بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

هذا القمح ، ونسائج هذا القز ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخير الاطعمة ، ولعل بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع ، أو أن أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرى ، فأكون كما قال القائل :

وحسبك داء أن تبيت ببطنة

وحولك أكباد تحن إلى القد

إلى آخر مامر مشروحا في كتاب الفتن (١).

٣٨ ـ عدة الداعى : روي أن نوحا عليه‌السلام عاش ألفي عام وخمسمائة عام ومضى من الدنيا ولم يبن فيها بيتا ، وكان إذا أصبح يقول : لا امسي وإذا أمسى يقول : لا اصبح ، وكذلك نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج من الدنيا ولم يضع لبنة على لبنة.

وأما إبراهيم عليه‌السلام فكان لباسه الصوف وأكله الشعير ، وأما يحيى عليه‌السلام فكان لباسه الليف وأكله ورق الشجر ، وأما سليمان عليه‌السلام فقد كان مع ماهو فيه من الملك يلبس الشعر ، وإذا جنه الليل شد يديه إلى عنقه فلا يزال قائما حتى يصبح باكيا ، وكان قوته من سفائف الخوص ، يعملها بيده.

وروي أن نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله أصابه يوما الجوع ، فوضع صخرة على بطنه ، ثم قال : ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين ، ألا رب نفس كاسية ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة ، ألا رب متخوض متنعم فيما أفاء الله على رسوله ماله في الآخرة من خلاق ، ألا إن عمل أهل الجنة حزنة بربوة ألا إن عمل أهل النار كلمة سهلاء بشهوة ، ألا رب شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا يوم القيامة.

وقال سويد بن غفلة : دخلت على أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد مابويع بالخلافة وهو جالس على حصير صغير ، وليس في البيت غيره ، فقلت : يا أمير المؤمنين بيدك بيت المال ولست أرى في بيتك شيئا مما يحتاج إلى البيت؟ فقال عليه‌السلام : يا ابن

____________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٧٢.

٣٢١

غفلة إن اللبيب لايتأثث (١) في دار النقلة ، ولنا دار أمن قد نقلنا إليها خير متاعنا ، وإنا عن قليل إليها صائرون.

وكان عليه‌السلام إذا أراد أن يكتسي دخل السوق فيشتري الثوبين فيخير قنبرا أجودهما ، ويلبس الآخر ، ثم يأتي النجار فيمد له إحدى كميه ويقول : خذه بقدومك ، ويقول : هذه تخرج في مصلحة اخرى ويبقي الكم الاخرى بحالها ، ويقول : هذه تأخذ فيها من السوق للحسن والحسين عليهما‌السلام (٢).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ماتعبدوا لله بشئ مثل الزهد في الدنيا.

وقال عيسى عليه‌السلام للحواريين : ارضوا بدني الدنيا مع سلامة دينكم ، كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة دنياهم ، وتحببوا إلى الله بالبعد منهم وأرضوا الله في سخطهم ، فقالوا : فمن نجالس ياروح الله؟ قال : من يذكركم الله رؤيته ، ويزيد في علمكم منطقه ، ويرغبكم في الآخرة عمله (٣).

____________________

(١) يعنى لايتخذ أثاثا للبيت يقال : تأثث فلان ، أصاب خيرا وفي الصحاح : أصاب رياشا وفي المفردات : أصاب أثاثا ، والاثاث متاع البيت بلا واحد وقيل هو مايتخذ للاستعمال والمتاع لا للتجارة.

(٢) يعنى أنه عليه‌السلام كان يخيط من احدى كميه كيسا ليشترى فيه من السوق.

(٣) عدة الداعى ص ٨٧.

٣٢٢

٥٩

* ( باب ) *

* « ( الخوف والرجاء وحسن الظن بالله تعالى ) » *

الايات : البقرة : وإياي فارهبون (١) وقال تعالى : وإياي فاتقون (٢).

وقال سبحانه : إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمت الله (٣).

آل عمران : ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير (٤).

وقال : ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد (٥).

وقال سبحانه : يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية (٦).

وقال سبحانه : إنما ذلكم الشيطان يخوف أوليائه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين (٧).

النساء : وترجون من الله مالا يرجون (٨).

المائدة : وقال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب (٩).

