عن ( الكافي ) : عن الصادق عليهالسلام : « الرّفث : الجماع ، والفسوق : الكذب والسّباب ، والجدال : قول الرّجل : لا والله ، وبلى والله » (١) .
وقال : « في الجدال شاة ، وفي [ السباب و] الفسوق بدنة (٢) ، والرّفث فساد الحجّ » (٣) .
والمراد من النّفي ، النّهي بأبلغ بيان ، وتخصيص تحريم الثّلاثة بالحجّ مع كونها حراما مطلقا لكون الحرمة فيه أشدّ ، كلبس الحرير في الصّلاة.
ثمّ حثّ المؤمنين إلى الأعمال الحسنة بعد النّهي عن القبائح بقوله : ﴿وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ وعمل صالح وبرّ ﴿يَعْلَمْهُ اللهُ﴾ فيجازيكم به أحسن الجزاء ﴿وَتَزَوَّدُوا﴾ بالأعمال الصالحة لسفر الآخرة ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ﴾ فيه ﴿التَّقْوى﴾
أو المراد التزوّد بالمؤونة في السّفر الدّنيويّ ولو بسبب التّقوى ، كما قال تعالى : ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾(٤) . نقل أنّهم كانوا يحجّون بغير زاد ، فيكونون كلّا على النّاس ، فأمر الله المؤمنين بالتزوّد للشّفر ، لأنّه لا ينبغي استطعام النّاس والتّثقيل عليهم (٥) .
ثمّ بعد بيان فائدة التّقوى ، وأنّه خير الزّاد ، أمر به بقوله : ﴿وَاتَّقُونِ﴾ في مخالفتي واحترزوا عقابي ﴿يا أُولِي الْأَلْبابِ﴾ وتوجيه الخطاب إلى ذوي العقول السّليمة ، لأنّ العقل يحثّ العاقل على التّقوى وملازمته ، فمن لا تقوى له لا عقل له ، لأنّه ترك ما فيه خير الدنيا والآخرة.
﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا
اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ
الضَّالِّينَ (١٩٨)﴾
ثمّ أنّه روي عن ابن عبّاس أنّه كان ناس من العرب يحترزون [ من ] التجارة في أيّام الحجّ ، وإذا دخل العشر بالغوا في ترك البيع والشراء بالكلّيّة ، وكانوا يسمّون التاجر في الحجّ الدّاج ، ويقولون : هؤلاء الدّاج وليسوا بالحاج ، ومعنى الدّاج المكتسب الملتقط.
وبالغوا في الاحتراز عن الأعمال إلى أن امتنعوا عن إغاثة الملهوفين ، وإعانة الضعفاء ، وإطعام
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٣٨ / ٣.
(٢) في الكافي : بقرة.
(٣) الكافي ٤ : ٣٣٩ / ٦.
(٤) الطلاق : ٦٥ / ٢ و٣.
(٥) تفسير الصافي ١ : ٢١٥.