أخرجته من دين الله ، ونزعته عن ولايته تعالى ، وأبعدته من رحمته سبحانه ، وأوقعته في خذلانه ، وهو الشّرك بالله ، والكفر بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وولاية أوصيائه المعصومين ﴿فَأُولئِكَ﴾ المحاطون بتلك السيّئة ﴿أَصْحابُ النَّارِ﴾ وملازموها ﴿هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ لا خلاص لهم منها أبدا ، ولا يجدون عنها مصرفا ، فإنّ ملازمة الكفر مستلزمة لملازمة العذاب.
عن ( التوحيد ) : عن الكاظم عليهالسلام : « لا يخلّد الله في النّار إلّا أهل الكفر والجحود ، وأهل الضّلال والشّرك » (١) .
وعن ( الكافي ) عن أحدهما عليهماالسلام ، قال : « إذا جحدوا إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام فاولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون » (٢) .
في أنّ تعذيب الكافر أبدا لكفره في المدة القليلة جائز وليس بظلم
فإن قيل : كيف يجوز تعذيب الكافر بالعذاب الدائم لكفره مدّة قليلة من العمر ، بل ساعة ، وهل هذا الّا ظلم ، تعالى عن ذلك ؟
قلت : قد مرّ سابقا أنّ عظمة المعصية بمقدار عظمة المعصيّ وكثرة حقوقه ونعمه ، فإذا كانت عظمة المعصيّ ونعمه بلا نهاية ، فعظم معصيته ولو كان بغير الكفر بلا نهاية ، ومقدار العذاب واستحقاقه بمقدار عظمة المعصية.
فلو عذّبنا الله تعالى لأصغر معاصيه بالعذاب الدائم ما ظلم وما تعدّى عن حدّ استحقاقنا ، فكلّما خفّف أو عفا فبفضله ورحمته ، وأمّا حسن العفو فيعتبر فيه قابليّة المحلّ ، فإذا أخبر الله بخلود الكافر ، علمنا بخروجه عن قابليّة العفو ، فلذا يعذّب بالعذاب الدائم ، بخلاف سائر المعاصي فإنّه يبقى معها قابليّة العفو إمّا ابتداء أو بعد التوبة ، أو مع الشّفاعة ، أو بعد بعض الأعمال الصالحة.
وفي بعض الروايات : أنّ الخلود في النّار بسبب نيّه الكافر أن لو خلّد في الدنيا أبدا لعصى الله ، فالكفّار بنيّاتهم خلّدوا.
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها
خالِدُونَ (٨٢)﴾
__________________
(١) التوحيد : ٤٠٧ / ٦.
(٢) الكافي ١ : ٣٥٥ / ٨٢.