بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٤ ـ العلل : عن علي بن أحمد ، عن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لاتجوز الصلاة في شعر ووبر مالايؤكل لحمه ، لان أكثرها مسوخ.

قال الصدوق ـ ره ـ : يعني أكثر الاشياء التي لايؤكل لحمها مسوخ (١).

٥ ـ ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أيوب بن نوح ، عن الحسن ابن علي الوشا رفعه قال : كان أبوعبدالله عليه‌السلام يكره الصلاة في وبر كل شئ لايؤكل لحمه (٢).

أيضاح : عدم جواز الصلاة في جلد مالايؤكل لحمه وشعره وبره وصوفه في غير المواضع المستثناة إجماعي ، ونقل الاجماع عليه جماعة ، واختلف في امور :

الاول : الصلاة في قلنسوة أوتكة متخذتين من جلد غير المأكول أو وبره فالمشهور بين الاصحاب المنع ، والمستفاد من كلام الشيخ في التهذيب الجواز في المتخذتين من الجلد ، وكذا ذهب الشيخ في النهاية والمحقق في المعتبر إلى الكراهة في المتخذتين من وبر الارانب لاخبار حملها على التقية أظهر من حمل معارضها على الكراهة.

الثانى : قال في التذكرة : لو مزج صوف مالايؤكل لحمه وما يؤكل لحمه ونسج منهما ثوب ، لم تصح الصلاة فيه تغليبا للحرمة على إشكال ينشا من إباحة المنسوج من الكتان والحرير ، ومن كونه غير متخذ من مأكول اللحم ، وكذا لو أخذ قطعا وخيطت ولم يبلغ كل واحد منها ما يستر العورة ، والمنع أظهر كما لايخفى على المتدبر.

الثالث : قطع الشهيدان وجماعة باختصاص المنع بالملابس ، فلو كانت غيرها كالشعرات الملقاة على الثوب لم يمنع الصلاة فيه وذهب الاكثر إلى عموم المنع وهو أحوط بل أظهر إلا في أجزاء الانسان.

الرابع : اختلفوا فيما لو شك في كون الصوف والوبر من مأكول اللحم ،

____________________

(١ ـ ٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٣١.

٢٢١

فقال المنتهي بالمنع ، ولعل الجواز أقوى ، لاسيما إذا اخذ من مسلم أخبر بكونه مأخوذا من مأكول اللحم.

٦ ـ العياشى : عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في قول الله ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) (١) قال هي الثياب (٢).

٧ ـ مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن الحفار ، عن إسماعيل بن علي أخي دعبل ، عن الرضا عليه‌السلام أنه خلع على دعبل قميصا من خز وقال له : احتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه ألف ليلة كل ليلة ألف ركعة ، وختمت فيه القرآن ألف ختمة الخبر (٣).

٨ ـ عوالى اللئالى : روي أن الصادق عليه‌السلام لبس ثياب الخز وصلى فيها.

وروي أنه عليه‌السلام كان عليه جبة خز بسبع مائة درهم.

وروي أن الرضا عليه‌السلام لبس الخز فوق الصوف ، فقال له بعض جهلة الصوفية لما رأى عليه ثياب الخز : كيف تزعم أنك من أهل الزهد وأنت على مانراه من التنعم بلباس الخز؟ فكشف عليه‌السلام عما تحته فرأوا تحته ثياب الصوف ، فقال : هذا لله ، وهذا للناس.

وسئل الباقر عليه‌السلام عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة؟ فقال : لا ولو دبغ سبعين دبغة (٤).

٩ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن رجل مس ظهر سنور هل يصلح له أن يصلي قبل أن يغسل يده؟ قال : لابأس (٥).

بيان : لايمكن الاستدلال به على جواز الصلاة في الشعرات مما لايؤكل لحمه

____________________

(١) الاعراف : ٢٩.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٢.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٧٠.

(٤) ورواه في التهذيب ج ١ ص ١٩٣.

(٥) البحار ج ١٠ ص ٢٨٥.

٢٢٢

إذ لعل التجويز لعدم العلم بلصوق شئ منها باليد ، بل هو أظهر.

١٠ ـ قرب الاسناد : باسناده عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يصلي ومعه دبة من جلد الحمار ، وعليه نعل من جلد الحمار ، وهو يصلي ، هل تجزيه صلاته أو عليه إعادة؟ قال لايصلح له أن يصلي وهي معه إلا أن يتخوف عليها ذهابها فلا بأس أن يصلي وهي معه (١).

بيان : يدل على كراهة الصلاة فيما يظن اتخاذه من الميتة ، والتجويز مع خوف الذهاب والتعبير عن المنع بلا يصلح يدلان على الكراهية ، مع أنه ورد في الرواية : ماعلمت أنه ميتة فلا تصل فيه.

١١ ـ الاحتجاج : فيما كتب محمد بن عبدالله جعفر الحميري إلى الناحية المقدسة : وروي عن صاحب العسكر عليه‌السلام أنه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغش بوبر الارانب فوقع يجوز وروي عنه أيضا أنه لايجوز ، فأي الامرين نعمل به؟ فأجاب عليه‌السلام إنما حرم في هذه الاوربار والجلود ، فأما الاوبار وحدها فحلال (٢).

وقد سئل بعض العلماء عن معنى قول الصادق عليه‌السلام : لايصلي في الثعلب ولا الثوب الذي يليه ، فقال إنما عنى الجلود دون غيره (٣).

