بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الوجه.

وقيل : إثابة المؤمن بنية أمر خير متفق عليه بين الامة ورواه الخاصة والعامة روى مسلم باسناده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من طلب الشهادة صادقا اعطيها ولو لم تصبه ، وباسناد آخر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه ، قال الماذري : وفيهما دلالة على أن من نوى شيئا من أعمال البر ولم يفعله لعذر كان بمنزلة من عمله ، وعلى استحباب طلب الشهادة ، ونية الخير. وقد صرح بذلك جماعة من علمائهم حتى قال الآبي : لو لم ينوه كان حاله حال المنافق لايفعل الخير ولاينويه.

٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن أحمد بن يونس ، عن أبي هاشم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إنما خلد أهل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا ، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ، ثم تلا قوله تعالى : « قل كل يعمل على شاكلته » (١). على نيته (٢).

بيان : كأن الاستشهاد بالآية مبني على ماحققنا سابقا أن المدار في الاعمال على النية التابعة للحالة التي اتصفت النفس بها من العقائد والاخلاق الحسنة والسيئة فاذا كانت النفس على العقائد الثابتة والاخلاق الحسنة الراسخة التي لايتخلف عنها الاعمال الصالحة الكاملة لو بقي في الدنيا أبدا فبتلك الشاكلة والحالة استحق الخلود في الجنة ، وإذا كانت على العقائد الباطلة والاخلاق الردية التي علم الله تعالى أنه لو بقي في الدنيا أبدا لعصى الله تعالى دائما ، فبتلك الشاكلة استحق الخلود في النار ، لا بالاعمال التي لم يعملها ، فلا يرد أنه ينافي الاخبار الواردة في أنه إذا أراد السيئة ولم يعملها لم تكتب عليه ، مع أنه يمكن حمله على ما إذا لم تصر

____________________

(١) أسرى ص ٨٤.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٨٥.

٢٠١

شاكلة له ، ولم تكن بحيث علم الله أنه لو بقي لاتى بها ، أو يحمل عدم كتابة السيئة على المؤمنين ، وهذا إنما هو في الكفار ، وقد يستدل بهذا الخبر على أن كل كافر يمكن في حقه التوبة والايمان لايموت على الكفر.

أقول : ويمكن أن يستدل به على أن بالعزم على المعصية ، يستحق العقاب وإن عفى الله عن المؤمنين تفضلا ، وماذكره المحقق الطوسي قدس‌سره في التجريد في مسألة خلق الاعمال حيث قال : وإرادة القبيح قبيحة ، يدل على أنه يعد إرادة العباد للحرام فعلا قبيحا محرما ، وهو الظاهر من كلام أكثر الاصحاب سواء كان تاما مستتبعا للقبيح أو عزما ناقصا غير مستتبع ، لكن قد تقرر عندهم أن إرادة القبيح إذا كانت غير مقارنة لفعل قبيح يتعلق بها العفو كما دلت عليه الروايات وسيأتي بعضها ، وأما إذا كانت مقارنة فلعله أيضا كذلك ، وادعى بعضهم الاجماع على أن فعل المعصية لايتعلق به إلا إثم واحد ، ومن البعيد أن يتعلق به إثمان أحدهما بارادته والآخر بايقاعه.

فيندفع حينئذ التدافع بين ماذكره المحقق رحمه‌الله من قبح إرادة القبيح وبين ماهو المشهور من أن الله تعالى لايعاقب بارادة الحرام ، وإنما يعاقب بفعله وما أوله به بعضهم من أن المراد أنه لايعاقب العقوبة الخاصة بفعل المعصية بمجرد إرادتها ، ويثيب الثواب الخاص بفعل الطاعة بمجرد إرادتها ، ففيه أن شيئا من ذلك غير صحيح ، فان الظاهر من النصوص أنه تعالى لايعاقب ولا يؤاخذ على إرادة المعصية أصلا ، وأن الاجماع قائم على أن ثواب الطاعة لايترتب على إرادتها ، بل المترتب عليها نوع آخر من الثواب يختلف باختلاف الاحوال المقارنة لها من خلوص النية وشدة الجد فيها والاستمرار عليها ، إلى غير ذلك ، ولامانع من أن تصير في بعض الاحوال أعظم من ثواب نفس الفعل الذي لم يكن لصاحبه تلك الارادة البالغة الجامعة لهذه الخصوصيات ، وكأن تتبع الآثار المأثورة يغني عن الاطالة في هذا الباب.

وأقول : قد عرفت بعض ماحققنا في ذلك وسيأتي إنشاء الله تمام الكلام

٢٠٢

عند شرح بعض الاخبار في أواخر هذا المجلد.

٦ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي الحسن علي بن يحيى ، عن أيوب بن أعين ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤتى يوم القيامة برجل فيقال له : احتج ، فيقول : يا رب خلقتني وهديتني فأوسعت علي فلم أزل اوسع على خلقك وايسر عليهم لكي تنشر هذا اليوم رحمتك وتيسره ، فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى ذكره : صدق عبدي أدخلوه الجنة (١).