وقال تعالى حاكيا عن ابن آدم عليه‌السلام : إني أخاف الله رب العالمين (١٠).

____________________

(٢١) البقرة : ٤١٤٠.

(٣) البقرة : ٢١٨.

(٤ و ٥) آل عمران : ٢٨ و ٢٩.

(٦) آل عمران : ١٥٤.

(٧) آل عمران : ١٧٥.

(٨) النساء : ١٠٤.

(٩) المائدة : ٢٣.

(١٠) المائدة : ٢٨.

٣٢٣

وقال تعالى : ألم تعلم أن الله له ملك السموات والارض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شئ قدير (١).

وقال تعالى : فلا تخشوا الناس واخشون (٢).

وقال : ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين (٣).

وقال سبحانه : اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم * ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ماتبدون وماتكتمون (٤).

الانعام : قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم * من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين (٥).

وقال : وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولاشفيع لعلهم يتقون (٦).

وقال حاكيا عن إبراهيم عليه‌السلام : وكيف أخاف ما أشركتم ولاتخافون أنكم أشركتم بالله مالم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالامن إن كنتم تعلمون (٧).

الاعراف : أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون * أو لم يهد للذين يرثون الارض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لايسمعون (٨).

وقال : وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون (٩).

____________________

(١) المائدة : ٤٠. (٢) المائدة : ٤٤.

(٣) المائدة : ٨٤. (٤) المائدة : ٩٩.

(٥) الانعام : ١٥ و ١٦. (٦) الانعام : ٥١.

(٧) الانعام : ٨١.

(٨) الاعراف : ٩٧ ٩٩.

(٩) الاعراف : ١٥٤.

٣٢٤

وقال تعالى : قال عذابي اصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكوة والذينهم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبي الامى إلى قوله : اولئك هم المفلحون (١).

الانفال : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب (٢).

التوبة : أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (٣).

وقال تعالى : إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلوة وآتى الزكوة ولم يخش إلا الله فعسى اولئك أن يكونوا من المهتدين (٤).

هود : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد * إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة (٥).

يوسف : أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لايشعرون (٦).

الرعد : وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب (٧).

وقال تعالى : ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب (٨).

وقال تعالى : أولم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب (٩).

ابراهيم : ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد (١٠).

____________________

(١) الاعراف : ١٥٦ و ١٥٧.

(٢) الانفال : ٢٥. (٣) براءة : ١٣.

(٤) براءة : ١٨. (٥) هود : ١٠٢ و ١٠٣.

(٦) يوسف : ١٠٧. (٧) الرعد : ٦.

(٨) الرعد : ٢١. (٩) الرعد : ٤١.

(١٠) ابراهيم : ١٤.

٣٢٥

الحجر : نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي لهو العذاب الاليم (١).

وقال سبحانه : وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين * فأخذتهم الصيحة مصبحين * فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (٢).

النحل : أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الارض أو يأتيهم العذاب من حيث لايشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فان ربكم لرؤف رحيم (٣).

وقال تعالى : ولله يسجد مافي السموات ومافي الارض من دابة والملائكة وهم لايستكبرون * يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون مايؤمرون * وقال الله لاتتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فاياي فارهبون * وله مافي السموات والارض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون (٤).

اسرى : عسى ربكم أن يرحكم وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا * إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا * وأن الذين لايؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما (٥).

وقال تعالى : ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم وإن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا إلى قوله تعالى : ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا (٦).

طه : إلا تذكرة لمن يخشى (٧).

____________________

(١) الحجر : ٤٩ و ٥٠.

(٢) الحجر : ٨٢ و ٨٤.

(٣) النحل : ٤٥ ٤٧.

(٤) النحل : ٤٩ ٥٢. (٥) أسرى : ١٠٨.

(٦) أسرى : ٥٤ ٥٧. (٧) طه : ٣.

٣٢٦

وقال تعالى : أولم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لاولي النهى (١).

الانبياء : وهم من خشيته مشفقون (٢).

وقال تعالى : قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون إلى قوله تعالى : أفلا يرون أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون (٣).

وقال سبحانه : ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين * الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون (٤).

وقال تعالى : وكانوا لنا خاشعين (٥).

الحج : وبشر المخبتين * الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم (٦).

