثم توضأت ونسيت أن تستنجي ، فذكرت بعد ما صليت فعليك الاعادة ، وإن كنت أهر قت الماء ونسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك ، لان البول مثل البراز (١).

بيان : قد سبق الكلام فيه في كتاب الطهارة (٢) وأن الاشهر في ناسي استنجاء البول ذلك ، وفي نسيان استنجاء الغائط عدم الاعادة مطلقا ، والاحوط العمل بالمشهور.

٢ ـ تفسير على بن ابراهيم : من كان عليه ثوبان فأصاب أحدهما بول أو قذر أو جنابة ولم يدر أي الثوبين أصاب القذر ، فانه يصلي فيهذا وفي هذا ، فاذا وجد الماء غسلهما جميعا (٣).

بيان : يدل على وجوب الصلاة في كل من الثوبين المشتبهين ، كما هو المشهور بين الاصحاب ، والظاهر أخذه من الرواية ، لانه من أرباب النصوص ويدل عليه حسنة صفوان (٤) ونقل الشيخ في الخلاف عن بعض علمائنا أنه يطرحهما ويصلي

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٦٧.

(٢) راجع ج ٨٠ ص ٢٠٨.

(٣) تفسير القمى ص ٧٠.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٩٩.

٢٦٥

عريانا ، وجعله في المبسوط رواية ، واختاره ابن إدريس والاول أقوى للرواية المتقدمة ولورود الروايات بالصلاة في الثوب المتيقن النجاسة ، والمشهور في الثياب الكثيرة المشتبهة أيضا ذلك ، إلا ، أن يضيق الوقت فيصلي عريانا على الاشهر ، والاظهر تعين الصلاة في الممكن ، وإن كان واحدا إذ الاظهر جواز الصلاة في الثوب المتيقن النجاسة ، بل تعينها كمامر.

٣ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إن كنت أهرقت الماء فتوضأت ونسيت أن تستنجي حتى فرغت من صلاتك ، ثم ذكرت فعليك أن تستنجي ثم تعيد الوضوء والصلاة (١).

وقال عليه‌السلام : قدري وفي المنى إذا لم تعلم من قبل أن تصلي فلا إعادة عليك (٢).

٤ ـ السرائر : من كتاب المشيخة لابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن رأيت في ثوبك دما وأنت تصلي ولم تكن رأيته قبل ذلك فأتم صلاتك ، فاذا انصرفت فاغسله ، قال : وإن كنت رأيته قبل أن تصلي فلم تغسله ثم رأيته بعد وأنت في صلاتك ، فانصرف واغسله وأعد صلاتك (٣).

بيان : يدل ظاهرا على أن الجاهل إذا رأى في أثناء الصلاة لا يستأنف ولا يطرح ، بل يتم الصلاة فيه ، ويحمل على ما إذا لم يكن عليه غيره ، أولم يكن له ثوب غيره أصلا ، وعلى أن الناسي إذا رأى في الاثناء يستأنف ، وسيأتي تفصيل القول فيه.

٥ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن الوليد ، عن عبدالله بن بكير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلى فيه وهو لا يصلي فيه ، قال : لا يعلمه

____________________

(١) فقه الرضا ص ٣.

(٢) فقه الرضا ص ٦.

(٣) السرائر ص ٤٧٣.

٢٦٦

قلت : فان أعلمه قال : يعيد (١).

بيان : ظاهره أن قول المالك بالنجاسة وغيرها معتبر مقبول ، ويدل على أنه لا يلزم إعلام الجاهل بشئ لا يجوز له مع علمه ، ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلي قال : لا يوذيه وفي بعض النسخ لا يؤذنه حتى ينصرف (٢).

وأما الامر بالاعادة مع الاعلام فلعله محمول على الاستحباب ، أو على ما إذا صلى بعد الاخبار ، وإن كان بعيدا ، لما ستعرف من عدم إعادة الجاهل ولما رواه الشيخ في الصحيح عن العيص قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل صلى في ثوب رجل أياما ثم إن صاحب الثوب أخبره أنه لا يصلي فيه ، قال : لا يعيد شيئا من صلاته (٣).