٧ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن علي بن عيسى قال : إن موسى ناجاه الله تبارك وتعالى فقال في مناجاته وذكر حديثا قدسيا طويلا إلى أن قال : فاعمل كأنك ترى ثواب عملك ، لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة (٢).

٨ ـ نهج : هذا ما أمر به عبدالله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله ابتغاء وجه الله ، ليولجني به الجنة ، ويعطيني الامنة (٣).

وفيه : وليس رجل فاعلم أحرص على جماعة امة محمد والفتها مني أبتغي بذلك حسن الثواب وكريم المآ (٤).

٩ ـ لى : باسناده إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من صام يوما تطوعا ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة (٥).

بيان : في هذا الاخبار كلها دلالة على أن طلب الثواب والحذر من العقاب لاينافي صحة العمل وكماله والقربة فيه.

____________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٤٠.

(٢) الكافي ج ٧ ص ٤٦.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٢ ، تحت الرقم ٢٤ من باب الكتب والرسائل.

(٤) المصدر ج ٢ ص ١٤١ ، الرقم ٧٨ من باب الكتب.

(٥) أمالي الصدوق ص ٣٢٩.

٢٠٣

١٠ ـ فس : « من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لايبخسون » (١) قال : من عمل الخير على أن يعطيه الله ثوابه في الدنيا أعطاه ثوابه في الدنيا وكان له في الآخرة النار (٢).

١١ ـ ل : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن مالك ابن عطية ، عن الثمالي ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : لا حسب لقرشي ولا عربي إلا بتواضع ، ولا كرم إلا بتقوى ، ولا عمل إلا بنية ، ولا عبادة إلا بتفقه ، ألا وإن أبغض الناس إلى الله عزوجل من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله (٣).

١٢ ـ فس : « قل كل يعمل على شاكلته » أي على نيته « فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا » (٤) فانه حدثني أبي ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة اوقف المؤمن بين يديه ، فيكون هو الذي يلي حسابه ، فيعرض عليه عمله ، فينظر في صحيفته فأول مايرى سيآته فيتغير لذلك لونه ، وترتعش فرائصه ، وتفزع نفسه ، ثم يرى حسناته فتقر عينه ، وتسر نفسه ، وتفرح روحه ، ثم ينظر إلى ما أعطاه الله من الثواب فيشتد فرحه ، ثم يقول الله للملائكة : هلموا الصحف التي فيها الاعمال التي لم يعملوها ، قال : فيقرؤنها فيقولون : وعزتك إنك لتعلم أنا لم نعمل منها شيئا فيقول : صدقتم نويتموها فكتبناها لكم ثم يثابون عليها (٥).

١٣ ـ ع ، ل (٦) لى : السناني ، عن محمد بن هارون ، عن عبيد الله بن موسى الطبري ، عن محمد بن الحسين الخشاب ، عن محمد بن محصن ، عن يونس بن ظبيان

____________________

(١) هود : ١٥.

(٢) تفسير القمى ص ٣٠٠.

(٣) الخصال ج ١ ص ١٢.

(٤) أسرى : ٨٤.

(٥) تفسير القمى ص ٣٨٧.

(٦) علل الشرائع ج ١ ص ١٢ الخصال ج ١ ص ٨٨.

٢٠٤

قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام : إن الناس يعبدون الله عزوجل على ثلاثة أوجه فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه ، فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع ، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد ، وهي رهبة ، ولكني أعبده حبا له عزوجل فتلك عبادة الكرام ، وهو الامن قوله عزوجل « وهم من فزع يومئذ آمنون » (١) ولقوله عزوجل « قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم » (٢) فمن أحب الله أحبه الله ، ومن أحبه الله عز وجل كان من الآمنين (٣).

١٤ ـ لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن الحسن بن الجهم ، عن الفضيل قال : قال الصادق عليه‌السلام : ماضعف بدن عما قويت عليه النية (٤).

١٥ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن اليقطيني عن يونس ، عن أبي الوليد ، عن الحسن بن زياد قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : من صدق لسانه زكى عمله ، ومن حسنت نيته زيد في رزقه ، ومن حسن بره بأهل بيته زيد في عمره (٥).

١٦ ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن عبدالله بن محمد الرازي ، عن بكر بن صالح ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله وفيه « زاد الله » مكان « زيد » في الموضعين (٦).

١٧ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن

____________________

(١) النمل : ٨٩.

(٢) آل عمران : ٣١.

(٣) أمالى الصدوق ص ٢٤.

(٤) أمالي الصدوق ص ١٩٨.

(٥) أمالي الطوسى ج ١ ص ٢٥٠.

(٦) الخصال ج ١ ص ٤٤.

