بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

إلى الحرام.

قوله عليه‌السلام : « إلا بالعمل » في لى وغيره إلا بالورع والعمل.

٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة تقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه فيقال لهم : من أنتم؟ فيقولون : نحن أهل الصبر ، فيقال لهم : على ماصبرتم؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله ونصبر على معاصي الله ، فيقول الله عزوجل : صدقوا أدخلوهم الجنة ، وهو قول الله عزوجل : « إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب » (١).

ايضاح : في النهاية عنق أي جماعة من الناس ، وفي القاموس العنق بالضم وبضمتين الجماعة من الناس والرؤساء « أجرهم بغير حساب » قيل : أي أجرا لا يهتدي إليه حساب الحساب ويظهر من الخبر أن المعنى أنهم لايوقفون في موقف الحساب ، بل يذهب بهم إلى الجنة بغير حساب قال الطبرسي رحمه‌الله : لكثرته لايمكن عده وحسابه وروى العياشي بالاسناد. عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا نشرت الدواوين ، ونصبت الموازين لم ينصب لاهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان ، ثم تلا هذه الآية « إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب » (٢).

٦ ـ كا : عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن بعض أصحابه عن أبان ، عن عمر بن خالد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى : يرجع إليكم الغالي ، ويلحق بكم التالي ، فقال له رجل من الانصار ، يقال له سعد : جعلت فداك ما الغالي؟ قال : قوم يقولون فينا مالا نقوله في أنفسنا ، فليس اولئك منا ولسنا منهم ، قال : فما التالي؟ قال : المرتاد يريد الخير يبلغه الخير يؤجر عليه.

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٧٥ ، والاية في الزمر : ١٠.

(٢) مجمع البيان ج ٨ ص ٤٩٢.

١٠١

ثم أقبل علينا فقال : والله مامعنا من الله براءة ، ولا بيننا وبين الله قرابة ولا لنا على الله حجة ، ولا يتقرب (١) إلى الله إلا بالطاعة ، فمن كان منكم مطيعا لله تنفعه ولايتنا ، ومن كان منكم عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا ، ويحكم لاتغتروا ويحكم لاتغتروا (٢).

بيان : قال الجوهري : النمرقة وسادة صغيرة ، وكذلك النمرقة بالكسر لغة حكاها يعقوب ، وربما سموا الطنفسة التي فوق الرحل نمرقة عن أبي عبيد (٣) وفي القاموس النمرق والنمرقة مثلثة الوسادة الصغيرة أو الميثرة أو الطنفسة فوق الرحل ، والنمرقة بالكسر من السحاب ماكان بينه فتوق انتهى (٤) وكأن التشبيه بالنمرقة باعتبار أنها محل الاعتماد ، والتقييد بالوسطى لكونهم واسطة بين الافراد والتفريط ، أو التشبيه بالنمرقة الوسطى باعتبار أنها في المجالس صدر ومكان لصاحبه يلحق به ويتوجه إليه من على الجانبين.

وقيل : المراد كونوا أهل النمرقة الوسطى ، وقيل : المراد إنه كما كانت الوسادة التي يتوسد عليها الرحل إذا كانت رفيعة جدا أو خفيفة جدا لاتصلح للتوسد ، بل لابد لها من حد من الارتفاع والانخفاض حتى يصلح لذلك ، كذلك أنتم في دينكم وأئمتكم لاتكونوا غالين تجاوزون بهم عن مرتبتهم التي أقامهم الله عليها أو جعلهم أهلا لها ، وهي الامامة والوصاية النازلتان عن الالوهية والنبوة كالنصارى الغالين في المسيح المعتقدين فيه الالوهية أو النبوة للاله ، ولا تكونوا أيضا مقصرين فيهم تنزلونهم عن مرتبتهم ، وتجعلونهم كسائر الناس أو أنزل ، كالمقصرين من اليهود في المسيح المنزلين له عن مرتبته ، بل كونوا كالنمرقة الوسطى وهي المقتصدة للتوسد يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي.

____________________

(١) نتقرب خ ل.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٧٥.

(٣) الصحاح ج ٤ ص ١٥٦١.

(٤) القاموس ج ٣ ص ٢٨٦.

١٠٢

قوله عليه‌السلام : « مالا نقوله في أنفسنا » كالالوهية ، وكونهم خالقين للاشياء والنبوة « المرتاد يريد الخير يبلغه الخير » كأنه من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر أي يريد الاعمال الصالحة التي تبلغه أن يعملها ، ولكن لايعمل بها يوجر عليه بمحض هذه النية ، أو المعنى أنه المرتاد الطالب لدين الحق وكماله وقوله : « يبلغه الخير » جملة اخرى لبيان أن طالب الخير سيجده ويوفقه الله لذلك كما قال تعالى : « والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا » (١) وقوله : « يؤجر عليه » لبيان أنه بمحض الطالب مأجور.

