عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « ومن أضرّ بامرأته حتّى تفتدي منه نفسها ، لم يرض الله له بعقوبة دون النّار ، لأنّ الله يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم » .
إلى أن قال : « وأيما امرأة خلعت من زوجها لم تزل في لعنة الله وملائكته [ ورسله ] والنّاس أجمعين حتى إذا نزل بها ملك الموت قال لها : أبشري بالنّار. فإذا كان يوم القيامة قيل لها : ادخلي النّار مع الدّاخلين ، ألا وإنّ الله ورسوله بريئان من المختلعات بغير حقّ ، ألا وإنّ الله ورسوله بريئان ممنّ أضرّ بامرأته حتى تخلع منه » (١) .
في حرمة أخذ العوض للطلاق مع عدم كراهة الزوجة
ثمّ أنّ ظاهر الآية وكثير من الروايات حرمة أخذ العوض للطّلاق على الزوج ، وعدم صحّة طلاق الخلع مع عدم كراهة الزّوجة ؛ ومع ذلك ذهب بعض الأصحاب إلى جواز الطّلاق بالعوض مع عدم تحقّق شرائط الخلع والمباراة لوجوه لا ينبغي أن يعتمد عليها ؛ لكونها اجتهادا في مقابل النصّ.
فعلى هذا يكون نفي الجناح في الآية عن الزوج والزوجة باعتبار أنّ الزّوج عند خوف الفتنة يحلّ له أخذ الفدية ، ولا بأس عليه فيه ، ويصحّ طلاق الزوجة خلعا ، ولا بأس عليها بالتزوّج بالغير.
و﴿تِلْكَ﴾ الأحكام ﴿حُدُودَ اللهِ﴾ الّتي يجب رعايتها ، والمحافظة عليها ، والعمل بها ﴿فَلا تَعْتَدُوها﴾ أيّها المؤمنون بالرفض وعدم المحافظة.
ثمّ أتبع النهي بالتوعيد بقوله : ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ﴾ ويتجاوز ﴿حُدُودَ اللهِ﴾ وأحكامه ﴿فَأُولئِكَ﴾ المتعدّون ﴿هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ أنفسهم بتعريضها لسخط الله وعذابه.
في حرمة المرأة المطلقة ثلاثا على زوجها إلّا بعد المحلّل وجملة من أحكامه
ثمّ بيّن الله تعالى الحكم الخامس من أحكام الطّلاق بقوله : ﴿فَإِنْ طَلَّقَها﴾ ثالثة ، وهو اختيار التّسريح بالإحسان بعد التخيير بينه وبين الإمساك ﴿فَلا تَحِلُّ لَهُ﴾ المرأة المطلّقة بالرجوع أو بالعقد ﴿مِنْ بَعْدُ﴾ الطّلاق الثّالث. هذا إذا كانت المطلّقة حرّة ، وأمّا إذا كانت أمة فمقتضى الروايات أنّها بعد الطلاق الثاني لا تحلّ ﴿حَتَّى تَنْكِحَ﴾ وتتزوّج تلك المرأة ﴿زَوْجاً غَيْرَهُ﴾ وتذوق عسيلته (٢) ، لما روي أنّ امرأة رفاعة (٣) قالت لرسول
__________________
(١) عقاب الأعمال : ٢٨٥ و٢٨٧.
(٢) العسيلة : تصغير العسل ، قطعة منه ، والمراد لذّة الجماع ، والتصغير إشارة إلى القدر القليل الذي يحصل به الحلّ.
(٣) هي عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك زوجة رفاعة بن وهب بن عتيك ، وهو ابن عمها. اسد الغابة ٢ : ١٨٥.