بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

السبائك والنقر ، فسقطت سبيكة من تلك السبائك مني وغاضت في الرمل وأنا لا أعلم.

قال : فلما دخلت همذان ميزت تلك السبائك والنقرة مرة اخرى اهتماما منى بحفظها ففقدت منها سبيكة وزنها مائة مثقال وثلاثة مثاقيل أو قال ثلاثة و تسعون مثقالا قال : فسبكت مكانها من مالي بوزنها سبيكة وجعلتها بين السبائك.

فلما وردت مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه وسلمت إليه ما كان معي من السبائك والنقر فمد يده من بين السبائك إلى السبيكة التي كنت سبكتها من مالي بدلا مما ضاع مني فرمى بها إلي وقال لي : ليست هذه السبيكة لنا سبيكتنا ضيعتها بسرخس حيث ضربت خيمتك في الرمل فارجع إلى مكانك وانزل حيث نزلت واطلب السبيكة هناك تحت الرمل فإنك ستجدها وتعود إلى هاهنا فلا تراني.

قال : فرجعت إلى سرخس ونزلت حيث كنت نزلت ، ووجدت السبيكة وانصرفت إلى بلدي ، فلما كان بعد ذلك حججت ومعي السبيكة. فدخلت مدينة السلام وقد كان الشيخ أبوالقاسم الحسين بن روح رضي‌الله‌عنه مضى ، ولقيت أبا الحسن السمري رضي‌الله‌عنه فسلمت إليه السبيكة.

٦٩ ـ ك : حدثنا الحسين بن علي بن محمد القمي المعروف بأبي علي البغدادي قال : كنت ببخارا فدفع إلى المعروف بابن جاوشير عشرة سبائك ذهبا وأمرني أن اسلمها بمدينة السلام إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه فحملتها معي.

فلما بلغت آموية (١) ضاعت مني سبيكة من تلك السبائك ، ولم أعلم بذلك حتى دخلت مدينة السلام فأخرجت السبائك لاسلمها فوجدتها ناقصة واحدة منها فاشتريت سبيكة مكانها بوزنها وأضفتها إلى التسع سبائك ثم دخلت على الشيخ أبي القاسم الروحي قدس الله روحه ، ووضعت السبائك بين يديه فقال لي : خذ لك تلك

____________________

(١) نهر يجرى بين خراسان وتركستان قريبا من خوارزم ويسمى آمون أيضا.

٣٤١

السبيكة التي اشتريتها وأشار إليها بيده فان السبيكة التي ضيعتها قد وصلت إلينا وهو ذا هي ، ثم أخرج إلى تلك السبيكة التي كانت ضاعت مني بآموية فنظرت إليها وعرفتها.

وقال الحسين بن علي بن محمد المعروف بأبي علي البغدادي : ورأيت تلك السنة بمدينة السلام امرأة تسألني عن وكيل مولانا عليه‌السلام من هو؟ فأخبرها بعض القميين أنه أبوالقاسم الحسين بن روح وأشار لها إلي.

فدخلت عليه وأنا عنده ، فقالت له : أيها الشيخ أي شئ معي؟ فقال : ما معك فألقيه في دجلة ثم ائتيني حتى اخبرك قال فذهبت المرأة وحملت ما كان معها فألقته في دجلة ثم رجعت ودخلت إلى أبي القاسم الروحي قدس الله روحه فقال أبوالقاسم رضي‌الله‌عنه لمملوكة له أخرجي إلي الحقة فقالت المرأة : هذه الحقة التي كانت معك ورميت بها في دجلة اخبرك بما فيها أو تخبريني فقالت له : بل أخبرني.

فقال : في هذه الحقة زوج سوار ذهب وحلقة كبيرة فيها جوهر وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر وخاتمان أحدهما فيروزج والآخر عقيق وكان الامر كما ذكر لم يغادر منه شيئا ثم فتح الحقة فعرض علي ما فيها ونظرت المرأة إليه فقالت هذا الذي حملته بعينه ورميت به في دجلة فغشي على وعلى المرأة فرحا بما شاهدنا من صدق الدلالة.

[ثم] قال الحسين لي من بعد ما حدثني بهذا الحديث : اشهد بالله تعالى أن هذا الحديث كما ذكرته لم أزد فيه ولم أنقص منه. وحلف بالائمة الاثني عشر صلوات الله عليهم لقد صدق فيما حدث به ما زاد فيه ولا نقص منه.

٧٠ ـ ك : محمد بن عيسى بن أحمد الزرجي قال : رأيت بسر من رأى رجلا شابا في المسجد المعروف بمسجد زبيد [ة] وذكر أنه هاشمى من ولد موسى ابن عيسى (١) فلما كلمني صاح بجارية وقال يا غزال أو يازلال فاذا أنا بجارية

____________________

(١) في المصدر : فلما كان من الغد حملنى الهاشمى إلى منزله وأضافنى ثم صاح بجارية الخ. والحديث مختصر راجع ج ٢ ص ١٩٥.

٣٤٢

مسنة فقال لها : يا جارية حدثي مولاك بحديث الميل والمولود ، فقالت : كان لنا طفل وجع فقالت لي مولاتي ادخلي إلى دار الحسن بن علي عليه‌السلام فقولي لحكيمة تعطينا شيئا نستشفي به مولودنا.

فدخلت عليها وسألتها ذلك فقال حكيمة : ائتوني بالميل الذي كحل به المولود الذي ولد البارحة يعني ابن الحسن بن علي عليه‌السلام فاتيت بالميل فدفعته إلي وحملته إلى مولاتي فكحلت المولود فعوفي وبقي عندنا وكنا نستشفي به ثم فقدناه.