وقيل : المرتاد الطالب للاهتداء الذي لايعرف الامام ومراسم الدين بعد يريد التعلم ونيل الحق ، « يبلغه الخير » بدل من « الخير » يعني يريد أن يبلغه الخير ليؤخر عليه ، وقيل : المرتاد أي الطالب من ارتاد الرجل الشئ إذا طلبه والمطلوب أعم من الخير والشر ، فقوله : « يريد الخير » تخصيص وبيان للمعنى المراد ههنا « يبلغه الخير » من الابلاغ أو التبليغ وفاعله معلوم بقرينة المقام ، أي من يوصله إلى الخير المطلوب ، ثم يؤجر عليه لهدايته وإرشاده.

وأقول : على هذا يمكن أن يكون فاعله الضمير الراجع إلى النمرقة لما فهم سابقا أنه يلحق التالي بنفسه ، وقيل جملة : « يريد الخير » صفة المرتاد ، إذ اللام للعهد الذهني ، وهو في حكم النكرة وجملة « يبلغه » إما على المجرد من باب نصر أو على بناء الافعال أو التفعيل استيناف بياني وعلى الاول الخير مرفوع بالفاعلية إشارة إلى أن الدين الحق لوضوح براهينه كأنه يطلبه ويصل إليه ، وعلى الثاني والثالث الضمير راجع إلى مصدر « يريد » « والخير » منصوب و « يؤجر عليه » استيناف للاستيناف الاول لدفع توهم أن لايؤجر لشدة وضوح الامر فكأنه اضطر إليه وأكثر الوجوه لاتخلو من تكلف وكأن فيه تصحيفا وتحريفا.

« ولا لنا على الله حجة » أي بمحض قرابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله من غير عمل لانفسنا ، ولا لتخليص شيعتنا ، « ولا نتقرب » بصيغة المتكلم والغائب

____________________

(١) العنكبوت : ٦٩.

١٠٣

المجهول « ويحكم لاتغتروا » في القاموس ويح لزيد وويحا له كلمة رحمة ، ورفعه على الابتداء ، ونصبه باضمار فعل ، وويح زيد وويحه نصبهما به أيضا أوأصله وي فوصلت بحاء مرة وبلام مرة وبباء مرة وبسين مرة (١) وفي النهاية ويح كلمة ترحم وتوجع ، يقال : لمن وقع في هلكة لايستحقها ، وقد يقال : بمعنى المدح والتعجب وهي منصوبة على المصدر ، وقد ترفع ، وتضاف ولا تضاف ، يقال : ويح زيد ، وويحا له ، وويح له.

٧ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن ابن عيسى ، عن مفضل بن عمر قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فذكرنا الاعمال ، فقلت أنا : ما أضعف عملي؟ فقال : مه استغفر الله ، ثم قال لي : إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير بلا تقوى قلت : كيف يكون كثير بلا تقوى؟ قال : نعم مثل الرجل يطعم طعامه ، ويرفق جيرانه ، ويوطئ رحله ، فاذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه ، فهذا العمل بلا تقوى ، ويكون الآخر ليس عنده فاذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه (٢).

بيان : « فذكرنا الاعمال » أي قلتها وكثرتها ، أو مدخليتها في الايمان « ما أضعف عملي » صيغة تعجب كما هو الظاهر أو ما نافية واضعف بصيغة المتكلم أي ما أعد عملي ضعيفا ، وعلى الاول يتوهم في نهيه عليه‌السلام وأمره بالاستغفار منافاة لما مر في الاخبار من ترك العجب والاعتراف بالتقصير ، ويمكن الجواب عنه بوجوه :

الاول ماقيل : إن النهي للفتوى بغير علم ، لا للاعتراف بالتقصير.

الثاني أنه كان ذلك لاستشمامه منه رائحة الاتكال على العمل ، مع أن العمل

____________________

(١) القاموس ج ١ ص ٢٥٦ ، وقال في ص ١٣٨ : ويب كويل ، تقول : ويبك وويب لك وويب لزيد وويبا له .. ومعنى الكل ألزمه الله ويلا ، وقال في ج ٢ ص ٢٥٨ : ويس كلمة تستعمل في موضع رأفة واستملاح للصبى ، والويس : الفقر ، وما يريده الانسان ، ضد.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٧٦.

١٠٤

هين جدا في جنب التقوى لاشتراط قبوله بها ولذا نبهه على ذلك ، والحاصل أنه لما كان كلامه مبنيا على أن المدار على قلة العمل وكثرته نهاه عن ذلك.

الثالث ما قيل : إن الاقوال والافعال يختلف حكمها باختلاف النيات والقصود ، وهو لم يقصد بهذا القول أن عمله ضعيف قليل بالنظر إلى عظمة الحق وما يستحقه من العبادة ، وإنما قصد به ضعفه وقلته لذاته ، وبينهما فرق ظاهر والاول هو الاعتراف بالتقصير دون الثاني.

