البيع به في الحلّيّة و﴿قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ﴾ في الحلّيّة ، وفي الفائدة ﴿مِثْلُ الرِّبا﴾ فكما يجوز بيع سلعة تكون قيمتها درهما بدرهمين ، كذلك يجوز بيع عين الدّرهم بدرهمين ، وكما يجوز بيع ما يساوي درهما بدرهمين إلى شهر ، يجوز بيع درهم أو قرض درهم بدرهمين أو بشرط أداء درهمين إلى شهر لعدم الفرق عقلا. فنظموا الرّبا والبيع في سلك واحد ، لإفضائهما إلى الرّبح ، فخالفوا الله بهذه التسوية الاعتبارية التي لا اعتبار بها.
فردّ الله عليهم بقوله : ﴿وَأَحَلَّ اللهُ﴾ العالم بحقائق الأشياء ، وواقعيّات مصالح الامور ومفاسدها ﴿الْبَيْعُ﴾ لوجوب ملاك حسن ترتيب الأثر فيه ، ومعاملة الصّحة معه ﴿وَحَرَّمَ الرِّبا﴾ لوجود ملاك القبح فيه ، وترتّب الفساد عليه. فعليكم التسليم والانقياد لقصور عقلكم ، والدّين والأحكام لا يصاب بالعقول القاصرة.
عن ( الكافي ) : « إنّما حرم الله الرّبا لئلّا يمتنع النّاس من اصطناع المعروف » (١) .
أقول : الظّاهر أنّ المراد بالمعروف هنا القرض الحسن والمواساة والإحسان بالإخوان.
﴿فَمَنْ جاءَهُ﴾ وبلغه ﴿مَوْعِظَةٌ﴾ وزجر ﴿مِنْ رَبِّهِ﴾ عن أكل الرّبا لتربيته بالخصال الحسنة ، وصرفه عن الأخلاق السيّئة على حسب وظيفة الرّبوبيّة ﴿فَانْتَهى﴾ عنه واتّعظ بالموعظة الإلهيّة واتّبع النهي وتاب ﴿فَلَهُ﴾ من تلك الزّيادة ﴿ما سَلَفَ﴾ أخذه ، وأخذه قبل العلم بالنّهي.
عن ( الكافي ) و( الفقيه ) : عن الصادق عليهالسلام : « كلّ ربا أكله النّاس بجهالة ثمّ تابوا ، فإنّه يقبل منهم إذا عرف منهم التّوبة » .
وقال : « لو أنّ رجلا ورث من أبيه مالا ، وعرف أنّ في ذلك المال ربا ، ولكن قد اختلط في التّجارة بغيره حلالا (٢) ، كان حلالا طيّبا فليأكله ، وإن عرف منه شيئا معزولا [ أنّه ربا ] فليأخذ رأس ماله وليردّ الرّبا ، وأيّما رجل أفاد مالا كثيرا قد أكثر فيه [ من ] الرّبا ، فجهل ذلك ثمّ عرفه بعد ، فأراد أن ينزعه ، مضى فله ، ويدعه فيما يستأنف » (٣) .
﴿وَأَمْرُهُ﴾ وشأنه راجع ﴿إِلَى اللهِ﴾ يجازيه في الآخرة بحسب ما علم من صدق نيّته في الانتهاء ، وقيل : يحكم في شأنه في القيامة (٤) . وليس من أمره إليكم شيء فلا تطالبوه به.
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٤٦ / ٨ ، تفسير الصافي ١ : ٢٧٩.
(٢) في الكافي : حلال.
(٣) الكافي ٥ : ١٤٥ / ٤ ، من لايحضره الفقيه ٣ : ١٧٥ / ٧٨٧ و٧٨٨ ، تفسير الصافي ١ : ٢٧٩.
(٤) جوامع الجامع : ٥٠.