١٦

* ( باب ) *

* « ( أحوال السفراء الذين كانوا في زمان الغيبة الصغرى ) » *

* « ( وسائط بين الشيعة وبين القاسم عليه‌السلام ) » *

١ ـ غط : قد روي [في] بعض الاخبار أنهم قالوا خدامنا وقوامنا شرار خلق الله وهذا ليس على عمومه ، وإنما قالوا لان فيهم من غير وبدل وخان على ماسنذكره.

وقد روى محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمد بن صالح الهمداني قال : كتبت إلى صاحب الزمان عليه‌السلام أن أهل بيتى يؤذوني ويقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائك عليهم‌السلام أنهم قالوا : خدامنا وقوامنا شرار خلق الله فكتب عليه‌السلام : ويحكم ماتقرؤن ما قال الله تعالى : « وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة » (١) فنحن والله القرى التي بارك الله فيها وأنتم القرى الظاهرة.

ك : أبي ، وابن الوليد معا ، عن الحميري ، عن محمد بن صالح الهمداني مثله.

ثم قال : قال عبدالله بن جعفر : وحدثني بهذا الحديث علي بن محمد الكليني عن محمد بن صالح ، عن صاحب الزمان عليه‌السلام.

____________________

(١) سبا : ١٧.

٣٤٣

أقول : ثم ذكر الشيخ بعض أصحاب الائمة صلوات الله عليهم الممدوحين ثم قال :

فأما السفراء الممدوحون في زمان الغيبة فأولهم من نصبه أبوالحسن علي ابن محمد العسكري وأبومحمد الحسن بن علي بن محمد ابنه عليهم‌السلام وهو الشيخ الموثوق به أبوعمر وعثمان بن سعيد العمري وكان أسديا وإنما سمي العمري لما رواه أبونصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري رحمه‌الله قال أبا محمد الحسن بن علي قال لايجمع على امرء ابن عثمان ، وأبوعمرو ، وأمر بكسر كنيته فقيل العمري ويقال له : العسكري أيضا لانه كان من عسكر سر من رأى ويقال له : السمان لانه كان يتجر في السمن تغطية على الامر.

وكان الشيعة إذا حملوا إلى أبي محمد عليه‌السلام مايجب عليهم حمله من الاموال أنفذوا إلى أبي عمرو فيجعله في جراب السمن وزقاقه ويحمله إلى أبي محمد عليه‌السلام تقية وخوفا.

فأخبرني جماعة ، عن أبي محمد هارون بن موسى ، عن أبي علي محمد بن همام الاسكافي قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال : حدثنا أحمد بن إسحاق ابن سعد القمي قال : دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الايام فقلت : ياسيدي أنا أغيب وأشهد ، ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت فقول من نقبل؟ وأمر من نمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه : هذا أبوعمرو الثقة الامين ما قاله الحكم فعني يقوله ، وما أداه إليكم فعني يؤديه.

فلما مضى أبوالحسن عليه‌السلام وصلت إلى أبي محمد ابنه الحسن صاحب العسكر عليه‌السلام ذات يوم ، فقلت له : مثل قولي لابيه فقال لي : « هذا أبوعمرو الثقة الامين ثقة الماضي وثقتي في الحياة والممات ، فما قاله لكم فعني يقوله ، وما أدى إليكم فعني يؤديه ».

قال أبومحمد هارون : قال أبوعلي : قال أبوالعباس الحميري : فكنا كثيرا ما

٣٤٤

نتذاكر هذا القول ونتواصف جلالة محل أبي عمرو.

وأخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون ، عن محمد بن همام ، عن عبدالله بن جعفر قال : حججنا في بعض السنين بعد مضي أبي محمد عليه‌السلام فدخلت على أحمد بن إسحاق بمدينة السلام فرأيت أبا عمرو عنده فقلت : إن هذا الشيخ وأشرت إلى أحمد بن إسحاق وهو عندنا الثقة المرضي حدثنا فيك بكيت وكيت ، واقتصصت عليه ما تقدم يعني ماذكرناه عنه من فضل أبي عمرو ومحله وقلت : أنت الآن من لايشك في قوله وصدقه فأسألك بحق الله وبحق الامامين اللذين وثقاك ، هل رأيت ابن أبي محمد الذي هو صاحب الزمان ، فبكى ثم قال : على أن لا تخبر بذلك أحدا وأنا حي؟ قلت : نعم ، قال : قد رأيته عليه‌السلام وعنقه هكذا يريد أنها أغلظ الرقاب حسنا وتماما ، قلت : فالاسم ، قال : قد نهيتم عن هذا.

وروى أحمد بن علي بن نوح أبوالعباس السيرافي قال : أخبرنا أبونصر عبدالله بن محمد بن أحمد المعروف بابن برينة الكاتب قال : حدثنا بعض الشراف من الشيعة الامامية أصحاب الحديث قال : حدثني أبومحمد العباس بن أحمد الصائغ قال حدثني الحسين بن أحمد الخصيبي قال : حدثني محمد بن إسماعيل وعلي بن عبدالله الحسينان قالا : دخلنا على أبي محمد الحسن عليه‌السلام بسر من رأى وبين يديه جماعة من أوليائه وشيعته ، حتى دخل عليه بدر خادمه ، فقال : يامولاي بالباب قوم شعث غبر ، فقال لهم : هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن في حديث طويل يسوقانه إلى أن ينتهي إلى أن قال الحسن عليه‌السلام لبدر : فامض فائتنا بعثمان بن سعيد العمري فما لبثنا إلا يسيرا حتى دخل عثمان ، فقال له سيدنا أبومحمد عليه‌السلام : امض يا عثمان فانك الوكيل والثقة المأمون على مال الله ، واقبض من هؤلاء اليمنيين ماحملوه من المال.

ثم ساق الحديث إلى أن قالا : ثم قلنا بأجمعنا : ياسيدنا والله إن عثمان لمن خيار شيعتك ولقد زدتنا علما بموضعه من خدمتك وأنه وكيلك وثقتك على مال الله ، قال : نعم ، واشهدوا على أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي وأن ابنه

٣٤٥

محمدا وكيل ابني مهديكم.

