بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وفي المجمع عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قرأها فقال : مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ، وشدائد يوم القيامة (١) وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله إني لاعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم « ومن يتق الله » الآية فما زال يقولها ويعيدها (٢) وفي النهج مخرجا من الفتن ونورا من الظلم (٣) وفي المجمع عن الصادق عليه‌السلام « ويرزقه من حيث لايحتسب » أي يبارك له فيما آتاه (٤).

وفي الفقيه عنه عن آبائه عن علي عليه‌السلام من أتاه الله برزق لم يخط إليه برجله ولم يمده إليه يده ، ولم يتكلم فيه بلسانه ، ولم يشد إليه ثيابه ، ولم يتعرض له كان ممن ذكر الله عزوجل في كتابه « ومن يتق الله » الآية (٥) وفي الكافي عن الصادق عليه‌السلام إن قوما من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزلت هذه الآية أغلقوا الابواب وأقبلوا على العبادة وقالوا : كفينا فبلغ ذلك النبي فأرسل إليهم فقال : ماحملكم على ماصنعتم؟ فقالوا : يارسول الله تكفل لنا بأرزاقنا ، فأقبلنا على العبادة فقال : إنه من فعل ذلك لم يستجب له ، عليكم بالطلب (٦).

وعنه عليه‌السلام : هؤلاء قوم من شيعتنا شعفاء ليس عندهم مايتحملون به إلينا ، فيسمعون حديثنا ، ويقتبسون من علمنا ، فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون أبدانهم حتى يدخلوا علينا ، فيسمعوا حديثنا فينقلوه إليهم ، فيعيه هؤلاء ويضيعه هؤلاء فاولئك الذين يجعل الله عز ذكره لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لايحتسبون (٧).

____________________

(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٠٦.

(٢) أنوار التنزيل ص ٤٣٣.

(٣) نهج البلاغة تحت الرقم ١٨١ من الخطب.

(٤) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٠٦.

(٥) الفقيه ج ٣ ص ١٠١.

(٦) الكافي ج ٥ ص ٨٤.

(٧) الكافي ج ٨ ص ١٧٨.

٢٨١

« ومن يتق الله » (١) في أحكامه فيراعي حقوقها « يجعل له من أمره يسرا » أي يسهل عليه أمره ويوفقه للخير « ومن يتق الله » (٢) في أمره « يكفر عنه سيئاته » فان الحسنات يذهبن السيئات « ويعظم له أجرا » بالمضاعفة.

« جنات النعيم » (٣) أي جنات ليس فيها إلا التنعم الخالص.

« مفازا » (٤) في التفسير قال : يفوزون ، وعن الباقر عليه‌السلام هي الكرامات « حدائق وأعنابا » أي بساتين فيها أنواع الاشجار المثمرة « وكواعب » نساء فلكت ثديهن « أترابا » لدات عن سن واحد ، وفي التفسير عن الباقر عليه‌السلام « وكواعب أترابا » أي الفتيات الناهدات « وكأسا دهاقا » أي ممتلية.

١ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أبي داود المسترق ، عن محسن الميثمي ، عن يعقوب بن شعيب قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : مانقل الله عزوجل عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه من غير مال ، وأعزه من غير عشيرة ، وآنسه من غير بشر (٥).

بيان : « من غير بشر » أي من غير أنيس من البشر ، بل الله مونسه كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اللهم إنك آنس الآنسين بأوليائك.

٢ ـ ضه ، شى : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : إن لاهل التقوى علامات يعرفون بها : صدق الحديث ، وأداء الامانة ، ووفاء بالعهد ، وقلة العجز والبخل ، وصلة الارحام ، ورحمة الضعفاء وقلة المؤاتاة للنساء ، وبذل المعروف ، وحسن الخلق ، وسعة الحلم ، واتباع العلم ، فيما يقرب إلى الله ، طوبى لهم وحسن مآب.

وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله ، فليس من مؤمن إلا وفي

____________________

(٢١) الطلاق : ٤ و ٥.

(٣) القلم : ٣٤.

(٤) النبأ : ٣٣٣١.

(٥) الكافى ج ٢ ص ٧٦.

٢٨٢

داره غصن من أغصانها لاينوي في قلبه شيئا إلا آتاه ذلك الغصن ، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ماخرج منها ، ولو أن غرابا طار من أصلها مابلغ أعلاها حتى يبياض هراما إلا ففي هذا فارغبوا ، إن للمؤمن في نفسه شغلا والناس منه في راحة إذا جن عليه الليل فرش وجهه وسجد لله بمكارم بدنه ، يناجى الذي خلقه في فكاك رقبته ألا فهكذا فكونوا (١).

٣ ـ تفسير النعمانى : بالاسناد المسطور في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : نسخ قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته » (٢) قوله تعالى : « فاتقوا الله ما استطعتم » (٣).