المؤمنون : إن الذينهم من خشية ربهم مشفقون إلى قوله تعالى : والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون (٧).

النور : يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار (٨).

وقال تعالى : ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فاولئك هم الفائزون (٩).

الشعراء : إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين (١٠).

وقال تعالى : والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين (١١).

____________________

(١) طه : ١٢٨. (٢) الانبياء : ٢٨.

(٣) الانبياء : ٤٤٤٢. (٤) الانبياء : ٤٧ ٤٨.

(٥) الانبياء : ٩٠ ، وفي نسخة الاصل وهكذا نسخة الكمبانى ههنا تكرار.

(٦) الحج : ٣٤. (٧) المؤمنون : ٦٠٥٧.

(٨) النور : ٣٧. (٩) النور : ٥٢.

(١٠) الشعراء : ٥١. (١١) الشعراء : ٨٢.

٣٢٧

النمل : ياموسى لاتخف إني لايخاف لدى المرسلون * إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فاني غفور رحيم (١).

القصص : ياموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين (٢).

العنكبوت : من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لآت وهو السميع العليم (٣).

وقال تعالى : يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون * وما أنتم بمعجزين في الارض ولا في السماء ومالكم من دون الله من ولي ولا نصير * والذين كفروا بآيات الله ولقائه اولئك يئسوا من رحمتي واولئك لهم عذاب أليم (٤).

لقمان : يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لاتجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق (٥).

الاحزاب : لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا (٦).

وقال تعالى : وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه (٧).

وقال سبحانه : الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولايخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا (٨).

فاطر : إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلوة (٩).

وقال تعالى : إنما يخشى الله من عباده العلماء (١٠).

يس : إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة

____________________

(١) النمل : ١٠١١. (٢) القصص : ٣١.

(٣) العنكبوت : ٥. (٤) العنكبوت : ٢٣.

(٥) لقمان : ٣٣. (٦) الاحزاب : ٢١.

(٧) الاحزاب : ٣٧. (٨) الاحزاب : ٣٩.

(٩) فاطر : ١٨. (١٠) فاطر : ٢٨.

٣٢٨

وأجر كريم (١).

ص : إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار (٢).

الزمر : أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه (٣).

وقال تعالى : قل إنما أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم إلى قوله تعالى : ذلك يخوف الله به عباده ياعباد فاتقون إلى قوله تعالى : مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله (٤).

السجدة : إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم (٥).

حمعسق : تكاد السموات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الارض ألا إن الله هو الغفور الرحيم (٦).

وقال تعالى : ومايدريك لعل الساعة قريب * يستعجل بها الذين لايؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق (٧).

الفتح : الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جنهم وساءت مصيرا (٨).

ق : من خشي الرحمن بالغيب وقال تعالى : فذكر بالقرآن من يخاف وعيد (٩).

الذاريات : وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الاليم (١٠).

الطور : قالوا إنا كنا من قبل في أهلنا مشفقين * فمن الله علينا ووقانا

____________________

(١) يس : ١١. (٢) ص : ٤٦.

(٣) الزمر : ٩. (٤) الزمر : ١٣ ، ١٦ ، ٢٣.

(٥) السجدة : ٤٣. (٦) الشورى : ٥.

(٧) الشورى : ١٧ ١٨. (٨) الفتح : ٦.

(٩) ق : ٣٣ ، ٤٥. (١٠) الذاريات : ٣٧.

٣٢٩

عذاب السموم (١).

الرحمن : سنفرغ لكم أيها الثقلان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان إلى قوله تعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان (٢).

الحشر : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله (٣).

الملك : إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير إلى قوله تعالى : أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الارض فاذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير * ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير * أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن مايمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شئ بصير * أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور * أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور (٤).

المعارج : والذينهم من عذاب ربهم مشفقون * إن عذاب ربهم غير مامون (٥).

نوح : مالكم لاترجون لله وقارا * وقد خلقكم أطوار (٦).

المدثر : كلا بل لايخافون الآخرة إلى قوله تعالى : هو أهل التقوى وأهل المغفرة (٧).

____________________

(١) الطور : ٢٦ و ٢٧. (٢) الرحمن : ٣١ ٣٤.

