تعشق ذاته ؛ فهذه الأشياء كلّها مرادة لأجل ذاته ؛ فكونها مرادة له ليس لأجل غرض ، بل لأجل ذاته ولأنّها مقتضى ذاته ، مثلا لو كنت تعشق شيئا لكان جميع ما صدر عن شيء على هذه الصفة فهو غير مناف لذلك الفاعل وكلّ فعل يصدر عن فاعل وهو غير مناف له ؛ فهو مراده.
فإذن الأشياء كلّها مرادة للواجب تعالى وهو المراد الخالي عن الغرض ؛ لأنّ الغرض في رضاه بصدور تلك الأشياء عنه أنّه مقتضى ذاته المعشوقة ؛ فيكون رضاه بتلك الأشياء لأجل ذاته ؛ فيكون الغاية في فعل ذاته ؛ ومثال هذا إذا أحببت شيئا لأجل إنسان كان المحبوب بالحقيقة ذلك الإنسان ؛ فالمعشوق المطلق هو ذاته ؛ ومثال الإرادة فينا إنّا نريد شيئا فنشتاقه لأنّا محتاجون إليه ؛ وواجب الوجود يريده على الوجه الذي ذكرناه ولكنّه لا يشتاق إليه ؛ لأنّه غنيّ عنه ؛ فالغرض لا يكون إلّا مع الشوق ؛ فإنّه يقال : لم طلب هذا؟ / B ١٤٥ / فيقال : لأنّه اشتاقه ؛ وحيث لا يكون الشوق لا يكون الغرض» انتهى.
وقال في التعليقات : «ولو أنّ إنسانا عرف الكمال الذي هو حقيقة واجب الوجود ثمّ كان ينظّم الامور التي بعده على مثاله حتّى كانت الامور على غاية النظام لكان غرضه بالحقيقة واجب الوجود بذاته الذي هو الكمال ؛ فإن كان واجب الوجود بذاته هو الفاعل [فهو] أيضا الغاية والغرض.» (١)
[في أنّه تعالى ليس له غرض في أفعاله غير نفس ذاته]
لمّا ظهر أنّ علمه بالنظام الأوفق هو الداعي لصدور الأشياء عنه على وجه الخير والصلاح وهو عين ذاته ؛ فيكون الداعي عين ذاته ؛ فهو الفاعل والغاية في الإيجاد معا بمعنى أنّه كما هو العلّة الفاعلية للإيجاد فهو الغاية له أيضا ؛ أي ذاته بذاته
__________________
(١). التعليقات ، ص ١٣.