عنه ، عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري قدس الله روحه وأرضاه عن شيوخه أنه لما مات الحسن بن علي عليه‌السلام حضر غسله عثمان بن سعيد رضي‌الله‌عنه وأرضاه وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه وتقبيره مأمورا بذلك للظاهر من الحال التي لايمكن جحدها ولادفعها إلا بدفع حقائق الاشياء في ظواهرها.

وكانت توقيعات صاحب الامر عليه‌السلام تخرج على يدي عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبي محمد عليه‌السلام بالامر والنهي والاجوبة عما تسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه‌السلام ، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما إلى أن توفي عثمان بن سعيد رحمه‌الله وغسله ابنه أبوجعفر وتولى القيام به وحصل الامر كله مردودا إليه والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته ، لما تقدم له من النص عليه بالامانة و العدالة ، والامر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه‌السلام ، وبعد موته في حياة أبيه عثمان رحمه‌الله.

قال : وقال جعفر بن محمد بن مالك الفزاري البزاز ، عن جماعة من الشيعة منهم علي بن بلال ، وأحمد بن بلال ، ومحمد بن معاوية بن حكيم ، والحسن بن أيوب بن نوح في خبر طويل مشهور قالوا جميعا : اجتمعنا إلى أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام نسأله عن الحجة من بعده ، وفي مجلسه أربعون رجلا فقام إليه عثمان بن سعيد ابن عمرو العمري فقال له : يا ابن رسول الله اريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به مني ، فقال له : اجلس ياعثمان فقام مغضبا ليخرج ، فقال : لايخرجن أحد فلم يخرج منا أحد إلى كان بعد ساعة فصاح عليه‌السلام بعثمان فقام على قدميه فقال : اخبركم بما جئتم؟ قالوا : نعم يا ابن رسول الله قال : جئتم تسألوني عن الحجة من بعدي قالوا : نعم ، فإذا غلام كأنه قطع قمر أشبه الناس بأبي محمد عليه‌السلام فقال : هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولاتتفرقوا من بعدي فتهلكوا في

٣٤٦

أديانكم ألا وإنكم لاترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر فاقبلوا من عثمان مايقوله وانتهوا إلى أمره ، واقبلوا قوله ، فهو خليفة إمامكم والامر إليه.

في حديث قال أبونصر هبة الله بن محمد : وقبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربي من مدينة السلام في شارع الميدان في أول الموضع المعروف ، في الدرب المعروف بدرب حبلة في مسجد الذرب يمنة الداخل إليه والقبر في نفس قبلة المسجد.

ثم قال الشيخ رحمه‌الله رأيت قبره في الموضع الذي ذكره وكان بني في وجهه حائط وبه محراب المسجد وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيق مظلم ، فكنا ندخل إليه ونزوره مشاهرة ، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد و هي سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة ثم نقض ذلك الحائط الرئيس أبومنصور محمد بن الفرج وأبرز القبر إلى بر اوعمل عليه صندوقا ، وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره ، ويتبرك جيران المحلة بزيارته ويقولون هو رجل صالح وربما قالوا : هو ابن داية الحسين عليه‌السلام ولايعرفون حقيقة الحال فيه وهو إلى يومنا هذا ، وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة على ماهو عليه.

ذكر أبى جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري والقول فيه : فلما مضى أبوعمرو عثمان بن سعيد قام ابنه أبوجعفر محمد بن عثمان مقامه بنص أبي محمد عليه‌السلام ونص أبيه عثمان عليه بأمر القائم عليه‌السلام فأخبرني جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي ، وابن قولويه ، عن سعد بن عبدالله قال : حدثنا الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق بن سعد الاشعري رحمه‌الله وذكر الحديث الذي قدمنا ذكره.

وأخبرني جماعة ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وأبي غالب الزراري وأبي محمد التلعكبري ، كلهم عن محمد بن يعقوب الكليني ، عن محمد بن عبدالله ، ومحمد بن يحيى ، عن عبدالله بن جعفر الحميري قال : اجتمعت أنا والشيخ أبوعمرو عند أحمد بن إسحاق بن سعد الاشعري القمي فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف.

٣٤٧

فقلت له : يا با عمرو إني اريد أن أسألك وما أنا بشاك فيما اريد أن أسألك عنه فان اعتقادي وديني أن الارض لاتخلو من حجة إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوما فإذا كان ذلك رفعت الحجة وغلق باب التوبة ، فلم يكن ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، فاولئك أشرار من خلق الله عزوجل ، وهم الذين تقوم عليهم القيامة. ولكن أحببت أن أزداد يقينا فان إبراهيم عليه‌السلام سأل ربه أن يريه كيفى يحيي الموتى ، فقال : أو لم تؤمن؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي ، وقد أخبرني أحمد بن إسحاق أبوعلي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته فقلت له : من اعامل؟ وعمن آخذ؟ وقول من أقبل؟ فقال له : العمري ثقتي فما أدى إليك فعني يؤدي وما قال لك فعني يقول : فاسمع له وأطع فانه الثقة المأمون.

قال : وأخبرني أبوعلي أنه سأل أبا محمد الحسن بن علي عن مثل ذلك فقال له : العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان فاسمع. لهما وأطعهما فانهما الثقتان المأمونان.

فهذا قول إمامين قد مضيا فيك قال : فخر أبوعمرو ساجدا وبكى ثم قال : سل. فقلت له : أنت رأيت الخلف من أبي محمد عليه‌السلام فقال : أي والله ورقبته مثل ذا وأومأ بيديه ، فقلت له : فبقيت واحدة فقال لي : هات ، قلت : فالاسم قال : محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي وليس لي أن احلل واحرم ولكن عنه عليه‌السلام فان الامر عند السلطان أن أبا محمد عليه‌السلام مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له. وصبر على ذلك ، وهو ذا عياله يجولون وليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئا ، وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك.