(٣) الحشر : ٢١.

(٤) الملك : ١٢ ٢١.

(٥) المعارج : ٢٧ و ٢٨.

(٦) نوح : ١٣ ١٤.

(٧) المدثر : ٥٣ ٥٦.

٣٣٠

الدهر : ويخافون يوما كان شره مستطيرا إلى قوله تعالى : إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقيهم الله شر ذلك اليوم ولقيهم نضرة وسرورا إلى قوله تعالى : نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا إلى قوله تعالى : يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما (١).

النازعات : وأهديك إلى ربك فتخشى إلى قوله تعالى : إن في ذلك لعبرة لمن يخشى (٢).

وقال تعالى : وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فان الجنة هي المأوى (٣).

الانفطار : علمت نفس ماقدمت وأخرت * يا أيها الانسان ماغرك بربك الكريم * الذي خلقك * فسويك فعدلك * في أي صورة ماشاء ركبك (٤).

البروج : إن بطش ربك لشديد إلى قوله تعالى : وهو الغفور الودود (٥).

الاعلى : سيذكر من يخشى * ويتجنبها الاشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لايموت فيها ولا يحيى (٦).

البينة : رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه (٧).

تفسير : « وإياي فارهبون » (٨) قيل : الرهبة خوف معه تحرز ويدل على أن المؤمن ينبغي أن لايخاف أحدا إلا الله « وإياي فاتقون » (٩) أي بالايمان واتباع

____________________

(١) الدهر : ١١١٠٧ ٢٨ ٣١.

(٢) النازعات : ٢٦١٩.

(٣) النازعات : ٤١٤٠.

(٤) الانفطار : ٨٥.

(٥) البروج : ١٤١٢.

(٦) الاعلى : ١٠ ١٣.

(٧) البينة : ٨.

(٨ و ٩) البقرة : ٤٠ و ٤١.

٣٣١

الحق والاعراض عن الدنيا وقيل : الرهبة مقدمة التقوى.

« اولئك يرجون رحمة الله » (١) أقول كأن فيه دلالة على أن الرجاء لايكون إلا مع العمل ، وبدونه غرة ، وقيل : أثبت لهم الرجاء إشعارا بأن العمل غير موجب و لا قاطع في الدلالة سيما والعبرة بالخواتيم.

« ويحذركم الله نفسه » (٢) قيل : هو تهديد عظيم مشعر بتناهي المنهي في القبح وذكر النفس ليعلم أن المحذر منه عقاب يصدر منه فلا يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة وكرره ثانيا للتوكيد والتذكير « والله رؤف بالعباد » (٣) إشارة إلى أنه تعالى إنما نهاهم وحذرهم رأفة بهم ، ومراعاة لصلاحهم ، أو أنه لذو مغفرة وذو عقاب فترجى رحمته ويخشى عذابه.

« يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية » (٤) هذا وصف لحال المنافقين في غزوة احد ، قيل أي يظنون بالله غير الظن الحق الذي يحق أن يظن به ، وظن الجاهلية بدله ، وهو الظن المختص بالملة الجاهلية وأهلها ، أقول : ويدل على حرمة سوء الظن بالله واليأس من رحمته.

« إنما ذلكم الشيطان » (٥) يعني من يعوقهم عن العود إلى قتال الكفار بعد غزوة احد ، وهو نعيم بن مسعود « وخافون » أي في مخالفة أمري « إن كنتم مؤمنين » فان الايمان يقتضي إيثار خوف الله على خوف الناس.

« وترجون » (٦) أي أيها المؤمنون « من الله » الرحمة والنصرة « مالا يرجون » أي الكفار فيدل على فضل الرجاء وأنه من صفات المؤمنين.

____________________

(١) البقرة : ٢١٨.

(٢ و ٣) آل عمران : ٢٨ و ٢٩.

(٤) آل عمران ، ١٥٤.

(٥) آل عمران : ١٧٥.

(٦) النساء : ١٠٤.

٣٣٢

« من الذين يخافون » (١) أي يخافون الله ويتقونه ، ويدل على مدح الخوف « ألم تعلم » (٢) الخطاب للنبي أو لكل أحد ، وفيها تخويف وتبشير « فلا تخشو الناس واخشون » (٣) قيل : نهي للحكام أن يخشوا غير الله في حكوماتهم.