٤ ـ كتاب صفات الشيعة للصدوق : باسناده ، عن علي بن عبدالعزيز قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : يا علي بن عبدالعزيز لايغرنك بكاؤهم فان التقوى في القلب (٤).

٥ ـ دعوات الراوندى : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من اتقى الله عاش قويا وسار في بلاد عدوه آمنا.

٦ ـ نهج : قال عليه‌السلام : كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه إلا العناء ، حبذا نوم الاكياس وإفطارهم (٥).

وقال عليه‌السلام : اتقوا الله الذي إن قلتم سمع ، وإن أضمرتم علم وبادروا الموت الي إن هربتم أدرككم ، وإن أقمتم أخذكم ، وإن نسيتموه ذكركم (٦).

____________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢١٣.

(٢) آل عمران : ١٠٢.

(٣) التغابن : ١٦.

(٤) صفات الشيعة ص ١٧٦.

(٥) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٧٧.

(٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٠.

٢٨٣

وقال عليه‌السلام : اتقوا الله تقية من شمر تجريدا ، وجد تشميرا وانكمش في مهل ، وبادر عن وجل ، ونظر في كرة الموئل ، وعاقبة المصدر ومغبة المرجع (١).

وقال عليه‌السلام : اتقوا الله بعض التقى ، وإن قل ، واجعل بينك وبين الله سترا وإن رق (٢).

وقال عليه‌السلام : التقى رئيس الاخلاق (٣).

وقال عليه‌السلام : أما بعد فاني اوصيكم بتقوى الله الذي ابتدأ خلقكم وإليه يكون معادكم ، وبه نجاح طلبتكم ، وإليه منتهى رغبتكم ، ونحوه قصد سبيلكم ، وإليه مرامي مفزعكم ، فان تقوى الله دواء داء قلوبكم ، وبصر عمى أفئدتكم ، وشفاء مرض أجسادكم ، وصلاح فساد صدوركم ، وطهور دنس أنفسكم وجلاء غشاء أبصاركم ، وأمن فرغ جأشكم ، وضياء سواد ظلمتكم.

فاجعلوا طاعة الله شعارا دون دثاركم ، ودخيلا دون شعاركم ، ولطيفا بين أضلاعكم ، وأميرا فوق اموركم ، ومنهلا لحين وردكم ، وشفيعا لدرك طلبتكم وجنة ليوم فزعكم ، ومصابيح لبطون قبوركم ، وسكنا لطول وحشتكم ، ونفسا لكرب مواطنكم ، فان طاعة الله حرز من متالف مكتنفة ، ومخاوف متوقعة واوار نيران موقدة ، فمن أخذ بالتقوى عزبت عنه الشدائد بعد دنوها ، واحلولت له الامور بعد مرارتها ، وانفرجت عنه الامواج بعد تراكمها ، وأسهلت له الصعاب بعد انصبابها ، وهطلت عليه الكرامة بعد قحوطها ، وتحدبت عليه الرحمة بعد نفورها وتفجرت عليه النعم بعد نضوبها ، ووبلت عليه البركة بعد ارذادها.

فاتقوا الله الذي نفعكم بموعظته ، ووعظكم برسالته ، وامتن عليكم بنعمته

____________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩١.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٨.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤١.

٢٨٤

فعبدوا أنفسكم لعبادته ، واخرجوا إليه من حق طاعته ، إلى آخر الخطبة (١).

٨ ـ كنز الكراجكى : روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : خصلة من لزمها أطاعته الدنيا والآخرة وربح الفوز بالجنة قيل : وما هي يارسول الله؟ قال : التقوى من أراد أن يكون أعز الناس فليتق الله عزوجل ، ثم تلا « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب » (٢).

٨ ـ عدة الداعى : روى أحمد بن الحسين الميثمي عن رجل من أصحابه قال : قرأت جوابا من أبي عبدالله عليه‌السلام إلى رجل من أصحابه أما بعد فاني اوصيك بتقوى الله عزوجل ، فان الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى مايحب ، و يرزقه من حيث لايحتسب ، إن الله عزوجل لايخدع عن جنته ، ولاينال ماعنده إلا بطاعته إنشاء الله تعالى.

وروى عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أيما مؤمن أقبل قبل ما يحب الله ، أقبل الله عليه قبل كل مايحب ، ومن اعتصم بالله بتقواه عصمه الله ، ومن أقبل الله عليه وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الارض ، وإن نزلت نازلة على أهل الارض فشملهم بلية كان في حرز الله بالتقوى من كل بلية ، أليس الله تعالى يقول : « إن المتقين في مقام أمين » (٣).

