[في إثبات وجود الواجب تعالى]
الحقّ : أنّ إثبات وجوده من الضروريات / A ٩٣ / بل وجوده عند أهل البصائر أظهر الأشياء ؛ وشدّة ظهوره ولمعانه صار سببا لخفائه على البصائر الكلّية والعقول الضعيفة وخفافيش الزمان وغوامش ظلمة الإمكان ؛ ولذلك اضطرّ العقلاء إلى إقامة البراهين والاستدلال عليه بوجوه قطعية مورثة لليقين ولهم طرق في ذلك أظهرها طريقة الإلهيّين المبتنية على النظر في نفس الوجود وطبيعته وإثبات افتقاره إلى مبدأ واجب لذاته ويمكن أن يقرّر بوجوه :
[الأوّل :] ما تقدّم مفصّلا من أنّ صرف الوجود القائم بذاته موجود وإلّا لم يوجد موجود وهو الواجب لذاته.
ومجمله : أنّ الموجود إمّا حقيقة الوجود ـ أي صرفه الذي لا يشوبه شيء من ماهيّة وحدّ ونهاية ونقص وقصور وعموم وخصوص ـ وهو الواجب لذاته ؛ ويجب أن يكون موجودا ؛ إذ لو لم يكن صرف الوجود موجودا لم يوجد شيء من الأشياء ؛ إذ غيره إمّا ماهيّة من الماهيّات أو وجود خاصّ مشوب بعدم وقصور ؛ وكلّ ماهيّة غير الوجود فهي في حدّ ذاتها معدومة وإنّما تصير موجودة ومتحقّقة