العبث في الخلق ، قال الله عزوجل : ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ﴾(١) ، وقال : ﴿وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾(٢) إلى غير ذلك.
ثم بيّن سبحانه ثمرة تقواهم وصفاتهم الكريمة ، بقوله ﴿أُولئِكَ﴾ الموصوفون بهذه الصفات الكريمة مختصّون بالركوب ﴿عَلى﴾ طريق ﴿هُدىً﴾ كامل ، وبيان (٣) مقام المقرّبين بتفضّل كائن ﴿مِنْ﴾ قبل ﴿رَبِّهِمْ﴾ حيث إنّه أرشدهم إلى الحقّ ، ووفّقهم للطّاعة ، وأعانهم على تحصيل مرضاته ﴿وَأُولئِكَ﴾ الكاملون في المكارم ﴿هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ المختصّون بالنّجاة والنّجاح ، الفائزون بالبغية والدّرجات.
وإنّما أشار إليهم بما يشار إلى البعيد ، للإشعار بعلوّ منزلتهم ورفعة مقامهم ، وبعدهم عن غيرهم في الأخلاق.
في معنى الفلاح
وفي رواية ، في ترجمة الأذان : « فأمّا قوله : حيّ على الفلاح ، فإنّه يقول : أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه ، ونجاة لا هلاك معها ، وتعالوا إلى حياة لا ممات معها ، وإلى نعيم لا نفاد له ، وإلى ملك لا زوال معه ، وإلى سرور لا حزن معه ، وإلى انس لا وحشة معه ، وإلى نور لا ظلمة معه ، وإلى سعة لا ضيق فيها ، وإلى بهجة لا انقطاع لها ، وإلى غنى لا فاقة معه ، وإلى صحّة لا سقم معها ، وإلى عزّ لا ذلّ معه ، وإلى قوّة لا ضعف معها ، وإلى كرامة يالها من كرامة ، وعجّلوا إلى سرور الدنيا والعقبى ، ونجاة الآخرة والاولى.
وفي المرّة الثانية : حيّ على الفلاح ، فإنّه يقول : سابقوا إلى ما دعوتكم إليه ، وإلى جزيل الكرامة ، وعظيم المنّة ، وسنيّ النعمة ، والفوز العظيم ، ونعيم الأبد في جوار محمّد صلىاللهعليهوآله في مقعد صدق عند مليك مقتدر » (٤) .
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللهُ
عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧)﴾
__________________
(١) المؤمنون : ٢٣ / ١١٥.
(٢) سورة ص : ٣٨ / ٢٧.
(٣) كذا ، وتقرأ أيضا : وتبيان.
(٤) معاني الأخبار : ٤٠ / ١ ، التوحيد : ٢٤٠ / ١.