﴿حَنِيفاً﴾ ومائلا عن كلّ دين باطل إلى دين الحقّ.
وفي قوله : ﴿وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ تعريض عليهم وعلى غيرهم من أهل الشّرك ، لأنّ كلا منهم كانوا يدّعون ملّة إبراهيم عليهالسلام والحال أنّهم كاذبون ، لأنّه ثبت أنّ إبراهيم عليهالسلام كان على التّوحيد ، واليهود كانوا مشركين بقولهم : عزير ابن الله ، والنّصارى بقولهم بالتّثليث ، أو إنّ المسيح ابن الله.
عن ( العياشي ) : عن الصادق عليهالسلام قال : « [ ان ] الحنيفيّة هي الإسلام » (١) .
وعن الباقر عليهالسلام ، قال : « ما أبقت الحنيفيّة شيئا حتّى إنّ منها قصّ الشّارب ، وقلم الأظفار ، والختان » (٢) .
﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ
وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا
نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦)﴾
ثمّ أنّه تعالى لمّا ردّ قول اليهود والنّصارى بأنّهم متّبعون دين اليهوديّة والنّصرانيّة عن تقليد وبغير دليل ، وأنّه لو كان بناء الدّين على التّقليد كان تقليد إبراهيم عليهالسلام الذي عرف بالاستقامة أولى وأقرب إلى السّلامة ، بيّن بطلان دينهم بالبرهان ، بقوله : ﴿قُولُوا﴾ أيّها المؤمنون.
عن ( الكافي ) و( العياشي ) : عن الباقر عليهالسلام [ قال ] : « إنّما عنى بذلك عليّا وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام وجرت بعدهم في الأئمّة عليهمالسلام » (٣) .
﴿آمَنَّا بِاللهِ﴾ وهو أوّل الواجبات العقليّة ﴿وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا﴾ من الله ، وهو القرآن بدلالة المعجزات الباهرات ، وفيه الايمان بنبوّة من جاء به ، وهو محمّد صلىاللهعليهوآله ﴿وَما أُنْزِلَ﴾ من الله ﴿إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ﴾ وهم أحفاد يعقوب من أولاده الاثني عشر ، وكان منهم كثير من الأنبياء.
عن ( العيّاشي ) : عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل : هل كان ولد يعقوب أنبياء ؟ قال : « لا ، ولكنّهم كانوا أسباطا أولاد الأنبياء ، ولم يكونوا فارقوا الدنيا إلّا سعداء » (٤) .
والظاهر أنّ المراد أنّه لم يكن جميعهم أنبياء.
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ١٥٨ / ٢٠٨.
(٢) تفسير العياشي ١ : ١٥٨ / ٢٠٩.
(٣) الكافي ١ : ٣٤٤ / ١٩ ، تفسير العياشي ١ : ١٥٩ / ٢١٢.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٥٩ / ٢١١.