مشكوة الانوار : عنه عليه‌السلام مثله (٤).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أن السموات والارض كانتا رتقا على عبد ثم اتقى الله لجعل الله له منهما فرجا ومخرجا.

وسئل الصادق عليه‌السلام عن تفسير التقوى فقال : أن لايفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك.

____________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ١٥٥ ، تحت الرقم ٨١ من الخطب.

(٢) الطلاق : ٣ و ٤.

(٣) الدخان : ٥١.

(٤) مشكاة الانوار ص ١٨.

٢٨٥

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أصل الدين الورع ، كن ورعا تكن أعبد الناس ، وكن بالعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل بغيره ، فانه لايقل عمل بالتقوى ، وكيف يقل عمل يتقبل لقول الله عزوجل « إنما يتقبل الله من المتقين » وفي الوحي القديم : العمل مع أكل الحرام كناقل الماء في المنخل.

وعنهم عليهم‌السلام : جدوا واجتهدوا ، وإن لم تعملوا فلا تعصوا ، فان من يبني ولا يهدم يرتفع بناؤه ، وإن كان يسيرا وإن ( من يبني ويهدم يوشك أن لايرتفع بناؤه.

وروى محمد بن يعقوب يرفعه إلى أبي حمزة قال : كنت عند علي بن الحسين عليهما‌السلام فجاءه رجل فقال له ) يا أبا محمد إني مبتلى بالنساء فأزني يوما وأصوم يوما أفيكون ذا كفارة لذا؟ فقال له عليه‌السلام : إنه ليس شئ أحب إلى الله عزوجل من أن يطاع فلا يعصى فلا تزن ولا تصم ، فاجتذبه أبوجعفر عليه‌السلام إليه فأخذه بيده و قال له : تعمل عمل أهل النار ، وترجو أن تدخل الجنة (١).

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ليجيئن أقوام يوم القيامة لهم من الحسنات كجبال تهامة ، فيؤمر بهم إلى النار ، فقيل : يانبي الله أمصلون؟ قال : كانوا يصلون ويصومون ويأخذون وهنا من الليل لكنهم كانوا إذا لاح لهم شئ من الدنيا وثبوا عليه.

٩ ـ مشكوة الانوار : نقلا من المحاسن قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : التقوى سنخ الايمان وقيل لامير المؤمنين عليه‌السلام : صف لنا الدنيا فقال : وما أصف لكم منها؟ لحلالها حساب ، ولحرامها عذاب ، لو رأيتم الاجل ومسيره للهيتم عن الامل وغروره ، ثم قال : من اتقى الله حق تقاته أعطاه الله انسا بلا أنيس ، وغناء بلا مال ، وعزا بلا سلطان. وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : القيامة ( عرس المتقين.

وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : لايغرنك ) بكاؤهم إنما التقوى في القلب.

وقال أبوعبدالله عليه‌السلام : في قوله جل ثناؤه : « هو أهل التقوى وأهل المغفرة » (٢) قال : أنا أهل أن يتقيني عبدى ، فان لم يفعل فأنا أهل أن

____________________

(١) راجع الكافى ج ٥ ص ٥٤٢. (٢) المدثر : ٥٦.

٢٨٦

أغفر له (١).

ومنه : روي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل البيت عام الفتح ومعه الفضل بن عباس واسامة بن زيد ثم خرج فأخذ بحلقة الباب ثم قال : الحمد لله الذي صدق عبده ، وأنجز وعده ، وغلب الاحزاب وحده ، إن الله أذهب نخوة العرب وتكبرها بآبائها وكلكم من آدم ، وآدم من تراب ، وأكرمكم عند الله أتقيكم (٢).

١١ ـ ومنه : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : العلماء امناء ، والاتقياء حصون والعمال سادة.

١٢ ـ شى : عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله : « اتقوا الله حق تقاته » (٣) قال : منسوخة ، قلت : وما نسختها؟ قال : قول الله : « اتقوا الله ما استطعتم » (٤).

١٣ ـ شى : عن زيد بن أبي اسامة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : « إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون » (٥) قال : هو الذنب يهم به العبد فيتذكر فيدعه (٦).

١٤ ـ شى : عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ماذلك الطائف؟ قال : هو السيئ يهم العبد به ، ثم يذكر الله فيبصر ويقصر.

أبوبصير عنه عليه‌السلام قال : هو الرجل يهم بالذنب ثم يتذكر فيدعه (٧).

____________________

(١) مشكاة الانوار : ص ٤٤.

(٢) مشكاة الانوار ص ٥٩.

(٣) آل عمران : ١٠٢.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ١٩٤ ، والاية في التغابن : ١٦.

(٥) الاعراف : ٢٠١.

(٦) تفسير العياشى ج ٢ ص ٤٣.

(٧) تفسير العياشى ج ٢ ص ٤٤.