« وأنذر » (٤) أي عظ وخوف « به » أي بالقرآن أو بالله « الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم » في المجمع يريد المؤمنين يخافون يوم القيامة وما فيها من شدة الاهوال ، وقيل : معناه يعلمون ، وقال الصادق عليه‌السلام : أنذر بالقرآن من يرجون الوصول إلى ربهم برغبتهم فيما عنده فان القرآن شافع مشفع « ليس لهم من دونه » أي غير الله « لعلهم يتقون » أي كي يخافوا في الدنيا وينتهوا عما نهيتهم عنه (٥).

« وكيف أخاف ما أشرتكم » (٦) ولا يتعلق به ضرر « ولا تخافون أنكم أشركتم بالله » وهو حقيق بأن يخاف منه كل الخوف لانه إشراك للمصنوع بالصانع وتسوية بين المقدور العاجز والقادر الضار النافع ، « سلطانا » أي حجة والحاصل أن الكفر والخطايا مظنة الخوف فلا ينبغي معه الامن.

« أفامن أهل القرى » (٧) أي المكذبون لنبينا « أن يأتيهم بأسنا ضحى » أي ضحوة النهار ، وهو في الاصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت وارتفعت « وهم يلعبون » أي يشتغلون بما لاينفعهم « أفأمنوا مكر الله » مكر الله استعارة لاستدراجه العبد والاخذ من حيث لايحتسب وقال علي بن إبراهيم : المكر من الله العذاب (٨)

____________________

(١) المائدة : ٢٣. (٢) المائدة : ٤٠.

(٣) المائدة : ٤٤.

(٤) الانعام : ٥١.

(٥) مجمع البيان ج ٣ ص ٣٠٤ و ٣٠٥.

(٦) الانعام : ٨١.

(٧) الاعراف : ٩٧ ٩٩.

(٨) تفسير القمي ص ٢١٩.

٣٣٣

وقال الطبرسي رحمه‌الله : أي أفبعد هذا كله أمنوا عذاب الله أن يأتيهم من حيث لايشعرون ، وسمى العذاب مكرا لنزوله بهم من حيث لايعلمون كما أن المكر ينزل بالممكور به من جهة الماكر من حيث لايعلمه ، وقيل إن مكر الله استدراجه إياهم بالصحة والسلامة ، وطول العمر وتظاهر النعمة ، « فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ».

يسئل عن هذا فيقال إن الانبياء والمعصومين أمنوا مكر الله وليسوا بخاسرين وجوابه من وجوه أحدها أن معناه لايأمن مكر الله من المذنبين إلا القوم الخاسرون بدلالة قوله سبحانه « إن المتقين في مقام أمين » (١) وثانيها أن معناه لايأمن عذاب الله للعصاة إلا الخاسرون ، والمعصومون لايؤمنون عذاب الله للعصاة ، ولهذا سلموا من مواقعة الذنوب ، وثالثها لايأمن عقاب الله جهلا بحكمته إلا الخاسرون ومعنى الآية الابانة عما يجب أن يكون عليه المكلف من الخوف لعقاب الله ليسارع إلى طاعته واجتناب معاصيه ، ولايستشعر الامن من ذلك فيكون قد خسر في دنياه وآخرته بالتهالك في القبائح (٢).

« أو لم يهد للذين يرثون الارض » أي يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم وإنما عدى يهد باللام لانه بمعنى يبين « أن لو نشاء » أي أنه لو نشاء « أصبناهم بذنوبهم » أي بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم « ونطبع على قلوبهم » مستأنف يعني ونحن نطبع على قلوبهم « فهم لايسمعون » سماع تفهم واعتبار.

« للذين هم لربهم يرهبون » (٣) أي يخشون ربهم فلا يعصونه ويعملون بما فيها (٤).

« عذابي اصيب به من أشاء » قال في المجمع : أي ممن عصاني واستحقه بعصيانه ، وإنما علقه بالمشية لجواز الغفران « ورحمتي وسعت كل شئ » قال

____________________

(١) الدخان : ٥١.

(٢) مجمع البيان ج ٤ ص ٤٥٣.

(٣) الاعراف : ١٥٤. (٤) يعني التوراة.

