عنايته وعلى وفق مشيّته وملاحظته / A ١٤٠ / لنظام الخير ولكنّها مقدورة له تعالى بالنظر إلى ذاته وقدرته بلا توسّط وبتوسّط بعض أسباب وشروط راجعة إليه ؛ فهو قادر على إيجاد ما لم يوجد ولن يوجد من الممكنات من حيث ذاته إلّا أنّ عدم إيجاده لأجل العناية وملاحظة نظام الخير كما يقولون في ساير التخصيصات الواقعة في النظام الكلّي.
وقد استدلّوا على عموم القدرة بهذا المعنى ـ أي على قدرته على إيجاد الممكنات المعدومة بالنظر إلى ذاته ـ بأنّ (١) علّة المقدورية ـ أعني الإمكان ـ عامّة مشتركة بين جميع الممكنات الموجودة والمعدومة ؛ فيكون جميعها مقدورة له تعالى.
ولا يخفى : أنّ هذا الاحتمال الثالث الذي هو أرجح الاحتمالات لعموم (٢) القدرة ينسب إلى أهل التحقيق من الحكماء والمتكلّمين.
وحاصله : أنّ معنى عمومية القدرة هو أنّه كما أنّ جميع الممكنات الموجودة مقدورة له وقد وجدت بأسرها بقدرته سبحانه بلا واسطة أو بواسطة فكذلك جميع الممكنات المعدومة ؛ أي كلّ ما هو ممكن بالنظر إلى ذاته وإن امتنع بسبب غيره مقدورة له تعالى بواسطة أو بدونها بالنظر إلى ذاته تعالى وإن لم يوجد بالنظر إلى العناية ومصلحة راجعة إلى نظام الخير ؛ وأنت تعلم أنّ العناية بمعنى العلم بنظام الخير والعلم به أو مصلحة راجعة إليه هو عين الذات أو راجع إلى حيثية الذات بمعنى أنّ الذات بذاته منشأ ومبدأ له وما يصدر أو لا يصدر لأجل مقتضى الذات يكون واجب الصدور أو اللاصدور (٣) بالنظر إلى الذات ؛ فلا معنى لإمكان صدوره ومقدوريته بالنظر إلى الذات.
والحاصل : أنّ كلّ ما وجد كان واجب الصدور بالنظر إلى الإرادة الراجعة إلى حيثية الذات وكلّ ما لم يوجد كان ممتنع الصدور بالنظر إلى عدم الإرادة الراجعة
__________________
(١). س : فان.
(٢). س : لغموم.
(٣). س : الاصدور.