مفاسد ذلك كثيرة ، بل لا محصّل له عند المحصّلين من أهل النظر كما يأتي.
[في الآراء الموجودة حول متعلّق الجعل]
بطلان الجعل المركّب سواء كان في الوجود ـ أي جعل الوجود وجودا ـ أو في الماهيّة ـ أي جعلها ماهيّة ـ ممّا لا ريب ولا خلاف فيه ؛ إذ لا معنى لتوسّط الجعل بين الشيء ونفسه ، لإيجابه أن يكون قبل الجعل غير نفسه ويجعله الجاعل نفسه ؛ فيلزم سلب الشيء عن نفسه وهو باطل.
نعم كونه نفسه بتبع إفاضة الجاعل نفسه ؛ فصدقه يتوقّف عليه ؛ إذ لو لم يجعله لم يصدق عليه أنّ نفسه نفسه ، لمسلوبية المعدوم عن نفسه ؛ وهذا التوقّف (١) ليس جعلا ولا محلّا للنزاع.
وبالجملة : كون الوجود أو الماهيّة متعلّق الجعل بالجعل المركّب ليس محلّا للنزاع ؛ فمتعلّقه بالذات والمجعول بنفسه إمّا نحو وجوده العيني المعبّر عنه بالوجود الخاصّ جعلا بسيطا مقدّسا عن كثرة موجبة لمجعول ومجعول إليه ـ كما اختاره بعض المحقّقين ـ أو نفس الماهيّة كذلك ـ كما ذهب إليه أتباع الرواقيّين ـ أو مفهوم الموجود بما هو موجود ـ كما يراه بعض المتأخّرين ـ أو اتّصاف أحدهما وارتباطه بالآخر ـ كما نسب إلى المشّائين ـ والحقّ هو الأوّل ؛ إذ متعلّق الجعل بالذات ما يكون بعد صدوره متحقّقا بنفسه وما هو إلّا الوجود الخاصّ ، لما تقدّم ؛ فيتعلّق الجعل به بالذات وبتبعيته بالماهيّة ؛ بمعنى أنّ الواجب تعالى تجلّى وأفاض من ذاته بذاته من دون أن يتفضّل منه شيء وجودات خاصّة بتقيّده بقيودات الماهيّة وعوارضها ومقترنة بجهات عدمية وتوابعها ؛ وتلك الماهيّة كالعوارض والأمارات والأسامي لها وجعل الوجود جعلا بسيطا ليس إلّا تلك الإفاضة.
__________________
(١). س : لتوقف.