بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

عضته الفاقة شغله البلاء ، وإن جهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط به الشبع كظته البطنة ، فكل تقصير به مضر ، وكل إفراط له مفسد (١).

وقال عليه‌السلام : أن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ، فان القلب إذا اكره عمي (٢).

وقال عليه‌السلام : إن القلوب تمل كما تمل الابدان ، فابتغوا لها طراف الحكمة (٣).

وقال عليه‌السلام : ألا وإن من البلاء الفاقة ، وأشد من الفاقة مرض البدن ، و أشد من مرض البدن مرض القلب ، ألا وإن من النعم سعة المال ، وأفضل من سعة المال صحة البدن ، وأفضل من صحة البدن تقوى القلوب (٤).

٤٢ ـ عدة الداعى : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : على كل قلب جاثم من الشيطان فاذا ذكر اسم الله خنس وذاب ، وإذا ترك ذكر الله التقمه الشيطان فجذبه وأغواه واستزله وأطغاه.

____________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ١٠٨ من الحكم.

(٢) نهج البلاغة الرقم ١٩٣ من الحكم.

(٣) المصدر الرقم ٩١ من الحكم.

(٤) المصدر الرقم ٣٨٨ من الحكم.

٦١

٤٥

* ( باب ) *

* « مراتب النفس ، وعدم الاعتماد عليها ، ومازينتها وزين لها ومعنى الجهاد الاكبر ، ومحاسبة النفس ومجاهدتها والنهى عن ترك الملاذ والمطاعم » *

الايات : البقرة : زين للذين كفروا الحيوة الدنيا (١).

آل عمران : زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحيوة الدنيا والله عنده حسن المآب (٢).

الانعام : كذلك زين للكافرين ماكانوا يعملوا (٣).

التوبة : زين لهم سوء أعمالهم (٤).

يونس : كذلك زين للمسرفين ماكانوا يعملون (٥).

يوسف : وما ابرئ نفسي إن النفس لامارة بالسوء إلا مارحم ربي إن ربي غفور رحيم (٦).

الرعد : بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فماله من هاد (٧).

____________________

(١) البقرة : ٢١٢.

(٢) آل عمران : ١٤.

(٣) الانعام : ١٢٢.

(٤) براءة : ٣٨.

(٥) يونس : ١٢.

(٦) يوسف : ٥٣.

(٧) الرعد : ٣٥.

٦٢

ابراهيم : وقال الشيطان لما قضي الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل (١).

طه : وكذلك سولت لي نفسي (٢).

الحج : وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم (٣).

العنكبوت : ومن جاهد فانما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين وقال تعالى : والذين جاهدوا فينا لنهذينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين (٤).

فاطر : أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا (٥).

المؤمن : وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وماكيد فرعون إلا في تباب (٦).

محمد : أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهوائهم (٧).

الحشر : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (٨).

القيمة : ولا اقسم بالنفس اللوامة (٩).

____________________

(١) ابراهيم : ٢١. (٢) طه : ٩٦.

(٣) الحج : ٧٨. (٤) العنكبوت : ٦ و ٦٩.

(٥) فاطر : ٨.

(٦) المؤمن : ٣٧.

(٧) القتال : ١٤.

(٨) الحشر : ١٨.

(٩) القيامة : ٢.

٦٣

الفجر : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي وادخلي جنتي (١).

الشمس : ونفس وما سويها * فألهمها فجورها وتقويها * قد أفلح من زكيها * وقد خاب من دسيها (٢).

١ ـ عدة الداعى : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك.

٢ ـ مع ، ل : في وصية أبي ذر قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : على العاقل أن يكون له ساعات : ساعة يناجى فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكر فيما صنع الله عزوجل إليه (٣).

٣ ـ لى ، مع : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من لم يتعاهد النقص من نفسه ، غلب عليه الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له (٤).

٤ ـ جا ، ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن القاشاني عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فان في القيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة ، ثم تلا هذه الآية « في يوم كان مقداره ألف سنة » الخبر (٥).