الرابع أنه عليه‌السلام لما علم أن المفضل يعتد بعمله ويعده كثيرا ، وإنما يقول ذلك تواضعا وإخفاء للعمل نهاه عن ذلك.

وفي القاموس رفق فلانا نفعه كأرفقه ، ووطئ الرحل كناية عن كثرة الضيافة قال في القاموس : رجل موطأ الاكناف كمعظم سهل دمث كريم مضياف ، أو يتمكن في ناحيته صاحبه ، غير مؤذى ولا ناب به موضعه (١) وفي النهاية في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهو التمهيد والتذليل ، وفراش وطئ لايؤذي جنب النائم ، والاكناف الجوانب ، أراد الذين جوانبهم وطئة يتمكن فيها من يصاحبهم ولايتأدى ، انتهى وقيل : توطئة الرحل كناية عن التواضع والتذلل.

« فاذا ارتفع له الباب من الحرام » أي ظهر له مايدخله في الحرام من مال حرام أو فرج حرام وغير ذلك « ليس عنده » أي العمل الكثير الذي كان عند صاحبه.

٨ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن القاسم بن علي العلوي ، عن محمد بن أبي عبدالله ، عن سهل بن زياد ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الطاعة قرة العين.

____________________

(١) القاموس ج ١ ص ٣٢.

١٠٥

٤٨

( باب )

* « ( ايثار الحق على الباطل ، والامر بقول الحق وان كان مرا ) » *

الايات : أسرى : قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا (١).

سبا : قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب * قل جاء الحق ومايبدئ الباطل وما يعيد (٢).

حمعسق : ويمحوا الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور (٣).

الزخرف : لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون (٤).

١ ـ لى (٥) مع : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام : أي الناس أكيس؟ قال : من أبصر رشده من غيه ، فمال إلى رشده (٦).

٢ ـ ل : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن علي بن حسان رفعه إلى زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن من حقيقة الايمان أن تؤثر الحق وإن ضرك ، على الباطل وإن نفعك ، وأن لايجو. منطقك علمك (٧).

٣ ـ ل : الحسن بن علي ( بن محمد ) العطار ، عن محمد بن محمود ، عن محمد ابن منصور وإسماعيل المكي وحمدان جميعا ، عن المكي بن إبراهيم ، عن

____________________

(١) أسرى : ٨١.

(٢) سبأ : ٤٨ و ٤٩.

(٣) الشورى : ٢٤.

(٤) الزخرف : ٧٨.

(٥) أمالي الصدوق ص ٢٣٧.

(٦) معاني الاخبار ص ١٩٩.

(٧) الخصال ج ١ ص ٢٨.

١٠٦

هشام بن حسان والحسن بن دينار ، عن محمد بن واسع ، عن عبدالله بن الصامت ، عن أبي ذر رحمه‌الله قال : أوصاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن أقول الحق وإن كان مرا (١).

وتمام الخبر في أبواب المواعظ (٢) وفي خبر آخر عن أبي ذر قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل الحق وإن كان مرا (٣).

٤ ـ نبه : ابن أبي سمال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه استفتاه رجل من أهل الجبل فأفتاه بخلاف مايحب فرأى أبوعبدالله الكراهة فيه ، فقال : ياهذا اصبر على الحق فانه لم يصبر أحد قط لحق إلا عوضه الله ماهو خير له.

٥ ـ نهج : قال عليه‌السلام : لايترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ماهو أضر منه (٤).

وقال عليه‌السلام : من أبدى صفحته للحق هلك (٥).

وقال عليه‌السلام : إن الحق ثقيل مرئ ، وإن الباطل خفيف وبئ (٦).

وقال عليه‌السلام : إن أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه وكثره. من الباطل وإن جر فائدة وزاده (٧).

وقال عليه‌السلام : أيها الناس لاتستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله ، فان الناس اجتمعوا على مائدة شبعها قصير ، وجوعها طويل ، وساق الكلام إلى قوله

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٣.

(٢) راجع ج ٧٧ ص ٧٣.

(٣) راجع معانى الاخبار ص ٣٣٢ ، الخصال ج ٢ ص ١٠٤ ، أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٣٨.

(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٦٦.

(٥) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٧.

(٦) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٣٥.

(٧) نهج البلاغة ج ١ ص ٢٥٨.

١٠٧

عليه‌السلام : أيها الناس من سلك الطريق الواضح ورد الماء ، ومن خالف وقع في التيه (١).

٤٩

* ( باب ) *

* « ( العزلة عن شرار الخلق ، والانس بالله ) » *

الايات : الكهف : وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا (٢).

مريم : وأعتزلكم وماتدعون من دون الله وأدعوا ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا * فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحق ويعقوب (٣).

العنكبوت : فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم (٤).

الصافات : قال إني ذاهب إلى ربي سيهدين (٥).

