فالتحقيق ـ كما ذكرناه ـ أنّ الذات كما أنّه وجود وموجود بذاته لذاته ومناط الموجودية كذلك فهو مناط انتزاع الصفات الكمالية بأسرها. فالذات كما أنّه وجود وموجود بذاته كذلك هو مناط الحياة والحيّ والعلم والعالم والقدرة والقادر إلى آخر الصفات الكمالية ، بل هذه الصفات في الحقيقة هي أنحاء تجلّيات الوجود الحقّ ومراتب شئون الموجود المطلق واعتبارات الذات باعتبار وعينه (١) باعتبار آخر.
[في الأنحاء الثلاثة لصفات الواجب]
اعلم أنّ صفاته تعالى :
[١.] إمّا حقيقية كمالية ، كالحياة والقدرة والعلم وأمثالها ؛ وهي لا يزيد على ذاته ، بل عين ذاته بمعنى أنّ ذاته بذاته وبنفس حقيقته من غير مدخلية شيء آخر منشأ لانتزاعها عنه ومصداق لحملها عليه ؛ وحاصله ـ كما تقدّم ـ أنّ ذاته نفس هذه الصفة الحقيقية الكمالية ومنشأ لانتزاع مفهومها عنه.
[٢.] وإمّا إضافية محقّقة ، كالخالقية والرازقية والمبدئية وأمثالها ؛ وهي زائدة على ذاته بمعنى أنّ مجرّد ذاته ليس منشأ لانتزاعها عنه ، بل منشأ انتزاعها الذات مع ما اضيف بها إليه كالمخلوق والمرزوق ؛ ولذلك هي متأخّرة عنهما معا.
[٣.] وإمّا سلبية محضة (٢) ، كالقدّوسية والسبّوحية والفردية وأمثالها.
فإن قيل : الأقسام الثلاثة من صفاته تعالى مفهومات واقعية متغايرة ؛ والذات لكونه صرف الوجود بسيط من جميع الجهات ليس فيه شائبة التكثّر أصلا. فكيف يمكن أن ينتزع عنه هذه المفهومات الواقعية المتغائرة؟! مع أنّ المناسبة بين المنتزع والمنتزع عنه لازمة. فانتزاعها عنه تعالى يثبت حيثيات / B ٩٨ / متعدّدة وجهات متكثّرة في ذاته ؛ فيلزم تركّبه واحتياجه ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
__________________
(١). س : عينية.
(٢). س : محصّنة.