قال الكليني : وحدثني شيخ من أصحابنا ذهب عني اسمه أن أبا عمرو سئل عند أحمد بن إسحاق ، عن مثل هذا ، فأجاب بمثل هذا.

وأخبرنا جماعة ، عن محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه ، عن

٣٤٨

أحمد بن هارون الفامي قال : حدثنا محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه عبدالله بن جعفر قال : خرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري قدس الله روحه في التعزية بأبيه رضي‌الله‌عنه ، وفي فصل من الكتاب : « إنا لله وإنا إليه راجعون تسليما لامره ورضى بقضائه عاش أبوك سعيدا ومات حميدا فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم‌السلام ، فلم يزل مجتهدا في أمرهم ساعيا فيما يقربه إلى الله عزوجل وإليهم ، نضر الله وجهه وأقاله عثرته » وفي فصل آخر : « أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء رزئت ورزئنا وأوحشك فراقه وأوحشنا فسره الله في منقلبه ، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله ولدا مثلك يخلفه من بعده ويقوم مقامه بأمره ويترحم عليه ، وأقول الحمد لله فان الانفس طيبة بمكانك ، وما جعله الله عزوجل فيك وعندك ، أعانك الله وقواك وعضدك ووفقك وكان لك وليا وحافظا وراعيا ».

ج : الحميري قال : خرج التوقيع إلى آخر الخبر.

ك : أحمد بن هارون مثله.

٢ ـ غط : وأخبرني جماعة ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن همام قال : قال لي عبدالله جعفر الحميري : لما مضى أبوعمرو رضي‌الله‌عنه أتتنا الكتب بالخط الذي كنا نكاتب به باقامة أبي جعفر رضي‌الله‌عنه مقامه.

وبهذا الاسناد عن محمد بن همام قال : حدثني محمد بن حمويه بن عبدالعزيز الرازي في سنة ثمانين ومائتين قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن مهزيار الاهوازي أنه خرج إليه بعد وفاة أبي عمرو : والابن وقاه الله لم يزل ثقتنا في حياة الاب رضي‌الله‌عنه وأرضاه ونضر وجهه ، يجري عندنا مجراه ، ويسد مسده وعن أمرنا يأمر الابن ، وبه يعمل تولاه الله فانته إلى قوله ، وعرف معاملتنا ذلك.

وأخبرنا جماعة ، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وأبي غالب الزراري وأبي محمد التلعكبري كلهم ، عن محمد بن يعقوب ، عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتاب قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي

٣٤٩

فوقع التوقيع بخط مولانا صاحب الدار : وأما محمد بن عثمان العمري رضي‌الله‌عنه وعن أبيه من قبل فانه ثقتي وكتابه كتابي.

ج : الكلينى مثله.

٣ ـ غط : أبوالعباس : وأخبرني هبة الله بن محمد ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي‌الله‌عنه ، عن شيوخه قالوا : لم تزل الشيعة مقيمة على عدالة عثمان بن سعيد رحمه‌الله وغسله ابنه أبوجعفر محمد بن عثمان وتولى القيام به وجعل الامر كله مردودا إليه ، والشيعة مجمعة على عدالته وثقته وأمانته ، لما تقدم له من النص عليه بالامانة والعدالة ، والامر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه‌السلام وبعد موته في حياة أبيه عثمان بن سعيد ، لايختلف في عدالته ، ولايرتاب بأمانته ، و التوقيعات يخرج على يده إلى الشيعة في المهمات طول حياته بالخط الذي كانت تخرج في حياة أبيه عثمان ، لا يعرف الشيعة في هذا الامر غيره ، ولايرجع إلى أحد سواه ، وقد نقلت عنه دلائل كثيرة ، ومعجزات الامام [التي] ظهرت على يده ، وامور أخبرهم بها عنه زادتهم في هذا الامر بصيرة ، وهي مشهورة عند الشيعة وقد قدمنا طرفا منها فلا نطول باعادتها فان ذلك كفاية للمنصف إن شاء الله.

قال ابن نوح : أخبرني أبونصر هبة الله ابن بنت [ام] كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال : كان لابي جعفر محمد بن عثمان العمرى كتب مصنفة في الفقه مما سمعها من أبي محمد الحسن عليه‌السلام ومن الصاحب عليه‌السلام ومن أبيه عثمان بن سعيد ، عن أبي محمد وعن أبيه علي بن محمد عليهما‌السلام فيها كتب ترجمتها كتب الاشربة ذكرت الكبيرة ام كلثوم بنت أبي جعفر رضي‌الله‌عنها أنها وصلت إلى أبي القاسم الحسين بن روح رضي‌الله‌عنه عند الوصية إليه ، وكانت في يده ، قال أبونصر : وأظنها قالت : وصلت بعد ذلك إلى أبي الحسن السمرى رضي‌الله‌عنه وأرضاه.

قال أبوجعفر بن بابويه : روى محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه أنه قال : والله إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولايعرفونه.

٣٥٠

وأخبرني جماعة ، عن محمد بن علي بن الحسين قال : أخبرنا أبي ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى بن المتوكل ، عن عبدالله بن جعفر الحميري أنه قال : سألت محمد بن عثمان رضي‌الله‌عنه فقلت له : رأيت صاحب هذا الامر؟ قال : نعم ، و آخر عهدي به عند بينت الله الحرام وهو يقول : اللهم أنجز لي ماوعدتني.

قال محمد بن عثمان رضي‌الله‌عنه : ورأيته صلوات الله عليه متعلقا بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول : اللهم انتقم بي من أعدائك.