١ ـ لى : الدقاق ، عن الصوفي ، عن عبيد الله بن موسى الحبال ، عن محمد بن الحسين الخشاب ، عن محمد بن محصن ، عن يونس بن ظبيان قال : قال الصادق عليه‌السلام : إن الله عزوجل أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس ، بمنزلة الطير الواحد ، الذي يطير في أرض القفار ، ويأكل من رؤوس الاشجار

____________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ١٩٩.

(٢) الكهف : ١٦.

(٣) مريم : ٤٨ و ٤٩.

(٤) العنكبوت : ٢٦.

(٥) الصافات : ٩٩.

١٠٨

ويشرب من ماء العيون ، فاذا كان الليل أوى وحده ، ولم يأو مع الطيور استأنس بربه ، واستوحش من الطيور (١).

٢ ـ لى : العطار ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إن قدرتم أن لاتعرفوا فافعلوا ، وما عليك إن لم يثن عليك الناس؟ وماعليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا (٢).

٣ ـ ب : ابن سعد ، عن الازدي قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن من أغبط أوليائي عندي عبدا مؤمنا إذا حظ من صلاح أحسن عبادة ربه ، وعبدالله في السريرة وكان غامضا في الناس ، فلم يشر إليه بالاصابع ، وكان رزقه كفافا فصبر عليه تعجلت به المنية فقل تراثه ، وقلت بواكيه ثلاثا (٣).

٤ ـ فس : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيها الناس طوبى لمن لزم بيته ، وأكل كسرته ، وبكى على خطيئته ، وكان من نفسه في تعب ، والناس منه في راحة.

٥ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن هارون ، عن ابن زياد ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث منجيات : تكف لسانك ، وتبكي على خطيئتك ، وتلزم بيتك (٤).

٦ ـ ل : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن هشام ، عن القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال عيسى بن مريم : طوبى لمن كان صمته فكرا ونظره عبرا ، ووسعه بيته وبكى على خطيئته ، وسلم الناس من يده ولسانه (٥).

٧ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن علي بن مهزيار

____________________

(١) أمالي الصدوق ص ١٩٩.

(٢) أمالي الصدوق ص ٣٩٦.

(٣) قرب الاسناد ص ٢٨.

(٤) الخصال ج ١ ص ٤٢.

(٥) الخصال ج ١ ص ١٤٢.

١٠٩

رفعه قال : يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء تسعة منها في اعتزال الناس ، وواحدة في الصمت (١).

٨ ـ ثو : ابن الوليد ، عن محمد بن يحيى ، عن الاشعري ، عن ابن معروف مثله (٢).

( ٩ مص : ) قال الصادق عليه‌السلام : صاحب العزلة متحصن بحصن الله ومحترس بحراسته ، فياطوبى لمن تفرد به سرا وعلانية ، وهو يحتاج إلى عشرة خصال : علم الحق والباطل ، وتحبب الفقر ، واختيار الشدة والزهد ، واغتنام الخلوة ، والنظر في العواقب ، ورؤية التقصير في العبادة ، مع بذل المجهود ، وترك العجب ، وكثرة الذكر بلا غفلة ، فان الغفلة مصطاد الشيطان ، ورأس كل بلية وسبب كل حجاب ، وخلوة البيت عما لايحتاج إليه في الوقت.

قال عيسى بن مريم عليه‌السلام : اخزن لسانك لعمارة قلبك ، وليسعك بيتك وفر من الرياء وفضول معاشك ، وابك على خطيئتك ، وفر من الناس فرارك من الاسد والافعى ، فانهم كانوا دواء فصاروا اليوم داء ، ثم الق الله متى شئت.

قال ربيع بن خثيم : إن استطعت أن تكون في موضع لاتعرف ولا تعرف فافعل.

وفي العزلة صيانة الجوارح ، وفراغ القلب ، وسلامة العيش ، وكسر سلاح الشيطان ، والمجانبة به من كل سوء ، وراحة الوقت ، وما من نبي ولا وصي إلا واختار العزلة في زمانه ، إما في ابتدائه وإما في انتهائه (٣).

١٠ ـ ين : الجوهري ، عن صفوان الجمال ، عن المفضل قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : طوبى لعبد نوومة عرف الناس قبل معرفتهم به.

١١ ـ الدرة الباهرة وعدة الداعى : قال أبومحمد عليه‌السلام : من آنس بالله استوحش من الناس.

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٥٤.

(٢) ثواب الاعمال ص ١٦٢.

(٣) مصباح الشريعة ١٨ و ١٩.

١١٠

١٢ ـ دعوات الراوندى : قال الباقر عليه‌السلام : وجد رجل صحيفة فأتى بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنادى : الصلاة جامعة ، فما تخلف أحد ذكر ولا انثى ، فرقى المنبر فقرأها فاذا كتاب من يوشع بن نون وصي موسى ، وإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم إن ربكم بكم لرؤوف رحيم ، ألا إن خير عباد الله التقي النقي الخفي وإن شر عباد الله المشار إليه بالاصابع الخبر.

مهج : باسنادنا إلى سعد بن عبدالله من كتابه رفعه قال : قال أبوالحسن الرضا عليه‌السلام : وذكر نحوه (١).