بيان : ما ذكر في الخبر من الفرق بين الجلد والوبر خلاف مايعهد في كلام الاصحاب ، وذكروا اتفاق الاصحاب على عدم جواز الصلاة في جلد مالايؤكل لحمه وشعره ووبره ، عداما استثني مما سيذكر ، وأما وبر الارانب والثعالب و جلودهما فالروايات فيها مختلفة ، والمشهور عدم جواز الصلاة فيها ، قال في المعتبر : اعلم أن المشهور في فتوى الاصحاب المنع مما عدا السنجاب ووبر الخز والعمل به احتياط في الدين ثم روى صحيحتي الحلبي وعلي بن يقطين (٤) الدالتين على الجواز

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٨٧ ط حجر.

(٢ ـ ٣) الاحتجاج ص ٢٧٥.

(٤) راجع التهذيب ج ١ ص ١٩٥.

٢٢٣

وقال : طريق هذين الخبرين أقوى من تلك الطرق ، ولو عمل بهما عامل جاز وعلى الاولى عمل الظاهرين من الاصحاب منضما إلى الاحتياط للعبادة ، وكلامه ـ ره ـ في غاية المتانة ، والاحتياط لايترك في مثله ، مع ظهور احتمال التقية في أخبار الجواز.

قوله عليه‌السلام : ( ولا الثوب الذي يليه ) قال الشيخ في النهاية : لايجوز الصلاة في الثوب الذي تحت وبر الثعالب والارانب ، ولا الذي فوقه ، ونحوه قال في المبسوط : وقال الصدوق ، وإياك أن تصلي في الثعلب لافي الثوب الذي يليه من تحته وفوقه ، وذهب ابن إدريس وجمهور المتأخرين إلى الجواز ، ولعله أقوى وإن كان الاحوط الترك ، لورود صحيحة علي بن مهزيار بالمنع (١).

العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبدالرحمان بن الحجاج قال : سأل رجل أبا عبدالله عليه‌السلام وأنا عنده عن جلود الخز ، فقال : ليس به بأس ، فقلت جعلت فداك : إنها علاجي وإنما هي كلاب تخرج من الماء ، فقال : إذا خرجت تعيش خارجا من الماء؟ قلت : لا ، قال : ليس به بأس (٢).

ومنه عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس معا ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ومحمد بن عيسى اليقطيني معا ، عن أيوب بن نوح رفعه قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام الصلاة في الخز الخالص لابأس به ، وأما الذي يخلط فيه الارانب أو غيرهما مما يشبه هذا فلا تصل فيه (٣)

١٢ ـ تحف العقول : قال الصادق عليه‌السلام : وما يجوز من اللباس فكل ما أنبتت الارض فلا بأس بلبسه والصلاة فيه ، وكل شئ يحل لحمه فلا بأس بلبس جلده الذكى منه ، وصوفه وشعره ووبره ، وإن كان الصوف والشعر والريش والوبر من

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٩٤.

(٢ ـ ٣) قد مر هذان الحديثان تحت الرقم ٢ و ٣ مع شرح مستوفى وتكرر هنا سهوا.

٢٢٤

الميتة وغير الميتة ذكيا فلابأس بلبس ذلك ، والصلاة فيه (١).

١٣ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : لابأس بالصلاة في شعر ووبر من كل ما اكل لحمه والصوف منه ، ولاتجوز الصلاة في سنجاب وسمور وفنك ، فإذا أردت الصلاة فانزع عنك وقد أروي فيه رخصة ، وإياك أن تصلي في الثعالب ولا في ثوب تحته جلد ثعالب ، وصل في الخز إذا لم يكن مغشوشا بوبر الارانب ، ولاتصل في جلد الميتة على كل حال (٢).

بيان : اعلم أن الاصحاب اختلفوا في الصلاة في جلد السنجاب ووبره ، فذهب الشيخ في المبسوط وأكثر المتأخرين إلى الجواز ، حتى قال في المبسوط : فأما السنجاب والحواصل فلاخلاف في أنه تجوز الصلاة فيهما ، ونسبه في المنتهى إلى الاكثر ، وذهب الشيخ في الخلاف وموضع من النهاية إلى المنع ، واختاره ابن البراج وابن إدريس ، وهو ظاهر ابن الجنيد والمرتضى وأبوالصلاح وظاهر ابن زهرة نقل الاجماع عليه ، واختاره في المختلف ، ونسبه الشهيد الثاني إلى الاكثر وذهب ابن حمزة إلى الكراهة ، وذكر الصدوق في الفقيه عبارة الفقه عن رسالة أبيه إليه إلى وقد روى فيه رخص.

والاخبار فيه مختلفة ، والجمع بينها إما بحمل أخبار المنع على الكراهة ، أو بحمل أخبار الجواز على التقية ، ولعل الاول أرجح ، إذ مذهب العامة جواز الصلاة في جلود ما لايؤكل لحمه مطلقا ، وأخبار الجواز مشتملة على المنع من غيره ، وإن كان الاحتياط في الاجتناب.

ثم على القول بالجواز إنما يجوز الصلاة فيه مع تذكيته لانه ذونفس ، قال في الذكرى : وقد اشتهر بين التجار والمسافرين أنه غير مذكى ، ولاعبرة بذلك حملا لتصرف المسلمين على ما هو الاغلب ، نعم لو علم ذلك حرم استعماله ، و هو جيد.

____________________

(١) تحف العقول ص ٢٥٥ ط الاسلامية.

(٢) فقه الرضا ص ١٦.