٢٠٥

سنان قال : كنا جلوسا عند أبي عبدالله عليه‌السلام إذ قال له رجل من الجلساء : جعلت فداك يا ابن رسول الله أتخاف علي أن أكون منافقا؟ قال : فقال له إذا خلوت في بيتك نهارا أو ليلا أليس تصلي؟ فقال : بلى ، قال : فلمن تصلي؟ فقال : لله عزوجل قال : فكيف تكون منافقا وأنت تصلي لله عزوجل لا لغيره (١).

١٨ ـ ع : أبي ، عن حبيب بن الحسين الكوفي ، عن ابن أبي الخطاب ، عن أحمد بن صبيح ، عن زيد الشحام قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إني سمعتك تقول : نية المؤمن خير من عمله ، فكيف تكون النية خيرا من العمل؟ قال : لان العمل ربما كان رياء المخلوقين ، والنية خالصة لرب العالمين ، فيعطي عزوجل على النية مالا يعطي على العمل.

قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن العبد لينوي من نهاره أن يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام ، فيثبت الله له صلاته ، ويكتب نفسه تسبيحا ويجعل نومه عليه صدقة (٢).

١٩ ـ ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن عمران بن موسى عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن الحسن بن الحسين الانصاري ، عن بعض رجاله ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه كان يقول : نية المؤمن أفضل من عمله ، وذلك لانه ينوي من الخير مالا يدركه ، ونية الكافر شر من عمله ، وذلك لان الكافر ينوي الشر ويأمل من الشر مالا يدركه (٣).

٢٠ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة قال : سئل جعفر بن محمد عليهما‌السلام عما قد يجوز وعما لايجوز من النية على الاضمار في اليمين ، فقال : إن النيات قد تجوز في موضع ولا تجوز في آخر ، فأما ماتجوز فيه فاذا كان مظلوما فما حلف به ونوى اليمين فعلى نيته ، وأما إذا كان ظالما فاليمين على نية المظلوم ، ثم قال : ولو كانت النيات من أهل الفسق يؤخذ بها أهلها ، إذا لاخذ كل من نوى الزنا بالزنا ، وكل من نوى السرقة بالسرقة ، وكل من نوى القتل بالقتل ، ولكن الله عدل كريم ( حكيم )

____________________

(١) معاني الاخبار ص ١٤٢.

(٢ و ٣) علل الشرائع ج ٢ ص ٢١١.

٢٠٦

ليس الجور من شأنه ، ولكنه يثيب على نيات الخير أهلها وإضمارهم عليها ، ولا يؤاخذ أهل الفسوق حتى يفعلوا (١).

أقول : روى هذا الخبر في موضع آخر من هذا الكتاب بهذا السند وزاد في آخره زيادة هي هذه : وذلك أنك قد ترى من المحرم من العجم لايراد منه مايراد من العالم الفصيح ، وكذلك الاخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك ، فهذا بمنزلة العجم المحرم لايراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح ولو ذهب العالم المتكلم الفصيح حتى يدع ماقد علم أنه يلزمه ، وينبغي له أن يقوم به حتى يكون ذلك منه بالنبطية والفارسية ، فحيل بينه وبين ذلك بالادب ، حتى يعود إلى ماقد علمه وعقله ، قال : ولو ذهب من لم يكن في مثل حال الاعجمى المحرم ففعل فيعال الاعجمي والاخرس على ماقد وصفنا إذا لم يكن أحد فاعلا لشئ من الخير ، ولا يعرف الجاهل من العالم (٢).

٢١ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن المنذر بن محمد ، عن أحمد بن يحيى الضبي ، عن موسى بن القاسم ، عن أبي الصلت ، عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لاقول إلا بعمل ولا قول ولا عمل إلا بنية ، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا باصابة السنة (٣).

٢٢ ـ ما : ابن مخلد ، عن أبي عمرو ، عن محمد بن هشام المروزي ، عن يحيى ابن عثمان ، عن بقية ، عن إسماعيل البصري يعني ابن علية ، عن أبان ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لايقبل قول إلا بعمل ، ولا يقبل قول وعمل إلا بنية ، ولا يقبل قول وعمل ونية إلا باصابة السنة (٤).

٢٣ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن علي بن أحمد بن سيابة ، عن

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٨. ط النجف.

(٢) قرب الاسناد ص ٣٣ و ٣٤.

(٣) أمالي الطوسى ج ١ ص ٣٤٧.

(٤) أمالي الطوسي ج ١ ص ٣٩٦.

٢٠٧

عبدالرحمن بن كثير الهاشمي ، عن حماد بن عيسى ، عن ابن اذينة ، عن الفضيل قال : سمعت الصادق والباقر عليهما‌السلام يحدثان عن آبائهما ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نية المؤمن أبلغ من عمله ، وكذلك الفاجر (١).