١٣ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : طوبى لمن لزم بيته وأكل قوته واشتغل بطاعة ربه ، وبكى على خطيئته ، فكان من نفسه في شغل ، والناس منه في راحة (٢).

١٤ ـ عدة الداعى : روى عبيد بن زرارة ، عن الصادق عليه‌السلام قال : ما من مؤمن إلا وقد جعل الله له من إيمانه انسا يسكن إليه حتى لو كان على قلة جبل لم يستوحش.

وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خالط الناس تخبرهم ومتى تخبرهم تقلهم (٣).

وعن أبي محمد العسكري عليه‌السلام قال : الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم.

وعن الباقر عليه‌السلام قال : لايكون العبد عابدا لله حق عبادته حتى ينقطع عن الخلق كلهم إليه ، فحينئذ يقول : هذا خالص لي فيقبله بكرمه.

وقال الكاظم عليه‌السلام لهشام بن الحكم : يا هشام الصبر على الوحدة علامة على

____________________

(١) مهج الدعوات : ٣٨٥.

(٢) نهج البلاغة ج ١ ص ٣٤٨.

(٣) يشبه هذا كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام كما في النهج ج ٢ ص ٢٤٧ « اخبر تقله » وقد مر في ج ٧٤ ص ١٦٤ والمعنى خالط الناس وعاشرهم في جلواتهم وخلواتهم فاذا فعلت ذلك تخبرهم وتعرفهم حقيقة المعرفة ومتى تخبرهم وتعرفهم تقليهم وتبغضهم.

١١١

قوة العقل ، فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ، ورغب فيما عند الله ، وكان الله أنيسه في الوحشة ، وصاحبه في الوحدة ، وغناه في العيلة ، ومعزه من غير عشيرة ، يا هشام قليل العمل مع العلم مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الجهل مردود.

وعن الهادي عليه‌السلام : لو سلك الناس واديا وسيعا لسلكت وادي رجل عبدالله وحده خالصا.

٥٠

* ( باب ) *

* « أن الغشية التى يظهرها الناس عند قراءة القرآن والذكر من الشيطان » *

١ ـ لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن أبي عمران الارمني ، عن عبدالله بن الحكم ، عن جابر ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : قلت له : إن قوما إذا ذكروا بشئ من القرآن أو حدثوا به صعق أحدهم حتى يرى أنه لو قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك ، فقال : سبحان الله ذاك من الشيطان ، مابهذا امروا إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل (١).

أقول : سيجئ بعض أخبار هذا الباب في باب آداب القراءة وأوقاتها وذم من يظهر الغشية عندها من كتاب القرآن والذكر والدعاء (٢).

____________________

(١) أمالي الصدوق ص ١٥٤.

(٢) ومن ذلك مارواه الكلينى رحمه‌الله في باب من يظهر الغشية عند قراءة القرآن ج ٢ ص ٦٦٦ ، عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يعقوب بن اسحاق الضبى عن أبي عمران الارمنى مثله وفيه بدل مابهذا امروا : « مابهذا نعتوا ».

والمعنى أن الله عزوجل لم يوصف المؤمنين في كتابه العزيز بتلك الاوصاف وانما وصفهم باللين والرقة والوجل حيث قال : تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين

١١٢

٥١

* ( باب ) *

* « النهى عن الرهبانية والسياحة ، وساير مايأمر به أهل البدع والاهواء » *

الايات : التوبة : العابدون السائحون (١).

الاحقاف : ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حيوتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الارض بغير الحق وبما كنتم تفسقون (٢).

الحديد : وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ماكتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون (٣).

____________________

جلودهم وقلوبهم لذكر الله وقال : « ترى أعينهم تفيض من الدمع » وقال : « لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله » وقال : « وبشر المخبتين الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم ».

وقال العلامة المؤلف رضوان الله عليه : المراد انهم يكذبون في ادعائهم عدم الشعور وان مباديه بايديهم ، لان الرقة والدمعة تدفعه.

(١) براءة : ١١٣.

(٢) الاحقاف : ٢٠.

(٣) الحديد : ٢٧ ، وقوله تعالى « ورهبانية » منصوب بفعل مضمر يفسره قوله ابتدعوها ، والتقدير : ابتدعوا رهبانية ابتدعوها ، وقوله ماكتبناها عليهم في محل النصب لانه صفة لرهبانية ، وابتغاء رضوان الله نصب لانه بدل من « ها » في « كتبناها » والتقدير : كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله أى اتباع أوامره ولم نكتب عليهم الرهبانية قاله الطبرسى في المجمع ج ٩ ص ٢٤٢.

١١٣

التحريم : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك (١).