٢٢٥

وأما السمور والفنك فالمشهور فيهما المنع ، وذهب الصدوق في المقنع إلى الجواز ، وقال المحقق في المعتبر بعد نقل خبرين يدلان على الجواز : لو عمل بهما عامل جاز ، والاظهر حمل أخبار الجواز على التقية ، وقال في القاموس : الفنك بالتحريك دابة فروتها أطيب أنواع الفراء ، وأشرحها وأعدلها ، صالح لجميع الامزجة المعتدلة ، وقال في حيوة الحيوان : الفنك كعسل دويبة يؤخذ منها الفرو ، وقال ابن البيطار : وإنه أطيب من جميع الفراء يجلب كثيرا من بلاد الصقالبة ، وقال في المصباح المنير : قيل نوع من جراء الثعلب الرومي ، ولهذا قال الازهري : وغيره هو معرب ، وحكى لي بعض المسافرين أنه يطلق على فرخ بن آوى في بلاد الترك انتهى ، وبالجملة لانعرفه في تلك البلاد على التعيين.

١٤ ـ المحاسن : عن علي بن أسباط ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه قال : سألته عن ركوب جلود السباع ، قال : لا بأس ما لم يسجد عليها (١).

ومنه عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سئل أبوعبدالله عليه‌السلام عن جلود السباع فقال : اركبوا ولا تلبسوا شيئا منها تصلون فيه (٢).

١٥ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : كل شئ حل أكل لحمه فلا بأس بلبس جلده الذكى وصوفه وشعره ووبره وريشه وعظامه ، وإن كان الصوف والشعر والوبر والريش من الميتة وغير الميتة بعد أن يكون مما حلل الله تعالى أكله فلا بأس به ، وكذلك الجلد فان دباغته طهارته ، وقد يجوز الصلاة فيما لم تنبته الارض ولم يحل أكله مثل السنجاب والفنك والسمور والحواصل ، إذا كان مما لايجوز في مثله وحده الصلاة ، مثل القنسوة من الحرير ، والتكة من الابريشم ، والجورب والخفتان وألوان رجاجيلك يجوز لك الصلاة فيه (٣).

بيان : قوله عليه‌السلام : ( وكذلك الجلد ) يدل على جواز استعمال جلد الميتة

____________________

(١ و ٢) المحاسن ص ٦٢٩.

(٣) فقه الرضا ص ٤١ ، وقوله ( فان دباغته طهارته ) يؤيد ما قلناه من أن هذا الكتاب كتاب التكليف للشلمغانى : وقد نسب اليه القول بذلك كما مر في ج ٨٠ ص ٧٨.

٢٢٦

بعد الدباغ ، ويمكن حمله على غير الميتة ، ويكون الدباغ محمولا على الاستحباب على المشهور وعلى الوجوب على مذهب الشيخ والمرتضى ، ويدل على جواز الصلاة فيما لاتتم الصلاة فيه من جلد غير المأكول وصوفه وشعره ووبره ، وقد مر الكلام فيه ، ويمكن تخصيص الحكم بخصوص هذه الجلود ، يكون وجه جمع بين الاخبار ، ولعل المراد بالرجاجيل أنواع ما يلبس في الرجل ولعله من المولدات.

١٦ ـ الخرائج : روي عن أحمد بن أبي روح قال : خرجت إلى بغداد في مال لابي الحسن الخضر بن محمد لاوصله وأمرني أن أدفعه إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري وأمرني أن لا أدفعه إلى غيره ، وأمرني أن أسأل الدعاء للعلة التي هو فيها ، وأسأله عن الوبر يحل لبسه؟ فدخلت بغداد ، وصرت إلى العمري فأبى أن يأخذ المال وقال : صر إلى أبي جعفر محمد بن أحمد وادفع إليه ، فأنه أمره بأن يأخذه ، وقد خرج الذي طلبت ، فجئت إلى أبي جعفر فأوصلته إليه ، فأخرج إلي رقعة فيها ( بسم الله الرحمن الرحيم سألت الدعاء عن العلة التي تجدها ، وهب الله لك العافية ، ودفع عنك الافات ، وصرف عنك بعض ما تجده من الحرارة ، وعافاك وصح جسمك ، وسألت ما يحل أن يصلى فيه من الوبر والسمور والسنجاب والفنك والدلق والحواصل ، فأما السمور والثعالب فحرام عليك وعلى غيرك الصلاة فيه ، ويحل لك جلود المأكول من اللحم إذا لم يكن فيه غيره ، وإن يكن لك ماتصلي فيه فالحواصل جائز لك أن تصلي فيه ، والفراء متاع الغنم ما لم يذبح بارمنية يذبحه النصارى على الصليب ، فجائز لك أن تلبسه إذا ذبحه أخ لك أو مخالف تثق به (١).

بيان : يدل على جواز الصلاة في الحواصل في حال الضرورة ، ويمكن حمل القيد على الاستحباب ، وقد عرفت أن ظاهر الشيخ دعوى الاجماع على جواز الصلاة فيها ، والمشهور عدم الجواز ، وقال في الذكرى : قال الشيخ في المبسوط : لاخلاف في جواز الصلاة في السنجاب والحواصل ، وقيدها ابن حمزة وبعضهم بالخوارزمية

____________________

(١) الخرائج ص ٢٤١.

٢٢٧

تبعا لما ذكره في التهذيب (١) عن بشير بن بشار قال : سألته عن الصلاة في الفنك والسنجاب إلى قوله : صل في السنجاب والحواصل الخوارزمية ، ومنع منه في النهاية وهو ظاهر الاكثر انتهى ، وقال في الدروس : وفي الحواصل الخوارزمية رواية بالجواز متروكة.

وقال في حيوة الحيوان : الحوصل جمعه حواصل وهو طير كبير له حوصلة عظيمة يتحذ منها الفروة ، وقال ابن البيطار : وهذا الطائر يكون بمصر كثيرا و يعرف بالبجع ، وهو جمل الماء ، وهو صنفان أبيض وأسود ، والاسود منه كريه الرائحة ، لايكاد يستعمل ، والاجود أبيضه ، وحرارته قليلة ، ورطوبته كثيرة ، وهو قليل البقاء.