٢٤ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن محمد البرقي ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن أبي عثمان العبدي ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا قول إلا بعمل ، ولا عمل إلا بنية ، ولا عمل ولا نية إلا باصابة السنة (٢).

٢٥ ـ سن : عن ابن فضال ، عن محمد ، عن الثمالي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لو نظر الناس إلى مردود الاعمال من السماء ، لقالوا : مايقبل الله من أحد عملا (٣).

٢٦ ـ سن : النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نية المؤمن خير من عمله ، ونية الفاجر شر من عمله وكل عامل يعمل بنيته (٤).

٢٧ ـ سن : الوشاء ، عن ابن فضال ، عن المثنى الحناط ، عن محمد بن مسلم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : من حسنت نيته زاد الله في رزقه (٥).

٢٨ ـ سن : بعض أصحابنا بلغ به خيثمة بن عبدالرحمن الجعفي قال : سأل عيسى بن عبدالله القمي أبا عبدالله عليه‌السلام وأنا حاضر فقال : ما العبادة؟ فقال : حسن النية بالطاعة من الوجه الذي يطاع الله منه.

وفي حديث آخر قال : حسن النية بالطاعة عن الوجه الذي امر به (٦).

____________________

(١) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٦٩.

(٢) بصائر الدرجات : ١١.

(٣) لم نجده في مظانه.

(٤) المحاسن ص ٢٦٠.

( ٦٥ ) المحاسن ص ٢٦١.

٢٠٨

٢٩ ـ سن : علي بن الحكم ، عن أبي عروة السلمي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة (١).

٣٠ ـ سن : القاساني ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن أحمد بن يونس عن أبي هاشم قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الخلود في الجنة والنار فقال : إنما خلد أهل النار في النار ، لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا ، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ، ثم تلا قوله : « قل كل يعمل على شاكلته » (٢) أي على نيته (٣).

شى : عن أبي هاشم مثله (٤).

٣١ ـ ضا : أروي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : نية المؤمن خير من عمله لانه ينوي خيرا من عمله ، ونية الفاجر شر من عمله وكل عامل يعمل على نيته ، ونروى نية المؤمن خير من عمله ، لانه ينوي من الخير مالايطيقه ولا يقدر عليه ، وروي من حسنت نيته زاد الله في رزقه.

وسألت العالم عليه‌السلام عن قول الله : « خذوا ما آتيناكم بقوة » (٥) قوة الابدان أم قوة القلوب؟ فقال : جميعا ، وقال : لا قول إلا بعمل ، ولا عمل إلا بنية ، ولا نية إلا باصابة السنة ، ونروي حسن الخق سجية ونية ، وصاحب النية أفضل ، ونروي ماضعفت نية عن نية.

وأروي عنه : نية المؤمن خير من عمله فسألته عن معنى ذلك ، فقال : العمل يدخله الرياء والنية لايدخلها الرياء.

____________________

(١) المحاسن ص ٢٦٢.

(٢) أسرى : ٨٤.

(٣) المحاسن ص ٢٦٢.

(٤) تفسير العياشي ج ٢ ص ٣١٦.

(٥) البقرة : ٦٣ و ٩٣.

٢٠٩

وسألت العالم عليه‌السلام عن تفسير نية المؤمن خير ، قال : إنه ربما انتهت بالانسان حالة من مرض أو خوف فتفارقه الاعمال ، ومعه نيته ، فلذلك الوقت نية المؤمن خير من عمله.

وفي وجه آخر أنها لايفارقه عقله أو نفسه والاعمال قد يفارقه قبل مفارقة العقل والنفس.

٣٢ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم لان سلامة القلب من هواجس المحذورات بتخليص النية لله في الامور كلها قال الله عزوجل « يوم لاينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم » (١) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نية المؤمن خير من عمله ، وقال عليه‌السلام : إنما الاعمال بالنيات ، ولكل امرئ مانوى ولابد للعبد من خالص النية في كل حركة وسكون ، لانه إذا لم يكن هذا المعنى يكون غافلا ، والغافلون قد وصفهم الله تعالى فقال « اولئك كالانعام بل هم أضل سبيلا » (٢) وقال : « اولئك هم الغافلون » (٣).

ثم النية تبدو من القلب علفى قدر صفاء المعرفة ، ويختلف على حسب اختلاف الاوقات في معنى قوته وضعفه ، وصاحب النية الخالصة نفسه وهواه مقهورتان تحت سلطان تعظيم الله والحياء منه ، وهو من طبعه وشهوته ومنيته ، نفسه منه في تعب والناس منه في راحة (٤).

٣٣ ـ [ م : ] قال علي بن الحسين عليهما‌السلام : إني أكره أن أعبدالله ولا غرض لي إلا ثوابه ، فأكون كالعبد الطمع المطمع : إن طمع عمل ، وإلا لم يعمل ، وأكره أن [ لا ] أعبده إلا لخوف عقابه فأكون كالعبد السوء إن لم يخف لم يعمل ، قيل فلم تعبده؟ قال : لما هو أهله بأياديه علي وإنعامه.

