ونقل أيضا : أنّ آدم وحوّاء اجتمعا بعرفات وتعارفا (١) .
﴿فَاذْكُرُوا اللهَ﴾ وجوبا بالدعاء والتّكبير والتّهليل ﴿عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ﴾ وهو جبل سمّي قزح (٢) ، ولقّب بالمشعر لأنّه معلم العبادة ، ووصف بالحرام لحرمته (٣) .
روي عن جابر : أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا صلّى الفجر بالمزدلفة بغلس ، ركب ناقته حتّى أتى المشعر الحرام ، فدعا وكبّر وهلّل ، ولم يزل واقفا حتّى أسفر (٤) .
﴿وَاذْكُرُوهُ﴾ ذكرا حسنا ، على ما قيل (٥)﴿كَما هَداكُمْ﴾ هداية حسنة إلى المناسك وغيرها من العبادات. أو المراد اذكروه لأنّه علّمكم دين الإسلام ، أو علّمكم كيف تذكرونه.
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ﴾ أي قبل الهدى أو التّعليم ﴿لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ بكيفيّة ذكره وعبادته.
نقل عن ابن عبّاس أنّه نظر إلى النّاس في هذا اللّيلة ، وقال : كان النّاس إذا أدركوا هذه لم يناموا (٦) .
﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) فَإِذا
قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا
آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ
مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٢٠٢)﴾
ثمّ أنّه نقل أنّ قريشا وجماعة من حلفائهم كانوا يسمّون بالحمس لتشدّدهم في دينهم ، لم يكونوا يقفون بعرفات ، بل كان وقوفهم بالمزدلفة ، ولا يتجاوزون عنها لأنّهم كانوا يترفّعون على النّاس ، ويقولون : نحن أهل الله ، ولا نحلّ حرم الله ، وأنّ الحرم أشرف من غيره ، فالوقوف به أولى ، وسائر النّاس كانوا يقفون بعرفات ، فأمر الله المؤمنين بالوقوف بعرفات (٧) ، بقوله : ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا﴾ وارجعوا وكلمة ( ثمّ ) للتّرتيب في الرّتبة ، ولتكن إفاضتكم ﴿مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ﴾
عن الصادق عليهالسلام : « يعني بالنّاس إبراهيم ، وإسماعيل ، وإسحاق ، ومن بعدهم ممّن أفاض من
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٣١٦.
(٢) في النسخة : بقرج.
(٣) تفسير البيضاوي ١ : ١١٢ ، تفسير أبي السعود ١ : ٢٠٨.
(٤) تفسير البيضاوي ١ : ١١٢.
(٥) تفسير البيضاوي ١ : ١١٢.
(٦) تفسير الرازي ٥ : ١٧٨.
(٧) مجمع البيان ٢ : ٥٢٧.