١٧ ـ السرائر : من كتاب المسائل برواية الحميري وابن عياش ، عن داود الصرمي ، عن بشير بن بشار النيسابوري قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الصلاة في الفنك والفراء والسمور والسنجاب والحواصل التي تصطاد ببلاد الشرك أو بلاد الاسلام ، يصلي فيها بغير تقية؟ قال : يصلى في السنجاب والحواصل الخوارزمية ، ولا تصل في الثعالب والسمور (٢).

١٨ ـ ومنه : من كتاب المسائل برواية ابن عياش والحميري من مسائل محمد بن [ علي بن ] عيسى : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن زياد ، وموسى بن محمد ، عن محمد بن علي بن عيسى قال : كتبت إلى الشيخ أعزه الله وأيده أسأله عن الصلاة في الوبر أي أصنافه أصلح؟ فأجاب لا احب الصلاة في شئ منه ، قال : فرددت الجواب : إنا مع قوم في تقية ، وبلادنا بلاد لايمكن أحد أن يسافر منها بلاوبر ولا يأمن على نفسه إن هو نزع وبره ، وليس يمكن الناس كلهم ما يمكن الائمة فما الذي ترى أن نعمل به في هذا الباب؟ قال : فرجع الجواب إلي تلبس الفنك والسمور (٣).

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٩٥.

(٢ و ٣) السرائر ص ٤٧١.

٢٢٨

بيان : الشيح هو الهادي عليه‌السلام ويدل على أن الفنك والسمور وأولى من غيرهما عند الضرورة والتقية ، وهذا أيضا وجه جمع بين الاخبار.

١٩ ـ مكارم الاخلاق : عن يونس بن يعقوب قال : دخلت على أبي عبدالله وهو معتل وهو في قبه ، وقباء عليه غشاء مذاري ، وقدامه مخضبة هيئ فيها ريحان مخروط ، وعليه جبة خز ليس بالثخينة ولا بالرقيقة ، وعليه لحاف ثعالب مظهر يمنة ، فقلت له : جعلت فداك ، ماتقول في الثعالب؟ قال : هوذا علي (١).

بيان : في القاموس المذار بلد بين واسط والبصرة انتهى ويدل على جواز استعمال جلود الثعالب في غير الصلاة.

٢٠ ـ المكارم : عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أو أبي الحسن عليه‌السلام أنه سئل عن لحوم السباع وجلودها ، قال أما لحوم السباع والسباع من الطير ، فانا نكرهه ، وأما الجلود فاركبوا فيها ولاتلبسوا منها شيئا تصلون فيه (٢).

عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : : اهديت لابي جبة فرومن العراق ، فكان إذا أراد أن يصلي نزعها فطرحها (٣).

عن عبدالله بن سنان عنه عليه‌السلام قال : ماجاءك من دباغ اليمن فصل فيه ولا تسأل عنه (٤).

بيان : الخبر الاول يدل على أن السباع قابلة للتذكية ، ولا تجوز الصلاة في جلودها ، والثاني على نزع ما جلب من الجلود من العراق عند الصلاة. ولعله محمول على الاستحباب ، لانهم كانوا يستحلون الميتة بالدباغ ، أو كانوا يدبغون بخرء الكلاب.

قال في الذكرى : ولو وجد في يد مستحل بالدبغ فقيه صور ثلاث : الاول أن يخبر بأنه ميتة فليجتنب ، لاعتضاده بالاصل من عدم الذكاة ، الثاني أن يخبر بأنه مذكى فالاقرب القبول ويمكن المنع ، والثالث أن يسكت ففيه وجهان.

____________________

(١) مكارم الاخلاق ص ١٣٦.

٢٢٩

قد روى الشيخ في التهذيب (١) عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام رجلا صردا فلا يدفئه فراء الحجاز ، لان دباغها بالقرظ فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه ، فاذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي يليه ، وكان يسئل عن ذلك ، فيقول إن أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة ، ويزعمون أن دباغه ذكاته ، قلت : الصرد بفتح الصاد وكسر الراء من يجد البرد سريعا يقال صرد الرجل يصرد صردا فهو صرد ومصراد وفي هذا دلالة على جواز لبسه في غيره الصلاة ، ويمكن حمله على مالم يعلم كونه ميتة ويكون فعل الامام احتياطا للدين انتهى.

وقد سبق الكلام في حكم ما يؤخذ من سوق المسلمين في كتاب الطهارة ، و تخصيص دباغ اليمن في الخبر الثالث لعله يؤيد الوجه الثاني ، وإن أمكن حمله على الاول أيضا بأن يكونوا لم يستحلوا الميتة بالدباغ.

٢١ ـ المكارم : سئل الرضا عليه‌السلام عن جلود الثعالب والسنجاب والسمور فقال : قدرأيت السنجاب على أبي ونهاني عن الثعالب والسمور (٢).

٢٢ ـ العيون : فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون قال : ولايصلى في جلود الميتة ولاجلود السباع (٣).

٢٣ ـ مجمع البيان : نقلا عن العياشي باسناده عن يوسف بن إبراهيم قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام وعلى قباء خز وبطانته خز وطيلسان خز مرتفع ، فقلت : إن على ثوبا أكره لبسه ، فقال : وما هو؟ قلت : طيلساني هذا ، قال : وما بال الطيلسان؟ قلت : هو خز ، قال : وما بال الخز؟ قلت : سداه أبريسم قال : وما بال الابريسم؟ قال : لايكره أن يكون سدا الثوب أبريسم الحديث (٤).