وقال في التذكرة : لو استعار ثوبا وصلى فيه ثم أخبره المالك بنجاسته لم تجب عليه الاعادة ، خصوصا إذا خرج الوقت عملا بالاصل ، ولان قول الغير لا يقبل في حقه ، ولصحيحة العيص.

٦ ـ نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : من صلى في ثوب نجس فلم يذكره إلا بعد فراغه فليعد صلاته (٤).

بيان : يدل على إعادة الناسي ويحمل على الوقت أو على الاستحباب كما سيأتي.

٧ ـ العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز عن زرارة قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : إنه أصاب ثوبي دم من الرعاف أو غيره أوشئ من مني فعلمت أثره إلى أن اصيب له ماء فأصبت الماء وقد حضرت الصلاة

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٧٩ ط حجر ص ١٠٣ ط نجف.

(٢ و ٣) التهذيب ج ١ ص ٢٣٩.

(٤) نوادر الراوندى : لم نجده.

٢٦٧

ونسيت أن بثوبي شيئا فصليت ثم إني ذكرت بعد ، قال : تعيد الصلاة وتغسله ، قال : قلت : فان لم أكن رأيت موضعه ، وقد علمت أنه قد أصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما صليت وجدته ، قال : تغسله وتعيد.

قال : قلت : فان ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك ، فنظرت فلم أرشيئا ثم طلبت فرأيته فيه بعد الصلاة ، قال : تغسله ولا تعيد الصلاة ، قال : قلت : ولم ذاك؟ قال : لانك كنت على يقين من نظافته ، ثم شككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا ، قلت : فاني قد علمت أنه أصابه ولم أدر أين هو فأغسله؟ قال : تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه أصابها حتى تكون على يقين من طهارته.

قال : قلت : فهل على إن شككت في أنه أصابه شئ أن أنظر فيه فأقلبه؟ قال : لا ، ولكنك إنتما تريد بذلك أن تذهب الشك الذي وقع في نفسك ، قال : قلت : فاني رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة ، قال : تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته فيه ، وإن لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت وغسلته ثم بنيت على الصلاة ، فانك لا تدري لعله شئ وقع عليك ، فليس لك أن تنقض بالشك اليقين (١).

توضيح : قوله عليه‌السلام : ( لانك كنت على يقين ) الخ أقول يحتمل هذا الكلام وجهين :

الاول : أن يكون المعنى أنك لما كنت أولا على يقين من طهارة الثوب أي قبل أن تظن أنه أصابته نجاسة ، والمراد بقوله ثم شككت الظن الذي حصل له ، ثم انقلب الظن بالشك بعد النظر ، ولا عبرة بهذا الشك بعد علم الطهارة ، فقد صليت في ثوب محكوم بطهارته شرعا ، فلا يلزمك الاعادة بطريان العلم بعد الصلاة بكون الثوب نجسا حالة الصلاة ، فيومي إلى إجزاء صلاة تكون ظاهرا موافقة للامر

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٤٩ ، ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ١٩٩. الاستبصار ج ١ ص ٩١.

٢٦٨

وإن ظهر خلافه.

الثانى : أن يكون المراد بحالة اليقين مجموع حالتي اليقين والظن السابقتين ، وبحالة الشك حالة الرؤية أي كنت سابقا على يقين من الطهارة وبعد الظن والتفحص لم يزل ذلك اليقين وصليت على تلك الحالة ، ثم شككت بعد الرؤية في أنه هل كان حالة الصلاة الثوب نجسا أو طرأت النجاسة بعد حين الرؤية ، فلا يحكم بمجرد الشك ببطلان الصلاة ، وعلى هذا لا يدل على عدم إعادة الجاهل ، بل فيه إيماء إلى الاعادة ولا يخفى أن الاول أظهر.

