(الثانى) قد عرفت ان الجاهل العامل بما يوافق البراءة مع قدرته على الفحص واستبانة الحال غير معذور لا من حيث العقاب ولا من جهة سائر الآثار بمعنى ان شيئا من آثار الشيء المجهول عقابا او غيره من الآثار المترتبة على ذلك الشيء فى حق العالم لا يرتفع عن الجاهل لاجل جهله وقد استثنى الاصحاب من ذلك القصر والاتمام والجهر والاخفات فحكموا بمعذورية الجاهل فى هذين الموضعين وظاهر كلامهم ارادتهم العذر من حيث الحكم الوضعى وهى الصحة بمعنى سقوط الفعل ثانيا دون المؤاخذة وهو الذى يقتضيه دليل المعذورية فى الموضعين ايضا فحينئذ يقع الاشكال فى انه اذا لم يكن معذورا من حيث الحكم التكليفى كسائر الاحكام المجهولة للمكلف المقصر فيكون تكليفه بالواقع وهو القصر بالنسبة الى المسافر باقيا.
(اقول) قد تبيّن ممّا ذكرنا سابقا فى الجاهل التارك للفحص من دوران استحقاق العقاب على مخالفة الواقع وعدمه الملازمة بين استحقاق العقاب وفساد العمل واقعا وكذا الملازمة بين صحة العمل واقعا وعدم استحقاق العقاب بناء على ما هو المشهور من ان ترك التعلم بما هو لا يوجب العقوبة.
(ولكن) قد استثنى الاصحاب من هذه الملازمة موردين واجمعوا فيهما على صحة العمل المأتى به حال الجهل مع استحقاق الجاهل للعقاب.
(احدهما) الجهر بالقراءة فى موضع وجوب الاخفات وبالعكس جهلا بالحكم.
(وثانيهما) الاتمام فى موضع وجوب القصر ولا عكس الا عن بعض فى بعض الفروض وهو ما اذا قصر المقيم بتخيّل ان حكمه حكم المسافر لجهله بالحكم فقد افتى بعض الاصحاب بصحة الصلاة تمسكا برواية صحيحة دلّت على ذلك ولكن حكى عن المشهور عدم العمل بها والاعراض عنها وذهبوا الى بطلان