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٩٣.

(٢) مكارم الاخلاق ص ١٣٦.

(٣) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٢٣.

(٤) مجمع البيان ج ٤ ص ٤١٣ ، بغير هذا اللفظ واللفظ للكافى بهذا السند ج ٦ ص ٤١٥ ، ومثله في تفسير العياشى ج ٢ ص ١٥.

٢٣٠

٢٤ ـ قرب الاسناد : عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه‌السلام أن علي بن الحسين عليهما‌السلام كان يلبس الجبة الخز بخمس مائة درهم والمطرف الخز بخمسين دينار فيشتو فيه فاذا خرج الشتاء باعه وتصدق بثمنه (١).

٢٥ ـ تتفسير العياشى : عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يلبس الثوب بخمس مائة الحديث (٢).

بيان : يدل على استحباب الصدقة بثوب عبدالله فيه ، قال في الذكرى : يستحب الصدقة بثمن الثوب الذي يصلى فيه لوباعه تأسيا بزين العابدين عليه‌السلام فيما رواه الشيخ (٣) عن الحلبي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام أنه كان يلبس الكساء الخز في الشتاء فاذا جاء الصيف باعه وتصدق بثمنه ، ويقول : إني لاستحبي من ربي أن آكل ثمن ثوب عبدت الله فيه.

٢٦ ـ ومنه : (٤) عن محمد بن عيسى عن حفص بن محمد مؤذن علي بن يقطين قال : رأيت أبا عبدالله عليه‌السلام في الروضة وعليه جبة خز سفر جليلة (٥).

٢٦ ـ مجمع البيان : قال : روى العياشي باسناده عن الحسين بن زيد ، عن عمر بن علي ، عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين عليهما‌السلام أنه كان يشتري كساء الخز بخمسين دينارا فاذا أصاف تصدق به ولايرى بذلك بأسا ، ويقول ( من حرم زينة الله ) الاية (٦).

أقول : وقد أخرجنا تلك الاخبار من تفسير العياشي في أبواب اللباس من

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٥٧ ط حجر ٢١٠ ط نجف.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٦.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٢٤١.

(٤) يعنى قرب الاسناد ، لاتفسير العياشى.

(٥) قرب الاسناد ص ٨ ط حجر ص ١١ ط نجف.

(٦) مجمع البيان ج ٤ ص ٤١٣ ، وقوله عليه‌السلام : أصاف : أى دخل في الصيف.

٢٣١

كتاب المناهي والسنن (١).

٢٧ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يلبس فراء الثعالب والسنانير؟ قال : لا بأس ، ولا يصلي فيه (٢).

٢٨ ـ مكارم الاخلاق : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل ينفصم سنه أيصلح له أن يشدها بالذهب ، وإن سقطت أيصلح أن يجعل مكانها سن شاة؟ قال : نعم إن شاء ليشدها بعد أن تكون ذكية (٣).

وعن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٤).

وعن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سأله أبي وأنا حاضر عن الرجل يسقط سنه فأخذ سن إنسان ميت فيجعله مكانه؟ قال : لا بأس (٥).

بيان : يدل الخبر الاول على جواز شد الاسنان بالذهب ، وهو موافق للاصل ، وتحريم مطلق التزين بالذهب غير ثابت ، وقال العلامة في المنتهى : لا بأس باتخاذ الفضة اليسيرة كالحلية للسيف ، والقصعة ، السلسة التي شعب بها الاناء وأنف الذهب ، وما يربط به أسنانه ، لما رواه الجمهور في قدح رسول الله صلى الله عليه وآله ، والخاصة في مرآة موسى عليه‌السلام ، وروى الجمهور أن عرفجة ابن سعد اصيب أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يتخذ أنفا من ذهب ، وللحاجة إلى ذلك ، واتخاذ ذلك جائز مع الحاجة و بدونها خلافا لبعض.

وقال في التذكرة : لو اتخذ أنفا من ذهب أو فضة أوسنا أو أنملة لم يحرم لحديث عرفجة ، ولو اتخذ أصبعا أويدا فللشافعية قولان : الجواز قياسا على الانف والسن ، والتحريم لانه زينة محضة ، إذ لا منفعة به انتهى.

وأما السن فظاهر الاصحاب اتفاقهم على كونه مما لم تحل فيه الحياة ، و

____________________

(١) راجع ج ٧٩ ص ٣٠٤ ٣٠٦ من هذه الطبعة الحديثة.

(٢) بحار الانوار ج ١٠ ص ٢٦٩ من هذه الطبعة.

(٣ ـ ٥) مكارم الاخلاق ص ١٠٩.

٢٣٢

يجوز استعماله من الميتة وظاهر الخبر توقف جواز الاستعمال على التذكية ويمكن حمله على الاستحباب أو على أن المراد بها الطهارة أو عدم كونه مخلوطا بلحم ، وإن كان الاحوط اعتبارها ، إذ الاخبار الدالة على كونه مما لاتحله الحياة وكونه مستثنى من الميتة لا يخلو من ضعف ، ومن الاطباء من يعده عصبا لاعظما لطريان الوجع عليه ، مع معارضته هذه الاخبار وصحة بعضها وعدم تحقق الاجماع على خلافها.