وقال الشيخ البهائي قدس سره : ما تضمنه من قوله عليه‌السلام ( تعيد الصلاة و تغسله ) يدل باطلاقه على ما ذهب إليه الثلاثة قدس الله أرواحهم من أن من علم بالنجاسة ثم نسيها وصلى ثم ذكر فعليه الاعادة في الوقت وخارجه ، وبه قال ابن حمزة والعلامة وشيخنا الشهيد ، ونقل ابن إدريس على ذلك الاجماع ، وقال : لولا الاجماع لما صرت إليه ، ويؤيد ذلك إطلاقه عليه‌السلام الاعادة في بعض الاخبار. والشيخ في الاستبصار جمع بين هذه الاخبار بحمل ما تضمن الاعادة على أن المراد به مع بقاء الوقت وما تضمن عدمها على ما إذا خرج الوقت وهو غير بعيد ، وقول زرارة ( فان ظننت أنه قد أصابه إلى آخره ) وقوله عليه‌السلام : ( لانك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت ) ربما استفيد منه أن ظن النجاسة لا يقوم مقام العلم ، وأن الظن. قد يطلق عليه اسم الشك وليس بشئ ، فان قول زرارة ( فنظرت فلم أرشيئا ) يعطي تغير ذلك الظن ، وقوله عليه‌السلام : ( ثم شككت ) ينبئ عن انقلاب ذلك الظن بسبب عدم الرؤية شكا.

وقد دل هذا الحديث على أن من شك في أن النجاسة هل أصابت ثوبه فليس عليه أن ينظر إلى الثوب ويستعلم الحال ليصير على يقين من أمره بل يستصحب طهارة الثوب إلى أن يتحقق ما يزيلها ، والمراد أن هذا التفحص ليس أمرا واجبا عليه بحيث يعاقب على تركه ، والظاهر أنه لو تفحص لا ستعلام الحال تحصيلا لليقين ، واحتياطا لامر الدين : واهتماما بشأن العبادة ، لكان مثابا ومتمثلا لقوله

٢٦٩

( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ).

واعلم أن بعض الاصحاب جعل ما تضمنه هذا الحديث من قول زرارة ( فاني رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة ) وقوله عليه‌السلام في جوابه : ( تنقض الصلاة ) دالا على أن من علم النجاسة في ثوبه ثم نسيها ورآها في أثناء الصلاة فانه يقطع الصلاة ، وهو مبني على أن هذا القول من زرارة مندرج تحت قوله في أول الحديث أصاب ثوبي دم من الرعاف أو غيره إلى قوله ( ونسيت أن بثوبي شيئا ) وأن قوله عليه‌السلام : ( تنقض الصلاة ) منقطع عن قوله ( وتعيد إذا شككت ) إلى آخره.

وهو كماترى ، فان الظاهر أن هذا القول من زرارة غير مندرج تحت كلامه ذلك ، ولا منخرط في سلكه ، وأن قوله عليه‌السلام ( تنقض الصلاة ) غير منقطع عن قوله ( وتعيد إذ شككت ) بل هو مرتبط به.

وظني أن هذا القول من زرارة إن جعل مرتبطا بما قبل فليجعل مرتبطا بقوله ( فهل على إن شككت ) فكأنه قال : إذا شككت قبل الصلاة في إصابته ثوبي ثم رأيته فيه وأنا في الصلاة فما الحكم؟ فأجابه عليه‌السلام بأنه إذا سبق شكك في موضع من الثوب أنه أصابه نجاسة ثم رأيتها وأنت في الصلاة فانقض الصلاة وأعدها ، وإن لم يكن سبق منك شك في إصابة النجاسة وكنت خالي الذهن من ذلك ، ثم رأيته على وجه يحتمل تجدده في ذلك الوقت ، قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت ولعل بعض الشقوق الاخر المحتملة كان زرارة عالما بها ، فلذلك سكت عليه‌السلام عن التعرض لها انتهى.

وقال الشهيد طاب ثراه في الذكرى : ولو قيل لا إعادة على من اجتهد قبل الصلاة ، ويعيد غيره ، أمكن لما رواه محمد بن مسلم (١) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ذكر المنى فشدده وجعله أشد من البول ثم قال : إن رأيت المني قبل أو بعدما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة ، فان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٧٢ و ٩٩.

