شَرْقِيًّا﴾(١) فأمر الله المؤمنين بالتوجّه إلى الكعبة لأنّها قبلة خليلة.
وقيل : إنّ النّصارى استقبلوا مطلع الأنوار ، والمؤمنون استقبلوا مطلع سيّد الأنوار وهو محمّد صلىاللهعليهوآله الذي خلق من نوره جميع الأنوار.
ثالثها : أنّ الكعبة سرّة الأرض ووسطها ، وفي الأمر بالتوجّه إليها إشارة إلى أنّه يجب على المؤمن التوسّط والعدالة في جميع أموره (٢) .
﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ
عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ
مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَما كانَ اللهُ
لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٤٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى لمّا منّ على هذه الامّة بجعل الكعبة التي هي الوسط قبلة لهم ، وبهدايتهم إلى الصّراط المستقيم ، منّ عليهم أيضا بقوله : ﴿وَكَذلِكَ﴾ المذكور من جعلكم مهتدين ﴿جَعَلْناكُمْ﴾ ونصبناكم ﴿أُمَّةً﴾ وجماعة ﴿وَسَطاً﴾ وخيارا ، أو متوسّطين بين الإفراط والتّفريط لا يتجاوزون عن الحقّ ، ولا يميلون إلى الباطل.
في أن المراد من الأمة الوسط خصوص الائمّة المعصومين عليهمالسلام
وهم خصوص الأئمّة المعصومين عليهمالسلام لشهادة الوجدان واتّفاق الامّة على عدم اتّصاف جميع أفراد المسلمين بهذه الصّفة لظهور كون أكثرهم فسّاقا ، فلا بدّ من أن يكون المراد من الامّة بعضهم ، نظير قول موسى لبني إسرائيل : ﴿يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً﴾(٣) مع وضوح أنّه لم يكن كلّ فرد منهم ملكا.
عن القمّي رحمهالله : يعني الأئمّة (٤) .
وعن ( الكافي ) و( العياشي ) : عن الباقر عليهالسلام : « نحن الأمّة الوسط » (٥) .
وعن ( المناقب ) : عنه عليهالسلام : « فينا أنزل الله ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ الخبر (٦).
__________________
(١) مريم : ١٩ / ١٦.
(٢) تفسير الرازي ٤ : ٩٥.
(٣) المائدة : ٥ / ٢٠.
(٤) تفسير القمي ١ : ٦٣.
(٥) الكافي ١ : ١٤٧ / ٤ ، تفسير العياشي ١ : ١٦٠ / ٢١٥.
(٦) مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ١٧٩.