١ ـ لى : ابن المتوكل ، عن الاسدي ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عبدالله بن وهب البصري ، عن ثوابة بن مسعود ، عن أنس قال : توفي ابن لعثمان بن مظعون رضي‌الله‌عنه فاشتد حزنه عليه ، حتى اتخذ من داره مسجدا يتعبد فيه ، فبلغ

____________________

أقول والظاهر أن « رهبانية » عطف على ماقبله : « رأفة ورحمة » والمعنى أنا جعلنا في قلوب الحواريين الذين اتبعوا عيسى عليه‌السلام رأفة ورحمة من لدنا بحيث صارتا كالطبيعة الثانية لهم ليتحنوا على ارشاد الجهال وهداية الضلال ، وألهمنا إلى قلوبهم بعد مارفعنا عيسى الينا أن يترهبوا في الصوامع والغيران ويتعبدوا فيها فرارا من جبابرة بنى اسرائيل كما في قصة أصحاب الكهف.

لكنهم ابتدعوا في كيفيتها بما لم نكتب عليهم ، فانا انما نكتب على المتعبدين ابتغاء رضوان الله ، وهو متيسر بالاعمال اليسيرة الخالصة لوجهه ، ولايستلزم الاعمال الشاقة من رفض النساء ، والعزلة ، وخشونة المطعم والملبس ، وهم مع مافرضوا تلك الخصلة على أنفسهم ، ونذروها لله لم يرعوها حق رعايتها.

قال ابن مسعود : كنت رديف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على حمار فقال : يا ابن ام عبد! هل تدرى من اين أحدثت بنو اسرائيل الرهبانية؟ فقلت : الله ورسوله أعلم فقال : ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى عليه‌السلام يعملون بمعاصى الله فقاتلهم أهل الايمان ثلاث مرات فلم يبق منهم الا القليل فقالوا ان ظهرنا لهؤلاء أفنونا ولم يبق للدين أحد يدعو اليه فتعالوا نتفرق في الارض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا به عيسى عليه‌السلام فتفرقوا في غير ان الجبال وأحدثوا رهبانية الخبر. راجع مجمع البيان ج ٩ ص ٢٤٣ الدر المنثور ج ٦ ص ١٧٧.

(٢) التحريم : ١ ، روى علي بن ابراهيم باسناده عن ابن سيار عن أبي عبدالله عليه‌السلام في هذه الاية قال : اطلعت عائشة وحفصة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مع مارية فقال النبي : والله لا أقربها ، فأمره الله أن يكفر عن يمينه ، راجع تفسير القمي ص ٦٨٦.

وقد روى في ذلك روايات اخرى راجع البحار ج ٢٢ ص ٢٢٧ ٢٤٦.

١١٤

ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : ياعثمان إن الله تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية ، إنما رهبانية امتي الجهاد في سبيل الله.

ياعثمان بن مظعون للجنة ثمانية أبواب ، وللنار سبعة أبواب ، أفما يسرك أن لاتأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك آخذا بحجزتك ، يشفع لك إلى ربك؟ قال ، بلى ، فقال المسلمون : ولنا يارسول الله في فرطنا (١) ما لعثمان؟ قال : نعم ، لمن صبر منكم واحتسب.

ثم قال : يا عثمان من صلى صلاة الفجر في جماعة ، ثم جلس يذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس ، كان له في الفردوس سبعون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضمر (٢) سبعين سنة ، ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة ، ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة ، ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل كل منهم رب بيت يعتقهم ، ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة متقبلة ، ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر (٣).

٢ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أبي الجوزا ، عن ابن علوان ، عن عمر بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس في امتي رهبانية ولا سياحة ولازم يعني سكوت (٤).

____________________

(١) الفرط بالتحريك المتقدم القوم إلى الماء ليهيئ لهم الدلاء والرشاء ويدير الحياض ويستقى لهم ، وهو فعل بمعنى فاعل ومنه الحديث أنا فرطكم على الحوض ويطلق على مالم يدرك من الولد لانه كالفرط يقدم على باب الجنة يمهد لابويه أسباب الدخول في الجنة.

(٢) الحضر كقفل ارتفاع الفرس في عدوه ووثوبه ، والمضمر من الفرس ماروض على العدو والوثوب حتى صار ضامرا قليل اللحم ، فهو أقدر على الوثبة والارتفاع.

(٣) أمالي الصدوق ص ٤٠.

(٤) الخصال ج ١ ص ٦٨.

١١٥

مع : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي الجوزاء مثله (١).

٣ ـ ما : ابن مخلد ، عن محمد بن جعفر بن نصير ، عن أحمد بن محمد بن مسروق عن يحيى الجلا قال : سمعت بشرا يقول لجلسائه : سيحوا فان الماء إذا صاح طاب وإذا وقف تغير واصفر (٢).