٢٧٠

فيه ثم رأيته بعد فلا إعادة عليك. وكذا البول إن لم يكن إحداث قول ثالث.

اقول : قدمر بعض القول منا فيه في كتاب الطهارة (١).

٨ ـ قرب الاسناد : وكتاب المسائل بسنديهما ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن رجل احتجم فأصاب ثوبه دم فلم يعلم به حتى إذا كان من الغد كيف يصنع؟ قال : إن كان رآه فلم يغسله فليقض جميع ما فاته على قدر ما كان يصلي ، ولا ينقص منها شئ ، وإن كان رآه وقد صلى ، فليعتد بتلك الصلاة ثم ليغسله (٢).

بيان : يستفاد منه بظاهره إعادة العامد والناسي في الوقت وخارجه ، وعدم إعادة الجاهل مطلقا ، وجملة القول فيه أنه لا خلاف في العامد العالم بعدم جواز الصلاة في الثوب النجس أنه يعيد في الوقت وخارجه ، إن لم تكن النجاسة من المستثنيات ، وأما العامد الجاهل للحكم فالمشهور فيه أيضا ذلك ، وفيه إشكال ، وإن كان العمل بالمشهور أحوط بل أقوى.

وأما الناسي فذهب الشيخ في أكثر كتبه والمفيد والمرتضى وابن إدريس إلى الاعادة في الوقت وخارجه ، وحكي عن الشيخ في بعض أقواله عدم وجوب الاعادة مطلقا ، ومال إليه في المعتبر ، وذهب في الاستبصار إلى أنه يعيد في الوقت دون خارجه ، جمعا بين الاخبار كما عرفت ، والاحوط الاول والثاني لعله أقوى

____________________

(١) راجع ج ٨٠ ص ١٢٤ ١٢٥.

(٢) قرب الاسناد ص ٩٥ ص حجر ، ١٢٥ ط نجف : ووجه الحديث مع ما سبق في ذيل قوله تعالى ( وثيابك فطهر والرجز فاهجر ) أن طهارة الثوب والبدن من سنن الصلاة فلا تبطل الصلاة بالاخلال به الاعمدا أن الذى علم بنجاسة الثوب والبدن ثم نسى وصلى بالنجاسة ، كالعامد حيث أهمل طهارته حين علم بالنجاسة حتى نسيه. وفى الموثق عن سماعة قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الرجل يرى في ثوبه الدم فينسى أن يغسله حتى يصلى ، قال : يعبد صلاته ، كى يهتم بالشئ اذا كان في ثوبه ، عقوبة لنسيانه ، قلت : فكيف يصنع من لم يعلم؟ أيعيد حين يرفعه؟ قال : لا ، ولكن يستأنف.

٢٧١

إذ يمكن حمل أخبار الاعادة علي الاستحباب.

وأما الجاهل للنجاسة إذا لم يعلم إلا بعد الصلاة ، فالمشهور عدم الاعادة مطلقا ، وقال الشيخ في المبسوط : يعيد في الوقت خاصة ، وظاهرهم الاتفاق على عدم وجوب القضاء إذا علم بها بعد الوقت ، ونقل في المهذب عليه الاجماع ، وربما ظهر من عبارة المنتهى تحقق الخلاف فيه أيضا ، والاظهر عدم الاعادة مطلقا.

ولو وجد في ثوبه أو جسده نجاسة وهو في الصلاة فاما أن يعلم سبقها على الصلاة أم لا؟ أما الاول فقد صرح الشيخ في المبسوط والنهاية والفاضلان ومن تبعهم بأنه يجب عليه إزالة النجاسة ، أو إلقاء الستر النجس ، وستر العورة بغيره مع الامكان ، وإتمام الصلاة ، وإن لم يمكن إلا بفعل المبطل كالفعل الكثير و الاستدبار بطلت صلاته واستقبلها بعد إزالة التجاسة.

قال في المعتبر : وعلى قول الشيخ الثاني يستأنف ، وأشار بالقول الثاني إلى ما نقله عن المبسوط من إعادة الجاهل الذي لم يعلم بالنجاسة حتى فرغ من صلاته في الوقت.