٣٣٤

الحسن وقتادة إن رحمته في الدنيا وسعت البر والفاجر وهي يوم القيامة للمتقين خاصة ، وقال العوفي وسعت كل شئ ولكن لاتجب إلا للذين يتقون ، وذلك أن الكافر يرزق ويدفع عنه بالمؤمن لسعة رحمة الله للمؤمن ، فيعيش فيها ، فاذا صار في الاخرة وجب للمؤمنين خاصة كالمستضئ بنار غيره ، إذا ذهب صاحب السراج بسراجه ، وقيل : معناه أنها تسع كل شئ إن دخلوها ، فلو دخل الجميع فيها لوسعتهم إلا أن فيهم من لايدخل فيها لضلاله « فسأكتبها للذين يتقون » أي فساوجب رحمتي للذين يتقون الشرك أي يجتنبونه ، وقيل : يجتنبون الكبائر والمعاصي (١).

« لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة » (٢) قيل : بل يعمهم وغيرهم كالمداهنة في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وافتراق الكلمة وظهور البدع ، وروى العياشي في هذه الآية قال : أصابت الناس فتنة بعد ماقبض الله نبيه حتى تركوا عليا وبايعوا غيره وهي الفتنة التي فتنوا بها ، وقد أمرهم رسول الله باتباع علي والاوصياء من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) وفي المجمع عن علي والباقر عليهما‌السلام أنهما قرءا « لتصيبن » (٤).

« فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين » (٥) بعقاب الله وثوابه ويدل على أن خشية الله تعالى من لوازم الايمان « ولم يخش إلا الله » (٦) قيل يعني في أبواب الدين ، وأن لايختار على رضا الله رضا غيره ، فان الخشية من المحاذير جبلية لايكاد العاقل يتمالك عنها ، وفي المجمع : أي لم يخف سوى الله أحدا من المخلوقين وهذا راجع إلى قوله « أتخشونهم » أي إن خشيتموهم فقد ساويتموهم في الاشراك

____________________

(١) مجمع البيان ج ٤ ص ٤٨٦.

(٢) الانفال : ٢٥.

(٣) تفسير العياشي ج ٢ ص ٥٣.

(٤) مجمع البيان ج ٤ ص ٥٣٢.

(٥) براءة : ١٣.

(٦) براءة : ١٨.

٣٣٥

كما قال « فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله » الاية (١).

« وكذلك » (٢) أي ومثل ذلك الاخذ « أخذ ربك إذا أخذ القرى » أي أهلها « وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد » أي وجيع صعب ، وفي المجمع عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم تلا هذه الآية (٣) « إن في ذلك » أي فيما نزل بالامم الهالكة « لآية » أي لعبرة « لمن خاف عذاب الآخرة » لعلمه بأنه انموذج منه.

« غاشية من عذاب الله » (٤) أي عقوبة تغشاهم وتشملهم « بغتة » أي فجاءة من غير سابقة علامة « وهم لايشعرون » باتيانها غير مستعدين لها.

« ويخافون سوء الحساب » (٥) خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا وروي علي بن إبراهيم (٦) والكليني (٧) والصدوق (٨) والعياشي (٩) عن الصادق عليه‌السلام : أنه تلا هذه الاية حين وافى رجلا استقصى حقه من أخيه وقال أتراهم يخافون أن يظلمهم أو يجور عليهم ، ولكنهم خافوا الاستقصاء والمداقة فسماه الله سوء الحساب ، فمن استقصى فقد أساء ، وفي المجمع (١٠) والعياشي (١١) عنه عليه‌السلام أن تحسب عليهم السيئات ، وتحسب لهم الحسنات ، وهو الاستقصاء.

« ننقصها من أطرافها » (١٢) قيل : أي بذهاب أهلها ، وفي الاحتجاج عن

____________________

(١) مجمع البيان ج ٥ ص ١٤. (٢) هود : ١٠٢ و ١٠٣.

(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ١٩١. (٤) يوسف : ١٠٧.

(٥) الرعد : ٢١. (٦) تفسير القمي ص ٣٤٠.

(٧) الكافي ج ٥ ص ١٠٠. (٨) معاني الاخبار ص ٢٤٦.

(٩) تفسير العياشي ج ٢ ص ٢١٠.

(١٠) مجمع البيان ج ٦ ص ٢٨٩.

