نعم ، يرد على هذا التوجيه ما أفاده شيخنا قدسسره (١) فيما شرحناه مراراً من معنى الفعلية ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : فإنّه يقال : لا يكاد يحرز بسبب قيام الأمارة المعتبرة على حكم إنشائي لا حقيقة ولا تعبّداً إلاّحكم إنشائي تعبّداً ، لا حكم إنشائي أدّت إليه الأمارة ... الخ (٢).
توضيحه : أنّا لو التزمنا بأنّ الأحكام الواقعية قبل قيام الأمارة عليها تكون إنشائية ، وبواسطة قيام الأمارة عليها تكون فعلية ، يكون الحاصل حينئذ هو أنّ الفعلية من آثار الحكم الانشائي الحقيقي الذي قامت عليه الأمارة ، فيكون موضوع الفعلية هو الحكم الانشائي الحقيقي الذي قامت عليه الأمارة ، ويكون موضوعها حينئذ مركّباً من الحكم الانشائي الحقيقي المقيّد بقيام الأمارة عليه ، فلو قامت الأمارة على وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، لم يكن قيامها محقّقاً لذلك الموضوع المركّب حقيقة ، لأنّ قيام الأمارة على ذلك لا يوجب كونه وجوباً حقيقياً ، بل أقصى ما فيه أنّه وجوب إنشائي تعبّداً ، فلا يكون قيامها محصّلاً إلاّ للتعبّد بالجزء الأوّل من موضوع الفعلية ، ويبقى الجزء الثاني منه ـ وهو كونه ممّا قامت الأمارة عليه ـ لم يجر فيه التعبّد.
إلاّ أن ندّعي أنّ التعبّد في الجزء الأوّل لمّا كان بلا أثر كان لغواً ، فاخراجاً له عن اللغوية نقول إنّ الشارع قد أجرى التعبّد في الجزء الثاني ، فيكون ما نحن فيه من قبيل ما لو كان لنا أثر يترتّب على موت زيد مقيّداً بيوم السبت ، وقامت الأمارة على موته ، فإنّها لا يتحقّق منها إلاّالتعبّد بالجزء الأوّل وهو نفس الموت ، وأمّا
__________________
(١) راجع فوائد الأُصول ٣ : ١٠٣ ـ ١٠٤.
(٢) كفاية الأُصول : ٢٧٨.