٢٨٧

١٥ ـ صح ، لى : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه (١).

١٦ ـ لى : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لاكرم أعز من التقوى ، وسئل عليه‌السلام أي عمل أفضل؟ قال : التقوى (٢).

أقول : قد أثبتناها وأمثالها بأسانيدها في أبواب المواعظ وباب مكارم الاخلاق.

١٧ ـ فس : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أيها الناس إن العربية ليست بأب والد ، و إنما هو لسان ناطق ، فمن تكلم به فهو عربي ألا إنكم ولد آدم ، وآدم من تراب وأكرمكم عند الله أتقاكم (٣).

١٨ ـ ل : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن القاشاني عمن ذكره ، عن عبدالله بن القاسم الجعفري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : القيامة عرس المتقين (٤).

١٩ ـ ل : عن علي بن الحسين عليه‌السلام لا حسب لقرشي ولا عربي إلا بتواضع ولا كرم إلا بتقوى (٥).

٢٠ ـ ل : الخليل بن أحمد ، عن معاذ ، عن الحسين المروزي ، عن محمد بن عبيد ، عن داود الاودي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أول ما يدخل النار من امتي الاجوفان قالوا : وما الاجوفان؟ قال : الفرج والفم ، وأكثر مايدخل به الجنة تقوى الله وحسن الخلق (٦).

____________________

(١) أمالي الصدوق ص ١٤.

(٢) أمالي الصدوق ص ١٩٣.

(٣) تفسير القمي ٦٤٢.

(٤) الخصال ج ١ ص ١٠.

(٥) الخصال ج ١ ص ١٢.

(٦) الخصال ج ١ ص ٣٩.

٢٨٨

٢١ ـ ما : في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لابي ذر : عليك بتقوى الله فانه رأس الامر كله (١).

أقول : سيأتي فيما كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام لمحمد بن أبي بكر مدح المتقين (٢).

٢٢ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن سليمان بن محمد ، عن محمد بن عمران ، عن محمد بن عيسى الكندي ، عن الصادق عليه‌السلام قال : من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال ، وأعزه بلا عشيرة ، وآنسه بلا بشر ، ومن خاف الله عزوجل أخاف الله منه كل شئ ، ومن لم يخف الله عز وجل أخافه الله من كل شئ (٣).

ما : عن المفيد ، عن محمد بن محمد بن طاهر ، عن ابن عقدة مثله (٤).

٢٣ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن الكليني (٥) عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : جلس جماعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ينتسبون ويفتخرون ، وفيهم سلمان رحمه‌الله فقال عمر : مانسبك أنت ياسلمان؟ وما أصلك؟ فقال : أنا سلمان بن عبدالله كنت ضالا فهداني الله بمحمد عليه‌السلام وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد عليه‌السلام وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد عليه‌السلام فهذا حسبي ونسبي ياعمر ، ثم خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فذكر له سلمان ما قال عمر ، وما أجابه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معشر قريش إن حسب المرء دينه ، ومروته خلقه ، وأصله عقله ، قال الله تعالى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا

____________________

(١) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٤ وفي نسخة الاصل رمز الخصال.

(٢) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٤.

(٣) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٠٥.

(٤) أمالي الطوسي ج ١ ص ١٣٩.

(٥) تراه في روضة الكافي ص ١٨١ مع اختلاف في اللفظ.

٢٨٩

إن أكرمكم عند الله أتقيكم (١) ثم أقبل على سلمان رحمه‌الله فقال له : ياسلمان إنه ليس لاحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عزوجل ، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه (٢).

٢٤ ـ ما : المفيد ، عن إسماعيل بن محمد الكاتب ، عن أحمد بن جعفر المالكي عن عبدالله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب ، عن أبي ذر رحمه‌الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتق الله حيث كنت ، وخالق الناس بخلق حسن ، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة يمحوها (٣).

٢٥ ـ ما : المفيد ، عن محمد بن محمد بن طاهر ، عن ابن عقدة ، عن يحيى بن الحسن العلوي ، عن إسحاق بن موسى ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، والجلوس إليهم عبادة (٤).

٢٦ ـ ما : ابن مخلد ، عن جعفر بن محمد بن نصير ، عن الحارث بن محمد بن أبي اسامة ، عن داود بن المحبر ، عن عباد ، عن عبدالله بن دينار ، عن ابن عمران ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كم من عاقل عقل عن الله عزوجل أمره ، وهو حقير عند الناس دميم المنظر ، ينجو غدا ، وكم من طريف اللسان ، جميل المنظر عند الناس ، يهلك غدا في القيامة (٥).

٢٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن الحسن بن محمد بن اشكاب ، عن أبيه عن علي بن حفص المدايني ، عن أيوب بن سيار ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : أقبل العباس ذات يوم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان العباس

____________________

(١) الحجرات : ١١.