وبهذا الاسناد عن محمد بن علي ، عن أبيه قال : حدثنا علي بن سليمان الزراري عن علي بن صدقة القمي قال : خرج إلى محمد بن عثمان العمري رضي‌الله‌عنه ابتداء من غير مسألة ليخبر الذين يسألون عن الاسم : إما السكوت والجنة وإما الكلام.

والنار فانهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه وإن وقفوا على المكان دلوا عليه.

قال ابن نوح : أخبرني أبونصر هبة الله بن محمد قال : حدثني أبوعلي بن أبي جيد القمي قال : حدثني أبوالحسن علي بن أحمد الدلال القمي قال : دخلت على أبي جعفر محمد بن عثمان رضي‌الله‌عنه يوما لاسلم عليه ، فوجدته وبين يديه ساجة ونقاش ينقش عليها ويكتب آيا من القرآن وأسماء الائمة عليهم‌السلام على حواشيها فقلت له : ياسيدي ماهذه الساجة؟ فقال لي : هذه لقبري تكون فيه اوضع عليها أو قال : اسند إليها وقد عزفت منه ، وأنا في كل يوم أنزل فيه فأقرء جزءا من القرآن فأصعد وأظنه قال : فأخذ بيدي وأرانيه فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا صرت إلى الله عزوجل ودفنت فيه وهذه الساجة معي ، فلما خرجت من عنده أثبت ماذكره ولم أزل مترقبا به ذلك فما تأخر الامر حتى اعتل أبوجعفر فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذكرها ودفن فيه.

قال أبونصر هبة الله : وقد سمعت هذا الحديث من غير أبي علي وحدثتني به أيضا ام كلثوم بنت أبي جعفر رضي‌الله‌عنها وأخبرني جماعة ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي‌الله‌عنه قال : حدثني محمد بن الاسود القمي أن أبا جعفر

٣٥١

العمري قدس الله روحه حفر لنفسه قبرا وسواه بالساج فسألته عن ذلك فقال للناس أسباب ثم سألته عن ذلك فقال : قد امرت أن أجمع أمري ، فمات بعد ذلك بشهرين رضي‌الله‌عنه وأرضاه.

ك : محمد بن علي مثله.

٤ ـ غط : وقال أبونصر هبة الله : وجدت بخط أبي غالب الزراري رحمه‌الله وغفر له أن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري رحمه‌الله مات في آخر جمادى الاولى سنة خمس وثلاث مائة وذكر أبونصر هبة الله بن محمد بن أحمد أن أبا جعفر العمري رحمه‌الله مات في سنة أربع وثلاث مائة وأنه كان يتولى هذا الامر نحوا من خمسين سنة فيحمل الناس إليه أموالهم ، ويخرج إليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه‌السلام إليهم بالمهمات في أمر الدين والدنيا وفيما يسألونه من المسائل بالاجوبة العجيبة رضي‌الله‌عنه وأرضاه.

قال أبونصر هبة الله : إن قبر أبي جعفر محمد بن عثمان عند والدته في شارع باب الكوفة في الموضع الذي كانت دوره ومنازله وهو الآن في وسط الصحراء قدس الله روحه.

* ( ذكر إقامة أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري أبا القاسم الحسين ) *

* ( ابن روح رضي‌الله‌عنهما مقامه بعده بأمر الامام صلوات الله عليه ) *

أخبرني الحسين بن إبراهيم القمي قال : أخبرني أبوالعباس أحمد بن علي بن نوح قال : أخبرني أبوعلي أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري قال : حدثني أبوعبدالله جعفر بن محمد المدائني المعروف بابن قزدا في مقابر قريش قال : كان من رسمي إذا حملت المال الذي في يدي إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه أن أقول له مالم يكن أحد يستقبله بمثله : هذا المال و مبلغه كذا وكذا للامام عليه‌السلام فيقول لي : نعم دعه ، فاراجعه فأقول له تقول لي : إنه للامام فيقول : نعم للامام عليه‌السلام ، فيقبضه.

فصرت إليه آخر عهدي به قدس الله روحه ومعي أربعمائة دينار فقلت له على رسمي فقال لي : امض بها إلى الحسين بن روح فتوقفت فقلت : تقبضها أنت

٣٥٢

مني على الرسم ، فرد علي كالمنكر لقولي قال : قم عافاك الله فادفعها إلى الحسين ابن روح.

فلما رأيت في وجهه غضبا خرجت وركبت دابتي فلما بلغت بعض الطريق رجعت كالشاك فدققت الباب فخرج إلى الخادم فقال : من هذا؟ فقلت : أنا فلان فاستأذن لي. فراجعني وهو منكر لقولي ورجوعي فقلت له : ادخل فاستأذن لي فانه لابد من لقائه فدخل فعرفه خبر رجوعي وكان قد دخل إلى دار النساء فخرج و جلس على سرير ورجلاه في الارض وفيهما نعلان نصف حسنهما وحسن رجليه فقال لي : ما الذي جرأك على الرجوع ولم لم تمتثل ما قلته لك؟ فقلت : لم أجسر على مارسمته لي ، فقال لي وهو مغضب : قم عافاك الله فقد أقمت أبا القاسم الحسين بن روح مقامي ونصبته منصبي فقلت : بأمر الامام؟ فقال : قم عافاك الله كما أقول لك فلم يكن عندي غير المبادرة.

فصرت إلى أبي القاسم بن روح وهو في دار ضيقة فعرفته ماجرى فسر به وشكر الله عزوجل ودفعت إليه الدنانير ، ومازلت أحمل إليه ما يحصل في يدي بعد ذلك.