وقال السيد في المدارك : ويشكل بمنع الملازمة ، إذ من الجائز أن تكون الاعادة لو قوع الصلاة بأسرها مع النجاسة ، فلا يلزم مثله في البعض ، وبأن الشيخ قطع في المبسوط بوجوب المضي في الصلاة مع التمكن من إلقاء الثوب وستر العورة بغيره ، مع حكمه فيه باعادة الجاهل في الوقت.

وقد اختلف الروايات في ذلك ، فمقتضى روايتي زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمتين تعين القطع مطلقا سواء تمكن من إلقاء الثوب وستر العوره بغيره أم لا وروى محمد بن مسلم (١) في الحسن قال : قلت له : الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة ، قال : إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل ، وإن لم يكن عليك

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٧٢.

٢٧٢

غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ، ويدل على عدم إعادة الجاهل إن علم في الاثناء ، وكذا صحيحة ابن سنان (١) السابقة ويدل هذا على جواز إتمام الصلاة في الثوب إن لم يكن عليه غيره ، ويمكن حمله على ما إذا لم يكن له غيره.

وقال بعض المحققين : الجمع بين الروايات يتحقق بحمل ما تضمن الامر بالاستيناف على الاستحباب ، وإن جاز المضي في الصلاة مع طرح الثوب النجس ، إذا كان عليه غيره ، وإلا مضى مطلقا ولا بأس بالمصير إلى ذلك ، وإن كان الاستيناف مطلقا أولى وأحوط.

وأما الثانى وهو أن لا يعلم السبق فالاظهر وجوب طرح النجاسة أو غسلها وإتمام الصلاة ما لم يكثر الفعل ، وإلا استأنف وجعل في المعتبر وجوب الاستيناف هنا مبنيا على القول باعادة الجاهل في الوقت ، والاشكال في هذا البناء أكثر من السابق.

ولو صلى ثم رأى النجاسة وشك هل كانت عليه في الصلاة أم لا؟ فالصلاة ماضية ، قال في المنتهى لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم ، ولو علم بالنجاسة السابقة في أثناء الصلاة عند تضيق الوقت عن الازالة والاستيناف فقد قطع الشهيد في البيان بوجوب الاستمرار ، ومال إليه في الذكرى ، والمسألة مشكلة ، ولعل الاحوط الصلاة مع النجاسة والقضاء بعد الازالة.

ثم اعلم أن الظاهر من الادلة أن الجاهل والناسي في ساير الشروط حكمهما عدم الاعادة في الوقت وخارجه كالمصلي في الميتة أو الحرير أو جلد مالا يؤكل لحمه أو الساجد على النجس ، أو مالا يصح السجود عليه ، أو المصلي مكشوف العورة وغير ذلك ، إلا في استقبال القبلة ، فان فيه كلاما سيأتي.

____________________

(١) نقلا من السرائر تحت الرقم : ٤.

٢٧٣

٩

* ( باب ) *

* ( الصلاة في النعال والخفاف ، وما يستر ) *

* ( ظهر القدم بلاساق ) *

١ ـ غيبة الشيخ والاحتجاج : فيما كتب الحميرى إلى الناحية المقدسة : هل يجوز للرجل أن يصلي وفي رجليه بطيط لا يغطي الكعبين أم لا يجوز؟ فخرج الجواب : جائز (١).

ايضاح : قال في القاموس : البطيط رأس الخف بلاساق انتهى.