٥ ـ ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى عن ابن محبوب ، عن الثمالي قال : قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام : يقول : ابن آدم لاتزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة من همك ، وما كان الخوف لك شعارا ، والحزن لك دثارا ، ابن آدم إنك ميت ومبعوث ، وموقوف

____________________

(١) الفجر : ٣٠٢٧.

(٢) الشمس : ١٠٧.

(٣) معاني الاخبار ٣٣٤ ، ولا يوجد في الخصال وانما تراه في أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٣.

(٤) أمالي الصدوق ٢٣٧ ، معاني الاخبار ١٩٨.

(٥) أمالي المفيد ١٦٩ ، أمالي الطوسي ج ١ ص ٣٤ ، والاية في السجدة : ٥.

٦٤

بين يدي الله عزوجل ، ومسؤول فأعد جوابا (١).

سر : ابن محبوب مثله.

جا : أحمد بن الوليد مثله (٢).

٦ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه‌السلام ابنه الحسن صلوات الله عليهما : يا بني للمؤمن ثلاث ساعات : ساعة يناجى فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويحمد ، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث : مرمة لمعاش ، أو خطوة لمعاد ، أو لذة في غير محرم (٣).

٧ ـ مع ، لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن موسى بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث سرية فلما رجعوا قال : مرحبا بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي عليهم الجهاد الاكبر ، قيل : يارسول الله وما الجهاد الاكبر؟ قال : جهاد النفس ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه (٤).

ختص : عنه عليه‌السلام مثله (٥).

٨ ـ نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله إلى قوله : جهاد النفس (٦).

٩ ـ فس : « ومن جاهد » قال : نفسه عن الشهوات واللذات والمعاصي « فانما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين » (٧).

____________________

(١) أمالي الطوسي ج ١ ص ١١٤.

(٢) مجالس المفيد ٢٠٧.

(٣) أمالي الطوسى ج ١ ص ١٤٦.

(٤) معاني الاخبار ١٦٠ ، أمالي الصدوق ٢٧٩.

(٥) الاختصاص ٢٤٠.

(٦) نوادر الراوندى ص ٢١.

(٧) تفسير القمي ٤٩٥ والاية في سورة العنكبوت : ٦.

٦٥

١٠ ـ فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : « للذين أحسنوا الحسنى وزيادة » (١) فأما الحسنى فالجنة ، وأما الزيادة فالدنيا ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ، ويجمع له ثواب الدنيا والآخرة ويثيبهم بأحسن أعمالهم في الدنيا والآخرة ، يقول الله : « ولا يرهق وجوههم قتر ولاذلة اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون » (٢).

١١ ـ ما : فيما كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى أهل مصر مع محمد بن أبي بكر : عليكم بتقوى الله فانها تجمع الخير ولا خير غيرها ، ويدرك بها من الخير مالايدرك بغيرها من خير الدنيا والآخرة ، قال الله عزوجل : « وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين » (٣).

اعملوا ياعباد الله أن المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب إما لخير فان الله يثيبه بعمله في دنياه وقال الله سبحانه لابراهيم : « وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين » (٤) فمن عمل الله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والآخرة ، وكفاه المهم فيهما ، وقد قال الله تعالى « ياعبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا الحسنى وزيادة » والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا ، وإن الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة قال الله عزوجل : « إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين » (٥) حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عزوجل : « جزاء من ربك عطاء

____________________

(١) يونس : ٢٦.

(٢) تفسير القمي ٢٨٧.

(٣) النحل : ٣٠.

(٤) العنكبوت : ٢٧.

(٥) هود : ١١٤.

٦٦

حسابا » (١) وقال : « اولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون » (٢).

فارغبوا في هذا رحمكم الله ، واعملوا له ، وتحاضوا عليه ، واعملوا ياعباد الله أن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، أباحهم الله في الدنيا ماكفاهم به ، وقال عز اسمه : « قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيمة كذلك نفصل الآيات لقوم يعملون » (٣).