____________________

(١) الشعراء : ٨٨ و ٨٩.

(٢ و ٣) الاعراف : ١٧٩.

(٤) مصباح الشريعة ص ٤ و ٥.

٢١٠

وقال محمد بن علي الباقر عليه‌السلام : لايكون العبد عابدا لله حق عبادته حتى ينقطع عن الخلق كله إليه ، فحينئذ يقول : هذا خالص لي فيتقبله بكرمه.

وقال جعفر بن محمد عليه‌السلام : ما أنعم الله عزوجل على عبد أجل من أن لا يكون في قلبه مع الله غيره.

وقال موسى بن جعفر الكاظم عليه‌السلام : أشرف الاعمال التقرب بعبادة الله عزوجل.

وقال علي الرضا عليه‌السلام « إليه يصعد الكلم الطيب » قول لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله وخليفة محمد رسول الله حقا وخلفاؤه خلفاء الله « والعمل الصالح يرفعه » علمه في قلبه بأن هذا صحيح كما قلته بلساني (١).

٣٤ ـ جا : أبوغالب أحمد بن محمد ، عن جده محمد بن سليمان ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن حمزة بن الطيار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إنما قدر الله عون العباد على قدر نياتهم فمن صحت نيته تم عون الله له ، ومن قصرت نيته قصر عنه العون بقدر الذي قصر (٢).

٣٥ ـ غو : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ماهاجر إليه (٣).

٣٦ ـ كتاب قضاء الحقوق للصورى : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نية المؤمن خير من عمله.

٣٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن حنظلة بن زكريا ، عن محمد بن علي بن حمزة ، عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لاحسب إلا بالتواضع ، ولا كرم إلا بالتقوى ، ولا عمل إلا بالنية (٤).

____________________

(١) تفسير الامام ص ١٥٢ ، وقد مر في شرح الخبر الثانى من مرآت العقول ص ١٩٨.

(٢) مجالس المفيد ص ٤٨ و ٤٩.

(٣) حديث متفق عليه راجع صحيح البخاري كتاب الايمان ص ٢٣ في ط.

(٤) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٠٣.

٢١١

٣٨ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أحمد بن إسحاق الموسوي ، عن أبيه إسحاق بن العباس ، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر ، عن علي بن جعفر وعلي بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أغزى عليا في سرية وأمر المسلمين أن ينتدبوا معه في سريته فقال رجل من الانصار لاخ له : اغز بنا في سرية علي لعلنا نصيب خادما أو دابة أو شيئا نتبلغ به ، فبلغ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : فقال : إنما الاعمال بالنيات ، ولكل امرئ مانوى ، فمن غزا ابتغاء ماعند الله عزوجل فقد وقع أجره على الله عزوجل ، ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلا مانوى (١).

٣٩ ـ نهج : قال عليه‌السلام : إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الاحرار (٢).

٤٠ ـ الهداية : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما الاعمال بالنيات ، وروي أن نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله ، وروي أن بالنيات خلد أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار.

وقال عزوجل : « قل كل يعمل على شاكلته » (٣) يعني على نيته ، ولا يجب على الانسان أن يجدد لكل عمل نية ، وكل عمل من الطاعات إذا عمله العبد لم يرد به إلا الله عزوجل فهو عمل بنية ، وكل عمل عمله العبد من الطاعات يريد به غير الله فهو عمل بغير نية وهو غير مقبول.

____________________

(١) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٣١.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٧ تحت الرقم ٢٣٧ من الحكم.

(٣) أسرى : ٨٤.

٢١٢

٥٤

* ( باب ) *

* « ( الاخلاص ومعنى قربه تعالى ) » *

الايات : الفاتحة : إياك نعبد وإياك نستعين.

البقرة : بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (١).

وقال تعالى : ونحن له مخلصون (٢) وقال : وأتموا الحج والعمرة لله (٣) وقال : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤف بالعباد (٤) وقال تعالى : وقوموا لله قانتين (٥) وقال تعالى : ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله الآية (٦).

آل عمران : فان حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن (٧).

وقال تعالى : ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين (٨).

النساء : واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا (٩) وقال : ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوق نؤتيه أجرا عظيما (١٠) وقال : ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا (١١) وقال : إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فاولئك مع المؤمنين (١٢).

____________________

(١) البقرة : ١١٢. (٢) البقرة : ١٣٩.

(٣) البقرة : ١٩٦. (٤) البقرة : ٢٠٧.

(٥) البقرة : ٢٣٨. (٦) البقرة : ٢٦٥.

(٧) آل عمران : ٢٠. (٨) آل عمران : ١٤٥.

(٩) النساء : ٣٥. (١٠) النساء : ١١٣.