وأما سن الانسان فهو إما محمول على ما إذا سقط في حال حياته ، وقلنا بعدم وجوب دفنه معه ، وحملنا الخبربه على الاستحباب ، أو على ما إذا سقط بعد نفرق الاعضاء ، ولم نقل بوجوب دفن الاعضاء حينئذ أو على سن طاهر ممن لم يجب دفنه كالمخالفين ، على القول بطهارتهم وعدم وجوب دفنهم ، أو على سنّ الكافر على مذهب السيد حيث يقول بطهارة مالا تحله الحياة من نجس العين ، وعلى التقادير يدل على أن المنع من الصلاة في أجزاء ما لايؤكل لحمه مخصوص بغير الانسان ، بل هو من النصوص أظهر ، قال العلامة في التذكرة لوجبر عظمه بعظم طاهر العين جاز ، لان الموت لاينجس عظمه ولاشعره ولو جبره بعظم آدمي فاشكال ينشأ من وجوب دفنه وطهارته ، ورواية زرارة عن الصادق عليه‌السلام عن الرجل يسقط سنه فيأخذ سن ميت مكانه؟ قال : لابأس ، وقال في الذكرى : ليس له إثبات سن نجسة مكان سنه ويجوز الطاهرة ، ولو كان سن آدمى أو جبر بعظم آدمى أمكن الجواز لطهارته ولتجويز الصادق عليه‌السلام أحذ سن الميت لمن سقطت سنه ورد سنه الساقطة أولى بالجواز لطهارتها عندنا ، ويمكن المنع في العظم لوجوب دفنه ، وإن أوجبنا دفن السن توجه المنع أيضا وقال الفيروز آبادي : فصمه يفصمه كسره فانفصم وتفصم.

٢٩ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال : سألته عن الثنية تنفصم وتسقط أيصلح أن يجعل مكانها سن شاة؟ فقال : إن شاء فليضع مكانها سنا بعدأن تكون ذكية (١).

بيان : يحتمل هذا الخبر زائدا على مر أن يكون المراد بالسن مطلق السن

____________________

(١) المحاسن ص ٦٤٤.

٢٣٣

وبالذكى ، الطاهر أو مايقبل التذكية.

٣٠ ـ الخصال : عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن القطان و محمد بن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم المكتب وعبدالله بن محمد الصايغ وعلي بن عبدالله الوراق جميعا ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : لايصلى في جلود الميتة وإن دبغت سبعين مرة ، ولا في جلود السباع (١).

بيان : عدم جواز الصلاة في جلد الميتة مما لاخلاف ، فيه حتى أن القائل بطهارته بالدباغ كابن الجنيد منع من الصلاة فيه ، وقال الشيخ بهائي قدس سره لايخفى أن المنع من الصلاة في جلد الميتة يشمل باطلاقه ميتة ذي النفس وغيره سواء كان مأكول اللحم أولا ، وفي كلام بعض علمائنا جواز الصلاة في ميتة غير ذي نفس من مأكول اللحم كالسمك الطافي مثلا والمنع من الصلاة في ذلك متجه لصدق الميتة عليه ، وكونه طاهرا لايستلزم الصلاة فيه ، وكان والدي قدس سره يميل إلى هذا القول ولا بأس به انتهى ، ولايخفى أن النهي عن الصلاة في جلود السباع يشمل أكثر ما اختلف في الصلاة في جلده ووبره.

٣١ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الصلاة بجلود الميتة وإن دبغت (٢).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : لايصلى بجلد الميتة ولودبغ سبعين مرة إنا أهل بيت لانصلي بجلود الميتة وإن دبغت (٣).

وعنه عليه‌السلام أنه سئل عن جلود الغنم يختلط الذكى منها بالميتة ، ويعمل منها الفراء ، قال : إن لبستها فلا تصل فيها ، وإن علمت أنها ميتة فلاتشترها ولا تبعها ، وإن لم تعلم اشتر وبع (٤).

وقال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام له جبة من فراء العراق يلبسها فاذا حضرت

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥١.

(٢ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

٢٣٤

الصلاة نزعها (١).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه سئل عن فرو الثعلب والسنور والسمور والسنجاب والفنك والقاقم ، قال : يلبس ولا يصلى فيه ، ولا يصلى بشئ من جلود السباع ولا يسجد عليه وكذلك كل شئ لا يحل أكل لحمه (٢).

وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه كره شعر الانسان فقال : كل شئ سقط من حي فهو ميتة ، وكذا كل شئ سقط من أعضاء الحيوان وهي أحياء فهو ميتة لا يؤكل ، ورخص فيماجز عنها من أصوافها وأو بارها وأشعارها إذا غسل أن يمس ويصلى فيه وعليه إذا كان طاهرا ، خلاف شعور الناس (٣).

بيان : الحكم بجواز لبس المختلط مخالف للمشهور والحكم به بمجرد هذه الرواية مشكل إلا أن يحمل على ما إذا اخذ من مسلم وظن عدم تذكية بعضها كما هو الشائع فالحكم بترك الصلاة للاستحباب ، كالرواية التي بعدها ، وقال في المصباح المنير : القاقم حيوان ببلاد الترك على شكل الفارة إلا أنه أطول ، ويأكل الفارة ، هكذا أخبرني بعض الترك ، وقال في حيوة الحيوان دويبة تشبه السنجاب إلا أنه أبرد منه مزاجا وأرطب ، ولهذا هو أبيض يقق ، ويشبه جلده جلد الفنك ، وهو أعز قيمة من السنجاب انتهى ، والحكم بكون شعر الانسان خلاف أشعار الحيوانات كأنه لعدم جواز الصلاة فيها كما ذكره بعض الاصحاب في شعر الغير وظاهر الاخبار الجواز.

٣٢ ـ كتاب العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يصلى في ثوب ما لا يؤكل لحمه ، ولا يشرب لبنه.

فهذه جملة كافية من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا يصلى في الخز والعلة في أن لا يصلى في الخز أن الخز من كلاب الماء وهي مسوخ ، إلا أن يصفى وينقى وعلة أن لا يصلى في السنجاب والسمور والفنك قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المتقدم.