٤ ـ فس : « يا أيها الذين آمنوا لاتحرموا طيبات ما أحل الله لكم » (٣) فانه حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليه‌السلام وبلال وعثمان بن مظعون فأما أمير المؤمنين عليه‌السلام فحلف أن لاينام في الليل أبدا ، وأما بلال فانه حلف أن لايفطر بالنهار أبدا ، وأما عثمان بن مظعون فانه حلف لاينكح أبدا ، فدخلت امرأة عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة فقالت عائشة : مالي أراك متعطلة؟ فقالت : ولمن أتزين؟ فوالله ماقربني زوجي منذ كذا وكذا ، فانه قد ترهب ولبس المسوح وزهد في الدنيا ، فلما دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرته عائشة بذلك فخرج فنادى : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات؟ ألا إني أنام الليل وأنكح ، وأفطر بالنهار فمن رغب عن سنتي فليس مني ، فقام هؤلاء فقالوا : يارسول الله فقد حلفنا على ذلك ، فأنزل الله « لايؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ماتطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم »

____________________

(١) معاني الاخبار ص ١٧٤ والزم بالفتح الخطم والشد ، يعنى خطم الشفة وشدها بالسكوت وفي المصدر المطبوع « رم » بالمهملة ، وهكذا في عنوان الحديث « باب معنى الرم » وأظنه تصحيفا.

(٢) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٣.

(٣) المائدة : ٨٧.

١١٦

الآية (١).

٥ ـ غط : الفزاري ، عن محمد بن جعفر بن عبدالله ، عن محمد بن أحمد الانصاري قال : وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمد عليه‌السلام قال كامل : فقلت في نفسي : أسأله لايدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي ، قال : فلما دخلت على سيدي أبي محمد عليه‌السلام نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه ، فقلت في نفسي : ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان ، وينهانا عن لبس مثله ، فقال متبسما : يا كامل وحسر ذراعيه فاذا مسح أسود خشن على جلده ، فقال : هذا لله وهذا لكم تمام الخبر (٢).

٦ ـ كش : (٣) محمد بن مسعود قال كتب إلى الفضل بن شاذان يذكر عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبدالحميد قال : حججت وسكين النخعي فتبعد وترك النساء والطيب والثياب والطعام الطيب ، وكان لايرفع رأسه داخل المسجد إلى السماء ، فلما قدم المدينة دنا عن أبي إسحاق فصلى إلى جانبه فقال : جعلت فداك إني اريد أن أسألك من مسائل ، قال : اذهب فاكتبها وأرسل بها إلى فكتب جعلت فداك رجل دخله الخوف من الله عزوجل حتى ترك النساء والطعام الطيب ولايقدر أن يرفع رأسه إلى السماء ، وأما الثياب فشك فيها ، فكتب أما قولك في ترك النساء فقد علمت ما كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من النساء ، وأما قولك في ترك الطعام الطيب فقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل اللحم والعسل وأما قولك إنه دخله الخوف حتى لايستطيع أن يرفع رأسه إلى السماء فأكثر من تلاوة هذه الآيات « الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار » (٤).

____________________

(١) تفسير القمي ص ١٦٦ ، والاية الاخيرة في المائدة : ٨٩.

(٢) غيبة الشيخ الطوسي ص ١٥٩.

(٣) رجال الكشي ٣١٦.

(٤) آل عمران : ١٧.

١١٧

٧ ـ الدرة الباهرة : قال له الصوفية (١) إن المأمون قد رد هذا الامر إليك وأنت أحق الناس به إلا أنه تحتاج أن يتقدم منك تقدمك إلى لبس الصوف وما يحسن لبسه ، فقال : ويحكم ، إنما يراد من الامام قسطه وعدله ، إذا قال صدق ، وإذا حكم عدل ، وإذ وعد أنجز « قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق » (٢) إن يوسف عليه‌السلام لبس الديباج المنسوج بالذهب ، و جلس على متكآت آل فرعون.

٨ ـ نهج : من كلام له عليه‌السلام بالبصرة وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي (٣) يعوده وهو من أصحابه فلما رأى سعة داره قال ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا؟ أما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج ، وبلى إن شئت بلغت بها الاخرة تقري فيها الضيف ، وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها ، فاذا أنت قد بلغت بها الاخرة.

فقال له العلاء : يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد ، قال : وما له؟ قال لبس العباء (٤) وتخلى من الدنيا قال : على به ، فلما جاء قال يا عدى نفسه لقد استهام بك الخبيث ، أما رحمت أهلك وولدك ، أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك ، قال : يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك ، قال : ويحك إني لست كأنت إن الله تعالى فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره (٥).

____________________

(١) يعنى الرضا عليه‌السلام ، كما سيجئ وقد أخرجه المؤلف في كتاب الاحتجاج راجع ج ١٠ ص ٣٥١ من هذه الطبعة وفيه سقط ، وأخرج مثله الاربلى في كشف الغمة ج ٣ ص ١٤٧.

(٢) الاعراف : ٣٢.

(٣) كذا في جميع نسخ النهج ، وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ٣ ص ١١ وفي ط ص ١٧ : أن الصحيح هو الربيع بن زياد الحارثى فراجع.

(٤) يعنى الخشن من أثواب الصوف لا الكساء الذى يلبس اليوم فوق الثياب.