سكنوا الدنيا بأفضل ماسكنت ، وأكلوها بأفضل ما اكلت ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ، فأكلوا معهم من طيبات مايأكلون ، وشربوا من طيبات مايشربون ولبسوا من أفضل ما يلبسون ، وسكنوا من أفضل مايسكنون ، وتزوجوا من أفضل مايتزوجون ، وركبوا من أفضل مايركبون ، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا ، وهم غدا جيران الله يتمنون عليه فيعطيهم مايتمنون ، لايرد لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من اللذة ، فإلى هذا ياعباد الله يشتاق إليه من كان له عقل ويعمل له تقوى الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله (٤).

١٢ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبدالله بن جعفر بن محمد بن أعين ، عن زكريا بن يحيى بن صبيح ، عن خلف بن خليفة ، عن سعيد بن عبيد ، عن علي ابن ربيعة الوالبي ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى حد لكم حدودا فلا تعتدوها ، وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها وسن لكم سننا فاتبعوها ، وحرم عليكم حرمات فلا تنتهكوها ، وعفي لكم عن أشياء رحمة منه من غير نسيان فلا تكلفوها (٥).

____________________

(١) النبأ : ٣٦.

(٢) سبأ : ٣٧.

(٣) الاعراف : ٣١.

(٤) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٥.

(٥) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٢٤.

٦٧

جا : عبدالله بن جعفر مثله (١).

١٣ ـ ضا : نروي أن سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى بعض أصحابه منصرفا من بعث كان بعثه ، وقد انصرف بشعثه وغبار سفره ، وسلاحه عليه ، يريد منزله ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : انصرفت من الجهاد الاصغر إلى الجهاد الاكبر ، فقيل له : أو جهاد فوق الجهاد بالسيف؟ قال : نعم ، جهاد المرء نفسه. ونروي في قول الله تبارك وتعالى : اعبروا يا اولي الابصار قبل أن يعتبر بكم وأروي أن الهم في الدين يذهب بذنوب المؤمن ، ونروي أن الهموم ساعات الكفارات وسألني رجل عما يجمع خير الدنيا والآخرة ، فقلت : خالف نفسك.

١٤ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : من رعى قلبه عن الغفلة ، ونفسه عن الشهوة وعقله عن الجهل ، فقد دخل في ديوان المتنبهين ثم من رعى عمله عن الهوى ، ودينه عن البدعة ، وماله عن الحرام ، فهو من جملة الصالحين.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ، وهو علم الانفس ، فيجب أن يكون نفس المؤمن على كل حال في شكر أو عذر ، على معنى إن قبل ففضل ، وإن رد فعدل ، ويطالع الحركات في الطاعات بالتوفيق ، ويطالع السكون عن المعاصي بالعصمة ، وقوام ذلك كله بالافتقار إلى الله ، والاضطرار إليه والخشوع والخضوع ، ومفتاحها الانابة إلى الله ، مع قصر الامل بدوام ذكر الموت وعيان الموقف بين يدي الجبار ، لان في ذلك راحة من الحبس ، ونجاة من العدو وسلامة النفس ، والاخلاص في الطاعة بالتوفيق وأصل ذلك أن يرد العمر إلى يوم واحد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الدنيا ساعة فاجعلها طاعة ، وباب ذلك كله ملازمة الخلوة بمداومة الفكرة ، وسبب الخلوة القناعة ، وترك الفضول من المعاش ، وسبب الفكرة الفراغ ، وعماد الفراغ الزهد ، وتمام الزهد التقوى ، وباب التقوى الخشية ودليل الخشية التعظيم لله ، والتمسك بتخليص طاعته وأوامره ، والخوف والحذر والوقوف عن محارمه ، ودليلها العلم قال الله عزوجل : « إنما يخشى الله من

____________________

(١) أمالي المفيد ص ١٠٢.

٦٨

عباده العلماء » (١).

١٥ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : طوبى لعبد جاهد لله نفسه وهواه ، ومن هزم جند هواه ظفر برضا الله ، ومن جاور عقله ( نفسه ) الامارة بالسوء بالجهد والاستكانة والخضوع على بساط خدمة الله تعالى فقد فاز فوزا عظيما ، ولا حجاب أظلم وأوحش بين العبد وبين الرب من النفس والهوى ، وليس لقتلهما في قطعهما سلاح وآلة ، مثل الافتقار إلى الله والخشوع والجوع ، والظمأ بالنهار ، والسهر بالليل ، فان مات صاحبه مات شهيدا ، وإن عاش واستقام أداه عاقبته إلى الرضوان الاكبر قال الله عزوجل : « والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين » (٢).