(١١) النساء : ١٢٤. (١٢) النساء : ١٤٥.

٢١٣

الانعام : إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين (١) وقال تعالى : قل إن صلواتي ونسكي ومحياى ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك امرت وأنا أول المسلمين (٢) وقال تعالى : ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه (٣).

الاعراف : وادعوه مخلصين له الدين (٤).

يوسف : إنه من عبادنا المخلصين (٥).

اسرى : وقضى ربك أن لاتعبدوا إلا إياه (٦).

الكهف : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه (٧) وقال تعالى : فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا (٨).

مريم : واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا إلى قوله تعالى : وقربناه نجيا (٩).

الحج : حنفاء لله غير مشركين به (١٠).

الروم : فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله واولئك هم المفلحون (١١).

لقمان : ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الامور (١٢).

الصافات : إلا عباد الله المخلصين * اولئك لهم رزق معلوم * فواكه وهم

____________________

(١) الانعام : ٧٩. (٢) الانعام : ١٦٣.

(٣) الانعام : ٥٢. (٤) الاعراف : ٢٨.

(٥) يوسف : ٢٤. (٦) أسرى : ٢٣.

(٧) الكهف : ٢٨. (٨) الكهف : ١١١.

(٩) مريم : ٥١. (١٠) الحج : ٣١.

(١١) الروم : ٣٨. (١٢) لقمان : ٢٢.

٢١٤

مكرمون * في جنات النعيم إلى قوله تعالى : لمثل هذا فليعمل العاملون (١).

ص : وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب (٢).

الزمر : فاعبدالله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص (٣).

وقال تعالى : قل إني امرت أن أعبدالله مخلصا له الدين وامرت لان أكون أول المسلمين إلى قوله تعالى : قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ماشئتم من دونه (٤).

وقال : ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لايعلمون (٥).

المؤمن : فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (٦).

حمعسق : من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب (٧).

الجن : وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا إلى قوله تعالى : قل إنما أدعوا ربي ولا اشرك به أحدا (٨).

الدهر : إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا (٩).

الليل : وسيجنبها الاتقى الذي يؤتي ماله يتزكى * ومالاحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى (١٠).

البينة : وما امروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء (١١).

____________________

(١) الصافات : ٦١٤٠. (٢) ص : ٤٠.

(٣) الزمر : ٣٢. (٤) الزمر : ١٤١٢.

(٥) الزمر : ٢٩. (٦) المؤمن : ١٤.

(٧) الشورى : ٢٠. (٨) الجن : ٢٠١٨.

(٩) الدهر : ٩. (١٠) الليل : ١٧.

(١١) البينة : ٥.

٢١٥

تفسير : « إياك نعبد وإياك نستعين » أي نخصك بالعبادة والاستعانة والمراد طلب المعونة في المهمات كلها أو في أداء العبادات والضمير المستكن في الفعلين للقاري ومن معه من الحفظة وحاضري صلاة الجماعة أوله ولسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها ويجاب إليها ولهذا شرعت الجماعة ، وقدم المفعول للتعظيم والاهتمام به ، والدلالة على الحصر وقيل : لما نسب العبادة إلى نفسه أوهم ذلك تبجحا واعتدادا منه بما يصدر عنه فعقبه بقوله « وإياك نستعين » ليدل على أن العبادة أيضا مما لاتتم ولا تستتب له إلا بمعونة منه وتوفيق ، وقيل : الواو للحال والمعنى نعبدك مستعينين بك.

وفي تفسير الامام عليه‌السلام في تفسيرها قال الله تعالى : قولوا أيها الخلق المنعم عليهم « إياك نعبد » إيها المنعم علينا نطيعك مخلصين مع التذلل والخضوع بلا رئاء ولا سمعة « وإياك نستعين » منك نسأل المعونة على طاعتك لنؤديها كما أمرت ، و نتقي من دنيانا ماعنه نهيت ، ونعتصم من الشيطان ومن سائر مردة الانس من المضلين ومن المؤذين الظالمين بعصمتك (١) « بلى من أسلم وجهه لله » قيل أي نفسه أو قصده فيدل على الاخلاص ، وقال الطبرسي : (٢) قيل : معناه من أخلص نفسه لله بأن سلك طريق مرضاته عن ابن عباس ، وقيل : وجه وجهه لطاعة الله وقيل : فوض أمره إلى الله وقيل : استسلم لامر الله وخضع وتواضع لله « وهو محسن » في عمله وقيل : وهو مؤمن ، وقيل مخلص : « فله أجره عند ربه » أي فله جزاء عمله عند الله تعالى.

وفي تفسير الامام عليه‌السلام « بلى من أسلم وجهه لله » كما فعل الذين آمنوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما سمعوا براهينه وحججه « وهو محسن » في عمله لله « فله أجره » أي ثوابه عند ربه يوم فصل القضاء « ولا خوف عليهم » حين يخاف الكافرون ما يشاهدونه من العذاب « ولا هم يحزنون » عند الموت لان البشاره بالجنان تأتيهم انتهى (٣).