(٢) أمالي الطوسي ج ١ ص ١٤٦.

(٣) أمالي الطوسي ج ١ ص ١٨٩.

(٤) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٢٩.

(٥) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٧.

٢٩٠

طوالا حسن الجسم ، فلما رآه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تبسم إليه وقال : إنك ياعم لجميل فقال العباس : ما الجمال بالرجل يارسول الله؟ قال : بصواب القول بالحق قال : فما الكمال؟ قال : تقوى الله عزوجل وحسن الخلق (١).

٢٨ ـ مع ، ع : ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : وقع بين سلمان وبين رجل كلام فقال له : من أنت وما أنت؟ فقال سلمان : أما اولادي واولاك فنطفة قذرة ، وأما اخراي واخراك فجيفة منتنة ، فاذا كان يوم القيامة ونصبت الموازين ، فمن خف ميزانه فهو اللئيم ، ومن ثقل ميزانه فهو الكريم (٢).

٢٩ ـ ع : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن جعفر بن محمد بن إبراهيم الهمداني ، عن العباس بن عامر ، عن إسماعيل بن دينار يرفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : افتخر رجلان عند أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أتفتخران بأجساد بالية ، وأرواح في النار؟ إن يكن لك عقل فان لك خلقا وإن يكن لك تقوى فان لك كرما ، وإلا فالحمار خير منك ولست بخير من أحد.

٣٠ ـ مع : الوراق ، عن سعد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن الحسن بن سعيد ، عن الحارث بن محمد بن النعمان ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله ، ومن أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على الله الخبر (٣).

أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب أصناف الناس في الايمان.

٣١ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن النضر ، عن أبي الحسين ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله

____________________

(١) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١١٢.

(٢) معاني الاخبار ص ٢٠٧.

(٣) معاني الاخبار ص ١٩٦.

٢٩١

عزوجل : « اتقوا الله حق تقاته » قال : يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر (١).

ين : النضر مثله.

سن : عن أبيه : عن النضر مثله (٢).

شى : عن أبي بصير مثله (٣).

٣٢ ـ مع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الوليد بن عباس قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : الحسب الفعال ، والشرف المال ، والكرم التقوى (٤).

٣٣ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن هارون بن عبدالرحمن ، عن أبيه ، عن عيسى بن أبي الورد ، عن أحمد بن عبدالعزيز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لايقل مع التقوى عمل ، وكيف يقل مايتقبل (٥).

جا : الجعابي مثله (٦).

جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن ابن فضال ، عن ابن سنان ، عن الفضيل بن عثمان ، عن الحذاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٧).

____________________

(١) معاني الاخبار ص ٢٤٠.

(٢) المحاسن ص ٢٠٤.

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ١٩٤.

(٤) معاني الاخبار ص ٤٠٥.

(٥) أمالي الطوسي ج ١ ص ٦٠.

(٦) أمالي المفيد ص ٢٦.

(٧) أمالي المفيد ص ١٢٢.

٢٩٢

كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان مثله (١).

بيان : « وكيف يقل مايتقبل » لان الله يقول : « إنما يتقبل الله من المتقين » (٢).

٣٤ ـ فس : « إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر » (٣) قال : من لم ينهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا (٤).

٣٥ ـ فس : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطى ثم يقال له : كن هباء منثورا ثم قال : أما والله يا أبا حمزة إنهم كانوا يصومون ويصلون ، ولكن كانوا إذا عرض لهم شئ من الحرام أخذوه ، وإذا ذكر لهم شئ من فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام أنكروه ، وقال : والهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوة من شعاع الشمس (٥).

٣٦ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء ، عن الحسن بن الجهم ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : كان في بني إسرائيل رجل يكثر أن يقول : الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، فغاظ إبليس ذلك فبعث إليه شيطانا فقال : قل : العاقبة للاغنياء ، فجاءه فقال ذلك ، فتحاكما إلى أول من يطلع عليهما على قطع يد الذي يحكم عليه فلقيا شخصا فأخبراه بحالهما ، فقال : العاقبة للاغنياء فرجع ، وهو يحمد الله ويقول : العاقبة للمتقين ، فقال له : تعود أيضا فقال : نعم على يدي الاخرى فخرجا فطلع الآخر فحكم عليه أيضا فقطعت يده الاخرى ، وعاد أيضا يحمد الله

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٧٥.

(٢) المائدة ٢٧.

(٣) العنكبوت : ٤٥.

(٤) تفسير القمى ص ٤٩٧.

(٥) تفسير القمي ص ٤٦٥.