وإذا رأيت مجتهدا أبلغ منك في الاجتهاد ، فوبخ نفسك ولمها وعيرها وحثها على الازدياد عليه ، واجعل لها زماما من الامر ، وعنانا من النهي وسقها كالرائض للفاره الذي لايذهب عليها خطوة منها إلا وقد صحح أولها وآخرها وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي حتى يتروم قدماه ، ويقول : أفلا أكون عبدا شكورا أراد أن يعتبر به امته ، فلا تغفلوا عن الاجتهاد ، والتعبد والرياضة بحال ، ألا وإنك لو وجدت حلاوة عبادة الله ، ورأيت بركاتها ، واستضأت بنورها ، لم تصبر عنها ساعة واحدة ، ولو قطعت إربا إربا. فما أعرض من أعرض عنها إلا بحرمان فوائد السبق من العصمة والتوفيق.

قيل لربيع بن خثيم : مالك لاتنام بالليل؟ قال : لاني أخاف البيات ، من خاف البيات لاينام (٣).

١٦ ـ م : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا ابنئكم بأكيس الكيسين وأحمق الحمقاء؟ قالوا : بلى يارسول الله ، قال : أكيس الكيسين من حاسب نفسه ، وعمل

____________________

(١) مصباح الشريعة ص ٤ ، والاية في فاطر : ٢٨.

(٢) العنكبوت : ٦٩.

(٣) مصباح الشريعة ٥٥.

٦٩

لما بعد الموت ، وأحمق الحمقا من اتبع نفسه هواه وتمنى عل الله الاماني فقال الرجل : يا أمير المؤمنين وكيف يحاسب الرجل نفسه؟ قال : إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال : يانفس إن هذا يوم مضى عليك لايعود إليك أبدا والله سائلك عنه فيما أفنيته ، فما الذي عملت فيه؟ أذكرت الله أم حمدتيه؟ أقضيت حق أخ مؤمن؟ أنفست عنه كربته؟ أحفظتيه بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلفيه؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك؟ أأعنت مسلما؟ ما الذي صنعت فيه؟ فيذكر ماكان منه ، فان ذكر أنه جرى منه خير حمد الله عزوجل وكبره على توفيقه ، وإن ذكر معصية أو تقصيرا استغفر الله عزوجل وعزم على ترك معاودته ومحا ذلك عن نفسه بتجديد الصلاة على محمد وآله الطيبين وعرض بيعة أمير المؤمنين على نفسه وقبولها ، وإعادة لعن شانئيه وأعدائه ، ودافعيه عن حقوقه ، فاذا فعل ذلك قال الله عزوجل : لست اناقشك في شئ من الذنوب مع موالاتك أوليائي ومعاداتك أعدائي (١).

١٧ ـ جا : الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن سالم الازدي ، عن موسى ابن القاسم ، عن محمد بن عمران البجلي قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من لم يجعل له من نفسه واعظا فان مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا (٢).

١٨ ـ جا : علي بن بلال ، عن عبدالله بن راشد ، عن الثقفي ، عن أحمد بن شمر ، عن عبدالله بن ميمون المكي ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام اتي بخبيص (٣) فأبى أن يأكله فقالوا له : أتحرك؟ قال : لا ، ولكني أخشى أن تتوق إليه نفسي فأطلبه ، ثم تلا هذه الآية « أذهبتم طيباتكم في حيوتكم الدنيا واستمتعتم بها » (٤).

____________________

(١) تفسير الامام ١٣.

(٢) مجالس المفيد ص ٢٥.

(٣) الخبيص : الحلواء ، معروف.

(٤) أمالي المفيد ص ٨٧ ، والاية في الاحقاف : ٢٠.

٧٠

١٩ ـ جا : ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن أسباط عن عمه يعقوب ، عن أبي الحسن العبدي ، عن أبي عبدالله عليه السلا قال : ما كان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة (١).