أقول : اختلف الاصحاب في الصلاة فيما يستر ظهر القدم ولا ساق له بحيث يغطي المفصل الذي بين الساق والقدم وشيئا من الساق ، وإن قل ، فذهب المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية وابن البراج وسلار والفاضلان إلى التحريم ، إلا أن سلارا استثنى الصلاة على الموتى ، والاشهر الكراهة ، واستدل الاولون بعدم صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والصحابة والتابعين في هذا النوع وهو ممنوع ، وعلى تقدير التسليم لا يدل على التحريم ، وهذا الخبر يدل على الجواز وهو أقوى ، واستند من حكم بالكراهة إلى الخروج عن الخلاف ، وذكر الاكثر أن الحكم مختص بما يستر ظهر القدم كله ، ولا يبعد شموله لما يستر أكثر ظهر القدم أيضا ، لتمثيلهم بالشمشك والنعال السندية ، فان أكثرها لا تستر جميع ظهر الفدم ، وعلى ما اخترنا لا جدوى في تحقيق ذلك.

وأما ما لا يستر أكثر ظهر القدم كالنعال العربية أو ماله ساق كالجرموق والخف فلا خلاف في جواز الصلاة فيها ، وعدم كراهتها.

٢ ـ العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن ميمون القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليه‌السلام قال : إن كل شئ عليك تصلي

____________________

(١) غيبة الشيخ الطوسى : ٢٤١ ، الاحتجاج : ٢٧٠.

٢٧٤

فيه يسبح معك ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا اقيمت الصلاة لبس نعليه و صلى فيهما (١).

٣ ـ العيون : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام عند رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى ست ركعات أو ثمان ركعات في نعليه (٢).

بيان : ذكره الاصحاب في استحباب الصلاة في النعل العربية ، ومقتضى الروايات استحبابها في النعل مطلقا وقيل الوجه في حملها على العربية أنها هي المتعارفة في ذلك الزمان ، ولعل الاطلاق أولى.

٤ ـ الغوالى : روي في الخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في النعلين يصيبهما الاذى : فليمسحهما وليصل فيهما.

٥ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : صل في خفيك و في نعليك إن شئت (٣).

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٥.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٧ في حديث.

(٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٧.

٢٧٥

* ( أبواب ) *

* ( مكان المصلى وما يتبعه ) *

١

* ( باب ) *

* ( أنه جعل للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا مته الارض مسجدا ) *

١ ـ معانى الاخبار والعلل والخصال : عن محمد بن الحسن بن الوليد عن سعد بن عبدالله ومحمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد ابن أبي عبدالله البرقي ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي : جعلت لي الارض مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب واحل لي المغنم واعطيت جوامع الكلم ، واعطيت الشفاعة (١).

بيان : ( جعلت لي الارض مسجدا ) أي محل صلاة كما فهمه الاكثر ، و دلت عليه الاخبار الاتية ، فأطلق السجود على الصلاة تسمية للكل باسم الجزء ويظهر وجه التخصيص مما سيأتي ، أو محل سجود فيدل على جواز السجود على جميع أجزاء الارض (٢) إلا ما أخرجه الدليل أو الاعم منهما ( وطهورا ) أي للتيمم فيدل على جواز التيمم على جميع أجزاء الارض إلا ما خرج بالدليل ، ويحتمل شموله لحجر الاستنجاء وتعفير الاناء ، وتطهير النعل والرجل وغيرها ممامر

____________________

(١) معانى الاخبار ، ٥١ ، علل الشرائع ج ١ ص ١٢٢ ، الخصال ج ١ ص ١٤٠ واللفظ والسند للخصال على السيرة المعهودة.

(٢) راجع في ذلك ج ٨١ ص ١٦٥ ١٦٦.

٢٧٦

تفصيله ، ونصرته بالرعب مسيرة شهر أو شهرين من خصائصه المشهورة صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في النهاية فيه : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، الرعب الخوف والفزع ، كان أعداء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أوقع الله في قلوبهم الخوف منه ، فاذا كان بينه وبينهم مسيرة شهر هابوه وفزعوا منه ، وحل المغنم لان ساير الامم كانوا يحرقون غنائم الكفار و قال في النهاية : فيه اوتيت جوامع الكلم : يعني القرآن ، جمع الله بلطفه في الالفاظ اليسيرة منه معاني كثيرة ، واحدها جامعة ، أي كلمة جامعة ، ومنه الحديث في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يتكلم بجوامع الكلم أي أنه كان كثير المعاني قليل الالفاظ.

