في تفسير سورة البقرة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)﴾
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ قد مرّ تفسيره في أوّل الفاتحة ، وتفسير :
﴿الم﴾ في طرفة بيان أظهر مصاديق المتشابهات (١) .
ثمّ إنّ وجه النّظم بين هذه السورة وسورة الفاتحة ، أنّ في تلك السورة سؤال الهداية ، وفي هذه السورة إجابته بقوله : ﴿ذلِكَ﴾ القرآن المجيد هو ﴿الْكِتابُ﴾ المعهود الذي بشّر الأنبياء به اممهم ، ووعدك الله يا محمّد أنّه منزله عليك.
عن ( تفسير الإمام عليهالسلام ) : « يعني القرآن الذي افتتح ب ﴿الم﴾ هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى ومن بعده من الأنبياء ، وأخبروا بني إسرائيل أنّي سانزله عليك يا محمّد كتابا عربيّا ﴿لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾(٢) الخبر.
﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ ولا مجال لشكّ يعتريه ، إنّه منزل من الله تعالى لظهور آيات الصّدق فيه ، فالشّاكّ فيه كالشّاكّ في ضوء الشّمس إذا كانت في رائعة (٣) النّهار ، ويكون الشّكّ في قلبه لا في الكتاب.
روي عن الصادق عليهالسلام : « كتاب عليّ لا ريب فيه » (٤) فإنّ صدره الشّريف مرآة اللّوح المحفوظ.
ثمّ وصف الله الكتاب بأنّه ﴿هُدىً﴾ ودليل إلى الرّشاد ، وبيان من الضّلالة ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ وهم المحترزون (٥) عن العقائد الفاسدة والأعمال القبيحة العقليّة ، الطالبون (٦) لمدارج التقوى.
__________________
(١) راجع : الطرفة (١٨) .
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٢ / ٣٢ ، والآية من سورة فصلت : ٤١ / ٤٢.
(٣) في النسخة : رابعة.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٠٨ / ١٠٥.
(٥) في النسخة : المحترزين.
(٦) في النسخة : الطالبين.