٢٠ ـ ضه : قال العيص بن القاسم : قلت للصادق عليه‌السلام : حديث يروى عن أبيك عليه‌السلام أنه قال : ماشبع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من خبز بر قط أهو صحيح؟ فقال : لا ما أكل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خبز بر قط ، ولا شبع من خبز شعير قط ، قالت عائشة : ماشبع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من خبزالشعيرحتى مات وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم اجعل رزق محمد قوتا ، وقالت عايشة : مازالت الدنيا علينا عسيرة كدرة حتى قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما قبض النبي صبت علينا صبا وقيل : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأكل على خوان حتى مات ولم يأكل خبزا مرققا حتى مات.

وروي علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن أبي جحيفة قال : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أتجشا فقال : يابا جحيفة اخفض جشاك (٢) فان أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نور الحكمة الجوع ، والتباعد من الله الشبع ، والقربة إلى الله حب المساكين والدنو منهم ، لاتشبعوا فطيفئ نور المعرفة من قلوبكم ، ومن بات يصلي في خفة من الطعام بات وحور العين حوله ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لاتميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب ، وإن القلوب تموت كالزروع إذا كثر عليه الماء.

٢١ ـ جع : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رجعنا من الجهاد الاصغر إلى الجهاد الاكبر ، وقال : من غلب علمه هواه ، فهو علم نافع ، ومن جعل شهوته تحت قدميه فر الشيطان من ظله ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله تعالى : أيما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري وأيما عبد عصاني وكلته إلى نفسه ، ثم لم ابال في أي واد هلك (٣).

____________________

(١) أمالي المفيد ص ٢١٥.

(٢) التجشأ : تكلف الجشأ ، وهو صوت يخرج من الفم مع ريح عند الشبع.

(٣) جامع الاخبار ١١٨.

٧١

فلاح السائل ومحاسبة النفس للشهيد الثاني (١) مثله.

٢٢ ـ تم : روي يحيى بن الحسين بن هارون الحسني في كتاب أماليه باسناده إلى الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يكون العبد مؤمنا حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه ، والسيد عبده.

٢٣ ـ غو : روي في بعض الاخبار أنه دخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل اسمه مجاشع فقال : يارسول الله كيف الطريق إلى معرفة الحق؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : معرفة النفس ، فقال : يارسول الله فكيف الطريق إلى موافقة الحق ، قال : مخالفة النفس فقال : يارسول الله فكيف الطريق إلى رضا الحق؟ قال : سخط النفس ، فقال : يارسول الله فكيف الطريق إلى وصل الحق ، قال : هجر النفس ، فقال : يارسول الله فكيف الطريق إلى طاعة الحق؟ قال : عصيان النفس ، فقال : يارسول الله فكيف الطريق إلى ذكر الحق؟ قال : نسيان النفس ، فقال : يارسول الله فكيف الطريق إلى قرب الحق؟ قال : التباعد من النفس ، فقال : يارسول الله فكيف الطريق إلى انس الحق؟ قال : الوحشة من النفس ، فقال : يارسول الله فكيف الطريق إلى ذلك قال : الاستعانة بالحق على النفس.

٢٤ ـ ختص : عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم ، فان عمل خيرا استزاد الله منه ، وحمد الله عليه ، وإن عمل شرا استغفر الله منه وتاب إليه (٢).

ين : حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر عنه عليه‌السلام مثله.

كا : علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى مثله (٣).

٢٥ ـ ين : فضالة ، عن الفضل بن عثمان ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إني لابغض (٤) رجلا يرضي ربه بشئ لايكون فيه أفضل

____________________

(١) للسيد أبن طاوس خ ل ظ.

(٢) الاختصاص : ٢٤٣.

(٣) الكافي ج ٢ ص ٤٥٣. (٤) لاقتص ظ.

٧٢

منه ، فان رأيته يطيل الركوع قلت : يانفس وإن رأيته يطيل السجود قلت : يانفس.

٢٦ ـ محاسبة النفس : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا ، وتجهزوا للعرض الاكبر.

٢٧ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ، ومن خاف أمن ، ومن اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم (١).

وقال عليه‌السلام : يا أسرى الرغبة اقصروا ، فان المعرج على الدنيا لايروعه منها إلا صريف أنياب الحدثان ، أيها الناس تولوا من أنفسكم تأديبها ، واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها (٢).

