عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : « أتاني آت [ من عند ربي ] فخيّرني بين أن يدخل نصف امّتي الجنّة وبين الشّفاعة ، فاخترت الشّفاعة » (١) .
ثمّ بيّن سعة علمه ، وقصور غيره عن معرفة شيء بغير إفاضة منه بقوله : ﴿يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ قيل : المراد ما كان قبلهم في الوجود ، ومن قوله : ﴿وَما خَلْفَهُمْ﴾ ما لم يكن بعد.
وهو مرويّ عن الرّضا عليهالسلام (٢) ، وقيل : ﴿ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ أي الآخرة ؛ لأنّهم يقدمون عليها ﴿وَما خَلْفَهُمْ﴾ أي الدّنيا ؛ لأنّهم يخلفونها وراء ظهورهم (٣) .
﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ﴾ ولا يطّلعون على جزء من معلوماته ﴿إِلَّا بِما شاءَ﴾ أن يعلمه غيره ، ويطّلع عليه.
عن القمّي رحمهالله : إلّا بما يوحي إليهم (٤) . وفيه دلالة واضحة على أنّ جميع العلوم بإفاضته تعالى ، ولو لا إفاضته لم يعلم أحد شيئا حتى نفسه.
ثمّ أوضح سبحانه سعة ملكه ، وعظمة سلطانه ، وكمال إحاطته وعلمه بقوله : ﴿وَسِعَ﴾ وأحاط ﴿كُرْسِيُّهُ﴾ وهو اسم للسّماء ، الذي دون العرش ، وفوق سائر الموجودات ﴿السَّماواتِ﴾ وما فيها ﴿وَالْأَرْضَ﴾ وما عليها. فعليه يكون الكرسيّ محيطا بجميع الموجودات سوى العرش ، وإنّما سمّيت تلك السّماء باسم الكرسيّ تشبيها له بمقرّ سلطنته.
وعن العيّاشي ، عنه عليهالسلام : أنّه سئل : إنّ السّماوات والأرض وسعن الكرسيّ ، أم الكرسّي وسع السّماوات والأرض ؟ فقال : « إنّ كلّ شيء في الكرسيّ » (٥) .
وعن القمّي رحمهالله : أنّ عليّا عليهالسلام سئل عن هذه الآية ، فقال : « السّماوات والأرض وما فيهما في جوف الكرسيّ ، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله » (٦) .
وفي الحديث النّبويّ : « ليس (٧) السّماوات السّبع ، والأرضون السّبع مع (٨) الكرسيّ إلّا كحلقة ملقاة في فلاة ، وفضل العرش على الكرسيّ كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة » (٩) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٤٠٢.
(٢) تفسير القمي ١ : ٨٤ ، تفسير الصافي ١ : ٢٥٩.
(٣) تفسير الرازي ٧ : ١٠.
(٤) تفسير القمي ١ : ٨٤ ، تفسير الصافي ١ : ٢٥٩.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٢٥٨ / ٥٥٨ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٠.
(٦) تفسير القمي ١ : ٨٥ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٠.
(٧) في تفسير روح البيان : ما.
(٨) في تفسير روح البيان : من.
(٩) تفسير روح البيان ١ : ٤٠٤.