على ذاته نقص وعينيتها له كمال. فيثبت من هذه الكلمة الطيّبة المباركة جميع التوحيدات الأربعة ؛ ولذلك قال بعض الأكابر : «إنّ هذه الكلمة أعلى كلمة وأشرف لفظة نطق بها في الإسلام ، منطبقة على جميع مراتب التوحيد» رزقنا الله الوصول إليها والعروج إلى معارجها.
[في أنّ واجب الوجود عالم بذاته وبجميع الموجودات]
وتدلّ عليه وجوه من القواطع :
[الأوّل :] أنّ العلم كمال مطلق للموجود من حيث إنّه موجود ؛ وكلّ كمال للواجب يجب أن يكون حاصلا له بالفعل ؛ لأنّه كامل باعتبار ذاته ؛ فواجب الوجود عالم بالفعل بذاته وبجميع الموجودات.
[الثاني :] لو كان جاهلا بذاته وبالأشياء كان ناقصا ؛ إذ الجهل نقصان ؛ كيف وغير العالم لا فرق في الحقيقة بالنظر إلى ذاته بين وجوده وعدمه وكأنّه معدوم ؛ إذ غير المدرك لا يكون حيّا ؛ إذ الحيّ هو الفعّال الدرّاك ؛ فغير العالم الدرّاك بمثابة الميّت والميّت بمنزلة المعدوم ؛ فيكون غير العالم المدرك حين وجوده بالنظر إلى ذاته كحين عدمه من دون فرق.
[الثالث :] قد ظهر من التفتيش عن النفوس وإدراكاتها أنّ مناط العلم ومصحّحه هو التجرّد والاستقلال بالذات وموجبه بالفعل حضور الشيء (١) عنده. فكلّ مجرّد مستقلّ بالذات عاقل وواجب الوجود لكونه صرف الوجود يكون له غاية التجرّد ؛ / B ١٢١ / فهو عالم بذاته وبجميع ما عداه من الموجودات ؛ إذ العلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول نظرا إلى ثبوت غاية الارتباط بينهما.
[الرابع :] أنّه تعالى مبدأ لجميع الموجودات التي منها العلماء بذواتهم ومنها
__________________
(١). س : + و.