وقال عليه‌السلام : كفاك أدبا لنفسك اجتناب ماتكرهه من غيرك (٣).

٤٦

* ( باب ) *

* « ( ترك الشهوات والاهواء ) » *

الايات : النساء : والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما (٤).

الكهف : ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا (٥).

مريم : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوة واتبعوا الشهوات فسوف

____________________

(١) نهج البلاغة الرقم ٢٠٨ من الحكم.

(٢) نهج البلاغة الرقم ٣٥٩ من الحكم.

(٣) نهج البلاغة الرقم ٤١٢ من الحكم.

(٤) النساء : ٧٧.

(٥) الكهف : ٢٨.

٧٣

يلقون غيا (١).

طه : فلا يصدنك عنها من لايؤمن بها واتبع هواه فتردى (٢).

الفرقان : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا (٣).

القصص : فان لم تستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لايهدي القوم الظالمين (٤).

الروم : بل اتبع الذين ظلموا أهوائهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله ومالهم من ناصرين (٥).

ص : ولاتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله (٦).

الجاثية : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه (٧).

محمد : اولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهوائهم (٨).

القمر : وكذبوا واتبعوا أهوائهم وكل أمر مستقر (٩).

النازعات : وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فان الجنة هي المأوى (١٠).

١ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة عن السكوني ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره (١١).

____________________

(١) مريم : ٥٩. (٢) طه : ١٦.

(٣) الفرقان : ٤٣. (٤) القصص : ٥.

(٥) الروم : ٢٩. (٦) ص : ٢٦.

(٧) الجاثية : ٢٣.

٨ ) القتال : ١٦.

(٩) القمر : ٣.

(١٠) النازعات : ٤٠ ٤١.

(١١) الخصال ج ١ ص ٥.

٧٤

كتاب الامامة والتبصرة : عن القاسم بن علي العلوي ، عن محمد بن أبي عبدالله ، عن سهل بن زياد ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

ثو : ابن المغيرة باسناده ، عن السكوني مثله (١).

جا : الصدوق ، عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن ابن عبدالجبار ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن الصادق عليه‌السلام مثله.

٢ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل يقول : بجلالي وجمالي وبهائي وعلائي وارتفاعي لايؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت غناه في نفسه ، وهمه في آخرته ، وكففت عنه ضيعته ، وضمنت السماوات والارض رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر (٢).

سن : أبي ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٣).

ين : النضر ، عن ابن سنان ، عن الثمالي ، عنه عليه‌السلام قال : قال الله عز وجل : وعزتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوي لايؤثر عبد وذكر مثله.

٣ ـ ل : محمد بن أحمد الاسدي ، عن محمد بن أبي عمران ، عن أحمد بن أبي بكر ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أخوف ما أخاف على امتي الهوى وطول الامل أما الهوى فانه يصد عن الحق ، وأما طول الامل فينسي الآخرة (٤).

____________________

(١) ثواب الاعمال ١٦١.

(٢) الخصال ج ١ ص ٥.

(٣) المحاسن ٢٨.

(٤) الخصال ج ١ ص ٢٧ ، وفي ذيل الحديث مثل ماسيأتى عن أمالي الطوسي والمفيد.

٧٥

ل : أبي ، عن محمد العطار ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى عن عمر بن اذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مثله (١).

ل : ابن بندار ، عن أبي العباس الحمادي ، عن أحمد بن محمد الشافعي ، عن عمه إبراهيم بن محمد ، عن علي بن أبي علي اللهبي إلى آخر ما مضى (٢).

أقول : وقد أثبتنا تلك الاخبار تماما في كتاب الروضة في باب مواعظ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبعض الاخبار في باب المنجيات والمهلكات ، وبعضها في باب العفاف من هذا المجلد الخامس عشر.

٤ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إني لارجو النجاة لهذه الامة لمن عرف حقنا منهم ، إلا لاحد ثلاثة : صاحب سلطان جائر ، وصاحب هوى ، والفاسق المعلن (٣).

٥ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن ابن أبي عمير عن ابن عميرة ، عن الثمالي ، عن الصادق عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أشجع الناس من غلب هواه (٤).