(١١) تفسير العياشي ج ٢ ص ٢١٠.

(١٢) الرعد : ٤١.

٣٣٦

أمير المؤمنين عليه‌السلام : يعني بذلك مايهلك من القرون فسماه إتيانا ، وفي الفقيه عن الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال : فقد العلماء ، وقال علي بن إبراهيم هو موت علمائها (١) وفي الكافى (٢) عن الباقر عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول : إنه يسخي نفسي في سرعة الموت والقتل فينا قول الله تعالى « أولم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها » وهو ذهاب العلماء « لا معقب لحكمه » أي لاراد له ، والمعقب الذي يعقب الشئ فيبطله « وهو سريع الحساب » فيحاسبهم عما قليل.

« ذلك » (٣) أي إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين « لمن خاف مقامي » أن موقفي للحساب « وخاف وعيد » أي وعيدي بالعذاب.

« نبئ عبادي » الآية (٤) فيها حث على الرجاء والخوف معا لكن في توصيف ذاته بالغفران والرحمة دون التعذيب ترجيح الرجاء.

« آمنين » (٥) من الانهدام ، ونقب اللصوص ، وتخريب الاعداء لوثاقتها أو من العذاب لفرط غفلتهم « ماكانوا يكسبون » أي من بناء البيوت الوثيقة ، واستكثار الاموال والعدد.

« مكروا السيئات » (٦) أي المكرات السيئات قيل : هم الذين احتالوا لهلاك الانبياء والذين مكروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وراموا صد أصحابه عن الايمان « أن يخسف الله بهم الارض » كما خسف بقارون « أو يأتيهم العذاب من حيث لايشعرون » بغتة من جانب السماء ، كما فعل بقوم لوط « أو يأخذهم في تقلبهم » إذا جاؤوا وذهبوا في

____________________

(١) تفسير القمي ص ٣٤٣.

(٢) الكافي ج ١ ص ٣٨.

(٣) ابراهيم : ١٤.

(٤) الحجر : ٤٩.

(٥) الحجر : ٨٢.

(٦) النحل : ٨٤.

٣٣٧

متاجرهم وأعمالهم « فما هم بمعجزين » أي فليسوا بفائتين وما يريده الله بهم من الهلاك لايمتنع عليه « أو يأخذهم على تخوف » قيل أي على مخافة بأن يهلك قوما قبلهم فيتخوفوا فيأتيهم العذاب وهم متخوفون ، أو على تنقص بأن ينقصهم شيئا بعد شئ في أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا ، من تخوفته إذا تنقصته ، وقال علي بن إبراهيم : أي على تيقظ (١) وبالجملة هو خلاف قوله « من حيث لايشعرون ».

وروى العياشي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : هم أعداء الله وهم يمسخون ويقذفون ويسيخون في الارض (٢) وفي الكافي عن السجاد عليه‌السلام في كلام له في الوعظ والزهد في الدنيا ولاتكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا الذين مكروا السيئات ، فان الله يقول : في محكم كتابه « أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الارض » الآية فاحذروا ماحذركم الله بما فعل بالظلمة في كتابه لئلا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ماتوعد به القوم الظالمين في الكتاب ، والله لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم ، فان السعيد من وعظ بغيره (٣).

« وهم لايستكبرون » (٤) أي عن عبادته « يخافون ربهم من فوقهم » أي يخافونه وهو فوقهم بالقهر « وهو القاهر فوق عباده » (٥) « ويفعلون مايؤمرون » في المجمع قد صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة ، ترعد فرائصهم من مخافة الله ، لاتقطر من دموعهم قطرة إلا صار ملكا فاذا كان يوم القيامة ، رفعوا رؤوسهم وقالوا : ماعبدناك حق عبادتك (٦).

____________________

(١) تفسير القمى ص ٣٦١.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٦١.

(٣) الكافي ج ٨ ص ٧٤.

(٤) النحل : ٤٩.

(٥) الانعام : ١٨ و ٦١.

(٦) مجمع البيان ج ٦ ص ٣٦٥.

