وأمّا ما ذكره هذا القائل من أنّ الأشياء بالثبوت العملي مخاطبة بخطاب (كُنْ) (١) فمراده أنّ توجّه الخطاب إلى مخاطب لا بدّ أن يكون مسبوقا بثبوته قبل هذا الخطاب ؛ فلو لا ثبوت الأعيان الممكنة في الشهود العلمي لما أمكن توجّه خطاب الإيجاد إليها ولما حصل وجود لها.
ومقتضى كلامه أنّ الموجودات في وجوداتها العينية التفصيلية مسبوقة في خطاباتها الإبداعية والتكوينية التي بها تحصل لها أنوار الموجودات العينية بثبوت علمي على التفصيل وهي بذلك الثبوت علوم تفصيلية بحقائقها العينية ؛ وأمّا في خطاباتها التي لها ثبوتها العلمي فغير مسبوقة بثبوت آخر كذلك ، بل ذات موجدها التي هي أصلها ومنشأها وعلم إجمالي بها كافية بذاتها في هذا الخطاب ؛ وجليّة الحال فيه ممّا ذكرناه ظاهرة.
[في أنّ الماهيّات مجعولة بتبع الوجودات]
يتّضح بها ما ذكرناه من الجمع بين القولين من ثبوت الكثرة والوحدة والجعل والتجلّي والإفاضة والظهور وفي المظاهر الاول.
قد سمعت في الكتب العقلية أنّ المعلول يناسب العلّة من وجه ويباينها من / B ٥٧ / وجه ؛ ولا ريب في أنّ الوجودات الخاصّة الإمكانية الفائضة منه تعالى كذلك ؛ فإنّها من حيث الأصل والسنخ واحدة مناسبة له تعالى ومن حيث نقصان الكمالات وتبعية الماهيّات لها متعدّدة مباينة له سبحانه ؛ وكان المراد بوحدة الوجود وكثرة الشئون ليس إلّا ذلك ؛ وإطلاق الوجود المنبسط أيضا على تلك الوجودات نظرا (٢) إلى وحدتها من حيث الأصل والسنخ غير بعيد ؛ وهذا الوجود
__________________
(١). الأنعام / ٧٣.
(٢). س : نظر.