لى : السناني ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن ابن ظبيان ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام مثله (٥).

٦ ـ لى ، مع : في خبر الشيح الشامي قال زيد بن صوحان : يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى؟ قال : الهوى (٦).

____________________

(١ و ٢) الخصال ج ١ ص ٢٧.

(٢) الخصال ج ١ ص ٥٩.

(٣) معاني الاخبار ص ١٩٥.

(٥) أمالي الصدوق ص ١٤.

(٦) أمالي الصدوق ٢٣٧ ، معاني الاخبار ص ١٩٨.

٧٦

٧ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن محمد بن الوليد ، عن عنبر بن محمد ، عن شعبة ، عن سلمة بن جميل ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني رحمه‌الله قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل واتباع الهوى ، فأما طول الامل فينسي الآخرة ، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ألا وإن الدنيا قد تولت مدبرة والآخرة قد أقبلت مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب والآخرة حساب ولا عمل (١).

جا : الجعابي ، عن الفضل بن الحباب ، عن مسلم بن عبدالله ، عن أبيه ، عن محمد بن عبدالرحمان ، عن شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن حبة العرني عنه عليه‌السلام مثله (٢).

٨ ـ ثو : العطار ، عن أبيه ، عن الحسين بن إسحاق ، عن ابن مهزيار ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : إن الله عزوجل يقول : وعزتي وعظمتي وجلالي وبهائي وعلوي وارتفاع مكاني لايؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت همه في آخرته ، وغناه في قلبه ، وكففت عليه ضيعته ، وضمنت السماوات والارض رزقه ، وأتته الدنيا وهي راغمة (٣).

مشكوة الانوار : مثله (٤).

٩ ـ سن : محمد بن عبدالحميد العطار ، عن عاصم بن حميد ، عن الثمالي ، عن يحيى بن عقيل قال : قال أمير المؤمنين علي عليه‌السلام : إني أخاف عليكم اثنين اتباع الهوى وطول الامل ، فأما اتباع الهوى فانه يرد عن الحق ، وأما طول الامل

____________________

(١) أمالي الطوسي ج ١ ص ١١٧.

(٢) أمالي المفيد : ٦٣ ، وفيه ألا وان الدنيا قد ترحلت مدبرة ، والاخرة قد جاءت مقبلة.

(٣) ثواب الاعمال ص ١٥٢.

(٤) مشكوة الانوار ص ١٦.

٧٧

فينسي الآخرة (١).

١٠ ـ محص : عن يونس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أكل مايشتهي لم ينظر الله إليه حتى ينزع أو يترك.

١١ ـ الدرة الباهرة : قال الجواد عليه‌السلام : من أطاع هواه أعطى عدوه مناه وقال عليه‌السلام : راكب الشهوات لاتستقال له عثرة.

١٢ ـ نهج : قال عليه‌السلام : من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته (٢).

وقال عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ، واعلموا أنه مامن طاعة الله شي ء إلا يأتي في كره وما من معصية الله شئ إلا يأتي في شهوته فرحم الله الخ ، وقمع هوى نفسه ، فان هذه النفس أبعد شئ منزعا ، وإنها لاتزال تنزع إلى معصية في هوى ، واعلموا عباد الله أن المؤمن لايمسي ولايصبح إلا ونفسه ظنون عنده ، فلا يزال زاريا عليها ، ومستزيدا لها ، فكونوا كالسابقين قبلكم ، والماضين أمامكم ، قوضوا من الدنيا تقويض الراحل ، وطووها طي المنازل إلى آخر الخطبة (٣).

١٣ ـ كنز الكراجكى : قال لقمان لابنه : يابني من يرد رضوان الله يسخط نفسه كثيرا ، ومن لايسخط نفسه لايرضى به ، ومن لايكظم غيظه يشمت عدوه.

١٤ ـ عدة الداعى : عن الباقر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله عزوجل : وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لايؤثر عبد هواه على هواي إلا شتت أمره ، ولبست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ولم اوته منها إلا ما قدرت له ، وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لايؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي وكفلت السماوات والارض رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر ، وأتته الدنيا

____________________

(١) المحاسن ص ٢١١.

