أثاب ] ، وبنا عاقب من عاقب ، ثمّ تلا قوله تعالى : ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾(١) ، وقوله تعالى : ﴿قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ﴾(٢) فرسول الله صلىاللهعليهوآله أوّل من عبد الله ، وأوّل من أنكر أن يكون له ولد أو شريك ، ثمّ نحن بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله » الخبر (٣) .
فظهر من جميع ما ذكر أنّ حقيقة الدّين وروح الأحكام ؛ معرفتهم وولايتهم ، وجميع الخلق راجع إليهم ، فجميع آيات الكتاب تكون فيهم وما يتعلّق بهم.
الطرفة الرّابعة والعشرون
في دفع توهّم استلزام أمر اشتمال القرآن
على البطون استعمال اللفظ في أكثر من معنى
قد يتوهّم المتوهّم أنّه يلزم من إرادة المعاني الظاهريّة ، والبطون الكثيرة من الآيات ، إرادة المعاني الكثيرة من اللّفظ الواحد في استعمال واحد ، وقد تقرّر في علم الاصول عدم جوازه ، بل امتناعه ، وبعد الإحاطة بما ذكرنا سابقا من اختلاف جهات الدلالة واستنباط المعاني منها ، يندفع هذا التوهّم ، فإنّ الانتقال من اللفظ إلى المعنى ، واستفادة المطلب من الكلام ، ليس منحصرا في الدلالة بجهة واحدة ووجه فارد ، بل كلّما استعملت الجمل المركّبة من المفردات تركيبا مفيدا ، فهي تدلّ على معانيها الظاهريّة مطابقة ، وعلى أجزائها العقليّة والخارجية تضمّنا ، وعلى عللها وأجزاء عللها وشرائطها ، إلى أن ينتهي إلى مبدأ المبادئ ، وعلّة العلل ومعلولاتها ، إلى ما شاء الله التزاما.
هذا بالنسبة إلى الجملة الواحدة بالنظر إلى الدّلالات الثلاث مع قطع النّظر عن انضمامها إلى الآيات الاخر ، وعن الدلالات غير الكلاميّة من كيفية الألفاظ وأعداد حروفها وسائر طرق الاستفادة منها ، التي لا يعلمها إلّا الرّاسخون في العلم.
فبتلك الوجوه يكون لكلّ آية ظاهر ، وظاهرها ظاهر وباطن وباطن باطن إلى ما شاء الله ، وبها يجمع بين الأخبار المتنافية الواردة في تفسير بعض الآيات كالمختلفات في تفسير قوله تعالى : ﴿وَرابِطُوا﴾ في آية ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا﴾(٤) ففي بعضها أنّ المراد منه
__________________
(١) الصافات : ٣٧ / ١٦٥ و١٦٦.
(٢) الزخرف : ٤٣ / ٨١.
(٣) بحار الأنوار ٢٥ : ٢٠ / ٣١.
(٤) آل عمران : ٣ / ٢٠٠.