٢٩٣

ويقول : العاقبة للمتقين ، فقال له : تحاكمني على ضرب العنق؟ فقال : نعم فخرجا فرأيا مثالا فوقفا عليه فقال : إني كنت حاكمت هذا وقصا عليه قصتهما قال : فمسح يديه فعادتا ثم ضرب عنق ذلك الخبيث وقال : هكذا العاقبة للمتقين.

٣٧ ـ سن : أبي ، عن هارون بن الجهم ومحمد بن سنان ، عن الحسين بن يحيى عن فرات بن أحنف ، عن رجل من أصحاب علي عليه‌السلام قال : إن وليا لله وعدوا لله اجتمعا فقال ولي الله : الحمد لله والعاقبة للمتقين ، وقال الآخر : الحمد لله والعاقبة للاغنياء وفي رواية اخرى والعاقبة للملوك فقال ولي الله : ارض بيننا بأول طالع يطلع من الوادي ، قال : فاطلع إبليس في أحسن هيئة فقال ولي الله : الحمد لله والعاقبة للمتقين ، فقال الآخر : الحمد لله والعاقبة للملوك ، فقال إبليس : كذا (١).

٣٨ ـ سن : علي بن السندي ، عن المعلى بن محمد ، عن ابن أسباط ، عن عبدالله ابن محمد صاب الحجال قال : قلت لجميل بن دراج : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أتاكم شريف ( قوم ) فأكرموه؟ قال : نعم فقلت : فما الحسب؟ فقال : الذي يفعل الافعال الحسنة بماله وغير ماله ، فقلت : فما الكرم؟ فقال : التقى (٢).

٣٩ ـ ضا : أروي من أراد أن يكون أعز الناس فليتق الله في سره وعلانيته.

وأروي عن العالم عليه‌السلام في تفسير هذه الآية (٣) « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب » قال : يجعل له مخرجا في دينه ويرزقه من حيث لايحتسب في دنياه.

٤٠ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : اتق الله وكن حيث شئت ومن أي قوم شئت ، فانه لا خلاف لاحد في التقوى ، والمتقي محبوب عند كل فريق ، وفيه جماع كل خير ورشد ، وهو ميزان كل علم وحكمة ، وأساس كل طاعة مقبولة

____________________

(١) المحاسن ص ٢٤٧.

(٢) المحاسن ص ٣٢٨.

(٣) الطلاق : ٢.

٢٩٤

والتقوى ماينفجر من عين المعرفة بالله ، يحتاج إليه كل فن من العلم ، وهو لا يحتاج إلا إلى تصحيح المعرفة ، بالخمود تحت هيبة الله وسلطانه ، ومزيد التقوى يكون من أصل اطلاع الله عزوجل على سر العبد بلطفه.

فهذا أصل كل حق وأما الباطل فهو مايقطعك عن الله متفق عليه أيضا عند كل فريق ، فاجتنب عنه ، وافرد سرك لله تعالى بلا علاقة قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد :

ألا كل شئ ماخلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

فالزم ما أجمع عليه أهل الصفا والتقى ، من اصول الدين وحقائق اليقين والرضا والتسليم ، ولا تدخل في اختلاف الخلق ومقالاتهم ، فتعصب عليك ، وقد اجتمعت الامة المختارة بأن الله واحد ليس كمثله شئ ، وأنه عدل في حكمه يفعل مايشاء ويحكم مايريد ، ولا يقال له في شئ من صنعه : لم؟ ولا كان ولا يكون شئ إلا بمشيته ، وأنه قادر على مايشاء ، صادق في وعده ووعيده ، وأن القرآن كلامه وأنه مخلوق ، وأنه كان قبل الكون والمكان والزمان ، وأن إحداث الكون والفناء عنده سواء ، ما ازداد بإحداثه علما ولا ينقص بفنائه ملكه ، عز سلطانه وجل سبحانه.

فمن أورد عليه ماينقض هذا الاصل فلا تقبله ، وجرد باطنك لذلك ترى بركاته عن قريب ، وتفوز مع الفائزين (١).

٤١ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : التقوى على ثلاثة أوجه : تقوى الله في الله وهو ترك الحلال فضلا عن الشبهة وهو تقوى خاص الخاص ، وتقوى من الله وهو ترك الشبهات فضلا عن حرام ، وهو تقوى الخاص ، وتقوى من خوف النار والعقاب وهو ترك الحرام وهو تقوى العام ، ومثل التقوى كماء يجري في نهر ومثل هذه الطبقات الثلاث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر ، من كل لون وجنس وكل شجرة منها يستمص الماء من ذلك النهر ، على قدر جوهره وطعمه

____________________

(١) مصباح الشريعة ص ٤٤ و ٤٥.

٢٩٥

ولطافته وكثافته ، ثم منافع الخلق من ذلك الاشجار والثمار على قدرها وقيمتها قال الله تعالى : « صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ويفضل بعضهما على بعض في الاكل » (١) الآية.