(٢) نهج البلاغة تحت الرقم ٤٤٩ من الحكم.

(٣) نهج البلاغة تحت الرقم ١٧٤ من الخطب.

٧٨

وهي راغمة.

مشكوة الانوار : نثلا من المحاسن مثله (١).

١٥ ـ كا : عن الحسين بن محمد الاشعري ، عن المعلى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل يقول : وعزتي وجلالي وعظمتي وعلوي وارتفاع مكاني لايؤثر عبد هواي على هوى نفسه إلا كففت عليه ضيعته ، وضمنت السماوات والارض رزقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر (٢).

بيان : قوله تعالى : « وعزتي » العزة القوة والشدة والغلبة وقيل : عزته عبارة عن كونه منزها عن سمات الامكان ، وذل النقصان ، ورجوع كل شي ء إليه وخضوعه بين يديه « والعظمة » في صفة الاجسام كبر الطول والعرض والعمق ، وفي وصفه تعالى عبارة عن تجاوز قدره عن حدود العقول والاوهام حتى لاتتصور الاحاطة بكنه حقيقته عند ذوي الافهام ، وعلوه علو عقلي على الاطلاق بمعنى أنه لارتبة أعلى من رتبته ، وذلك لان أعلى مراتب الكمال العقلي هو مرتبة العلية ، ولما كانت ذاته المقدسة مبدأ كل موجود حسي وعقلي لاجرم كانت مرتبته أعلى المراتب العقلية مطلقا ، وله العلو المطلق في الوجود العاري عن الاضافة إلى شئ وعن إمكان أن يكون فوقه ماهو أعليب منه ، وهذا معنى قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : سبق في العلو فلا أعلى منه. وارتفاعه مكانه كناية عن عدم إمكان الاشارة إليه بالقول والحواس.

« لايؤثر عبد هواي على هوس نفسه » المراد بهوى النفس ميلها إلى ماهو مقتضى طباعها من اللذات الحاضرة الدنيوية ، والخروج عن الحدود الشرعية وبايثار هواه سبحانه إعراضها عن هذا الميل ورجوعها إلى مايوجب قرب الحق تعالى ورضاه ، وقد قال تعالى مخاطبا لداود عليه‌السلام : « ياداود إنا جعلناك خليفة

____________________

(١) مشكوة الانوار ص ١٧.

(٢) الكافي ج ٢ ص ١٣٧.

٧٩

في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولاتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب » (١) فبين سبحانه أن متابعة الهوى أي ماتهون الانفس مخالفة لاتباع سبيل الله وسلوك طريق الحق ، ثم بين أن متابعة الهوى متفرع على نسيان يوم الحساب فان من تذكر الآخرة ونعيمها وعذابها ، لايتبع الاهواء النفسانية ، والدواعي الشهوانية.

وقال سبحانه : « فأما من طغى وآثر الحيوة الدنيا فان الجحيم هي المآوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى » (٢).

فأشار إلى أن إيثار الحياة الدنيا مقابل لنهي النفس عن الهوى ، واتباع الهوى إيثار الحياة الدنيا ولذاتها على الآخرة ، وقال سبحانه : « أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا » (٣) وقال عز من قائل : « فان لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله » (٤) ومثله في الكتاب العزيز غير عزيز.

قوله عليه‌السلام : « إلا كففت عليه ضيعته » قال في النهاية فيه : امرت أن لا أكلف شعرا ولا ثوبا ، يعني في الصلاة يحتمل أن يكون بمعنى المنع ، أي لا أمنعهما من الاسترسال حال السجود ليقعا على الارض ، ويحتمل أن يكون بمعنى الجمع أي لايجمعهما ويضمهما ومنه الحديث : المؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ، أي يجمع عليه معيشته ويضمها إليه ، وقال في حديث سعد : إني أخاف على الاعقاب الضيعة أي أنها تضيع وتتلف ، والضيعة في الاصل المرة من الضياع ، وضيعة الرجل في غير هذا مايكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك ، ومنه الحديث : أفشى الله

____________________

(١) سورة ص : ٢٦.

(٢) النازعات : ٣٨ ٤١.

(٣) الجاثية : ٢٣.

(٤) القصص : ٥٠.

٨٠