﴿وَمَنْ عادَ﴾ إلى معاملة ربويّة ، وأخذ الرّبا مستحلّا له ، بعد علمه بالنّهي ﴿فَأُولئِكَ﴾ المستحلّون ﴿أَصْحابُ النَّارِ﴾ وملازموها ﴿هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ مقيمون أبدا.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « درهم من الرّبا أعظم عند الله من سبعين زنية بذات محرم ، في بيت الله الحرام » (١) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « لعن رسول الله صلىاللهعليهوآله في الرّبا خمسة : آكله ، وموكله ، وشاهديه ، وكاتبه » (٢) .
ثمّ بعد النّهي عن أكله ، وبيان عقوبته المترتّبة عليه ، بيّن سبحانه عدم نفع دنيوي فيه بقوله : ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا﴾ ويذهب به ، حتّى لا يبقى منه شيء ينتفع به.
قيل : إنّ الله يذهب بركته ، ويهلك المال الذي يدخل فيه ، ولا ينتفع به ولده ، وتبقى على المربي تبعته وعقابه.
﴿وَيُرْبِي﴾ الله ويضاعف ﴿الصَّدَقاتِ﴾ ويزيد في ثوابها في الآخرة ، بل تكون الصّدقة التي هي تنقيص في المال سببا لزيادته ، بخلاف الرّبا الذي هو سبب لتكثير المال ، فإنّه بالمال موجب لتنقيصه ، حيث إنّه يتلف بنفسه ، ويتلف المال الذي يدخل فيه.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ما نقص مال عن صدقة » (٣) .
وروي عنه صلىاللهعليهوآله : « أنّ الملك ينادي كلّ يوم : اللهم يسّر لكلّ منفق خلفا » (٤) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « أنّ الله يقبل الصّدقة ويربّيها ، كما يربّي أحدكم مهره » (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام مثله (٦) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « ما نقصت زكاة من مال قطّ » (٧) .
﴿وَاللهُ لا يُحِبُ﴾ بل يبغض ﴿كُلَّ كَفَّارٍ﴾ مصرّ على تحليل المحرّمات ، وكلّ ﴿أَثِيمٍ﴾ منهمك في المعاصي واتّباع الشهوات ، فيعاقبهم في الآخرة بأشدّ العقوبات.
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ
عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧)﴾
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٢٦٦ / ٨٢٤.
(٢) مجمع البيان ٢ : ٦٧١.
(٣) جوامع الجامع : ٥٠ ، تفسير الصافي ١ : ٢٨٠.
(٤) تفسير الرازي ٧ : ٩٥.
(٥) تفسير روح البيان ١ : ٤٣٦ ، تفسير أبي السعود ١ : ٢٦٧ ، والمهر : أول ما ينتج من الخيل والحمر الأهليه وغيرها.
(٦) تفسير العياشي ١ : ٢٧٩ / ٦١٥.
(٧) تفسير أبي السعود ١ : ٢٦٧ ، تفسير روح البيان ١ : ٤٣٦.