وهم الأئمّة - الكاملين في الإيمان بولايته بشهادة الآية.
﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ
سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ
ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما
كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)﴾
ثمّ ذكّرهم النعمة الثامنة ، بقوله : ﴿وَ﴾ اذكروا ﴿إِذْ قُلْنَا﴾ بتوسّط يوشع بن نون وصيّ موسى ، لأسلافكم من بني إسرائيل حين خروجهم من التّيه : ﴿ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ﴾
قيل : هي مدينة بيت المقدس : وقيل : قرية أريحا (١) من بلاد الشّام قريبة من تلك المدينة ، فإذا دخلتم القرية ﴿فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ﴾ بلا تعب ﴿رَغَداً﴾ واسعا هنيئا ﴿وَادْخُلُوا الْبابَ﴾ الذي للقرية.
قيل : كان لمدينة بيت المقدس سبعة أبواب ، وقد امروا أن يدخلوا من الثاني المعروف الآن بباب حطّة حال كونهم ﴿سُجَّداً﴾ لله ، شكرا على نجاتهم من التّيه.
وقيل : إنّ المراد الدخول راكعين متواضعين لله.
﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ ولعلّ المعنى أنّ مسألتنا من الله أن يحطّ ذنوبنا ، فإن دخلتم بهيئة الرّكوع أو السّجود ، وقلتم هذا القول ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ﴾ ونستر عليكم ﴿خَطاياكُمْ﴾ السّالفة ﴿وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ ثوابا. قيل : هم الذين لم يفارقوا الذنوب.
﴿فَبَدَّلَ﴾ وغيّر ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وعصوا أمر الله ﴿قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ فلم يسجدوا ولم يركعوا ، بل رفعوا أستاههم ، أو لم يقولوا : حطّة ، وقالوا : حنطة حمراء ، سخرية واستهزاء.
قال الفخر في تفسيره : ذكره نعمة قبول التّوبة في مقام الامتنان مناف لكونه واجبا على الله عقلا ، لأنّه لا امتنان في الواجبات العقلية (٢) .
وفيه : أنّ وجوب التفضّل والاحسان عليه لكونه جوادا لا يجوز عليه البخل ، ومنع التفضّل غير مناف للامتنان عقلا.
﴿فَأَنْزَلْنا﴾ عقيب ذلك التّبديل ﴿عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أنفسهم بتبديل كلام الله ، أو بفعلهم خلاف
__________________
(١) تفسير أبي السعود ١ : ١٠٤.
(٢) تفسير الرازي ٣ : ٩٠.