٢ ـ الخصال : عن محمد بن علي بن شاه ، عن محمد بن جعفر البغدادي ، عن أبيه ، عن أحمد بن السخت ، عن محمد بن الاسود ، عن أيوب بن سليمان ، عن أبي البخترى ، عن محمد بن حميد ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبدالله ، عن النبي  صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قال الله تعالى : جعلت لك ولا متك الارض كلها مسجدا وترابها طهورا الخبر (١).

٣ ـ مجالس ابن الشيخ : عنه عن المفيد ، عن محمد بن علي بن رياح ، عن أبيه ، عن الحسن بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله جعل لي الارض مسجدا وطهورا أينما كنت منها أتيمم من تربتها واصلي عليها (٢).

ومنه عن أبيه ، عن جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن محمد بن سليمان ، عن عبدالسلام بن عبدالحميد ، عن موسى بن أعين. قال أبوالمفضل : وحدثني نصر ابن الجهم ، عن محمد بن مسلم بن وارة ، عن محمد بن موسى بن أعين ، عن أبيه ، عن عطا بن سائب ، عن الباقر ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : جعلت لي الارض مسجدا الخبر (٣).

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٤٨ ، ومثله في ج ١ ص ٩٤.

(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٥٦.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٩٨.

٢٧٧

٤ ـ ارشاد القلوب : عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام في جواب اليهودي الذي سأله عن فضل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال عليه‌السلام : قال الله تعالى في ليلة المعراج : إني جعلت على الامم أن لا أقبل منهم فعلا إلا في بقاع الارض التي اخترتها لهم ، وإن بعدت ، وقد جعلت الارض لك ولامتك طهورا ومسجدا ، فهذه من الاصار ، وقد رفعتها عن امتك (١).

٥ ـ المحاسن : عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن محمد بن مروان جميعا ، عن أبان بن عثمان ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أعطى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى إلى أن قال : وجعل له الارض مسجدا وطهورا (٢).

٦ ـ المعتبر : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جعلت لي الارض مسجدا وترابها طهورا : أينما أدركتني الصلاة صليت (٣).

أقول : سيأتي بعض الاخبار في الابواب الاتية ، وقدمر بعضها في المجلدات السابقة.

تفريع

قد عرفت أنه يستفاد من تلك الاخبار المتواترة معنى جواز الصلاة في جميع بقاع الارض ، إلا ما أخرجه الدليل. فمنها المكان المغصوب للاجماع على عدم جواز التصرف في ملك الغير ، إلا باذنه صريحا أو فحوى أو بشاهد الحال ، وربما يجوز بعض المحدثين الصلاة في المغصوب لعموم تلك الاخبار ، وهو ضعيف للايات و الاخبار الكثيرة الدالة على تحريم الظلم والغصب والتصرف في مال الغير ، بغير إذنه.

____________________

(١) ارشاد القلوب ج ٢ ص ٢٢٢.

(٢) المحاسن : ٢٨٧.

(٣) المعتبر : ١٥٨.

٢٧٨

وروى الكليني في الحسن (١) عن أبي عبدالله عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، فانه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه ، وسيأتي بعض الاخبار في آخر الباب ، وفي باب الغصب.

وأما بطلان الصلاة مع العلم بالغصب ، فقال في المنتهى : ذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة فيها ، وظاهره دعوى الاجماع ، وقال في المعتبر وهو مذهب الثلاثة وأتباعهم ، وظاهره عدم تحقق الاجماع عليه [ حيث ] إن الفضل بن شاذان من قدماء أصحابنا ذكر في جواب من قاس من العامة صحة الطلاق في الحيض بصحة العدة مع خروج المعتدة من بيت زوجها ما هذا لفظه :

وإنما قياس الخروج والاخراج كرجل دخل دار قوم بغير إذنهم فصلى فيها فهو عاص في دخوله الدار وصلاته جائزة لان ذلك ليس من شرائط الصلاة لانه منهي عن ذلك صلى أم لم يصل ، وكذلك لو أن رجلا غصب رجلا ثوبا أو أخذه فلبسه بغير إذنه فصلى فيه لكانت صلاته جائزة ، وكان عاصيا في لبسه ذلك الثوب ، لان ذلك ليس من شرائط الصلاة ، لانه منهي عن ذلك صلى أو لم يصل وكذلك لو أنه لبس ثوبا غير طاهر أولم يطهر نفسه أولم يتوجه نحو القبلة لكانت صلاته فاسدة غير جائزة ، لان ذلك من شرائط الصلاة وحدودها لا يجب إلا للصلاة.