بيان : لعل مراده عدم جواز الصلاة في جلد الخز بقرينة الاستثناء ، وقدم تقدم

____________________

(١ ـ ٣) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

٢٣٥

القول في الجميع ، ويمكن حمل الاكثر على الكراهة.

٣٣ ـ الهداية : قال الصادق عليه‌السلام : صل في شعر ووبر كل ما أكلت لحمه ، وما لم تأكل لحمه فلاتصل في شعره ووبره (١).

٣٤ ـ قرب الاسناد وكتاب المسائل : باسنادهما عن علي بن جعفر ، عن أخبه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن لبس السمور والسنجاب والفنك قال : لايلبس ولايصلى فيه إلا أن يكون ذكيا (٢).

٣٥ ـ العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال الله عزوجل لموسى عليه‌السلام ( فاخلع نعليك ) (٣) لانها كانت من جلد حمار ميت (٤).

٣٦ ـ كمال الدين : عن محمد بن علي بن حاتم ، عن أحمد بن عيسى الوشا ، عن أحمد بن طاهر ، عن محمد بن بحر ، عن محمد [ أحمد ] بن مسرور ، عن سعد بن عبدالله القمي قال : دخلت مع أحمد بن إسحاق على أبي محمد عليه‌السلام وعلى فخذه الايمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، فأردت أن أسأله عن مسائل ، فقال : سل قرة عيني عنها ـ وأومأ إلى الغلام [ فقال له الغلام سل ] عما بدالك فكان فيما سألته أخبرني يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أمر الله تبارك وتعالى لنبيه موسى عليه‌السلام ( فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس ) فان فقهاء القريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة.

فقال القائم عليه‌السلام : من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوته لانه ماخلا الامر فيها من خطبين إما أن تكون صلاة موسى فيها جائزة أو غير جائزة : فان كانت

____________________

(١) الهداية ص ٣٣.

(٢) قرب الاسناد ص ١١٨ ط حجر ، ص ١٥٨ ط نجف. البحار ج ١٠ ص ٢٦٩.

(٣) طه : ١٢.

(٤) علل الشرايع ج ١ ص ٦٣.

٢٣٦

صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة ، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة. وإن كانت صلاته غير جائزة فيها فقد أوجب على موسى عليه‌السلام أنه لم يعرف الحلال من الحرام ، ويعلم ماجازت الصلاة فيه مما لم تجز ، وهذا كفر.

قلت : فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما؟ قال : إن موسى عليه‌السلام ناجى ربه بالواد المقدس فقال : يا رب إني أخلصت لك المحبة مني وغسلت قلبي عمن سواك ، وكان شديد الحب لاهله ، فقال الله تبارك وتعالى : ( اخلع نعليك ) أي انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولة (١) والخبر طويل مذكور في محله (٢).

بيان : يظهر منه أن الخبر الاول محمول على التقية ، ومع قطع النظر عنه محمول على عدم علمه عليه‌السلام بذلك أو أنه عليه‌السلام لم يكن يصلي فيها إن جوزنا الاستعمال في غيرها ، أول ميكن في شرعه تحريم الصلاة في جلد الميتة ، وقد مر بعض القول فيه مع تأويل الاية وتفسيرها في المجلد الخامس (٣) وقد مضى بعض الاخبار المناسبة للباب في باب ما يؤخذ من سوق المسلمين (٤) وأبواب آداب اللباس.

____________________

(١) اكمال الدين ج ٢ ص ١٣٤ في حديث طويل.

(٢) راجع ج ٥٢ ص ٨٣ من هذه الطبعة الحديثة.

(٣) راجع ج ١٣ ص ٦٤ ـ ٦٦ من هذه الطبعة الباب الثالث من أبواب قصص موسى عليه‌السلام.

(٤) راجع ج ٨٠ ص ٨٣ ـ ٨٢ من هذه الطبعة.

٢٣٧

٥

* ( باب ) *

* ( النهى عن الصلاة في الحرير والذهب والحديد ) *

* ( وما فيه تماثيل ، وغير ذلك مما نهى عن الصلاة فيه ) *

الايات : المائدة حرمت عليكم الميتة (١).

تفسير استدل به على تحريم لبس جلد الميتة في الصلاة وغيرها ، وفيه نظر لاحتمال انصراف التحريم إلى الانتفاع الشائع وسيأتي القول فيه.

١ ـ الاحتجاج : كتب الحميري إلى الناحية المقدسة : إنا نجد باصفهان ثيابا عتابية على عمل الوشي من قز أو أبريسم ، هل تجوز الصلاة فيها أم لا؟ فأجاب عليه‌السلام لا يجوز الصلاة إلا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان (٢).

____________________

(١) المائدة : ٣ ولما كان تحريم الميتة على اطلاقه ولم يقيد بأكله أو بيعه وشرائه وأمثال ذلك ، والاطلاق في كلام الحكيم محكم ، صار المنع شاملا لجميع جهات المنافع كالحمى ، ولذلك قال عليه‌السلام ( ان الله اذا حرم شيئا حرم أكله وشربه ولبس وملكه و امساكه وبيعه وثمنه وجميع التقلب فيه ).

فعلى هذا لبس جلود الميتة حرام : سواء كان في حال الصلاة أو غيرها ، ولما كان ارتكاب المحرم منكرا والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، كان لبس جلود الميتة مانعا من الصلاة.