وسمعت أبا الحسن علي بن بلال بن معاوية المهلبي يقول في حياة جعفر بن محمد ابن قولويه : سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي يقول : سمعت جعفر بن أحمد ابن متيل القمي يقول : كان محمد بن عثمان أبوجعفر العمري رضي‌الله‌عنه له من يتصرف له ببغداد نحو من عشرة أنفس وأبوالقاسم بن روح رضي‌الله‌عنه فيهم ، و كلهم كان أخص به من أبي القاسم بن روح رضي‌الله‌عنه حتى أنه كان إذا احتاج إلى حاجة أو إلى سبب ينجزه على يد غيره لما لم يكن له تلك الخصوصية ، فلما كان وقت مضي أبي جعفر رضي‌الله‌عنه ، وقع الاختيار عليه وكانت الوصية إليه.

قال : وقال مشايخنا : كنا لانشك أنه إن كان كائنة من أبي جعفر لايقوم مقامه إلا جعفر بن أحمد بن متيل أو أبوه لما رأينا من الخصوصية به ، وكثرة كينونته في منزله حتى بلغ أنه كان في آخر عمره لا يأكل طعاما إلا ما اصلح

٣٥٣

في منزل جعفر بن أحمد بن متيل وأبيه بسبب وقع له ، وكان طعامه الذي يأكله في منزل جعفر وأبيه.

وكان أصحابنا لايشكون إن كانت حادثة لم تكن الوصية إلا إليه من الخصوصية فلما كان عند ذلك [و] وقع الاختيار على أبي القاسم سلموا ولم ينكروا و كانوا معه وبين يديه كما كانوا مع أبي جعفر رضي‌الله‌عنه ، ولم يزل جعفر بن أحمد ابن متيل في جملة أبي القاسم رضي‌الله‌عنه وبين يديه كتصرفه بين يدي أبي جعفر العمري إلى أن مات رضي‌الله‌عنه فكل من طعن على أبي القاسم فقد طعن على أبي جعفر وطعن على الحجة صلوات الله عليه.

وأخبرنا جماعة ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قال : حدثنا أبوجعفر محمد بن علي الاسود رحمه‌الله قال : كنت أحمل الاموال التي تحصل في باب الوقف إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رحمه‌الله فيقبضها مني فحملت إليه يوما شيئا من الاموال في آخر أيامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين فأمرني بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي رضي‌الله‌عنه فكنت اطالبه بالقبوض فشكى ذلك إلى أبي جعفر رضي‌الله‌عنه فأمرني أن لا اطالبه بالقبوض وقال : كل ما وصل إلى أبي القاسم فقد وصل إلي فكنت أحمل بعد ذلك الاموال إليه ولا اطالبه بالقبوض.

ك : أبوجعفر محمد بن علي الاسود مثله.

٥ ـ غط : وبهذا الاسناد ، عن محمد بن علي بن الحسين قال : أخبرنا علي ابن محمد بن متيل ، عن عمه جعفر بن أحمد بن متيل قال : لما حضرت أبا جعفر محمد ابن عثمان العمري الوفاة كنت جالسا عند رأسه اسائله واحدثه وأبوالقاسم بن روح عند رجليه فالتفت إلي ثم قال : امرت أن اوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح قال : فقمت من عند رأسه وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحولت إلى عند رجليه.

ك : محمد بن علي بن متيل مثله.

٦ ـ غط : قال ابن نوح : وحدثني أبوعبدالله الحسين بن علي بن بابويه قدم

٣٥٤

علينا البصرة في شهر ربيع الاول سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة قال : سمعت علوية الصفار والحسين بن أحمد بن إدريس رضي‌الله‌عنهما يذكران هذا الحديث وذكرا أنهما حضرا بغداد في ذلك الوقت وشاهدا ذلك.

وأخبرنا جماعة ، عن أبي محمد هارون بن موسى قال : أخبرني أبوعلي محمد بن همام رضي‌الله‌عنه وأرضاه أن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه جمعنا قبل موته وكنا وجوه الشيعة وشيوخها ، فقال لنا : إن حدث علي حدث الموت ، فالامر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي فقد امرت أن أجعله في موضعي بعدي فارجعوا إليه وعولوا في اموركم عليه.

وأخبرني الحسين بن إبراهيم ، عن ابن نوح ، عن أبي نصر هبة الله بن محمد قال : حدثني خالي أبوإبراهيم جعفر بن أحمد النوبختي قال : قال لي أبي أحمد ابن إبراهيم وعمي أبوجعفر عبدالله بن إبراهيم وجماعة من أهلنا يعني بني نوبخت أن أبا جعفر العمري لما اشتدت حاله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة منهم أبوعلي ابن همام وأبوعبدالله ابن محمد الكاتب وأبوعبدالله الباقطاني وأبوسهل إسماعيل بن علي النوبختي وأبوعبدالله ابن الوجناء وغيرهم من الوجوه والاكابر فدخلوا على أبي جعفر رضي‌الله‌عنه فقالوا له : إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم : هذا أبوالقاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الامر والوكيل له والثقة الامين فارجعوا إليه في اموركم وعولوا عليه في مهماتكم فبذلك امرت وقد بلغت.

وبهذا الاسناد عن هبة الله بن محمد ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال : حدثتني ام كلثوم بنت أبي جعفر رضي‌الله‌عنها قالت : كان أبوالقاسم الحسين ابن روح قدس‌سره ، وكيلا لابي جعفر رحمه‌الله سنين كثيرة ينظر له في أملاكه ويلقي بأسراره الرؤساء من الشيعة ، وكان خصيصا به حتى أنه كان يحدثه بما يجري بينه وبين جواريه لقربه منه وانسه.

