فقال له زفر بن أوس : أيّهما قدّم ، وأيّهما أخّر؟
فقال : كلّ فريضة لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة إلاّ إلى فريضة فهذا ماقدّم الله ، وأمّا ما أخّر الله فكلّ فريضة زالت عن فرضها لم يكن لها إلاّ ما يبقى فتلك التي أخّر الله عزوجل ، فأمّا التي قدّم فالزوج له النصف ، فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شيء ، والزوجة لها الربع ، فإذازالت عنه صارت إلى الثُّمْن لا يزيلها عنه شيء ، والاُمّ لها الثُّلث ، فإذا زالت عنه صارت إلى السُّدس لايزيلها عنه شيء ، فهذه الفرائض التي قدّم الله عزوجل.
وأمّا التي أخّر الله ففريضة البنات والأخوات لها النصف إن كانت واحدة ، وإن كانت اثنتين أو أكثر فالثُّلثان ، فإذا أزالتهنّ الفرائض لم يكن لهنّ إلاّما بقي ، فتلك التي أخّر الله ، فإذا اجتمع ما قدّم الله وما أخّر بُدئ بما قدّم الله فاُعطي حقّه كملاً ، فإن بقي شيء كان لمن أخّر ، وإن لم يبق شيء فلا شيء له.
فقال زفر بن أوس : فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر؟ قال : هَبْتَةٌ (١) ، فقال الزهري : والله ، لولا أنّه تقدّمه إمام عدل كان أمره على الورع فأمضى أمراً فمضى ، ما اختلف على ابن عبّاس من أهل العلم اثنان (٢) .
قال الفضل : وروى عبدالله بن الوليد العدني ـ صاحب سفيان ـ قال : حدّثني أبو القاسم الكوفي صاحب أبي يوسف عن أبي يوسف ، قال :
__________________
(١) الهَبْتُ : حُمْقٌ ، يقال : هُبت الرجل فهو مهبوتٌ : لا عقل له. تهذيب اللغة ٦ : ٢٣٩ / هبت.
(٢) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٤ : ٢٥٥ / ٥٦٠٢ ، وأورده الكليني في الكافي٧ : ٧٩ / ٣ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٩ : ٢٤٨ / ٩٦٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٠٤ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ / ٣.