في أنّ فاطمة كانت أفضل من مريم
في ( العلل ) عن الصادق عليهالسلام : « سمّيت فاطمة محدّثة ؛ لأنّ الملائكة كانت تهبط من السّماء تناديها كما تنادي مريم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة ، إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتي لربّك وأسجدي واركعي مع الرّاكعين ، فتحدّثهم ويحدّثونها ، فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا : إنّ مريم كانت سيّدة نساء عالمها ، وإنّ الله عزوجل جعلك سيّدة نساء عالمك وعالمها ، وسيّدة نساء الأوّلين والآخرين » (١) .
مضافا إلى أنّ فضائلها الخاصّة بها - من كون والدها رسول الله صلىاللهعليهوآله وخاتم النّبيّين ، وأنّها روحه التي بين جنبيه ، وأحبّ الخلق إليه ، وأنّ والدتها خديجة سيّدة نساء العالمين ، وتربيتها في حجرهما ، وأن زوجها علي بن أبي طالب ، وهو بنصّ الكتاب نفس الرّسول ، وبنصّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سيّد العرب ، وولداها الحسن عليهالسلام والحسين عليهالسلام سيّدا شباب أهل الجنّة ، ومعارفها وعلمها معارف أبيها مقتبسة ومأخوذة منه ، وشريعتها أكمل الشّرايع ، وذرّيّتهها أفضل الذّراري ، وكونها أعبد أهل زمانها ، وكانت مشيتها مشية أبيها ، وكونها مطهّرة بنصّ آية التّطهير - تدلّ على أنّها أفضل ، حيث إنّه لا تقاس هذه الفضائل بفضائل مريم التي هي بنت عمران وحنّة ، والمربّاة في حجر زكريّا ، الوالدة لعيسى المنقطع نسلها به ، العاملة بشريعة ولدها وشريعة من قبلها.
مع أنّ فضيلة هذه الامّة على سائر الامم مقتضية لأن يكون نبيّها أفضل من سائر الأنبياء ، ووصيّ نبيّها أفضل من سائر الأوصياء ، وشرعها أكمل من سائر الشّرائع ، ومعارفها أتمّ من معارف سائر الامم ، وسيّدة نسائها أفضل من سيدات نساء سائر الامم.
﴿يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)﴾
ثمّ ناداها جبرئيل بعد تذكيرها بالنّعم ، ترغيبا لها في الطّاعة : ﴿يا مَرْيَمُ اقْنُتِي﴾ وقومي إلى العبادة ، أو أطيلي القيام فيها شكرا ﴿لِرَبِّكِ﴾ الذي أنعم عليك بالنّعم العظام ﴿وَاسْجُدِي﴾ وعفّري خدّك خضوعا له. وإنّما قدّم الأمر بالسّجود على الأمر بالرّكوع بقوله : ﴿وَارْكَعِي﴾ لكون السّجود غاية الخضوع ، حال كونك ﴿مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ وفي جماعتهم ، وقيل : إنّ المعنى : اركعي كركوعهم (٢) . وفيه
__________________
(١) علل الشرائع : ١٤٦ / ١ ب ١٤٦ ، تفسير الصافي ١ : ٣١١.
(٢) (٢ و٢) . تفسير الرازي ٨ : ٤٤.