قالت : وكان يدفع إليه في كل شهر ثلاثين دينارا رزقا له غير مايصل إليه

٣٥٥

من الوزراء والرؤساء من الشيعة ، مثل آل الفرات وغيرهم لجاهه ولموضعه وجلالة محله عندهم ، فحصل في أنفس الشيعة محصلا جليلا لمعرفتهم باختصاص أبي إياه وتوثيقه عندهم ، ونشر فضله ودينه وما كان يحتمله من هذا الامر ، فتمهدت له الحال في طول حياة أبي إلى أن انتهت الوصية إليه بالنص عليه ، فلم يختلف في أمره ولم يشك فيه أحد إلا جاهل بأمر أبي أولا مع ما لست أعلم أن أحدا من الشيعة شك فيه وقد سمعت بهذا من غير واحد من بني نوبخت رحمهم‌الله مثل أبي الحسين ابن كبرياء وغيره.

وأخبرني جماعة عن أبي العباس بن نوح قال : وجدت بخط محمد بن نفيس فيما كتبه بالاهواز : أول كتاب ورد من أبي القاسم رضي‌الله‌عنه : نعرفه عرفه الله الخير كله ورضوانه وأسعده بالتوفيق ، وقفنا على كتابه و [هو] ثقتنا بما هو عليه وأنه عندنا بالمنزلة والمحل اللذين يسرانه ، زاد الله في إحسانه إليه إنه ولي قدير والحمد لله لا شريك له وصلى الله عليه رسوله محمد وآله وسلم تسليما كثيرا ، وردت هذه الرقعة يوم الاحد لست ليال خلون من شوال سنة خمس وثلاثمائة.

اقول : ذكر الشيخ بعد ذلك التوقيعات التي خرجت إلى الحميري على مانقلناه في باب التوقيعات ثم قال :

وكان أبوالقاسم رحمه‌الله من أعقل الناس عند المخالف والموافق ويستعمل التقية فروى أبونصر هبة الله بن محمد قال : حدثني أبوعبدالله بن غالب وأبوالحسن ابن أبي الطيب قالا : مارأيت من هو أعقل من الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ولعهدي به يوما في دار ابن يسار ، وكان له محل عند السيد والمقتدر عظيم ، وكانت العامة أيضا تعظمه ، وكان أبوالقاسم يحضر تقية وخوفا.

فعهدي به وقد تناظر اثنان فزعم واحد أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم عمر ثم علي وقال الآخر : بل علي أفضل من عمر ، فزاد الكلام بينهما فقال أبوالقاسم رضي‌الله‌عنه : الذي اجتمعت عليه الصحابة هو تقديم الصديق ثم بعده الفاروق ثم بعده عثمان ذو النورين ثم علي الوصي ، وأصحاب الحديث



٣٥٦

على ذلك ، وهو الصحيح عندنا ، فبقي من حضر المجلس متعجبا من هذا القول وكانت العامة الحضور يرفعونه على رؤوسهم وكثر الدعاء له والطعن على من يرميه بالرفض.

فوقع علي الضحك فلم أزل أتصبر وأمنع نفسي وأدرس كمي في فمي فخشيت أن أفتضح ، فوثبت عن المجلس ونظر إلي فتفطن لي فلما حصلت في منزلي فإذا بالباب يطرق فخرجت مبادرا فاذا بأبي القاسم بن روح راكبا بغلته قد وافاني من المجلس قبل مضيه إلى داره فقال لي : ياعبدالله أيدك الله لم ضحكت وأردت أن تهتف بي كأن الذي قلته عندك ليس بحق؟ فقلت له : كذاك هو عندي ، فقال لي : اتق الله أيها الشيخ فاني لا أجعلك في حل تستعظم هذا القول مني فقلت : ياسيدي رجل يرى بأنه صاحب الامام ووكيله يقول ذلك القول لايتعجب منه؟ و [لا] يضحك من قوله هذا؟ فقال لي : وحياتك لئن عدت لاهجرنك وودعني وانصرف.

قال أبونصر هبة الله بن محمد : حدثنا أبوالحسن بن كبريا النوبختي قال : بلغ الشيخ أبوالقاسم رضي‌الله‌عنه أن بوابا كان له على الباب الاول قد لعن معاوية وشتمه ، فأمر بطرده وصرفه عن خدمته ، فبقي مدة طويلة يسأل في أمره فلا والله مارده إلى خدمته وأخذه بعض الآهلة فشغله معه كل ذلك للتقية.

قال أبونصر هبة الله : وحدثني أبوأحمد بن درانويه الابرص الذي كانت داره في در القراطيس قال : قال لي : إني كنت أنا وإخواتي ندخل إلى أبي القاسم الحسين بن روح رضي‌الله‌عنه نعامله ، قال : وكانوا باعة ، ونحن مثلا عشرة تسعة نلعنه وواحد يشكك ، فنحرج من عنده بعد ما دخلنا إليه تسعة نتقرب إلى الله بمحبته وواحد واقف لانه كان يجارينا من فضل الصحابة مارويناه ومالم نروه ، فنكتبه عنه لحسنه رضي‌الله‌عنه.

وأخبرني الحسين بن إبراهيم ، عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي‌الله‌عنه أن قبر أبي القاسم الحسين بن روح في النوبختية في الدرب الذي كانت فيه دار



٣٥٧

علي بن أحمد البوبختي النافذ إلى التل وإلى الدرب الآخر وإلى قنطرة الشوك رضي‌الله‌عنه قال : وقال لي أبونصر : مات أبوالقاسم الحسين بن روح في شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة وقد رويت عنه أخبارا كثيرة.

وأخبرني أبومحمد المحمدي رضي‌الله‌عنه ، عن أبي السين محمد بن الفضل بن تمام قال : سمعت سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الزكوزكي وقد ذكرنا كتاب التكليف وكان عندنا أنه لا يكون إلا مع غال ، وذلك أنه أول ما كتبنا الحديث ، فسمعناه يقول : وأيش كان لابن أبي العزاقر في كتاب التكليف إنما كان يصلح الباب ويدخله إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي‌الله‌عنه فيعرضه عليه ويحكه فإذا صح الباب خرج فنقله وأمرنا بنسخه ، يعني أن الذي أمرهم به الحسين ابن روح رضي‌الله‌عنه.