(٥) نهج البلاغة ج ١ ص ٤٤٨ ، تحت الرقم ٢٠٧ من الخطب.

١١٨

٩ ـ كتاب الغارات : لابراهيم بن محمد الثقفي رفعه عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : اتي علي عليه‌السلام بخبيص فأبى أن يأكله ، قالوا : أتحرمه؟ قال : لا ، ولكني أخشى أن تتوق إليه نفسي ، ثم تلا « أذهبتم طيباتكم في حيوتكم الدنيا ».

وعنه عليه‌السلام قال : أعتق علي عليه‌السلام ألف مملوك مما عملت يداه ، وإن كان عندكم إنما حلواه التمر واللبن ، وثيابه الكرابيس.

وتزوج عليه‌السلام ليلى فجعل له حجلة فهتكها وقال : احب أهلي على ماهم فيه.

١٠ ـ كتاب المسايل : باسناده ، عن علي بن جعفر قال : سألت أخي موسى عليه‌السلام عن الرجل المسلم هل يصلح أن يسيح في الارض أو يترهب في بيت لايخرج منه؟ قال عليه‌السلام : لا (١).

قال الكراجكى قدس الله روحه في كنز الفوائد : لقد اضطررت يوما إلى الحضور مع قوم من المتصوفين ، فلما ضمنهم المجلس أخذوا فيما جرت به عادتهم من الغناء والرقص ، فاعتزلتهم إلى إحدى الجهات ، وانضاف إلي رجل من أهل الفضل والديانات ، فتحادثنا ذم الصوفية على مايصنعون ، وفساد أغراضهم فيما يتناولون ، وقبح مايفعلون من الحركة والقيام ، وما يدخلون على أنفسهم في الرقص من الآلام ، فكان الرجل لقولي مصوبا ، وللقوم في فعلهم مخطئا.

ولم نزل كذلك إلى أن غنى مغني القوم هذه الابيات :

وما ام مكحول المدامع ترتعي

ترى الانس وحشا وهي تأنس بالوحش

غدت فارتعت ثم انتشت لرضاعه

فلم تلف شيئا من قوائمه الخمش

فطافت بذاك القاع ولها فصادمت

سباع الفلا ينهشنه أيما نهش

بأوجع مني يوم ظلت أنامل

تودعني بالدر من شبك النقش

____________________

(١) أخرجه في كتاب الاحتجاج ، راجع ج ١٠ ص ٢٥٥ من هذه الطبعة الحديثة.

١١٩

فلما سمع صاحبي ذلك نهض مسرعا مبادرا ففعل من القفز (١) والرقص والبكاء واللطم مايزيد على مافعله من قبله ممن كان يخطئه ويستجهله ، وأخذ يستعيد من الشعر مالايحسن استعادته ، ولا جرت عادتهم بالطرب على مثله ، وهو قوله :

فطافت بذاك القاع ولها فصادفت

سباع الفلا ينهشنه أيما نهش

ويفعل بنفسه ما حكيت ولايستعيد غير هذا البيت حتى بلغ من نفسه المجهود ، ووقع كالمغشي عليه من الموت ، فحيرني مارأيت من حاله ، وأخذت افكر في أفعاله المضادة ، لما سمعت من أقواله ، فلما أفاق من غشيته لم أملك الصبر دون سؤاله عن أمره ، وسبب ماصنعه بنفسه مع تجهيله من قبل لفاعله ، وعن وجه استعادته من الشعر مالم تجر عادتهم باستعادة مثله ، فقال لي : لست أجهل ما ذكرت ، ولي عذر واضح فيما صنعت ، اعلمك أن أبي كان كاتبا ، وكان بي برا وعلي شفيقا ، فسخط السلطان عليه فقتله ، فخرجت إلى الصحراء لشدة ما لحقني من الحزن عليه ، فوجدته ملقى والكلاب ينهشون لحمه ، فلما سمعت المغني يقول :

فطافت بذاك القاع ولها فصادفت

سباع الفلا ينهشنه أيما نهش

ذكرت مالحق أبي ، وتصور شخصه بين عيني ، وتجدد حزنه علي ، ففعلت الذي رأيت بنفسي. فندمت حينئذ على سوء ظني به ، وتغممت له غما لحقه واتعظت بقصته.

١١ ـ وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (٢) : روي أن قوما من المتصوفة دخلوا بخراسان على علي بن موسى عليهما‌السلام فقالوا له : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام فكر فيما ولاه الله من الامور ، فرآكم أهل البيت أولى الناس أن تؤموا الناس ، ونظر فيكم أهل البيت فرآك أولى الناس بالناس ، فرآى أن يرد هذا الامر إليك ، والامامة تحتاج إلى من يأكل الجشب ، ويلبس الخشن ، ويركب الحمار ، ويعود المريض.

____________________

(١) القفز : الوثوب وأصله للظبى.

(٢) شرح النهج ج ٣ ص ١٢. وفي ط ١٧.

١٢٠