____________________

(١) تفسير الامام ص ١٨.

(٢) مجمع البيان ج ١ ص ١٨٧ ، في آية البقرة : ١١٢.

(٣) تفسير الامام ص ٢٤٩.

٢١٦

« ونحن له مخلصون » (١) أي في الايمان والطاعة لانشرك به شركا جليا ولا خفيا.

« لله » (٢) أي لوجه الله خالصا ويدل على وجوب نية القربة فيهما « من يشري » (٣) أي يبيع « نفسه » ببذلها « ابتغاء مرضاة الله » أي طلبا لرضاه سبحانه ، ويدل على أن طلب الرضا أيضا أحد وجوه القربة وروت العامة والخاصة (٤) بأسانيد جمة أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام حين بات على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي تفسير الامام عليه‌السلام « ومن الناس من يشري نفسه » يبعيها « ابتغاء مرضات الله » فيعمل بطاعته ويأمر الناس بها ، ويصبر على مايلحقه من الاذى فيها يكون كمن باع نفسه وسلمها وتسلم مرضاة الله عوضا منها فلا يبالي ماحل بها بعد أن يحصل لها رضا ربها « والله رؤف بالعباد » كلهم أما الطالبون لرضا ربهم فيبلغهم أقصى أمانيهم ، ويزيدهم عليها مالم تبلغه آمالهم ، وأما الفاجرون في دينه فيتأناهم ويرفق بهم يدعوهم إلى طاعته ولا يقطع ممن علم أنه سيتوب عنه ذنبه التوبة الموجبة له عظيم كرامته (٥).

« وقوموا لله » (٦) يدل على وجوب نية القربة في القيام للصلاة بل فيها.

« مثل الذين ينفقون » (٧) أي يخرجون « أموالهم » في وجوه البر « ابتغاء مرضاة الله » أي لطلب رضاه فيدل ( على ) اشتراط ترتب الثواب على الصدقات وسائر الخيرات بالقربة.

« فقل أسلمت وجهى لله » (٨) أي أخلصت نفسي وجملتي له لا اشرك فيها غيره ، قيل : عبر عن النفس بالوجه لانه أشرف الاعضاء الظاهرة ، ومظهر القوى

____________________

(١) البقرة : ١٣٩.

(٢) يعنى الحج والعمرة في قوله تعالى : « وأتموا الحج والعمرة لله ».

(٣) البقرة : ٢٠٧.

(٤) راجع ج ١٩ ص ٥٥ باب الهجرة ومباديها ، وهكذا ج ٣٦ ص ٤٠ ٥١.

(٥) تفسير الامام ص ٢٨٤. (٦) البقرة : ٢٣٨.

(٧) البقرة : ٢٦٥.

(٨) آل عمران : ٢٠.

٢١٧

والحواس « ومن اتبعن » أي وأسلم من اتبعنى.

« ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها » (١) قال في المجمع : قيل في معناه أقوال : أحدها أن المراد من عمل للدنيا لم نحرمه ماقسمنا له فيها من غير حظ في الآخرة عن أبي إسحاق أي فلا تغتر بحاله في الدنيا ، وثانيها من أراد بجهاده ثواب الدنيا وهو النصيب من الغنيمة نؤته منها ، فبين أن حصول الدنيا للانسان ليس بموضع غبطة لانها مبذولة للبر والفاجر عن أبي علي الجبائي ، وثالثها من تعرض لثواب الدنيا بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر جوزي بها في الدنيا دون الآخرة لاحباط عمله بفسقه ، وهذا على مذهب من يقول بالاحباط.

« ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها » أي من يرد بالجهاد وأعماله ثواب الآخرة نؤته منها ، فلا ينبغي لاحد أن يطلب بطاعاته غير ثواب الله تعالى ومثله قوله تعالى : « من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه » (٢) الآية ، وقريب منه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من طلب الدنيا بعمل الآخرة فماله في الآخرة من نصيب « وسنجزي الشاكرين » أي نعطيهم جزاء الشكر ، وقيل : معناه سنجزي الشاكرين من الرزق في الدنيا لئلا يتوهم أن الشاكر يحرم مايعطى الكافر من نعيم الدنيا انتهى (٣).

وأقول : الآية على أظهر الوجوه تدل على اشتراط ثواب الآخرة بقصد القربة ، وأما على بطلان العمل ففيه إشكال إلا أن يظهر التلازم بين الصحة واستحقاق الثواب الاخروي ، ويدل على أن قصد الثواب لاينافي القربة كما زعمه جماعة وعلى أن الثواب الدنيوي قد يترتب على العبادات الفاسدة كعبادة إبليس وبعض الكفار.