فالتقوى للطاعات كالماء للاشجار ، ومثل طبايع الاشجار والثمار في لونها وطعمها مثل مقادير الايمان ، فمن كان أعلا درجة في الايمان وأصفا جوهرا بالروح كان أتقى ، ومن كان أتقى كانت عبادته أخلص وأطهر ، ومن كان كذلك كان من الله أقرب ، وكل عبادة غير مؤسسة على التقوى فهو هباء منثور قال الله عزوجل : « أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم » (٢) الآية وتفسير التقوى ترك ماليس بأخذه بأس حذرا عما به بأس ، وهو في الحقيقة طاعة ، وذكر بلا نسيان ، وعلم بلا جهل مقبول غير مردود (٣).

٥٧

( باب )

* « ( الورع واجتناب الشبهات ) » *

١ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، ن أبي المغرا ، عن زيد الشحام ، عن عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : إني لا ألقاك إلا في السنين فأخبرني بشئ آخذ به فقال : اوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد ، واعلم أنه لاينفع اجتهاد لا ورع فيه (٤).

بيان : لعل المراد بالتقوى ترك المحرمات ، وبالورع ترك الشبهات ، بل

____________________

(١) الرعد : ٥.

(٢) براءة : ١٠٩.

(٣) مصباح الشريعة ص ٥٦ و ٥٧.

(٤) الكافي ج ٢ ص ٧٦.

٢٩٦

بعض المباحات ، وبالاجتهاد بذل الجهد في فعل الطاعات ، يقال : وقاه الله السوء يقيه وقاية أي حفظه ، واتقيت الله اتقاء أي حفظت نفسي من عذابه أو عن مخالفته والتقوى اسم منه ، والتاء مبدلة من واو ، والاصل وقوى من وقيت لكل ابدل لزمت التاء في تصاريف الكلمة وفي النهاية : فيه : ملاك الدين الورع ، الورع في الاصل الكف عن المحارم ، والتحرج منها ، يقال : ورع الرجل يرع بالكسر فيهما ، ورعا ورعة فهو ورع وتورع من كذا ثم استعير للكف عن المباح والحلال « لاينفع » أي نفعا كاملا.

٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن حديد بن حكيم قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع (١).

بيان : يدل على أن بترك الورع عن المحرمات يصير الايمان بمعرض الضياع والزوال ، فان فعل الطاعات وترك المعاصي حصون للايمان من أن يذهب به الشيطان.

٣ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن يزيد بن خليفة قال : وعظنا أبوعبدالله عليه‌السلام فأمر وزهد ، ثم قال : عليكم بالورع ، فانه لاينال ماعند الله إلا بالورع (٢).

بيان : فأمر أي بالطاعات وما يوجب الفوز بأرفع الدرجات ، وزهد على بناء التفعيل أي أمر بالزهد في الدنيا وترك مشتهياتها المانعة عن قربه سبحانه قال الجوهري : التزهيد في الشئ وعن الشئ خلاف الترغيب فيه.

٤ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لاينفع الجهاد لا ورع فيه (٣).

٥ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسن

____________________

(٢١) الكاي ج ٢ ص ٧٦.

(٣) الكافي ج ص ص ٧٧.

٢٩٧

ابن زياد الصيقل ، عن فضيل بن يسار قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : إن أشد العبادة الورع (١).

بيان : « أن أشد العبادة الورع » إذ ترك المحرمات أشق على النفس من فعل الطاعات ، وأفضل الاعمال أحمزها.

٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن بزيع ، عن حنان بن سدير قال : قال أبوالصباح الكناني لابي عبدالله عليه‌السلام : مانلقى من الناس فيك؟ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : وما الذي تلقى من الناس في؟! فقال : لايزال يكون بيننا وبين الرجل الكلام فيقول : جعفري خبيث ، فقال : يعيركم الناس بي؟ فقال له أبو الصباح : نعم ، قال : فما أقل والله من يتبع جعفرا منكم ، إنما أصحابي من اشتد ورعه ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، هؤلاء أصحابي (٢).

توضيح : قال الشيخ البهائي رحمه‌الله : يعلم منه أنه لم يرتض عليه‌السلام ماقاله أبوالصباح ، لما فيه من الخشونة وسوء الادب « وعمل لخالقه » أي أخلص العمل لله « ورجا ثوابه » كأنه إشارة إلى أن رجاء الثواب إنما يحسن مع الورع والطاعة ، وإلا فهو غرور كما مر ، وإلى أنه مع العمل أيضا لاينبغي اليقين بالثواب لكثرة آفات العمل ، ويمكن أن يكون ماذكره عليه‌السلام إيماء إلى أن ماتسمعون من المخالفين إنما هو لعدم الطاعة إما بترك الطاعات والاعمال الرضية أو لترك ما أمرتكم به من التقية.