وكذلك لو كذب في شهر رمضان وهو صائم بعد أن لا يخرجه كذبه من الايمان ، لكان عاصيا في كذبه ذلك ، وكان صومه جائزا لانه منهي عن الكذب صام أم أفطر ، ولو ترك العزم على الصوم أو جامع لكان صومه فاسدا باطلا ، لان ذلك من شرائط الصوم وحدوده ، لا يجب إلى مع الصوم.

وكذلك لوحج وهو عاق لو الديه أو لم يخرج لغرمائه من حقوقهم ، لكان عاصيا في ذلك وكانت حجته جائزة ، لانه منهي عن ذلك حج أم لم يحج ولو

____________________

(١) الكافى ج ٧ ص ٢٧٣.

٢٧٩

ترك الاحرام أو جامع في إحرامه قبل الوقوف لكانت حجته فاسدة غير جائزة ، لان ذلك من شرائط الحج وحدوده ، لا يجب إلا مع الحج ومن أجل الحج ، وكل ما كان واجبا قبل الفرض وبعده فليس ذلك من شرائط الفرض ، لان ذلك أتى على حده والفرض جائز معه ، وكل ما لم يجب إلا مع الفرض ، ومن أجل الفرض ، فان ذلك من شرائطه ، لا يجوز الفرض إلا بذلك ، على ما بينا ، ولكن القوم لا يعرفون ولا يميزون ، ويريدون أن يلبسوا الحق بالباطل إلى آخر ما ذكره ره.

فظهر أن القول بالصحة كان بين الشيعة بل كان أشهر عندهم في تلك الاعصار وكلام الفضل يرجع إلى ما ذكره محققوا أصحابنا من أن التكليف الايجابي ليس متعلقا بهذا الفرد الشخصي بل متعلق بطبيعة كلية شاملة لهذا الفرد وغيره ، وكذا التكليف السلبي متعلق بطبيعة الغصب لا بخصوص هذا الفرد ، والنسبة بين الطبيعتين عموم من وجه ، فطلب الفعل والترك غير متعلق بأمر واحد في الحقيقة حتى يلزم التكليف بما لا يطاق ، وإنما جمع المكلف بينهما في فرد واحد باختياره فهو متثل للتكليف الايجابي باعتبار أن هذا فرد الطبيعة المطلوبة ، وامتثال الطبيعة إنما يحصل بالاتيان بفرد من أفرادها ، وهو مستحق للعقاب أيضا باعتبار كون هذا الفرد فردا للطبيعة المنهية.

وقيل : هذا القول غير صحيح على اصول أصحابنا ، لان تعلق التكليف بالطبيعة مسلم ، لكن لانزاع عندنا في أن الطبيعة المطلوبة يجب أن تكون حسنة ومصلحة راجحة متأكدة يصح للحكيم إرادتها ، وقد ثبت ذلك في محله ، وغير خاف أن الطبيعة لا تتصف بهذه الصفات ، إلا من حيث التحصل الخارجي باعتبار أنحاء وجوداته الشخصية وحينئذ نقول : الفرد المحرم لا يخلو إما أن يكون حسنا ومصلحة متأكده مرادة للشارع أم لا؟ وعلى الاول لا يصح النهي عنه ، وعلى الثاني لم يكن القدر المشترك بينه وبين باقي الافراد مطلوبا للشارع ، بل المطلوب الطبيعة المقيدة بقيد يختص به ما عدا ذلك الفرد ، فلا يحصل الامتثال بذلك الفرد ، لخروجه من أفراد المأمور به.

٢٨٠