قال أبوجعفر : فكتبته في الادراج بخطي ببغداد ، قال ابن تمام فقلت له : فتفضل ياسيدي فادفعه حتى أكتبه من خطك ، فقال لي : قد خرج عن يدي قال ابن تمام : فخرجت وأخذت من غيره وكتبت يعدما سمعت هذه الحكاية.

وقال أبوالحسين بن تمام : حدثني عبدالله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح رضي‌الله‌عنه قال : سئل الشيخ يعني أبا القاسم رضي‌الله‌عنه عن كتب ابن أبي العزاقر بعدما ذم وخرجت فيه اللعنة فقيل له فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاى؟ فقال : أقول فيها ما قاله أبومحمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما وقد سئل عن كتب بني فضال فقالوا كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملاى؟ فقال صلوات الله عليه : « خذوا بما رووا وذروا مارأوا ».

وسأل أبوالحسن الايادي رحمه‌الله أبا القاسم الحسين بن روح : لم كره المتعة بالبكر؟ فقال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحياء من الايمان ، والشروط بينك وبينها فاذا حملتها على أن تنعم (١) فقد خرجت عن الحياء وزال الايمان فقال له : فإن فعل فهو زان؟ قال : لا.

وأخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي

____________________

(١) اي تقول : نعم.

٣٥٨

قال : حدثني سلامة بن محمد قال : أنفذ الشيخ الحسين بن روح رضي‌الله‌عنه كتاب التأديب إلى قم وكتب إلى جماعة الفقهاء بها وقال لهم : انظروا في هذا الكتاب وانظروا فيه شئ يخالفكم فكتبوا إليه أنه كله صحيح وما فيه شئ يخالف إلا قوله في الصاع في الفطرة نصف صاع من طعام والطعام عندنا مثل الشعير من كل واحد صاع.

قال ابن نوح : وسمعت جماعة من أصحابنا بمصر يذكرون أن أبا سهل النوبختي سئل فقيل له : كيف صار هذا الامر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك فقال : هم أعمل وما اختاروه ، ولكن أنا رجل ألقى الخصوم واناظرهم ولو علمت بمكانه كما علم أبوالقاسم وضغطتني الحجة لعلي كنت أدل على مكانه ، وأبوالقاسم فلو كانت الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه أو كما قال : وذكر محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني في أول كتاب الغيبة الذي صنفه : « وأما ما بيني وبين الرجل المذكور زاد الله في توفيقه فلا مدخل لي في ذلك إلا لمن أدخله فيه لان الجناية علي فاني أنا وليها ».

وقال في فصل آخر : « ومن عظمت منة الله عليه ، تضاعفت الحجة عليه ولزمه الصدق فيما ساءه وسره وليس ينبغي فيما بيني وبين الله إلا الصدق عن أمره مع عظم جنايته وهذا الرجل منصوب لامر من الامور لايسع العصابة العدول عنه فيه ، وحكم الاسلام مع ذلك جار عليه ، كجريه على غيره من المؤمنين » وذكره.

وذكر أبومحمد هارون بن موسى قال : قال لي أبوعلي بن الجنيد : قال لي أبوجعفر محمد بن علي الشلمغاني : « ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح في هذا الامر إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه ، لقد كنا نتهارش على هذا الامر كما تتهارش الكلاب على الجيف ».

قال أبومحمد : فلم يلتفت الشيعة إلى هذا القول وأقامت على لعنه والبراءة منه.

* ( ذكر أمر أبي الحسين علي بن محمد السمري بعد الشيخ أبي القاسم ) *

* ( الحسين بن روح وانقطاع الاعلام به وهم الابواب ) *

أخبرني جماعة ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه

٣٥٩

قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، عن الحسن بن علي بن زكريا بمدينة السلام قال : حدثنا أبوعبدالله محمد بن خليلان قال : حدثني أبي عن جده عتاب من ولد عتاب بن أسيد قال : ولد الخلف المهدي صلوات الله عليه يوم الجمعة وامه ريحانة ويقال لها : نرجس ، ويقال لها : صقيل ، ويقال لها : سوسن ، إلا أنه قيل بسبب الحمل صقيل وكان مولده لثان خلون من شعبان سنة ست وخمسين ومأتين ووكيله عثمان بن سعيد فلما مات عثمان بن سعيد أوصى إلى أبي جعفر محمد بن عثمان وأوصى أبوجعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح وأوصى أبوالقاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي‌الله‌عنه فلما حضرت السمري رضي‌الله‌عنه الوفاة سئل أن يوصي فقال : لله أمر هو بالغه.

فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد مضي السمري قدس‌سره.

وأخبرني محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله ، عن أبي عبدالله أحمد بن محمد الصفواني قال : أوصى الشيخ أبوالقاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري فقام بما كان إلى أبي القاسم فلما حضرته الوفاة ، حضرت الشيعة عنده وسألته عن الموكل بعده ولمن يقوم مقامه ، فلم يظهر شيئا من ذلك وذكر أنه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن.

وأخبرني جماعة ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه قال : حدثنا أبوالحسن صالح بن شعيب الطالقاني رحمه‌الله في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة قال : حدثنا أبوعبدالله أحمد بن إبراهيم بن مخلد قال : حضرت بغداد عند المشايخ رحمهم‌الله فقال الشيخ أبوالحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه ابتداء منه : رحم الله علي بن الحسين بن بابويه القمي قال : فكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم فورد الخبر أنه توفي في ذلك اليوم ومضى أبوالحسن السمري بعد ذلك في النصف من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاث مائة.

ك : صالح بن شعيب مثله.

٧ ـ غط : وأخبرنا جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه

٣٦٠