« ولا تشركوا به شيئا » (٤) أي لاتشركوا في عبادته غيره ، وهو يشمل الشرك

____________________

(١) آل عمران : ١٤٥.

(٢) الشورى : ٢٠.

(٣) مجمع البيان ج ٢ ص ٥١٥.

(٤) النساء : ٣٥.

٢١٨

الجلي والخفي.

« ومن يفعل ذلك » (١) أي الصدقة أو المعروف أو الاصلاح بين الناس أو الامر بها ، ويدل على اشتراط القربة في ترتب الثواب عليه.

« ومن أحسن دينا » (٢) قال الطبرسي رحمه‌الله : هو في صورة الاستفهام والمراد به التقرير ، ومعناه من أصوب طريقة وأهدى سبيلا أي لا أحد أصدق اعتقادا ممن أسلم وجهه لله أي استسلم ، والمراد بوجهه هنا ذاته ونفسه كما قال سبحانه : « كل شئ هالك إلا وجهه » (٣) والمعنى انقاد لله بالطاعة ولنبيه صلى الله عليه وآله بالتصديق وقيل : معنى أسلم وجهه لله قصده سبحانه بالعبادة وحده ، كما أخبر عن إبراهيم عليه‌السلام أنه قال : « وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض » (٤) وقيل : معناه أخلص أعماله لله أي أتى بها مخلصا لله « وهو محسن » أي فاعل للفعل الحسن الذي أمره الله سبحانه ، وقيل : وهو محسن في جميع أقواله وأفعاله وقيل : إن المحسن هو الموحد وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه سئل عن الاحسان فقال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك « واتبع ملة إبراهيم » أي اقتدى بدينه وسيرته وطريقته ، يعني ما كان عليه إبراهيم عليه‌السلام وأمر به بنيه من بعده ، وأوصاهم به من الاقرار بتوحيده وعدله وتنزيهه عما لايليق به ومن ذلك الصلاة إلى الكعبة ، والطواف حولها ، وسائر المناسك « حنيفا » أي مستقيما على منهاجه وطريقه (٥).

قوله تعالى : « إلا الذين تابوا » (٦) أي من النفاق « وأصلحوا » ما أفسدوا

____________________

(١) النساء : ١١٣.

(٢) النساء : ١٢٤.

(٣) القصص : ٨٨.

(٤) الانعام : ٧٩.

(٥) مجمع البيان ج ٣ ص ١١٦.

(٦) النساء : ١٤٥.

٢١٩

من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق « واعتصموا بالله » وثقوا به وتمسكوا بدينه « وأخلصوا دينهم لله » لايريدون بطاعته إلا وجهه « فاولئك مع المؤمنين » ومن عدادهم في الدارين.

« وجهت وجهي » (١) أي نفسي أو وجه قلبي أو قصدي « حنيفا » أي مخلصا مائلا عن الشرك إلى الاخلاص « وما أنا من المشركين » لا بالشرك الجلي ولا بالشرك الخفي.

« قل إن صلوتي » (٢) الخطاب للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله « ونسكي » قال في المجمع : قيل : أي ديني وقيل : عبادتي وقيل : دبيحتي للحج والعمرة « ومحياى ومماتى » أي حياتي وموتي « لله رب العالمين » وإنما جمع بين صلاته وحياته وأحدهما من فعله والآخر من فعل الله ، فانهما جميعا بتدبير الله تعالى ، وقيل : معناه صلاتي ونسكي له عبادة وحياتي ومماتي له ملكا وقدرة ، وقيل : إن عبادتي له لانها بهدايته ولطفه ، ومحياي ومماتي له ، لانهما بتدبيره وخلقه ، وقيل : معنى قوله : « محياي ومماتي لله » أن الاعمال الصالحة التي تتعلق بالحياة في فنون الطاعات وما يتعلق بالممات من الوصية والختم بالخيرات لله ، وفيه تنبيه على أنه لاينبغي أن يكون الانسان حياته لشهوته ومماته لورثته « لاشريك له » أي لا ثاني له في الالهية ، وقيل : لاشريك له في العبادة ، وفي الاحياء والاماتة « وبذلك امرت » أي وبهذا أمرني ربي « وأنا أول المسلمين » من هذه الامة انتهى (٣).

وأقول : يمكن أن يكون المراد بقوله : « محياي ومماتي لله » أني جعلت إرادتي ومحبتي موافقتين لارادة الله ومحبته في جميع الامور ، حتى في الحياة والممات ، فان أراد الله حياتي لا أطلب الموت ، وإذا أراد موتي لا أكرهها ولا أشتهي الحياة.

« يريدون وجهه » (٤) قال الطبرسي رحمه‌الله : يعني يطلبون ثواب الله

____________________

(١) الانعام : ٧٩. (٢) الانعام : ١٦٣.

(٣) مجمع البيان ج ٤ ص ٣٩١. (٤) الانعام : ٥٢.

٢٢٠