٧ ـ كا : بالاسناد المتقدم ، عن حنان ، عن أبي سارة الغزال ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال الله عزوجل : ابن آدم اجتنب ماحرمت عليك تكن من أورع الناس (٣).

بيان : كأن الاورع بالنسبة إلى من يجتنب المكروهات ويأتي بالسنن ، ويجترئ على المحارم وترك الطاعات كما هو الشايع بين الناس أو هو تعريض بأرباب البدع

____________________

(١ ـ ٣) الكافي ج ٢ ص ٧٧.

٢٩٨

الذين يحرمون ما أحل الله على أنفسهم ويسمونه ورعا أو تنبيه على أن الورع إنما هو بترك المعاصي لا بالمبالغة في الطاعات والاكثار منها.

٨ ـ كا : عن علي ، عن أبيه وعلي بن محمد ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان المنقري ، عن حفص بن غياث قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الورع من الناس فقال : الذي يتورع عن محارم الله عزوجل (١).

٩ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن أبي اسامة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : عليك بتقوى الله ، والورع والاجتهاد وصدق الحديث ، وأداء الامانة ، وحسن الخلق ، وحسن الجوار ، وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم وكونوا زينا ولا تكونوا شينا ، وعليكم بطول الركوع والسجود ، فان أحدكم إذا أطال الركوع والسجود هتف إبليس من خلفه فقال : ياويله أطاع وعصيت ، وسجد وأبيت (٢).

ايضاح : « حسن الجوار » لكل من جاوره وصاحبه أو لجار بيته « وكونوا دعاة » أي كونوا داعين للناس إلى طريقتكم المثلى ومذهبكم الحق بمحاسن أعمالكم ، ومكارم أخلاقكم ، فان الناس إذا رأوكم على سيرة حسنة وهدي جميل نازعتهم أنفسهم إلى الدخول فيما ذهبتم إليه من التشيع وتصويبكم فيما تقلدتم من طاعة أئمتكم عليهم‌السلام « وكونوا زينا » أي زينة لنا « ولا تكونوا شينا » أي عيبا وعارا علينا.

وفي النهاية في حديث أبي هريرة إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : ياويله ، الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب وكل من وقع في هلكة دعا بالويل ، ومعنى النداء فيه ياويلي وياحزني وياهلاكي وياعذابي احضر فهذا وقتك وأوانك ، فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من الامر الفظيع وهو الندم على ترك السجود لآدم عليه‌السلام وأضاف الويل إلى ضمير الغائب

____________________

(٢١) الكافى ج ٢ ص ٧٧.

٢٩٩

حملا على المعنى ، وعدل عن حكاية قول إبليس ياويلي كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه انتهى.

وقال النووى : هو من أدب الكلام أنه إذا عرض في الحكاية عن الغير ما فيه سوء ، صرف الحاكي عن نفسه إلى الغيبة صونا عن صورة إضافة السوء إلى نفسه انتهى.

وقيل : الضمير راجع إلى الساجد ودعا إبليس له بالعذاب والويل ، أو هو من كلام الامام والضمير لابليس والجملة معترضة ، ولا يخفى بعدهما ، ويحتمل على الاول أن يكون المنادى مخذوفا نحو ألا يا اسجدوا ، أي ياقوم احضروا ويلي.

٩ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن أبي زياد ، عن أبيه قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فدخل عيسى بن عبدالله القمي فرحب به وقرب مجلسه ، ثم قال : ياعيسى بن عبدالله ليس منا ولا كرامة من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون ، وكان في ذلك المصر أحد أورع منه (١).

بيان : قال الجوهري : الرحب بالضم السعة ، وقولهم مرحبا وأهلا أي أتيت سعة وأتيت أهلا ، فاستأنس ولاتستوحش ، وقد رحب به ترحيبا إذا قال له : مرحبا ، انتهى ، وفي النهاية وقيل : معناه رحب الله بك مرحبا فجعل المرحب موضع الترحيب انتهى.

وقوله : « ولا كرامة » جملة معترضة أي لا كرامة له عند الله ، أو عندنا أو أعم منهما « فيه مائة ألف » أي من المخالفين أو الاعم ويدل على مدح عيسى بن عبدالله ، وروى الشيخ المفيد في مجالسه حديثا يدل على مدح عظيم له ، وأنه قال عليه‌السلام فيه : هو منا أهل البيت ، وزعم الاكثر أنه الاشعري جد أحمد بن محمد والاظهر عندي أنه غيره لبعد ملاقاة الاشعري الصادق عليه‌السلام بل ذكروا أن له مسائل عن الرضا عليه‌السلام.

١٠ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٧٨.

٣٠٠