عبادة العجل (١) .
﴿ثُمَّ بَعَثْناكُمْ﴾ وأحييناكم ﴿مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ﴾ وهلاككم (٢) بالصّاعقة ، وفي هذه الآية دلالة صريحة على إمكان الرّجعة إلى الدنيا بعد الموت ﴿لَعَلَّكُمْ﴾ بإقراركم بالتّوحيد ، وقيامكم بالطّاعة ﴿تَشْكُرُونَ﴾ نعمة الحياة بعد الموت.
قيل : ماتوا يوما وليلة ثمّ بعثهم الله (٣) ، وفيها ردّ على من يقول إنّ نعوت محمّد صلىاللهعليهوآله لو كان مخبرا [ عنها ] في التّوراة ، لم يمكن إنكارها من أهل الكتاب ، فإنّ أسلافهم مع مشاهدة المعجزات الباهرات قالوا : يا موسى لن نؤمن لك .. إلى آخره.
وفيها أيضا دلالة على امتناع الرّؤية ، وكفر المجسّمة.
﴿وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما
رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)﴾
ثمّ ذكّرهم النعمة السابعة بقوله : ﴿وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ﴾ وجعلناه يظلّكم من الشّمس ، وذلك في التّيه ﴿وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَ﴾ قيل : هو التّرنجبين ، كان ينزل عليهم باللّيل ، أو من طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس ، فيأكلونه ﴿وَالسَّلْوى﴾ وهو السّمانيّ. قيل : هو أطيب طير ، فيصطادونة ، أو كان يقع على موائدهم مشويّا ، فاذا أكلوا وشبعوا طار عنهم.
فقلنا لهم : ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ﴾ ولا تدّخروا منها شيئا ، فكفروا وظلموا وما أدّوا حقّ النّعم ﴿وَما ظَلَمُونا﴾ بكفرهم وادّخارهم ﴿وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ حيث ابتلوها بضرر سيّئاتهم ، من استيجاب العذاب ، وسلب النعم ، حيث قطع عنهم الرّزق الذي كان ينزل عليهم بلا مؤنة في الدنيا ، ولا حساب في الآخرة ، ولم يضرّوا الله شيئا.
عن ( الكافي ) : عن الباقر عليهالسلام في قوله عزوجل : ﴿وَما ظَلَمُونا﴾ قال : « إنّ الله أعظم وأعزّ [ وأجلّ ] وأمنع من أن يظلم ، ولكنّه خلطنا بنفسه ، فجعل ظلمنا ظلمه ، وولايتنا ولايته ، حيث يقول : ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ...﴾(٤) يعني الأئمّة » (٥) . الخبر. وتوضيحه : أنّ الله قرن ولاية المؤمنين -
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ١٣٩.
(٢) في النسخة : وهلاكهم.
(٣) بحار الأنوار ١٣ : ٢٤٧.
(٤) المائدة : ٥ / ٥٥.
(٥) الكافي ١ : ١١٣ / ١١.