عن ( التّوحيد ) : عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن العرش والكرسيّ ما هما ؟ فقال : « العرش في وجه هو جملة الخلق ، والكرسيّ وعاؤه. وفي وجه [ آخر ] العرش هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه ، والكرسيّ هو العلم الذي لم يطلع عليه أحدا من أنبيائه ورسله » (١) .
ثمّ بيّن سبحانه كمال قدرته بقوله : ﴿وَلا يَؤُدُهُ﴾ ولا يشقّ عليه إقامة السّماوات والأرض و﴿حِفْظُهُما﴾ عن الخلل والفساد.
ثمّ بيّن كمال تعاليه وعظمته بعد ذكر تلك الصّفات بقوله : ﴿وَهُوَ الْعَلِيُ﴾ بذاته عن الأنداد ، وبصفاته عن الأشياء ، وهو المتعالي بالقدر والشأن عن جميع ما سواه ، وهو ﴿الْعَظِيمُ﴾ بالمهابة والقهر والكبرياء ، ترتعد من خشيته جميع الأشياء.
في بيان وجه فضيلة آية الكرسي على غيرها من الآيات
ثمّ لمّا كانت الآية الكريمة حاوية لجميع المعارف الإلهيّة ، متضمّنة لامّهات مسائل العلوم الرّبّانية - لكونها ناطقة بوجوده تعالى وتفرّده ، ووجوب ذاته وحياته ، وكمال صفاته ، وتنزّهه عن التحيّز والحلول والتّغيير والفتور ، وكونه موجدا لجميع الكائنات قائما بتدبيرها ، وكونه مالك الملك والملكوت ، ومبدع الاصول والفروع ، ذا البطش الشّديد ، لا يشفع عنده إلّا لمن أذن له ، عالما بجميع الأشياء جليّها وخفيّها ، واسع الملك والقدرة ، ولا يشقّ عليه شاقّ ، ولا يشغله شأن عن شأن ، متعاليا عمّا تناله الأوهام ، عظيما لا تدركه العقول والأفهام - كانت لها فضيلة فائقة ، وعظمة كاملة على سائر الآيات.
كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ أعظم آية في القرآن آية الكرسيّ ، من قرأها بعث الله ملكا يكتب من حسناته ويمحو من سيّئاته إلى الغد من تلك السّاعة » (٢) .
وروى كثير من العامّة ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه تذاكر الصّحابة أفضل ما في القرآن ، فقال عليّ عليهالسلام : « أين أنتم من آية الكرسيّ ؟ » .
ثمّ قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عليّ ، سيّد البشر آدم ، وسيّد العرب محمّد ولا فخر » إلى أن قال : « وسيّد الكلام القرآن ، وسيّد القرآن البقرة ، وسيّد البقرة آية الكرسيّ » (٣) .
وفي رواية اخرى ، عنه صلىاللهعليهوآله : « يا عليّ ، علّمها ولدك وأهلك وجيرانك ، فما نزلت آية أعظم منها » (٤) .
__________________
(١) معاني الأخبار : ٢٩ / ١ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٠.
(٢) تفسير أبي السعود ١ : ٢٤٩.
(٣) تفسير الرازي ٧ : ٣.
(٤) تفسير روح البيان ١ : ٤٠٦.