٣٣٨

قال بعض أهل المعرفة : إن أمثال هذه الآيات تدل على أن العالم كله في مقام الشهود والعبادة إلا كل مخلوق له قوة التفكر ، وليس إلا النفوس الناطفة الانسانية والحيوانية خاصة من حيث أعيان أنفسهم لا من حيث هياكلهم فان هياكلهم كسائر العالم في التسبيح له والسجود ، فأعضاء البدن كلها مسبحة ناطقة ألا تراها تشهد على النفوس المسخرة لها يوم القيامة من الجلود والايدي والارجل ، والالسنة ، والسمع والبصر ، وجميع القوى فالحكم لله العلي الكبير.

« إنما هو إله واحد » (١) أكد العدد في الموضعين دلالة على العناية به فانك لو قلت إنما هو إله لخيل أنك أثبت الالهية لا الوحدانية « فاياي فارهبون » كأنه قيل وأنا هو فاياي فارهبون لا غير « وله مافي السموات والارض » خلقا وملكا « وله الدين » أي الطاعة « واصبا » قيل أي لازما وروى العياشي عن الصادق عليه‌السلام قال : واجبا (٢) « أفغير الله تتقون » ولا ضار سواه كما لا نافع غيره كما قال : « وما بكم من نعمة فمن الله » (٣).

« حصيرا » (٤) أي محبسا لايقدرون على الخروج منها أبدا « للتي هي أقوم » أي للطريقة التي هي أقوم الطرق ، وأشد استقامة ، وفي الكافي عن الصادق عليه‌السلام أي يدعو وعنه عليه‌السلام يهدي إلى الامام (٥) وروى العياشي عن الباقر عليه‌السلام يهدي إلى الولاية (٦) « وأن الذين » أي يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب أعدائهم.

« وما أرسلناك عليهم وكيلا » (٧) أي موكولا إليك أمرهم ، تجبرهم على

____________________

(١) النحل : ٥١.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٦٢.

(٣) النحل : ٥٣.

(٤) أسرى : ١٠٨.

(٥) الكافي ج ١ ص ٢١٦.

(٦) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٨٣.

(٧) أسرى : ٥٤ ٥٧.

٣٣٩

الايمان ، وإنما أرسلناك مبشرا ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالاحتمال منهم « كان محذورا » أي حقيقا بأن يحذره كل أحد حتى الملائكة والرسل.

« لمن يخشى » (١) أي لمن في قلبه خشية ورقة يتأثر بالانذار.

« أفلم يهد لهم » (٢) قال علي بن إبراهيم : أي يبين لهم « يمشون في مساكنهم » أي يشاهدون آثار هلاكهم « لاولي النهى » أي لذوي العقول الناهية عن التغافل والتعامي.

« وهم من خشيته » (٣) أي من عظمته ومهابته « مشفقون » أي مرتعدون وأصل الخشية خوف مع تعظيم ، ولذلك خص بها العلماء والاشفاق خوف مع اعتناء فان عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر ، وإن عدي بعلى فبالعكس.

« قل من يكلؤكم » (٤) أي يحفظكم « من الرحمن » أي من بأسه « إن أراد بكم » وفي لفظ الرحمن تنبيه على أن لا كالئ غير رحمته العامة وأن اندفاعه بها مهلة « بل هم عن ذكر ربهم معرضون » لايخطرونه ببالهم فضلا أن يخافوا بأسه.

« أنا نأتي الارض » قيل : أرض الكفرة « ننقصها من أطرافها » قيل : أي بتسلط المسلمين عليها ، وهو تصوير لما يجريه الله على أيدي المسلمين « أفهم الغالبون » رسول الله والمؤمنين ، وفي الكافي والمجمع عن الصادق عليه‌السلام ننقصها يعني بموت العلماء ، قال : نقصانها ذهاب عالمها ، وقد مر الكلام فيه.

« الفرقان » (٥) أي الكتاب الجامع لكونه فارقا بين الحق والباطل ، وضياء يستضاء به في ظلمات الحيرة والجهالة ، وذكرا يتعظ به المتقون « بالغيب » حال من الفاعل أو المفعول « مشقون » أي خائفون.

« وكانوا لنا خاشعين » (٦) أي مخبتين أو دائمي الوجل.

____________________

(١) طه : ٣. (٢) طه : ١٢٨.

(٣) الانبياء : ٢٨. (٤) الانبياء : ٤٢ و ٤٤.

(٥) الانبياء : ٤٧ و ٤٨.

(٦) الانبياء : ٩٠.

٣٤٠