[المقام الثالث]
في بيان التوحيد الالوهي ؛ أي تفرّده لوجوب الوجود وصنع العالم
أمّا الأوّل فلإثباته طرق قطعية برهانية :
[الأوّل :] وهو مبنيّ على ما قرّرناه من كون الواجب صرف الوجود الحقّ القائم بذاته ومحض الموجود المطلق المتعيّن / A ١٠٢ / بنفسه.
وبيانه : أنّ حقيقة الواجب وذاته إذا كان صرف الوجود المطلق المتعيّن بنفس ذاته امتنع تعدّده وتكثّره ؛ إذ لا يعقل تعدّده من غير أن يعتبر فيه تقيّد (١) وتعيّن ؛ وكلّ متعدّد اعتبر في كلّ منهما تعيّن وتقيّد لا يمكن أن يكون وجودا مطلقا تعيّنه بنفس ذاته وموجودا صرفا تشخّصه بعين هويّته ؛ إذ صرف الوجود المطلق إنّما يقتضي تعيّنا واحدا هو عين هويّته ولا يمكن أن يختلف مقتضاه مع وحدته وصرافته ؛ فمن حيث صرافته لا تعدّد فيه وإنّما يتوهّم تعدّده بتعدّد تعيّنه وتعيّنه لا يمكن أن يتعدّد ؛ إذ مقتضاه لا يكون إلّا واحدا ولا يمكن أن تفرض وجودات خاصّة متمايزة بأنفسها كلّ منها واجب الوجود بذاته ؛ إذ هذه الوجودات المتمايزة لا يمكن أن يكون كلّ منها صرف الوجود ؛ إذ صرف الشيء من حيث هو لا يتعدّد ؛ فالتعدّد فرع أن يتقيّد بمهيّة خاصّة ؛ وذلك يتوقّف على ما قرّرناه من تقيّده بجهة عدمية تنتزع عنها الماهيّة ؛ فيلزم فيه التركّب والافتقار ؛ فيكون ممكنا.
وبوجه أوضح نقول : إنّ كلّ حقيقة كلّية واحدة ، بل كلّ مفهوم كلّي عامّ واحد بالذات إذا تعدّدت أفراده :
[١.] فإن كانت تلك الحقيقة الكلّية حقيقة جنسية احتاجت في تعدّد أنواعها إلى مميّزات هي الفصول.
[٢.] وإن كانت نوعية احتاجت في تعدّد أفرادها إلى مميّزات هي المشخّصات.
__________________
(١). س : بقيد.