(٢) الاحتجاج : ٢٧٥ ، ووجه الحديث ما مر سابقا من أن ملاك عدم الجواز في لبس الحرير والذهب قوله تعالى ( يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلوءا ولباسهم فيها حرير ) ولاريب أن الذى وعد المتقون من أساور الذهب ولباس الحرير هو الخالص غير المغشوش ، فاذا كان اللباس من الحرير المغشوش أو الذهب قليل العيار لم يكن في التمتع بها في حياتنا الدنيا مانعا ، وهذا بخلاف جلود الميتة اذ اكف بها جيب اللباس وكمه و ذيله فان مانعية الميتة كانت على الاطلاق وبحسب الفرض ولبس الحرير مانعيته بحكم السنة من أدب النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسيمر عليك أحاديث تشيرالى ذلك.

٢٣٨

بيان لاخلاف بين علماء الاسلام في عدم جواز لبس الحرير المحض للرجال في الصلاة وغيرها ، ودلت عليه أخبار كثيرة ، وذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة فيه ، ونقلوا عليه الاجماع ، ولافرق بين أن يكون ساترا أو غيره ، ونسب المحقق والعلامة عدم الفرق إلى المرتضى والشيخين وأتباعهم ، والتحريم والبطلان مخصوصا بحال الاختيار ، أما في حال الضرورة كدفع الحر والبرد فلا ، بلاخلاف وكذا في حال الحرب وإن لم تكن ضرورة.

ثم المعتبر في التحريم كون الحرير محضا ولو خيط الحرير بغيرة لم يخرج عن التحريم ، وأظهر في المنع لو كانت البطانة حريرا وحدها أو الظهارة ، وأما الحشو بالابريسم فذهب الاكثر إلى التحريم ، ومال الشهيد في الذكرى إلى الجواز ، لرواية ورد فيها تجويز الحشو بالقز ، وحمله الصدوق على قز الماعز وهو بعيد ، والجواز متجه لعدم تحقق الاجماع على التحريم ، وإن كان كلام الفاضلين موهما له ، وقد أجمع الاصحاب ودلت الاخبار على أن المحرم إنما هو الحرير المحض ، أما الممتزج بغيره فالصلاة فيه جائزة ، سواء كان الخليط أقل أو أكثر ، ولو كان عشرا كما نص عليه في المعتبر ، مالم يكن مستهلكا بحيث يصدق على الثوب أنه أبريسم محض ، فانه ورد في الاخبار الكثيرة حصر المحرم في الحرير المحض أو المبهم ، فما ورد هذا الخبر من ذكر السدى أو اللحمة لعله على المثال أو على الاستحباب ، وكذا تخصيص الخليط بالقطن والكتان ، فلو كان صوفا أو فضة أو غيرهما يصدق عليه أنه ليس بحرير محض.

وفي القاموس الوشي نقش الثوب ، ويكون من كل لون ، ووشى الثوب كوعى وشيا وشية حسنة نمنمه ونقشه وحسنه كوشاه وفي المصباح المنير : وشيت الثوب وشيا من باب وعد رقمته ونقشته ، فهو موشى ، والاصل على مفعول ، والوشي نوع من الثياب الموشية تسمية بالمصدر ، وقال : القز معرب ، قال الليث هو مايعمل منه الابريسم ، ولهذا قال بعضهم القز والابريسم مثل الحنطة والدقيق.

٢ ـ قرب الاسناد وكتاب المسائل : بسنديهما عن علي بن جعفر ، عن أخيه

٢٣٩

عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يصلح له لبس الطيلسان فيه الديباج والبركان عليه حرير قال : لا (١).

وسألته عن الديباج هل يصلح لبسه للنساء قال : لابأس (٢).

توضيح : الديباج معرب ديباه وفي المصباح المنير الديباج ثوب سداه ولحمته أبريسم ، ويقال : هو معرب ثم كثر حتى اشتقت العرب منه ، فقالوا : دبج الغيث الارض دبجا من باب ضرب إذا سقاها فأنبتت أزهارا مختلفة ، لانه عندهم اسم للمنقش ، واختلف في الياء فقيل زائدة ووزنه فيعال ، ولهذا يجمع بالياء فيقال دبابيج ، وقيل هو أصل والاصل دباج بالتضعيف ، فابدل من أحد المضعفين حرف العلة ، ولهذا يرد في الجمع إلى أصله ، وقال الفيروز آبادي يقال : للكساء الاسود البركان والبركاني مشددتين انتهى ، وظاهره أنه إذا كان بعض أجزاء الثوب حريرا (٣) لاتجوز الصلاة فيه.

والظاهر في الزر إذا كان حريرا الجواز ، لمارواه الشيخ في الصحيح (٤) عن يوسف بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لابأس بالثوب أن يكون سداه وزره وعلمه حريرا ، وإنما كره الحرير المبهم للرجال.

وأما الكف (٥) به بأن يجعل في رؤس الاكمام والذيل وحول الزيق (٦)

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١١٨ ط حجر. ١٥٩ ط نجف كتاب المسائل المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٦٣.

(٢) قرب الاسناد ص ١٠١ ط حجر ، ١٣٤ ط نجف ، البحار ج ١٠ ص ٢٦٣.

(٣) بل الثوب البركانى كله ابريسم ، فانه معرب برنيان وهو الحرير المنقش في غاية اللطافة يجلب من الصين ، وقد عربوها بصور مختلفة : برنكان كزعفران ، برنكانى كزعفرانى وبركانى وبركان بابدال النون راء وادغامه في الراء الاولى مشددتين.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٩٥.

(٥) هو الخياطة الثاينة بعد الشل كخياطة الحاشية.

(٦) الزيق من القميص : ما أحاط منه بالعنق ، وما كف جانبه الجيب.

٢٤٠